إلى حين كتابة هذه السطور يمر على إنتاج أول فيلمٍ في مدينة الإنتاج الإعلامي الشهيرة (هوليوود) ما ...

إلى حين كتابة هذه السطور يمر على إنتاج أول فيلمٍ في مدينة الإنتاج الإعلامي الشهيرة (هوليوود) ما يقارب 122 عاما، و قد بات اسم هوليوود على لسان كل من يخوض في الحديث عن السينما و الأفلام بمختلف أنواعها و توجهاتها. و في الجهة الأخرى من المعمورة نرى (بوليوود) في العاصمة الهندية مومباي هي الأخرى تكاد لا تغيب أفلامها و إنتاجاتها عن الساحة السينمائية العالمية، ناهيك عن رموزها المشهورين و أغانيها ذائعة الصيت في كثير من باع الأرض.. و لكننا عبر هذه السطور سنتطرق إلى فكرة مهمة أزعم أنها لم تلق آذانا صاغية بعد أن حاول الترويج لها بعض من الكتاب و المؤلفين المسلمين، ألا و هي فكرة (هوليوود أمة الإسلام) كما أحببت أن أسميها! و الدافع الأكبر لطرح هذه الفكرة هو التاريخ الطويل الحافل الذي يمتاز به المسلمون بمختلف أعراقهم و جنسياتهم، حيث أن هذا التاريخ الذي يمتد لأكثر من 14 قرناً من الزمان فيه من من المعارك العسكرية الخالدة و الأحداث الحاسمة العظيمة، و الفتوحات الكاسحة المجيدة ما لا يصل إلى عشر معشاره تاريخ أمة من أمم التاريخ غير أمة الإسلام، هذا إضافة إلى احتوائه على الآلاف من العظماء المشهورين خلفاءً كانوا أم علماء أم فاتحين، رجالاً و نساءً، شيوخاً و صبياناً، و هذا الأمر دفع في وفت مضى المئات من مؤرخي أوروبا و أمريكا إلى شنِّ حملات تشويه متواصلة لأحداث التاريخ الإسلامي و رموزه الخالدين، مع الحرص الشديد على دس تلك السموم في منهاج التدريس في البلدان العربية خاصة و الإسلامية عامة، و لكن شاء الله أن يسخر لهذه الأمة في العقود الأخيرة من يعيد لها كتابة تاريخها بعيدا عن كل المغالطات و التزييفات الكثيرة التي طالته، فاكتشف الشباب المسلم اليوم تاريخه الحقيقي الناصع و أحبه حباًّ جماًّ.. و هنا يأتي السؤال التالي: ماذا لو اشتركت الدول الإسلامية (لا العربية فقط!) في تأسيس مدينة للإنتاج السينمائي تقوم عبره بإنتاج الأفلام و السلاسل التي تعرض أحداث التاريخ الإسلامي- و ما أكثرها؟!. حتما سيكون ذلك أمرا غاية في الروعة و العظمة سيؤتي ثماره سريعا، فإذا كان أحداث الجزء الكبير من أفلام هوليوود غير حقيقية و من نسج الخيال، فإن (هوليوود أمة الإسلام) ستنتج أفلامها على أحداث و قصص حقيقية ثابتة في التاريخ! إن (هوليوود أمة الإسلام) لو أنتجت أفلاما بناءً على أحداث حقبة تاريخية واحدة فقط (كحقبة الخلافة الأموية على سبيل المثال لا الحصر) ستكون تلك الأفلام بالعشرات و الله، فما بالك لو أضفنا إليها أحداث حقبة النبوة و الخلافة الراشدة والخلافة العباسية والخلافة العثمانية؟ ثم فما بالك لو أنتجنا أفلاما تروي سير أبطال التاريخ الإسلامي الذين لا يُحدُّ عددهم و لا يحصر؟ حقا سيكون ذلك عظيما للغاية!و بعد.. فرغم أننا لا نتفق مع مصطلح “هولييود” حتى نضيفه إلى “أمة الإسلام” في العنوان لأنه يوحي بالتقليد و التشبه (وهو ما لا ينبغي أن نتصف به نحن المسلمون مهما كان الحال)، غير أننا جعلناه في العنوان مبدئيا في انتظار أن تحيا هذه الفكرة مستقبلا ولا تظل حبرا على ورق، بعد أن تجد لها آذانا صاغيةً و قلوبا واعية! ...المزيد

إنه مشهد حزين للغاية! فها هي ذي الأندلس قد شارفت على السقوط، و أضحت حضارتها الإسلامية السامقة ...

إنه مشهد حزين للغاية!

فها هي ذي الأندلس قد شارفت على السقوط، و أضحت حضارتها الإسلامية السامقة قاب قوسين أو أدنى من الاندثار و الزوال..

إنها تصرخ و تصيح مستنجدةً.. و لكن ليس هنالك عبد الرحمن الناصر فيحميها، و ليس هنالك الحاجب المنصور ليحارب عدوها، و ليس هنالك ابن تاشفين ليُنجِدَها.

لقد زحف الصليبيون الإسبان من الشمال إلى الجنوب الأندلسي و لم يتركوا في طريق زحفهم مسلماً موحداً إلا و قتلوه أو أكرهوه على النصرانية، و من أبى القتل و الإكراه كان مضطرا إلى النزوح صوب أقصى الجنوب ثم اجتياز مضيق جبل طارق وصولاً إلى بلاد المغرب ليظفر بالأمن و السلام بين إخوانه المسلمين فيها.

و لكن..

ذلك المشهد رغم مضرَّته بنا و أثره القاسي على نفوسنا بيد أنه لم يكن خاليا من بعض اللقطات التي توقفت عجلة التاريخ عندها في دهشةٍ و إعجابٍ كبيرَيْنِ.. إنها لقطات تفيض بالبطولة و العزة و النخوة و الشهامة، و كان بطلها الأول هو المجاهد موسى بن أبي غسان!

ما الذي حصل؟!

بينما الزحف الصليبي الإسباني بقيادة صاحب مملك قشتالة الصليبية يشق طريقه نحو الجنوب الأندلس قادما من الشمال إذا به يحط بمحطة مدينة غرناطة، و فيها حدث ما لم يكن في حسبان أولئك المجرمين.. فلقد اعتادوا أثناء زحفهم على انتزاع المدن الأندلسية من أهاليها المسلمين دونما مقاومةٍ أو حركة جهادٍ ضدهم، أما في غرناطة فقد أبصروا بها البطل المجاهد موسى الذي لم يرض الذل و الهوان الذي ظهر عليه ملك غرناطة محمد الصغير بعد أن استسلم و سلَّم مفاتيح المدينة للصليبيين، و وقف داخل قصر الحمراء فصاح قائلا: (إن الموت أقل ما نخشى، فأمامنا نهب مدننا وتدميرها وتدنيس مساجدنا وأمامنا الجور الفاحش والسياط والأغلال والأنطاع والمحارق، وهذا ما سوف تراه تلك النفوس الوضيعة التي تخشى الآن الموت الشريف، أما أنا فو الله لن أراه)!!

و بعدها مباشرةً انطلق صوب داره فلبس لباس الحرب و أخذ الدرع ثم امتطى صهوة جواده و اتجه صوب منطقة تواجد إحدى سرايا الجيش الصليبي التي كان عدد المقاتلين فيها زهاء خمس عشرة رجلا، فقابله موسى هؤلاء بمفرده دونما أدنى خوفٍ أو رهبةٍ، و قاتلهم قتالا مستميتا حتى سقط شهيداً رحمه الله بعدما قتل بعضا منهم!

هذه قصة البطل موسى بن أبي غسان باختصار و إيجاز، و لكن من المؤسف جدا أن هذه القصة لم ترد على الإطلاق في المصادر التاريخية الإسلامية أو العربية، و إنما ذُكِرت فقط في المصادر الإسبانية التي نقلها عنها الأستاذ الكبير و الباحث في التاريخ الأندلسي عبد الله عنان رحمه الله.

فرحمة الله على موسى و على مجاهدي الأندلس، و أسكنهم فسيح جنانه.

المصادر:

1- دولة الإسلام في الأندلس، للأستاذ عبد الله عنان.

2- قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط، للدكتور راغب السرجاني.
...المزيد

شيخ المؤرخين الحجازيين! جئت اليوم أحدثكم عن شخصيةٍ معاصرةٍ أثَّرت في نفسي تأثيراً بالغاً، و صححت ...

شيخ المؤرخين الحجازيين!

جئت اليوم أحدثكم عن شخصيةٍ معاصرةٍ أثَّرت في نفسي تأثيراً بالغاً، و صححت لي الكثير من المفاهيم، و من ثم فرضت عليَّ احترامها و توقيرها كأشد ما يكوت الاحترام و التوقير.. إننا على موعدٍ مع رجلٍ كريم و داعيةٍ إسلامي عظيم، و هو مؤرخ واسع الاطلاع، و مثقف موسوعيٌّ، و عالمٌ بالقرآن و قراءاته، زيادةً على أخذه نصيباً وافراً من اللغة و الأدب، و فوق ذلك كلِّه يمتهن مهنة الطيران في الخطوط الجوية السعودية؟!
أو لم تعرفوه بعد؟!.. ذاك هو شيخنا المؤرخ الدكتور محمد موسى الشريف حفظه الله و رعاه، و جزاه خيرا الجزاء.
ذلكم الرجل الذي دوَّن مسيرةً دعويةً و علميةً تربوا عن الثلاثين سنةً ما بين جولاتٍ و محاضراتٍ و ندواتٍ و سلاسل سمعية بصرية على قنواتٍ فضائيةٍ كثيرة، بالإضافة إلى عشرات المؤلفات في التاريخ و التراجم و الدعوة و الأدب و الفكر و شؤون المرأة و علوم القرآن.. و لكننا في هذه السطور سنسلِّط الضوء في سيرة الشيخ على علاقته بالتاريخ و التراجم و إسهاماته القيِّمة فيهما.
و نبدأ حديثنا عن السلاسل السمعية-البصرية التي أعدَّها الشيخ في جانب التاريخ و التراجم الإسلامية، و إنَّ الذي يطلع على ما تحويه منصة "يوتيوب" من ذلك فسيجد مواضيع تاريخية كثيرةً جداًّ تناولها الشيخ محمد موسى الشريف، و لعلَّ أكثر تلك السلاسل شهرةً و مشاهدةً:
- عظماء من بلاد الإسلام (أكثر من 30 عظيم)
- الحملة الفرنسية على الجزائر (أكثر من 70 حلقة)
- الحملة الانجليزية على مصر (60 حلقة)
- الحملة الفرنسية-الإسبانية على المغرب (30 حلقة)
- شخصيات أندلسية (30 شخصية)
- شخصيات تونسية (30 سخصية)
- شخصيات عثمانية (30 شخصية)
و غيرها..
و إضافةً إلى ذلك فإنَّ للشيخ الدكتور محمد موسى الشريف محاضرات و دورات حول علم التاريخ و التراجم ألقاها في عددٍ من الدول الإسلامية و غير الإسلامية، و جميعها تناولت أهمية الوعي بالتاريخ و فهمه و استنباط الدروس و العبر منه، و كذلك أهمية التراجم و الشخصيات التاريخية العظيمة و وجوب استلهام القدوات منها للشباب المسلم اليوم.
و من جانبٍ آخر.. فإنَّ كتب الشيخ و مؤلفاته في التاريخ و التراجم كثيرةٌ عديدةٌ تزيد عن 15 كتاباً و هي كالتالي:

-ضوابط منهجية في عرض السيرة النبوية.
-جهود المؤرخين المحدثين في تدوين السيرة النبوية.
-حال بلاد الشام في أوائل القرن الرابع عشر الهجري / العشرين الميلادي.
. -المختار من طبقات الشافعية الكبرى
-استجابات إسلامية لصرخات أندلسية.
-كيفية قراءة التاريخ وفهمه.
- إعداد المؤرخ الثقة.
-التراجم وأثرها في السلوك الإنساني.
- تعريف موجز بأشهر كتب التاريخ.
-الأخبار العليات من الوافي بالوفيات، للعالم الأديب صلاح الدين الصفدي.
-علماء آسيا الوسطى ( تركستان ) بين الماضي والحاضر.. ونبذة عن أهم مدن تركستان التاريخية.

و أما ما اختصره و هذَّبه من الكتب الكبيرة المطولة:
-مختصر مظهر التقديس بزوال دول الفرنسيس.
-نزهة الفضلاء تهذيب سير أعلام النبلاء (القرن الأول إلى السابع)
- المختار المصون من أعلام القرون (القرن الثامن إلى الثالث عشر)
-مختصر كتاب الروضتين في أخبار الدولتين: نور الدين وصلاح الدين.
- رضى القدوس تهذيب رياض النفوس في طبقات علماء أفريقية والقيروان لأبي عبد الله المالكي.

و بعد.. فقد كان هذا جانبا مشرقاً من حياة شيخنا المؤرخ الدكتور محمد موسى الشريف يتعلق بالتاريخ و التراجم، و هذا هو الذي عُرِف به و اشتهر حتى بات ثالث ثلاثةٍ أرى-حسب رأيي المتواضع- أنهم أكبر من ساهم في توعية المسلمين اليوم بتاريخهم و أجدادهم العظماء، و الاثنان الآخران هما: الدكتور علي الصلابي و الدكتور راغب السرجاني، و هذا لا يعني حصر جهود توعية المسلمين بتاريخهم في هؤلاء الثلاثة فقط، كلا، و لكن هذا نراه و نعتقده دون أدنى مبالغةٍ، و إلا فإنَّ أعمالهم و جهودهم تُنْبينا بذلك.
و لذلك.. فقد ارتأيت وصف الشيخ محمد موسى الشريف بلقب (شيخ المؤرخين الحجازيين) كما لُقِب الدكتور الجزائري أبي القاسم سعد الله من قبله بلقب (شيخ المؤرخين الجزائريين)!!
فجزى اللهُ الشيخَ محمد خير الجزاء على ما قدمه للإسلام و المسلمين.
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً