{كيف أنجب إبليس ذريته؟}
*الذرية في اللغة:- أصلها ذريئة فخففت الهمزة وتعني النسل وهي تنسب إلي الذر وهو صغار النمل أو تنسب إلي الذرء بمعني الخلق قال تعالي (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً) سورة الأنعام. وهذا معناها اللغوي وقد خلق الله إبليس بغير زوجة ثم كانت له ذرية فقد قال الله عز وجل (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (50) سورة الكهف. فكيف أنجب إبليس ؟ ومن هي زوجته التي أنجب منها تلك الذرية التي صارت (ذكورا وإناثا)؟ فعن أَنَسً رصي الله عنه قُالُ كَانَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» رواه الجماعة وصححه الألباني. وفي السنة أيضا عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ عن النَّبِي صلي الله عليه وسلم قال «إِنَّمَا ذَلِكَ مَثَلُ شَيْطَانَةٍ لَقِيَتْ شَيْطَانًا فِي السِّكَّةِ فَقَضَي مِنْهَا حَاجَتَهُ وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ» رواه أبو داوود وصححه الألباني. وقد اختلف العلماء قديما وحديثا في كيفية إنجاب إبليس لذريته ولم تحسم القضية حتي الآن ولكنني سأسوق أدلتي لحسمها إن شاء الله والله الموفق.
(أقوال العلماء في كيفية إنجاب الشيطان)
*القول الأول:- الشيطان ينكح نفسه فينجب وقد جعل الله له ذكرا في فخذه الأيمن وفرجا في فخذه الأيسر فينكح نفسه وتحمل فخذه ثم يلد. ولا دليل علي ذلك وهذا الأمر لا نعلمه إلا بوحي أو بالمشاهدة فأما الوحي فلا يوجد ما يحتج به أصحاب هذا القول وأما المشاهدة فمستحيل لقوله تعالي (إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (27) سورة الأعراف.
*القول الثاني:- أنه يبيض ودليل ذلك عندهم حديث عن سلمان عن النبي صلي الله عليه وسلم قال (لا تكن أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها فيها باض الشيطان وفرخ) وهو حديث صحح إسناده القرطبي وذكره الشيخ الشنقيطي في أضواء البيان مرجحا صحته وقد أبطل الاحتجاج به قائلا (هذا كان مثل تعرفه العرب) أي قبل ميلاد النبي صلي الله عليه وسلم. ويقال هذا المثل لمن طال مكثه في مكان ما وقد استدل به العلماء علي سبيل الاحتمال واستدلالهم هذا خطأ لأن القاعدة تقول (الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال) وهذه القاعدة معروفة.
*القول الثالث:- أن له زوجة لأن الذرية لا تكون إلا بزوجة كما قال الإمام الشعبي رحمه الله عندما سأله سائل فقال له هل للشيطان زوجة فرد عليه قائلا ذاك عرس لم أحضره ثم قال رحمه الله ولكني تذكرت قول الله (أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدوا) فقلت نعم له زوجة. وأصحاب هذا القول لم يوضحوا متي كانت الزوجة وهل كانت معه في الجنة قبل المعصية وهل عصت كزوجها وهل طردت من الجنة وهل وهل؟ كل هذه أسئلة لم يجيب عنها أصحاب هذا القول وعلي هذا فلا يعد قولا أصلا لأن الأصل أن له زوجة وهم لم يقدموا جديدا فلا حاجة لنا بقولهم.
*القول الرابع:- يقولون الله أعلم فهذا علم لا ينفع وجهل لا يضر ونسكت عنه أسلم لنا. وهؤلاء لا يستطيعون أن يردوا علي الملحدين أو الطاعنين في الدين فلا داعي لذكر قولهم أصلا لأنهم اتبعوا منهج التفويض في كل شيء وهم بذلك أسوء من الجهلة فإن ضرهم أكثر من نفعهم. وبما أنني جعلت منهجي (القرآن تبيان لكل شيء) فكان لزاما علي أن أبحث في هذا الأمر والله الموفق.
(القول الخامس وهو بحثي أنا أقول وبالله التوفيق)
إن الله خلق الشيطان وحده بلا زوجة وهذا ما دلت عليه النصوص من القرآن والسنة ثم أذن الله له بمشاركة البشر فقال له (وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ) أي البشر. فشاركهم في طعامهم وقد ورد هذا عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم يَقُولُ «إِذَا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَذَكَرَ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ وَعِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ لاَ مَبِيتَ لَكُمْ وَلاَ عَشَاءَ. وَإِذَا دَخَلَ فَلَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ دُخُولِهِ قَالَ الشَّيْطَانُ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ. وَإِذَا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ عِنْدَ طَعَامِهِ قَالَ أَدْرَكْتُمُ الْمَبِيتَ وَالْعَشَاءَ». رواه مسلم. وهذا الحديث يوضح المشاركة في الطعام والمبيت , والمشاركه في الشراب ورد في الحديث عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال «خَمِّرُوا الآنِيَةَ ، وَأَوْكُوا الأَسْقِيَةَ ، وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ ، وَاكْفِتُوا صِبْيَانَكُمْ عِنْدَ الْعِشَاءِ ، فَإِنَّ لِلْجِنِّ انْتِشَارًا وَخَطْفَةً ، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ عِنْدَ الرُّقَادِ ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا اجْتَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ» رواه البخاري ومسلم. وهذين الحديثين يوضحان كم أن النبي صلي الله عليه وسلم لا يريد للشيطان أن ينتفع من المسلمين بشيء فأوضح مشاركة الشياطين في الطعام والشراب والمبيت بل وعلي الفرش أيضا فقد ورد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم قَالَ «إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ عَنْ فِرَاشِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِ فَلْيَنْفُضْهُ بِصَنِفَةِ إِزَارِهِ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَإِذَا اضْطَجَعَ فَلْيَقُلْ بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ...» متفق عليه. ولنعلم من الذي قد يخلف الإنسان في فراشه سيوضحه هذا الحديث عَنْ أَبِي الأَزْهَرِ الأَنْمَارِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ «بِسْمِ اللَّهِ وَضَعْتُ جَنْبِي اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي وَأَخْسِئْ شَيْطَانِي وَفُكَّ رِهَانِي وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِي الأَعْلَي». رواه أبو داوود وصححه الألباني. ولنعلم سبب ذكر الشيطان فقد ورد في حديث أبي هريرة توضيح أكثر عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ وَكَّلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم بِحِفْظِ زَكَاةِ رَمَضَانَ ، فَأَتَانِي آتٍ ، فَجَعَلَ يَحْثُو مِنَ الطَّعَامِ ، فَأَخَذْتُهُ فَقُلْتُ لأَرْفَعَنَّكَ إِلَي رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وفيه أن الشيطان قال له (إِذَا أَوَيْتَ إِلَي فِرَاشِكَ فَاقْرَأْ آيَةَ الْكُرْسِي لَنْ يَزَالَ عَلَيْكَ مِنَ اللَّهِ حَافِظٌ ، وَلاَ يَقْرَبُكَ شَيْطَانٌ حَتَّي تُصْبِحَ. فَقَالَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم «صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ، ذَاكَ شَيْطَانٌ». رواه البخاري. وهذا الحديث قد أوضح لنا أن الشيطان يقرب الإنسان عند النوم والسؤال هنا لماذا يقربه مع أنه نائم يعني لا سبيل لجره إلي معصية غالبا في هذا الوضع؟ الإجابة:- أنه قد يجامع نساء الإنس وتجامع نساء الشياطين رجال الإنس من أجل المتعة أو أن ينجبوا منهم ذرية لهم ولهذا أمرنا النبي صلي الله عليه وسلم أن نسمي ونقول هذا الدعاء عند الجماع فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أن النَّبِي صلي الله عليه وسلم قَالَ «لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا أَتَي أَهْلَهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا . فَقُضِي بَيْنَهُمَا وَلَدٌ ، لَمْ يَضُرَّهُ» متفق عليه. وهنا سؤال لماذا يأمرنا النبي صلي الله عليه وسلم أن نقول هذا الدعاء عند الجماع خاصة؟ الإجابة المتوقعة هي لأن الشيطان قد يوسوس للرجل أن يأتي زوجته وهي حائض أو في دبرها وهذا صحيح ولكن قد يكون ثم أمر آخر وهو أنه قد يجامع مع الرجل زوجته وهذا سبب قول النبي (اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا) فمعناها أن الشيطان سيقترب منا ومما رزقنا الله وهن نسائنا أي بالجماع كما روي عن قتاده قال (إن الشيطان ينطوي في إحليل الرجل فيجامع مع الرجل زوجته) وهذا أمر معروف وملموس ومنتشر أعاذنا الله وإياكم والمسلمين وهو ما يسمي بحالات (العشق) فإن نساء الشياطين تعشق ذكور الأنس والعكس ويتم الجماع وهذا ما فعله الشيطان الأول فعندما فعل الشيطان الأول ذلك كثرت ذريته وهذا مما أذن الله له به فقال تعالي (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) سورة الأنعام. ومن هذه الآية يتضح الآتي.
1- هذا الأمر عند الحشر وهو يوم القيامة وكلمة (جميعا) تدل علي أن الكلام موجه إلي جميع أهل الجن وجميع أهل الإنس وليس للعصاة فقط كما تقول التفاسير فكلمة (معشر) أي من كانت بينهما معاشرة.
2- في هذه الآية نداء لمعشر الجن وليس للشياطين وهذا يدل علي أن الكلام للجنس وليس لنوع بعينه فإن الجن أنواع مثل الشياطين والعفاريت والمردة وكلهم ذكروا في القرآن.
3- هذه الآية توضح كيفية تكاثر الجن في قوله تعالي (قَدْ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنْ الإِنسِ) أي كثركم الله منهم فأصبحتم كثيرين ولم يقل هذا في الأنس لأنهم يستكثرون من أنفسهم كما ورد قوله تعالي (وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72) سورة النحل. وهذا يدل علي أن الأنس فقط أزواجهم من أنفسهم أما الجن أزواجهم من أنفسهم ومن غير أنفسهم والأنس والجن هم أهل التكليف وهذا يؤيد ما ذكرناه سلفا من الأحاديث ووضح لنا لماذا أمرنا النبي صلي الله عليه وسلم بهذه الأدعية عند النوم خاصة لكي لا تأتي ذكور الشياطين النساء والعكس فتكثر ذريتهم من المسلمين.
4- (الواو) في قوله تعالي (وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنْ الإِنسِ) ليست ردا علي الكلام بل استئناف لكلام آخر ولهذا لم يقل ربنا (فقال) لتدل علي التعقيب ولم يقل (قال) لتدل علي إجابة السؤال فتبين أن (الواو) استئنافية وليست عطفا والكلام ليس لكل الأنس بل لطائفة منهم هم من قالوا ذلك فليس كل الأنس أولياء للجن وهذا مستحيل لوجود رسل وصالحين من الأنس بل القائل هم الطائفة من الأنس التي اتخذت الجن أولياء أي أن الكلام بدأ عاما ثم خصص في طائفة معينة وهم العصاة من الأنس قد يكونوا أمثال السحرة فالموالاة هي الطاعة المطلقة وهي خدمة الشياطين للسحرة والمشعوذين فيكون المعني عطف الخاص علي العام في سياق الكلام.
5- ومن كل هذا يتبين لنا أن الجن شارك الأنس في الزوجات وفي الأولاد وفي المأكل والمشرب والفراش وهذه هي الحكمة من أمر النبي صلي الله عليه وسلم لنا بكل ما سبق من أحاديث.
6- الاستكثار في قوله تعالي (قد استكثرتم) بمعني الكثرة مثل قوله تعالي (وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (86) سورة الأعراف.
7- إن الله جمع زواج نوعين من الرجال من الإنس والجن بنكاح نوع واحد في الجنة وهن الحور العين التي ستكون للجن والأنس الطائعين أزواجا أعني نفس النوع قال تعالي (ِفيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (56) سورة الرحمن. والطمث هو فض غشاء البكارة وفي هذه الآية دليل علي أن الجني يطمث كما يطمث الإنسي كما قال الزجاج وقال قتادة في هذه الآية (إذا جامع الرجل ولم يسم الله انطوي الجان علي إحليل الرجل فجامع معه ) وقال القرطبي (وجائز أن تطأ الجن بنات آدم) وقال أيضا (وقد يعلمك أن نساء الآدميات قد يطمثهن الجان) وبعد هذا كله تبين أن الجن قد يجامع نساء البشر وينجب منهن ويكون المولود يحمل صفات الجن ولهذا كان الكلام موجه للجن في قوله (قد استكثرتم من الإنس) ولم يقل ذلك للإنس لأن الأنس يكثر بعضهم من بعض كما بينا قبل ذلك ومن هذا علمنا أن الشيطان عندما فعل ذلك يعني شارك الرجال في الأولاد بالإنجاب من نسائهم واستكثر من الإنس أصبح له ذكورا وإناثا فُعن أَنَسً قُالُ كَانَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم إِذَا دَخَلَ الْخَلاَءَ قَالَ «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ» متفق عليه. فالخبث بمعني ذكور الشياطين والخبائث بمعني نسائهم كما قال العلماء وعن أَسْمَاءُ بِنْتُ يَزِيدَ عِنَْ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم َقَالَ «لَعَلَّ رَجُلاً يَقُولُ مَا يَفْعَلُ بِأَهْلِهِ وَلَعَلَّ امْرَأَةً تُخْبِرُ بِمَا فَعَلَتْ مَعَ زَوْجِهَا». فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقُلْتُ إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُنَّ لَيَقُلْنَ وَإِنَّهُمْ لَيَفْعَلُونَ. قَالَ «فَلاَ تَفْعَلُوا فَإِنَّمَا مِثْلُ ذَلِكَ مِثْلُ الشَّيْطَانِ لَقِي شَيْطَانَةً فِي طَرِيقٍ فَغَشِيَهَا وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ». رواه أحمد وصححه الألباني. فهذين الحديثين يوضحان أنه يوجد شياطين ذكور وشياطين إناث فتزاوجا وأنجبا ذرية فكانت ذرية الشيطان علي أربعة أنواع (الأول) من كان أبواه شياطين و(الثاني) من كان أباه شيطان وأمه من الإنس و(الثالث) من كان أباه من الإنس وأمه من الجن و(الرابع) مختلف فهو شيطان ولكن من شياطين الإنس أبواه إنسيان وهو شيطان قال تعالي (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَي بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ . . . (112) سورة الأنعام. ومن هذا كله تبين أن كل من لم يسم الله ويدعو الدعاء كما أمر النبي صلي الله عليه وسلم قد يشاركه الشيطان أهله وقد يقول قائل فكيف مشاركة المال أقول ألم يخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن الشيطان يأكل معنا إذا لم نسم الله وأخبرنا أن الشيطان يسرق أموالنا قال تعالي (قَالَ عِفْريتٌ مِنْ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ (39) سورة النمل. إذا لماذا قال (أمين)؟ ليطمئن سليمان عليه السلام أنه لن يسرق منه شيء ولن يدع الجن يسرقون منه شيء فهو (قوي أمين) وقد ذكرنا الحديث الذي ذكر فيه سرقة الشيطان من أموال زكاة رمضان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ . َقَالَ النَّبِي صلي الله عليه وسلم «صَدَقَكَ وَهْوَ كَذُوبٌ ، ذَاكَ شَيْطَانٌ» رواه البخاري. فهذه هي المشاركة في المال والله أعلم.
8- قد أوضحنا والحمد لله مشاركة الشيطان لنا في الطعام والشراب والأولاد والبيوت والمنامات فلا يستنكر علي أحد بحثي هذا في المشاركة في النساء كما بينت ومن أراد أن يرد علي بحثي فاليأتي بالبديل ويكون بالدليل كما فعلت أنا والله الموفق.
9- بعد أن شارك الشيطان في الجماع وأنجب واستكثر من الأنس أصبح له ذرية قال تعالي (أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً (50) سورة الكهف. وبهذا قد علمنا كيف كانت ذريته ليس عن طريق نكاح نفسه ولا عن طريق بيضه وغير ذلك والله أعلم.
10- قول النبي صلي الله عليه وسلم عن الجن أنهم إخواننا صراحة فعَنْ ابْنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا اسْتُطِيرَ أَوِ اغْتِيلَ قَالَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلِ حِرَاءٍ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ. فَقَالَ «أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ». قَالَ فَانْطَلَقَ بِنَا فَأَرَانَا آثَارَهُمْ وَآثَارَ نِيرَانِهِمْ وَسَأَلُوهُ الزَّادَ فَقَالَ «لَكُمْ كُلُّ عَظْمٍ ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ يَقَعُ فِي أَيْدِيكُمْ أَوْفَرَ مَا يَكُونُ لَحْمًا وَكُلُّ بَعَرَةٍ عَلَفٌ لِدَوَابِّكُمْ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم «فَلاَ تَسْتَنْجُوا بِهِمَا فَإِنَّهُمَا طَعَامُ إِخْوَانِكُمْ». رواه مسلم. وفي رواية الترمذي وأحمد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم «لاَ تَسْتَنْجُوا بِالرَّوْثِ وَلاَ بِالْعِظَامِ فَإِنَّهُ زَادُ إِخْوَانِكُمْ مِنَ الْجِنِّ». وهذا الحديث صريح في أنهم إخواننا في النسب لأن أمهاتهم من البشر والعكس كما أوضحنا قبل ذلك ولا يقول قائل أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقصد أنهم إخواننا في الإسلام فقط. أقول له يا أخي وهل الطعام الذي ذكره النبي صلي الله عليه وسلم من العظام للجن المسلمين منهم فقط أم أنه طعام لكل الجن؟ أكيد طبعا كل الجن وليس للمسلمين فقط. بمعني أنه لو وجد أحد الجن الكفار طعام من عظم فهل سيتركه ويقول هذا للمسلمين فقط؟ أكيد لا بل سيأكل وسيسمي الله عليه أيضا. إذا فكل الجن إخواننا كما صرح الحديث وبهذا اتضح الأمر والحمد لله والله أعلي وأعلم.
11- وبهذا اتضح قول الله بعد هذه الآيات (يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ...) سورة الأنعام. والمعني هو أن الجن أصلهم متصل بالبشر كما أوضحنا فكل الرسل من الإنس والجن تبع للإنس في التكاثر فكانت الرسل منهم جميعا وبهذا حل الإشكال وضيق الخلاف والله أعلم.
12- وهنا لفته بسيطة وهي أني أعتبر تفسير حديث بن عباس رضي الله عنه «كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم علي شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين». رواه البخاري. كانوا علي الإسلام لأن الشيطان لم يكثر بعد ولم ينتشر لانعدام ذريته أو لقلتهم بسبب إيمان الناس الذي كان سببا في ذلك فكان إيمان الناس سببا في قلة الشياطين وكانت قلة الشياطين سببا في إيمان الناس ويزداد الأمر وضوحا عندما يزداد الناس طاعة في رمضان بسبب تصفيد الشياطين فيظهر عليهم الإيمان ويكون إيمانهم سببا في تصفيد الشياطين ويكون تصفيد الشياطين سببا في إيمانهم فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم «... وَتُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ فَلاَ يَخْلُصُوا فِيهِ إِلَي مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ وَيُغْفَرُ لَهُمْ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ». قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَهِي لَيْلَةُ الْقَدْرِ قَالَ «لاَ وَلَكِنَّ الْعَامِلَ إِنَّمَا يُوَفَّي أَجْرَهُ إِذَا قَضَي عَمَلَهُ». رواه أحمد وصححه الألباني. وبهذا فض الخلاف بالدليل من القران والسنة والحمد لله.
وأخيرا الشيطان من المنظرين وحده وهو المستثني من الجن وأما غيره فيموتون بآجالهم. والله أعلي وأعلم.
*ملحوظة مهمة :- أعرف أن قولي هذا لا يروق لهؤلاء الذين يميلون إلي المادة والحواس فأقول لهم إذا أجيبونا أنتم علي هذا السؤال كيف أنجب إبليس ذريته؟ ولا نترك المجال للملاحدة فيعبثون في قلوب المؤمنين بقولهم ألم يقل قرآنكم أنه تبيان لكل شيء فكيف لم يبين ما فيه؟ وهكذا فإن قرآنكم علي خطأ فهو ليس تبيان لأي شيء. وأنا أطالب الذين يعترضون علي نتائج أبحاثي أن يجيبوا علي سؤال الملاحدة الذي ذكرته سلفا فقد قرأته والله في بعض طعنهم وهذا ما جعلني أبحث في كل مسائل القرآن المبهمة لأجد لها أجوبة في تبيان القرآن وقد أعانني الله ووفقني ووجدت ما أبحث عنه والحمد لله وسيظهر ذلك خلا قراءة الكتاب إن شاء الله. وأذكر القاريء الكريم أن كل ما تعترض عليه من بحثي فعليك أن توجد أنت له حلا والله الموفق وأنا في النهاية بشر أخطيء وأصيب والقرآن أكبر من فهمي وأعظم فلا يلوم علي أحد إذا ظهر خطأ في بعض أبحاثي فالكمال لله وحده وكلنا بعد ذلك مجتهدون. ...المزيد
تبيان القرآن
التدوينات
منذ 2020-04-14
{كيف أنجب إبليس ذريته؟} *الذرية في اللغة:- أصلها ذريئة فخففت الهمزة وتعني النسل وهي تنسب إلي الذر ...
{كيف أنجب إبليس ذريته؟}
*الذرية في اللغة:- أصلها ذريئة فخففت الهمزة وتعني النسل وهي تنسب إلي الذر وهو صغار النمل أو تنسب إلي الذرء بمعني الخلق قال تعالي (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ ...المزيد
*الذرية في اللغة:- أصلها ذريئة فخففت الهمزة وتعني النسل وهي تنسب إلي الذر وهو صغار النمل أو تنسب إلي الذرء بمعني الخلق قال تعالي (وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنْ ...المزيد