«الهيئة السورية للإعلام».. إعلام مفحوص أمريكياً! يلعب الجانب الإعلامي دورا بارزا لا يقل أهمية عن ...

«الهيئة السورية للإعلام».. إعلام مفحوص أمريكياً!

يلعب الجانب الإعلامي دورا بارزا لا يقل أهمية عن الجانب العسكري في الحرب الدائرة اليوم بين الدولة الإسلامية وملل الكفر ونحله، فبعد أن أُنشئت الجماعات والفصائل والكتائب العسكرية بتخطيط وتنفيذ ودعم صليبي كـ «لواء الحمزة» و«الفرقة 55» و«الفرقة 99» في ريف حلب الشمالي و«جيش سوريا الجديد» في ولاية الفرات و«الجبهة الجنوبية» في ولاية دمشق، بدأت الحاجة لجناح إعلامي قوي -يوازي الحملة العسكرية ضد الدولة الإسلامية- تظهر بشكل كبير أمام الدول الصليبية الداعمة للصحوات وعلى رأسها أمريكا.


• الحاجة لجناح إعلامي محترف

عمدت المخابرات الصليبية على إنشاء مراكز إعلامية لفصائل صحوات الردة تحت إشرافها ورعايتها المباشرة، وبعد أن شَكّلت الفصائل المفحوصة أمريكيا في حوران والقلمون الشرقي والحَمَاد الشامي ما يسمى «الجبهة الجنوبية» سعيا للقضاء على الدولة الإسلامية والحد من خطرها المتعاظم في تلك المناطق، ودُعمت الفصائل بالسلاح والعتاد والأموال، ودُرَّب عناصرها في معسكرات في الأردن يشرف عليها مدربون أمريكيون، شُكّل جهاز إعلامي تحت مسمى «الهيئة السورية للإعلام» (SMO)، بحيث يكون جناحا إعلاميا لـ «الجبهة الجنوبية» يضاهي إعلام الدولة الإسلامية، ويفبرك ويزور الحقائق، ويطعن بالمجاهدين، ويلصق بهم التهم، بشكل احترافي.

كيف أُنشئت هذه الهيئة؟
ومن الأشخاص القائمون عليها؟
وكيف دُرِّب أعضاؤها؟

أسئلة حصلت (النبأ) على إجاباتها من مصدر أمني خاص، فقد سبق الإعلان عن هذه الهيئة اجتماعات مكثفة بين مسؤولين في المخابرات الأردنية المرتدة والمخابرات الأمريكية الصليبية وكل من المرتد إبراهيم الجباوي العميد السابق في الشرطة النصيرية والمرتد أسعد عوض الزعبي الطيار السابق في سلاح الجو النصيري، المعروفَين بالعلمانية ومعاداة الشريعة، فأوكلت لهما على إثر تلك الاجتماعات المكثفة مهمة إنشاء هذه الهيئة قبل سنتين ونصف من الآن مع عدد من الإعلاميين المفحوصين والمختارين بعناية، من أصحاب التوجه العلماني وممن عرف عنهم الارتزاق بالكلمة والخبر، من أبرزهم المدير التنفيذي للهيئة المرتد محمد الزعبي أبو المجد.

• خبراء إعلام صليبيون لتدريب الصحوات

وكما أشرفت أمريكا على تدريب جنود «الجبهة الجنوبية» المرتدة عسكريا، كان لا بد لها من تدريب إعلامي موازٍ، فأوفدت إلى مدينة عمان -التي باتت غرفة عمليات للمخابرات الصليبية في حربها على الدولة الإسلامية- عددا من كبار مراسيلها الإعلاميين ممن غطوا معارك أفغانستان والعراق إعلاميا، إلى جانب خبراء إعلاميين من إحدى المؤسسات الإعلامية البريطانية، لتدريب أعضاء «الهيئة السورية للإعلام» بعد اختيارهم بدقة والتأكد من توجهاتهم ومعاداتهم للدولة الإسلامية، وقابلية التعاون معهم في حربها.
فسارت الدورات التدريبية كما خُطط لها بعد أن أحيطت بسرية تامة وحماية مباشرة من المخابرات الأردنية المرتدة، وبعد أن انتهوا من الدروس النظرية المكثفة، بدأت الدروس العملية التجريبية، وكشف مهند وهو إعلامي ترك العمل في «الهيئة» وأعلن تبرؤه منها، عن صدمته عندما عرض عليهم الخبير الأمريكي إصدارا للدولة الإسلامية وبدأ يشرح لهم ويحلل كيف صنع المجاهدون مادة إعلامية ناجحة ومؤثرة، وكان هذا أول درس عملي لهم.

• تحضير المتدربين للتعاون مع الصليبيين

لم يكن عرض إصدارات الدولة الإسلامية إلا مرحلة أولية في تهيئة المتدربين نفسيا للتعاون مع الصليبيين والقتال إلى جانبهم ضد الدولة الإسلامية، فقبيل نهاية الدروس العملية بدأت مرحلة جس نبض المتدربين للتعاون المباشر مع القوات الصليبية، إذ بدأ الضباط الأمريكيون يجتمعون مع المتدربين ويناقشونهم طارحين عليهم أسئلة غريبة بالنسبة لهم في ذلك الوقت (قبل سنتين ونصف)، ويقول مهند: «كانوا يسألوننا: هل ستقاتلون معنا عندما ندخل الشام لمساعدتكم؟ وهل تتقبلون فكرة وجود قواعد للقوات الصديقة -يقصدون التحالف الصليبي- في مناطقكم؟ وهل ستؤمّنون الحماية للقوات الأمريكية التي ستساعدكم؟».

كل هذه الأسئلة وغيرها كان من الغريب طرحها في ذلك الوقت، لأن مواجهة النظام النصيري بنظرهم لم تكن تحتاج سوى شحنات من الأسلحة المتطورة وكميات من مضادات الطيران المحمولة على الكتف، فما حاجة دخول الصليبيين؟! وهذا ما طرحه مهند على الضابط الأمريكي، الذي أجابه بأن دخولهم لن يكون لقتال النظام النصيري بل لقتال الدولة الإسلامية التي أذاقهم جنودها المر العلقم في العراق، ساردا لهم قصصا وسيرا عن جحيم الأمريكيين في الأنبار والفلوجة وغيرهما.

ومع تخريج كل دفعة من المتدربين كان كل من الجباوي والزعبي يلتقون بالمتخرجين ويحرضونهم على التركيز على النيل من الدولة الإسلامية وتلميع صورة فصائل صحوات الردة، بالرغم من أن القتال بين الدولة الإسلامية وفصائل الردة في الجنوب لم ينشب بعد، في ذلك الوقت.
...المزيد

رموز أم أوثان؟! (4) [2/2] فإذا كان مدح المنافق مغضبا لله -عزّ وجل- كما قال صلى الله عليه وسلم: ...

رموز أم أوثان؟! (4)

[2/2]
فإذا كان مدح المنافق مغضبا لله -عزّ وجل- كما قال صلى الله عليه وسلم: (لا تقولوا للمنافق سيد، فإنه إن يك سيدا، فقد أسخطتم ربكم عز وجل) [رواه أبو داود بإسناد صحيح]، فما بالك بمدح من أظهر الكفر، وعمل به، ودعا الناس إليه وهو يحسبُ أنه يُحسن صُنعاً؟!

ولم يكتف المدّاحون عند هذا الحد من تزكية أئمة الضلال، بل تعدّى بهم الأمر إلى تحريف أحكام الشريعة، أو كتمانها على الأقل في سبيل أن لا يضطرهم الأمر إلى إسقاط تلك الأحكام على أولئك «الرموز»، وذلك خوفا من إغضاب أتباعهم، أو استفزاز الجهّال من الذين يعرفون الدين بالرجال، ويعتبرون أي مسٍّ بهؤلاء الرجال الذين يقدّسونهم ويقلّدونه اعتداء على الإسلام وشريعته.

ومن ذلك أنهم بدّلوا كثيرا من أحكام الشريعة، أو اشترطوا لها شروطا غير شرعية، أو وضعوا موانع لتلك الأحكام كي يخرجوا من دائرة الحرج في تطبيق تلك الأحكام على أولئك «الرموز»، كزعم بعضهم أن الحكم بالقوانين الوضعية الجاهلية هو كفرٌ دون الكفر المخرج من الملّة، كي يحكموا بإسلام رجب أردوغان ومحمد مرسي وإسماعيل هنية وأشباههم من الطواغيت (الذين أخذوا دينهم من إمامهم حسن البنا فساروا على دربه واتبعوا نهجه وأطاعوه في ضلاله)، وذلك بجعل هذا الفعل المكفّر معصية من المعاصي التي يجوز اقترافها عند الضرورة، بل يتحول شرك أولئك الطواغيت إلى واجب يثابون على فعله، ويأثمون على تركه، ومنهم من يحكم بكفر الفعل، ولكن يمتنع عن إيقاع الحكم بالكفر على فاعله عذرا لأولئك «الرموز» بالتأويل وعدم قصد الكفر والاضطرار وغير ذلك من موانع تكفير من وقع في الشرك الأكبر، التي لا اعتبار لها إلا في شريعة المرجئة ومن لفّ لفيفهم.

فتجد المنحرفين عن الصراط المستقيم يحرصون في ردّهم على أهل الضلال أن لا يمسّوا «رمزا» من رموزهم مهما بلغ جرمه، وعظمت فتنته، بخلاف سنّة النبي -صلى الله عليه وسلم- وما أتاه من وحي القرآن، حيث تنزلت الآيات التي تسفّه «رموز» المشركين من أهل مكّة، كأبي جهل، وأبي لهب، والوليد بن عقبة وغيرهم، حتى اشتكى أولئك المشركون مما اعتبروه هجاء من النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم، وما كان ذلك بهجاء الشعراء، إن هو إلا كلام رب العالمين.

لقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين أن يشهدوا بالحق على كل إنسان ولو كان على أنفسهم، فقال سبحانه: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [النساء: 135]، وليس من الإقساط في شيء أن يعظم رأس الضلالة، كما إنه ليس من الإقساط في شيء أن يحكم على التابع بحكمٍ بناءً على سيره في طريق ضلال، وينجو من ذلك الحكم من يقوده في طريق الضلالة تلك ممن يزعم العلم والبصيرة، ويتصدر لقيادة الأمة وهداية العالمين.

إن المنهج الذي سار عليه أهل الحديث في الجرح والتعديل كي يعرف الناس عمّن يأخذون دينهم، ويأمنوا سلامة نقل العلم إليهم، لهو منهج واجب اتباعه في الحكم على أهل الحق والضلال على حدّ سواء، فيعرّف السنّي بما لديه من الحق، ويُنهى عما لديه من الأوهام إن وجدت، ويعرّف الضالّ بما لديه من الضلالات، وينهى عن الأخذ منه.

وليكن رائد كل مسلم في بحثه عن الهدى قول علي بن أبي طالب، رضي الله عنه: «الحق لا يعرف بالرجال، اعرف الحق، تعرف أهله».


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

رموز أم أوثان؟! (4) سرقت امرأة من بني مخزوم، فاهتمت القبيلة لشأنها، وهالهم أن تُقطع يد امرأة من ...

رموز أم أوثان؟! (4)

سرقت امرأة من بني مخزوم، فاهتمت القبيلة لشأنها، وهالهم أن تُقطع يد امرأة من أشراف قريش، فأرسلوا أسامة بن زيد -رضي الله عنه- ليستشفع لها عند رسول الله، فغضب -صلى الله عليه وسلم- لشفاعة أحد أصحابه في حدّ من حدود الله، ثم خطب الناس، وقال: (أيها الناس، إنما أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) [رواه البخاري ومسلم].

وهذا الحديث حجة في أن شرف الفرد، أو شهرته، أو ثراؤه، أو منصبه، لا تمنع من الحكم عليه بمقتضى فعل اقترفه، أو قول خرج منه.
ولكن من علامات هلاك كثير من الناس في عصرنا الحالي أنهم إن زعموا إقامة الدين والحكم من خلاله على الأشخاص والجماعات فإنهم يقيمونه على الضعيف الذي لا ظهر له، وعلى الغمر الذي لا يؤبه له، أما القوي المعضود، والشريف المشهور فإنهم يتغافلون عن سيئاته، بل إنهم يجعلون من تلك السيئات حسنات يحمد عليها.

ومن أمثلة ذلك ما نراه من بعض المنتقدين للأحزاب الضالة والمذاهب الباطلة، فتجدهم يهاجمون ما في عقيدة التنظيم أو الحزب من الانحراف والضلال، ويفضحون ما في المذاهب الباطلة والطرق الصوفية من الشرك والبدع وتراهم يغلظون في القول على أتباعها، ويكثرون من التحذير من اتّباعها، ولكنهم في الوقت نفسه يتجنبون أي ذكر لقادة تلك الأحزاب والفصائل، أو شيوخ تلك الطرق والفرق والمذاهب بل إنهم يتكلمون عنهم بكل إجلال وإكبار ويبالغون في ذكر ما يُشاع من فضائلهم ومآثرهم، بل لا غرابة إن اعتبروهم من أئمة الهدى ومصابيح الدجى، ومن السادة الشهداء وأعلام النبلاء، وهذا وجه من وجوه تناقضهم.

إذ كيف يجرَّم التابع على ضلالة ويبرَّأ المتبوع، مع أن جرم المتبوع أكبر، وإثمه أعظم، لأنه هو من سنّ تلك السنّة السيئة، وأمر بذلك المنكر العظيم، فهو حامل لإثمه ولإثم من اتبعه في فعله أو اعتقاده إلى يوم القيامة، كما قال، صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) [رواه مسلم]، بل إن كل فعل يسنّه الإنسان ولو لم يقصد منه متابعة غيره له فيه فإنه يحمل وزر من يفعله إلى يوم القيامة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تُقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سنّ القتل) [رواه البخاري ومسلم].

ولا نقصد من ذلك ما نسبه الضالون من أتباع المذاهب والفرق المختلفة إلى الأنبياء المعصومين من أفعال وأقوال لا تليق بهم، كما فعل مشركو النصارى بادعائهم أن عيسى -عليه السلام- أمرهم بعبادته من دون الله، وكما يفعل المبتدعة من المنتسبين إلى الإسلام في نسبة أهوائهم إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، بناء على ما اختلقوه من أحاديث مكذوبة موضوعة، ولا ما نسبه هؤلاء إلى السلف الصالح في القرون الأولى المفضلة من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته رضوان الله عليهم أجمعين من المحدثات في الدين، كما في بدعة تقليد بعض العلماء من أئمة السلف من أمثال مالك والشافعي وأحمد بن حنبل الذين نهوا الناس عند تقليدهم وتعظيم أقوالهم.
ولا نقصد من ذلك أيضا من تبرأ من بدعته أو منهجه الضال الذي كان يدعو الناس إليه ثم تاب عن ذلك كلّه، وبيّن للناس ما كانوا عليه من ضلالة باتباعهم له فيما خالف الشريعة، ودعاهم إلى ترك الشرك والبدعة والعودة إلى التوحيد والسنّة.

ولكن من نقصده هنا هم من سنّوا لأتباعهم سبل الضلالة وأبعدوهم بذلك عن الصراط المستقيم، وماتوا ولم تظهر منهم توبة عما اقترفوه، ولا نصيحة لأتباعهم بترك ما هم عليه والرجوع إلى الحق، فهؤلاء يحملون أوزارهم وأوزار من اتبعوهم إلى يوم الدين، وهؤلاء أولى من أتباعهم بفضح باطلهم، وبيان حقيقتهم للناس كي لا ينخدعوا بأسمائهم البراقة، ولا بكلامهم المنمّق، ولا بالهالة الكاذبة التي يحيطهم بها أتباعهم ومريدوهم، بعكس ما يفعل المفسدون من تمجيدهم مع ذمّ أفعالهم، مجاملة للمتعصبين لهم، والغالين في محبتهم وتعظيمهم، وخوفا من إغضابهم.

ولا ينتبه هؤلاء الضالون أن مجرد مدح أولئك القادة والزعماء إنما هو فتنة للناس عن دينهم، ودعاية غير مباشرة لاتباع مذاهبهم وطرائقهم التي يزعمون الحرب عليها، فعندما يصف أحدهم رأسا من دعاة الضلالة وشرك الديموقراطية هو حسن البنا مؤسس حزب الإخوان المرتدين بأنه الإمام الشهيد ويترحّم عليه وفي نفس الوقت يعدد كثيرا من الأقوال والأفعال المكفّرة التي وقع فيها، والتي دعا أتباعه إلى فعلها من بعده، وهم بالفعل يسيرون على منهجه الضال منذ عقود، فإن هذا من التناقض الغريب، إذ كيف يكون «إماماً» من قاد أتباعه إلى الوقوع في شرك الديموقراطية وسنّ لهم سنّة السعي للدخول في المجالس البرلمانية التي تنازع الله في سلطانه وحكمه؟ وكيف يحكم بـ الشهادة لمن وقع بنفسه في كل تلك المكفّرات، وأوقع من اتّبعه فيها؟!

صحيفة النبأ - العدد 43
لقراءة المقال المقال تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله) [4/4] ثم تابع ...

قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله)
[4/4]

ثم تابع الشيخ أبو علي الأنباري -تقبله الله- نشاطه الذي لا يكلّ في الشام، مسؤولا عن (الهيئة الشرعية)، وعضوا في (اللجنة العامة المشرفة) على عموم العمل في الشام، فكانت تلك الفترة من أشق الفترات عليه -رحمه الله- لحجم ما ألقي على عاتقه من مسؤوليات، ولكثرة ما كان يبذله من جهد في التعليم والدعوة والبحث في المسائل الشرعية، بالإضافة إلى قضايا إدارة المناطق واستلام ملف حل المشكلات مع الفصائل والتنظيمات، عدا عن إشرافه على القضاة والمحاكم الإسلامية التي بدأت الدولة الإسلامية في إنشائها في المناطق التي حصل فيها شيء من التمكين، فعمل على تسيير عملها، ووضْعِ ضوابط لتسيير عمل المحاكم.

وكان من صفاته -تقبّله الله- في تلك المرحلة أنّه لم يكن ييأس من دعوة الفصائل والتنظيمات إلى التزام التوحيد والسنة، فكان يلتقي قادتها ويحذّرهم من خطر الارتباط بدول الطواغيت وأجهزة مخابراتهم، وإعلامهم أنهم يستدرجونهم من خلال الدعم المقدم لهم إلى أبواب الردّة والعمالة، ليمسكوا من خلالهم بخيوط الجهاد في الشام، ويستخدموهم فيما بعد لقتال الدولة الإسلامية عبر تجنيدهم في مشاريع صحوات شبيهة بالتي أنشؤوها في العراق، وهو ما كان بقدر الله بعد أشهر قليلة فقط، عندما خرجت تلك الفصائل على الدولة الإسلامية، وقصة غدرهم بالمجاهدين في مناطق حلب وإدلب والساحل والمنطقة الشرقية معروفة.

ومع فشل مشروع الصحوات في الشام -بفضل الله- وما منّ الله به على الدولة الإسلامية من تمكين في مناطق واسعة منها، بدأ العمل حثيثا لإنشاء مؤسسات الدولة التي يمكن من خلالها إدارة تلك المناطق وإقامة حكم الله فيها، فكان الشيخ أبو علي الأنباري -تقبله الله- على رأس القائمين على مشروع الدواوين والتأسيس لها، وخاصة الدواوين الشرعية منها، كالقضاء والحسبة والدعوة والزكاة، بالإضافة إلى مكتب البحوث والدراسات، وذلك بعد إلغاء مسمّى (الهيئة الشرعية) وتوزيع مهامها على الدواوين بحسب اختصاصاتها.

وبعد أن فتح الله على عباده الموحدين الموصل ومناطق واسعة من العراق، ورُبطت مع الشام بكسر الحدود المصطنعة، طلب الشيخ -رحمه الله- إعفاءه من المهام الموكلة إليه، والسماح له بالعودة إلى المكان الذي بدأ منه دعوته وجهاده، إلى مدينة تلعفر، حيث استقر هناك فترة من الزمن جنديا من جنود الخلافة، فشارك بنفسه في كثير من المعارك ضد ملاحدة الأكراد، ومرتدي البيشمركة، ومشركي الأيزيدية في جبل سنجار والمناطق المحيطة به، فثبّت الله به أقدام المجاهدين في معارك عديدة.

وكانت نهاية مطافه أمينا لبيت مال المسلمين، حيث استدعي من جديد لإدارته، واستقر في مدينة الموصل لأداء تلك الوظيفة، فأشرف بنفسه على كثير من مراحل إنجاز مشروع النقد الإسلامي المتمثل باستبدال عملات الطواغيت الورقية عديمة القيمة، بالنقود المعدنية ذات القيمة الحقيقية كما هو الأصل في الأموال، وقد أقرّ الله عينه برؤية التجار في ربوع الدولة الإسلامية يتداولون الدنانير الذهبية والدراهم الفضية.

وفي هذه الأثناء كان الصليبيون يتعقبون الشيخ أبا علي بطائراتهم وجواسيسهم، ويعلنون عدّة مرّات نبأ مقتله، بينما كان هو مستمرا في دعوته وجهاده، مشرفا على ما تحمله من تكاليف دون أن يعبأ بتهديداتهم، فكان يلتقي بالتجار، ويجتمع بالمسؤولين عن الإدارات في الدولة الإسلامية، ويتنقل بين ولاياتها، ويعلّم الرعيّة في مساجدها خطيبا ومدرّسا، حتى أذن الله بمقتله على أيدي الصليبيين بعد أن فجّر حزامه الناسف في وحدة من جنودهم حاولت اعتقاله عبر عملية إنزال جوي فاشلة أثناء عبوره من الشام إلى العراق، رافضا أن يعطي الدنية في دينه، أو يقرّ أعين المشركين بأسره وتقييده.

قُتل الشيخ عبد الرحمن بن مصطفى الهاشمي القرشي، وقد بلغ من العمر ستين عاما، قضى أغلبه على منابر المساجد، وفي حلق العلم، وبين صفوف المجاهدين، وخلف أسوار سجون الصليبيين والمرتدين.

قُتل الشيخ أبو علي الأنباري شهيدا على أيدي المشركين، ليلحق بولديه الشهيدين علاء وعماد الذين، اللذين قُتلا قبله في جهاد الصليبيين، ويلحق بأحبّائه وإخوانه الشهداء، أبي مصعب الزرقاوي وأبي حمزة المهاجر وأبي عبد الرحمن البيلاوي وأبي المعتز القرشي وأبي الحارث الأنصاري، نحسبهم جميعا كذلك ولا نزكي على الله أحدا من عباده.

قُتل العالم العابد والداعية المجاهد، وقد خلّف وراءه إرثا من العلم، وإرثا من الدعوة إلى توحيد الله عز وجل، والتحذير من الشرك بكل أنواعه وخاصة شرك الطاعة الذي ألف فيه كتابا، وأعطى في موضوعه عشرات الدروس والخطب والمحاضرات.

فتقبّل الله شيخنا المجاهد، وجزاه عنّا وعن المسلمين خير الجزاء، وجمعنا الله به في الفردوس الأعلى مع النبيين والشهداء والصديقين، وحسن أولئك رفيقا.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
الثلاثاء 12 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله) [2/4] وفي تلك ...

قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله)
[2/4]

وفي تلك الأثناء كان جنود الدولة الإسلامية في الشام قد صارت لهم شوكة وانتشار واسع، ومع أخبار الفتوحات والانتصارات كانت التقارير الواردة من الشام إلى العراق لا تبشّر بخير، وخاصّة فيما يتعلق بانحراف القائمين على العمل هناك عن منهج الدولة الإسلامية، وسعيهم المبكر لاسترضاء طوائف الشرك والردّة، وسوء إدارتهم، وقوة العصبيات العشائرية والمناطقية داخل الصف، ما يهدّد فعليا بانهيارها أو اختطافها من قبل زمرة من الخونة المتآمرين.

فقرّر أمير المؤمنين إيفاد من ينوب عنه للاطلاع على حقيقة الوضع، والتأكد من صحة التقارير، فوقع اختياره على الشيخ أبي علي لأداء هذه المهمّة لعدّة أسباب، على رأسها معرفة الشيخ بالجولاني في مرحلة سجنه، حيث كان معه في بعض الفترات، وكان ذلك الماكر يظهر له التقدير والاحترام داخل السجن وبعده، إلى درجة أنه كان يخاطبه في رسائله إليه بصيغة (والدي العزيز)، والشيخ يحسن به الظن، ويرى أن الشهادات ضده من جنس الخصومات التي تنشأ كثيرا بين الجنود وأمرائهم، أو بين الأقران من الأمراء.

فدخل الشيخ أبو علي الأنباري -تقبله الله- إلى الشام عابرا الحدود المصطنعة، وكانت رحلته تلك من النعم التي أنعم الله بها على الدولة الإسلامية، إذ قام فور وصوله بجولة استغرقت أسابيع عديدة على مختلف المناطق والقواطع في الشام، ورأى بأم عينيه حجم الأخطاء المرتكبة في إدارة العمل، وتعرّف على طبيعة الانحرافات المنتشرة لدى أفرادها وأمرائها، التي سببها الأساسي إهمال جانبي التربية والعلم الشرعي من قبل القائمين على العمل، ولكنه -رحمه الله- كان يرى أن هذه الأخطاء مما يمكن إصلاحه بمزيد من الجهد، ثم كانت الفرصة الكبرى لكشف بواطن الأمور عندما قرر الشيخ أن يقيم في نفس مقر الجولاني، ليكون لصيقا له فترة من الزمن فيدرس عن قرب شخصيته ويعرف كيفية إدارته للأمور، فكشف الله له خلال شهر أو أقل الكثير من الحقائق، وكان ذلك سببا في صيحة النذير التي أرسلها إلى أمير المؤمنين أن يتدارك الوضع في الشام قبل أن تفلت الأمور من زمامها، فأرسل الرسالة التي فضح الله بها حقيقة الغادر الجولاني، ووصف فيها مشاهداته عنه، وتقييمه الدقيق لشخصيته، وكان مما جاء فيها وصفا للجولاني:

«شخص ماكر، ذو وجهين، يحبّ نفسه ولا يبالي بدين جنوده، وهو على استعداد لأن يضحي بدمائهم ليحقق له ذكرا في الإعلام، يطير فرحا كالأطفال إذا ذُكر اسمه على الفضائيات...».

وقد كانت هذه الرسالة السبب الرئيس في قدوم أمير المؤمنين بنفسه إلى الشام، فليس الشيخ أبو علي عنده بالمكذَّب، وهو مبرّأ من تنافس الأقران، وخلافات الجنود مع أمرائهم، فعبر الحدود رغم المخاطر الكبيرة عليه ليجده في انتظاره على الجهة الأخرى يطلب الإذن بالعودة إلى العراق بعد انتهاء مهمّته، ورغبة عمّا عايشه من وضع سيء للجهاد في الشام، ولكن أمير المؤمنين أبى ذلك واستصحبه معه في رحلته، ليكون عونا له في إصلاح الأخطاء التي ارتكبها الجولاني وزمرته، ويكون يداً له في التغيير.

لم تنجح محاولات الجولاني وزمرته في تقييد حركة أمير المؤمنين بعد وصوله إلى الشام بزعمهم الحرص على سلامته، فكانت جولات قليلة على الجنود، ولقاءات معدودة بالأمراء كافية ليحسم أمير المؤمنين القضية، ويتأكد أن القائمين على العمل قد أفسدوا الأمر، وأنهم يعملون لخدمة أنفسهم وحظوظها، الأمر الذي انعكس سلبا على الاهتمام بالجنود والعلاقة بهم، فاستدعى الجولاني وزمرته ليجتمع بهم ويسمع تبريراتهم لما تأكد بحقّهم من أخطاء، فكان ذلك المجلس المشهور، الذي كانت فيه مسرحية بكاء الماكر الجولاني، وإصرار الدجّال الهراري على تجديد البيعة، واستجابة شركائه للدعوة، وقيامهم فردا فردا بتجديد البيعة لأمير المؤمنين، أملا في اكتساب مزيد من الوقت ليكملوا فيه مشروعهم بشق الصف، والاستحواذ على ما استؤمنوا عليه من الرجال والأموال.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
الثلاثاء 12 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله) [2/4] وفي تلك ...

قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله)
[2/4]

وفي تلك الأثناء كان جنود الدولة الإسلامية في الشام قد صارت لهم شوكة وانتشار واسع، ومع أخبار الفتوحات والانتصارات كانت التقارير الواردة من الشام إلى العراق لا تبشّر بخير، وخاصّة فيما يتعلق بانحراف القائمين على العمل هناك عن منهج الدولة الإسلامية، وسعيهم المبكر لاسترضاء طوائف الشرك والردّة، وسوء إدارتهم، وقوة العصبيات العشائرية والمناطقية داخل الصف، ما يهدّد فعليا بانهيارها أو اختطافها من قبل زمرة من الخونة المتآمرين.

فقرّر أمير المؤمنين إيفاد من ينوب عنه للاطلاع على حقيقة الوضع، والتأكد من صحة التقارير، فوقع اختياره على الشيخ أبي علي لأداء هذه المهمّة لعدّة أسباب، على رأسها معرفة الشيخ بالجولاني في مرحلة سجنه، حيث كان معه في بعض الفترات، وكان ذلك الماكر يظهر له التقدير والاحترام داخل السجن وبعده، إلى درجة أنه كان يخاطبه في رسائله إليه بصيغة (والدي العزيز)، والشيخ يحسن به الظن، ويرى أن الشهادات ضده من جنس الخصومات التي تنشأ كثيرا بين الجنود وأمرائهم، أو بين الأقران من الأمراء.

فدخل الشيخ أبو علي الأنباري -تقبله الله- إلى الشام عابرا الحدود المصطنعة، وكانت رحلته تلك من النعم التي أنعم الله بها على الدولة الإسلامية، إذ قام فور وصوله بجولة استغرقت أسابيع عديدة على مختلف المناطق والقواطع في الشام، ورأى بأم عينيه حجم الأخطاء المرتكبة في إدارة العمل، وتعرّف على طبيعة الانحرافات المنتشرة لدى أفرادها وأمرائها، التي سببها الأساسي إهمال جانبي التربية والعلم الشرعي من قبل القائمين على العمل، ولكنه -رحمه الله- كان يرى أن هذه الأخطاء مما يمكن إصلاحه بمزيد من الجهد، ثم كانت الفرصة الكبرى لكشف بواطن الأمور عندما قرر الشيخ أن يقيم في نفس مقر الجولاني، ليكون لصيقا له فترة من الزمن فيدرس عن قرب شخصيته ويعرف كيفية إدارته للأمور، فكشف الله له خلال شهر أو أقل الكثير من الحقائق، وكان ذلك سببا في صيحة النذير التي أرسلها إلى أمير المؤمنين أن يتدارك الوضع في الشام قبل أن تفلت الأمور من زمامها، فأرسل الرسالة التي فضح الله بها حقيقة الغادر الجولاني، ووصف فيها مشاهداته عنه، وتقييمه الدقيق لشخصيته، وكان مما جاء فيها وصفا للجولاني:

«شخص ماكر، ذو وجهين، يحبّ نفسه ولا يبالي بدين جنوده، وهو على استعداد لأن يضحي بدمائهم ليحقق له ذكرا في الإعلام، يطير فرحا كالأطفال إذا ذُكر اسمه على الفضائيات...».

وقد كانت هذه الرسالة السبب الرئيس في قدوم أمير المؤمنين بنفسه إلى الشام، فليس الشيخ أبو علي عنده بالمكذَّب، وهو مبرّأ من تنافس الأقران، وخلافات الجنود مع أمرائهم، فعبر الحدود رغم المخاطر الكبيرة عليه ليجده في انتظاره على الجهة الأخرى يطلب الإذن بالعودة إلى العراق بعد انتهاء مهمّته، ورغبة عمّا عايشه من وضع سيء للجهاد في الشام، ولكن أمير المؤمنين أبى ذلك واستصحبه معه في رحلته، ليكون عونا له في إصلاح الأخطاء التي ارتكبها الجولاني وزمرته، ويكون يداً له في التغيير.

لم تنجح محاولات الجولاني وزمرته في تقييد حركة أمير المؤمنين بعد وصوله إلى الشام بزعمهم الحرص على سلامته، فكانت جولات قليلة على الجنود، ولقاءات معدودة بالأمراء كافية ليحسم أمير المؤمنين القضية، ويتأكد أن القائمين على العمل قد أفسدوا الأمر، وأنهم يعملون لخدمة أنفسهم وحظوظها، الأمر الذي انعكس سلبا على الاهتمام بالجنود والعلاقة بهم، فاستدعى الجولاني وزمرته ليجتمع بهم ويسمع تبريراتهم لما تأكد بحقّهم من أخطاء، فكان ذلك المجلس المشهور، الذي كانت فيه مسرحية بكاء الماكر الجولاني، وإصرار الدجّال الهراري على تجديد البيعة، واستجابة شركائه للدعوة، وقيامهم فردا فردا بتجديد البيعة لأمير المؤمنين، أملا في اكتساب مزيد من الوقت ليكملوا فيه مشروعهم بشق الصف، والاستحواذ على ما استؤمنوا عليه من الرجال والأموال.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
الثلاثاء 12 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله) [1/4] من آيات ...

قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله)
[1/4]

من آيات حفظ الله للجهاد في العراق أن حفظ كثيرا من قادته بعد أن كاد بهم الصليبيون وأعوانهم، فأودعوهم السجون والمعتقلات وعرّضوهم لبطش الطواغيت ليتخلصوا منهم، ليخرج بعد ذلك بتقدير الله مِن هؤلاء مَن يقيم الدين ويرفع الله به راية الجهاد.

فلا يلبث هؤلاء أن يعودوا إلى ساحات الجهاد، فيحيي الله بهم جبهات القتال، وينقلوا إلى إخوانهم خبرات سنين في التعامل مع أصناف المشركين والمرتدين، ويرفع الله بهم الهمم، ويثبّت بهم الأقدام.

ومن الذين منّ الله على الدولة الإسلامية بخروجهم من الأسر الشيخ المجاهد أبو علي الأنباري، تقبله الله.

فبعد ست سنين من الأسر في معتقلات الصليبيين والروافض، خرج الشيخ من محبسه، وإذا الحال غير الحال الذي شهده قبل دخوله السجن.

فالصليبيون قد تركوا حكم العراق لأذنابهم من مشركي الرافضة بعد أن أثخنتهم الجراح وأنهكتهم التكاليف، والمجاهدون منحازون في الصحاري والقفار بعد زمن من العزّ والتمكين، أعلنوا فيها دولتهم، وبايعوا فيها إمامهم، فيما الفصائل قد ذابت واندثرت تماما، بعد أن سقط أغلبها في فتنة الصحوات، وأحبطوا كل أعمالهم بوقوعهم في الردّة الصريحة، وأنظمة حكم الطواغيت باتت تتساقط في عدة دول لتأذن بمرحلة جديدة من مراحل التمكين لدين الإسلام، مفتاحها مشاركة مجاهدي الدولة الإسلامية في قتال طاغوت الشام بشار الأسد.

خرج الشيخ من سجنه فوجد إخوانه الذين كانوا معه في (مجلس شورى المجاهدين) في انتظاره ليأخذ مكانه من جديد في صفوف (دولة العراق الإسلامية) التي بلغه نبأ قيامها وهو في الأسر، وكان أميرا لجنودها ومعلما ومرجعا لهم في السجون التي تنقل بينها، فجدّد البيعة لأمير المؤمنين الشيخ أبي بكر البغدادي -حفظه الله- بعد أيام قليلة من خروجه، وانطلق يخدم دولة الإسلام جنديا من جنودها، لا يبالي بتاريخه القديم، ولا بقدره عند تلاميذه أو أقرانه، ولا حتى بما حازه من علم وتجارب، بل وضع نفسه تحت تصرف إخوانه ممّن كان كثير منهم تحت إمرته قبل السجن وأثناءه، ولم يكن إخوانه ليكفروا العشير، ولا لينكروا المعروف، ولا ليجهلوا مقادير الرجال، وقيمة العلماء المجاهدين، فأنزلوه المنزل الذي يليق بأمثاله، وسعوا ليستفيدوا من علمه وتجربته خير استفادة.

فكانت أولى المهام الملقاة على عاتقه الاتصال بالجماعات المقاتلة خارج العراق وخاصة أفرع (تنظيم القاعدة) في العالم، ليفتح معهم قناة للتواصل بعد انقطاع دام سنين، بسبب الظروف الأمنية، وبسبب ما جرى من القائمين على التنظيم من تهجم على الدولة الإسلامية ظنّه الإخوة وليد جهل بالحال، بسبب حجم التشويه الإعلامي لسمعة الدولة الإسلامية، فأرسل الشيخ أبو علي إليهم عدة رسائل يوضح لهم بعض القضايا التي كان يظنّها أشكلت عليهم، وهو يحسب نفسه يخاطب أقواما على منهج الشيخ الزرقاوي -تقبلّه الله- الذي عرفه ورضي منهجه وبايعه على ذلك الأساس، فكانت تلك الرسائل بدايةً لعودة الاتصال بين الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة وفروعها.

وفي تلك الأثناء كان جنود الدولة الإسلامية في الشام قد صارت لهم شوكة وانتشار واسع، ومع أخبار الفتوحات والانتصارات كانت التقارير الواردة من الشام إلى العراق لا تبشّر بخير، وخاصّة فيما يتعلق بانحراف القائمين على العمل هناك عن منهج الدولة الإسلامية، وسعيهم المبكر لاسترضاء طوائف الشرك والردّة، وسوء إدارتهم، وقوة العصبيات العشائرية والمناطقية داخل الصف، ما يهدّد فعليا بانهيارها أو اختطافها من قبل زمرة من الخونة المتآمرين.

فقرّر أمير المؤمنين إيفاد من ينوب عنه للاطلاع على حقيقة الوضع، والتأكد من صحة التقارير، فوقع اختياره على الشيخ أبي علي لأداء هذه المهمّة لعدّة أسباب، على رأسها معرفة الشيخ بالجولاني في مرحلة سجنه، حيث كان معه في بعض الفترات، وكان ذلك الماكر يظهر له التقدير والاحترام داخل السجن وبعده، إلى درجة أنه كان يخاطبه في رسائله إليه بصيغة (والدي العزيز)، والشيخ يحسن به الظن، ويرى أن الشهادات ضده من جنس الخصومات التي تنشأ كثيرا بين الجنود وأمرائهم، أو بين الأقران من الأمراء.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
الثلاثاء 12 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله) [1/4] من آيات ...

قصة شهيد / العالم العابد والداعية المجاهد الشيخ أبو علي الأنباري (تقبّله الله)
[1/4]

من آيات حفظ الله للجهاد في العراق أن حفظ كثيرا من قادته بعد أن كاد بهم الصليبيون وأعوانهم، فأودعوهم السجون والمعتقلات وعرّضوهم لبطش الطواغيت ليتخلصوا منهم، ليخرج بعد ذلك بتقدير الله مِن هؤلاء مَن يقيم الدين ويرفع الله به راية الجهاد.

فلا يلبث هؤلاء أن يعودوا إلى ساحات الجهاد، فيحيي الله بهم جبهات القتال، وينقلوا إلى إخوانهم خبرات سنين في التعامل مع أصناف المشركين والمرتدين، ويرفع الله بهم الهمم، ويثبّت بهم الأقدام.

ومن الذين منّ الله على الدولة الإسلامية بخروجهم من الأسر الشيخ المجاهد أبو علي الأنباري، تقبله الله.

فبعد ست سنين من الأسر في معتقلات الصليبيين والروافض، خرج الشيخ من محبسه، وإذا الحال غير الحال الذي شهده قبل دخوله السجن.

فالصليبيون قد تركوا حكم العراق لأذنابهم من مشركي الرافضة بعد أن أثخنتهم الجراح وأنهكتهم التكاليف، والمجاهدون منحازون في الصحاري والقفار بعد زمن من العزّ والتمكين، أعلنوا فيها دولتهم، وبايعوا فيها إمامهم، فيما الفصائل قد ذابت واندثرت تماما، بعد أن سقط أغلبها في فتنة الصحوات، وأحبطوا كل أعمالهم بوقوعهم في الردّة الصريحة، وأنظمة حكم الطواغيت باتت تتساقط في عدة دول لتأذن بمرحلة جديدة من مراحل التمكين لدين الإسلام، مفتاحها مشاركة مجاهدي الدولة الإسلامية في قتال طاغوت الشام بشار الأسد.

خرج الشيخ من سجنه فوجد إخوانه الذين كانوا معه في (مجلس شورى المجاهدين) في انتظاره ليأخذ مكانه من جديد في صفوف (دولة العراق الإسلامية) التي بلغه نبأ قيامها وهو في الأسر، وكان أميرا لجنودها ومعلما ومرجعا لهم في السجون التي تنقل بينها، فجدّد البيعة لأمير المؤمنين الشيخ أبي بكر البغدادي -حفظه الله- بعد أيام قليلة من خروجه، وانطلق يخدم دولة الإسلام جنديا من جنودها، لا يبالي بتاريخه القديم، ولا بقدره عند تلاميذه أو أقرانه، ولا حتى بما حازه من علم وتجارب، بل وضع نفسه تحت تصرف إخوانه ممّن كان كثير منهم تحت إمرته قبل السجن وأثناءه، ولم يكن إخوانه ليكفروا العشير، ولا لينكروا المعروف، ولا ليجهلوا مقادير الرجال، وقيمة العلماء المجاهدين، فأنزلوه المنزل الذي يليق بأمثاله، وسعوا ليستفيدوا من علمه وتجربته خير استفادة.

فكانت أولى المهام الملقاة على عاتقه الاتصال بالجماعات المقاتلة خارج العراق وخاصة أفرع (تنظيم القاعدة) في العالم، ليفتح معهم قناة للتواصل بعد انقطاع دام سنين، بسبب الظروف الأمنية، وبسبب ما جرى من القائمين على التنظيم من تهجم على الدولة الإسلامية ظنّه الإخوة وليد جهل بالحال، بسبب حجم التشويه الإعلامي لسمعة الدولة الإسلامية، فأرسل الشيخ أبو علي إليهم عدة رسائل يوضح لهم بعض القضايا التي كان يظنّها أشكلت عليهم، وهو يحسب نفسه يخاطب أقواما على منهج الشيخ الزرقاوي -تقبلّه الله- الذي عرفه ورضي منهجه وبايعه على ذلك الأساس، فكانت تلك الرسائل بدايةً لعودة الاتصال بين الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة وفروعها.

وفي تلك الأثناء كان جنود الدولة الإسلامية في الشام قد صارت لهم شوكة وانتشار واسع، ومع أخبار الفتوحات والانتصارات كانت التقارير الواردة من الشام إلى العراق لا تبشّر بخير، وخاصّة فيما يتعلق بانحراف القائمين على العمل هناك عن منهج الدولة الإسلامية، وسعيهم المبكر لاسترضاء طوائف الشرك والردّة، وسوء إدارتهم، وقوة العصبيات العشائرية والمناطقية داخل الصف، ما يهدّد فعليا بانهيارها أو اختطافها من قبل زمرة من الخونة المتآمرين.

فقرّر أمير المؤمنين إيفاد من ينوب عنه للاطلاع على حقيقة الوضع، والتأكد من صحة التقارير، فوقع اختياره على الشيخ أبي علي لأداء هذه المهمّة لعدّة أسباب، على رأسها معرفة الشيخ بالجولاني في مرحلة سجنه، حيث كان معه في بعض الفترات، وكان ذلك الماكر يظهر له التقدير والاحترام داخل السجن وبعده، إلى درجة أنه كان يخاطبه في رسائله إليه بصيغة (والدي العزيز)، والشيخ يحسن به الظن، ويرى أن الشهادات ضده من جنس الخصومات التي تنشأ كثيرا بين الجنود وأمرائهم، أو بين الأقران من الأمراء.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
الثلاثاء 12 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال القصة كاملة، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

صحيفة النبأ - العدد 43 واقعدوا لهم كلّ مرصد لا تمر أيّام إلا ويسمع الناس أنباء عن عمليات ...

صحيفة النبأ - العدد 43
واقعدوا لهم كلّ مرصد


لا تمر أيّام إلا ويسمع الناس أنباء عن عمليات كبيرة ينفّذها جنود الخلافة في المناطق التي هي خارج سيطرتهم، سواء منها ما انحازوا عنه تحت ضغط القصف والتدمير، أو التي لم يتمكّنوا منها سابقاً.

فتتوالى التفجيرات والعمليات الاستشهادية والانغماسية في مناطق بغداد وديالى وصلاح الدين والبركة والقامشلي وعين الإسلام وسد الفاروق وغيرها، بالإضافة إلى العمليات المباركة لجنود الخلافة ضد الصليبيين في أنحاء العالم المختلفة، موقعة في صفوف المشركين والمرتدين المئات من القتلى والجرحى، ومسببة لهم المزيد من الرعب والخوف في المناطق التي يحسبونها آمنة من ضربات جنود الخلافة، وغير بعيد عنا الإعلان الأخير عن توجيه ضربة موجعة لمرتدي الصحوات على الحدود التركية المصطنعة أثناء انتقالهم لقتال الدولة الإسلامية في ريف حلب الشمالي.

إن المرتدين بكل أنواعهم ومِن ورائهم أسيادهم الصليبيون يخطئون كثيرا عندما يظنون أن إخراج الدولة الإسلامية من منطقة ما بقصف جوي عنيف، أو حادثة غدر وخيانة، سيجعلها تيأس من العودة إليها، أو ترضى ببقاء الكفار فيها آمنين مطمئنين، وهم بهذا الظن يفضحون جهلهم بالعقيدة التي يحملها جنود الدولة الإسلامية، والمنهج الذي يسيرون عليه في جهادهم.

فمِن أُسُس التوحيد الراسخة عند جنود الخلافة -بفضل الله- أنهم لا يكفّون عن قتال المشركين حتى يخضعوهم لدين الله وأحكامه، إسلاما منهم، أو جزية وصغارا عليهم، أو عهدا من إمام المسلمين إليهم، ولا يكفّون عن قتال المرتدين حتى يتوبوا من ردّتهم ويصلحوا ما أفسدوه من دينهم ويعودوا إلى دائرة الإسلام، وأن ذلك من أعلى صور إعلانهم الولاء للتوحيد وأهله، والبراء من الشرك وأهله.

وشواهد التاريخ تثبت أن مجاهدي الدولة الإسلامية لم يتركوا يوما المرتدين ينعمون بالأمن والأمان ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، وشعارهم قول ربهم: {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ} [التوبة : 14]، ولا أدلّ على ذلك من السنوات التي تلت خروج الصحوات في العراق، حيث انحاز المجاهدون إلى الصحراء، تاركين خلفهم عشرات المجاهدين الأخفياء من جنود المفارز الأمنية الذين أمعنوا في المرتدين قتلا وتنكيلا، والذين نغصوا على المرتدين عيشهم، وأقلقوا راحتهم، وخلخلوا صفوفهم، وأنهكوا جيوشهم وشرطهم وأجهزة مخابراتهم، حتى أذن الله بعودة فرسان الصحراء لينقضّوا على المرتدين داخل حصونهم وهم مرهقون من حصائد أيدي أسود الكواتم والعبوات والعمليات الاستشهادية، وهذا ما ستستمر عليه -بإذن الله- إلى أن يفصل الله بينها وبين القوم المجرمين في كل مكان.

فما لم تطأه حوافر خيل جيش الخلافة من الأرض في واضحة النهار، تسلل إليها أحفاد محمد بن مسلمة -رضي الله عنه- في ظلام الليل ليجوسوا خلال الديار ويتبّروا ما علوا تتبيرا.

وكما فرح الروافض والصحوات في العراق من قبل بانحياز جنود الدولة الإسلامية من مناطق تمكينهم، فرح مرتدو الصحوات وملاحدة الأكراد بذلك في الشام، دون أن يعتبروا بمن سبقهم، أو يتعلموا من دروسهم، أو يستمعوا لنصح دولة الخلافة لهم بالتوبة والرجوع إلى الله، ليحقنوا بذلك دماءهم، ويأمنوا على أنفسهم وأموالهم.

إن حرب المفارز الأمنية ضد المرتدين لا زالت في بدايتها، ولا يمرّ يوم إلا ويزداد المجاهدون فيه خبرة على خبرتهم بطرق خداع أعدائهم، وإفشال خططهم الأمنية، وتجاوز الحدود والعقبات التي ينصبونها في طريق المجاهدين لتقيهم من ضرباتهم، وما ضربات باريس وبروكسل عنّا ببعيد، وما من يوم يمرّ إلا ويهدي الله به أقواما إلى التوحيد، ويحبب إلى قلوبهم الهجرة والجهاد، فمن عجز منهم عن الوصول إلى دار الإسلام، قرر جهاد المشركين والمرتدين في عقر دار الكفر.

وعلى المرتدين من جنود فصائل الصحوات في الشام أن يراجعوا أنفسهم، ويرجعوا إلى دينهم، ويتوبوا مما أوقعهم به قادتهم من الردّة بمظاهرتهم للمشركين على المسلمين من جنود الدولة الإسلامية وامتناعهم بشوكة عن التزام شرائع الدين، وأن يعلموا أن قادتهم ومَن وراءهم مِن حلفائهم طواغيت العرب والعجم غير قادرين على حماية أنفسهم من ضربات المجاهدين، فلن يستطيعوا حمايتهم من باب أولى، وعليهم أن يعلموا أنهم لن يستطيعوا حماية أنفسهم إلا بإعلان التوبة إلى الله، فيأمنوا بذلك من عذابَي الدنيا والآخرة بإذن الله، قال تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 43
الثلاثاء 12 ذو القعدة 1437 ه‍ـ
...المزيد

نبي الملحمة، صلى الله عليه وسلم.. جهاد حتى الممات [2/2] فكم هي عظيمة منزلة الشهادة في سبيل ...

نبي الملحمة، صلى الله عليه وسلم.. جهاد حتى الممات
[2/2]


فكم هي عظيمة منزلة الشهادة في سبيل الله حتى يتمناها النبي الذي اصطفاه الله وكرمه وختم به الرسالة! وكم هو عظيم أجر الجهاد في سبيل الله حتى يودُّ النبي -صلى الله عليه وسلم- ألا يتخلف عن سرية تغزو في سبيل الله، ولو عاد المرء إلى السيرة لوجد أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد خرج بنفسه في إحدى وعشرين غزوة على الصحيح من الأقوال. [انظر: النبي القائد]، «وأما البعوث والسرايا؛ فعدّ ابن إسحاق ستا وثلاثين....» وزاد غيره على ذلك [انظر: النبي القائد]، أي بمجموع سبع وخمسين غزوة وسرية في مدة عشر سنوات، بمعدل خمس إلى ست غزوات وسرايا في السنة.

وحتى بعد عقد الرسول -صلى الله عليه وسلم- الصلح مع قريش عام الحديبية في آخر السنة السادسة من الهجرة، فإنه -صلى الله عليه وسلم- لم يخلد إلى الراحة والاستقرار بعد ست سنوات خاض فيها الصحابة ما خاضوا من الحروب وفقدوا من فقدوا من الأهل والأولاد والأموال، بل خرج إلى خيبر أول سنة سبع من الهجرة.

قال ابن كثير: «وقال موسى بن عقبة: لما رجع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الحديبية مكث عشرين يوما أو قريبا من ذلك، ثم خرج إلى خيبر وهي التي وعده الله إياها»، فمكّنه الله من فتح حصونها وقتل اليهود وإخراجهم واغتنام ما بأيديهم، ثم في جمادى الأولى من السنة ذاتها، أرسل الرسول -صلى الله عليه وسلم- جيشاً قوامه ثلاثة آلاف مقاتل إلى مؤتة من أرض الشام ليؤدب النصارى العرب الذين قتلوا رسوله إليهم؛ حتى لا تضيع هيبة المسلمين ودولتهم، وواجه المسلمون في هذه المعركة مائتي ألف مقاتل من النصارى؛ نصفهم من العرب والنصف الآخر من الروم، وسقط فيها قادة الجيش الثلاثة الذين سماهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شهداء، وهم جعفر بن أبي طالب ابن عمه وحبيبه، وزيد بن حارثه حِبُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعبد الله بن رواحة، رضي الله عنهم جميعاً.

ثم منّ الله -عز وجل- بعد ذلك على النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه بفتح مكة ثم حنين ثم غزو الطائف ثم ما كان من تبوك وغيرها من السرايا والبعوث التي بذل فيها الصحابة -رضي الله عنهم- الأنفس والأموال، وفقد فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- الأقارب والأحباب، فلم تكن الانتصارات يوما بلا ثمن.

وتوفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يُعد سرية أسامة (ابن شهيد مؤتة زيد بن حارثة)، جهزه ليقاتل القوم ذاتهم، وتوفي -صلى الله عليه وسلم- قبل إنفاذ بعث أسامة -رضي الله عنه- فأنفذه الصديق -رضي الله عنه- من بعده.
فيا من تدّعون محبّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أين أنتم من سيرته؟ أوليس فيها أسوة حسنة لكم؟ ما لكم جعلتم أسوة لكم الأئمة المضلّين الذين يجهدون كل الجهد في أن يغيروا معالم هذه العبادة العظيمة، أو يجعلوها من نوافل الطاعات بعد أن يشترطوا لها من الاشتراطات ما لم ينزل الله به من سلطان.

أولئك الضالون الذين أطنبوا وأكثروا من الحديث عن السلام في الإسلام وصغروا من شأن الجهاد في سبيل الله، وأدخلوا فيه ما ليس منه تبريراً لقعودهم عنه، ثم قللوا من شأنه بادعائهم أن الجهاد الأكبر جهاد النفس وما عداه أصغر، ودعوا إلى السلم وأوّلوا قوله تعالى: {يا أيُّها الّذِين آمنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كافّةً ولا تتّبِعُوا خُطُواتِ الشّيْطانِ إِنّهُ لكُمْ عدُوٌّ مُبِينٌ} [البقرة: 208] بالدخول في السلام مع أنّ المراد بها الدخول في شرائع الإسلام كافة دون ترك بعضها، وليس مسالمة الأعداء كما زعموا [انظر: تفسير ابن كثير].
وأين هم من جهاد النبي -صلى الله عليه وسلم- وجهاد أصحابه والتابعين؟ وأين هم من قوله تعالى: {فإِذا انْسلخ الْأشْهُرُ الْحُرُمُ فاقْتُلُوا الْمُشْرِكِين حيْثُ وجدْتُمُوهُمْ وخُذُوهُمْ واحْصُرُوهُمْ واقْعُدُوا لهُمْ كُلّ مرْصدٍ فإِنْ تابُوا وأقامُوا الصّلاة وآتوُا الزّكاة فخلُّوا سبِيلهُمْ إِنّ اللّه غفُورٌ رحِيمٌ}[التوبة: 5]؟ وأين هم من قوله تعالى: {يا أيُّها الّذِين آمنُوا قاتِلُوا الّذِين يلُونكُمْ مِن الْكُفّارِ ولْيجِدُوا فِيكُمْ غِلْظةً واعْلمُوا أنّ اللّه مع الْمُتّقِين} التوبة: 123]؟ أم أنّ هذه الآيات نزلت تخاطب قوما آخرين ولا تعني مدّعي العلم بشيء؟

وأما أنتم يا جند الخلافة فهنيئاً لكم اتباع سنة نبيكم، وسيركم تحت لوائه وائتماركم بأمره في جهاد أعداء الله مهما كثروا ومهما تجهزوا، فأنتم جند الله -عز وجل- وأتباع رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: {ولقدْ سبقتْ كلِمتُنا لِعِبادِنا الْمُرْسلِين * إِنّهُمْ لهُمُ الْمنْصُورُون * وإِنّ جُنْدنا لهُمُ الْغالِبُون} [الصافات: 171-173].

حشرنا الله وإياكم تحت لواء النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة، وسقانا من يده الشريفة شربة ماء لا نظمأ بعدها أبدا.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 42
الثلاثاء 5 ذو القعدة 1437 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

لماذا يرتعد العالم خوفاً من الدَّولة الإسلامية؟ » لأن كفار العالم لم يتعوّدوا على سماع أحد ...

لماذا يرتعد العالم خوفاً من الدَّولة الإسلامية؟


» لأن كفار العالم لم يتعوّدوا على سماع أحد يخاطبهم بهذه اللهجة منذ عقودٍ مضت عندما خاطب أمير المؤمنين أبو بكر البغدادي العالم أجمع مُقسماً على الله قائلاً بلسان العزَّة: "فوالله لنثأرن والله لنثأرن ولو بعد حين لنثأرن ولنردَّ الصاع صاعات والمكيال مَكاييل" ثم أكمل قائلا:
"وعمَّا قريبٍ بإذن الله ليأتينَّ يوم يمشي فيه المُسلم في كلِّ مكان سيداً كريماِ مهاباً، مرفوع الرأس محفوظ الكرامة، لا تتجرأ عليه جهةً إلا وتؤدب، ولا تمتدُّ إليه يدُ سوءٍ إلا وتُقطع"


» عندها استفاقت أمريكا على هذا الخطر العظيم فحشَّدت وألَّبت العالم أجمع على هذه الطائفة، عندما سمعوا لهجة الشيخ البغدادي علموا أن هذه الطائفة ليست كغيرها عندما أكمل قائلا: "ألا فليعلم العالم أننا اليوم في زمان جديد، ألا مَن كان غافلاً فلينتبه، ألا مَن كان نائما فليفق، ألا فليعِ من كان مصدوماً مذهولاً، إن للمسلمين اليوم كلمة عالية مدوّية وأقداماً ثقيلة، كلمةً تُسمع العالم وتفهمه معنى الإرهاب، وأقداماً تدوس وثن القومية وتحطم صنم الديمقراطية وتكشف زيفها، فاسمعي يا أمة الإسلام، اسمعي وعي وقومي انهضي"

عندها فقط أدرك #العم_سام أن لا تفاوض مع هؤلاء القوم
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً