تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ (٢/٢) شكر الإنعام فرض وأما مسألة كفران العشير فهي ...

تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ

(٢/٢)
شكر الإنعام فرض

وأما مسألة كفران العشير فهي مما عمت بها البلوى بين النساء وطمت، إلا من رحم الله، والكفران جحود النعم وسترها وإخفاؤها وضده الشكران، وقد ورد تفسيره في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (أُرِيت النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن) قيل: أيكفرن بالله؟ قال: (يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط).

قال ابن رجب، رحمه الله: «قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرحه: مراد المصنّف أن يبيّن أن الطاعات كما تسمى إيمانا كذلك المعاصي تسمى كفرا لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد الكفر المخرج من الملة، قال وخص كفران العشير من بين أنواع الذنوب لدقيقة بديعة وهي قوله، صلى الله عليه وسلم: (لو أَمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها). فقرَنَ حق الزوج على الزوجة بحق الله فإذا كفرت المرأة حق زوجها وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية كان ذلك دليلا على تهاونها بحق الله، فلذلك يطلق عليها الكفر لكنه كفر لا يخرج عن الملة» [ابن رجب: فتح الباري].

وقال النووي: «وفيه أن كفران العشير والإحسان من الكبائر فإن التوعد بالنار من علامة كون المعصية كبيرة».

وقال ابن بطال: «وفي هذا الحديث تعظيم حق الزوج على المرأة، وأنه يجب عليها شكره والاعتراف بفضله؛ لستره لها وصيانته وقيامه بمؤنتها وبذله نفسه في ذلك، ومن أجل هذا فضّل الله الرجال على النساء في غير موضع من كتابه، فقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، وقال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228]، وقد أمر -عليه السلام- من أسديت إليه نعمة أن يشكرها، فكيف نعم الزوج التي لا تنفك المرأة منها دهرها كله؟

وقد قال بعض العلماء: شكر الإنعام فرض. واحتج بقوله، عليه السلام: (من أسديت إليه نعمة فليشكرها)، وبقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]، فقَرَنَ بشكره شكر الآباء، قال: فكذلك شكر غيرهم واجب، وقد يكون شكر النعمة في نشرها، ويكون في أقل من ذلك، فيجزئ فيه الإقرار بالنعمة والمعرفة بقدر الحاجة» [شرح صحيح البخاري].

وقال الشوكاني: «وكثيرا ما ترى المرأة إذا كلمها القريب بكلمة حسنة، وأظهر لها أدنى محبة كانت في تلك الحالة طيبة النفس بأن تصيِّر إليه جميع ما تملكه وإن كان بآلاف مؤلفة، وإذا أظهر لها أدنى خشونة، وأبدى لها بعض الميل عنها كانت أشد الناس عداوة له وبغضا، وربما تمنت حال فورة غضبها نزول العظائم به، التي لو نزل عليه بعضها في تلك الحال وهي ثائرة الغضب لعادت باكية عليه».

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان

وإن المتأمل في حال كثير من النساء يرى أن الكفران لا يتأتى منهن في حق الزوج وحسب، وإن كان له منه النصيب الأوفر، بل ويكون أيضا في كثير من الأحيان في حق صديقات المرأة وجاراتها بل وحتى أبنائها، أناس يحسنون إليها ويكرمونها، ومع أول مشكلة قد تحدث ينها و بينهم تكفر كل خير رأته منهم، وتنسى كل معروف أتاها منهم، وكأنها قد جُبلت على هذا الطبع والعياذ بالله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من لم يشكر الناس، لم يشكر الله) [رواه الترمذي وغيره]؛ قال المباركفوري: «قوله: (من لم يشكر الناس... إلخ) قال الخطابي هذا يُتأول على وجهين؛ أحدهما أن من كان من طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان من عادته كفران نعمة الله تعالى وترك الشكر له، والوجه الآخر أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر» [تحفة الأحوذي].

ولا خير في خل يخون خليله
ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده
ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا

وختاما نعود ونقول للأخت المسلمة؛ اللهَ اللهَ في لسانك، تلك العضلة التي قد تلقي بك في نار جهنم، والله الله في زوجك، فواللهِ لن تؤدي حق ربك حتى تؤدي حق زوجك.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ (٢/٢) شكر الإنعام فرض وأما مسألة كفران العشير فهي ...

تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ

(٢/٢)
شكر الإنعام فرض

وأما مسألة كفران العشير فهي مما عمت بها البلوى بين النساء وطمت، إلا من رحم الله، والكفران جحود النعم وسترها وإخفاؤها وضده الشكران، وقد ورد تفسيره في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: (أُرِيت النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن) قيل: أيكفرن بالله؟ قال: (يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط).

قال ابن رجب، رحمه الله: «قال القاضي أبو بكر بن العربي في شرحه: مراد المصنّف أن يبيّن أن الطاعات كما تسمى إيمانا كذلك المعاصي تسمى كفرا لكن حيث يطلق عليها الكفر لا يراد الكفر المخرج من الملة، قال وخص كفران العشير من بين أنواع الذنوب لدقيقة بديعة وهي قوله، صلى الله عليه وسلم: (لو أَمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها). فقرَنَ حق الزوج على الزوجة بحق الله فإذا كفرت المرأة حق زوجها وقد بلغ من حقه عليها هذه الغاية كان ذلك دليلا على تهاونها بحق الله، فلذلك يطلق عليها الكفر لكنه كفر لا يخرج عن الملة» [ابن رجب: فتح الباري].

وقال النووي: «وفيه أن كفران العشير والإحسان من الكبائر فإن التوعد بالنار من علامة كون المعصية كبيرة».

وقال ابن بطال: «وفي هذا الحديث تعظيم حق الزوج على المرأة، وأنه يجب عليها شكره والاعتراف بفضله؛ لستره لها وصيانته وقيامه بمؤنتها وبذله نفسه في ذلك، ومن أجل هذا فضّل الله الرجال على النساء في غير موضع من كتابه، فقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء: 34]، وقال: {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228]، وقد أمر -عليه السلام- من أسديت إليه نعمة أن يشكرها، فكيف نعم الزوج التي لا تنفك المرأة منها دهرها كله؟

وقد قال بعض العلماء: شكر الإنعام فرض. واحتج بقوله، عليه السلام: (من أسديت إليه نعمة فليشكرها)، وبقوله: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} [لقمان: 14]، فقَرَنَ بشكره شكر الآباء، قال: فكذلك شكر غيرهم واجب، وقد يكون شكر النعمة في نشرها، ويكون في أقل من ذلك، فيجزئ فيه الإقرار بالنعمة والمعرفة بقدر الحاجة» [شرح صحيح البخاري].

وقال الشوكاني: «وكثيرا ما ترى المرأة إذا كلمها القريب بكلمة حسنة، وأظهر لها أدنى محبة كانت في تلك الحالة طيبة النفس بأن تصيِّر إليه جميع ما تملكه وإن كان بآلاف مؤلفة، وإذا أظهر لها أدنى خشونة، وأبدى لها بعض الميل عنها كانت أشد الناس عداوة له وبغضا، وربما تمنت حال فورة غضبها نزول العظائم به، التي لو نزل عليه بعضها في تلك الحال وهي ثائرة الغضب لعادت باكية عليه».

هل جزاء الإحسان إلا الإحسان

وإن المتأمل في حال كثير من النساء يرى أن الكفران لا يتأتى منهن في حق الزوج وحسب، وإن كان له منه النصيب الأوفر، بل ويكون أيضا في كثير من الأحيان في حق صديقات المرأة وجاراتها بل وحتى أبنائها، أناس يحسنون إليها ويكرمونها، ومع أول مشكلة قد تحدث ينها و بينهم تكفر كل خير رأته منهم، وتنسى كل معروف أتاها منهم، وكأنها قد جُبلت على هذا الطبع والعياذ بالله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من لم يشكر الناس، لم يشكر الله) [رواه الترمذي وغيره]؛ قال المباركفوري: «قوله: (من لم يشكر الناس... إلخ) قال الخطابي هذا يُتأول على وجهين؛ أحدهما أن من كان من طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم كان من عادته كفران نعمة الله تعالى وترك الشكر له، والوجه الآخر أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر» [تحفة الأحوذي].

ولا خير في خل يخون خليله
ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده
ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا

وختاما نعود ونقول للأخت المسلمة؛ اللهَ اللهَ في لسانك، تلك العضلة التي قد تلقي بك في نار جهنم، والله الله في زوجك، فواللهِ لن تؤدي حق ربك حتى تؤدي حق زوجك.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ (١/٢) لقد حذَّرت شريعتنا الغراء -قرآنا وسنة- نساء ...

تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ وَتَكْفُرْنَ العَشيرَ

(١/٢)
لقد حذَّرت شريعتنا الغراء -قرآنا وسنة- نساء أمتنا من جملة من المثالب والمعائب، التي قد تورد صاحبتها المهلكة، ومن تلكم الطباع السيئة المنهي عنها، التي لازمت كثيرا من النساء، كثرة اللعن وكفران العشير.

فعن أبي سعيد الخدري، قال: خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمرّ على النساء، فقال: (يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار) فقلن: وَبِمَ يا رسول الله؟ قال: (تكثرن اللعن، وتكفرن العشير) [متفق عليه].

ولتعلم المرأة اللعّانة، أن اللعن يعني الطرد من رحمة الله تعالى، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (لعن المؤمن كقتله) [رواه البخاري ومسلم عن ثابت بن الضحاك].

وعن أمِّ الدرداء قالت: سمعتُ أبا الدرداء يقول: قال رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم: (إن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء، فتغلق أبواب السماء دونها، ثم تهبط إلى الأرض، فتغلق أبوابها دونها، ثم تأخذ يمينا وشمالا، فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لُعِن، فإن كان لذلك أهلا، وإلا رجعت إلى قائلها) [رواه أبو داود].

أوبعد هذا تجرؤ مسلمة على اللعن؟ فكم من امرأة تلعن نفسها في اليوم مرات ومرات وهي لا تدري! بل إن من النساء من لا تجلد بسياط لعناتها إلا ظهور أطفالها المساكين، فما إن تغضب حتى تفريهم بلسانها فريا؛ شتما ولعنا، وما –والله- تلك بأخلاق المؤمنات الصالحات!

عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا ينبغي لصِدِّيق أن يكون لعّانا) [رواه مسلم].

ليس المؤمن بلعّان

وعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا ينبغي للمؤمن أن يكون لعّانا) [رواه الحاكم].

وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ليس المؤمن بطعّان، ولا بلعّان، ولا الفاحش البذيء) [رواه أحمد والترمذي].
وعن زيد بن أسلم، أن عبد الملك بن مروان، بعث إلى أم الدرداء بأنجاد [جمع نجد وهو متاع البيت الذي يزينه] من عنده، فلما أن كان ذات ليلة، قام عبد الملك من الليل، فدعا خادمه، فكأنه أبطأ عليه، فلعنه، فلما أصبح قالت له أم الدرداء: سمعتك الليلة، لعنت خادمك حين دعوته، فقالت: سمعت أبا الدرداء يقول: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يكون اللعّانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة) [رواه مسلم].

وطعّان ولعّان وردتا بصيغة فعّال التي تفيد كثرة الفعل، فالطعّان الذي يطعن في أعراض المسلمين ويقدح فيها، واللعّان الذي يكثر من لعن المسلمين والمسلمات ويسب ويشتم دون رادع أو وازع، والفاحش البذيء الذي لا يتورّع عن التلفظ بكلام فاحش، والجهر بألفاظ قبيحة تشمئز منها النفوس الطيبة وتتأذى منها الأسماع.

ما له... ترب جبينه!

وأين المسلمة من أخلاق نبينا -صلى الله عليه وسلم- الذي قال عنه خادمه أنس بن مالك، رضي الله عنه: لم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- سبّابا، ولا فحّاشا، ولا لعّانا، كان يقول لأحدنا عند المعتبة: (ما له ترب جبينه) [رواه البخاري].
بل إنه قد نهى عن لعن الدواب فكيف بلعن مسلم أو مسلمة؟!

فقد روى مسلم عن أبي برزة الأسلمي، قال: بينما جارية على ناقة، عليها بعض متاع القوم، إذ بصرت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وتضايق بهم الجبل، فقالت: حَلْ، اللهم العنها، قال: فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: (لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة).

وفي رواية أخرى؛ عن عمران بن حصين، قال: بينما رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض أسفاره، وامرأة من الأنصار على ناقة، فضجرت فلعنتها، فسمع ذلك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (خذوا ما عليها ودعوها، فإنها ملعونة) قال عمران: فكأني أراها الآن تمشي في الناس، ما يعرض لها أحد [رواه مسلم].

نعم ناقة تركوها لأنها لُعِنت، وبعض النساء اليوم لا نبالغ إن نحن قلنا أن جلّ أدوات مطابخهن قد لُعنت وهذا من المضحكات المبكيات؛ فالسكين يجرحها فتلعنه، والصحن يقع من يدها فتلعنه، وإبريق الشاي الساخن يلسعها فتلعنه، وهكذا فلا يكاد يسلم شيء من لسانها، أصلحها الله.

فلتتقِ المسلمة الله في نفسها وفيمن حولها وإن كان جمادا لا حراك فيه، ولتنزه لسانها عن كل ما يخل بالإيمان ويطمس الحياء، وليكن لسانها رطبا بما زان وحسن، لا بما شان وساء.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده ...

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى

مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده أمريكا، زادت آمال الشركاء المتشاكسين، والخصوم المتنافسين، المنضوين تحت قيادة التحالف باقتراب موعد حسم المعارك، فانطلقوا يستعجلون أخذ حصتهم من الغنائم التي وعدهم بها أسيادهم الصليبيون، ما دفعهم إلى التنازع فيما بينهم على الأرض والثروات التي يمنّي كل منهم نفسه أن تكون ثمنا للخسائر الكبيرة التي مُني بها في حربه مع الدولة الإسلامية.

وعلى الجانب الآخر تقف أمريكا الصليبية وهي تحاول أن تمنع تحوّل هذا التنازع إلى صراع وقتال، يؤثر على مجريات حربهم على الدولة الإسلامية.

- الصراع بين الحكومتين المرتدتين في طرابلس وطبرق

وسعيا لإرضاء الصليبيين عنهم، تحملت «حكومة الوفاق» المرتدة خسائر كبيرة في أرواح جنودها في معركة سرت التي اندفعوا فيها لقتال الدولة الإسلامية بدعم وغطاء جوي من التحالف الصليبي الدولي، ومع سيطرتهم على أجزاء واسعة في المدينة ظنوا أنه قد اقترب موعد الجائزة التي يطلبون الحصول عليها من الصليبيين لقاء قتالهم جنود الخلافة، وإزالتهم سلطان الشريعة الإسلامية عن مدينة سرت.

ولكن فاجأهم الطاغوت (حفتر) بسيطرته على منطقة الهلال النفطي، وحرمانهم بذلك من الموارد المالية الضخمة التي تحتويها تلك المنطقة، بالإضافة لكونها مصدر قوة لمن يملكها بإجباره الدول الأجنبية على التعامل معه للحصول على النفط الليبي الذي يُصدر أغلبه من موانئها، وتمكن حفتر بذلك من سحب البساط من تحت أقدام «حكومة الوفاق» المرتدة ليعطي مزيدا من القوة لحكومته في طبرق.

وردا على ذلك كثرت التسريبات عن احتمال نشوء صراع بين الطرفين على منطقة الهلال النفطي، الذي يغلب أن يتحول إلى حرب مفتوحة في ظل التهديد الكبير الذي بات يشكله الطاغوت حفتر على «حكومة الوفاق» المرتدة، هذا عدا الصراع المحتدم بين حكومتي «الوفاق» و«المؤتمر الوطني» ويسعى كل منهما إلى استلام السلطة في البلاد.

وبالتالي فإن الوضع في ليبيا مرشح للمزيد من الصراعات والنزاعات والتقاتل بين أطراف المرتدين المختلفة، خاصة مع أماني هذه الأطراف بقرب انتهاء المعارك مع الدولة الإسلامية التي تشكل عدوا مشتركا لهم جميعا.

- وإن تصبروا وتتقوا لا يضرّكم كيدهم شيئا

إن المشركين في كل زمان يجمعهم العداء للإسلام وأهله، وتُفرِّقهم المصالح، وإنَّ توقفَ الصراعات بين تلك الأصناف من المشركين التي ذكرناها إنما هو لفترة مؤقتة ليتفرغوا لقتال الدولة الإسلامية، التي ظنوا أن القضاء عليها سهل يسير فإذا بهم يقضون أعواما بانتظار حسم المعارك معها، وهو ما لم يروه إلى الآن، ولن يروه -بإذن الله- إلا والنتيجة بعكس ما كانوا يتمنون.

فلمّا طال عليهم الأمد، وخدعهم شياطينهم بقرب انتهاء المعارك ضد عدوهم المشترك، عادوا اليوم يتربصون ببعضهم، بل وبدأت بوادر الحرب بينهم تزداد وضوحا.

وإن صبر مجاهدي الدولة الإسلامية اليوم، وثباتهم، وزيادة نكايتهم في أعدائهم، وتمكّنهم من إطالة أمد الحرب لفترة أطول، من شأنه أن يزيد من الضغط على أطراف المرتدين المختلفة، ويدفع كلا منها إلى أن يسعى في سبيل مصالحه، منازعا خصومه عليها، وبالتالي تفريق الأحزاب التي اجتمعت على قتال الدولة الإسلامية اليوم، بإذن الله، ونسأل الله تعالى أن يحقق فيهم قوله: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا} [الأحزاب: 25]، وأن يعيننا على الكرّة عليهم، إنه على كل شيء قدير.

• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده ...

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى

مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده أمريكا، زادت آمال الشركاء المتشاكسين، والخصوم المتنافسين، المنضوين تحت قيادة التحالف باقتراب موعد حسم المعارك، فانطلقوا يستعجلون أخذ حصتهم من الغنائم التي وعدهم بها أسيادهم الصليبيون، ما دفعهم إلى التنازع فيما بينهم على الأرض والثروات التي يمنّي كل منهم نفسه أن تكون ثمنا للخسائر الكبيرة التي مُني بها في حربه مع الدولة الإسلامية.

وعلى الجانب الآخر تقف أمريكا الصليبية وهي تحاول أن تمنع تحوّل هذا التنازع إلى صراع وقتال، يؤثر على مجريات حربهم على الدولة الإسلامية.

- الصراع بين الحكومة التركية المرتدة والـ PKK المرتدين

وبالمثل فإن نموذجا مشابها من الصراع بدأت ملامحه تزداد وضوحا في الشام، بين تركيا والـ PKK المرتدين، اللذين يعمل كلاهما تحت ظل التحالف الصليبي الدولي.

فبعد سنوات من غض الحكومة التركية المرتدة الطرف عن تقدم الـ PKK وفرض سيطرتهم على الأرض بمساعدة التحالف الصليبي الدولي والنظام النصيري، قرر الجيش التركي أن يضع حدا أمام مساعي الـ PKK، ومنعهم من إقامة إقليمهم المستقل على حدودهم الجنوبية، خاصة في ظل أماني التحالف الصليبي الدولي وعملائهم من الـ PKK باقتراب حسم المعارك ضد الدولة الإسلامية في الشام، والسيطرة على كامل ولايتي حلب والرقة.

وفي سبيل ذلك بادرت الحكومة العلمانية التركية المرتدة بتقديم المزيد من الخدمات للتحالف الصليبي الدولي، وذلك بالزج بجيشهم في حرب مباشرة مع الدولة الإسلامية، فضلا عن دعم الآلاف من الصحوات المرتدين بالسلاح والتدريب، وتقديم الغطاء الجوي لهم، وقصف المدن والقرى التي تسيطر عليها الدولة الإسلامية بالآلاف من الصواريخ وقذائف المدفعية والدبابات، وذلك كله في سبيل الحصول على الرضا الأمريكي عنهم، وتقديم أنفسهم بديلاً للـ PKK في مسك الأرض التي تحرقها الطائرات الصليبية، لتجبر جنود الدولة الإسلامية على الانحياز عنها.

وبمجرد عبور الجيش التركي وعملائه من الصحوات الحدود في إطار العملية العسكرية التي أطلقوا عليها مسمّى «درع الفرات» بدأ الصراع بينهم وبين الـ PKK على إرضاء الأمريكيين، والتنازع بينهم على الأرض، الأمر الذي حاولت أمريكا الصليبية جهدها أن لا يتحوّل إلى حرب مفتوحة بين الطرفين، لكن تطوّرات الأوضاع في محيط مدينة الباب تشي بأن هذه الحرب باتت واقعا، مع محاولة الـ PKK منع «درع الفرات» المرتدين من الاقتراب من مدينة الباب، وبالتالي دق (إسفين) بين مناطق سيطرتهم في كل من منبج وعفرين، بل والإعلان المستمر من الحكومة التركية المرتدة عزمها على إخراج الـ PKK من منبج إلى شرق الفرات، وذلك لإنشاء الإقليم العازل الذي يطمح الأتراك إلى إنشائه منذ زمن، والذي يبدو أن فكرته بدأت تلاقي قبولا عند الروس والأمريكيين على حد سواء.

وبالتالي فإن هذا الصراع بين كل من الـ PKK من جهة، والحكومة التركية المرتدة وعملائها من الصحوات المرتدة من جهة أخرى مرشح للمزيد من التطورات، مع تزايد أماني الطرفين بقرب حسم المعارك ضد الدولة الإسلامية، وسعي كل طرف إلى السيطرة على أكبر قدر ممكن من الأرض والموارد، وترتيب الأوضاع لصالحه قبل ذلك.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده ...

تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى

مع اشتداد وطأة الحرب بين الدولة الإسلامية والتحالف الصليبي الذي تقوده أمريكا، زادت آمال الشركاء المتشاكسين، والخصوم المتنافسين، المنضوين تحت قيادة التحالف باقتراب موعد حسم المعارك، فانطلقوا يستعجلون أخذ حصتهم من الغنائم التي وعدهم بها أسيادهم الصليبيون، ما دفعهم إلى التنازع فيما بينهم على الأرض والثروات التي يمنّي كل منهم نفسه أن تكون ثمنا للخسائر الكبيرة التي مُني بها في حربه مع الدولة الإسلامية.

وعلى الجانب الآخر تقف أمريكا الصليبية وهي تحاول أن تمنع تحوّل هذا التنازع إلى صراع وقتال، يؤثر على مجريات حربهم على الدولة الإسلامية.

- الصراع بين الرافضة والمرتدين في إقليم كردستان

ولعل أوضح الأمثلة على ما يجري اليوم في مناطق إقليم كردستان، حيث أحاط البيشمركة المرتدون المناطق التي تقدموا إليها -بعد أن دمّرها الطيران الصليبي- بالسواتر الترابية، ونصبوا نقاط التفتيش على مداخل ضيقة في تلك السواتر التي عدها مراقبون بمثابة حدود مؤقتة للدولة التي يطمح مرتدو الأحزاب الكردية العلمانية في إعلانها بعد انتهاء المعارك في الموصل، لاسيما وأن بعض قادته أعلنوا أن قوات البيشمركة لن تنسحب من المناطق التي سيطرت عليها، ما دفع حلفاءهم الرافضة في بغداد إلى إطلاق تصريحات مضادة بأنهم سيتوجهون للسيطرة على تلك المناطق فور انتهاء المعارك في الموصل.

بل نجد أن التنازع امتد إلى داخل إقليم كردستان، حيث الصراع القديم بين الأحزاب الكردية المرتدة في كل من أربيل والسليمانية،فقد دفعت المعارك ضد الدولة الإسلامية وحرص أمريكا الصليبية على عدم السماح بأي صراع جانبي قد يؤثر عليها، إلى تأجيل مؤقت لحلقات الصراع، وذلك في ظل تدهور كبير في الأحوال الاقتصادية، وعجز للحكومة في أربيل عن تأمين رواتب الموظفين، وتعطل البرلمان والحكومة تماما؛ بسبب رفض مرتدي الأحزاب الكردية في السليمانية لرئاسة الطاغوت مسعود البرزاني.

ولكن مع الأماني التي تجددت لدى قادة أحزاب الردة في كردستان بقرب حسم المعارك ضد الدولة الإسلامية، وبالتالي زوال المانع الأمريكي من أي تنازع قد يؤثر على سير تلك المعارك، عاد أعداء البرزاني للضغط عليه عن طريق المظاهرات، والتهديد بإخراج أجزاء واسعة من الإقليم من سيطرة البرزاني عن طريق توحيد كل من السليمانية وجمجمال وحلبجة وكركوك في إقليم واحد محكوم ذاتيا، مستقل عن إقليم كردستان، أو حتى قطع العلاقة بين تلك المناطق وأربيل (عاصمة الإقليم)، عن طريق ربطها مباشرة بالحكومة الرافضية في بغداد.

هذا الأمر دفع الطاغوت مسعود البرزاني -أخيرا- إلى الإعلان عن استعداده للتنازل عن منصب الرئاسة لصالح غيره، دون أن يهدّئ ذلك من حدة الصراع بينه وبين شركائه في الحكومة والبرلمان، في ظل سعي كل منهم للحصول على أكثر المكاسب الممكنة من مال ونفوذ، خاصة مع شعور كل منهم أن كل طرف سيستبد بما وضع يده عليه قبل حسم المعارك في الموصل، وأن تغيير الواقع الجغرافي أو السياسي بعد انتهاء هذه المعارك سيكون في غاية الصعوبة.


• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

وسنجزي الشاكرين إن الناظر المدقق فيما اتهمت به بعض التنظيمات والأحزاب الزاعمة انتسابها للإسلام ...

وسنجزي الشاكرين


إن الناظر المدقق فيما اتهمت به بعض التنظيمات والأحزاب الزاعمة انتسابها للإسلام من أنها تستخدم الدين سُلَّما للوصول إلى السلطة يجد أنه حقيقةٌ لا افتراء، ولا أدلّ على صحّة ذلك من تضحيتهم بدين الإسلام وبيعه بأبخس الأثمان في أي مساومة تعرض عليهم من قبل الطواغيت وأسيادهم في الدول الصليبية.

فهم ينادون بالإسلام ليجمعوا حولهم الأنصار والأتباع، حتى إذا ما اشتد عودهم، ذهبوا يزاحمون الطواغيت على ما في أيديهم، مطالبين بأن يكون الحكم لله تعالى، والسلطة لأنفسهم، فلما علموا أن المشركين في العالم كله لا يرضون بأن يكون الحكم لله وحده، ساوموا الطواغيت وأسيادهم في الدول الصليبية على السلطة جاعلين الدعوة إلى حكم الله وراء ظهورهم. وأنى لهم أن يلتزموا حكم الله بعد أن جعلوا أنفسهم أندادا له؟ خاصة تلك الأحزاب التي دخلت في مجالس الطواغيت المشرّعين للقوانين الوضعية، أو في الوزارات التنفيذية الحاكمة بتلك القوانين والمتولية لهؤلاء الطواغيت؟

ثم نجدهم يزدادون تنازلا بمقدار ما يُعرضون له من الابتلاءات، أو يسعون إليه من المكاسب الدنيوية، حتى وصل بهم الأمر إلى المناداة الصريحة بالديموقراطية والعلمانية، وإعلان العداء البواح لمن يقيم شرع الله أو يدعو إليه، وموالاة اليهود والنصارى في ذلك، كما نراه واضحا جليا في حكومات الإخوان المرتدين وأحزابهم في مصر، وتركيا، وتونس، وفلسطين، وليبيا، وغيرها.

وعلى الموحّد أن يحمد الله أن عافاه من ذلك كله، إذ ما زالت الخلافة تُثبت -بفضل الله وحده- يوما بعد يوم تمسكها بدين الله، وإخلاص أمرائها وجنودها في توحيدهم لله، واتّباعهم لرسوله، صلى الله عليه وسلم، وإقامتهم للدين على هدي السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين، نحسبهم كذلك، ولا نزكي على الله أحدا، وهذا الثبات لم يكن إلا بمحض فضل الله وكرمه.

وليس مقدار الفتن الذي صُبّ على المهاجرين والأنصار بسبب تمسّكهم بدينهم هو وحده الدليل على صدقهم وإخلاصهم، إذ لم ينج من تلك الفتن أهل الأحزاب والتنظيمات التي ضلّت من قبل، ولكن العبرة في الاعتقاد والمنهاج، والثبات عليهما عند الفتن، وعدم التبديل في أحكام الإسلام، وعدم المداهنة في دين الله تعالى، إذ علموا أن لا نجاة من أن تتخطفهم عواصف الفتن إلا بمزيد من التمسّك بأصل الدين وفروعه، ومزيد من طلب العون والتثبيت من الله القوي العزيز، بطاعته فيما أمر من إقامة الدين، وجهاد المشركين، واجتناب ما نهى عنه وزجر من طاعة المشركين ومداهنتهم في الدين.

وما زالت الدولة الإسلامية -بفضل الله- تثبت أنها تبذل كل ما في يدها في سبيل أن يَسلم لرعيتها توحيدهم، ويتحقق لديهم اتباع سنّة نبيهم -صلى الله عليه وسلم- في كل جوانب حياتهم، وأن يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويأتمروا بالمعروف وينتهوا عن المنكر، وأن يكون دينهم كله لله تعالى، لا يشاركه فيه أحد من الأنداد، ولا ينازعه فيه أحد من الطواغيت.

فبعد أن مكّن الله لهم في سنين قليلة من الجهاد ما لم يمكّن لأتباع الأحزاب والتنظيمات الضالة المضلة في قرن من التنازلات والمداهنة لأعداء الله، حرص جنود الدولة الإسلامية أن يشكروا لله -عز وجل- هذه النعمة بإقامتهم للدين، ولو أدى بهم ذلك إلى أن يحاربهم عليه الإنس والجان، ورفضوا أن يبدلوا دين الله، أو أن يُنقِصوا منه، ولو دفعوا ثمنا لهذا الثبات ما كلّفهم من دماء وأشلاء، وسلاح وعتاد، وأموال.

وهذا هو دأب الأنبياء والصالحين في كل زمان ومكان، أن يحرصوا على بقاء دينهم، ويبذلوا ما في أيديهم، لينالوا ما في يد الله، ولو أدى ذلك إلى فناء الأنفس، فضلا عن المال والسلطان، كما وصفهم الله سبحانه بقوله: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُّؤَجَّلًا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ * وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَن قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ* فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 145-148].

فالثبات الثبات يا جنود الإسلام، فما هي -والله- إلا إحدى الحسنيين، والعاقبة للمتقين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 57
الخميس 1 ربيع الأول 1438 ه‍ـ
...المزيد

عبــد الله بن ياسين مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء (٢/٢) • الحكم بالشريعة ولما توفي شيخ ...

عبــد الله بن ياسين
مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء
(٢/٢)
• الحكم بالشريعة

ولما توفي شيخ كدالة قدم ابن ياسين أمير قبيلة لمتونة لتولي القيادة العسكرية، قال السلاوي: «فجمع عبد الله بن ياسين رؤوس القبائل من صنهاجة وولى عليهم يحيى بن عمر اللمتوني وعبد الله بن ياسين هو الأمير... فكان يحيى بن عمر يتولى النظر في أمر الحرب، وعبد الله بن ياسين ينظر في أمر الدين وأحكام الشرع ويأخذ الزكوات والأعشار».

واستمر المرابطون خلف أميرهم العسكري الجديد بتوجيه من فقيههم عبد الله بن ياسين يجددون للناس دينهم.

ففي سنة (446 هـ) -كما يذكر البكري- غزا ابن ياسين أودغست (جنوب موريتانيا اليوم) التي كانت منزل ملك غانة قبل دخول الإسلام، قال البكري: «وقتل فيها عبد الله بن ياسين رجلا من العرب المولّدين من أهل القيروان معلوما بالورع والصلاح وتلاوة القرآن وحجّ البيت يسمّى زباقرة، وإنّما نقموا عليهم أنّهم كانوا تحت طاعة صاحب غانة [الوثني] وحكمه» [المسالك والممالك].

وفي سنة (447 هـ) دخل المرابطون سجلماسة (جنوب المغرب اليوم) وأزاحوا ما بها من ظلم، قال السلاوي: «وغيّر ما وجد بها من المنكرات، وقَطَع المزامير وآلة اللهو، وأَحرق الدور التي كانت تباع بها الخمور، وأزال المكوس وأسقط المغارم المخزنية، ومحا ما أوجب الكتاب والسنة محوه، واستعمل على سجلماسة عاملا من لمتونة وانصرف إلى الصحراء».

وفي نهاية هذه السنة (447 هـ) قُتل الأمير يحيى بن عمر اللمتوني فقدّم الشيخ ابن ياسين أخاه (أبا بكر بن عمر) في المحرم سنة (448 هـ)، فسار تحت إمرة الفقيه كما سار أخوه من قبله، مواصلين الجهاد في سبيل الله، قال السلاوي: «ودخل المرابطون مدينة أغمات [شرق مراكش] سنة تسع وأربعين وأربعمائة، فأقام بها عبد الله بن ياسين نحو الشهرين ريثما استراح الجند، ثم خرج إلى تادلا ففتحها وقتل من وجد بها من بني يفرن ملوكها وظفر بلقوط المغراوي فقتله... ثم تقدم عبد الله بن ياسين إلى بلاد تامسنا ففتحها واستولى عليها».

وكان ابن ياسين -رحمه الله- يثخن في أعداء الله قتلا وسبيا حتى وصلت الأخبار إلى الفقيه الذي أرسله الجاهل بواقع المجاهدين، قال الذهبي: «وبلغت الأخبار إلى الفقيه بما فعل عبد الله بن ياسين فعظم ذلك عليه وندم، وكتب إليه ينكر عليه كثرة القتل والسبي، فأجابه: أما إنكارك علي ما فعلت وندامتك على إرسالي، فإنك أرسلتني إلى أمة كانوا جاهلية، يخرج أحدهم ابنه وابنته لرعي السوام، فتأتي البنت حاملا من أخيها، فلا ينكرون ذلك، وما دأبهم إلا إغارة بعضهم على بعض، ويقتل بعضهم بعضا، ففعلت وفعلت وما تجاوزت حكم الله، والسلام» [تاريخ الإسلام]، وهكذا رد ابن ياسين على من يُنَظِّر له جهاده وهو بعيد عن واقعه مصدقا ما يتناقله الناس من أخبار.

وبعد كل هذه الفتوحات عزم المرابطون بتوجيهٍ من شيخهم وفقيههم على غزو قبائل (برغواطة) وهي قبائل أشبه بالمجوسية، قال السلاوي: «وقيل له إن برغواطة قبائل كثيرة وأخلاط شتى اجتمعوا في أول أمرهم على صالح بن طريف المتنبئ الكذاب، واستمر حالهم على الضلالة والكفر إلى الآن، فلما سمع عبد الله بن ياسين بحال برغواطة وما هم عليه من الكفر رأى أن الواجب تقديم جهادهم على جهاد غيرهم فسار إليهم في جيوش المرابطين»، ويقدر الله تعالى أن يصاب ابن ياسين في ذروة ملاحمه مع هؤلاء المجوس (451 هـ) فينال الشهادة، قال صاحب «الاغتباط» في حقه: «دوّخ المغرب إلى أن صار يدين بتعاليم الإسلام بعد أن كاد يتقلص منه».

وصية ابن ياسين

قال السلاوي: «ولما حضرته الوفاة قال لهم: يا معشر المرابطين، إني ميت من يومي هذا لا محالة وإنكم في بلاد عدوكم، فإياكم أن تجبنوا أو تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وكونوا أعوانا على الحق وإخوانا في ذات الله، وإياكم والتحاسد على الرياسة فإن الله يؤتي ملكه من يشاء من خلقه ويستخلف في أرضه من أراد من عباده».

مضى ابن ياسين بعد أن بنى نواة دولة إسلامية انطلقت من نهر السنغال جنوبا لتصل إلى جوار مراكش شمالا، ثم توسعت بعد ذلك لتصل إلى الأندلس على حدود فرنسا شمالا على يد تلميذه يوسف بن تاشفين، وإلى أعماق أدغال إفريقية جنوبا على يد تلميذه أبي بكر بن عمر، لقد مضى بعد أن ترك جيلا من المجاهدين يكمل المسيرة من بعده، بعد أن أقام بهم ومعهم دولة الإسلام، فرحم الله ابن ياسين، وبارك في جنود الخلافة اليوم الذين يقارعون كل ممتنع عن تحكيم الشريعة، ولا ينفكون عن ذلك مهما بذلوا من تضحيات حتى يكون الدين كله لله.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

عبــد الله بن ياسين مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء من سنن الله -عز وجل- في خلقه أنهم كلما تاهوا ...

عبــد الله بن ياسين
مجدّد الشريعة في بلاد الصحراء

من سنن الله -عز وجل- في خلقه أنهم كلما تاهوا في غيهم وضلالهم أرسل لهم من يجدد لهم أمر دينهم، فتطيعه طائفة من الناس ويزيغ عنه أكثرهم، ويُظهر الموحدون البراءة ممن خالف منهج الله -عز وجل- ويجالدونهم بالسيف حتى يُظهر الله دينه ويكون الدين كله له، من هؤلاء المجددين كان الداعية العالم المجاهد عبد الله بن ياسين.

بدأت قصته بقرار اتخذه شيخ قبيلة كدالة القاطنة في صحراء المغرب يحيى بن إبراهيم، وهو أن يبصّر قومه بشرائع الله ويعرفهم حدوده، وكان رجلا خيِّرا محبا للدين، وقد استمر بحثه عمن يخرج مغه داعبا لقومه فرفض كثير من الدعاة الخروج معه إلى الصحراء لما في ذلك من المشقة إلا الداعية المجاهد عبد الله بن ياسين، فإنه قَبِل المهمة واستعان بالله عليها.

قال السلاوي: «فانتدب لذلك رجل منهم يقال له عبد الله بن ياسين الجزولي، وكان من حذاق الطلبة ومن أهل الفضل والدين والورع والسياسة، مشاركا في العلوم، فخرج مع يحيى بن إبراهيم إلى الصحراء»، وهكذا تحمّل ابن ياسين الغربة والمسير في قلب الصحراء ليحمل الدين إلى قوم تاهوا عنه.

ولمّا وصل عبد الله بن ياسين إلى مضارب قبيلة لمتونة وسألوه عما جاء به، أخبرهم بشرائع الإسلام التي جاء يعلمهم إياها ويطبق حدودها، قال ابن الأثير: «وقالوا: تذكر لنا شريعة الإسلام، فعرفهم عقائد الإسلام وفرائضه، فقالوا: أمّا ما ذكرت من الصلاة والزكاة، فهو قريب، وأما قولك: من قتل يُقتل، ومن سرق يُقطع، ومن زنى يُجلد أو يُرجم، فأمر لا نلتزمه، اذهب إلى غيرنا! فرحلا عنهم»، وهكذا امتنعت هذه القبيلة في بداية أمرها عن التزام الشريعة، فلم يقبل ابن ياسين بالبقاء بينهم دون التزام كامل بها.

ويمضي ابن ياسين إلى قبيلة كدالة بصحبة شيخها، قال ابن الأثير: «فدعاهم عبد الله بن ياسين والقبائل الذين يجاورونهم إلى حكم الشريعة، فمنهم من أطاع، ومنهم من أعرض وعصى»، ثم ألجؤوه بعد ذلك إلى الخروج عنهم لمّا ضاقوا ذرعا بأحكام الشريعة فلم يرضوا بتطبيقها، ولما لم يكن عند ابن ياسين قوة حينها لمحاربتهم أراد الخروج إلى السودان ليدعوهم، لكن شيخ كدالة أشار عليه بالمكوث في مدرسة مشهورة (يقال أنها قرب نهر السنغال). قال ابن خلدون: «فنبذوا عن الناس في ربوة يحيط بحر النيل من جهاتها ضحضاحا في المصيف وغمرا في الشتاء، فتعود جزرا منقطعة. فدخلوا في غياضها منفردين للعبادة».

من الدعوة إلى الجهاد

ويشاء الله أن يكون هذا الداعية نواة طيبة لإقامة دولة إسلامية، قال ابن خلدون: «وتسامع بهم من في قلبه مثقال حبة من خير، فتسايلوا إليهم ودخلوا في دينهم وغيضتهم، ولمّا كمل معهم ألف من الرجالات، قال لهم شيخهم عبد الله بن ياسين: إن ألفا لن تُغلب من قلّة، وقد تعيّن علينا القيام بالحق والدعاء إليه وحمل الكافة عليه، فاخرجوا بنا لذلك، فخرجوا وقتلوا من استعصى عليهم من قبائل لمتونة وكدالة»، فخرج ابن ياسين مجاهدا في سبيل الله القبائل المرتدة الممتنعة عن التزام الشرائع.

ويروي ابن الأثير ذلك فيقول: «فقال ابن ياسين للذين أطاعوا: قد وجب عليكم أن تقاتلوا هؤلاء الذين خالفوا الحق، وأنكروا شرائع الإسلام، واستعدوا لقتالكم، فأقيموا لكم راية، وقدموا عليكم أميرا»، وبتلك الفئة المؤمنة القليلة أخضع المرابطون الصحراء لحكم الله تعالى، قال السلاوي: «وجعل يغزو القبائل حتى ملك جميع بلاد الصحراء وذلل قبائلها... فاشتهر أمره في جميع بلاد الصحراء وما والاها من بلاد السودان وبلاد القبلة وبلاد المصامدة وسائر أقطار المغرب، وأنه قام رجل بكدالة يدعو إلى الله تعالى وإلى الصراط المستقيم ويحكم بما أنزل الله، وأنه متواضع زاهد في الدنيا، وطار له ذكر في العالم وتمكن ناموسه من القلوب وأحبته الناس»، فلما أرضى اللهَ بسخط الناس في بادئ أمره، أرضى الله عنه الناس بعد ذلك، فأحبوه ودخلوا في طاعته.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

رفقاً بالقوارير (٢/٢) إذا كره منها خلقا رضي آخر أوبعد كل هذه النصوص الناهية الآمرة، المرغّبة ...

رفقاً بالقوارير
(٢/٢)

إذا كره منها خلقا رضي آخر

أوبعد كل هذه النصوص الناهية الآمرة، المرغّبة الزاجرة، يغلِّظ بعض الأزواج لزوجاتهم؟ ويتعدى آخرون ويظلمون؟ ويسيئون ويشدون؟ وعلامَ أوّل الحلول وآخرها عند بعضهم الطلاق؟ ويكأن الزوجة من بشرٍ خطائين، والزوج من مَلكٍ معصومين، إنهن القوارير أيها الرجل فحنانيك!

عن أنس -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في بعض أسفاره، وغلام أسود يقال له: أَنْجَشَة يحدو، فقال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (يا أنجشة، رويدك، سوقا بالقوارير) [رواه مسلم]، قال النووي في شرحه: «قال العلماء: سمي النساء قوارير لضعف عزائمهن، تشبيها بقارورة الزجاج، لضعفها وإسراع الانكسار إليها».

والزوج قد يكره من زوجته خُلُقا ما، ولكنه قد يرضى منها آخر، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا يَفْرَك مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلُقا رضي منها آخر) أو قال: (غيره) [رواه مسلم عن أبي هريرة]، والفرك بفتح الفاء وإسكان الراء: البغض، قال النووي: «أي ينبغي أن لا يبغضها لأنه إن وجد فيها خُلُقا يُكره وجد فيها خُلُقا مرضيا، بأن تكون شرسة الخلق لكنها دينة أو جميلة أو عفيفة أو رفيقة به أو نحو ذلك».

وقال الشوكاني: «فيه [أي الحديث] الإرشاد إلى حسن العشرة والنهي عن البغض للزوجة بمجرد كراهة خلق من أخلاقها، فإنها لا تخلو مع ذلك عن أمر يرضاه منها، وإذا كانت مشتملة على المحبوب والمكروه فلا ينبغي ترجيح مقتضى الكراهة على مقتضى المحبة» [نيل الأوطار].

ثم إن الله تعالى قد يجعل في صبر الزوج على زوجته وإن كرهها خيرا كثيرا، والدليل قوله عز وجل: {فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيرًا} [النساء: 19].

قال ابن الجوزي: «قوله تعالى: {فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً} قال ابن عباس: ربما رَزَق الله منهما ولدا، فجعل الله في ولدها خيرا كثيرا، وقد ندبت الآية إلى إمساك المرأة مع الكراهة لها، ونبهت على معنيين: أحدهما: أن الإنسان لا يعلم وجوه الصلاح، فرب مكروه عاد محمودا، ومحمود عاد مذموما، والثاني: أن الإنسان لا يكاد يجد محبوبا ليس فيه ما يكره، فليصبر على ما يكره لما يُحب» [زاد المسير].

وليس الذكر كالأنثى

وعن الضحاك -رحمه الله- قال: «إذا وقع بين الرجل وبين امرأته كلام، فلا يعجل بطلاقها وليتأن بها، وليصبر، فلعل الله سيريه منها ما يحب» [رواه ابن المنذر].

ثم هل كلُّ الرجال كُمّل؟ لا، وكذلك النساء، غير أن الرجال قد فُضّلوا عليهن درجة، وهذه الدرجة فيها من رجاحة العقل، والرصانة، والحكمة، والحلم، والأناة، والمروءة، وسعة الصدر والصبر ما لا تملكه النساء، فهن ناقصات العقل والدين، وإن كان ذلك ليس نقيصة فيهن ولا معرّة، إلا أنهن يفتقدن كثيرا مما أوتي الرجال.

وكم من بيت قائم على الحب ولكنه خاوٍ كالطبل متصدع البنيان، وكم من بيت قائم على الألفة والرحمة وطيب المعشر ثابت كالوتد، دائم وصاله قوية أواصره.

وعلى من ابتلي بامرأة سيئة الخلق أن لا يبرح باب ربه سائلا صلاحها، قال تعالى عن زوج زكريا، عليه السلام: {وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ} [الأنبياء: 90]؛ «قال ابن عباس وعطاء: كانت سيئة الخُلُق، طويلة اللسان، فأصلحها الله تعالى فجعلها حسنة الخُلُق» [القرطبي: الجامع لأحكام القرآن].

هذا ونذكّر كل زوجة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر بشوق الحور لأزواجهن من أهل الدنيا ودعائهن على زوجته المؤذية له، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين: لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا!) [رواه أحمد وابن ماجه والترمذي عن معاذ].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

رفقاً بالقوارير (١/٢) إن من أجلِّ نعم الله تعالى وأعظمها على عباده نعمة الزواج، التي جعل منها ...

رفقاً بالقوارير

(١/٢)
إن من أجلِّ نعم الله تعالى وأعظمها على عباده نعمة الزواج، التي جعل منها سبحانه آية من آياته، إذ يقول عز من قائل: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]، وإن صلاح هذه الأمة يبدأ بصلاح الأُسَرِ، فمتى ما صلحت العائلة المسلمة كان لذلك كبير الأثر والتأثير في صلاح الأمة، ولأجل ذلك جاء ديننا الحنيف زاخرا بالنصوص الضابطة للعلاقة بين الزوجين في جميع تفاصيلها.

ومن تلكم التفاصيل عشرة النساء، التي صُنّفت فيها المصنفات، وأُلِّفت المؤلفات، وبوّب عليها كثير من أهل العلم، قصد بيان حقّ الزوجة على زوجها ووضع النقاط على حروفِ العشرة بينهما، والمتأمل في آي الكتاب المحكمات، يرى أن عماد معاملة الزوجة وأسّها إنما هو المعروف في الرضا والغضب، والمعروف كما جاء في «تهذيب اللغة» هو: «كل ما تعرفه النفس من الخير وتبسأ به وتطمئن إليه».

قال الله، عز وجل: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} [البقرة: 228]، وقال أيضا: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لِّتَعْتَدُوا وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} [البقرة: 231]، وقال: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19].
قال القرطبي في تفسير قوله {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}: «أي على ما أمر الله به من حسن المعاشرة، والخطاب للجميع، إذ لكل أحد عِشْرة، زوجا كان أو وليّا، ولكن المراد بهذا الأمر في الأغلب الأزواج، وهو مثل قوله تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: 229]، وذلك توفية حقها من المهر والنفقة، وألا يعبِس في وجهها بغير ذنب، وأن يكون مُنطلِقا في القول لا فَظّا ولا غليظا ولا مُظهرا ميلا إلى غيرها».

استوصوا بالنساء خيرا

ولضعف المرأةِ وانكسارها، فقد أكثر النبي -صلى الله عليه وسلم- من الاستيصاء بها خيرا، فعن عمر بن الأحوص -رضي الله عنه- في حجة الوداع أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ، ثم قال: (استوصوا بالنساء خيرا، فإنهن عندكم عوان، ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة، فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع، واضربوهن ضربا غير مبرّح، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا، إن لكم من نسائكم حقا، ولنسائكم عليكم حقا، فأما حقكم على نسائكم، فلا يوطئن فرشكم من تكرهون، ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون، ألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن) [رواه ابن ماجه والترمذي]، وعوان أي أسيرات، فانظر كيف شبّه النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي أوتي جوامع الكلم الزوجة بالأسير الذي لا يملك من أمره شيئا وذلك لتحكم الرجل بها، عن عروة بن الزبير، قال: «قالت لنا أسماء بنت أبي بكر: يا بنيّ وبني بنيّ، إن هذا النكاح رقّ، فلينظر أحدكم عند من يُرق كريمته» [رواه سعيد بن منصور].

وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (اللهم إنّي أُحرِّج حقّ الضعيفين: اليتيم والمرأة) [رواه أحمد وابن ماجه وابن حبان عن أبي هريرة]، وأحرّج حق الضعيفين أي أضيّقه على من ظلمهما.

وقال صلى الله عليه وسلم: (المرأة كالضلع، إن أقمتها كسرتها، وإن استمتعتَ بها استمتعتَ بها وفيها عوج) [رواه البخاري عن أبي هريرة]، قال ابن حجر: «في الحديث الندب إلى المداراة لاستمالة النفوس وتألف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر على عوجهن، وأن من رام تقويمهن فإنه الانتفاع بهن، مع أنه لا غنى للإنسان عن امرأة يسكن إليها ويستعين بها على معاشه، فكأنه قال الاستمتاع بها لا يتم إلا بالصبر عليها».

وفي لفظ عند مسلم في صحيحه: (استوصوا بالنساء، فإن المرأة خُلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، إن ذهبت تقيّمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، استوصوا بالنساء خيرا).

قال الشوكاني: «فيه الإرشاد إلى ملاطفة النساء، والصبر على ما لا يستقيم من أخلاقهن، والتنبيه على أنهن خلقن على تلك الصفة التي لا يفيد معها التأديب أو ينجح عندها النصح، فلم يبق إلا الصبر والمحاسنة وترك التأنيب والمخاشنة» [نيل الأوطار].

هي الضلع العوجاء لست تقيمها
ألا إنّ تقويم الضلوع انكسارها
تجمع ضعفا واقتدارا على الفتى
أليس عجيبا ضعفها واقتدارها؟


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الهاتف الجوال... المعصية المستعصية فنقول مستعينين بالله إن خطوات عمل المخابرات الصليبية هي ...

الهاتف الجوال...
المعصية المستعصية


فنقول مستعينين بالله إن خطوات عمل المخابرات الصليبية هي كالتالي:

ثالثاً: متابعة الهدف

وباستخدام برج اتصالات وهمي محمول على طائرة، يمكن للعدو أن يصل إلى أي هاتف في منطقة تغطية هذا البرج الوهمي، وحينما تجد الطائرة الهدف فإنه يمكنها ببساطة تحديد مكانه باستخدام أجهزة التتبع اللاسلكي بأنواعها المختلفة سواء البسيطة التي تعمل بأسلوب الحسابات المثلثية وقوة الإشارة المحسوسة RSSI، أو الأكثر تعقيدا التي تعتمد على Doppler Direction Finder - DDF، أو الأكثر دقة التي تعتمد على توقيت وصول الموجات للمستقبل Time of Arrival - TOA، وقد تزوّد الجيش الأمريكي بهذه الأجهزة منذ زمن، وهي جزء من تجهيزات الأرتال العسكرية الأمريكية.

وهنا نريد أن نزيل معلومة خاطئة شاعت بين كثير من الناس، وهي أن تحديد موقع الهاتف النقال مرتبط فقط بالأبراج التي يتصل بها الهاتف، فهناك من يظن أنه إذا تم تأمين أبراج الاتصالات الخليوية فلن يمكن تحديد موقع هواتف المشتركين إطلاقا، وهذه المعلومة ناتجة عن نقص في العلم بأساليب مراقبة وتتبع الإشارات اللاسلكية، فتحديد الموقع لأي أداة إرسال لاسلكية له أساليب عدة واستخدام أبراج الاتصالات هو الأسلوب الأرخص ولكنه ليس الأفضل، لا من حيث الدقة ولا من حيث مرونة الاستخدام في المناطق ذات الأبراج القليلة، والعدو الأمريكي كان دائما يعتمد في شوارع العراق على أجهزة تحديد موقع محمولة في مركبة «همفي» خاصة للتعقب اللاسلكي، وهي التي كانت تسمى بين الإخوة بـ «الهندسية» لأن طاقمها هو كادر فني، ولتوفر هذه الأجهزة بيد الصليبيين، لم يكونوا بحاجة لاستخدام أبراج الاتصال في التعقب. وباستخدام الأجهزة المذكورة يكون العدو قد أنجز الخطوة التالية وهي الوصول إلى الهدف.

والآن يبقى على العدو خطوة مهمة، ألا وهي مراقبة الهدف وهي خطوة يشترك فيها الطيران النهاري والليلي مع الجواسيس الأرضيين، وهنا يأتي دور الحذر في استخدام السيارة، وعدم الخروج المتكرر من البيت والمقر في أوقات منتظمة كل يوم، ويأتي هنا دور فهم إمكانيات التصوير الحديث المستخدم في الطائرات، وما هي إمكانياته وحدوده، وكيف يُستخدم مع تقنيات وبرمجيات التتبع في رصد المجاهدين وتحركاتهم داخل المدن وخارجها.

رابعاً: ضرب الهدف

وأما عن ضرب الهدف فهذا يتم بعد معرفة معلومة دقيقة عن موقع يتردد عليه الأخ المراقَب، وذلك من خلال تحديد موقع الهاتف ثم من خلال جاسوس أرضي يؤكد شخصية الهدف، فإنّ العدو يحتاج إلى تأكيد شخصية الأخ المطلوب من خلال جاسوس أرضي، وذلك أن اغتيال شخص غير الشخص المطلوب سيؤدي إلى اتخاذ احترازات أمنية من قبل العاملين معه وحوله، وهو ما يضيّع على الكفار فرصة الوصول إلى الأخ مرة أخرى.

دفع المفاسد مقدم على جلب المنافع

أخي المجاهد، أنت في غنى عن هذه السلسلة من الخطوات، ادفع قليلا من عاداتك ثمنا لأمنك وأمن الإخوة الذين تعمل معهم، وكن حريصا على أن لا يؤتى الإخوة من قِبَلك، واعلم أن كثيرا من الإخوة الذين يخشون أن يقابلوا ربهم وهم على معصية قد توقفوا عن استخدام الهاتف كُليّا منذ سنين، وهم يعيشون حياة طبيعية، وفي أسوأ الحالات وأندرها، عندما تكون مضطرا لاستخدام وسائل الاتصالات الحديثة، ولا يمكنك ذلك إلا من الهاتف، فعليك عندها أن لا تستخدم البرمجيات المشهورة للتواصل، وعليك أن تسأل الإخوة ذوي الاختصاص عن البرمجيات التي توفر تشفيرا جيدا، ولا تربطُ بين حساب اتصالك وهاتفك المحمول، مثل استخدام برنامج Conversations مع تشفير OMEMO، ومثل استخدام البريد الإلكتروني المشفر إذا استطعت، وفي كل الحالات فيجب عليك أن لا تشغّل الهاتف بعد الانتهاء من الاتصال أبدا، واحذر من المعصية الأكبر وهي تشغيل هاتفك في أحد المقرات، فإن هانت عليك نفسك فاتق الله في إخوتك المجاهدين، فإن الهاتف يتجسس عليكم جميعا طالما في داراته شحن ينبض.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 56
الخميس 24 صفر 1438 ه‍ـ

• لقراءة المقال، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً