• فوائد إخْفَاء الدُعاء 1- أنه أعظم إيمانًا؛ لأن صاحبه يعلم أن الله تعالى يسمعُ دعاءه ...

• فوائد إخْفَاء الدُعاء


1- أنه أعظم إيمانًا؛ لأن صاحبه يعلم أن الله تعالى يسمعُ دعاءه الخفيَّ.

2- أنه أعظم في الأدب والتعظيم، ولهذا لا تخاطب الملوك ولا تُسألُ برفع الأصوات، وإنما تخفض عندهم الأصوات، ويخفى عندهم الكلام بمقدار ما يسمعونه.

3- أنه أبلغُ في التضرع والخُشوع الذي هو رُوح الدعاء ولُبُّهُ ومقصوده.

4- أنه أبلغُ في الإخلاص.

5- أنه أبلغُ في جمعية القلب على الله تعالى في الدعاء، فإن رفع الصوت يفرقه ويشتته.

6- وهو من النكت السرية البديعة جدًّا، أنه دال على قرب صاحبه من الله، وأنه لاقترابه منه وشدة حضوره يسأله مسألة أقرب شيء إليه فيسأله مسألة مناجاة للقريب لا مسألة نداء البعيد للبعيد.

7- أنه أدعى إلى دوام الطلب والسؤال، فإن اللسان لا يملُّ والجوارح لا تتعب.

8- أن إخفاء الدعاء أبعد من القواطع والمشوشات والمضعفات، فإن الداعي إذا أخفى دعاءه لم يدر به أحد فلا يحصل هناك تشويش ولا غيره وإذا جهر به تفطنت له الأرواح الشريرة والباطولية والخبيثة من الجن والإنس، فشوَّشت عليه ولا بد، ومانعته وعارضته.

9- أعظم النعم الإقبال على الله والتعبد له والانقطاع إليه، والتبتلُ إليه، ولكل نعمة حاسد على قدرها دقَّت أو جلَّت، ولا نعمة أعظم من هذه النعمة، وليس للمحسود أسلم من إخفاء نعمته عن الحاسد.

10- أن الدعاء هو ذكر للمدعو سبحانه، فهو ذكر وزيادة، وقد قال تعالى: {وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ} [الأعراف]، فأمر نبيه أن يذكره في نفسه.

[بدائع الفوائد] لابن القيم -رحمه الله-


▫المصدر: إنفوغرافيك النبأ - فوائد إخْفَاء الدُعاء
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 467
الخميس 28 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد

▫ مجاهد ومعلّم.. أبو خالد الحمادي -تقبله الله- [قصة شهيد] - صفاته وأخلاقه: امتن الله تعالى ...

▫ مجاهد ومعلّم.. أبو خالد الحمادي -تقبله الله-
[قصة شهيد]

- صفاته وأخلاقه:

امتن الله تعالى على الأخ أبي خالد بأخلاق دمثة وخصال حميدة، ما أكسبه محبة إخوانه ورفاق دربه.

أما عن معاملته مع إخوانه فقد كان كثير التبسم في وجه إخوانه طلق المحيا أمامهم يرحم صغيرهم ويوقر كبيرهم ويواسي مبتلاهم، كما كان كثير الجود في الغنى والفقر، حيث شهد له بعض إخوانه أنه كان يقضي حوائجهم بمجرد ما يلاحظ ذلك دون أن يبوحوا بها، وقد شُهد للأخ أبي خالد بصبره في البلاء صبرا يثنى على صاحبه، فقد نال حظه من البلاء في عيشه حينما كان معلما للأشبال ومرض بعض أهله وولده وهو في ذلك الوقت شديد الفقر، فكان يسعى في كسب ما يقضي به حوائجه دون البوح بمشكلته لأحد، إلى أن جلى الله عنه الغمة، ولم يثنه ما أصابه عن نصرة دينه أو يحط من عزمه أو يفت في عضده تقبله الله تعالى، كما عُرف بكثرة قراءة القرآن الكريم، غاديا رائحا يتفيأ ظلال آيات الرحمن، في حل كان أو ترحال.

- قائدا عسكريا في (كرينوا):

كما كان مثالا يحتذى في السمع والطاعة والنصح لأمرائه، محبا للحق ودائرا معه حيث دار لا يخاف لومة لائم.

كذلك كان قوي البنية يتمتع بلياقة بدنية عالية، أضف إلى ذلك حزمه وعزمه في الأمور ما جعل أمراءه يضعون فيه الأمل والثقة في إنجاز كثير من المهام، حتى انتهى به المطاف أن عين قائدا للجند في منطقة (كرينوا)، حيث قاد كثيرا من المعارك بنفسه واستبسل فيها وألقى نفسه في المخاطر حاملا روحه في كفه، وقد كان إقدامه سببا في فتح كثير من الثكنات بفضل الله تعالى، وقد برز عزمه وشجاعته في الغزوة الموحدة الأخيرة: (واقتلوهم حيث ثقفتموهم)، حيث داهم بنفسه على رأس المفارز الأمنية عددا من أوكار النصارى والمرتدين وفلق رؤوسهم، كما كان شديد الاعتناء بتربية الجنود وعبادتهم، يكثر من تذكيرهم ووعظهم سعيا في تعليق قلوب المجاهدين بربهم سبحانه، وتمتين علاقتهم بخالقهم، إذ هو الناصر والمعين.

- همة عالية:

في الأيام الأخيرة التي سبقت مقتله، ازدادت همته وأصبح لا شيء يوقفه ولا يعرف للتعب معنى في حسابه، فخلال الحملات الأخيرة للمرتدين على منطقة (كرينوا) كان أبو خالد يقود ويتقدم الصفوف في المعارك الدائرة مع الكافرين، ولم يزل الإخوة يظنون أنه لن يخرج من معركة يخوضها لما يلقي بنفسه وسط المعامع إذا حمي الوطيس، حتى أصيب بطلقة (دوشكا) في أحد أضلاعه، وحينها أجبره أمراؤه على أن يعود للعلاج ويأخذ قسطا من الراحة، فأعيد للبيت على كره منه، وفي يوم من الأيام تقدم المرتدون على حساب المجاهدين في أحد المحاور، وإذ بصوت أبي خالد في الجهاز اللاسلكي يدير ويوجه مجموعات المجاهدين، فتفاجأ الإخوة وقد كانوا يظنون أنه ما يزال في المنزل حيث لم يتماثل للشفاء بعد، وما هي إلا دقائق حتى شوهد أبو خالد في الصفوف يقاتل جنبا إلى جنب مع إخوانه رغم إصابته تلك، فلم يزل يصول ويجول حتى هزم الله المرتدين وقد اندمل جرحه وقارب الانتعاش في ساحات الوغى ولم يرض بأن يبقى أسير الفراش وهو يرى الأعداء يحاولون استباحة أرض الإسلام وتدنيس حرمات المسلمين.

- مقتله تقبله الله:

لم يزل أبو خالد كما كان كلما استعصت ثكنة أو تعسر فتحها، خرج على رأس الجند لغزوها، وللدور الذي يؤديه في تثبيت عزيمة المجاهدين وتحريضهم بالقول والفعل جعل كثيرا من الإخوة يستبشرون بمجرد رؤيته في أوساطهم في الغزو، فكانت ثكنة بلدة (إيزغي) الكاميرونية صعبة الغزو لطبيعة التضاريس مع كثافة الأعشاب التي تحجب بعض أجزاء الطريق وما حول الثكنة بحيث لا يرى المهاجم ما يكون أمامه، فخرج على رأس الجند لغزوها كما ذلك دأبه وديدنه بعد تذكرة وتحريض، فكتب الله للمجاهدين النصر وجعل فتح الثكنة والسيطرة عليها من نصيبهم، فقام بتوجيه الإخوة بالإسراع في إخلاء الغنائم إلى مناطق آمنة تحسبا للمدد الذي قد يصل لمؤازرة المرتدين، وانتدب نفسه وبعض مرافقيه لحراسة الإخوة وصد المدد والاشتباك معهم إذا ما قدم، وبالفعل قدم مدد العدو كما كان يتوقع، فلم يتوانَ ولم يتراجع وانبرى يصد عن إخوانه ويغطي انسحابهم، فثبت وقاتل قتال المستميت حتى أصيب إصابة بالغة جعلت مرافقيه يخلونه من ساحة المعركة، وقبل وصولهم إلى مواقع إخوانهم فاضت روحه إلى باريها بعد أن فدى إخوانه بدمه، نسأله تعالى أن يتقبله ويعلي درجته في عليين.


▫ المصدر: قصة شهيد - صحيفة النبأ - أبو خالد الحمادي -تقبله الله-
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 467
الخميس 28 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد

▫ مجاهد ومعلّم.. أبو خالد الحمادي -تقبله الله- [قصة شهيد] • قيَّض المولى سبحانه لشجرة التوحيد ...

▫ مجاهد ومعلّم.. أبو خالد الحمادي -تقبله الله-
[قصة شهيد]

• قيَّض المولى سبحانه لشجرة التوحيد سقاة كماة يروونها بدمائهم الزكية لتنمو وتعمّ ظلالها أرجاء الواسعة، رجال قلائل باعوا النفوس لربهم ولبّوا نداء مليكهم، وعقدوا معه سبحانه أعظم صفقة ما أجلها وأعلى قدرها، إذ رضوا بأن يُقتلوا في سبيله تعالى ثمنا لها، وشروا أنفسهم ابتغاء مرضاته، فهجروا أعراض الدنيا الدنية ولم يغتروا بزهرتها وبهجتها الزائفة وأرادوا ما عند الله تعالى، فما عنده خير وأبقى.

نحسب من بين هؤلاء الأخ أبا خالد الحمادي محمد بن هارون البرناوي -تقبله الله-

- نشأته ونفيره:

ولد أبو خالد في بلدة (كالا بالغي) بمنطقة (برنو) سنة 1417 من الهجرة، ونشأ فيها نشأة صالحة على يد والديه اللذين اعتنيا بتربيته تربية إيمانية، وحينما ناهز البلوغ، وتزامنا مع توسع عمليات المجاهدين في غرب إفريقية، ألقى الله تعالى في قلبه حب الجهاد والمجاهدين، ودعوتهم إلى التوحيد وتحكيم الشريعة ونبذ الشرك ومنه الديمقراطية والبراءة من الطواغيت بجميع رؤوسهم وأذنابهم، وهي بالذات الأمور التي حفزته للقفز إلى صفوف المجاهدين والانضمام إليهم.

التحق أبو خالد بركب المجاهدين في عام 1435 هـ قبل بضعة أشهر من إعلان دولة الخلافة -أعزها الله-، وظل مع المجاهدين فردا من أفرادهم يصول معهم حيث صالوا ويجول حيث جالوا.

- في ديوان الدعوة:

بينما كان أبو خالد تقبله الله بين المجاهدين يشهد معهم المعارك، ظهر للقاصي والداني علو همته وحزمه، إذ كان أكبر همه نصرة دينه ونفع إخوانه، ما رشّحه لتولي كثير من المهام الجهادية، حتى غدا كالنخلة تؤتي أكلها كل حين كما وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمن، وكان من بين المهام التي أوكلت إليه تعليم الأشبال وتنشئتهم تنشئة دينية على صعوبة ذلك، وفي نفس الوقت كان إماما يؤم الناس في الجماعات، فكان يجمع بين النزول إلى مواطن الرجال وميادين الأبطال وبين تعليم القرآن، فكان بحق داعيا إلى الله تعالى بسنانه ولسانه.

ظل أبو خالد يقاتل ويتعلم ويُعلّم إلى أن بايع المجاهدون الخليفة القرشي أبا بكر الحسيني -تقبله الله- وقامت ولاية غرب إفريقية وتم تطبيق النظم والتوجيهات التي أملتها الدولة الإسلامية على سائر ولاياتها ومنها الدواوين، فانتُدب الأخ أبو خالد حينها ليكون عضوا في ديوان الدعوة والمساجد لما لاح لأمرائه من جدارته بالعمل في هذا المضمار المهم، فحدِّث عن جهده الدعوي ولا حرج، فقد كان يتنقل بين المراكز والبلدان والقرى ومجامع الناس يعظهم ويعلمهم واجبات دينهم ويحرضهم على الجهاد، بل كان يحرض المجاهدين على الثبات عند اقتراب ساعة الصفر في الغزو، فلم يتوقف عن القتال اشتغالا بالدعوة؛ أسوته وقدوته في ذلك نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، في الجمع بين الكتاب والسيف، وقد استطاع -بفضل الله تعالى- استمالة كثير من الشباب واستقطابهم وجذبهم إلى صفوف المجاهدين بأسلوبه المميز ولسانه الفصيح الذرب الذي وهبه الله إياه، وبينما كان يصول ويجول في ميدان الدعوة تم نقله للعمل في المكتب الأمني وتعيينه مسؤولا للمكتب في إحدى مناطق ولاية غرب إفريقية، فكان يمارس عمله قائما بالقسط لا يخاف في الله لومة لائم كما شهد له بذلك إخوانه.


▫ المصدر: قصة شهيد - صحيفة النبأ - أبو خالد الحمادي -تقبله الله-
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 467
الخميس 28 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد

يريدون وجهه • لقد علم جنود الخلافة أن طريق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحبه هي طريق الوصول، ...

يريدون وجهه

• لقد علم جنود الخلافة أن طريق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحبه هي طريق الوصول، وفيها القتل والجراح والبأساء والضراء كما أخبر ربنا سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا..}، ولكن بدونها لا نصر ولا ظفر، ولا مكة ولا قدس، ولا شريعة ولا سيادة، فهي الطريق الوحيدة للنصر والتمكين، ورغم ما أصابهم فيها لم يتولوا أو يتراجعوا، ولم يولّوا وجوههم قبَل الشرق أو الغرب، ولم يركنوا إلى الذين ظلموا، فلم يتقربوا لطاغوت أو يتزلفوا لمرتد، وحاشاهم، ولم يسمحوا لأنفسهم تحت ضغط الواقع والشدة أن يبدّلوا أو يغيّروا، كما لم يسمحوا لأنفسهم في الرخاء أن يفرّطوا أو يتهاونوا، فلازموا التوحيد في الشدة والرخاء ومضوا على الجهاد في العسر واليسر، فثبتوا بذلك على الطريقة المحمدية توحيدا وجهادا، صبرا ومصابرة ومرابطة.

تظهر في معاركهم ملامح التجرد والاحتساب لله، بعيدا عن الأضواء غرباء تلفح وجوههم رياح الغربة، قدوتهم محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، الصديق والفاروق وعثمان وعلي وعمار وبلال ومصعب وطلحة وأنس والبراء، لم يلطخوا نواياهم ولم يدنسوا مقاصدهم بغايات الجاهلية ونماذجها.

بل أقاموا الجهاد الرباني وجمعوا بين أبوابه، فجاهدوا النفس والهوى، وجاهدوا الشيطان وأولياءه، وجاهدوا العدو وحلفاءه، فحققوا أعلى درجات مخالفة الهوى، فاهتدوا في قولهم وعملهم، ولم يكن أمرهم فرطا، فهم لمّا أرادوا وجهه سبحانه وتحملوا في سبيله ما تحملوا؛ كافأهم سبحانه بمرادهم، فجمع عليهم شتات قلوبهم وبصّرهم بالحق فهداهم سبيله ودلّهم طريقه فعاشوا عذوبة الهداية رغم شظف العيش، وتلذذوا بغربة الحق رغم كيد الباطل، وما تركوا ثغورهم وما برحوا مواقعهم حتى قضوا نحبهم، نحسبهم والله حسيبهم، فلا تعد عيناك عنهم، ولا ترضَ بأقل من مراقيهم.

لقد استوفى إخواننا آجالهم وأرزاقهم كاملة، فإن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وهم ماضون لاستيفاء أجورهم عند الحكم العدل سبحانه، {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ} كما وعد عباده المؤمنين، قال ابن عباس: "يعني سوى الثواب، مما لم تر عين ولم تسمع أذن".

وإن أجر الجهاد وفضل الشهادة طافت به الركبان وتسابق على نيله الفرسان، وتلك أمنية نبيكم ما زالت حاضرة: (وَدِدْتُ أنِّي أغْزُو في سَبيلِ اللهِ فَأُقْتَلُ) كررها ثلاثا [مسلم]، وهو القائل: (لَغدوةٌ في سبيل الله أو روحةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها) [مسلم]، فتأمل كيف أن مهمة واحدة مفردة في الجهاد تفوق الدنيا بأسرها، وهو ما فهمه الصحابي القائد أبو سليمان خالد بن الوليد فقال: "ما من عملي شيء أرجى عندي بعد التوحيد من ليلة بتُّها وأنا متترس، والسماء تهلّني، ننتظر الصبح حتى نغير على الكفار"، فتأمل كيف جمع بين جهاد ليلة واحدة والتوحيد، فما بالك بمن يقضى أيامه ولياليه كلها في ميادين الجهاد ومعسكرات التوحيد؟!

وبعد، فيا جنود الخلافة وبُناة صرحها وحملة رايتها، إن دماء إخوانكم بريد الحق ونوره الذي يتلألأ وسط ظلمات الجاهلية المعاصرة، إن دماءهم خير ترجمان لدعوة الأنبياء التي قامت على التوحيد، وإن حفظ دمائهم بالسير على خطاهم وحراسة ثغورهم، واعلموا أنه لا شيء أحفظ للدماء من إهراقها في مظانها التي يحبها الله ويرضاها في سوح الجهاد والمرابطة والمراغمة، وإنا لا نملك لكم في هذا الظرف وصية خيرا من وصية الله تعالى لعباده قبلكم، وهي الصبر والتقوى، فلا شيء أجدى لكم في حالتكم هذه منها، {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}.


▫ المصدر: مقتطف من افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 467
الخميس 28 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد

يريدون وجهه • (لمّا أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله عزّ وجلّ أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار ...

يريدون وجهه

• (لمّا أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله عزّ وجلّ أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتهوي إلى قناديل من ذهب في ظلّ العرش، فلمّا وجدوا طيب شربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم، قالوا: ياليت إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا، لئلّا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله عزّ وجلّ: أنا أبلّغهم عنكم، فأنزلَ اللهُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ..} الآية). [أبو داود]، هكذا واسى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين من قبل، وهي مواساة وبشارة لأتباعهم من بعد.

فبعيدا عن أعين "الكاميرات" وبريق الشاشات، لكن تحت عين الله تعالى وسمعه وبصره سبحانه، تجري معارك مستمرة بين ثلة من كماة الإسلام، مقابل جيوش من القوات الأمريكية والرافضية يقاتلون كتفا بكتف ضد أحفاد الصحابة وبقيّة السلف، معارك لا تستهوي الغثاء ولا تضج بها وسومهم، مع أنها تحوز أوسمة السماء من الله القائل: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}.

في العراق حيث التوحيد غضًّا طريًّا لم تلوّثه مدارس "الإسلاميين" المنحرفة ومناهجهم المحرّفة، توحيد عركته المحنة وصفّته المفاصلة وصقلته الصحراء وحرسه الجهاد، فلم يشبْهُ انحراف ولم يفسده ترف، بيئة إيمانية جهادية كبيئة الرعيل الأول صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين تربوا في صحراء الجزيرة وتقلبوا في حرها وقرّها حتى خرجوا منها قادة فاتحين ملكوا حواضر العالم وعواصم الأمم.

ولا يختلف الوضع كثيرا في بوادي الشام عما هو في بوادي العراق، حيث يتقاسم المجاهدون الظروف والحتوف.

على الأرض، يحرص التحالف الصليبي ومعه زبانية إيران، على تكثيف الضربات لمواقع الدولة الإسلامية في العراق، في سياسة أمريكية واضحة خشية أن يؤدي انشغالهم بالصراع اليهودي الرافضي المؤقت إلى إيجاد فسحة للمجاهدين يعززون فيها نشاطهم ويفاجئون فيها عدوهم، وخلافا للمعهود وتخطّيا للدور الروسي، طارت أمريكا تقصف بنفسها مواقع المجاهدين في بادية الشام لنفس السبب، علها تؤخّر الركب أو تعيقه، بعد أن فشلت في إيقافه أو حرف مساره، وكذبت يوم زعمت القضاء عليه.

هذه المعارك لا تطبل لها وسائل الدجال ولا يثني عليها نشطاؤه ولا يحتفي بها دعاته، لأنها معارك لا تكفلها الشرائع الدولية ولا قوانين البشر الوضعية، أبطالها يريدون وجهه سبحانه لا سواه، يسيرون على صراطه ويتبعون سبيله، يستعينون به وحده ويتوكلون عليه، فهو كافيهم وناصرهم.

في حسابات كل الأرضيين لا فائدة ولا جدوى من هذه المعارك، لكن في حسابات المؤمنين الربيّين المتعلقين بربهم، يرون فيها مخاضا لقادسية ويرموك جديدة بإذن الله تعالى، فكل الفاتحين من قبل عبروا هذه المخاضة، وما متقحم لهذه المخاضة بخاسر.

بين بوادي وتلال العراق والشام، يعيش المجاهدون وقائع الأنفال والتوبة والأحزاب، يجاهدون ويقاتلون في سبيل الله طاعة له، ليس اضطرارا ولا ارتهانا لمحاور جاهلية، بل حبا وامتثالا كما أمرهم ربهم: {حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}، لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، كل الذين كفروا بلا استثناء.

لقد علم جنود الخلافة أن طريق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحبه هي طريق الوصول، وفيها القتل والجراح والبأساء والضراء كما أخبر ربنا سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا..}، ولكن بدونها لا نصر ولا ظفر، ولا مكة ولا قدس، ولا شريعة ولا سيادة، فهي الطريق الوحيدة للنصر والتمكين، ورغم ما أصابهم فيها لم يتولوا أو يتراجعوا، ولم يولّوا وجوههم قبَل الشرق أو الغرب، ولم يركنوا إلى الذين ظلموا، فلم يتقربوا لطاغوت أو يتزلفوا لمرتد، وحاشاهم، ولم يسمحوا لأنفسهم تحت ضغط الواقع والشدة أن يبدّلوا أو يغيّروا، كما لم يسمحوا لأنفسهم في الرخاء أن يفرّطوا أو يتهاونوا، فلازموا التوحيد في الشدة والرخاء ومضوا على الجهاد في العسر واليسر، فثبتوا بذلك على الطريقة المحمدية توحيدا وجهادا، صبرا ومصابرة ومرابطة.

تظهر في معاركهم ملامح التجرد والاحتساب لله، بعيدا عن الأضواء غرباء تلفح وجوههم رياح الغربة، قدوتهم محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، الصديق والفاروق وعثمان وعلي وعمار وبلال ومصعب وطلحة وأنس والبراء، لم يلطخوا نواياهم ولم يدنسوا مقاصدهم بغايات الجاهلية ونماذجها.

▫ المصدر: مقتطف من افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 467
الخميس 28 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد

حُ ـ ـ / ـماة الشَّريـ؏ـة: وقفات شرعية مع غزوة باريس • الوقفة السّادسة: مشروعيّة إحداث التفجير ...

حُ ـ ـ / ـماة الشَّريـ؏ـة:
وقفات شرعية مع غزوة باريس

• الوقفة السّادسة: مشروعيّة إحداث التفجير والتخريب والتّدمير في فرنسا.

باعتبار أنّ فرنسا هي دار كفرٍ وحربٍ؛ فمعنى ذلك أنّه يجوز التّدمير فيها والتّخريب والتّفجير، وهو من الجهاد في سبيل الله، ويستحسن التّركيز على تخريب ما يضرّ باقتصادهم، كما فعل النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - حين حارب يهود بني النّضير، حيث قطع نخيلهم وحرّقه، كما روى البخاريّ ومسلم في صحيحيهما عن ابن عمرَ رضي الله عنهما، قال: "حرّق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نخل بني النّضير وقطع، وهي البويرة"، فنزلت: (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ) [الحشر: ٥]، وهذا نصّ صريح في جواز التّخريب والتّدمير في بلاد الكفر الحربيّة.

• الوقفة السّابعة: غزوات باريس هي السّبيل لردع الكفّار.

إنّ كفّ بأس الكافرين وصدّهم وردع عدوانهم عن المسلمين لا يكون إلّا بمثل هذه الغزوات في عقر ديارهم، لما لها من أثرٍ عظيمٍ من ناحية الإضرار باقتصادهم، وسفك دمائهم وإلقاء الرّعب في قلوبهم، فحينها يحسبون ألف حسابٍ لأيّ هجومٍ لهم على المسلمين، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
وقفات شرعية مع غزوة باريس
السنة السابعة - السبت 9 صفر 1437 ه

وقفات شرعية مع غزوة باريس

• الوقفة الرابعة: بطلان مصطلح "المدنيين".

وقد روّج بعض المفتونين شبهة أنّ القتلى من المدنيّين وأنّ هؤلاء لا يجوز قتلهم! وللردّ على هؤلاء نقول: ليس في شرعنا مصطلح (مدنيّ لا يجوز قتله)، و(عسكريّ يجوز قتله)، فهذا تقسيم محدثٌ وهو بدعةٌ قبيحةٌ منكرةٌ، وقد ذكرنا نصوص الكتاب والسّنة الدّالّة على جواز قتل الكفّار الذين ليس بينهم وبين المسلمين عهدٌ، وذكرنا الإجماع على ذلك، ولا فرق في ذلك بين ما سُمّي مدنياً وما سُمّي عسكرياً، ومن فرَّق وأفتى بعدم جواز قتل الكفّار "المدنيّين" فعليه بالدّليل من الكتاب والسّنّة، وإلّا فهو يكذب على الشّريعة ويفتري على النّصوص.

• الوقفة الخامسة: بيان أنّ شعب فرنسا رجالاً ونساءً هو شعبٌ محاربٌ للإسلام.

وقد أشاع بعض المفتونين والمنافقين أنّ حكومة فرنسا هي التي تحارب الإسلام وأمّا شعبها من النّصارى واليهود ونحوهم فليسوا في حالة حرب، وأنهم مسالمون فلا يجوز قتلهم! وللردّ على هؤلاء نقول: بل إنّ شعب فرنسا سواء كانوا من أعيانهم أو عسكرهم أو عوامّهم هم قومٌ محاربون للإسلام والمسلمين، ولا نستثني إلّا المسلمين منهم، الذين لم يوالوا حكومة فرنسا أو يقترفوا مكفّرا، فهؤلاء لا يجوز تقصّدهم بالقتل. ومن ناحية النّساء والصّبيان فلا شكّ أنّ النّصوص من الكتاب والسّنّة جاءت بتحريم تقصّد قتلهم ابتداءً؛ إلا أنّه يجوز قتلهم تبعاً لا قصداً، وذلك كمثل الإغارة على الكفّار مع صعوبة التّمييز بين الرجال والنّساء والذّراريّ، فيجوز حينها قتلهم تبعاً لا قصداً، ويدلّ على ذلك حديث الصَّعْب بن جَثَّامة - رضي الله عنه - حيث قال: مرّ بي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بالأبواء أو بِوَدّانَ، وسُئل عن أهل الدّار يبيَّتون من المشركين، فيصاب من نسائهم وذراريّهم قال: "هم منهم"، [متفق عليه].

فأقرّ النبي صلّى الله عليه وسلّم ما يصيب النّساء والذّريّة من قتل وجرح في البيات، قال الإمام أحمد بن حنبل: (لا بأس بالبيات، وهل غزو الروم إلّا بالبيات) [مسائل الإمام أحمد رواية أبي داود: ٣١٨]. كما أنه يجوز تقصّد قتلهم إذا كان لهم مشاركة في الحرب على المسلمين، سواءٌ كانت هذه المشاركة بالنّفس أو بالمال أو الرّأي، كما هو الحال بما يُسمّى "استطلاعات الرأي"، أو انتخاب الزعماء الذين يحاربون الإسلام والمسلمين، ويشهد لذلك إقرار النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - قتل دُرَيْدَ بن الصِّمَّةِ وكان عمره يزيد عن مئة عام، لأنه كان ذا رأي في الحرب على المسلمين، وكذا إقرار النبي - صلّى الله عليه وسلّم - لقتل المرأة التي كانت تشتمه، قال الإمام النّوويّ في قتل النّساء والذريّة: (فإن قاتلوا قال جماهير العلماء يقتلون) [شرح النووي على مسلم: ١٢/٤٨].


وإن شعب فرنسا من الرّجال والنّساء لهم مشاركة في الحرب على الإسلام والمسلمين، وذلك بانتخابهم لتلك الحكومات المحاربة للمسلمين، وبتأييدهم للحرب على المسلمين في العراق والشام وخراسان وكلّ مكان، قال الإمام ابن القيم: (وكان هديه - صلّى الله عليه وسلّم - أنّه إذا صالح قوماً فنقض بعضهم عهده وصلحه وأقرّهم الباقون ورضوا به غزا الجميع، وجعلهم كلّهم ناقضين، كما فعل بقريظة والنّضير وبني قينقاع، وكما فعل في أهل مكّة) [زاد المعاد: ٣/١٢٣].


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
وقفات شرعية مع غزوة باريس
السنة السابعة - السبت 9 صفر 1437 ه

يريدون وجهه

• (لمّا أصيب إخوانكم بأحد، جعل الله عزّ وجلّ أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتهوي إلى قناديل من ذهب في ظلّ العرش، فلمّا وجدوا طيب شربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم، قالوا: ياليت إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا، لئلّا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله عزّ وجلّ: أنا أبلّغهم عنكم، فأنزلَ اللهُ: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ..} الآية). [أبو داود]، هكذا واسى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين من قبل، وهي مواساة وبشارة لأتباعهم من بعد.

فبعيدا عن أعين "الكاميرات" وبريق الشاشات، لكن تحت عين الله تعالى وسمعه وبصره سبحانه، تجري معارك مستمرة بين ثلة من كماة الإسلام، مقابل جيوش من القوات الأمريكية والرافضية يقاتلون كتفا بكتف ضد أحفاد الصحابة وبقيّة السلف، معارك لا تستهوي الغثاء ولا تضج بها وسومهم، مع أنها تحوز أوسمة السماء من الله القائل: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ}.

في العراق حيث التوحيد غضًّا طريًّا لم تلوّثه مدارس "الإسلاميين" المنحرفة ومناهجهم المحرّفة، توحيد عركته المحنة وصفّته المفاصلة وصقلته الصحراء وحرسه الجهاد، فلم يشبْهُ انحراف ولم يفسده ترف، بيئة إيمانية جهادية كبيئة الرعيل الأول صحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- الذين تربوا في صحراء الجزيرة وتقلبوا في حرها وقرّها حتى خرجوا منها قادة فاتحين ملكوا حواضر العالم وعواصم الأمم.

ولا يختلف الوضع كثيرا في بوادي الشام عما هو في بوادي العراق، حيث يتقاسم المجاهدون الظروف والحتوف.

على الأرض، يحرص التحالف الصليبي ومعه زبانية إيران، على تكثيف الضربات لمواقع الدولة الإسلامية في العراق، في سياسة أمريكية واضحة خشية أن يؤدي انشغالهم بالصراع اليهودي الرافضي المؤقت إلى إيجاد فسحة للمجاهدين يعززون فيها نشاطهم ويفاجئون فيها عدوهم، وخلافا للمعهود وتخطّيا للدور الروسي، طارت أمريكا تقصف بنفسها مواقع المجاهدين في بادية الشام لنفس السبب، علها تؤخّر الركب أو تعيقه، بعد أن فشلت في إيقافه أو حرف مساره، وكذبت يوم زعمت القضاء عليه.

هذه المعارك لا تطبل لها وسائل الدجال ولا يثني عليها نشطاؤه ولا يحتفي بها دعاته، لأنها معارك لا تكفلها الشرائع الدولية ولا قوانين البشر الوضعية، أبطالها يريدون وجهه سبحانه لا سواه، يسيرون على صراطه ويتبعون سبيله، يستعينون به وحده ويتوكلون عليه، فهو كافيهم وناصرهم.

في حسابات كل الأرضيين لا فائدة ولا جدوى من هذه المعارك، لكن في حسابات المؤمنين الربيّين المتعلقين بربهم، يرون فيها مخاضا لقادسية ويرموك جديدة بإذن الله تعالى، فكل الفاتحين من قبل عبروا هذه المخاضة، وما متقحم لهذه المخاضة بخاسر.

بين بوادي وتلال العراق والشام، يعيش المجاهدون وقائع الأنفال والتوبة والأحزاب، يجاهدون ويقاتلون في سبيل الله طاعة له، ليس اضطرارا ولا ارتهانا لمحاور جاهلية، بل حبا وامتثالا كما أمرهم ربهم: {حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ}، لتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، كل الذين كفروا بلا استثناء.

لقد علم جنود الخلافة أن طريق الرسول -صلى الله عليه وسلم- وصحبه هي طريق الوصول، وفيها القتل والجراح والبأساء والضراء كما أخبر ربنا سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا..}، ولكن بدونها لا نصر ولا ظفر، ولا مكة ولا قدس، ولا شريعة ولا سيادة، فهي الطريق الوحيدة للنصر والتمكين، ورغم ما أصابهم فيها لم يتولوا أو يتراجعوا، ولم يولّوا وجوههم قبَل الشرق أو الغرب، ولم يركنوا إلى الذين ظلموا، فلم يتقربوا لطاغوت أو يتزلفوا لمرتد، وحاشاهم، ولم يسمحوا لأنفسهم تحت ضغط الواقع والشدة أن يبدّلوا أو يغيّروا، كما لم يسمحوا لأنفسهم في الرخاء أن يفرّطوا أو يتهاونوا، فلازموا التوحيد في الشدة والرخاء ومضوا على الجهاد في العسر واليسر، فثبتوا بذلك على الطريقة المحمدية توحيدا وجهادا، صبرا ومصابرة ومرابطة.

تظهر في معاركهم ملامح التجرد والاحتساب لله، بعيدا عن الأضواء غرباء تلفح وجوههم رياح الغربة، قدوتهم محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، الصديق والفاروق وعثمان وعلي وعمار وبلال ومصعب وطلحة وأنس والبراء، لم يلطخوا نواياهم ولم يدنسوا مقاصدهم بغايات الجاهلية ونماذجها.

▫ المصدر: مقتطف من افتتاحية النبأ
صحيفة النبأ الأسبوعية العدد 467
الخميس 28 ربيع الآخر 1446 هـ
...المزيد

وقفات شرعية مع غزوة باريس • الوقفة الثانية: وجوب جهاد فرنسا. ممّا تقدّم بيانه ينبغي معرفة أن ...

وقفات شرعية مع غزوة باريس

• الوقفة الثانية: وجوب جهاد فرنسا.

ممّا تقدّم بيانه ينبغي معرفة أن جهاد فرنسا الصّليبيّة وقتالها واجب على المسلمين وهو من قبيل جهاد الدّفع في زماننا هذا ولا شكّ، قال الله تعالى: (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ) [البقرة: ١٩٠]، وقال الله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَىٰ عَلَيْكُمْ) [البقرة: ١٩٤].

وهذا النّوع من الجهاد واجبٌ بإجماع أهل العلم سلفاً وخلفاً، وإنّ الغزوة التي وقعت في باريس هي من الجهاد الواجب على الأمّة، إذ به يُكَفُّ بأس الذين كفروا.

• الوقفة الثالثة: جواز قتل الصّليبيّين من الفرنسيّين.

مما دلّت عليه نصوص الكتاب والسنّة وما انعقد عليه إجماع الأمّة أنّ الكافر الذي ليس بينه وبين المسلمين عهدٌ من ذمّةٍ أو هدنةٍ أو أمانٍ، فإنّه حلال الدّم والمال، وهو بذلك صار حربياً يجوز قتله وإن لم يشارك في قتالنا، قال الله تعالى: (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [التوبة: ٥].

وعن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - إذا أمّر أميراً على جيشٍ أو سريّةٍ، أوصاه في خاصّته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: "اغزوا باسم الله في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله"، [رواه مسلم].

فهذه النّصوص وغيرها تدلّ على أنّ سبب قتالهم هو الكفر والشّرك، فنحن نقاتلهم ابتداءً لكفرهم وشركهم، وقد جاءت نصوصٌ استثنت من حكم القتل مَنْ لهم عهدٌ شرعيٌّ مع المسلمين، فهؤلاء يوفى لهم عهدهم إلى مدّته، وعليه فالكافر الذي ليس بينه وبين المسلمين عهدٌ هو حلال الدّم والمال، وحلال العرض أيضاً بالجهاد. وهذه المسألة أجمع عليها الأئمّة والعلماء على مرّ العصور وسبقهم في ذلك الإجماع العمليّ للصّحابة على ذلك، قال الإمام الشّافعيّ: (حقن الله الدّماء، ومنع الأموال إلا بحقّها بالإيمان بالله وبرسوله، أو عهد من المؤمنين بالله ورسوله لأهل الكتاب، وأباح دماء البالغين من الرّجال بالامتناع من الإيمان إذا لم يكن لهم عهد) [الأم: 1/ 293]. وقال الإمام القرطبيّ: (والمسلم إذا لقي الكافر ولا عهد له جاز له قتله) [تفسير القرطبي: 5/ 338].


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
وقفات شرعية مع غزوة باريس
السنة السابعة - السبت 9 صفر 1437 ه
...المزيد

وقفات شرعية مع غزوة باريس • لا شكّ أنّ غزوة باريس هي فتحٌ من الله سبحانه لأوليائه، إذ سُرّ بها ...

وقفات شرعية مع غزوة باريس

• لا شكّ أنّ غزوة باريس هي فتحٌ من الله سبحانه لأوليائه، إذ سُرّ بها المجاهدون، وفرح بها المستضعفون من المسلمين، واستبشر بها المكروبون الذين أصابهم ما أصابهم من عدوان الصّليبيّين، وبالرغم من آلام الأمّة إلا أنّ المنافقين دأبوا على استنكار أيّ غزوةٍ يغزوها جنود الخلافة، وبثّ الشّبهات محاولين التّشويش على النّاس، لذا ومن باب إحقاق الحقّ وتبيين الصّواب فهذه وقفاتٌ نبيّن فيها مشروعيّة هذه الغزوة وأمثالها من الغزوات من النّاحية الشّرعيّة، وهذا الذي يهمّ المسلم الفطن، فإن كان الشّرع يقرّ هذا النّوع من الغزوات فدعونا إذاً من إرجاف المنافقين.

• الوقفة الأولى: فرنسا دولةٌ كافرةٌ محاربةٌ.

ممّا هو معلومٌ ولا يختلف فيه اثنان من العقلاء أنّ فرنسا دولةٌ كافرةٌ صليبيّةٌ حاقدةٌ تعلوها أحكام الكفر بل وتقاتل على نشر الشّرك والإلحاد والرّذيلة، وهي مع ذلك دولةٌ محاربةٌ للمسلمين، فواقعها وتاريخها شاهدان على جرائمها وفظائعها واستباحتها لديار المسلمين في الجزائر ومصر وتشاد والشّام ومالي وتونس والنّيجر وخراسان. وهي إلى يومنا هذا تشارك في العدوان على المسلمين في العراق والشّام وتقصف بيوتهم وترعب أطفالهم وتناصر أعداءهم من الرّافضة وملاحدة الكرد، كما أنّها تفعل الشّيء نفسه ضدّ المسلمين في أفغانستان ومالي، وإنّ عداء فرنسا للإسلام شديدٌ؛ فهي من أوائل الدّول حرباً على النّقاب، كما أنّها من الدّول التي جهرت بسبّ نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، قاتلهم الله وقبّحهم.

ولذلك فإنّ فرنسا في ميزان الشّريعة هي دولةٌ كافرةٌ حربيّةٌ محاربةٌ للإسلام والمسلمين، ليس بينها وبين المسلمين عهدٌ أو هدنةٌ أو ذمّةٌ؛ وبالتالي فهي دار حربٍ وينبني على ذلك شرعيّة جهادها وإحداث التفجير والتقتيل فيها.


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
وقفات شرعية مع غزوة باريس
السنة السابعة - السبت 9 صفر 1437 ه
...المزيد

حُ ـ ـ / ـماة الشَّريـ؏ـة: معركة الجماعة والفصائل 5 الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام • ...

حُ ـ ـ / ـماة الشَّريـ؏ـة:
معركة الجماعة والفصائل 5
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام

• خاتمة:

لم تحقّق الفصائل الاجتماع رغم مزاعمها أنّها على الحقّ، وحقّقت الدّولة الإسلاميّة الاجتماع والاعتصام والاتحاد وغاب في صفوفها - بحمد الله - الفرقة والأحزاب، رغم مزاعم الصّحوات أنّها على الباطل، فكان حال الدّولة الإسلاميّة معهم - بحمد الله - مطابقاً للحديث (خطّ لنا رسولُ الله صلّى الله عليهِ و سلّمَ خطّاً ثمَّ خطّ عن يمينهِ وعن شمالهِ خُطوطاً ثمَّ قالَ: هذا سبيلُ الله وهذهِ السُّبلُ على كلِّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)) [رواه أحمد والنّسائي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه]، وسبيل الله في أمر الجماعة هو بيعة الإمام السّنّي وطاعته في المعروف، والسّبل هي الفصائل والتّنظيمات، التي تفرّق الأمّة وتمزّقها إلى أحزاب متنازعة متحاربة، في الوقت الذي تزعم فيه أنّها حريصةٌ على وحدة المسلمين وهداهم، كما في حديث حذيفةَ بن اليمان - رضيَ الله عنهُ - الشّهير (قلتُ: هلْ بعدَ ذلكَ الخيرِ مِنْ شرٍّ ؟ قالَ: "نعم دعاةٌ على أبوابِ جهنّمَ مَنْ أجابَهم إليها قَذفوه فيها"، قلتُ: يا رسولَ اللهِ صِفْهُم لنا، قالَ: "همْ مِنْ جِلدتِنا ويتكلمونَ بألسِنتِنا"، قلتُ: فما تأمرُني إنْ أدرَكَني ذلك؟ قالَ: "تلزمُ جماعةَ المسلمين وإمامهم"، قلتُ: فإنْ لم تكنْ جماعةٌ ولا إمامٌ؟ قالَ: "فاعتزلْ تلكَ الفرقَ كلَّها ولو أنْ تعضَّ بأصلِ شجرةٍ حتَّى يدركك الموتُ وأنتَ كذلك" [رواه البخاريّ ومسلم]، ففي هذا الحديث جعل عليه الصّلاة والسّلام جماعة المسلمين واحدةً فقط وربطها بالإمام وأمر بالالتزام بهما، وفي مقابلهما جعل الِفرَق، وهي متعدّدة، وأمر باعتزالها كلّها.

هذه الفرق (والتي هي في مثالنا هذا فصائل الصّحوات في الشّام) أدّى بعدها عن السّنّة، ومخالفتها الجماعة إلى الوصول بها إلى الرّدّة عن دين الله بتولّيهم للمرتدّين والطّواغيت في حربهم على الدّولة الإسلاميّة، وبامتناعهم عن تطبيق أحكام الله في المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم، وبإعلان بعضهم صراحةً موافقته على العلمانيّة والدّيموقراطيّة وغيرها من شعائر الكفر.

لقد حرص أهل الإسلام على تسمية الفرقة النّاجية بأنّهم (أهل السّنّة والجماعة) للدّلالة على الارتباط بين السّنّة (التي يخرج منها أهل البدع الاعتقاديّة) والجماعة (والتي يخرج منها أهل الخروج على الأئمّة)، وأيّ انحرافٍ في إحدى الصّفتين سيؤدّي غالباً إلى انحراف في الصّفة الأخرى من صفات الطّائفة النّاجية، وهذا ما وقعت فيه الكثير من الطّوائف على امتداد التّاريخ، فمن خرج عن السّنّة في الاعتقاد لم يطل به الوقت حتى خرج عن جماعة المسلمين في الانتماء، ومن خرج على جماعة المسلمين وإمامهم لم يطل به الوقت حتى خرج عن معتقد أهل السّنّة.

• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (5)
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام

أثر انحِراف العالِم

• إن العلماء إذا انحرفوا أضلوا خلقًا كثيرا، فيقتدي بهم الجَاهل وصاحب الهوى، وتصير فتاوى عالم الضلال سيفًا بيد الطَّاغوت الحاكم، يضرب به كل من دعا إلى دين الله الحقِّ، وطالب بتحكيم شريعته، واستنكر موالاة الحاكم لأعداء الله

• مُقتَطَفاتٌ مِنْ سِلسلةِ "الطَّواغِيتُ وَمَشايخ السُّوء" -٣-.

منهج التَّلقي عند السلف

• القرآن الكريم
• صحيح البخاري
• صحيح مسلم
• سنن أبي داوُد
• سنن الترمذي
• سنن النَّسائي
• سنن ابن ماجه

قال الإمام أحمد بن حنبل (رحمه الله):
[والدِّين إنما هو كتاب الله عز وجل وآثار وسنن وروايات صحاح عن الثقات بالأخبار الصحيحة القوية المعروفة يصدق بعضها بعضا حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه رضوان الله عليهم والتابعين وتابعي التابعين ومن بعدهم من الأئمة المعروفين المقتدى بهم والمتمسكين بالسنة والمتعلقين بالآثار.]

ضجة إعلامية!

• علام هذا الاستغراب وهذه الضجة التي أعقبت تصريحات أحد أئمة الرافضة الفرس؛ أعاد التذكير فيها بأنّ حربهم ضد أهل السُّنة لا نهاية لها، فهل كان المستغربون المنتسبون للجبهة السُّنية يتوقعون خلاف ذلك؟ وهل كان وقع تغريدات هذا الطاغوت أشد من وقع مجازرهم بحق مسلمي العراق والشام واليمن خلال عقود؟! ثم هل تتحول هذه الضجة الإعلامية إلى حربِ مفاصلةٍ سُنيةٍ حقيقيةٍ تجاه الرافضة، أم تبقى في إطار التغريدات والوسوم؟! وهل يملك هؤلاء "المستغربون" الجرأة ليعترفوا بخطئهم يوم أنكروا على المجاهدين قتال الرافضة في العراق وكانوا يعدّونه "حرفا للبوصلة" عن قتال الصليبيين، تماما كما يعدّونه اليوم "حرفا للبوصلة" عن قتال اليهود؟!

• افتتاحية النبأ العدد 459

وقفات شرعية مع غزوة باريس

• لا شكّ أنّ غزوة باريس هي فتحٌ من الله سبحانه لأوليائه، إذ سُرّ بها المجاهدون، وفرح بها المستضعفون من المسلمين، واستبشر بها المكروبون الذين أصابهم ما أصابهم من عدوان الصّليبيّين، وبالرغم من آلام الأمّة إلا أنّ المنافقين دأبوا على استنكار أيّ غزوةٍ يغزوها جنود الخلافة، وبثّ الشّبهات محاولين التّشويش على النّاس، لذا ومن باب إحقاق الحقّ وتبيين الصّواب فهذه وقفاتٌ نبيّن فيها مشروعيّة هذه الغزوة وأمثالها من الغزوات من النّاحية الشّرعيّة، وهذا الذي يهمّ المسلم الفطن، فإن كان الشّرع يقرّ هذا النّوع من الغزوات فدعونا إذاً من إرجاف المنافقين.

• الوقفة الأولى: فرنسا دولةٌ كافرةٌ محاربةٌ.

ممّا هو معلومٌ ولا يختلف فيه اثنان من العقلاء أنّ فرنسا دولةٌ كافرةٌ صليبيّةٌ حاقدةٌ تعلوها أحكام الكفر بل وتقاتل على نشر الشّرك والإلحاد والرّذيلة، وهي مع ذلك دولةٌ محاربةٌ للمسلمين، فواقعها وتاريخها شاهدان على جرائمها وفظائعها واستباحتها لديار المسلمين في الجزائر ومصر وتشاد والشّام ومالي وتونس والنّيجر وخراسان. وهي إلى يومنا هذا تشارك في العدوان على المسلمين في العراق والشّام وتقصف بيوتهم وترعب أطفالهم وتناصر أعداءهم من الرّافضة وملاحدة الكرد، كما أنّها تفعل الشّيء نفسه ضدّ المسلمين في أفغانستان ومالي، وإنّ عداء فرنسا للإسلام شديدٌ؛ فهي من أوائل الدّول حرباً على النّقاب، كما أنّها من الدّول التي جهرت بسبّ نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم، قاتلهم الله وقبّحهم.

ولذلك فإنّ فرنسا في ميزان الشّريعة هي دولةٌ كافرةٌ حربيّةٌ محاربةٌ للإسلام والمسلمين، ليس بينها وبين المسلمين عهدٌ أو هدنةٌ أو ذمّةٌ؛ وبالتالي فهي دار حربٍ وينبني على ذلك شرعيّة جهادها وإحداث التفجير والتقتيل فيها.


• المصدر: مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
وقفات شرعية مع غزوة باريس
السنة السابعة - السبت 9 صفر 1437 ه
...المزيد

معركة الجماعة والفصائل 5 الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام • خاتمة: لم تحقّق الفصائل ...

معركة الجماعة والفصائل 5
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام

• خاتمة:

لم تحقّق الفصائل الاجتماع رغم مزاعمها أنّها على الحقّ، وحقّقت الدّولة الإسلاميّة الاجتماع والاعتصام والاتحاد وغاب في صفوفها - بحمد الله - الفرقة والأحزاب، رغم مزاعم الصّحوات أنّها على الباطل، فكان حال الدّولة الإسلاميّة معهم - بحمد الله - مطابقاً للحديث (خطّ لنا رسولُ الله صلّى الله عليهِ و سلّمَ خطّاً ثمَّ خطّ عن يمينهِ وعن شمالهِ خُطوطاً ثمَّ قالَ: هذا سبيلُ الله وهذهِ السُّبلُ على كلِّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله)) [رواه أحمد والنّسائي والحاكم، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه]، وسبيل الله في أمر الجماعة هو بيعة الإمام السّنّي وطاعته في المعروف، والسّبل هي الفصائل والتّنظيمات، التي تفرّق الأمّة وتمزّقها إلى أحزاب متنازعة متحاربة، في الوقت الذي تزعم فيه أنّها حريصةٌ على وحدة المسلمين وهداهم، كما في حديث حذيفةَ بن اليمان - رضيَ الله عنهُ - الشّهير (قلتُ: هلْ بعدَ ذلكَ الخيرِ مِنْ شرٍّ ؟ قالَ: "نعم دعاةٌ على أبوابِ جهنّمَ مَنْ أجابَهم إليها قَذفوه فيها"، قلتُ: يا رسولَ اللهِ صِفْهُم لنا، قالَ: "همْ مِنْ جِلدتِنا ويتكلمونَ بألسِنتِنا"، قلتُ: فما تأمرُني إنْ أدرَكَني ذلك؟ قالَ: "تلزمُ جماعةَ المسلمين وإمامهم"، قلتُ: فإنْ لم تكنْ جماعةٌ ولا إمامٌ؟ قالَ: "فاعتزلْ تلكَ الفرقَ كلَّها ولو أنْ تعضَّ بأصلِ شجرةٍ حتَّى يدركك الموتُ وأنتَ كذلك" [رواه البخاريّ ومسلم]، ففي هذا الحديث جعل عليه الصّلاة والسّلام جماعة المسلمين واحدةً فقط وربطها بالإمام وأمر بالالتزام بهما، وفي مقابلهما جعل الِفرَق، وهي متعدّدة، وأمر باعتزالها كلّها.

هذه الفرق (والتي هي في مثالنا هذا فصائل الصّحوات في الشّام) أدّى بعدها عن السّنّة، ومخالفتها الجماعة إلى الوصول بها إلى الرّدّة عن دين الله بتولّيهم للمرتدّين والطّواغيت في حربهم على الدّولة الإسلاميّة، وبامتناعهم عن تطبيق أحكام الله في المناطق التي وقعت تحت سيطرتهم، وبإعلان بعضهم صراحةً موافقته على العلمانيّة والدّيموقراطيّة وغيرها من شعائر الكفر.

لقد حرص أهل الإسلام على تسمية الفرقة النّاجية بأنّهم (أهل السّنّة والجماعة) للدّلالة على الارتباط بين السّنّة (التي يخرج منها أهل البدع الاعتقاديّة) والجماعة (والتي يخرج منها أهل الخروج على الأئمّة)، وأيّ انحرافٍ في إحدى الصّفتين سيؤدّي غالباً إلى انحراف في الصّفة الأخرى من صفات الطّائفة النّاجية، وهذا ما وقعت فيه الكثير من الطّوائف على امتداد التّاريخ، فمن خرج عن السّنّة في الاعتقاد لم يطل به الوقت حتى خرج عن جماعة المسلمين في الانتماء، ومن خرج على جماعة المسلمين وإمامهم لم يطل به الوقت حتى خرج عن معتقد أهل السّنّة.

• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (5)
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام
...المزيد

معركة الجماعة والفصائل 5 الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام - 4- جيوش "الفتح": • وهو ...

معركة الجماعة والفصائل 5
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام

- 4- جيوش "الفتح":

• وهو أحدث ألاعيب "جبهة الجولانيّ" لتجميع الفصائل تحت قيادتها بشكل غير مباشر، وهو في الأساس تجمّعٌ عسكريٌّ لتنسيق العمل العسكريّ ضدّ النّظام النّصيريّ، مكوّنٌ من فصائل مختلفةٍ من حيث التّوجّهات والأهداف بل وحتى مصادر الدّعم، رغم أنّ الكثير من العارفين بالوضع يقولون أنّ مصدر دعمه العام (تركيّ - قطريّ)، وبعد تمكّن هذا "الجيش" من السّيطرة على مدينة (إدلب) حاولت "جبهة الجولانيّ" مجدّداً تحويله إلى حكومةٍ مصغّرةٍ تحت اسم "هيئة الفتح" لها مؤسّساتها ومحكمتها، ولكنّ النّزاع بين فصائل هذا الجيش كان أكبر من أن يمكن تجاوزه إذ سرعان ما طُرح تحويل هذا "الجيش" إلى أداةٍ لقتال الدّولة الإسلاميّة، الأمر الذي رفضته بعض فصائله التي تريد تركيز جهدها على قتال النّظام النّصيريّ أو أنّها تريد تأجيل المعركة معها، وكذلك فإنّ الخلافات والنّزاعات تشقّ صفوف هذا التّجمّع بخصوص خطط بعض الفصائل للتفاوض مع النّظام، أو عَرْض خدماتها على التّحالف الصّليبيّ في قتال الدّولة الإسلاميّة، وعَرْض فصائل أخرى منه على طواغيت آل سلول تقديم آلاف المقاتلين للعمل تحت إمرتهم في حربهم في اليمن، بل قد أعلنت بعض فصائله انسحابها من "جيش الفتح" الذي صار في حكم المتوقف عن العمل واقعيّاً، وتجري الآن جهود كبيرة من الوسطاء لإعادة لملمته بدعوى التّصدي للحملة الرّافضيّة الرّوسيّة على الرّيف الجنوبيّ لحلب.

• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (5)
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام
...المزيد

معركة الجماعة والفصائل 5 الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام - 3- الهيئات "الشرعيّة"، ودُور ...

معركة الجماعة والفصائل 5
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام

- 3- الهيئات "الشرعيّة"، ودُور "العدل":

• وهذه التّجمعات من ألاعيب "جبهة الجولانيّ" لتجميع الفصائل تحت قيادتها بشكلٍ تدريجيٍّ وغير مباشرٍ، فلمّا كانت المناطق الخارجة عن سيطرة النّظام النّصيريّ تفتقد لأيّ شكل من أشكال السّلطة الموحّدة، وحاجة هذه المناطق إلى ضبط الأمن وتقديم الخدمات، ونظراً لزعم أغلب الفصائل أنّها تريد تطبيق الشّريعة، اختُرعت هذه التّسمية "الهيئات الشّرعيّة" للدّلالة على المحاكم التي أنشأتها "جبهة الجولانيّ" وبعض الفصائل الأخرى على أساس التّشاركيّة، حيث يقدّم كلّ فصيلٍ عدداً من القضاة، ويشارك بعددٍ من العناصر في "القوّة التّنفيذيّة" التي تنفّذ أحكام القضاة، وكذلك يقع على عاتقها جزء من العبء الماليّ لتسيير هذه "الهيئات" التي بدأت رويداً رويداً توسّع من صلاحيّاتها، وتسعى للاستيلاء على أكبر كمٍّ ممكن من الموارد المتوفّرة في المناطق التي تعمل ضمنها، بزعم تأمين الاحتياجات الماليّة لتسيير شؤون هذه المناطق عبر المؤسّسات الخدميّة والأمنيّة المختلفة، بل وحتّى العسكريّة التي ألحقت بها، حيث قامت "هيئة حلب" بالسّيطرة على (معبر كراج الحجز) الذي كان يمثّل - في وقتها - الرّئة الوحيدة للمناطق الواقعة تحت سيطرة النّظام من المدينة، وذلك للاستيلاء على الرّسوم التي كانت تفرض على البضائع الدّاخلة إلى هذه المناطق، كما بدأت "هيئة المنطقة الشّرقيّة" بالسّيطرة على آبار النّفط في ولاية الخير بزعم تمويل العمل العسكريّ في المدينة، وبالتّالي إعلان الحرب على كلّ الفصائل والعشائر التي تقع الآبار تحت سيطرتها.

انهار مشروع "الهيئات الشّرعيّة" الذي لم يكن أصحابه يرجون منه وجه الله وتحكيم شريعته كما كانوا يزعمون لعدّة أسباب، أهمّها أنّ هذه الهيئات لم تكن تحكم بشرع الله عزّ وجلّ وإنما بأهواء القضاة المختلفين عقيدةً وديناً، فمنهم الصّوفيّ القبوريّ، ومنهم المرجئي الجهميّ، ومنهم "السّلفيّ الجهاديّ"، ومنهم من كان قاضياً أو محامياً في محاكم الطّاغوت ولم يتبْ من رِدّته، وكلٌّ منهم يحكم بما يؤمن ويعتقد، وفضلاً عن هذا فإنّ قرارات هذه الهيئات ومحاكمها كانت مسلّطة على المستضعفين من النّاس، دون عناصر الفصائل المنتمية إليها، كونهم تحت حمايتها، أمّا الكتائب القويّة التي لم تشترك في هذه الهيئات فإنّها كانت هي وعناصرها بعيدةً عن أيّ شكلٍ من أشكال المساءلة والحساب مهما بلغ إجرامها، وكذلك ساد التّنازع بين الفصائل على الموارد الماليّة الواقعة تحت تصرّف الهيئات، وبالتّالي انهارت "هيئة حلب" أولاً، خاصّة بعد إعلان الدّولة الإسلاميّة، وتبعتها "هيئة الشّرقيّة" التي حُوِّلت إلى إطارٍ لتنظيم العمل العسكريّ ضد الدّولة الإسلاميّة، وكان أوّل أعمالها العسكريّة الهجوم على جنود الدّولة الإسلاميّة في ولاية الخير للسّيطرة على الموارد التي صارت تحت سيطرتهم، ثم انهارت هذه الهيئة وزالت بزوال "جبهة الجولانيّ" والفصائل المتحالفة معها، وهروبهم من المنطقة الشّرقيّة باتجاه درعا والقلمون.

وبانهيار "الهيئات الشرعيّة"، وانسحاب "جبهة الجولانيّ" منها بعد أن ساءت سمعتها وكرهها النّاس، ابتُدعت لعبة تجميع جديدةٌ أطلق عليها اسم "دار العدل"، للإشارة إلى المحاكم التي أنشأتها "جبهة الجولانيّ" في مناطق الشّمال وحوران وكان لها فيها سطوةٌ ونفوذٌ أشدّ، بل وصل الأمر بهم أن يهدّدوا بالحرب كل من يرفض الانضمام والخضوع لهذه المحاكم التي لم تكن بأفضل من محاكم "الهيئات الشّرعيّة"، لتعود "جبهة الجولانيّ" إلى الانسحاب منها، كما حدث مع "دار العدل في حوران"، التي أعلنت لاحقاً التزامها بتطبيق "القانون العربيّ الموحّد" الوضعيّ الذي أصدرته "جامعة الدّول العربيّة"، فانهارت هذه المشاريع البدعيّة، التي باتت في حقيقتها مشاريع ردّةٍ عن الدّين وامتناع عن شرائع الإسلام، بل واستبدالها بشرائع الكفر الظاهرة لاحقاً، وظل أصحابها يبحثون عن وسائل بدعيّةٍ جديدةٍ لجمع الفصائل إليهم، والتوحّد تحت لوائهم، وكلٌّ منهم يظنّ أنّه يخدع صاحبه، وفي النّهاية يكتشف الجميع أنّهم خُدعوا بهذه المشاريع فيتركونها ويعلنون فشلها.

• المصدر: صحيفة النبأ – العدد 6
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (5)
الوسائل البدعية لتجميع الفصائل في الشام
...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً