فَوَائِدُ وَفَرَائِدُ مِنَ السُّنَّةِ وَالآثَارِ • عن عطاء، عن ابن عباس، قال: «ما اجتمع رجلان ...

فَوَائِدُ وَفَرَائِدُ مِنَ السُّنَّةِ وَالآثَارِ

• عن عطاء، عن ابن عباس، قال: «ما اجتمع رجلان يختصمان فافترقا حتى يفتريا على الله عزَّ وجل».

• عن الحارث العكلي، قال: «أيما رجلين جلسا يختصمان، فليعلما أنهما في بدعةٍ حتى يفترقا».

[الإبانة الكبرى (639) (640)]
...المزيد

فَضَائِلُ الصَّحَابَة • عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ ...

فَضَائِلُ الصَّحَابَة

• عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَا.سِلِ، فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ»، فَقُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ، فَقَالَ: «أَبُوهَا»، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ». فَعَدَّ رِجَالًا.


أخرجه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي
...المزيد

• غض البصر: كل الحوادث مبدأها من النظر ومعظم النار من مستصغر الشرر كم نظرةٍ فتكت في قلب ...

• غض البصر:

كل الحوادث مبدأها من النظر
ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرةٍ فتكت في قلب صاحبها
فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والعبد ما دام ذا عينٍ يقلبها
في أعين الغيد موقوفٌ على خطرٍ
يسر مقلته ما ضر مهجته
لا مرحبا بسرور عاد بالضرر

- غض البصر في اللغة يعني كفه ومنعه من الاسترسال في التأمل والنظر.

- يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والله سبحانه قد أمر في كتابه بغض البصر وهو نوعان: غض البصر عن العورة، وغضه عن محل الشهوة."
[مجموع الفتاوى ٤١٤/١٥)]

1- غض البصر عن عورات الناس، ومن ذلك زينة المرأة الأجنبية.

2- غض البصر عن بيوت الناس وما أغلقت عليه أبوابهم.

3- غض البصر عما في أيدي الناس من الأموال والنساء والأولاد والمتاع ونحوها.

- يذكر العلماء في فوائد غض البصر أموراً كثيرة:

أحدها:
1- أنه امتثال لأمر الله الذي هو غاية سعادة العبد في معاشه ومعاده.

2- أنه يمنع من وصول أثر السهم المسموم الذي لعل فيه هلاكه إلى قلبه.

3- أنه يورث القلب أنسا بالله، وجمعية على الله، فإن إطلاق البصر يفرق القلب ويشتته ويبعده من الله.

4- أنه يقوي القلب ويفرحه، كما أن إطلاق البصر يضعفه ويحزنه.

5- أنه يكسب القلب نوراً، كما أن إطلاقه يكسب ظلمة.
...المزيد

الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها • فضائل الحسبة: لمّا كانت مكانة الحسبة في الشّريعة عظيمةً ...

الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها

• فضائل الحسبة:

لمّا كانت مكانة الحسبة في الشّريعة عظيمةً كان فضلها عظيماً، وكان القائمون عليها بصدقٍ وحقٍ هم أهل الفضائل الذين صدَّقوا القول بالعمل، ودعوا النّاس لدين الله وأخذوا على يد الظّالم والمسيء، وقد تكلّم الله سبحانه وتعالى في كتابه عن صالحي أهل الكتاب من الأمم قبلنا فقال: { لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤) } [آل عمران]، فجعل أول علامة للصّالحين بعد الإيمان بالله واليوم الآخر هي الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.

• فوائد الحسبة الدينيّة والدنيويّة:

اشتملت هذه الشّعيرة المباركة على فوائد دينيّةٍ ودنيويّةٍ جمَّةٍ، منها - على سبيل المثال لا الحصر -:

- النّجاة من عذاب الله تعالى كما قال سبحانه: { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ } [الأعراف: ١٦٥].

- إدراك رحمة الله لمن قام بشعيرة الحسبة، قال تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) } [التوبة].

- شيوع الأمن الحقيقيّ والأمن النّفسيّ بين رعية الدّولة الإسلاميّة، فحين يقوم كلّ فردٍ بدوره الشّرعيّ المأمور به من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ينتفي الظّلم وتشيع الفضيلة، قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } [الأنعام: ٨٢].

- تنبيه الغافلين عن أوامر الله، الغارقين في معاصي الله، وتحقيق مفهوم الرّحمة المتمثّلة ببعثة النّبي صلّى الله عليه وسلّم { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: ١٠٧]، فالرّحمة تقتضي الحرص على النّاس ومنعهم من ولوج محارم الله الموصلة إلى سخطه وعذابه في الدّنيا والآخرة.

- التّقليل ما أمكن من مظاهر الانحراف الأخلاقيّ والسّلوكيّ بين الرعيّة، فما دام دعاة الطّاعة قائمين على رؤوس النّاس فلن يجد - بإذن الله - دعاة جهنّم مكاناً لهم ليفتنوا عباد الله عن صراطه المستقيم.

• الآثار المترتبة على ترك الحسبة:

كما أنّ للحسبة فوائدَ وفضائلَ ظاهرةً فإن لتركها وإهمالها آثارًا خطيرةً على الجماعة المسلمة، منها:

- حلول الغضب الإلهيّ بسبب شيوع المنكرات وهجران الطّاعات، وفشوّ الفساد بين الرعيّة دون نكير أو تحذير.

- تمكّن الباطل وأهله في المجتمع، وذلك يؤدي إلى أن تتحوّل الأرض إلى بؤرةٍ من الشّرّ والفساد قال الله تعالى: { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ } [البقرة: ٢٥١]، { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا } [الحج: ٤٠].


• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 7
مقال:
الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها
...المزيد

إنْ قُلتُم: نَحنُ نَحتَفِلُ مَحَبَّةً بِهِ - ﷺ -، • قُلنَا: لكنَّ المَحَبَّةَ هِيَ الاتِّباع ...

إنْ قُلتُم: نَحنُ نَحتَفِلُ مَحَبَّةً بِهِ - ﷺ -،

• قُلنَا: لكنَّ المَحَبَّةَ هِيَ الاتِّباع وليس الابتداع، قَالَ اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى- { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [آل عمران: ٣١].

تَأمَّل قَولَهُ -تَعَالَى: { فَاتَّبِعُونِي } إذن المَحَبَّةُ هي الاتِّبَاع، ثُمَّ هَل أَنتُم أَكثرُ حُبَّا للنّبي ﷺ مِنْ أَصْحَابِهِ؟ وَمَعَ حُبِّهِم لَهُ - ﷺ - لَمْ يَحتفلوا بمولِده
...المزيد

الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها • فضائل الحسبة: لمّا كانت مكانة الحسبة في الشّريعة عظيمةً ...

الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها

• فضائل الحسبة:

لمّا كانت مكانة الحسبة في الشّريعة عظيمةً كان فضلها عظيماً، وكان القائمون عليها بصدقٍ وحقٍ هم أهل الفضائل الذين صدَّقوا القول بالعمل، ودعوا النّاس لدين الله وأخذوا على يد الظّالم والمسيء، وقد تكلّم الله سبحانه وتعالى في كتابه عن صالحي أهل الكتاب من الأمم قبلنا فقال: { لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤) } [آل عمران]، فجعل أول علامة للصّالحين بعد الإيمان بالله واليوم الآخر هي الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر.

• فوائد الحسبة الدينيّة والدنيويّة:

اشتملت هذه الشّعيرة المباركة على فوائد دينيّةٍ ودنيويّةٍ جمَّةٍ، منها - على سبيل المثال لا الحصر -:

- النّجاة من عذاب الله تعالى كما قال سبحانه: { فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ } [الأعراف: ١٦٥].

- إدراك رحمة الله لمن قام بشعيرة الحسبة، قال تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) } [التوبة].

- شيوع الأمن الحقيقيّ والأمن النّفسيّ بين رعية الدّولة الإسلاميّة، فحين يقوم كلّ فردٍ بدوره الشّرعيّ المأمور به من الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ينتفي الظّلم وتشيع الفضيلة، قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ } [الأنعام: ٨٢].

- تنبيه الغافلين عن أوامر الله، الغارقين في معاصي الله، وتحقيق مفهوم الرّحمة المتمثّلة ببعثة النّبي صلّى الله عليه وسلّم { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: ١٠٧]، فالرّحمة تقتضي الحرص على النّاس ومنعهم من ولوج محارم الله الموصلة إلى سخطه وعذابه في الدّنيا والآخرة.

- التّقليل ما أمكن من مظاهر الانحراف الأخلاقيّ والسّلوكيّ بين الرعيّة، فما دام دعاة الطّاعة قائمين على رؤوس النّاس فلن يجد - بإذن الله - دعاة جهنّم مكاناً لهم ليفتنوا عباد الله عن صراطه المستقيم.

• الآثار المترتبة على ترك الحسبة:

كما أنّ للحسبة فوائدَ وفضائلَ ظاهرةً فإن لتركها وإهمالها آثارًا خطيرةً على الجماعة المسلمة، منها:

- حلول الغضب الإلهيّ بسبب شيوع المنكرات وهجران الطّاعات، وفشوّ الفساد بين الرعيّة دون نكير أو تحذير.

- تمكّن الباطل وأهله في المجتمع، وذلك يؤدي إلى أن تتحوّل الأرض إلى بؤرةٍ من الشّرّ والفساد قال الله تعالى: { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ } [البقرة: ٢٥١]، { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا } [الحج: ٤٠].


• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 7
مقال:
الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها
...المزيد

الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها • مشروعيّة الحسبة وحكمها: قال القاضي عياض: "الأمر ...

الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها

• مشروعيّة الحسبة وحكمها:

قال القاضي عياض: "الأمر بالمعروف والنّهى عن المنكر من واجبات الإيمان ودعائم الإسلام بالكتاب والسّنة وإجماع الأمّة" إكمال المعلم بفوائد مسلم. والأدلّة من القرآن الكريم والسّنة المطهّرة على وجوب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر أكثر من أن تحصى في هذه الأسطر؛ فمنها: قول الله تعالى: { وَلْتَكُنْ مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } [آل عمران: ١٠٤]، وقال تعالى: { فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ } [هود: ١١٦].

وعن أبي سعيدٍ الخدريّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من رأى منكم منكراً فليغيرّه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان». صحيح مسلم.

فجعل تغيير المنكر من صفات المؤمن الرّاسخة مصداقاً لقوله تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } [التوبة: ٧١]. وليست مقتصرةً على مؤسّسةٍ معيّنةٍ أو طائفةٍ أو فرقةٍ من المسلمين، بل هي واجبةٌ على كلّ مسلمٍ لعموم الأدلّة الواردة في وجوب الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، و علّق الإمام ابن كثيرٍ على قوله تعالى: { وَلْتَكُنْ مِّنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ } فقال: "والمقصود من هذه الآية أن تكون فرقةٌ من الأمّة متصدّية لهذا الشّأن، وإن كان ذلك واجباً على كلّ فردٍ من الأمّة بحسبه، كما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "من رأى منكم منكراً فليغيرّه بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". وفي رواية: "وليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل".


• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 7
مقال:
الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها
...المزيد

الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها • الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّد ...

الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها

• الحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيّد المرسلين، نبيّنا محمد وعلى آله الطّيبين وصحابته الأكرمين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدّين، أمّا بعد:

فقد بعث الله نبيّه محمّداً صلى الله عليه وسلّم بخير دين وخير كتاب، وجعل أمّته خير أمّة بين الأمم، وخصّص هذه الخيريّة بمزيّةٍ عظيمةٍ فقال: { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ } [آل عمران: ١١٠]، وقد عرفت هذه الشّعيرة العظيمة في التّاريخ الإسلاميّ باسم الحِسبة.

فما هي الحِسبة؟ وما هي مكانتها في الشّرعية الإسلاميّة؟
وما فضيلتها وفوائدها؟ وما الآثار المترتّبة على تركها؟

• تعريف الحِسبة:

الحِسبة لغةً: بالكسر هو الأجر؛ تقول: فعلته حِسبةً؛ والاحتساب: طلب الأجر، وفي الحديث: (من مات له ولد فاحتسبه)، أي احتسَبَ الأجر بصبره على مصيبته به، وفي الحديث: (من صام رمضان إيمانا واحتسابا)، أي طلبا لوجه الله تعالى وثوابه. انظر لسان العرب لابن منظور.

الحسبة اصطلاحاً: قال صاحب الأحكام السّلطانيّة: "هي أمرٌ بالمعروف إذا ظهر تركه، ونهيٌ عن المنكر إذا أظهر فعله."، وقال صاحب الإحياء: "الحسبة عبارةٌ عن المنع عن منكرٍ لحَقِّ الله صيانةً للممنوع عن مقارفة المنكر".

فالحسبة إذاً ولاية دينيّة تتولى مهمّة الأمر بالمعروف إذا أظهر النّاس تركه، والنّهي عن المنكر إذا أظهر النّاس فعله، حماية لجناب الشّريعة من الضّياع، وصيانة للجماعة المسلمة من الانحراف، وتحقيقاً لمصالح النّاس الدينيّة والدنيويّة وفقاً لشرع الله تعالى.

• منزلة الحسبة في الإسلام:

قال ابن تيميّة رحمه الله: "جميع الولايات في الإسلام مقصودها أن يكون الدّين كلّه لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا، فإنّ الله - سبحانه وتعالى - إنّما خلق الخلق لذلك، وبه أنزل الكتب، وبه أرسل الرّسل، وعليه جاهد الرّسول والمؤمنون، قال الله تعالى: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ } (الذاريات: ٥٦)، وقال تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } (الأنبياء: ٢٥)، وقال سبحانه: { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } (النحل: 36)".

وقال القرطبيّ عن الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر: "هو فائدة الرّسالة وخلافة النّبوة" تفسير القرطبيّ. فالحسبة هي سفينة النّجاة التي تحمل الأمة وتنجو بها من التّيه في غياهب المعاصي والشّهوات، والضّلالات والشّبهات.

وقد ضرب لها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مثلاً واضحاً فقال: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينةٍ، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا، ونجوا جميعًا" رواه البخاريّ.


• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 7
مقال:
الحسبة في الإسلام مكانتها وفضيلتها
...المزيد

معركة الجماعة والفصائل (6) تجارب أهل الجماعة مع الفصائل - لا جماعات مع الجماعة في العراق: ...

معركة الجماعة والفصائل
(6) تجارب أهل الجماعة مع الفصائل

- لا جماعات مع الجماعة في العراق:

مع فتح الموصل وتساقط أجزاءٍ واسعةٍ من العراق بيد المجاهدين، وزوال قبضة الرّافضة عنها، لم تجد الدّولة الإسلاميّة صعوبةً في توحيد صفّ المسلمين هناك خاصّةً بعد إعلان الخلافة الإسلاميّة، والسّبب - بعد فضل الله - يعود إلى خلوّ السّاحة من الفصائل، فالفصائل التي كانت لها القوّة والشّوكة في بدايات الاحتلال الصّليبيّ الأمريكيّ للعراق أتلفت نفسها في قتال الدّولة الإسلاميّة، فتفكّكت وزالت ولم يبق منها إلا بيانات تُنشر على مواقع التّواصل من حسابات يديرها قادتها القابعون في رعاية الطّواغيت في "دول الجوار"، ولم يكن زوالها ناتجاً فقط عن خسائرها في قتال الدّولة الإسلاميّة، بل بانفضاض المقاتلين عنها، حيث تركها الكثيرون ممّن انخدعوا بها سنيناً عندما وجدوا أنفسهم في صفّ الصّليبيّين ضدّ من كانوا يعدّونهم إخوة الجهاد في الأمس، وكذلك انفضّ عنها الذين وجدوا في الانضمام إلى الصّحوات وإلى صفّ الرّوافض والصّليبيّين فرصةً أفضل لتحقيق المنافع من بقائهم في صفّ هذه الفصائل، خاصّةً في ظلّ حشد الفتاوى والتّصريحات من علماء السّوء الذين جعلوا من قتال دولة العراق الإسلاميّة واجب العصر، فزالت الفصائل في العراق، ورحل المحتلّ الصّليبيّ منه، وبقيت الدّولة الإسلاميّة تصاول الرّوافض سنين حتّى فتح الله عزّ وجلّ عليها الأرض.

إنّ تجربة الدّولة الإسلاميّة وخاصّةً بعد إعادة الخلافة الإسلاميّة قدّمت نموذجاً حيّاً عن الفرق بين حال المسلمين في ظلّ الجماعة عن حالهم في ظلّ الفصائل، وإن مقارنةً بسيطةً بين المناطق الخاضعة لحكم الدّولة الإسلامية في الشّام والأخرى التي تسيطر عليها الفصائل كفيلةٌ بتوضيح هذا الفارق.

إذ لم يكن ممكناً على سبيل المثال تطبيق شريعة الله بوجود الفصائل، لأنّ أيّ قضيّة يكون أحد أطرافها تابعاً لفصيل ما، لا يمكن حلّها إلا بمعركةٍ مع هذا الفصيل، في الوقت الذي يخضع كلّ النّاس في دولة الخلافة لسلطة الشّرع، ويحقّ للقضاة فيها استدعاء أيّ مدّعىً عليه مهما بلغت سلطته وليحاكم وفقاً لشريعة الله. ولا تزال الفصائل في المناطق التي تسيطر عليها من الشّام ترفض تطبيق شرع الله بدعوى عدم تمكّنها من الأرض، فأنشأ كلّ فصيلٍ منها محكمةً خاصّة به، فضاعت حقوق العباد بين محاكم الأوغاد. ومن النّاحية العسكريّة، فإنّ ثبات الدّولة الإسلاميّة بفضل الله وهي تخوض حرباً عالميّةً بمفردها لم يكن ليتحقّق في ظلّ وجود الفصائل التي كرّرت تجربة الصّحوات بطريقة أو بأخرى.

الجماعة والفصائل ... لن يتكرّر الخطأ

وبناءً على هذه التّجربة الطّويلة المريرة في التّعامل مع الصّحوات، أدرك قادة الدّولة الإسلاميّة، أن لا حلّ ممكنٌ مع الفصائل إلا بتفكيكها وإزالتها، حيث لا يمكن بأيّ حالٍ أن تنضمّ هذه الفصائل جميعها إلى مشروعٍ جامعٍ للأمّة، لأنّ كلّاً منها يريد أن يكون قائداً للأمّة، إنْ لم يكن يرى في فصيله أنّه هو الأمّة، وكذلك بسبب استقواء أكثر الفصائل بالطّواغيت لتوفير الدّعم اللّازم لاستمرارها وبالتّالي خضوعها لشروط هؤلاء الطّواغيت التي لا يمكن أن تكون في مصلحة المسلمين.

فكان الخطاب الأخير للشّيخ العدنانيّ تقبله الله (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ) يحمل في طيّاته النّتيجة النّهائيّة لمصير الفصائل بعد قرنٍ من الزّمن راجت وكثرت فيه الفصائل في ظلّ غياب جماعة المسلمين، ولكنّ تجربة الفصائل وتعدّدها كانت كارثةً من حيث النّاتج العامّ، إذ ضاعت ثمرة الكثير من التّجارب الجهاديّة بسبب هذه الفصائل وتنازعها، وارتباط كثير منها بالطّواغيت، ودخول كثيرٍ منها في مشاريع تحالفاتٍ وائتلافاتٍ مع الطّواغيت لتحقيق مصالح هذه الفصائل، ولإضعاف خصومها، وما تجارب الشّام الأولى (ضدّ الطاّغوت حافظ الأسد) وأفغانستان الأولى (ضدّ الشّيوعيّين) والجزائر (ضدّ أبناء فرنسا) والعراق الأولى (ضدّ الصّليبيّين الأمريكيّين)، والشّام الحاليّة، إلا أمثلةٌ واقعيةٌ عن الكوارث التي أحلّتها الفصائل بالجهاد. وبذلك تنطلق الأمّة المسلمة نحو مرحلةٍ جديدةٍ عنوانها (جماعة المسلمين) التي تقودها الخلافة الإسلاميّة نسأل الله لها النّصر والتّمكين.


• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 7
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (6)
تجارب أهل الجماعة مع الفصائل
...المزيد

معركة الجماعة والفصائل (6) تجارب أهل الجماعة مع الفصائل - لا جماعات مع الجماعة في العراق: ...

معركة الجماعة والفصائل
(6) تجارب أهل الجماعة مع الفصائل

- لا جماعات مع الجماعة في العراق:

مع فتح الموصل وتساقط أجزاءٍ واسعةٍ من العراق بيد المجاهدين، وزوال قبضة الرّافضة عنها، لم تجد الدّولة الإسلاميّة صعوبةً في توحيد صفّ المسلمين هناك خاصّةً بعد إعلان الخلافة الإسلاميّة، والسّبب - بعد فضل الله - يعود إلى خلوّ السّاحة من الفصائل، فالفصائل التي كانت لها القوّة والشّوكة في بدايات الاحتلال الصّليبيّ الأمريكيّ للعراق أتلفت نفسها في قتال الدّولة الإسلاميّة، فتفكّكت وزالت ولم يبق منها إلا بيانات تُنشر على مواقع التّواصل من حسابات يديرها قادتها القابعون في رعاية الطّواغيت في "دول الجوار"، ولم يكن زوالها ناتجاً فقط عن خسائرها في قتال الدّولة الإسلاميّة، بل بانفضاض المقاتلين عنها، حيث تركها الكثيرون ممّن انخدعوا بها سنيناً عندما وجدوا أنفسهم في صفّ الصّليبيّين ضدّ من كانوا يعدّونهم إخوة الجهاد في الأمس، وكذلك انفضّ عنها الذين وجدوا في الانضمام إلى الصّحوات وإلى صفّ الرّوافض والصّليبيّين فرصةً أفضل لتحقيق المنافع من بقائهم في صفّ هذه الفصائل، خاصّةً في ظلّ حشد الفتاوى والتّصريحات من علماء السّوء الذين جعلوا من قتال دولة العراق الإسلاميّة واجب العصر، فزالت الفصائل في العراق، ورحل المحتلّ الصّليبيّ منه، وبقيت الدّولة الإسلاميّة تصاول الرّوافض سنين حتّى فتح الله عزّ وجلّ عليها الأرض.

إنّ تجربة الدّولة الإسلاميّة وخاصّةً بعد إعادة الخلافة الإسلاميّة قدّمت نموذجاً حيّاً عن الفرق بين حال المسلمين في ظلّ الجماعة عن حالهم في ظلّ الفصائل، وإن مقارنةً بسيطةً بين المناطق الخاضعة لحكم الدّولة الإسلامية في الشّام والأخرى التي تسيطر عليها الفصائل كفيلةٌ بتوضيح هذا الفارق.

إذ لم يكن ممكناً على سبيل المثال تطبيق شريعة الله بوجود الفصائل، لأنّ أيّ قضيّة يكون أحد أطرافها تابعاً لفصيل ما، لا يمكن حلّها إلا بمعركةٍ مع هذا الفصيل، في الوقت الذي يخضع كلّ النّاس في دولة الخلافة لسلطة الشّرع، ويحقّ للقضاة فيها استدعاء أيّ مدّعىً عليه مهما بلغت سلطته وليحاكم وفقاً لشريعة الله. ولا تزال الفصائل في المناطق التي تسيطر عليها من الشّام ترفض تطبيق شرع الله بدعوى عدم تمكّنها من الأرض، فأنشأ كلّ فصيلٍ منها محكمةً خاصّة به، فضاعت حقوق العباد بين محاكم الأوغاد. ومن النّاحية العسكريّة، فإنّ ثبات الدّولة الإسلاميّة بفضل الله وهي تخوض حرباً عالميّةً بمفردها لم يكن ليتحقّق في ظلّ وجود الفصائل التي كرّرت تجربة الصّحوات بطريقة أو بأخرى.

الجماعة والفصائل ... لن يتكرّر الخطأ

وبناءً على هذه التّجربة الطّويلة المريرة في التّعامل مع الصّحوات، أدرك قادة الدّولة الإسلاميّة، أن لا حلّ ممكنٌ مع الفصائل إلا بتفكيكها وإزالتها، حيث لا يمكن بأيّ حالٍ أن تنضمّ هذه الفصائل جميعها إلى مشروعٍ جامعٍ للأمّة، لأنّ كلّاً منها يريد أن يكون قائداً للأمّة، إنْ لم يكن يرى في فصيله أنّه هو الأمّة، وكذلك بسبب استقواء أكثر الفصائل بالطّواغيت لتوفير الدّعم اللّازم لاستمرارها وبالتّالي خضوعها لشروط هؤلاء الطّواغيت التي لا يمكن أن تكون في مصلحة المسلمين.

فكان الخطاب الأخير للشّيخ العدنانيّ تقبله الله (قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ) يحمل في طيّاته النّتيجة النّهائيّة لمصير الفصائل بعد قرنٍ من الزّمن راجت وكثرت فيه الفصائل في ظلّ غياب جماعة المسلمين، ولكنّ تجربة الفصائل وتعدّدها كانت كارثةً من حيث النّاتج العامّ، إذ ضاعت ثمرة الكثير من التّجارب الجهاديّة بسبب هذه الفصائل وتنازعها، وارتباط كثير منها بالطّواغيت، ودخول كثيرٍ منها في مشاريع تحالفاتٍ وائتلافاتٍ مع الطّواغيت لتحقيق مصالح هذه الفصائل، ولإضعاف خصومها، وما تجارب الشّام الأولى (ضدّ الطاّغوت حافظ الأسد) وأفغانستان الأولى (ضدّ الشّيوعيّين) والجزائر (ضدّ أبناء فرنسا) والعراق الأولى (ضدّ الصّليبيّين الأمريكيّين)، والشّام الحاليّة، إلا أمثلةٌ واقعيةٌ عن الكوارث التي أحلّتها الفصائل بالجهاد. وبذلك تنطلق الأمّة المسلمة نحو مرحلةٍ جديدةٍ عنوانها (جماعة المسلمين) التي تقودها الخلافة الإسلاميّة نسأل الله لها النّصر والتّمكين.


• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 7
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (6)
تجارب أهل الجماعة مع الفصائل
...المزيد

معركة الجماعة والفصائل (6) تجارب أهل الجماعة مع الفصائل • كان إعلان دولة العراق الإسلاميّة ...

معركة الجماعة والفصائل
(6) تجارب أهل الجماعة مع الفصائل

• كان إعلان دولة العراق الإسلاميّة واحداً من أهمّ الأحداث في تاريخ المسلمين الحديث، لعدّة أسباب منها القيام بالواجب الشّرعيّ المضيّع، وقطع الطّريق على لصوص الجهاد الذين كانوا يحضّرون أنفسهم للاستيلاء على ثمرات تضحيات المجاهدين خاصّة مع ظهور بوادر الفشل الأمريكيّ وكثرة التّوقّعات حول رغبته في الانسحاب من العراق، وكذلك لأنّ هذا الإعلان كان يحمل في طيّاته الانتهاء من مرحلة الفصائل التي مزّقت الجهاد في العراق؛ بسبب المرجعيّات المختلفة لهذه الفصائل، ورؤاها المتعدّدة بخصوص مستقبل الجهاد ومستقبل العلاقة مع الأطراف المختلفة في السّاحة العراقيّة.

هذا الإعلان لم يكن للفصائل أن تفهمه الفهم الصّحيح على أنّه دعوةٌ للاجتماع والاعتصام بحبل الله عن طريق الوسيلة الشّرعيّة ألا وهي إقامة جماعة المسلمين ونصب الإمام لها الذي يجتمع عليه المسلمون كلّهم، ولكنّها فهمتها من منطلق الأحزاب والدّيموقراطيّات التي أُشربتها قلوبهم وإن أنكرتها ألسنتهم، فلم يكن لهم ليتقبّلوا أن يدعوا إلى جماعةٍ غير فصيلهم ولو كانت جماعة المسلمين، ولا لإمامٍ غير أنفسهم ولو استكمل كلّ شروط الإمامة الشّرعيّة، فأعلنوا الحرب على الدّولة الإسلاميّة، وأكّدوا بأفعالهم أنّ الثّابت الوحيد في عرفهم أنْ تبقى فصائلهم، وكلّ ما سوى ذلك متغيّراتٌ تبعٌ للحفاظ على ذلك الثّابت، فصار المحتلّ الأمريكيّ الذي كانوا يقاتلون لإخراجه من العراق حليفاً مقرّباً ضدّ العدوّ المشترك وهو الدّولة الإسلاميّة، وصار الرّوافض الذين كانوا عملاء للمحتلّ "شركاء في الوطن" بل حتّى "شركاء في العمليّة السّياسيّة"، وبات المجاهدون من جنود الدّولة الإسلاميّة هم العدوّ الوحيد الذي يجب القضاء عليه "للحفاظ على الجهاد في العراق"، وزيادةً في الإثم قاموا بتشكيل تجمّعاتٍ بدعيّةٍ مرتدّةٍ لصدّ النّاس عن الدولة الإسلامية وحشد القوى لقتالها.

وكان لتمسّك قادة دولة العراق الإسلاميّة وعلى رأسهم الشيخان (أبو عمر البغداديّ وأبو حمزة المهاجر) تقبّلهما الله بهذه الدولة ورفض التّراجع عنها بل وحتى رفض أيّ تفاوضٍ مع خصومها في شأن بقائها الأثر الكبير في منع العودة بها إلى مرحلة الفصائل، رغم أنّها أضعفت كثيراً من حيث العدد والعدّة وانحازت من أغلب المناطق التي كانت تحت سيطرتها، لكن كان بقاء الدّولة الإسلاميّة ثابتاً لا يقبل الشّيخان التّفاوض حوله مع العدوّ والصّديق على حدٍّ سواء، حيث أطلق وزير الحرب تصريحه الشهير "إن قلوبنا مفتوحة لكل نقد وتعديل يخص هذا المشروع، فقط لا يمكن الرجوع عن أمرين: الدولة وأميرها، لأنا اجتهدنا ونحسب فيهما الخير والبركة والفلاح". وأطلق أمير دولة العراق الإسلاميّة الشّعار المعروف "باقية" لقطع النّقاش في هذه المسألة.

خبرات العراق وفصائل الشّام

دخل مجاهدو دولة العراق الإسلاميّة إلى الشّام مثقلين بالتّجارب المريرة مع الفصائل المسلّحة في العراق، نصرةً للمسلمين في وجه الطّاغوت النّصيريّ من جهة، ولتنشيط ساحتها من جهة أخرى لتكون بذلك عمقاً استراتيجيّاً لساحة العراق وامتداداً لها، في إطار وحدة جهاد الأمّة المسلمة، لكنّ الفصائل أبت ذلك.

كان قادة الدّولة الإسلاميّة يعلمون علم اليقين أنّ هذه الفصائل لن تترك الدّولة الإسلاميّة دون قتال، ولكنّ الخيار كان بتأجيل قتالهم المؤكّد ما استطاعوا ذلك.

وفي نفس الوقت كان أعداء الدّولة الإسلاميّة من الصّليبيّين وأنصارهم من الطّواغيت والأحزاب المنحرفة يضعون نصب أعينهم القضاء عليها وقتل مشروعها في الشّام في مهده بالأسلوب ذاته الذي طُبّق في العراق، فكثرت الزّيارات التي يقوم بها المسؤولون الأمريكيّون إلى تركيا للالتقاء بقادة الفصائل، وفي الوقت ذاته بدأت مشاريع لإنشاء قوّاتٍ مدرّبةٍ أمريكيّاً في الأردن لقتال الدّولة الإسلاميّة.

وكان من فضل الله على الدّولة الإسلاميّة وما حمله قادتها من خبرة في التّعامل مع الفصائل بناءً على تجاربهم في العراق، والتي علّمتهم أنّ التّهاون في شأن ردّ عاديتها، وتوضيح حكمها الشّرعيّ مفسدةٌ للدّين، مضيعةٌ للجهاد، فبيّنوا للنّاس عامّةً ولجنودهم خاصّةً حكم قتال هذه الفصائل، وشدّ المجاهدون وقادتهم لقتالها مآزرهم، ولم يسقطوا السّيف من أياديهم إلا والفصائل مكسورون، مدحورون، والدولة الإسلاميّة ممكّنة في جزءٍ كبيرٍ من الشّام تطبّق شرع الله وتقيم حدوده فيه.


• مقتطف من صحيفة النبأ – العدد 7
مقال:
معركة الجماعة والفصائل (6)
تجارب أهل الجماعة مع الفصائل
...المزيد

عُقوبة مُخالفة أَمر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم -. • قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ ...

عُقوبة مُخالفة أَمر النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّم -.

• قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ سورة النور ‌۝٦٣

قال ابن كثير - رحمه الله تعالى - في تفسيره: وقوله: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ﴾

أي: عن أمرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سبيله هوَ ومنهاجُه وطريقتُه وسنَّتُه وشريعتُه، فتوزن الأقوال والأعمال بأقواله وأعماله، فما وافق ذلك قُبل، وما خالفه فهو مردود على قائله وفاعله، كائنا من كان، كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من عمِل عملًا ليس عليهِ أمرُنا فهو ردٌّ)، أي: فليحذر وليخش من خالف شريعة الرسول باطنًا أو ظاهرًا ﴿ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ﴾ أي: في قلوبهم، من كُفر أو نفاقٍ أو بدعة، ﴿ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾.

وقال الطَّبري رحمه الله تعالى - في تفسيره في قوله - تعالى -: ﴿ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ يقول: أو يصيبهم في عاجل الدنيا عذاب من الله مُوجع، على صنيعهم ذلك، وخلافهم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً