الغلظة على الكفار والمرتدين في سيرة الخلفاء الراشدين [1/2] كان الصحابة -رضوان الله عليهم- أرقّ ...

الغلظة على الكفار والمرتدين في سيرة الخلفاء الراشدين

[1/2]
كان الصحابة -رضوان الله عليهم- أرقّ الناس أفئدة، وألينهم قلوبا وجانبا، وأحسنهم معشرا وأخلاقا، وأخلصهم في الدعوة والحرص على نشر الدين ورفع راية الإسلام، وكانوا أشد الناس حرصا على التمسك بالهدي النبوي واتّباع سنّة الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الأمور كلّها، ومن ذلك قضية التعامل مع الكفار في أوقات السلم وأوقات الحروب على حد سواء، فقد كانوا أشداء على الكفار، يغلظون عليهم بالسيف واللسان، حتى ثبّتوا للدين أصوله، وأقاموا للإسلام قواعده، ورفعوا للتوحيد رايته.

وأولهم الصديق -رضي الله عنه- الذي ثبّت الله الإسلام بثباته حين عزم على قتال المرتدين الذين امتنعوا عن شريعة واحدة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة، وهي فريضة الزكاة، فلم يفرق بينهم وبين من عاد إلى عبادة الأوثان أو من اتبع الدجّالين، لذا عقد الألوية وبث السرايا، ومنها اللواء الذي عقده لسيف الله المسلول خالد بن الوليد، رضي الله عنه.

وفي أولى صولاته مع المرتدين تمكن خالد -رضي الله عنه- من كسر جيش طليحة بن خويلد الأسدي، ومن انضم إليه من قبائل العرب، ففلَّ جمعهم وكسر شوكتهم، فأرسل الصديق إليه يوصيه بالتنكيل والإثخان فيهم، قال ابن كثير: «وقد كتب أبو بكر الصديق إلى خالد بن الوليد حين جاءه أنه كسر طليحة ومن كان في صفه وقام بنصره، فكتب إليه: ليزدك ما أنعم الله به خيرا، واتق الله في أمرك، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، جُدَّ في أمرك ولا تلن، ولا تظفر بأحد من المشركين قتل من المسلمين إلَّا نكلت به، ومن أخذت ممن حاد الله أو ضاده ممن يرى أن في ذلك صلاحا فاقتله» [البداية والنهاية].

وقد أنفذ سيف الله المسلول الوصية، فانطلق يطلب مَن بقي مِن المرتدين مِن فلول الجيش المنهزم وينكل بهم ويقتص منهم، قال ابن كثير: «فجعل يتردَّد في طلب هؤلاء شهرا يأخذ بثأر من قتلوا من المسلمين الذين كانوا بين أظهرهم حين ارتدوا، فمنهم من حرَّقه بالنار ومنهم من رضخه بالحجارة، ومنهم من رمى به من شواهق الجبال، كل هذا ليعتبر بهم من يسمع بخبرهم من مرتدة العرب»، وفي هذا إرهاب لمن بقي من المرتدين الذين بدءوا يتسامعون هذه الأخبار فبادر بعضهم إلى التوبة والانقياد وعاند آخرون وأصروا على القتال والجلاد.

ولما قدم وفد بزاخة يسألون أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- الصلح متعهدين بالرجوع إلى أحكام الإسلام كافة، خيّرهم بين الحرب المجلية أو السلم المخزية، قال ابن كثير: «فقالوا يا خليفة رسول الله أما الحرب المجلية فقد عرفناها، فما السلم المخزية؟ قال: تؤخذ منكم الحلقة والكراع وتتركون أقواما يتبعون أذناب الإبل، حتى يري الله خليفة نبيه والمؤمنين أمرا يعذرونكم به، وتؤدون ما أصبتم منا ولا نؤدي ما أصبنا منكم، وتشهدون أن قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار»، والحديث عند البخاري مختصرا.

وهذا الفعل من الصديق -رضي الله عنه- إذلال لمن حارب الله ورسوله ليتبين لهم سوء ما فعلوه وعظم ما اقترفوه، وفيه تأمين لدولة الإسلام من خطرهم بنزع سلاحهم بعد توبتهم، وهو منبئ عن عزة الإسلام والمسلمين، فمع أنَّ الحرب لم تنته بعد مع المرتدين، إلا أنه فرض الشروط التي تدل على عزة المسلمين وعزة دولتهم وذلة من يعاديها أو يحاربها.

وللصديق رضي الله عنه موقف آخر مع مرتد خادع المسلمين وحاربهم وهو الفجاءة السلمي، فكان جزاؤه أن يحرقه بالنار، قال ابن كثير: «وقد كان الصديق حرَّق الفجاءة بالبقيع في المدينة، وكان سببه أنه قدم عليه فزعم أنه أسلم وسأله أن يجهز معه جيشا يقاتل به أهل الردة، فجهز معه جيشا فلما سار جعل لا يمر بمسلم ولا مرتد إلا قتله وأخذ ماله، فلما سمع الصديق بعث وراءه جيشا فردّه، فلما أمكنه بعث به إلى البقيع فجُمعت يداه إلى قفاه، وألقي في النار فحرقه وهو مقموط».

وأما في اليمامة فقد جرت أشد المعارك وأحماها وطيسا مع المرتدين من أتباع مسيلمة الكذاب، وبذل فيها الصحابة -رضوان الله عليهم- أقصى ما يستطيعون حتى مكّنهم الله من رقاب أعدائهم فأبادوا خضراءهم، قال ابن كثير: «فكان جملة من قتلوا في الحديقة وفي المعركة قريبا من عشرة آلاف مقاتل، وقيل واحد وعشرون ألفا، وقتل من المسلمين ستمائة وقيل خمسمائة»، وقال ابن الأثير في «الكامل»: «ووصل كتاب أبي بكر إلى خالد أنْ يقتل كل محتلم، وكان قد صالحهم فوفى لهم ولم يغدر»، ولولا الصلح الذي عقده خالد بن الوليد -رضي الله عنه- مع مجاعة عن قومه بني حنيفة قبل وصول كتاب الصديق -رضي الله عنه- لاستأصل ما بقي منهم، والله أعلم.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 47
الثلاثاء 18 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

الغلظة على الكفار والمرتدين في سيرة الخلفاء الراشدين [2/2] وأما في اليمامة فقد جرت أشد المعارك ...

الغلظة على الكفار والمرتدين في سيرة الخلفاء الراشدين

[2/2]
وأما في اليمامة فقد جرت أشد المعارك وأحماها وطيسا مع المرتدين من أتباع مسيلمة الكذاب، وبذل فيها الصحابة -رضوان الله عليهم- أقصى ما يستطيعون حتى مكّنهم الله من رقاب أعدائهم فأبادوا خضراءهم، قال ابن كثير: «فكان جملة من قتلوا في الحديقة وفي المعركة قريبا من عشرة آلاف مقاتل، وقيل واحد وعشرون ألفا، وقتل من المسلمين ستمائة وقيل خمسمائة»، وقال ابن الأثير في «الكامل»: «ووصل كتاب أبي بكر إلى خالد أنْ يقتل كل محتلم، وكان قد صالحهم فوفى لهم ولم يغدر»، ولولا الصلح الذي عقده خالد بن الوليد -رضي الله عنه- مع مجاعة عن قومه بني حنيفة قبل وصول كتاب الصديق -رضي الله عنه- لاستأصل ما بقي منهم، والله أعلم.

وفي البحرين بعد أن أثخن العلاء بن الحضرمي -رضي الله عنه- بمرتديها ففروا أمامه وتبعهم المسلمون ينكلون بهم، ركب المرتدون السفن وعبروا الخليج، قال ابن كثير: «ثم ركب المسلمون في آثار المنهزمين يقتلونهم بكل مرصد وطريق، وذهب من فر منهم أو أكثرهم في البحر إلى دارين»، وهنا لم يترك لهم المسلمون فرصة التقاط الأنفاس أو الهرب بأنفسهم، فقرروا عبور الخليج بالسفن إليهم، ولما وجدوا أنَّ ذلك سيؤخرهم عن مبتغاهم قرر العلاء الحضرمي -رضي الله عنه- أن يخوض هو وجيشه الخليج متوكلاً على ربه مستعينا به، قال ابن كثير: «فأجاز بهم الخليج -بإذن الله- يمشون على مثل رملة دمثة فوقها ماء، لا يغمر أخفاف الإبل، ولا يصل إلى ركب الخيل ومسيرته للسفن يوم وليلة، فقطعه إلى الساحل الآخر فقاتل عدوه وقهرهم واحتاز غنائمهم ثم رجع فقطعه إلى الجانب الآخر، فعاد إلى موضعه الأول وذلك كله في يوم، ولم يترك من العدو مخبرا واستاق الذراري والأنعام والأموال»، وعلى هذه الوتيرة كانت كل حروب الردة، تنكيل وإثخان بالمرتدين حتى يرجعوا لأمر الله أو يقتلوا على ردتهم.

وبفراغ الصديق -رضي الله عنه- من حروبهم، عمد إلى البدء في فتوح العراق والشام، فالمرتدون عقبة كؤود في طريق الجهاد في سبيل الله ونشر الإسلام في الأرض لا بد من اقتلاعها، حتى يتيسر لأمة الإسلام دعوة من خالفها من الأمم وقتالهم على أمر الله.

وفي إحدى معاركه مع الفرس المجوس أقسم سيف الله المسلول -رضي الله عنه- أن يجري النهر بدمائهم، قال ابن كثير: «وقال خالد اللهم لك علي إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحدا أقدر عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم، ثم إن الله -عز وجل- منح المسلمين أكتافهم، فنادى منادي خالد الأسر الأسر لا تقتلوا إلا من امتنع من الأسر، فأقبلت الخيول بهم أفواجا يساقون سوقا وقد وكَّل بهم رجالا يضربون أعناقهم في النهر، ففعل ذلك بهم يوما وليلة، ويطلبهم في الغد ومن بعد الغد، وكلما حضر منهم أحد ضربت عنقه في النهر، وقد صرف ماء النهر إلى موضع آخر، فقال له بعض الأمراء إن النهر لا يجري بدمائهم حتى ترسل الماء على الدم فيجري معه فتبرَّ بيمينك، فأرسله فسال النهر دما عبيطا، فلذلك سمى نهر الدم إلى اليوم... وبلغ عدد القتلى سبعين ألفا».

وفي إحدى حروب خالد بن الوليد -رضي الله عنه- مع الروم سأله أحد قادتهم -وهو ماهان- اللقاء والمحاورة ليرده عن قصده فكان الجواب المرعب من خالد مُوقفاً له عند حده. قال ابن كثير: «فقال ماهان: إنا قد علمنا أنّ ما أخرجكم من بلادكم الجهد والجوع، فهلموا إلى أن أعطي كل رجل منكم عشرة دنانير وكسوة وطعاما وترجعون إلى بلادكم، فإذا كان من العام المقبل بعثنا لكم بمثلها؛ فقال خالد: إنه لم يخرجنا من بلادنا ما ذكرت، غير أنَّا قوم نشرب الدماء، وأنه بلغنا أنه لا دم أطيب من دم الروم، فجئنا لذلك؛ فقال أصحاب ماهان: هذا والله ما كنا نحدَّث به عن العرب».

وفي خلافة علي -رضي الله عنه- ظهر قوم غلوا فيه وادعوا ربوبيته فأمر بإحراقهم جميعا، ذكر الذهبي في «تاريخ الإسلام»: «جاء أُناس إلى علي فقالوا: أنت هو! قال: من أنا؟ قالوا: أنت هو! قال: ويلكم من أنا؟ قالوا: أنت ربنا! قال: ارجعوا! فأبوا، فضرب أعناقهم، ثم خدّ لهم في الأرض، ثم قال: يا قنبر ائتني بحزم الحطب، فحرقهم بالنار، وقال: لما رأيت الأمر أمراً منكراً أوقدت ناري ودعوت قنبرا».


إن ما ذكرناه من قصص هنا لا يعدو كونه نماذج قليلة من نمط تعامل الصحابة مع الكفرة والمرتدين في حروبهم معهم، فمن شاء أن يسير على هداهم فقد اهتدى ونجا، ومن أراد أن يتبع غير سبيلهم، فسيوليه الله ما تولّى من المناهج والملل الضالة المضلة، ومن زعم أنه أهدى منهم فقد كذب على الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- والله يهدي إلى سواء السبيل.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 47
الثلاثاء 18 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

أيها المسلمون، لا تتعجبوا من اجتماع أمم الكفر ودوله وملله على الدولة الإسلامية، فهذا حال الطائفة ...

أيها المسلمون، لا تتعجبوا من اجتماع أمم الكفر ودوله وملله على الدولة الإسلامية، فهذا حال الطائفة المنصورة في كل زمان، وسيستمر هذا الاجتماع وتشتد الفتن والمحن حتى يكتمل الفسطاطان، فلا يبقى في هذا منافق، ولا يبقى في ذاك مؤمن، ثم كونوا على يقين أن الله سينصر عباده المؤمنين، وأبشروا واطمئنوا فإن دولتكم لا زالت بخير، وكلما ازداد تكالب الأمم عليها كلما ازدادت يقينا بنصر الله، وأنها على الصراط المستقيم، وكلما اشتدت بها المحن كلما لفظت الأدعياء والمنافقين، وازداد صفها نقاء وازدادت صلابة وثباتا.

أيها المسلمون، إن المعــركة اليوم لم تعد مجرد حملة صليبية، وإنما هي حرب أمم الكفر جميعا ضد أمة الإسلام، ولم يسبق في تاريخ أمتنا أن اجتمع عليها العالم بأسره في معــركة واحدة كما هو حاصل اليوم، إنها معركة الكفار جميعا ضد المسلمين جميعا، وإن كل مسلم معني بهذه الحرب، معني بامتثال أمر الله له، بتأدية فريضة الجهاد في سبيل الله، فإن امتثل فله الحسنى، والنجاة والفوز والقرب من الله ونيل رضاه، وإن عصى فله السوء والهلاك والخسران، والبوء بغضب الله وسخطه، وإن كل مسلم معني بهذه الحـرب، بالدفاع عن دين الله وشرعه، ونصـرة المستضعفين من الرجال والنساء والولدان، فهذه الحرب حرب كل مسلم، وعليه خوضها للدفاع عن دينه ونفسه وماله وعرضه وكرامته، فشمروا لحـربكم أيها المسلمون في كل مكان، شمروا وأنتم واثقون من نصر الله، شمروا ولا تهنوا ولا تحزنوا، ولقد قال لكم ربكم - عز وجل - عن الكفار: (لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ)، وصدق الله عز وجل، وها هم النصـارى الصلـيبيون وأمم الكـفر وملله معهم ومن ورائهم اليهود، لا يجرؤون على المجيء برا لقتال ثلة قليلة من المجاهدين، وكل يدفع صاحبه ليورطه، لا يجرؤون على المجيء لامتلاء قلوبهم رعبا من المجا،هدين، ولأنهم بفضل الله تأدبوا في أفغانستان والعراق، وعلموا أنه لا طاقة لهم بالمجاهـدين، لا يجرؤون على المجيء لأنهم يعلمون يقينا ما ينتظرهم من الأهوال والويلات، في الشام والعراق وليبيا وأفغانستان وسيناء وأفريقيا واليمن والصومال، يعلمون ما ينتظرهم في دابق والغوطة من الهزيمة والهلاك والدمار، يعلمون أنها الحرب الأخيرة، وبعدها - بإذن الله - نغزوهم ولا يغزوننا، ويسود الإسلام العالم من جديد، وإلى قيام الساعة، ولذا يؤخرون المجيء ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، ويعملون جاهدين لحشد المزيد من أذنــابهم وعملائهم، من الصحوات والمرتدين وملحدي الأكراد، وقطعان الروافض البهائم، وما زالت أمريكا وحلفاؤها يحلمون بالقضاء على الخلافـة عبر وكلائهم وأذنابهم.

وكلما فشل لهم حلف أو قُطع ذنب، سارعوا لإنشاء آخر، حتى أعلنوا مؤخرا عن التحالف السلــولي المسمى زورا بالإسلامي، وقد أعلن أن هدفه محــاربة الخلافة، ولو كان تحالفا إسلاميا لأعلن نصرته ونجدته لأهل الشام المستضعفين المنكوبين، وأعلن حــربه على النصيرية وأسيادهم الروس، ولو كان إسلاميا لأعلن العداوة والحـرب على الروافض المشركين والأكراد الملحدين في العراق، الذين استباحوا أهل السنة قتلا وتشريدا وعاثوا في ديارهم فسادا، ولو كان تحالفا إسلاميا لما أيدته الصين الملحدة وطالبت الدخول فيه، ولو كان تحالفا إسلاميا لأعلن براءته من أسياده اليـهود والصلـيبيين، ولجعل هدفه قتل اليهود وتحرير فلسطين، نعم فلسطين، التي ظن اليهود أننا نسيناها وظنوا أنهم أشغلونا عنها، كلا يا يهـود، ما نسينا فلسطين لحظة، وبإذن الله لن ننساها وقريبا قريبا بإذن الله تسمعون دبيب المجاهدين، وتحاصركم طلائعهم، في يوم ترونه بعيدا ونراه قريبا، وها نحن نقترب منكم يوما بعد يوم، وإن حسابكم لعسير عسير، لن تهنؤوا في فلسطين أبدا يا يــهود، ولن تكون داركم وأرضكم، لن تكون فلسطين إلا مقبــرة لكم، وما جمعكم الله فيها إلا ليقـتلكم المسلمون، حتى تختبئوا خلف الشجر والحجر، ولقد علمتم ذلك جيدا، فتربصوا إنا معكم متربصون.

• مقتطف من الكلمة الصوتية لأمير المؤمنين الشيخ أبو بكر البغدادي - تقبله الله- بعنوان: (فتربّصوا إنّا معكم متربّصون)
...المزيد

أيها المسلمون، ارجعوا إلى كتاب ربكم - عز وجل - وسنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - لتعلموا حقيقة هذه ...

أيها المسلمون، ارجعوا إلى كتاب ربكم - عز وجل - وسنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - لتعلموا حقيقة هذه الحرب، وحقيقة هذا التحالف اليهودي الصليبي الصفوي، بقيادة أمريكا وتخطيط اليهود، ولتعلموا حقيقة من يقف في صفه وخندقه وفسطاطه، فلقد قال لكم ربكم عز وجل: (وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)، وقال تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)، وقال سبحانه: (إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ)، وقال تعالى: (لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ)، وقال سبحانه: (وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ)، وقال سبحانه: (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)، وقال سبحانه: (مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ)، ثم بعد كل هذا، ما زال من المسلمين من يشك أنها ليست حربا على الإسلام والمسلمين، ما زال من المسلمين من يظن أن اجتماع دول الكفار وملله على حرب الدولة الإسلامية، ليس حربا على شرع الله وأمة محمد صلى الله عليه وسلم، فأي ضلال بلغ من يعتقد هذا؟ وعلى أي دين أصبح من يقف في خندق هذا التحالف ضد الدولة الإس،لامية؟ وعلى أي دين بات من يحرض على الدولة الإسلامية ليل نهار ويدعو لقتالها، بل لأولوية قتالها، وهي تقف هذا الموقف تقارع وحدها جيوش الكفر قاطبة؟

• مقتطف من الكلمة الصوتية لأمير المؤمنين الشيخ أبو بكر البغدادي - تقبله الله - بعنوان: (فتربّصوا إنّا معكم متربّصون)
...المزيد

أيها المسلمون، عليكم أن تدركوا أن الدولة الإسلا،مية منذ نشأتها قبل عشر سنين وإلى اليوم هي رأس ...

أيها المسلمون، عليكم أن تدركوا أن الدولة الإسلا،مية منذ نشأتها قبل عشر سنين وإلى اليوم هي رأس الحربة في الصراع بين فسطاط الإيمان وفسطاط الكفر، بل هي عمود هذا الفسطاط وأركانُه وأساسُه، ولأن أعداء الله يدركون هذا جيدا، اجتمعت جميع قوى الكفار والمرتدين في العالم بأسره، واتفقت قاطبة على حرب الدول،ة الإس،لا،مية، والسعي ليل نهار لإضعافها والقضاء عليها بكافة الوسائل وشتى السبل، وإن اجتماعهم هذا دليل على أن الدولة الإسلا،مية عمود فسطاط الإيمان ورأس حربة خندقه، دليل أوضح من الشمس في رابعة النهار، لم يعد يخفى حتى على العجائز والصبيان، ولا ينكره إلا مشاقق للحق معاند.

أيها المسلمون، إن خوض هذه الحرب واجب على كل مسلم، ولا يعذر فيها أحد، وإنا نستنفركم جميعا في كل مكان، ونخص أبناء بلاد الحرمين، فانفروا خفافا وثقالا، شيبا وشبابا، قوموا يا أحفاد المهاجرين والأنصار، قوموا على آل سلول الطغاة المرتدين، وانصروا أهلكم وإخوانكم في الشام والعراق واليمن، وأفغانستان والقوقاز ومصر وليبيا والصومال والفلبين وإفريقيا وإندونيسيا وتركستان وبنغلادش وكل مكان، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ * إِلَّا تَنفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، وقال سبحانه: (انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ).

مقتطف من الكلمة الصوتية لأمير المؤمنين الشيخ أبو بكر البغدادي - تقبله الله - بعنوان: (فتربّصوا إنّا معكم متربّصون)
...المزيد

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة في ظروف الحرب والفتن والشدة، تزداد الهموم، وتبلغ القلوب الحناجر، ...

كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة


في ظروف الحرب والفتن والشدة، تزداد الهموم، وتبلغ القلوب الحناجر، فمن الناس من يثبتهم الله بإيمانهم وحسن ظنّهم بالله، ومنهم من يهلك فينقلب على عقبيه، منتكسا عن دينه، موليا الدبر، وخائنا لإخوانه، بل تجد أن كثيرا من هؤلاء لا يكتفي بانهزامه، بل يحاول سعيه أن ينقل تلك الهزيمة إلى غيره، ويشيعها في المسلمين كافة، فيهوّل من شأن أعدائهم، ويسعى لإخافة المسلمين منهم، وصدهم بذلك عن قتالهم والوقوف في وجههم.

وهذا الفعل من الأفعال المشهورة عن المنافقين، المنتشرة بين ضعيفي الإيمان ومسلوبي اليقين، من الرجال والنساء، فأما شأنهم في الرجال معروف، ودورهم فيما مضى من كلام مبسوط وموصوف، أما في النساء، فإن المصيبة من قبلهن تكمن في نقل هذا الإرجاف من بيوت المنافقين وألسنتهم لتدخله إلى بيتها وبين زوجها وأولادها، لتقع في أفعال المنافقين من حيث شعرت أم لم تشعر.

- الإرجاف فعل المنافقين:

والإرجافُ هو الخبر الكاذب المثيرُ للفتنِ والاضطرابِ. قالَ القرطبي رحمه الله في تفسيره: (الإرْجافُ الْتِمَاسُ الْفِتْنَةِ، وَإِشَاعَةُ الْكَذِبِ وَالْبَاطِل لِلاِغْتِمَامِ بِهِ)ا.هـ

وقد ذمّ الله تعالى الإرجافَ وأهله في مواضعَ كثيرةٍ من القرآنِ الكريمِ، فقد قالَ عزّ وجلّ: {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا} (الأحزاب 18)، وقالَ أيضًا: {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61)] (الأحزاب)، قال الجصاص في (أحكام القرآن): (فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْإِرْجَافَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَالْإِشَاعَةَ بِمَا يَغُمُّهُمْ وَيُؤْذِيهِمْ يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّعْزِيرَ وَالنَّفْيَ إذَا أَصَرَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ، وَكَانَ قَوْمٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ وَآخَرُونَ مِمَّنْ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي الدِّينِ وَهُمْ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَهُوَ ضَعْفُ الْيَقِينِ يُرْجِفُونَ بِاجْتِمَاعِ الْكُفَّارِ وَالْمُشْرِكِينَ وَتَعَاضُدِهِمْ وَمَسِيرِهِمْ إلَى الْمُؤْمِنِينَ فَيُعَظِّمُونَ شَأْنَ الْكُفَّارِ بِذَلِكَ عِنْدَهُمْ وَيُخَوِّفُونَهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ فِيهِمْ، وَأَخْبَرَ تَعَالَى بِاسْتِحْقَاقِهِمْ النَّفْيَ وَالْقَتْلَ إذَا لَمْ يَنْتَهُوا عَنْ ذَلِكَ، فَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ ذَلِكَ سُنَّةُ اللَّهِ وَهُوَ الطَّرِيقَةُ الْمَأْمُورُ بِلُزُومِهَا وَاتِّبَاعِهَا). ا.هـ

ومن خطورة الإرجاف أن حذر المجاهدين من الاختلاط بالمرجفين، لأنهم يوهنون الصف بكلامهم، ويضعفون المسلمين بتخذيلهم، كما قال تعالى {لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زادُوكُمْ إِلاَّ خَبالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}، قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ رَهْطٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ، يُشِيرُونَ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُنْطَلِقٌ إلَى تَبُوكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِ: أَتَحْسِبُونَ جَلَّادَ بَنِي الْأَصْفَرِ كَقِتَالِ الْعَرَبِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا! وَاَللَّهِ لَكَأَنَّا بِكَمْ غَدًا مُقَرَّنِينَ فِي الْحِبَالِ، إرْجَافًا وَتَرْهِيبًا لِلْمُؤْمِنِينَ.


◽ المصدر: صحيفة النبأ - العدد 31
الثلاثاء 10 شعبان 1437 ه‍ـ

مقتطف من مقال:
كُونِي مُثبِّتة لاَ مُثبِّطة
...المزيد

من قصص الثبات في حياة الصحابيات [2/2] وأما أسماء، فبنت الصديق، رضي الله عنها وعن أبيها، تلك ...

من قصص الثبات في حياة الصحابيات
[2/2]

وأما أسماء، فبنت الصديق، رضي الله عنها وعن أبيها، تلك التي ضربت في الثبات والجهاد أروع الأمثلة، أسماء التي يخرج أبوها مهاجرا مع النبي، صلى الله عليه وسلم، فيأخذ كل ماله ولا يترك لهم شيئا، فلا تتذمر ولا تتبرم، بل تحتال على جدها ولا تفضح أباها، فعن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، أن أباه، حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر، قالت: «لما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخرج معه أبو بكر، احتمل أبو بكر ماله كله معه: خمسة آلاف درهم، أو ستة آلاف درهم»، قالت: «وانطلق بها معه»، قالت: «فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره، فقال: والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه»، قالت: «قلت: كلا يا أبه، إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا»، قالت: «فأخذت أحجارا، فوضعتها في كوة البيت، كان أبي يضع فيها ماله، ثم وضعت عليها ثوبا، ثم أخذت بيده، فقلت: يا أبه، ضع يدك على هذا المال»، قالت: «فوضع يده عليه، فقال: لا بأس، إن كان قد ترك لكم هذا، فقد أحسن، وفي هذا لكم بلاغ»، قالت: «ولا والله ما ترك لنا شيئا، ولكني قد أردت أن أسكّن الشيخ بذلك» [رواه أحمد وغيره].

ولم تسلم ذات النطاقين من بطش الطاغوت أبي جهل إذ تقول: «لما خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر، أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل، فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليه»، فقالوا: «أين أبوك يا بنت أبي بكر؟» قالت: «قلت: لا أدري والله أين أبي»، قالت: «فرفع أبو جهل يده، وكان فاحشا خبيثا، فلطم خدي لطمة خر منها قرطي»، قالت: «ثم انصرفوا» [حلية الأولياء].

هكذا حال المسلمة المؤمنة بربها، الظانة به ظن الخير، المستعذِبة العذابَ في سبيل دينها، وإنه لما خرج قوم على خليفة المسلمين عبد الله بن الزبير -رضي الله عنهما- وحاصره الحَجّاج الثقفي في مكة، كانت أسماء تلك الأم التي ثبتت ابنها وحرضته على الموت في سبيل الله تعالى، يقول ابن كثير: «ودخل عبد الله بن الزبير على أمه فشكا إليها خذلان الناس له، وخروجهم إلى الحَجّاج حتى أولاده وأهله، وأنه لم يبق معه إلا اليسير، ولم يبق لهم صبر ساعة، والقوم يعطونني ما شئت من الدنيا، فما رأيك؟ فقالت: يا بني، أنت أعلم بنفسك، إن كنت تعلم أنك على حق وتدعو إلى حق فاصبر عليه، فقد قُتل عليه أصحابك، ولا تمكّن من رقبتك، يلعب بها غلمان بني أمية، وإن كنتَ إنما أردتَ الدنيا فلبئس العبد أنت؛ أهلكتَ نفسك وأهلكتَ من قُتل معك، وإن كنتَ على حق فما وهن الدين، وإلى كم خلودكم في الدنيا؟ القتل أحسن [...] ثم جعلت تذكّره بأبيه الزبير، وجدّه أبي بكر الصديق، وجدّته صفية بنت عبد المطلب، وخالته عائشة زوج رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وترجيه القدوم عليهم إذا هو قتل شهيدا، ثم خرج من عندها، فكان ذلك آخر عهده بها، رضي الله عنهما وعن أبيه وأبيها» [البداية والنهاية].

وأما الخنساء بنت عمرو، فحالها ليس ببعيد عن حال أسماء، فعن أبي وجزة، عن أبيه، قال: «حضرت الخنساء بنت عمرو بن الشريد السلمية حرب القادسية ومعها بنوها أربعة رجال، فقالت لهم من أول الليل: يا بني، إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم لبنو رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة ما خنت أباكم، ولا فضحت خالكم، ولا هجنت حسبكم، ولا غبرت نسبكم، وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، فإذا أصبحتم غدا إن شاء الله سالمين فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساقها، واضطرمت لظى على سياقها، وجللت نارا على أوراقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها، عند احتدام خميسها، تظفروا بالغنم والكرامة، في دار الخلد والمقامة» [الاستيعاب].

فكان للخنساء ما أرادت، وخرج أبناؤها الأربعة يبتغون الموت مظانه فقتلوا جميعهم في يوم واحد، ولما بلغها خبرهم ما زادت على أن قالت: «الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته».

فلله در نساء كهؤلاء، ما قعدن يبكين وينتحبن في ساعات الشدة والبلاء، بل حملن على أعتاقهن هم الدين والأمة، فهذه تثبت زوجا، وتلك تحرض ابنا...
وبمثل هؤلاء تقتدي المسلمة، وإذا اشتدت الأزمات وضاقت الحلقات، تسلت بذكر ثباتهن، واستعطرت بطيب سيرهن.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.


• المصدر: صحيفة النبأ - العدد 46
الثلاثاء 4 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

من قصص الثبات في حياة الصحابيات [1/2] الجنة... سلعة الله الغالية، خير المقام ومنتهى المرام، ...

من قصص الثبات في حياة الصحابيات
[1/2]

الجنة... سلعة الله الغالية، خير المقام ومنتهى المرام، إليها يتسابق المؤمنون، ويتنافس في نيلها المتنافسون، تحار في كنهها العقول، ويعجز عن وصفها فحل قؤول، غير أنها قد حُفّت بالأشواك لا بالورود، ودماء المشترين وأشلاؤهم على ذلك شهود، والجود بالنفس أقصى غاية الجود، «بالله ما هزلت فيستامها المفلسون، ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسرون، لقد أقيمت للعرض في سوق من يريد، فلم يرض ربها لها بثمن دون بذل النفوس، فتأخر البطّالون، وقام المحبّون ينتظرون أيُّهم يصلح أن يكون نفسه الثمن» [زاد المعاد].

يقول الله -عز وجل- في كتابه العزيز قولا عظيما، طوبى لمن قرأه أو سمعه فتأمله وتدبره: {إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ * أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 140-142]، إنه التدبير الرباني المحكم؛ قرح بقرح، ودولة بدولة، والمؤمنون منهم شهداء، والذين آمنوا يُبتلون ليتمايزوا، ويعلو الطيّب على الخبيث، وأما الجنة فثواب من نجح في الاختبار، وصبر عند البلاء، وثبت ساعة الشدة، ولم يفزع أو يسخط، ولم يكن لسان حاله: {مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا}، وهيهات لمثل هذا أن ينعم بجنان ربه هيهات.

ولا تظنَّنَّ المسلمة الموحدة أنها بمنأى عن دوائر التمحيص والابتلاء، بل إنها في ذلك والرجل سواء بسواء، وأكثر من ذلك؛ قد يكون لها عظيم الدور في تثبيت الزوج والأبناء.

فهذه خديجة وأسماء، وتلك سمية وخنساء وغيرهن كثيرات ممن لا يسع المقام لذكر مناقبهن؛ أما خديجة فأم المؤمنين صاحبة أول قلب يخفق إيمانا بالرسالة المحمدية، خديجة التي كانت ممن ثبّت الله هذا الدين بتثبيتها زوجها سيد المرسلين محمد، صلى الله عليه وسلم.

أخرج الشيخان في صحيحيهما من حديث عائشة -رضي الله عنها- أن النبي - صلى الله عليه وسلم- وبعد نزول الوحي عليه لأول مرة في غار حراء وفزعه منه، أتى خديجة زوجه فأخبرها الخبر ثم قال: (لقد خشيتُ على نفسي)، قالت له خديجة: «كلا أبشر، فوالله، لا يخزيك الله أبدا، والله، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكَلّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق...» إن أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها- وهي تسمع ذاك الخبر العجاب من زوجها، لم تجزع ولم تهلع، ولم تمسك بتلابيب بعلها خوفا من قادم الأيام، ولم تثبّط فؤاده بل ثبّتته، حتى قال العلماء عن كلامها كما نقل النووي فقال: «قال العلماء... وفيه [أي كلام خديجة، رضي الله عنها] أعظم دليل وأبلغ حجة على كمال خديجة -رضي الله عنها- وجزالة رأيها، وقوة نفسها، وثبات قلبها، وعظم فقهها، والله أعلم» [شرح صحيح مسلم].
وتمضي الأيام وينتشر أمر الدعوة ويبطش طواغيت قريش بالموحدين، ويحاصرونهم في شعب أبي طالب ويمنعون عنهم القوت والماء، وأم المؤمنين ثابتة مع زوجها، صابرة محتسبة، يصيبها ما يصيب القوم من جوع وظمأ، وهي من هي، سليلة الحسب والنسب، صاحبة المال والجاه، حتى حوصرت معهم في شعب أبي طالب لعامين، وضرها ما لاقت من جوع وتعب، فماتت وهي صابرة محتسبة، ثابتة على دينها، راض عنها زوجها، عليه الصلاة والسلام، فرضي الله عنها وأرضاها.

أما سمية فهي سمية بنت خياط، أم عمار بن ياسر، وكانت سابع سبعة في الإسلام، وأول شهيدة تسقي بدمائها شجرة التوحيد، نعم يا مسلمة؛ إن أول دماء سالت في سبيل لا إله إلا الله كانت دماء امرأة، فقد كانت سمية وزوجها وابناها من موالي بني مخزوم، ولما أسلموا لقوا صنوفا وألوانا من العذاب، فعن جابر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مرّ بعمار وأهله وهم يعذبون، فقال: (أبشروا آل عمار، وآل ياسر، فإن موعدكم الجنة) [رواه الضياء والحاكم].

إن سمية لم تعذب إلا في الله، كي تعود عن دينها، وتترك سبيل محمد، صلى الله عليه وسلم، هذا الرجل الذي لم يأتهم بمال ولا ذهب ولا فضة، وإنما بدين «جديد» لم يكن عليه الآباء من قبل، بكلمة يشهدونها ويعملون بها فتكون لهم الجنة، ورغم التعذيب الشديد، إلا أن سمية تلك المرأة الضعيفة المستضعفة ثبتت ولم تتزحزح عن دينها، ولم تتراجع عما باتت تعتقده وتدين الله تعالى به، قال ابن إسحاق في «السيرة»: «حدثني رجال من آل عمار بن ياسر أن سمية أم عمار عذبها آل بني المغيرة على الإسلام، وهي تأبى غيره حتى قتلوها»، فكانت خاتمتها الشهادة بعد صبرها وثباتها إذ طعنها عدو الله أبو جهل بحربة فقتلها.


• المصدر: صحيفة النبأ - العدد 46
الثلاثاء 4 ذو الحجة 1437 ه‍ـ

• لقراءة المقال كاملاً، تواصل - تيليغرام:
@wmc111at
...المزيد

من آيات تعذيب الله لأمم الكفر بيننا قد أبقى الله تعالى بحكمته من بقايا ملكهم ما فيه معتبر لأولى ...

من آيات تعذيب الله لأمم الكفر بيننا

قد أبقى الله تعالى بحكمته من بقايا ملكهم ما فيه معتبر لأولى الألباب، فتلك بيوتهم خاوية وقد غدت أثرًا بعد عين وأطلالا لا حياة فيها ولا حراك، كما قال تعالى: { أَوَلَمۡ یَهۡدِ لَهُمۡ كَمۡ أَهۡلَكۡنَا مِن قَبۡلِهِم مِّنَ ٱلۡقُرُونِ یَمۡشُونَ فِی مَسَـٰكِنِهِمۡۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَـٰتٍۚ أَفَلَا یَسۡمَعُونَ }، قال ابن كثير: "أي: وهؤلاء المكذبون يمشون في مساكن أولئك المكذبين، فلا يرون فيها أحدًا ممن كان يسكنها ويعمرها، ذهبوا منها، ( كأن لم يغنوا فيها ) كما قال: ( فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا).. ولهذا قال هاهنا: ( إن في ذلك لآيات ) أي: إن في ذهاب أولئك القوم ودمارهم وما حلّ بهم.. لآيات وعبر ومواعظ ودلائل متظاهرة".

[ إفتتاحية النبأ - بين الهداية والعلم - العدد: 441 ]
...المزيد

إنَّ لها ما بعدها - بإذن الله تعالى - • ويا جنود الإسلام وأنصار الخلافة في كل مكان، كثفوا ...

إنَّ لها ما بعدها - بإذن الله تعالى -

• ويا جنود الإسلام وأنصار الخلافة في كل مكان، كثفوا الضربات تلو الضربات واجعلوا مراكز إعلام أهل الكفر ودور حربهم الفكرية ضمن الأهداف، فمن لكعب بن الأشرف وحمالة الحطب، من لعلماء السوء ودعاة الشر والفتنة، فواصلوا جهادكم وعملياتكم المباركة، وإياكم أن يهنأ الصليبيون والمرتدون في عقر دارهم بلذيذ عيش وطيب مقام، وإخوانكم يذوقون القصف والقتل والدمار.


[ الشيخ المجدد: أمير المؤمنين أبي بكر الحسيني البغدادي - تقبله الله تعالى - ]
...المزيد

انتكاس الفطرة بتقديم العقل على النقل • ومن نتائج انتكاس الفطرة أيضا: تقديم العقل على الشرع، ...

انتكاس الفطرة بتقديم العقل على النقل

• ومن نتائج انتكاس الفطرة أيضا: تقديم العقل على الشرع، وجعله "مصدرًا للتشريع" بدلا من التكليف! فما وافق العقل أخذ به المنتكسون وإلا أعرضوا عنه، فالحسن ما استحسنته عقولهم، والقبيح ما استقبحته دون اعتبار لأمر خالقهم وخالق عقولهم التي يقيسون بها! والذي لم يشرّع في دينه - مطلقا - ما يناقض العقول السليمة، إلا عند ذوي الأفهام السقيمة من المجادلين والمعاندين، وما أكثرهم في هذا الزمان!

[ إفتتاحية النبأ - الحرب على الفطرة - العدد: 445 ]
...المزيد

دول الكفر على طريقة عاد وفرعون وثمود • غرور أمم الكفر واستكبارها في هذا العصر، أوصلها إلى تبنّي ...

دول الكفر على طريقة عاد وفرعون وثمود

• غرور أمم الكفر واستكبارها في هذا العصر، أوصلها إلى تبنّي طريقة فرعون وعاد وثمود وأضرابهم من أمم الكفر البائدة، حتى قالوا مقولتهم: "مَن أشدّ منا قوة؟" ولكن بألفاظ وعبارات عصرية مختلفة، من قبيل "الدول الكبرى" و"القوى العظمى" وغير ذلك من ألفاظ وأوصاف التفخيم والتبجيل لدولهم وجيوشهم، فتستروا خلف هذه الألفاظ يتحدّون العزيز القهّار سبحانه.


[ إفتتاحية النبأ - وجعلنا لمهلكهم موعدا - العدد: 444 ]
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً