*[ مَنْ كان يجمع غبار معاركه ليكون معه في قبره ]* روى الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- وغيره عن أبي ...

*[ مَنْ كان يجمع غبار معاركه ليكون معه في قبره ]*

روى الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- وغيره عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "‌لَا ‌يَجْتَمِعُ ‌غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَدُخَانُ جَهَنَّمَ فِي جَوْفِ عَبْدٍ مُسْلِمٍ"، وكان هذا الحديث حافزاً للعديد من القادة المسلمين لكي يحرصوا على جمع ما لصق بثيابهم من غبار المعارك ليكون معهم في قبورهم، وإليك أيها القارئ الكريم ذكر من فعل ذلك:

*1 - أبو الحسن على بن عبد الله بن حمدان، الملقَّب بسيف الدولة ‌الحمدانى،* أحد الأمراء الشجعان. ولد سنة (303 هـ = 916 م)، وأسس إمارة الحمدانيين بحلب عندما استولى عليها سنة (333 هـ = 934 م)، ودامت تلك الإمارة نحوًا من ستين سنة، منها (23) سنة تحت حكم ‌سيف ‌الدولة. وسجَّل التاريخ له ولدولته جهادهما العظيم في صد غارات الروم المتوالية على مشارف الدولة الإسلامية، وكانت الحرب بينهما سجالا، وتحقق أعظم انتصار له على الروم سنة (343 هـ = 954 م) فى معركة الحدث. اشتهر سيف بالكرم والجود، فقصده الشعراء والكتاب والعلماء، حتى قيل إنه لم يجتمع بباب أحد من الملوك بعد الخلفاء ما اجتمع بباب ‌سيف ‌الدولة من الشعراء، ويأتى فى مقدمتهم المتنبى، الذي مدحه بقصائد كثيرة عرفت في تاريخ الأدب باسم السيفيَّات.
وتوفي ‌سيف ‌الدولة بحلب سنة (356 هـ) عن (53) عامًا، وحُمل جثمانه إلى ميافارقين فدفن بها. [موسوعة سفير للتأريخ الإسلامي: 10/292].
جاء في كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف: 6/22 ما نصه: ولم يلبث البطل العظيم أن أصابه فى سنة 352 فالج فى يده ورجله ورغم هذا الفالج النصفى نهض البطل من فراشه وصدّ بقوة هجومًا للروم على حصن من حصون حلب. وفى سنة 356 لبّى البطل نداء ربه، وكان قد أوصى بأن يوضع خده في لحده على لبنة بقدر الكف جمعها مما علق بثيابه ودروعه وسلاحه من ‌غبار غزواته للروم. ونفّذت وصيته.

*2 - أبو عامر محمد بن عبد الله بن أبي عامر محمد بن وليد القحطاني، المعافري، القرطبي،* (ت:393هـ)، القائم بأعباء دولة الخليفة المرواني المؤيد بالله هشام بن الحكم أمير الأندلس.
طلب العلم والأدب، ورأس وترقى، وساعدته المقادير، واستمال الأمراء والجيش بالأموال، ودانت لهيبته الرجال، وتلقب بالمنصور، واتخذ الوزراء لنفسه، وبقي المؤيد معه صورة بلا معنى، لأن المؤيد كان أخرق ضعيف الرأي.
وكان له مجلس معروف في الأسبوع يجتمع فيه أهل العلوم للكلام فيها بحضرته ما كان مقيماً بقرطبة؛ لأنه كان ذا همة ونية في الجهاد، مواصلاً لغزو الروم، حتى أنه كان ربما يخرج إلى المصلى يوم العيد فتقع له نية في ذلك اليوم فلا يرجع إلى قصره، ويخرج بعد انصرافه من الصلاة كما هو من فوره إلى الجهاد فتتبعه العساكر، وتلحق به أولاً فأولاً فلا يصل إلى أوائل الدروب إلا وقد لحقه كل من أراده من العساكر.
غزا نيفاً وخمسين غزوة ذكرت في المآثر العامري بأوقاتها وآثاره فيها، وفتح فتوحاً كثيرة، ووصل إلى معاقل جهة امتنعت على من كان قبله، ملأ الأندلس بالغنائم والسبي، وكان في أكثر زمانه لا يخل بغزوتين في السنة، وكان كلما انصرف من قتال العدو إلى سرادقه يأمر بأن ينفض غبار ثيابه التي حضر فيها معركة القتال وأن يجمع ويتحفظ به، فلما حضرته المنية أمر بما اجتمع من ذلك أن ينثر على كفنه إذا وضع في قبره، وتوفى في طريق الغزو في أقصى الثغور بمدينة سالم.
[ يُنظر: بغية الملتمس: 115، وسير أعلام النبلاء: 17/15، و17/123].

*3 - ‌عماد ‌الدين ‌زنكى بن قسيم الدولة الحاجب آق سنقر،* ولد سنة (478هـ). وكان والده أول ملوك الدولة الأتابكية فى الموصل، وحينما مات كان ابنه ‌زنكى صغيرًا، فتواصى به أصحاب أبيه إلى أن شبَّ وتولى مدينة واسط. وقاد ميمنة الجيش في حرب الخليفة المسترشد بالله وسلَّم إليه السلطان محمود ولديه ألب أرسلان والخفاجى ليربيهما؛ ولذا أُطلق عليه لقب أتابك.
استولى ‌زنكى على بلاد كثيرة بعد أن عظم أمره فافتتح الرها وتملك حلب والموصل وحماة وحمص وبعلبك وبانياس، وحرر كفرطاب والمعرة من الفرنج، ودانت له البلاد فعمرها وتحرى العدل في الرعية؛ فامتلأت البلاد بالحركة والحياة، بعد أن خربها الفرنج وظلموا أهلها. وأراد ‌زنكى الاستيلاء على قلعة جعبر سنة (541هـ)، فحاصر ملكها علي بن مالك وأوشك أن يفتحها، إلا أن جماعة من مماليكه غدروا به ليلاً فقتلوه [ سنة 594 هـ] عن عمر يزيد على الستين عامًا. [موسوعة سفير: 10/817].
قال ابن العديم الحلبي في كتابه "بغية الطلب في تاريخ حلب" 8/429: قال لي ابن خَيْر الله: وكان له غَزَواتٌ مُتَعدِّدة رحمه الله، وكان قد جَمَعَ الغُبَار الّذي صَارَ على دِرْعه في غَزَواتهِ، وادَّخَرها لتُجْعَل في أكْفَانهِ، فجُعِلَتْ في أكْفَانهِ حينَ ماتَ، رحمه الله.
قال: وكان كَثِيْر الخَيْر والمَعْرُوف، وبَنى بسِنْجَار مَدْرِسَةً، هو مَدْفُونٌ بِهَا، وبِيْمَارِسْتانًا، وبَنى بنصِيبِيْن مَدْرسَةً لأصْحَاب أبي حَنِيْفَة، ووقَفَ على ذلك وُقُوفًا كَثِيْرة.

*4 - ‌‌صلاح الدين الأيوبى،* هو يوسف بن نجم الدين أيوب بن شادي، مؤسس الدولة الأيوبية. ولد سنة 526هـ ونشأ في بلاط "نور الدين زنكي" بالموصل وعُرف باسم "صلاح الدين"، وقضى طفولته في ظل والده أيوب ببعلبك، وأخذ عنه براعته في السياسة، وشجاعته في الحروب، فشب خبيرًا بالسياسة وفنون الحرب، وتعلم علوم عصره وتثقف بثقافة أهل زمانه، وحفظ القرآن، ودرس الفقه والحديث. رحل صلاح الدين يوسف مع والده إلى دمشق بعد وفاة عماد الدين زنكى، ثم دخل في خدمة نور الدين بن عماد الدين زنكى سلطان حلب، فاستعان نور الدين بشيركوه وابن أخيه صلاح الدين في ضم مصر إليه.
بعد وفاة نور الدين زنكي سعى صلاح الدين لإقامة دولة إسلامية يكون هو مؤسسها وسلطانها، فظل يعمل على توحيد العالم الإسلامي مدة عشر سنوات في الفترة من سنة (572هـ) إلى سنة (582هـ)، حتى تحقق له ما أراد، واستعد لمواجهة الصليبيين المتربصين بالعالم الإسلامي، ثم تصدَّى لهم، فسجل التاريخ أبرز صور البطولة، وأسمى درجات الفداء والجهاد ضد هؤلاء المغتصبين، وكان من أبرز هذه المعارك واقعة حِطِّين [583هـ = يولية 1187م] التي تعد "حِطِّين" من أشهر الحروب التي خاضها صلاح الدين ضد الصليبيين وانتصر عليهم فيها انتصاراً عظيماً، وكان هذا الانتصار فاتحة خير على المسلمين، وبداية لسلسلة من الانتصارات على الصليبيين، واستسلمت قلعة طبرية وسلمت لصلاح الدين عقب هذا الانتصار، واتجه صلاح الدين صوب الساحل وحاصر عكا حتى استسلمت بعهد وأمان، ثم تتابع -بعد ذلك - استسلام باقي المدن الساحلية التي تقع جنوب عكا وهى: نابلس و الرملة و قيسارية و أرسوف و يافا و بيروت، وكذا المدن الواقعة شمال عكا مثل: الإسكندرونة، وكلها حصلت على العهد بالأمان من صلاح الدين الذى لم يبق أمامه سوى أن يمضى في طريقه إلى فلسطين، فاستسلمت عسقلان له أثناء مروره بها، وحانت المواجهة الحاسمة لتحرير بيت المقدس التي نجح في فتحها بعد حصار شديد حتى اضطر مَنْ بداخلها إلى الاستسلام وطلب الصلح. وتوفى صلاح الدين في سنة (589هـ = 1193م)، وله من العمر خمسة وخمسون عامًا، بعد أن أسر الناس بجليل أعماله، وقهر الصليبيين بشجاعته، وخلَّص العالم الإسلامي بقوة إيمانه من كوارث داخلية وخارجية كادت تودي به وتوقعه في أيدي الأعداء. [موسوعة سفير: 10/294 باختصار وتصرف]
جاء في كتاب "بهجة النفوس والأسرار في تاريخ دار هجرة النبي المختار" 1/420: ويذكر أن السلطان ‌صلاح ‌الدين أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شادي ابن مروان الملك الناصر، كان إذا عاد من الغزو نفض ثيابه من ‌غبار الغزو على نطع وأمر من يجمعه، وإن ذلك الغبار عجن بماء زمزم وجعل لبنة لطيفة وجعلت تحت رأسه في قبره.

*5 - سيف الدين الدواداري الصالحي النجمي* (ت: 699هـ) كان كبير القدر، فإنه عمل دوادارية* الملك الصالح، وبقى بعده ينتقل من حال إلى حال إلى أن كان له مائة فارس بمصر وخمسون بدمشق، وما زال معظما في سائر الدول، وكان له سماع عال في الحديث، وله علم وفقه وديانة، وهو الذى أنشأ القاضي بدر الدين بن جماعة وأنشأ فقهاء كثيرين، ومع هذا كان صاحب شجاعة وفروسية، وله غارات كثيرة حتى نقل عن بعض مماليكه أنه صنع له طوبة من ‌غبار الغزوات التي حضرها وغزا فيها، وأوصى أن تكون هذه الطوبة تحت رأسه إذا دفن، وكان إذا ركب يكون شعره على قربوس سرجه الوراني وجميعه أبيض، وكانت له صدقات وبرّ وأوقاف على عتقائه، وله بالقدس الشريف رباط رتب فيها شيخا وفقراء ووقفا جاريا، ولما ورد خبره إلى دمشق صلّوا عليه صلاة الغائب في جامع بنى أمية وسائر جوامع دمشق، وكذلك صلوا عليه صلاة الغائب بمصر.
[عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان لبد الدين العيني: 4/19].
*المقصود بالدوادارية: صاحب هذه الوظيفة هو الدوادار: وهو الذي يحمل دواة السلطان أو الأمير، ويتولى أمرها، وما يلحق ذلك من المهمات، مثل تبليغ الرسائل وغيرها.
...المزيد

*[ مَن قرأ على شيخ واحد أربعين ختمة فأكثر ]* 1 - أبو محمد إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع بن أبي ...

*[ مَن قرأ على شيخ واحد أربعين ختمة فأكثر ]*

1 - أبو محمد إسحاق بن أحمد بن إسحاق بن نافع بن أبي بكر الخزاعي، المكي (ت: 308هـ)، الإمام في قراءة المكيين، قرأ على ابن فليح نحو العشرين ومائة ختمة.
[جامع البيان في القراءات السبع لأبي عمرو الداني: 1/317، وفي بعض المصادر أقل من ذلك]

2 - محمد بن هارون بن نافع بن قريش بن سلامة أبو بكر الحنفي البغدادي، المعروف بالتمار (ت: بعد سنة 310هـ)، مقرئ البصرة وشيخها في القراءة، من أجلّ أصحاب رويس وأضبطهم، قرأ على رويس سبعاً وأربعين ختمة.
[النشر في القراءات العشر: 1/187]

‌3 - حمدان ‌بْن ‌عَوْن أَبُو جعْفَر الخولانيّ الْمَصْريّ المقرئ (ت: 340هـ تقريباً)، قرأ على أحمد بن هلال ثلاث مائة ختمة.
[معرفة القراء الكبار للذهبي: 170].

4 - محمّد بن عبد الله بن محمّد بن مرّة، أبو الحسن بن أبي عمر المقرئ ‌النّقّاش (ت: 352هـ)، قرأ على علي بن محمد بن الحسين بن نازك ويقال ابن نيزك الطوسي نحواً من مائة ختمة أقل أو أكثر.
[المبسوط في القراءات العشر لأبي بكر النيسابوري: 84]

5 - أبو علي الحسن بن داود بن الحسن بن عون بن منذر بن صبيح القرشي، الأموي، الكوفي، المعروف بالنقار (ت: 352هـ)، قرأ على على أبي محمد القاسم بن أحمد بن يوسف بن يزيد التميمي الخياط المقرئ ‌أربعين ختمة ثم ترك العد وختم بعد ذلك ختمات كثيرة.
[جامع البيان في القراءات السبع لأبي عمرو الداني: 1/351]

6 - أبو عبد الله محمّد بن الحسين بن محمّد بن إبراهيم بن النعمان القرشيّ، الفهريّ، المقرئ، من أهل القيروان (ت: 368هـ)، قرأ على أحمد بن عبد العزيز بن موسى الخوارزميّ المعروف بابن بدهن مائة وثلاثين ختمة.
[المقفى الكبير للمقريزي: 5/320]

7 - علي بن عبد الغني أبو الحسن الفهري القيرواني الحصري (ت:488)، قرأ على الشيخ أبي بكر القصري السبع تسعين ختمة، كلما ختم ختمة قرأ غيرها حتى أكمل ذلك في مدة عشر سنين حسبما أشار إليه بقوله في قصيدته:
وأذكر أشياخي الذين قرأتها … عليهم فأبدأ بالإمام أبي بكر
قرأت عليه السبع ‌تسعين ‌ختمة … بدأت ابن عشر ثم أكملت في عشر
[غاية النهاية في طبقات القراء: 1/550، والأبيات في النشر في القراءت العشر لابن الجزري: 2/194]

8 - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قَايْماز الذهبي، (ت:748هـ) الإمام، العلامة، المقرئ، المحدث، المؤرخ. لقنه الشيخ مسعود بن عبد الله الأغزازي جميع القرآن الكريم، ثم جرده عليه نحواً من أربعين ختمة.
[معجم الشيوخ الكبير للذهبي: 2/339]

9 - عبد الوهاب بن محمد بن عبد الرحمن بن يحيى بن أسد أبو محمد القروي الإسكندري (ت: 788هـ)، قرأ على محمد بن محمد بن أحمد القوصي ‌أربعين ‌ختمة بمضمن الإعلان للصفراوي.
[غاية النهاية: 1/482]

10 - موسى بن إبراهيم أبو عيسى ويقال: أبو القاسم الهاشمي الزينبي البغدادي (ت: ؟)، قرأ على إبراهيم بن حماد سجادة أربعين ختمة.
[غاية النهاية: 2/316، توفي شيخه بعد الستين ومائتين، فيظهر أنه عاش في النصف الثاني من القرن الثالث]

محمد علي حميسان غفر الله له ولوالديه وأهله ومشايخه والمسلمين... اللهم آمين.
...المزيد

[ نماذج ممن تعسر عليه العلم ثم فتح الله تعالى عليه ] *1 - أبو هلال ‌العسكريّ (ت: ...

[ نماذج ممن تعسر عليه العلم ثم فتح الله تعالى عليه ]

*1 - أبو هلال ‌العسكريّ (ت: 395هـ).*
‌الحَسَن ‌بْن ‌عَبْد ‌الله ‌بْن ‌سهل بْن سَعِيد بْن يحيى بْن مِهْران اللُّغَويّ، الأديب، صاحب المصنَّفات الأدبيّة.
قال في رسالته لأحد إخوانه والموسومة باسم "الحث على طلب العلم والاجتهاد في جمعه" ص: 71، متحدثاً عن نفسه: وكان ‌الحفظ ‌يتعذر ‌علي حين ابتدأت أرومه، ثم عودته نفسي، إلى أن حفظت قصيدة رؤبة (وقاتم الأعماق خاوي المخترق … ) في ليلة وهي قريب من مائتي بيت.

*2 – أبو بكر القفال المروزي (ت: 417 هـ)*
قال ياقوت الحموي: عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الله أبو بكر القفّال المروزي وحيد زمانه فقهاً وعلماً، ... وهو أحد أركان مذهب الشافعي، وتخرّج به جماعة، وانتشر علمه في الآفاق، وكان ابتداء اشتغاله بالفقه على كبر السن، حدثني بعض فقهاء مرو بفنين من قراها أن القفّال الشاشي صنع قفلاً ومفتاحاً وزنه دانق واحد، فأعجب الناس به جدّا وسار ذكره وبلغ خبره إلى القفّال هذا فصنع قفلاً مع مفتاحه وزنه طسّوج، وأراه الناس فاستحسنوه ولم يشع له ذكر، فقال يوما لبعض من يأنس إليه: ألا ترى كلّ شيء يفتقر إلى الحظ؟ عمل الشاشي قفلاً وزنه دانق وطنّت به البلاد، وعملت أنا قفلاً بمقدار ربعه ما ذكرني أحد! فقال له: إنما الذكر بالعلم لا بالأقفال. فرغب في العلم واشتغل به وقد بلغ من عمره أربعين سنة، وجاء إلى شيخ من أهل مرو وعرّفه رغبته فيما رغب فيه، فلقّنه أول كتاب المزني، وهو: ‌"هذا ‌كتاب ‌اختصرته" ، فرقي إلى سطحه وكرّر عليه هذه الثلاثة ألفاظ من العشاء إلى أن طلع الفجر فحملته عينه فنام ثم انتبه وقد نسيها فضاق صدره وقال: أيش أقول للشيخ؟
وخرج من بيته فقالت له امرأة من جيرانه: يا أبا بكر لقد أسهرتنا البارحة في قولك ‌"هذا ‌كتاب ‌اختصرته"، فتلقنها منها وعاد إلى شيخه وأخبره بما كان منه، فقال له: لا يصدّنّك هذا عن الاشتغال فإنك إذا لازمت الحفظ والاشتغال صار لك عادة. فجدّ ولازم الاشتغال حتى كان منه ما كان.
[معجم البلدان: 5/116] ذكر من ترجم للقفال أنه ابتدأ في طلب العلم وله ثلاثون سنة وليس أربعين كما ذكر الحموي.

*3 - ‌‌المختار بن بون الجكني*
العالم الكبير المختار بن محمد سعيد، المعروف ببونا، ولد في العقود الأولى من القرن الثاني عشر، اشتهر بعلوم العربية والمعقول من نحو، ولغة، وبيان، وكلام، ومنطق، وأصول، وغير ذلك.
نشأ المختار بن بون في بيت أبيه، ولم يشتغل بالقراءة إلا بعد أن كبر، وكان في أول أمره، يضرب أقرانه من الصبيان، وينزع منهم ما بأيديهم: فاتفق أنه سطى ذات يوم على صبي فضربه، فانتصرت له أمه، وسبّت المختار بن بون سباً قبيحاً، وعيرته بالجهل، فأنف لذلك، وسار من غير علم أبويه، يريد المختار ابن حبيب، فوصل اليه، وشرع في قراءة الأجرومية، فلم يفهمها، ثم فتح الله عليه.
قيل: إنه لمّا لم يفلح بفهم الآجرّومية انزعج وذهب تحت شجرة وجلس يبكي حزناً على أنه لم يستطع استيعاب النحو، فرأى نملة تصعد على غصن عليه قطعة صغيرة من الشحم، فصعدت ووقعت، وصعدت ووقعت حتى عد ذلك سبع مرات، وفي السابعة وصلت، فقال: لن تكون هذه النملة أقوى همة مني، فرجع يدرسُ الآجرُّمية فاستوعبها، وبعد ذلك عُرف بالذكاء المفرط، والنبوغ الفذ.
له مؤلفات عديدة، طار صيتها، ولقيت قبولا عظيما، منها الجامع بين التسهيل والخلاصة، المعروف بالاحمرار والطرة، ومنها وسيلة السعادة في علم الكلام، وتحفة المحقق في علم المنطق، ومبلغ المأمول من علم الأصول، نظم به جمع الجوامع، ومؤلفات أخرى.
توفي رحمه الله تعالى في حدود عام 1230 هـ
[انظر: الوسيط في تراجم أدباء شنقيط: 278، وفقه العصر: ص 124]
...المزيد

نماذج من اهتمام أهل العلم بصحيح الإمام مسلم كان لبعض العلماء مزيد اهتمام بصحيح الإمام مسلم بن ...

نماذج من اهتمام أهل العلم بصحيح الإمام مسلم

كان لبعض العلماء مزيد اهتمام بصحيح الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى لسببين؛ الأول: أنه ثاني أصح كتب الحديث النبوي بعد صحيح الإمام البخاري، والثاني: حسن ترتيبه وجمعه.

فممن كان له مزيد اهتمام وعناية بصحيح الإمام مسلم: الإمام عبد ‌الغافر ‌بن ‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الغافر الفارسي، المتوفى سنة 448هـ بنيسابور، قرأ صحيح الإمام مسلم على الجلودي، وقرأه عليه الكثير من الأئمة والحفاظ، فقرأه عليه الحسن السَّمرقنديّ الحافظ نيّفا وثلاثين مرّة، وقرأه عليه الشّيخ أبو سعد البحيريّ نيَّفا وعشرين مرة. هذا سوى ما قرأه عليه المشاهير من الأئّمة.
انظر: [سير أعلام النبلاء: 18/19]

ومنهم: الإمام أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد بن أبي العباس أبو عبد الله الصاعدي الفراوي النيسابوري المتوفى سنة 607 هـ، سمع "صحيح مسلم" على عبد الغافر الفارسي، وقرأه عليه أبو المحاسن عبد الرزاق الطَّبَسِيّ سبع أو ثماني عشرة ‌مرَّة للنّاس.
قال أبو سعد السمعاني: وصُلِّي عليه بكرة، وما وُصِلَ به إلى المقبرة إلى بعد الظُّهر من الزِّحام، وأذكر أنَّا كُنَّا في رمضان سنة ثلاثين، وحملنا محفَّته على رقابنا إلى قبر مسلم لإتمام الصحيح، فلما فرغ القارئ من الكتاب بكى الشَّيْخ ودعا وأبكى الحاضرين، وقال: لعلَّ هذا الكتاب لا يُقرأ عليَّ بعد هذا. فتُوفي رحمه الله في الحادي والعشرين من شوَّال، ودُفِنَ عند قبر إمام الأئمة ابن خُزَيمة، وقد أملى أكثر من ألف مجلس.
انظر: [سير أعلام النبلاء: 19/615، وترجمة الطبسي في تاريخ الإسلام: 36/440].

ومنهم: الإمام إبراهيم بن محمد بن خليل ‌البرهان ‌الطرابلسي الأصل الشامي المولد والدار، الشافعي المتوفى سنة 841هـ، جاء في ترجمته أنه قرأ "صحيح ‌مسلم" نحو العشرين، وإن كان اهتمامه بصحيح البخاري أكثر حيث قرأه على الناس في الجوامع والمساجد وغير ذلك -خارجا عما قرأه في الطلب وقرئ عليه -: ‌ستين ‌مرة.
انظر: [البدر الطالع للشوكاني: 1/28، والضوء اللامع للسخاوي: 1/141].

ومنهم: الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله آل باز، مفتي عام المملكة العربية السعودية، المتوفى سنة 1420هـ، فقد ذكر الدكتور البحاثة علي العمران -حفظه الله تعالى- على صفحته في "تويتر" بتاريخ 11 أكتوبر 2017م ما نصه: سئل شيخنا الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله عن أحسن كتاب قرأه فقال: (شرح النووي على مسلم) وأنه قرأه ستين مرة.
...المزيد

[ من كرر صحيح البخاري أكثر من عشرين مرة ] ‌ 1 - الإمام المحدث الزاهد حسين ‌بن ‌محمد ‌بن ...

[ من كرر صحيح البخاري أكثر من عشرين مرة ]


‌ 1 - الإمام المحدث الزاهد حسين ‌بن ‌محمد ‌بن ‌حيون بن فيّاره الصدفي أبو علي المعروف بابن ‌سُكَّرة القاضي. والمتوفى شهيداً في عام 415هـ.
جاء في ترجمة صهره موسى بن سعادة أن الفقيه أبا محمد عاشر بن محمد حكى أن الصحيحين البخاري ومسلم سُمِعَا على أبي علي نحو ستين مرة.[1]

2 - الإمام، الحافظ، الناقد، المجود، أبو بكر غالب بن عبد الرحمن ابن غالب بن تمام بن عطية المحاربي، الأندلسي، الغرناطي، المالكي. المعروف بابن عطية الأندلسي. والمتوفى سنة 542هـ.
قال ابن بشكوال: وكان حافظاً للحديث، وطرقه، وعلله. عارفاً بأسماء رجاله ونقلته، منسوباً إلى فهمه، ذاكراً لمتونه ومعانيه. وقرأت بخط بعض أصحابنا أنه سمع أبا بكر بن عطية يذكر أنه كرر صحيح البخاري سبع مائة مرة...[2]

3 - الْهَاشِمِي الْقصّار ‌يُونُس ‌بن ‌يحيى ‌بن ‌أبي ‌الْحسن ‌بن ‌أبي ‌البركات بن أَحْمد ابْن حَمْزَة بن إِسْمَاعِيل بن مُحَمَّد بن عِيسَى بن مُوسَى بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن الْعَبَّاس ابْن عبد الْمطلب. أَبُو مُحَمَّد الْهَاشِمِي الْقصار. المتوفى سنة 608هـ.
قَالَ محب الدّين بن النجار: سمعته يَقُول حدثت بِصَحِيح البُخَارِيّ سِتا وَثَلَاثِينَ مرّة....[3]

‌ 4 - عُثْمَان ‌بن ‌مُحَمَّد ‌بن ‌عُثْمَان ‌بن ‌أبي ‌بكر. الشَّيْخ الإِمَام الْمُقْرِئ الْفَقِيه الزَّاهِد مُفِيد الديار المصرية. فَخر الدّين، أَبُو عَمْرو المغربي التوزري ثمَّ الْمصْرِيّ الْمَالِكِي، المجاور، المتوفّى سنة 713هـ.
ذكر أَنه قَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ أكثر من ثَلَاثِينَ مرّة على أكثر من ثلاثين شيخاً،.[4]

5 - مسند الدّنيا شهاب الدّين ‌أحمد ‌بن ‌أبي ‌طالب ‌بن ‌نعمة ‌بن ‌حسن الصّالحي الحجّار ابن الشّحنة. المتوفى سنة 730هـ. انفرد بالرواية عن الحسين الزّبيدي، وبين سماعه للصحيح وموته مائة سنة.
قرئ عليه صحيح " البخاري " أكثر من ستين مرة، وقيل: بضعاً وسبعين مرة.[5]

‌ 6 - جلال ‌الدّين ‌أسعد ‌بن ‌محمد ‌بن ‌محمود ‌الشّيرازي ‌الحنفي. المتوفى سنة 803هـ. اشتغل على الشيخ شمس الدّين السّمرقندي، والشمس الكرماني، وقرأ عليه «صحيح البخاري» أكثر من عشرين مرة.[6]

7 - أَبُو بكر بن مُحَمَّد بن عبد الله ‌بن ‌مقبل ‌الزين، ‌القاهري، الْحَنَفِيّ، وَيعرف بالتاجر. المتوفى سنة 805هـ.
قَالَ الْبُرْهَان الْحلَبِي أَنه أخبرهُ أَنه قَرَأَ صَحِيح البُخَارِيّ إِلَى سنة ثَمَانِينَ خمْساً وَتِسْعين مرّة وقرأه بعد ذَلِك مرَارًا كَثِيرَة.[7]

‌ 8 - إِبْرَاهِيم ‌بن ‌مُحَمَّد ‌بن ‌صديق بن إِبْرَاهِيم بن يُوسُف برهَان الدّين الدِّمَشْقِي، الشَّافِعِي، الصُّوفِي، الْمُؤَذّن بالجامع الْأمَوِي بِدِمَشْق، نزيل الْحرم، بل يُقَال لَهُ المجاور بالحرمين، وَيعرف بِابْن صِدِّيق، وبابن الرسّام وَهِي صَنْعَة أَبِيه، وَرُبمَا قيل لصَاحب التَّرْجَمَة: الرسّام، وَكَانَ أَبوهُ أَيْضاً بواب الظَّاهِرِيَّة بِدِمَشْق. توفي سنة 806هـ.
قُرِئَ عَلَيْهِ البُخَارِيّ بمدينة حَلَب أَربع مرار، وبمكة أَزِيد من عشْرين مرّة.[8]

‌ 9 - محمد ‌بن ‌يعقوب ‌بن ‌محمد ‌بن ‌إبراهيم ‌بن ‌عمر، أبو طاهر، مجد الدين الشيرازي الفيروزآبادي صاحب "القاموس المحيط": من أئمة اللغة والأدب. توفي سنة 817هـ.
قال عبد الحي الكتاني: ووجدت في ثبت الشهاب أحمد بن قاسم البوني: " رأيت خط الفيروزبادي في آخر جزء من صحيح الإمام البخاري قال: إنه قرأ صحيح البخاري أزيد من خمسين مرة ".[9]

‌ 10 - سُلَيْمَان ‌بن ‌إبراهيم ‌بن ‌عمر بن علي بن عمر بن نَفِيس الدَّين العكي العدنانى الزبيدى التعزي الحنفي. المتوفى سنة 825هـ.
ذكر أنه مَرّ على صحيح البخاري مائة وخمسين مرة ما بين قراءة وسماع وإسماع ومقابلة.[10]

‌ 11 - عبدُ ‌الرَّحيمِ ‌بنُ ‌عبدِ ‌الكَريمِ ‌بنِ ‌نصرِ ‌اللهِ بنِ سعدِ الله ابنِ الخطيبِ أبي حامدِ ابنِ الطاهرِ بن عمرَ بنِ خليفةَ ابنِ الوليِّ أبي محمَّدٍ عبدِ الله بَنِ أحمدَ، الشَّرفُ أبو السَّعاداتِ ابنُ كريمِ الدِّينِ ابنِ كمالِ الدِّينِ القُرشيّ، البكريَّ، الجيانيُّ، الجرهيُّ، الشافعيُّ. المتوفى سنة 828هـ.
كان كثير المسموعات والشيوخ حَتَّى إنه سمع البُخَارِيّ على نَيف وَسبعين شَيخاً من قبل الْخمسين إِلَى بعد السّبْعين، وصحيح مُسلم على عشرَة فَأكْثر، وكمل لَهُ سَماع الْكتب السِّتَّة والموطأ ومسند الشَّافِعِي والدارمي وَغَيرهَا.[11]

‌ 12 - أحمد ‌بن ‌عثمان ‌بن ‌محمد ‌بن ‌عبد ‌الله، المسند المعمر المحدث، شهاب الدين الكلوتاتي، الحنفي. المتوفى سنة 835هـ.
قرأ صحيح البخاري نحواً من خمسين مرة.[12]
وقيل: إنه قَرَأَ البُخَارِيّ أَكثر من سِتِّينَ مرّة، وشيوخه فِيهِ نَحْو من ذَلِك إِلَى غَيره من الْكتب الْكِبَار والمعاجم والمشيخات وَالْمَسَانِيد والأجزاء مِمَّا لَا ينْحَصر.[13]

13 - إبراهيم بن مُحَمَّد بن خَلِيل ‌الْبُرْهَان ‌الطرابلسي، الأَصْل الشامي المولد وَالدَّار الشافعي. والمتوفى سنة 841هـ.
قرأ البخاري أكثر من ستين مرة، ومسلماً نحو العشرين سوى قراءته لهما في الطلب أو قراءتهما من غيره عليه.[14]

‌ 14 - عبد ‌الله ‌بن ‌أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد، السَّيِّد أصيل الدّين بن أَمَام الدّين بن شمس الدّين بن قطب الدّين بن جلال الدّين الْحُسَيْنِي ‌الأيجي الشَّافِعِي، نزيل مَكَّة وَمن بَيت الصفى والعفيف الأيجيين، وَيعرف بالسيد أصيل الدّين. المتوفى سنة 904هـ.
نقل السَّيِّد جمال الدّين الْمُحَدِّث عَن أستاذه السَّيِّد أصيل الدّين أَنه قَالَ: قَرَأت صَحِيح البُخَارِيّ نَحْو عشْرين وَمِائَة مرّة ‌فِي ‌الوقائع ‌والمهمات ‌لنَفْسي وَلِلنَّاسِ الآخرين فَبِأَي نِيَّة قرأته حصل الْمَقْصُود وَكفى الْمَطْلُوب.[15]

15 - الشيخ العالم المحدّث عناية الله الكشميري، أحد العلماء المبرزّين في المعقول والمنقول ذكره صاحب "نزهة الخواطر"، المتوفى سنة 1125هـ.
قرئ عليه "صحيح البخاري" سِتّاً وثلاثين مرّة.[16]

16 - العلامة المحدِّث أبي عبد الله محمد التاودي ابن سودة المرِّي الفاسي ت (1209) من كتاب ((فِهْرس الفهارس)) للكتاني أنه:
كان مُثابرًا على إقراء ((صحيح البخاري)) حتى جاوزت ختماتُه الأربعين مرة، فلم يكن يدعه، لا سيما في شهر رمضان، يفتتحه في أول يومٍ منه، ويختمه آخره. وله عليه حاشية تسمَّى بـ ((زاد المجد الساري)) نحو أربع مجلدات.
وأقرأ أيضاً صحيح مسلم كثيراً...
وأقرأ ((الألفية)) في النحو نحوًا من ثلاثين مرَّة، وربما أقرأها في الشهر الواحد بَدْءًا وخَتْمًا.
وأقرأ ((مختصر خليل)) نحو ثلاثين مرة.
وغيرها الكثير.


17 - العلامة الفقيه المحدث النسابة الصوفي صالح علماء فاس وحامل راية المذهب المالكي على كاهله أبي المواهب جعفر بن إدريس الكتّاني الحسني المتوفى بفاس سنة 1323هـ عن نيف وسبعين سنة.
ختم الصحيح بالزاوية الكتانية بفاس أزيد من عشرين مرة.[17]

18 - الإمام المُحَدِّث المحقق الجهبذ القدوة الزاهد محمد يونس بن شَبّير أحمد بن شير علي الجَوْنْفوري السَّهَارَنْفوري، شيخ الحديث في جامعة مظاهر العلوم بسَهَارَنْفور، وشارح صحيح البخاري وغيره، بل أحد أبرز المتخصصين فيه منذ دهر. والمتوفى سنة 1438هـ.
أتم تدريس البخاري خمسين دورة، سوى ما قرئ عليه في أسفاره في الحجاز وإنجلترا وغيرهما.[18]

إعداد: محمد علي حميسان عفا الله تعالى عنه.
..................................

[1] التكملة لكتاب الصلة 2/177، ومعجم أصحاب القاضي أبي علي الصدفي 1/188.
[2] الصلة لابن بشكوال: 433، وتذكرة الحفاظ: 4/45، وسير أعلام النبلاء: 19/586.
[3] الوافي بالوفيات: 29/188.
[4] والوافي بالوفيات: 19/334، وانظر: البداية والنهاية: 18/133، وأعيان العصر: 3/228، والدرر الكامنة: 3/262.
[5] أعيان العصر وأعوان النصر للصفدي: 1/405، ومعجم الشيوخ للسبكي: 62، والبداية والنهاية: 18/327، والوافي بالوفيات: 8/142.
[6] شذرات الذهب: 9/44، وإنباء الغمر بأبناء العمر: 2/157.
[7] الضوء اللامع: 11/79، بتصرف.
[8] الضوء اللامع: 1/147، بتصرف.
[9] فهرس الفهارس. 2/1046.
[10] إنباء الغمر بأبناء العمر: 3/286، والضوء اللامع: 3/259، وشذرات الذهب: 9/274، والبدر الطالع: 1/265.
[11] الضوء اللامع: 4/181، والتحفة اللطيفة في تاريخ المدينة الشريفة: 4/340.
[12] المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي: 1/388.
[13] الضوء اللامع: 1/378، والتنبيه والإيقاظ: 137.
[14] البدر الطالع بمحاسن مَن بعد القرن السابع للشوكاني: ص 1/28 والضوء اللامع لأهل القرن التاسع": 1/144.
[15] فهرس الفهارس للكتاني: 2/1045، والحطة في ذكر الصحاح الستة، لصدِّيق حسن خان: 179.
[16] الإعلام بمن في تاريخ الهند من الأعلام المسمى بـ (نزهة الخواطر وبهجة المسامع والنواظر: 6/769، والبدور المضية في تراجم الحنفية: 13/192.
[17] فهرس الفهارس والأثبات: 1/186.
[18] من مقال على النت لتلميذه الشيخ محمد زياد التكلة.
...المزيد

[ حكم أخذ الأجرة على أعمال القربة، كالأذان والحج وتعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية ] ...

[ حكم أخذ الأجرة على أعمال القربة، كالأذان والحج وتعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية ]

اختلف العلماء في هذه المسألة إلى قولين:
الأول: عدم الجواز، وهو مذهب المتقدمين من أتباع أبي حنيفة،[1] وأحمد في أصح الروايتين.[2]
قال محمد بن الحسن: "قال أبو حنيفة: لا يجوز أن يستأجر الرجل رجلاً ليُعلِّم له ولده القرآن أو يستأجر الرجل الرجل يؤمهم في رمضان. وكذلك لا تجوز الإجارة على الأذان ولا على تعليم القرآن ولا على الصلاة".[3]
قال الكاساني في بدائع الصنائع: " ولا يصح الاستئجار على تعليم العلم؛ لأنه فرض عين ولا على تعليم القرآن عندنا".[4]
وقال في منار السبيل: " لا تصح الإجارة لأذان، وإقامة، وتعليم قرآن، وفقه، وحديث، ونيابة في حج، وقضاء ولا يقع إلا قربة لفاعله، ويحرم أخذ الأجرة عليه".[5]
ودليل أصحاب هذا القول ما يلي:
1 - عن عثمان بن أبي العاص –رضي الله عنه- قال: إن من آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن "اتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجرا"[6].
قال الترمذي: حديث عثمان حديث حسن، والعمل على هذا عند أهل العلم كرهوا أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرا، واستحبوا للمؤذن أن يحتسب في أذانه.
2 - عن أبي بن كعب –رضي الله عنه- قال: علّمت رجلاً القرآن، فأهدى إليّ قوساً، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "إن أخذتها أخذت قوسا من نار"، فرددتها.[7]
3 - عن عبادة بن الصامت –رضي الله عنه- قال: علمت ناساً من أهل الصفة الكتابة والقرآن، فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت: ليست لي بمال، وأرمي عنها في سبيل الله، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " إن سرك أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها ".[8]
4 – عن عبد الرحمن بن شبل الأنصاري –رضي الله عنه-قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقرءوا القرآن، ولا تغلوا فيه، ولا تجفوا عنه، ولا تأكلوا به، ولا تستكثروا به ".[9]
5 -ولأن القربة متى وقعت كانت للعامل فلا يجوز له أن يأخذ الأجر على عمل وقع له.[10]
6 -ولأن التعليم مما لا يقدر عليه المعلم إلا بمعنى من جهة المتعلم فيكون ملتزما ما لا يقدر على تسليمه فلا يجوز.[11]
7 – ولأن الاستئجار على الأذان، والإقامة، والإمامة، وتعليم القرآن والعلم سبب لتنفير الناس عن الصلاة بالجماعة وعن تعليم القرآن والعلم؛ لأن ثقل الأجر يمنعهم عن ذلك، وإلى هذا أشار الرب - جل شأنه - في قوله عز وجل: ﴿ أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ﴾ [الطور: 40] فيؤدي إلى الرغبة عن هذه الطاعات وهذا لا يجوز وقال – تعالى: ﴿ وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ ﴾ [يوسف: 104] أي على ما تبلغ إليهم أجرا وهو كان - صلى الله عليه وسلم - يبلغ بنفسه وبغيره بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا فليبلغ الشاهد الغائب"[12]، فكان كل معلم مبلغاً فإن لم يجز له أخذ الأجر على ما يبلغ بنفسه لما قلنا؛ فكذا لمن
يبلغ بأمره؛ لأن ذلك تبليغ منه.[13]

القول الثاني: الجواز.
وهذا مذهب مالك،[14] والشافعي،[15] ورواية عن أحمد،[16] وهو المختار عند متأخري الحنفية.[17]
قال في جامع الأمهات: " وتجوز الإجارة على الأذان وعلى الأذان والصلاة معا، وكره إجارة قسام القاضي، ولا بأس بما يأخذه المعلم على تعليم القرآن وإن لم يشترط، وإن شرط شيئا معلوما جاز".[18]
وقال في فتح المعين: " لا يصح الاستئجار لعبادة تجب فيها نية غير نسك كالصلاة لان المنعة في ذلك للأجير لا المستأجر والإمامة ولو نقل كالتراويح لان الإمام مصل لنفسه فمن أراد اقتدي به وإن لم ينو الإمامة أما ما لا يحتاج إلى نية كالأذان والإقامة فيصح الاستئجار عليه والأجرة مقابلة لجميعه مع نحو رعاية الوقت وتجهيز الميت وتعليم القرآن كله أو بعضه وإن تعين على المعلم".[19]
وقال ابن قدامة في الكافي: " وما يخص فاعله أن يكون من أهل القربة، وهم المسلمون، كالحج وتعليم القرآن، ففيه روايتان: إحداهما: يجوز الاستئجار عليه".[20]
قال ملا خسرو في درر الحكام: "الأصل أن الإجارة لا تجوز عندنا على الطاعات والمعاصي، لكن لمّا وقع
الفتور في الأمور الدينية جوزها المتأخرون ولذا قال: ويفتى اليوم بصحتها أي الإجارة لتعليم القرآن والفقه
والإمامة والأذان ويجبر المستأجر على دفع الأجر ويحبس به".[21]
واستدلوا بالأدلة التالية:
1 - عن ابن عباس –رضي الله عنهما-: أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماء، فيهم لديغ أو سليم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال: هل فيكم من راق، إن في الماء رجلا لديغا أو سليما، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه، فكرهوا ذلك وقالوا: أخذت على كتاب الله أجراً، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله، أخذ على كتاب الله أجرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله".[22]
2 – أن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الواهبة نفسها زوج أحد الصحابة بما معه من القرآن، فقال عليه الصلاة والسلام: "ملكتها بما معك من القرآن".[23]
وجه الاستدلال:
أنه إذا جاز تعليم القرآن عوضا في باب النكاح، وقام مقام المهر، جاز أخذ الأجرة عليه في الإجارة.[24]
3 -عن أبي سعيد –رضي الله عنه-: أن رهطا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا في سفرة سافروها، حتى نزلوا بحي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين قد نزلوا بكم، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لدغ، فسعينا له بكل شيء لا ينفعه شيء، فهل عند أحد منكم شيء؟ فقال بعضهم: نعم، والله إني لراق، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا، فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق فجعل يتفل ويقرأ: الحمد لله رب العالمين حتى لكأنما نشط من عقال، فانطلق يمشي ما به قلبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال: "وما يدريك أنها رقية؟ أصبتم، اقسموا واضربوا لي معكم بسهم".[25]
وجه الاستدلال:
إذا جاز أخذ الجُعل فيجوز أخذ الأجرة.[26]
4 -ولأنه يجوز أخذ الرزق عليه من بيت المال، فجاز أخذ الأجر عليه، كبناء المساجد والقناطر.[27]
5 - ولأن الحاجة تدعو إلى ذلك، فلو لم يجز أخذ الأجرة لندر وجود المتبرعين بذلك، فتتعطل الكثير من المصالح.[28]

الترجيح:
الظاهر –والله- أعلم أن القول بالجواز هو الأوجه؛ حتى لا يقع الناس في حرج بسبب قلة المتبرعين لتلك الأعمال.
كما أن الوظائف التي تكون تابعة للأوقاف من إمامة وأذان وتعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية، يُعطى القائمون عليها من بيت المال، فيجوز ذلك، بل فيه تشجيع الناس على الخير والعلم.
ويمكن تأويل أحاديث المنع بمن يمتنع عن فعل الخير إلا إذا أعطي أجراً، كأن يقول: لن أؤذن إلا بكذا، أو: لن أصلي إلا بكذا.
حتى أن متأخري الأحناف افتوا بالجواز للحاجة إليها أكثر من ذي قبل، فقالوا: " ويفتى اليوم بالجواز أي بجواز أخذ الأجرة على الإمامة وتعليم القرآن، والفقه ، والأذان كما في عامة المعتبرات، وهذا على مذهب المتأخرين من مشايخ بلخي استحسنوا ذلك، وقالوا: بنى أصحابنا المتقدمون الجواب على ما شاهدوا من قلة الحفاظ ورغبة الناس فيهم، وكانت لهم عطيات من بيت المال وافتقاد من المتعلمين في مجازاة الإحسان بالإحسان من غير شرط مروءة يعينونهم على معاشهم ومعادهم، وكانوا يفتون بوجوب التعليم خوفا من ذهاب القرآن وتحريضا على التعليم حتى تنهضوا لإقامة الواجب فيكثر حفاظ القرآن، وأما اليوم فذهب ذلك كله وانقطعت العطيات من بيت المال بسبب استيلاء الظلمة واشتغل الحفاظ بمعاشهم وقلما يعلمون الحسبة ولا يتفرغون له أيضا، فإن حاجتهم يمنعهم من ذلك فلو لم يفتح باب التعليم بالأجر لذهب القرآن فأفتوا بجوازه لذلك ورأوه حسنا، وقالوا: الأحكام قد تختلف باختلاف الزمان ألا يرى أن «النساء كن تخرجن إلى الجماعات في زمانه - عليه الصلاة والسلام - وزمان أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - حتى منعهن عمر - رضي الله تعالى عنه - واستقر الأمر عليه» وكان ذلك هو الصواب كما في التبيين.
وفي النهاية يفتى بجواز الاستئجار على تعليم الفقه أيضاً في زماننا.
وفي الخانية خلافه تتبع، وفي المجمع يفتي بجواز الاستئجار على التعليم، والفقه، والإمامة كذا في الذخيرة، والروضة ولا يجوز استئجار المصحف وكتب الفقه لعدم التعارف كما في شرح الكنز للعيني".[29]

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] بدائع الصنائع: 4/191، وتبيين الحقائق: 5/124، والتجريد للقدوري: 9/4634.
[2] المغني: 5/410، ومنار السبيل: 1/417، والمحرر في الفقه: 1/357، وكشاف القناع: 4/12
[3] الأَصْلُ: 4/15.
[4] بدائع الصنائع: 4/191.
[5] منار السبيل: 1/417.
[6] أبو داود، كتاب الصلاة، باب أخذ الأجر على التأذين، برقم 531، والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرا، برقم 209، والنسائي، كتاب الأذان، باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجرا، برقم 672، وهو في مسند الإمام أحمد: 26/200، برقم 16270.
[7] أخرجه بن ماجه، كتاب التجارات، باب الأجر على تعليم القرآن، برقم 2158. وهو ضعيف كما ذكر الشيخ شعيب الأرنؤوط في تحقيقه لسنن ابن ماجه، إلا أن الشيخ الألباني صححه لشواهده، كما في إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل: 5/316، برقم 1493.
[8] سنن أبي داود، أبواب الإجارة، باب من كسب في العلم، برقم 3416، وابن ماجه، كتاب التجارات، باب الأجر على تعليم القرآن، برقم 2157، وأحمد في المسند: 37/363، برقم 22689، والحاكم في المستدرك: 2/48، برقم 2277، وحسن إسناده الشيخ شعيب الأنؤوط في تحقيقه لسنن أبي داود، ومسند الإمام أحمد، وصححه الشيخ الألباني في: سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها: 1/515.
[9] مسند أحمد: 24/288، برقم 15529، ومصنف ابن أبي شيبة: كتاب صلاة التطوع والإمامة، وأبواب متفرقة، باب في الرجل يقوم بالناس في رمضان فيُعطى، ومسند أبي يعلى: 3/88، برقم 1518، والمعجم الأوسط للطبراني: 3/86 برقم 2574.
[10] تبيين الحقائق: 5/124، والمبسوط للسرخسي: 16/37، والمغني 3/224.
[11] المحيط البرهاني: 7/484، وتبيين الحقائق: 5/124، والتجريد للقدوري: 7/3697.
[12] جزء من حديث أخرجه البخاري، كتاب العلم، باب ليبلغ العلم الشاهد الغائب، برقم 104، وأخرجه مسلم في الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها، برقم 1354.
[13] المبسوط للسرخسي: 16/37، وبدائع الصنائع: 4/191، واللباب في الجمع بين السنة والكتاب: 2/535.
[14] جامع الأمهات: 436، الجامع لمسائل المدونة: 15/424، و التبصرة: 10/4954-4955.
[15] فتح المعين: 376، وإعانة الطالبين: 3/133، و فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان: 976، و التعليقة للقاضي حسين على مختصر المزني: 2/662.
[16] الكافي: 2/171، والمغني: 5/411، ومنار السبيل: 1/417.
[17] المبسوط للسرخسي: 16/37، ودرر الحكام: 2/233، وملتقى الأبحر: 533، والدر المختار: 581.
[18] جامع الأمهات: 436.
[19] فتح المعين بشرح قرة العين بمهمات الدين: 376.
[20] الكافي لابن قدامة: 2/171.
[21] درر الحكام شرح غرر الأحكام: 2/233؛ المؤلف: محمد بن فرامرز بن علي الشهير بملا - أو منلا أو المولى - خسرو المتوفى: 885هـ؛ الناشر: دار إحياء الكتب العربية؛ الطبعة: بدون طبعة وبدون تاريخ؛ عدد الأجزاء: 2.
[22] أخرجه البخاري في كتاب الطب، باب الشرط في الرقية بقطيع من الغنم، برقم 5737.
[23] أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب القراءة عن ظهر قلب، برقم 5030، وأخرجه مسلم في النكاح باب الصداق وجواز كونه تعليم قرآن وخاتم حديد، برقم 1425.
[24] المغني: 5/411.
[25] البخاري، كتاب الطب، باب النفث في الرقية، برقم 5749.
[26] المغني: 5/411.
[27] المرجع السابق.
[28] المرجع السابق.
[29] مجمع الأنهر: 2/385، وينظر على سبيل المثال: البناية شرح الهداية: 10/281، وحاشية ابن عابدين: 6/55، والعناية: 9/98.
...المزيد

[ من توسل إلى شيخه بشعر ليقبل تعليمه ] (١) ١ - قال الإمام ابن أبي حاتم - رحمه الله تعالى - في ...

[ من توسل إلى شيخه بشعر ليقبل تعليمه ] (١)

١ - قال الإمام ابن أبي حاتم - رحمه الله تعالى - في كتابه "الجرح والتعديل" ١ / ٢٧٥ : باب ما أنشد في عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى: حدثنا عبد الرحمن، نا أحمد بن سلمة النيسابوري قال: سمعت أبا بكر بن أسلم يقول: رحل أبي من نيسابور إلى مرو ليكتب عن ابن المبارك؛ فقال أبيات شعر أنشدها لابن المبارك:

خلَّفْتُ عُرْسي يومَ السَّير باكيةً
يابنَ المبـارك تبكيني برنَّـاتِ

خلَّفتُها سحَراً في النوم لم أرَها
ففي فـؤادي منها شِبْهُ كيَّاتِ

أهلي وعرسي وصبياني رفضتْهُم
وسرْتُ نحوَك في تلك المفازاتِ

أخافُ واللهِ قطَّاعَ الطريق بها
وما أمنتُ بِها من لدْغِ حيـَّاتِ

مستوفزاتٍ بها رقْشٌ مشوهةٌ
أخاف صولتـَها في كل ساعاتي

اجلسْ لنا كلَّ يومٍ ساعةً بُكَراً
إنْ خفَّ ذاك والا بالعشيَّـاتِ

يا أهل مرْوَ أعينونا بكفِّـكُم
عنَّـا وإلا رمينـاكُم بأبيـاتِ

لا تُضجِرونا فإنا معشَرٌ صبُرٌ
وليس نرجـو سوى ربّ البريـَّاتِ​

٢ - كتب القاضي محمد بن عبد الملك في سلخ صفر سنة ١٣٠١هـ إلى شيخه القاضي محمد العمراني - [جد شيخنا القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني رحمه الله تعالى] - هذه الأبيات يطلب إسعاده سماع الموطأ برواية يحيى بن يحيى الليثي وسنن ابن ماجه، مطلعها:

سقى سحب الرضى دهراً حباني
وصال أحبتي فلبست تاجَهْ

إلى أن قال:

أبن لي أيها المولى أيقضي
لنا الدهر الذي أبدا اعوجاجهْ

بجمع الشمل والمقصود وقت
لإملاء الموطأ وابن ماجهْ

ونجني زهر روض العلم غضّاً
ونسلك في الحديث به فجاجهْ

ونحيي للقا بيتاً قديماً
ونوسع في تنائينا شجاجهْ

فهب لي منك في الأسبوع يوماً
يدير الأنس فيه لنا زجاجهْ

فما كان من أستاذه وشيخه إلا أن عين له بعد صلاة الجمعة من كل أسبوع لدرس الموطأ، وبعد إكماله شرع في درس سنن ابن ماجه حتى عاقه - [أي شيخه] الحِمام عن التمام فمات ليلة الأربع وعشرين من شعبان سنة ١٣٠٢هـ.
(القاضي العلامة محمد بن إسماعيل العمراني: حياته العلمية والدعوية ص ١٥٧، تأليف: عبد الرحمن عبد الله سلمان الأغبري)

٣ - قال العلامة محمد الأمين الشنقيطي –رحمه الله تعالى- متحدثا عن فترة طلبه للعلم: قَدِمْتُ عَلَى بَعْضِ الْمَشَايِخِ لِأَدْرُسَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ يَعْرِفُنِي مِنْ قَبْلُ، فَسَأَلَ عَنِّي مَنْ أَكُونُ، وَكَانَ فِي مَلَأٍ مِنْ تَلَامِذَتِهِ فَقُلْتُ مُرْتَجِلًا:

هَذَا فَتىً مِنْ بَنِي جَاكَانَ قَدْ نَزَلَا
بِهِ الصِّبَا عَنْ لِسَانِ الْعُرْبِ قَدْ عَدَلَا

رَمَتْ بِهِ هِمَّةٌ عَلْيَاءُ نَحْوَكُم
إِذْ شَامَ بَرْقَ عُلُومٍ نُورُهُ اشْتَعَلَا

فَجَاءَ يَرْجُو رُكَامًا مِنْ سَحَائِبِهِ
تَكْسُو لِسَانَ الْفَتَى أَزْهَارُهُ حُلَلًا

إِذْ ضَاقَ ذَرْعًا بِجَهْلِ النَّحْوِ ثُمَّ أَبَا
أَلَّا يُمَيِّزَ شَكْلَ الْعَيْنِ مِنْ فَعَلَا

وقَدْ أَتَى الْيَوْمَ صَبًّا مُولَعًا كَلِفًا
"بِالْحَمْدِ لِلَّهِ لَا أَبْغِي لَهُ بَدَلًا"


يريد دراسة لامية الأفعال.

(مقدمة تفسيره المُسمى "أضواء البيان في إضاح القرآن بالقرآن، وكتاب "علو الهمة" 152، للشيخ محمد أحمد إسماعيل المقدم)
*ولامية الأفعال منظومة في الصرف لإمام العربية محمد بن مالك –رحمه الله تعالى-صاحب "الخلاصة في النحو"، والشهيرة بألفية ابن مالك.
وفي الشطر الثاني من البيت الأخير من نظم الشيخ محمد الأمين تضمين لمطلع لامية الأفعال، حيث يقول ابن مالك فيها:

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ لاَ أَبْغِي بِهِ بَدَلاَ
حَمْدًا يُبَلِّغُ مِنْ رِضْوَانِهِ الأَمَلاَ

.... إلخ
...المزيد

معلومات

دكتوراة في الفقه الإسلامي

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً