وقفات مع الرؤى والأحلام الحمد لله الذي جعل من الرؤى مبشرات تسرُّ المؤمن وتعينه على الثبات، ...

وقفات مع الرؤى والأحلام


الحمد لله الذي جعل من الرؤى مبشرات تسرُّ المؤمن وتعينه على الثبات، والصلاة والسلام على رسوله القائل "لم يبقَ من النبوة إلا المبشرات قالوا: وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة" [رواه البخاري]، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد...

فإن من الأمور التي ينبغي وضعها في مواضعها الصحيحة الرؤى التي نراها في منامنا، وسنذكر في هذه المقالة -إن شاء الله- أحكاماً شرعية تصحح مفاهيمنا عن الرؤى، ومنها أنه لا شك أن الوحي قد انقطع بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا يصح أن تُؤخذ من الرؤى أحكام شرعية بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولحوقه بربه عز وجل، فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: "كشف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- السِّتارة، والناس صُفوفٌ خلف أبي بكر، فقال: (أيها الناس، إنه لم يبقَ من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة، يراها المسلم، أو تُرى له)" [رواه مسلم].


الرؤى الصالحة مبشرات

والرؤيا الصالحة من البشارات التي يُبشَّر بها المؤمن في الدنيا، فقد قال الإمام الطبري رحمه الله في تفسير البشرى في الحياة الدنيا في قوله تعالى: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس: 62 - 64]: "إن الله -تعالى ذكره- أخبر أن لأوليائه المتقين البشرى في الحياة الدنيا، ومن البشارة في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو تُرى له".


أقسام الرؤى

وتُقسم الرؤى إلى ثلاثة أقسام: رؤيا بشرى من الله، وحديث نفس، ورؤيا تحزين من الشيطان، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا اقترب الزمان لم تكد رؤيا المسلم تكذب، وأصدقكم رؤيا: أصدقكم حديثا... والرؤيا ثلاث، فالرؤيا الصالحة: بشرى من الله، ورؤيا: تحزين من الشيطان، ورؤيا: مما يحدِّث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره، فليقم فليصلِّ، ولا يحدث بها الناس) [رواه مسلم وبعضه في البخاري].

ومعنى اقتراب الزمان: قرب قيام الساعة على الصحيح، فينبغي للمسلم أن يضع في اعتباره هذه الأقسام الثلاثة للرؤى، فإن رأى في منامه ما كان يفكر فيه ويشغل باله فقد تكون رؤياه من حديث النفس، وإن رأى ما يسوؤه ولا بشارة فيه فليحمله على أنه من أذى الشيطان ليحزنه، كما جاء في حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن أعرابيا قال: "يا رسول الله، رأيت في المنام كأن رأسي ضُرِب فتدحرج، فاشتددت في أثره"، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تُحدِّث الناس بتلعب الشيطان بك في منامك) [رواه مسلم].


علاقة الرؤيا بأول تعبير لها

وقد استدل البخاري -رحمه الله- بحديث الرؤيا التي عبرها أبو بكر -رضي الله عنه- على أن الرؤيا لا تقع على أول تعبير تعبر به إذا لم يكن التعبير صوابا، فقال: "باب من لم ير الرؤيا لأول عابر إذا لم يصب"، وتحت التبويب أسند حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رجلا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إني رأيت الليلة في المنام ظلة تنطُف السمن والعسل، فأرى الناس يتكففون منها، فالمستكثر والمستقل، وإذا سببٌ واصلٌ من الأرض إلى السماء، فأراك أخذت به، فعلوت، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فعلا به، ثم أخذ به رجل آخر فانقطع ثم وصل"، فقال أبو بكر: "يا رسول الله، بأبي أنت والله، لتَدَعَنِّي فأعبرها"، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اعبرها)، قال: "أما الظلة فالإسلام، وأما الذي ينطف من العسل والسمن فالقرآن، حلاوته تنطف، فالمستكثر من القرآن والمستقل، وأما السبب الواصل من السماء إلى الأرض فالحق الذي أنت عليه، تأخذ به فيعليك الله، ثم يأخذ به، رجل من بعدك فيعلو به ثم يأخذ به رجل آخر فيعلو به، ثم يأخذه رجل آخر فينقطع به ثم يوصل له، فيعلو به، فأخبرني يا رسول الله، بأبي أنت أصبت أم أخطأت؟"، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أصبت بعضا، وأخطأت بعضا)، قال: "فوالله يا رسول الله، لتحدثني بالذي أخطأت"، قال: (لا تقسم) [رواه البخاري]، وفي الحديث دلالة على أن تعبير الرؤى هو من الاجتهاد الذي قد يصيب وقد يخطئ أو قد يصيب بعضه ويخطئ بالآخر، وقد يقول قائل فما معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرؤيا تقع على ما تعبر و مثل ذلك رجل رفع رجله فهو ينتظر فهو متى يضعها فإذا رأى أحدكم رؤيا فلا يحدث بها إلا ناصحا أو عالما)، فيقال له أن لا إشكال في المعنى لأن الرؤيا تقع على ما تعبر من الصحيح في تأويلها لا على تأويل من جانب الصواب كما مر معنا في عنوان الباب الذي أورده الإمام البخاري في صحيحه، وفي هذا الحديث إرشاد نبوي وحث على سؤال العالم بالتأويل أو الناصح في تعبير الرؤى.
على من تُقص الرؤيا

وكذلك دلت قصة يوسف -عليه السلام- على أن الأصل ألا تُقَصَّ الرؤيا على غير شفيق ولا ناصح أو من يخشى منه الكيد والحسد، وذاك في قوله تعالى: {قَالَ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [يوسف: 5]، ومن فهم من رؤيا أنها مصيبة تنزل بالرائي فلا يجوز أن يجامله فيكذب في تأويلها، وله أن يتهرب من تفسيرها دون كذب، قيل لمالك، رحمه الله: "أتُعَبِّر الرؤيا على الخير وهي عنده على الشر؟"، فقال: "معاذ الله، أبالنبوة يتلعب؟ هي من أجزاء النبوة".


زمن وقوع الرؤيا

وقد يخطئ بعض الناس في تعبير الرؤى من حيث زمان وقوعها أو مكانه أو غير ذلك، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد أُري في المنام أنه دخل مكة وطاف بالبيت فأخبر أصحابه بذلك وهو بالمدينة، فلما ساروا عام الحديبية لم يشك جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام، فلما وقع ما وقع من قضية الصلح ورجعوا عامهم ذلك على أن يعودوا من قابل، وقع في نفوس بعض الصحابة من ذلك شيء، حتى سأل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في ذلك، فقال له فيما قال: "أفلم تكن تخبرنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟" قال: (بلى، أفأخبرتك أنك تأتيه عامك هذا) قال: "لا"، قال: (فإنك آتيه ومُطَّوِّف به). وبهذا أجاب الصديق -رضي الله عنه- أيضا حذو القذة بالقذة؛ ولهذا قال تعالى: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ} [الفتح: 27].


من تعبير النبي صلى الله عليه وسلم للرؤى

ومن أمثلة تعبير النبي -صلى الله عليه وسلم- للرؤى ما جاء عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (رأيت الليلة -وفي رواية: رأيت ذات ليلة- فيما يرى النائم، كأنا في دار عقبة بن رافع، وأتينا برُطَب من رُطَب ابن طاب، فأوَّلْتُ: أن الرفعة لنا في الدنيا، والعاقبة في الآخرة، وأن ديننا قد طاب) [رواه مسلم]، وفي هذا المثال بعض العلم النبوي يوضح أن الكلمات تكون أحيانا مفاتيح للتعبير، فاسم عقبة فُسّر بالعاقبة في الآخرة، واسم رافع فُسّر بالرفعة في الدنيا، وابن طاب فُسّر بأن ديننا قد طاب.

وموضوع الرؤى لا تكفيه هذه المساحة، ولكن ما يجدر ذكره أن رؤى الأنبياء وحي كرؤيا نبي الله إبراهيم أنه يذبح ابنه، ومنها أن رؤيا الكافر قد تصدق كما في رؤيا الملك قبل أن يسلم على يدي يوسف عليه السلام.

وعلم تعبير الرؤى من نعم الله على من أراده الله بهذا الفضل، وهي نعمة تستوجب الشكر، أخبر -تعالى- أن يعقوب قال لابنه يوسف، عليهما السلام: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [يوسف: 6].

ونصلي ونسلم على رسول الله ومصطفاه، والحمد لله رب العالمين.

* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 103
الخميس 6 صفر 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - مقال: ودوا لو تكفرون كما كفروا لا يزال كفار العالم في غيض وحسد، وسعي ...

الدولة الإسلامية - مقال:
ودوا لو تكفرون كما كفروا

لا يزال كفار العالم في غيض وحسد، وسعي لاجتثاث الموحدين الذين آمنوا بربهم وسعوا لإقامة سلطان شريعته، هذا الغيض منشؤه حسدهم للمؤمنين على إيمانهم واستقامتهم، ولذلك قال العليم الخبير: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء: 89]، فهذه الأمنية عند الكفار هي التي تحرِّك عداوتهم وتغذي حروبهم معنا، فلا عجب أن يكون الكفار قد أجمعوا أمرهم وتركوا خلافاتهم وتوجهوا لحرب دولة الخلافة، فالدين الحق الذي تدين به هذه الدولة المباركة هو السبب الدافع لعداوة الأمم الكافرة لأبنائها ورعيتها، لأن الالتزام بهذا النور المبين يكشف كفر أديانهم ويظهر باطل مناهجهم، ويفضح فساد طريقتهم وانحطاط أخلاقهم، فتندفع قواتهم لفتنة الموحدين عن دينهم ليشاركوهم في كفرهم فيكونوا معهم سواء، ويتجاوزوا المنغصات التي يسببها وجود أهل التوحيد وسلوكهم واتباعهم للهدى الذي حاد الكفار عنه وحاربوه.

وهذه الحقيقة ذكرها القرآن كثيرا بين الأنبياء وأقوامهم، فتجد أن الباطل لا يطيق رؤية الحق يعلو وينتشر، وترى أن الكفار لا يستطيعون كتم غيظهم أمام ظهور الدين الحق الذي يكشف باطلهم ويفضح أستاره، فيحاول الطاغوت وجنده تشويه منهج أهل الحق بما يملكون من الوسائل الضخمة التي تقابل صوت الحق الذي لا يُجارى حتى لو كان في أضعف حالاته، فعند بدء دعوة الرسل لأقوامهم تصدح تلك القلوب الفاسدة العمياء بذلك الجواب الذي يعبِّر عن إرادة اجتثاث الحق واستئصاله والسعي لذلك، كما في قوله تعالى: {فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ} [العنكبوت: 24]، فإن الباطل لا يمكن أن يصمد بحججه الواهية أمام قوة البراهين على أحقية دعوة التوحيد، ولذلك يبدأ أهل الباطل بخطوات فعلية لمواجهة الخطر الذي يُهدد باطلهم.

إنه التقتيل والتحريق أو الطرد أو السجن والتعذيب، كما في قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [الأنفال: 30]، إن كل ذلك وسيلة لرد المسلمين عن دينهم، الذي يهدم أديان الكفر والعصيان، فتندلع المواجهة مع ظهور الحق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان في قتال لا يزال مستمرا لا ينقطع ولا تخمد ناره، قال ربنا جل في علاه: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217]، ولذلك لا عجب أن تعرف الحقيقة التي تقف وراء تحريق أصحاب الأخدود العزَّل من قبل ذلك الطاغوت الذي فضح باطله مجرد إيمان أولئك الناس بربهم، إن تلك الحقيقة هي قوله تعالى: {وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 8]، وهكذا تجد أن نقمة الكفار وسبب اجتماعهم على المسلمين في كل زمان هو توحيد الله –تعالى- ونبذ الباطل الذي يدين به الكفار، وهو الإيمان الحق الذي يريده الله جل وعلا، ولذلك لا عجب أيضا أن ترى الصليبيين يدفعون بعلماء السوء للطعن بالموحدين ورميهم بالكفر والفسوق وذلك ليخففوا الوطأة على نفوسهم التي أظهر الحق ضعفها وانهيارها وشوَّش عليها نشوة التمتع بالمحرمات وأنواع الشهوات حتى تلك التي اتفقت الفطر على خبثها وجرمها، فإن ظهور الحق يعني انتهاء الباطل، فلا بد للطاغوت أن يجد من يسوِّق له دينه وينشره بين الناس فيدينوا بدينه ويعبدوه على شريعته الباطلة الفاجرة ويشوِّهوا دين وسبيل أهل الحق ليصدوا عنها ويذبوا عن الطاغوت وشريعته.

وهذه الحقيقة التي يجدها الكفار في نفوسهم هي موجودة حتى ولو لم يكن هناك قتال، فعندما دعا نبي الله شعيب -عليه السلام- قومه الكفار أن يصبروا عليه وعلى أتباعه حتى يحكم الله بينه وبينهم وبدون أن يتعرض أحد للآخر، رفضوا ذلك وخيَّروا النبي شعيبا -عليه السلام- ومن آمن معه إحدى اثنتين، قال الله تعالى: {وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ * قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَكَ مِن قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} [الأعراف: 87 - 88]، هما خياران عند كل طاغوت في كل زمان، إما القتال والإبعاد، أو العودة إلى ملة الكفر والفساد، ولن يطيقوا الصبر على وجود دين الله الحق، ومن أبى فلن يجد إلا القتل أو النفي أو الإكراه على العودة في ملة الكفر، وهذه الحقيقة هي ثابتة تحصل بين الأنبياء وأقوامهم، قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [إبراهيم: 13].
ومن هنا يعرف الموحد الكذبة الكبرى التي سماها علماء السوء ودعاة الدخول إلى جهنم بالتعايش السلمي أو قبول الآخر، أي قبول التعايش مع الكفار، وهذا التعايش فَشِل فشلا ذريعا حتى مع كون دعاة هذا التعايش قد تخلوا عن كثير من دينهم وارتدوا لأجل أن يثبتوا للكفار أنهم يتعايشون معهم ويقبلون بمنهجهم أو يحسِّنون دينهم ويجدون معهم مشتركات للالتقاء في منتصف الطريق، فيأبى أهل الباطل على أولئك إلا الدخول تحت باطلهم وملتهم بشكل لا يُبقي لهم أي نوع من الاستقلالية.

فلا بد للموحدين أن يعلموا أن هذا المنهاج الطاغوتي الذي يسعى للضغط عليهم بكل الوسائل إنما هو قضاء كوني وصراع كائن إلى يوم القيامة لا يتخلف عن كل موحد صادق متبع لمنهج النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال ورقة بن نوفل للنبي صلى الله عليه وسلم: "ما جاء رجل بمثل ما جئت به إلا عودِيَ"، ولذا يتوجب على كل موحد أن يثبت لربه صدقه وإخلاصه في دينه ويصبر على أذى وقتال الكفار والمرتدين، فإن هذه الحرب لن تضع أوزارها إلا بنزول عيسى -عليه السلام- فيقمع الباطل ويضع الجزية ولا يقبل إلا الإسلام الذي يسود العالم، كما أن الكفار اليوم لا يقبلون منا إلا الدخول معهم في الكفر ولو أدى ذلك لتدمير المدن وتحريق ما فيها بحمم الطائرات، ناقمين علينا إيماننا وتوحيدنا واتباع شريعة ربنا جل في علاه، فلا سبيل لدفع هذا الباطل وحشوده إلا بالقتال الذي اتسم به منهج النبي -صلى الله عليه وسلم- في نشر الرسالة، وكان اليهود يحدثون بصفته هذه عندهم في التوراة قبل مبعثه، وعندما جاءهم ما عرفوا كفروا به، فاحتج عليهم الأنصار بمقولتهم التي كانوا يسمعون منهم في صفته حيث كان اليهود يقولون أنه "الضحوك القتال يركب البعير، ويلبس الشملة، يجترئ بالكسرة، سيفه على عاتقه، له ملاحم وملاحم" [تفسير السمعاني]، وهكذا ينبغي لكل متبع للنبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون سيفه على عاتقه ينشر الشريعة ويذب عنها ويتحمل الأذى والعداوة ومخرجاتها المريرة في زمن تكالب أمم الكفر، ويخوض الملاحم مع الكفار والمرتدين، فكلما اشتدت العداوة وزادت غربة الدين وصار القابض على دينه كالقابض على جمرة، صار عند ذلك الصبر على تلك المحن زيادة في درجة الموحدين وقربهم عند ربهم، ورفعة في منزلتهم، لما يلاقونه من عظيم التكالب والزلزلة، ولا يجد الموحد حينها له من الزاد الذي يعينه إلا الصبر على لأواء الطريق وشدته، ولذلك مدح الله -تعالى- أتباع الرسل وأخبر أنه يحب الصابرين على ما يصيبهم ابتغاء مرضاته فقال: {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران: 146]، وهذا لأن جهاد النفس وإرغامها على المكاره هو الصبر الذي يحبه الله تعالى، فلما كان الوهن يصيب النفس البشرية عند كل بلاء لتتراجع قليلا فتثبت أو تفتن، كان الصبر على المحن وحب الموت في سبيل الله وعدم الضعف أمام بأس الكفار وعدم الاستكانة لهم هو من الصبر الذي يحبه الله -تعالى- ويدخل أصحابه جنة تقر بها أعينهم ويرضى عنهم خالقهم فلا يسخط عليهم أبدا.

فبشراكم أيها الموحدون القابضون على دينكم في زمن الغربة وتكالب الأمم فما هي إلا فترة من الصبر والثبات يعقبها خير الدنيا والآخرة، فعوا حقيقة الصراع واحفظوا عليكم دينكم واصبروا على أمر الله حتى يأتي وعده الذي لا يتخلف، ولا تضعوا عن عواتقكم السلاح، وامضوا إلى الهيجاء في كل ساح، فإن في ذلك الرشد والنجاة والفلاح.



* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 103
الخميس 6 صفر 1439 ه‍ـ
...المزيد

قصص من جهاد النساء 2 الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد ألا ...

قصص من جهاد النساء 2

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
ففي هذه الحلقة من سلسلتنا نقدم لك -أختي الكريمة- قصص ثلة من النساء المجاهدات القدوات، ونبدأ بقدوة جعلت سلامة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوق كل شيء رغم قتل ابنها، فرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أغلى وأهم عندها، ولا تعد المصاب شيئاً إزاء سلامته صلى الله عليه وسلم.

قُتل زوجها وأبوها وتسأل عن سلامة رسول الله
جاء في سيرة ابن هشام: "عن سعد بن أبي وقّاص -رضي الله عنه- قال: مرّ رسول اللّه -صلّى الله عليه وسلّم- بامرأة من بني دينار، وقد أُصيب زوجها وأخوها وأبوها مع رسول اللّه -صلّى الله عليه وسلّم- بأحد، فلمّا نُعوا لها، قالت: فما فعل رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم؟ قالوا: خيراً يا أمّ فلان، هو -بحمد اللّه- كما تحبّين، قالت: أرونيه حتّى أنظر إليه؟ قال: فأشير لها إليه، حتّى إذا رأته قالت: كلّ مصيبة بعدك جلل! -تريد صغيرةً- قال ابن هشام: الجلل: يكون من القليل، ومن الكثير، وهو ها هنا من القليل".


الصابرة المحتسبة:

وإن أردت -أختي في الله- قدوة لك في احتساب المصيبة في سبيل الله والصبر عليها، فإليك هذا النموذج، قال الذهبي: "معاذة بنت عبد الله السيدة العالمة أم الصهباء العدوية البصرية العابدة زوجة السيد القدوة صلة بن أشيم، لما استشهد زوجها (صلة) وابنُها في بعض الحروب اجتمع النساء عندها فقالت: مرحباً بكن إن كنتن جئتن للهناء، وإن كنتن جئتن لغير ذلك فارجعن، وكانت تقول: "والله ما أحب البقاء إلا لأتقرب إلى ربي بالوسائل لعله يجمع بيني وبين أبي الشعثاء وابنه في الجنة" [سير أعلام النبلاء].


أم المجاهدين:

وإليك -أختي- امرأة فريدة من نوعها كرمها الله على النساء ورزقها الأولاد ولم تطب نفسها إلا بأن يجاهدوا كلهم في سبيل الله، إنها عفراء بنت عبيد بن ثعلبة، قال أبو جعفر البغدادي: "عفراء بنت عبيد بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، كانت عند الحارث بن رفاعة، فولدت له معاذا ومعوّذا، ثم طلقها، فقدمت مكة فتزوجها بكير بن عبد ياليل، فولدت له خالدا وإياسا وعاقلا وعامرا بني بكير، ثم رجعت إلى المدينة فراجعها الحارث بن رفاعة فولدت له عوفا، وشهدوا كلهم بدرا، واستشهد معاذ ومعوذ وعاقل يوم بدر، وخالد يوم الرجيع. وعامر يوم بئر معونة، وإياس يوم اليمامة، والبقية منهم لعوف" [المحبر].

وأنت يا أم الرجال كم لك من الأبناء؟ فهلَّا قدمت ما قدمت عفراء رضي الله عنها؟
أم الأبطال:

وهذه امرأة مشهورة لو كان النساء مثلها، لخرج الرجال جماعات للجهاد، ألا وهي الخنساء، قال أبو الربيع الكلاعي: "وقد ذكر الزبير بن بكار نحو هذا عن الخنساء بنت عمرو بن الشريد السلمية فى بنين لها أربعة شهدت معهم حرب القادسية، فقالت لهم من أول الليل: يا بني، إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، وذكرت من صونها لنسبهم نحو ما ذكر قبل، ثم قالت لهم:

"وقد تعلمون ما أعد الله للمسلمين من الثواب الجزيل فى حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، فإذا صبَّحتم غدا إن شاء الله سالمين، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين، فإذا رأيتم الحرب قد شمَّرت عن ساقها واضطرمت لظاها على سباقها، وجللت نارا على أرواقها، فتيمموا وطيسها، وجالدوا رئيسها عند احتدام حميسها، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة"، فخرج بنوها قابلين لنصحها، فلما أضاء لهم الصبح باكروا مراكزهم، وأنشأ أولهم يقول:

يا إخوتي إن العجوز الناصحة
قد نصحتنا إذ دعتنا البارحه
مقالة ذات بيان واضحه
فباكروا الحرب الضروس الكالحه
وإنما تلقون عند الصالحه
من آل ساسان كلابا نابحه
قد أيقنوا منكم بوقع الجائحه
وأنتم بين حياة صالحه
أو موتة تورث غنما رابحه
وتقدم فقاتل حتى قتل، رحمه الله، ثم حمل الثاني وهو يقول:
إن العجوز ذات حزم وجلَد
والنظر الأوفق والرأى السدَد
قد أمرتنا بالسداد والرشَد
نصيحة منها وبرا بالولَد
فباكروا الحرب حُماة فى العدد
إما لفوز بارد على الكبد
أو ميتة تورثكم عز الأبد
في جنة الفردوس والعيش الرغد
فقاتل حتى استشهد، رحمه الله، ثم حمل الثالث وهو يقول:
والله لا نعصي العجوز حرفا
قد أمرتنا حدبا وعطفا
نصحا وبرا صادقا ولطفا
فبادروا الحرب الضروس زحفا
حتى تلفوا آل كسرى لفّا
وتكشفوهم عن حمالكم كشفا
فقاتل حتى استشهد، رحمه الله، وحمل الرابع وهو يقول:
لست لخنساء ولا لأخزمِ
ولا لعمر وذى السناء الأقدمِ
إن لم أرد في الجيش جيش العجمِ
ماض على الهول خضم خضرمِ
إما لفوز عاجل ومغنمِ
أو لوفاة في السبيل الأكرمِ

فقاتل حتى قتل، رحمة الله عليه وعلى إخوته، فبلغ الخبر أمَّهم، فقالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم فى مستقر رحمته، فكان عمر -رضي الله عنه- يعطي الخنساء بعد ذلك أرزاق أولادها الأربعة، لكل واحد مائتي درهم، حتى قُبض، رحمه الله" [الاكتفاء].


أسماء ذات النطاقين تحض ابنها على الثبات:

ولكِ -أختي- في صبر النساء وحضهن أبنائهن على القتال قدوات كثيرات، ومنهن ذات النطاقين أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، قال الذهبي: "قال عروة رحمه الله: دخلت أنا و أخي -يقصد عبد الله بن الزبير- رضي الله عنه قبل أن يقتل على أمِّنا بعشرِ ليال وهي وَجِعة، وقالت: والله ما أشتهي أن أموت حتى تأتي على أحد طرفيك -أي في قتاله مع الحجّاج- إما أن تُقتل فأحتسبك، وإما أن تظفر فتقر عيني، وإياك أن تُعرض على خطةٍ لا تُحق الحق فتقبلها كراهية الموت. ولما جاءها ابن عمر -رضي الله عنه- ليعزيها بمقتل ابنها عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، وجدها في ناحية المسجد وذلك حين صلب ابن الزبير، فمال إليها فقال إن هذه الجثث ليست بشيء، وإنما الأرواح عند الله فاتقي الله واصبري، فقالت: وما يمنعني -أي أن أصبر- وقد أهدي رأس يحيى بن زكريا -عليهما السلام- إلى بغي من بغايا بني إسرائيل؟" [سير أعلام النبلاء].

هانت عليها مصيبتها لأن دين الله أحب إليها من ابنها، وتعزت بما أصاب نبي الله يحيى -عليه السلام- وهو أكرم على الله من ابنها، رضي الله عنه.

هؤلاء المجاهدات من نساء السلف نقلنا لك جهادهن ومثلهن كثير، ولا يمنعنا من الاستزادة إلا خشية الإطالة، علماً أننا لم نذكر لك إلا جانباً بسيطاً من سيرتهن العطرة، فكيف لو ذكرنا لك طرفاً من عبادتهن وخشيتهن لله وعلمهن وصدقتهن وسائر أعمالهن الصالحة، إذاً لطال بنا المقام ولكن فيما ذكرنا كفاية إن شاء الله، فاقتدي بنساء السلف في التحريض على الجهاد والإعداد له، وكذلك المشاركة في هذا الجهاد بما تستطيعين، وفي الصبر على هذا الطريق من أجل انتصار الإسلام، والحمد لله رب العالمين.



* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 103
الخميس 6 صفر 1439 ه‍ـ
...المزيد

علاج مرض القلب من الشيطان قال ابن قيم الجوزية: هذا الباب من أهم أبواب الكتاب وأعظمها نفعاً، ...

علاج مرض القلب من الشيطان

قال ابن قيم الجوزية:

هذا الباب من أهم أبواب الكتاب وأعظمها نفعاً، والمتأخرون من أرباب السلوك لم يعتنوا به اعتناءهم بذكر النفس وعيوبها وآفاتها، فإنهم توسعوا في ذلك، وقصَّروا فى هذا الباب.

ومن تأمل القرآن والسنة وجد اعتناءهما بذكر الشيطان وكيده ومحاربته أكثر من ذكر النفس، فإن النفس المذمومة ذكرت فى قوله: {إِن النَّفْسَ لأمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: 53]، واللوامة فى قوله: {وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللوَّامَةِ} [القيامة: 2]، وذُكرت النفس المذمومة فى قوله: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى} [النازعات: 40].

وأما الشيطان فذكر فى عدة مواضع، وأفردت له سورة تامة. فتحذير الرب تعالى لعباده منه جاء أكثر من تحذيره من النفس، وهذا هو الذى لا ينبغي غيره، فإنَّ شر النفس وفسادَها ينشأ من وسوسته، فهى مركَبُه وموضع سرِّه، ومحل طاعته، وقد أمر الله سبحانه بالاستعاذة منه عند قراءة القرآن وغير ذلك، وهذا لشدة الحاجة إلى التعوُّذ منه، ولم يأمر بالاستعاذة من النفس في موضع واحد، وإنما جاءت الاستعاذة من شرِّها في خطبة الحاجة فى قوله صلى الله عليه وسلم: (ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا) [سنن ابن ماجه].

وقد جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين الاستعاذة من الأمرين، في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال: يا رسول الله، علِّمني شيئا أقوله إذا أصبحت وإذا أمسيت؟ قال قل: (اللهم عالم الغيب والشهادة، فاطر السموات والأرض، ربَّ كل شىء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم، قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك"، فقد تضمن هذا الحديث الشريف الاستعاذة من الشر وأسبابه وغايته:
فإن الشر كلَّه إما أن يصدُر من النفس أو من الشيطان، وغايته: إما أن تعود على العامل، أو على أخيه المسلم، فتضمن الحديث مصدري الشر اللَّذين يصدر عنهما، وغايتيه اللتين يصل إليهما.


الاستعاذة بالله عند قراءة القرآن:

قال تعالى: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْكتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشّيْطَانِ الرَّجِيمِ * إِنّهُ لَيْسَ لَهُ سَلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّما سُلطَانُهُ عَلَى الّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالّذِينَ هُمْ بِه مُشْرِكُونَ} [النحل: 98 - 100] .

ومعنى استعذ بالله: امتنع به، واعتصم به والجأ إليه، ومصدره: العَوذ، والعياذ، والمَعَاذ؛ وغالب استعماله في المستعاذ به، ومنه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- (لقد عُذت بمَعاذ)[رواه البخاري].
وأصل اللفظة: من اللَّجأ إلى الشيء والاقتراب منه، ومن كلام العرب: "أطيب اللحم عوَّذُه"، أي الذي قد عاذ بالعظم واتصل به، و(ناقة عائذ): يعوذ به ولدها، وجمعها عوذ كحُمر.
وجوه وفوائد الاستعاذة عند القراءة:

فأمر سبحانه بالاستعاذة به من الشيطان عند قراءة القرآن، وفى ذلك وجوه:

منها: أن القرآن شفاء لما في الصدور، مُذهِبٌ لما يلقيه الشيطان فيها من الوساوس والشهوات والإرادات الفاسدة، فهو دواء لما أثَّره فيها الشيطان، فأمر أن يطردَ مادة الداء، ويُخلي منه القلب ليصادف الدواء محلاً خاليا، فيتمكَّن منه، ويؤثِّر فيه، كما قيل:

أتانى هواها قبل أن أعرف الهوى
فصادف قلبا خاليا فتمكنا

فيجيء هذا الدواء الشافي إلى القلب قد خلا من مُزاحم ومُضادٍّ له فينجع فيه.

ومنها: أن القرآن مادة الهدى والعلم والخير في القلب، كما أنَّ الماء مادة النبات، والشيطان نار يحرق النبات أولا فأولًا، فكلما أحسَّ بنبات الخير فى القلب سعى فى إفساده وإحراقه، فأمر أن يستعيذ بالله عز وجل منه لئلا يُفسد عليه ما يحصل له بالقرآن.

والفرق بين هذا الوجه والوجه الذى قبله: أن الاستعاذة فى الوجه الأول لأجل حصول فائدة القرآن، وفي الوجه الثاني لأجل بقائها وحفظها وثباتها.

وكأن من قال: إن الاستعاذة بعد القراءة، لحظ هذا المعنى، وهو لعَمر الله ملحظ جيد، إلا أن السنة وآثار الصحابة إنما جاءت بالاستعاذة قبل الشروع في القراءة، وهو قول جمهور الأمة من السلف والخلف، وهو محصِّلة للأمرين.

ومنها: أن الملائكة تدنو من قارئ القرآن وتستمع لقراءته. كما فى حديث أُسيد ابنُ حضَير لما كان يقرأ، ورأى مثلَ الظُّلة فيها مثل المصابيح، فقال النبىّ عليه الصلاة والسلام: (تِلْكَ المَلائِكُة) [رواه مسلم].

والشيطان ضد الملَك وعدوُّه، فأمر القارئ أن يطلب من الله تعالى مباعدة عدوه عنه حتى تحضره خاصتُه وملائكته، فهذه وليمة لا تجتمع فيها الملائكة والشياطين.

ومنها: أن الشيطان يُجلب على القارئ بخيله ورَجله، حتى يَشغَله عن المقصود بالقرآن، وهو تدبُّره وتفهمه ومعرفة ما أراد به المتكلم به سبحانه، فيحرص بجهده على أن يحول بين قلبه وبين مقصود القرآن، فلا يكمل انتفاع القارئ به، فأُمر عند الشروع أن يستعيذ بالله منه.

ومنها: أن القارئ مُناجٍ لله بكلامه، والله تعالى أشد أَذَناً للقارئ الحسن الصوت بالقرآن مِن صاحب القينة إلى قينته، والشيطان إنما قراءتُه الشعر والغناء، فأمر القارئ أن يطرده بالاستعاذة عند مناجاته لله، واستماع الربِّ قراءته.

ومنها: أن الله سبحانه أخبر أنه ما أرسل من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان فى أمنيَّته، والسلف كلُّهم على أن المعنى: إذا تلا ألقى الشيطان فى تلاوته، كما قال الشاعر فى عثمان:

تَمنَّى كِتَابَ اللهِ أَوَّلَ لَيْلِهِ
وَآخِرَهُ لاقَى حِمَامَ المَقَادِرِ

فإذا كان هذا فعله مع الرسل، فكيف بغيرهم؟
ولهذا يُغلِّط القارئ تارة، ويخبط عليه القراءة، ويشوِّشها عليه، فيخبط عليه لسانه، أو يشوِّش عليه فهمه وقلبه، فإذا حضر عند القراءة لم يعدم منه القارئ هذا أو هذا، وربما جمعهما له، فكان من أهم الأمور: استعاذة بالله منه عند القراءة.

ومنها: أن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهُم بالخير، أو يدخل فيه، فهو يشتد عليه حينئذ ليقطعه عنه، وفى الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (إن شيطانا تفلت على البارحة، فأراد أن يقطع على صلاتي" الحديث [رواه البخاري]، وكلما كان الفعل أنفع للعبد وأحب إلى الله تعالى كان اعتراض الشيطان له أكثر.... فالشيطان بالرَّصد للإنسان على طريق كل خير..
فأمر سبحانه العبد أن يحارب عدوه الذى يقطع عليه الطريق، ويستعيذ بالله منه أولا، ثم يأخذ في السير، كما أن المسافر إذا عرض له قاطع طريق اشتغل بدفعه، ثم اندفع في سيره.

ومنها: أن الاستعاذة قبل القراءة عنوان وإعلام بأن المأتي به بعدها القرآن، ولهذا لم تُشرع الاستعاذة بين يدي كلام غيره، بل الاستعاذة مقدمة وتنبيه للسامع أن الذي يأتي بعدها هو التلاوة، فإذا سمع السامع الاستعاذة استعد لاستماع كلام الله، ثم شُرع ذلك للقارئ، وإن كان وحده، لما ذكرنا من الحِكم وغيرها. فهذه بعض فوائد الاستعاذة. انتهى كلامه - بتصرف


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 103
الخميس 6 صفر 1439 ه‍ـ
...المزيد

قصة شهيد: أبو حفص البنغالي رجل صدق الله فصدقه الله... (كما نحسبه) عاش يتيما، فتكفل به جده ...

قصة شهيد:
أبو حفص البنغالي
رجل صدق الله فصدقه الله... (كما نحسبه)


عاش يتيما، فتكفل به جده بعد أن فقد والديه بحادث مروري، ولم يكن وقتها يتجاوز أعوامه السبع، وما هي إلا سنوات قليلة حتى فقد جده، فكفلته جدته لتكون له خير حاضن ومربٍّ.

كان وحيد أبويه فلم يكن لديه إخوة أو أخوات، وقد ترك له والده الذي كان ميسور الحال مبلغا من المال أعانه على استكمال حياته مع جدته التي كانت له خير أنيس.

وما إن اجتاز المرحلة الثانوية في إحدى المدارس ذات المنهج الغربي في البنغال حتى عزم الرحيل إلى إحدى الدول الغربية لاستكمال تحصيله العلمي فيها، فالتحق بكبرى الجامعات الغربية في أستراليا متزودا بنشاطه وجديته ومثابرته، وبعد تخرجه بدرجة امتياز في تخصص برمجة الحواسيب، تزوج ممن أحس أنها ستكون له عونا على حياته، التي ستتفق معه لاحقا على أن ينفذا عملية استشهادية مشتركة.

وكان لزوجته ابنٌ من زوج سابق، فأحس أبو حفص بالمسؤولية تجاه ربيبه فأحبه وعني بتربيته، فهو يعلم جيدا معنى أن تفقد والديك أو أحدهما، فكان له خير أب وخير راع، أحسن تربيته وتعليمه حتى صار من المتفوقين، وكان أحد الخمسة الأوائل على مستوى الدولة في المرحلة الإعدادية.

انخرط أبو حفص في المجتمع الغربي وعمله، قرابة سنتين، عمل خلالهما في إحدى الشركات المتخصصة بالبرمجيات.

حتى تعرف على أخ بدأ بنصحه وإرشاده، وأوصى الرجل صديقه بالاستماع لإحدى المحاضرات التي تتحدث عن حال المسلمين وما أصابهم من الذل والهوان، وقال له: استمع لما يُقال أحقٌ أم باطلٌ؟
وبعد سماعه للمحاضرة بدأت الأسئلة تجول في ذهنه، لماذا حال المسلمين هكذا؟ وكيف وصلنا إلى هذا الحال؟ وما هي سبل الخروج من هذا المستنقع؟ وكيف نجح إعلام الكفار والمرتدين بعزل الأمة عن خيرة أبنائها المجاهدين وتشويه صورتهم؟ وكيف نجح في التعتيم والتشويه والتشويش على دولة العراق الإسلامية؟ وما هو واجب كل مسلم تجاهها؟

أسئلة كثيرة بدأت تجول في خاطر أخينا أبي حفص البنغالي -تقبله الله- وبدأ مشوار البحث عن أجوبة لتلك الأسئلة، ووفقه الله لأن يجد أكثرها في إصدارات الدولة الإسلامية، وكلمات علماء الجهاد المناصرين لها.

وتعرَّف الرجل الباحث عن الحق على مسجد صغير في العاصمة الأسترالية يجتمع فيه عدد من الموحدين، ويتدارسون مع بعضهم على يد شيخ المسجد أبوابا في العقيدة، وكان ينقل كل ما يسمعه ويراه لرفيقة دربه، وما هي إلا سنة أو تزيد حتى وضحت له ولزوجه معالم الطريق، فحزما أمرهما وعزما على ترك تلك الديار، وقصدا البنغال كمحطة أولى للتخلص من الحياة التي كانا يعيشانها في أستراليا.

وفور وصوله فتح بيته لتعليم الأطفال المواد العلمية إضافة إلى تعليمهم ما تعلمه عن التوحيد، ورفض العمل في أي شركة خوفا من الوقوع فيما يغضب الله عز وجل.

وما هي إلا أشهر معدودة حتى بدأ الحراك ضد النظام النصيري في الشام، وبدأت بوادر تمدد دولة العراق الإسلامية إليها تلوح في الأفق، فعزم أمره مع زوجته على الهجرة، ونزل في تركيا وعينه على حلمه الذي ظل يراوده لسنوات، وهو العيش في دار الإسلام، وتحت ظل الشريعة الإسلامية، والالتقاء بإخوانه المجاهدين الذين طالما تمنى لقاءهم، والقتال إلى جانبهم.

فدخل بدايةً إلى مناطق الصحوات في إدلب فكانت أول محنة له بانتظاره، حيث سجنه المرتدون وحققوا معه عن سبب قدومه، ثم أطلقوا سراحه بعد أيام مع أسرته، فمكث غير بعيد، حتى يسر الله له طريقا إلى أرض الخلافة، حيث وافق قدومه إعلان الخلافة أدامها الله.
وبعد التحاقه بمعسكر لجندية الدولة الإسلامية وتخرجه فيه بدأ مسيرة عمله بتقديم كل ما يملك من خبرات في تخصصه (هندسة البرمجيات) إلى إدارات الدولة الإسلامية الفتية، ولم ينس وهو منشغل في عمله خطوط الرباط، فكان كثيرا ما يحن للرباط ويأنس به ويرتاح إليه.

وعند وقوع ملحمة الموصل استأذن منه ربيبه (أبو سليمان البنغالي) للالتحاق بصفوف إخوانه والمشاركة معهم في رد الكفار عن الموصل، وهو الذي كان قد التحق بكلية الطب فور وصوله الرقة، فأذن له وعيناه تفيض من الدمع فرحا بشجاعته وحزنا على فراقه.

فقد كان ربيبه نموذجا للمسلم الذي نشأ في طاعة الله، ورحل الشاب ذو الستة عشر ربيعا بعد توديع أمه وعمه، ليتلقَّيا بعد عدة أشهر خبر تنفيذه عملية استشهادية في جموع الروافض المشركين، فما كان منهما إلا أن حمدا الله ورجيا منه أن يلحقا به في جنانه.

وبعد عدة أشهر ومع اقتراب الجيش النصيري -أخزاه الله- من مدينة الميادين، اشتاق أبو حفص إلى لقاء ربه فلبس جعبته واستنفر نفسه وأهله وعزم مع زوجته على تنفيذ حلمهما بعملية استشهادية مشتركة، غير أن أولي الأمر رفضوا أن تشاركه زوجه العملية الاستشهادية التي أراد أن ينفذها، وفي تلك الأثناء رفض البقاء في البيت أو الانتظار فطلب الرباط عدة مرات، وجلس في مضافة المستنفرين، مرتديا جعبته وسلاحه، متجهزا لأي نداء قد يستدعيه في أية لحظة.
وأثناء وجوده في المضافة جاء أحد الإخوة ليوصل أحد المستنفرين للرباط فرأى أبو حفص فناداه -متوهما أنه هو المطلوب- فخرج معه من دون أن يستوضح الأمر منه، لشدة رغبته باللحاق بسوح المعارك، فخرج بسلاحه وجعبته وصعد السيارة مودعا إخوانه.

تفاجأ الإخوة بعد ذلك بسماع صوته عبر أجهزة الاتصال اللاسلكي، وهو ينادي: يا إخوة إنهم يرمون عليَّ... يا إخوة لقد أُصِبت... ادعوا لي أن أكون شهيدا... ثم سكت، فتعجبوا أليس هو الذي في المضافة؟ كيف خرج؟ ومن هو الذي طلب منه الخروج؟

وبعد مراجعة الأخ الذي جاء وأخذه للرباط قال: إنه طُلب منه إحضار أخ من المضافة اسمه (أبو عمر) ليصطحبه إلى نقطة الرباط، وجاء الأخ فوجد أخانا أبا حفص متجهزا مستعدا قريبا من الباب، فناداه ظنا منه أنه (أبو عمر)، فخرج معه مسرعا، كأنه على موعد قد آن وقته، وما هي إلا ساعات ويأتي نبأ استشهاده، في نقطة الرباط تلك.

رحل أبو حفص الذي ترك الدنيا خلف ظهره راغبا بما عند الله، رحل تاركا زوجه وطفليه اللذين استقيا منه حب الجهاد، والبذل والعطاء في سبيل الله، فرحمك الله يا أبا حفص وأسكنك فسيح جناته.


* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 103
الخميس 6 صفر 1439 ه‍ـ
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 103 الإفتتاحية: تاريخ دولة الإسلام ثبات ومضاء مرَّت ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 103
الإفتتاحية:

تاريخ دولة الإسلام ثبات ومضاء

مرَّت على دولة الإسلام مرحلة البداية التي تكللت بإعلان قيامها بعد أن أثخنوا في الصليبيين الجراح، فأوشكوا على هروب منكر مُذِل في العراق، فأطلَّ أهل النفاق والردة ليُدْلوا بدلوهم في إنقاذ أسيادهم الصليبيين، الذين بادروا باستنقاذ جيشهم الممزق بمعاونة صحوات الردة والخيانة، فدخلت دولة الإسلام في مرحلة المغالبة، فاستطاعت الحفاظ على كيانها وبدأت ترتسم ملامح البناء بحلة جديدة بعد سنتين من تلك المغالبة الجريئة وتحمل الأذى والبلاء في سبيل التمكين لدين رب العالمين بعد نقاء الصفوف، حيث مضى من مضى في موكب الشهداء، وسقط من سقط من الأدعياء، وحينها دخلت الدولة الإسلامية مرحلة جديدة من الرقي، إذ منَّ الله على عباده الصابرين بفتح كثير من مدن الشام والعراق وإعلان الخلافة وبيعة كثير من الصادقين لأمير المؤمنين -حفظه الله- في مناطق أخرى.

وبعد أن توسعت دولة الإسلام وتمكنت وحكمت بشرع الله، اجتمعت أمم الكفر وأجمعوا أمرهم وشركاءهم للحفاظ على خدمهم الطواغيت وجيوشهم المهترئة، فبدأت مرحلة معركة ضروس كان لدولة الإسلام فيها حظ كبير من الثبات الذي اتصف به أتباع الرسل، المتمثل بالبعد عن الوهن واللين والاستكانة للعدو مهما كثرت جيوشه وتعددت ألويته، وها هي دولة الإسلام تدخل مرحلة المغالبة في أماكن كثيرة ومهمة من العالم، وبكيان قوي يوازي الحملة الكبرى التي تواجهها، وهي اليوم أقوى مما كانت عليه في مرحلة المغالبة الأولى بعد ظهور صحوات النفاق والردة في العراق، مع احتفاظها اليوم بمناطق تمكين لا تزال تؤهلها للنكاية في الكفار والمرتدين، وبأجيال مهيأة للقتال والدفاع عن هذه الدولة المباركة، فقد اتقدت جذوة الجهاد في قلوب المسلمين بعدما عاينوا حكم رب العالمين ونقاء ديار الإسلام بالتوحيد، تلك الديار التي عاشوا في ظلها بالكتاب الهادي والسيف الناصر، فذاع صيتها بين المسلمين في أصقاع الأرض، وسار في ركبها الصادقون ولم ينقطع عنها المدد -بفضل الله تعالى- من مهاجرين وأنصار.

وبعد هذه المرحلة المباركة التي وصل إليها المسلمون، فإن النتائج التي يراها العدو الصليبي ومن معه من الفرق الباطنية والملحدة غير التي تراها دولة الإسلام، فإن الذي يراه الصادقون هو قرب الفتح الأعظم الذي أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا حاصل كما أخبر الصادق المصدوق، مهما عظم الابتلاء، ومهما فقدت الدولة من الأرض، فإن النكاية التي يخشاها العدو ستكون -بإذن الله- ماضية لا تتوقف، وذلك بالقيام بأمر الله في جهاد الكفار حيثما وجدوا، في كل مكان وطِئه أهل التوحيد، ولن تنجلي مرحلة مغالبة الكفار والنكاية بهم -بإذن الله- إلا عن غلبة وتمكين كبير لعباد الله الصابرين، ليزيلوا فساد الشرك والرذيلة من أرض الله، وتكون كلمة الله هي العليا، لأن الأصل الثابت الذي قامت عليه هذه الدولة المباركة هو توحيد رب العالمين وتكفير وقتال طواغيت العالم وجندهم وأنصارهم.

ومع قولنا إن النتائج التي يراها عدونا على المدى القريب غير التي نراها، إلا أنهم يتوقعون أن المرحلة القادمة ستكون أشد في القتال من المواجهة المباشرة، كما أن الشركاء المتشاكسين الذين توحدوا لقتال دولة الإسلام لن يبقوا على اجتماعهم ولن تبقى خريطة الصراع كما هي رغما عنهم ورغما عن أنف أمريكا التي تسعى للضغط عليهم مقابل مساندة ومعاونة، فقد ضعف العدو المشترك في نظرهم وآن الآوان لتصفية الحسابات فيما بينهم، وبدأت معركة هنا، وغدا ستبدأ معركة أخرى هناك وصراع هنالك بإذن الله، ولن يبقى الحلف الكفري العالمي على ما هو عليه، وستتفكك أحزابهم وتبقى دولة الإسلام ماضية في مشروعها كما كانت في كل مرحلة، ماضية في جهادها وتنكيلها بأعداء الله المجرمين حتى يتحقق وعد الله بالظهور المطلق على العالم، بنصر من الله وفتح قريب.



* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 103
الخميس 6 صفر 1439 ه‍ـ
...المزيد

النَفس مُحاسَبَة • تعريفها: "أن يتصفح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محمودًا ...

النَفس مُحاسَبَة


• تعريفها:
"أن يتصفح الإنسان في ليله ما صدر من أفعال نهاره، فإن كان محمودًا أمضاه وأتبعه بما شاكله وضاهاه، وإن كان مذمومًا استدركه إن أمكن، وانتهى عن مثله في المستقبل" [درر السلوك].


• أمر رباني ووصية إلهية
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} قال ابن كثير: "أي حاسبوا أنفسكم".


• دأب المؤمن الفطن الوجل
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الكيِّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنّى على الله الأماني) [رواه الترمذي].


• يعرف العبد بها عيوبه فيصلحها
قال ابن القيم عند ذكره لفوائد محاسبة النفس: "الاطلاع على عيوبها، ومن لم يطلع على عيب نفسه لم يمكنه إزالته، فإذا اطلع على عيبها مَقَتها في ذات الله" [إغاثة اللهفان].


• يعرف العبد بها حق ربه عليه
"من فوائد محاسبة النفس: أنه يعرف بذلك حق الله عليه فإن من حقه أن يُطاع ولا يُعصى، وأن يُذكر فلا يُنسى، وأن يُشكر فلا يُكفر" [المصدر السابق].


• تُخفف الحساب في الآخرة
قال الحسن: "الْمُؤْمِنُ قَوَّامٌ عَلَى نَفْسِهِ، يُحَاسِبُ نَفْسَهُ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنَّمَا خَفَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى قَوْمٍ حَاسَبُوا أَنْفُسَهُمْ فِي الدُّنْيَا" [محاسبة النفس]
...المزيد

صيام يَومِ عَاشُوراء • فضله وتحري صيامه عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى ...

صيام يَومِ عَاشُوراء

• فضله وتحري صيامه
عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله). [رواه مسلم]، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان). [رواه البخاري]


• الحكمة من صيامه
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه، وأمر بصيامه). [رواه البخاري]


• صيام التاسع قبله
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: (حين صام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فإذا كان العام المقبل، إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) [رواه مسلم]


• لا يشرع تخصيصه بحزن أو فرح أو عبادة غير الصيام
قال ابن القيم: "الاكتحال يوم عاشوراء، والتزين، والتوسعة، والصلاة فيه، وغير ذلك من فضائل، لا يصحّ منها شيء" [المنار المنيف]


• صيام عاشوراء يكفر الصغائر لا الكبائر
قال ابن القيم: "يقول بعضهم: يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها، ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر، ولم يدر هذا المغتر، أن صوم رمضان، والصلوات الخمس، أعظم وأجل من صيام يوم عرفة، ويوم عاشوراء، وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر". [الجواب الكافي]
...المزيد

صيام يَومِ عَاشُوراء • فضله وتحري صيامه عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى ...

صيام يَومِ عَاشُوراء

• فضله وتحري صيامه
عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله). [رواه مسلم]، وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (ما رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يتحرى صيام يوم فضله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشهر يعني شهر رمضان). [رواه البخاري]


• الحكمة من صيامه
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، قال: فأنا أحق بموسى منكم، فصامه، وأمر بصيامه). [رواه البخاري]


• صيام التاسع قبله
وعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- قال: (حين صام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فإذا كان العام المقبل، إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-) [رواه مسلم]


• لا يشرع تخصيصه بحزن أو فرح أو عبادة غير الصيام
قال ابن القيم: "الاكتحال يوم عاشوراء، والتزين، والتوسعة، والصلاة فيه، وغير ذلك من فضائل، لا يصحّ منها شيء" [المنار المنيف]


• صيام عاشوراء يكفر الصغائر لا الكبائر
قال ابن القيم: "يقول بعضهم: يوم عاشوراء يكفر ذنوب العام كلها، ويبقى صوم عرفة زيادة في الأجر، ولم يدر هذا المغتر، أن صوم رمضان، والصلوات الخمس، أعظم وأجل من صيام يوم عرفة، ويوم عاشوراء، وهي إنما تكفر ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر". [الجواب الكافي]
...المزيد

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 502 الافتتاحية: • طلاب المعالي إنّ قيمة المرء ما يطلبه، ...

الدولة الإسلامية - صحيفة النبأ العدد 502
الافتتاحية:

• طلاب المعالي

إنّ قيمة المرء ما يطلبه، ومن طلب المعاليَ حريٌّ به أن يفارق الراحة فالنعيم لا يُدرك بالنعيم، وإنّ أعلى الناس مطلبا وأرفعهم همة المجاهدون طلاب الجنة وعشاق الشهادة، الذين عرفوا قدر سلعة الله الغالية فبذلوا ثمنها دمًا ومُهَجًا وأشلاءً، كما بيّن سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ}.

وتتفاوت منازل العباد بتفاوت هممهم، فمنهم من تسابق الجوزاء همته ولا يقنع بما دون الثريا ولو تلفت نفسه دون ذلك في سبيل الله تعالى لا سبيل غيره، ومنهم من تكون همته هابطة سافلة إلى الأرض لا تتجاوز حد شهواته ونزواته، وبين تلك المنزلتين منازل شتى.

ومن عجيب طغيان المادة على أهل زماننا، أنهم صبغوا علو الهمة بصبغة الدنيا، فلم تعد تعني في قاموسهم غير الارتقاء في مناصبها والعلو في درجاتها والمنافسة في حصد مكاسبها، فصارت همتهم لا تخرج عن الدنيا ولا تنفك عنها!

ولمّا كان الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام؛ لم يقم به إلا الخُلَّصُ الذين اصطفاهم الله تعالى ووفقهم لذلك، ممّن علت همَمُهم وسمت نفوسهم، وأما الذين تركوا الجهاد وأعرضوا عنه؛ فهم غالبا ممّن: {كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ}، أو هم ممّن استبدلهم الله بقوم: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ}؛ فالقاعد عن جهاد الفريضة بغير عذر، يُخشى عليه من النفاق أو الاستبدال؛ والأخير قد لاحت لوائحه في كل واد فيا سوءة القاعدين!

وعلى كل حالٍ فإن ترك الجهاد والنفير لا يصدر إلا عن همة ساقطة غارقة في أوحال الدنيا وشهواتها؛ كما بيّن الحكيم العليم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}.

ولمّا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه أرفع الناس همما وأبعدهم عن حطام الدنيا مقصدا؛ كانوا أسرع الناس استجابةً لداعي الجهاد وأقوى الناس قيامًا بأمره، وأكثرهم تضحيةً بالنفس والنفيس على عتباته كما أخبر سبحانه عنهم: {لَٰكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَأُولَٰئِكَ لَهُمُ الْخَيْرَاتُ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}، وذكر ابن المبارك رحمه الله في كتابه الجهاد عن خالد رضي الله عنه قوله: "ما من ليلة يُهدى إلي فيها عروس أو أبشّر فيها بغلامٍ، أحبَّ إليَّ من ليلةٍ شديدةِ البردِ كثيرةِ الجليدِ في سريَّة أُصبِّحُ فيها العدو"، وذلك عمير بن الحمام لم تمهله همته حتى يأكل تميرات رآها عائقا عن الاستشهاد!، والأمثلة على علو همم الصحابة في الجهاد لا تكفيها الصفحات ولا تحيط بها الكلمات.

وفي المقابل، إذا تأملت أحوال المنافقين التي جلّاها الله عز وجل في كتابه؛ وجدتَ أكثرها في التخلف عن الجهاد وتقاعس هممهم عن ميادينه، وإخلادهم إلى الأرض، كما في قوله تعالى: {رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ}، وقوله سبحانه: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَن يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} وغيرها من الآيات.

والهمة محلها القلب ابتداءً فمنه تنبعث رياحها وتنقدح شرارتها، فأصلحوا قلوبكم تنصلح هممكم، لكن أثر الهمة العالية لا بد أن يظهر على الجوارح بذلا وتضحية وجهادا واستعدادا وتأهُّبا دائما، كما يصوّرها بدقة متناهية الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مِنْ خَيْرِ مَعَاشِ النَّاسِ لَهُمْ، رَجُلٌ مُمْسِكٌ عِنَانَ فَرَسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، يَطِيرُ عَلَى مَتْنِهِ، كُلَّمَا سَمِعَ هَيْعَةً أَوْ فَزْعَةً طَارَ عَلَيْهِ يَبْتَغِي الْقَتْلَ وَالْمَوْتَ مَظَانَّهُ)، بهذه الهمة وعلى هذه الأُهبة يجب أن تحيا أيها المجاهد في سبيل الله تعالى، فهذا قدَرك وقدْرك.
إن الهمة العالية تتطلب منك أيها المجاهد أن تكون مبادرا مثابرا مسابقا إلى تلبية نداء مولاك، مقداما في الحق مقدِّما إيّاه على ما سواه، باذلا لنصرته كل ما بوسعك عن طيب خاطر، فما سبق أصحاب نبيك -صلى الله عليه وسلم- وعلوا العرب والعجم قدرا ومنزلة إلا بهذا، وانظر معنا خبر القوم كيف كانوا؟ فعن جرير بن حازم قال: "سمعت الحسن قال: حضر باب عمر بن الخطاب سهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وأبو سفيان بن حرب، ونفر من قريش من تلك الرؤوس، وصهيب وبلال، وتلك الموالي الذين شهدوا بدرا، فخرج آذن عمر فأذن لهم، وترك هؤلاء، فقال أبو سفيان: لم أر كاليوم قط، يأذن لهؤلاء العبيد ويتركنا على بابه ولا يلتفت إلينا!، قال: فقال سهيل بن عمرو، وكان رجلا عاقلا: أيها القوم، إني والله لقد أرى الذي في وجوهكم، إن كنتم غضابا فاغضبوا على أنفسكم، دُعي القوم ودعيتم؛ فأسرعوا وأبطأتم، فكيف بكم إذا دعوا ليوم القيامة وتركتم، أما والله لما سبقوكم إليه من الفضل مما لا ترون؛ أشد عليكم فوتا من بابكم هذا الذي ننافسهم عليه، قال: ونفض ثوبه وانطلق، قال الحسن: وصدق والله سهيل لا يجعل الله عبدا أسرع إليه كعبد أبطأ عنه". [رواه أحمد في الزهد]

وقد صدق والله الحسن وبرَّ، فإن الله لم يساوِ بين السابقين والمتأخرين، ولا بين المجاهدين والقاعدين، ولا بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون، قال تعالى: {لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}.

إنّ الواقع المر الذي يحياه المسلمون اليوم يتطلب صناعة رجال ذوي همم عالية وعزائم ماضية لا تلين ولا تستكين، لا تعرف للراحة طعما، ولا إلى الدعة سبيلا، قد أيقنوا أن الجنة حُفت بالمكاره فلا مناص عنها، وأدركوا أن العزة والغلبة والرفعة والمهابة وكل معالي الأمور لن تُنال إلا عندما تعلو الهمم فوق ذرى الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام، عندها وحسب يعود المسلمون إلى السيادة والريادة كما كانوا.


• المصدر:
صحيفة النبأ العدد 502
السنة السابعة عشرة - الخميس 8 المحرم 1447 هـ
المقال الافتتاحي:
طلاب المعالي
...المزيد

أليس هذا حال العساكر؟ • قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من حالف شخصاً على أن يوالي من ...

أليس هذا حال العساكر؟

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "من حالف شخصاً على أن يوالي من والاه، ويُعادي من عاداه، كان من جنس التتر المجاهدين في سبيل الشيطان، ومثل هذا ليس من المجاهدين في سبيل الله تعالى، ولا من جند المسلمين، بل هؤلاء من عساكر الشيطان" أنتهى.

• أليس هذا هو حالكم؟ حيث توالون وتعادون في أشخاص الطواغيت الحكام، توالون من والوهم وتعادون من عادوهم، بغض النظر عن شرعية تلك الموالاة أو المعاداة، تنتهك حرمات الأمة ويُعتدى على مقدساتها، ويُقتل الأطفال والنساء، ويشتم الله ورسوله، فكل هذا وغيره لا يستدعي موقفاً منكم ولا من حكامكم!

الشيخ فارس آل شويل/نصيحة إلى العساكر

اعرف حقيقة الجيوش
...المزيد

مِن أقوال علماء الملّة ◾️ قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-: "إياك والكذبَ؛ فإنَّه يُفْسِدُ عليك ...

مِن أقوال علماء الملّة

◾️ قال ابن القيم -رحمه الله تعالى-:
"إياك والكذبَ؛ فإنَّه يُفْسِدُ عليك تصوُّرَ المعلومات على ما هي عليه، ويُفسِد عليك تصويرَها وتعليمَها للناس! فإن الكاذب يُصوِّرُ المعدومَ موجودًا والموجودَ معدومًا، والحقَّ باطلًا والباطلَ حقًّا، والخير شرًّا والشرَّ خيرًا؛ فيفسُدُ عليه تصوُّرُه وعلمه عقوبةً له، ثم يُصوِّر ذلك في نفس المخاطب المغترّ به الراكن إليه؛ فيُفسِدُ عليه تصوُّرَه وعلمه". [الفوائد] ...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً