أحلام الجولاني المفتون بالحكم
في الوقت الراهن تتجاذب دوائر صنع القرار اليهودي طريقتين للتعامل مع المشهد السوري الجديد، الطريقة الأولى تتمثل في حسم الملف أمنيا وعسكريا، وعدم الوثوق بالنظام الجديد ...المزيد
مساعدة
الإبلاغ عن المادة
تعديل تدوينة
من لم يعمل بعلمه جاهل وفي الكلام المعروف عن الحسن البصري ويروى مرسلاً عن النبي، صلى الله عليه ...
من لم يعمل بعلمه جاهل
وفي الكلام المعروف عن الحسن البصري ويروى مرسلاً عن النبي، صلى الله عليه وسلم: «العلم علمان: فعلم في القلب، وعلم على اللسان. فعلم القلب هو العلم النافع، وعلم اللسان حجة اللّه على عباده».
وقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي موسى، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَثَل المؤمن الذي يقرأ القرآن مَثَل الأُتْرُجَّة، طعمها طَيِّب وريحها طيب. ومَثَل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مَثَل التمرة، طعمها طيب، ولا ريح لها. ومَثَل المنافق الذي يقرأ القرآن مَثَل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر. ومَثَل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مَثَل الحَنْظَلَة، طعمها مر، ولا ريح لها). وهذا المنافق الذي يقرأ القرآن يحفظه ويتصور معانيه، وقد يصدّق أنه كلام اللّه، وأن الرسول حق، ولا يكون مؤمنا، كما أن اليهود يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وليسوا بمؤمنين، وكذلك إبليس وفرعون وغيرهما. لكن من كان كذلك، لم يكن حصل له العلم التام والمعرفة التامة. فإن ذلك يستلزم العمل بموجبه لا محالة، ولهذا صار يُقال لمن لم يعمل بعلمه: إنه جاهل، كما تقدّم.
وكذلك لفظ [العقل] وإن كان هو في الأصل: مصدر عَقَل يَعْقِل عَقْلاً، وكثير من النظار جعله من جنس العلوم فلا بد أن يُعد علما يُعمل بموجبه، فلا يسمى عاقلاً إلا من عرف الخير فطلبه، والشرَّ فتركه؛ ولهذا قال أصحاب النار: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10]، وقال الله -تعالى- عن المنافقين: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [الحشر: 14]، ومن فعل ما يعلم أنه يضره؛ فمثل هذا ليس له عقل، فكما أن الخوف من اللّه يستلزم العلم به، فالعلم به يستلزم خشيته، وخشيته تستلزم طاعته، فالخائف من اللّه ممتثل لأوامره مجتنب لنواهيه، وهذا هو الذي قصدنا بيانه أولا.
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 65
الخميس 27 ربيع الثاني 1438 هـ
مقتطف من مقال: إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل تيليجرام:
@WMC111ART ...المزيد
وفي الكلام المعروف عن الحسن البصري ويروى مرسلاً عن النبي، صلى الله عليه وسلم: «العلم علمان: فعلم في القلب، وعلم على اللسان. فعلم القلب هو العلم النافع، وعلم اللسان حجة اللّه على عباده».
وقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي موسى، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (مَثَل المؤمن الذي يقرأ القرآن مَثَل الأُتْرُجَّة، طعمها طَيِّب وريحها طيب. ومَثَل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن مَثَل التمرة، طعمها طيب، ولا ريح لها. ومَثَل المنافق الذي يقرأ القرآن مَثَل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر. ومَثَل المنافق الذي لا يقرأ القرآن مَثَل الحَنْظَلَة، طعمها مر، ولا ريح لها). وهذا المنافق الذي يقرأ القرآن يحفظه ويتصور معانيه، وقد يصدّق أنه كلام اللّه، وأن الرسول حق، ولا يكون مؤمنا، كما أن اليهود يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، وليسوا بمؤمنين، وكذلك إبليس وفرعون وغيرهما. لكن من كان كذلك، لم يكن حصل له العلم التام والمعرفة التامة. فإن ذلك يستلزم العمل بموجبه لا محالة، ولهذا صار يُقال لمن لم يعمل بعلمه: إنه جاهل، كما تقدّم.
وكذلك لفظ [العقل] وإن كان هو في الأصل: مصدر عَقَل يَعْقِل عَقْلاً، وكثير من النظار جعله من جنس العلوم فلا بد أن يُعد علما يُعمل بموجبه، فلا يسمى عاقلاً إلا من عرف الخير فطلبه، والشرَّ فتركه؛ ولهذا قال أصحاب النار: {لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [الملك: 10]، وقال الله -تعالى- عن المنافقين: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ} [الحشر: 14]، ومن فعل ما يعلم أنه يضره؛ فمثل هذا ليس له عقل، فكما أن الخوف من اللّه يستلزم العلم به، فالعلم به يستلزم خشيته، وخشيته تستلزم طاعته، فالخائف من اللّه ممتثل لأوامره مجتنب لنواهيه، وهذا هو الذي قصدنا بيانه أولا.
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 65
الخميس 27 ربيع الثاني 1438 هـ
مقتطف من مقال: إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ
لقراءة المقال كاملاً.. تواصل تيليجرام:
@WMC111ART ...المزيد
لا إله إلا الله قول وعمل قال الشيخ محمد بن عبد الوهّاب، رحمه الله: اعلم رحمك الله تعالى، أن لا ...
لا إله إلا الله قول وعمل
قال الشيخ محمد بن عبد الوهّاب، رحمه الله:
اعلم رحمك الله تعالى، أن لا إله إلا الله هي الكلمة العالية، والشريفة الغالية، من استمسك بها فقد سلم، ومن اعتصم بها فقد عُصم، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرُم ماله ودمه، وحسابه على الله، عز وجل) [رواه مسلم عن طارق بن أشيم]، والحديث يفصح أن لا إله إلا الله، لها لفظ ومعنى.
ولكن الناس فيها ثلاث فرق: فرقة نطقوا بها وحقّقوها، وعلموا أن لها معنى وعملوا به، ولها نواقض فاجتنبوها. وفرقة: نطقوا بها في الظاهر، فزيّنوا ظواهرهم بالقول، واستبطنوا الكفر والشك. وفرقة: نطقوا بها ولم يعملوا بمعناها، وعملوا بنواقضها، فهؤلاء: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف: 104]؛ فالفرقة الأولى هي الناجية، وهم المؤمنون حقا، والثانية هم المنافقون، والثالثة هم المشركون.
فلا إله إلا الله حصن، ولكن نصبوا عليه منجنيق التكذيب، ورموه بحجارة التخريب، فدخل عليهم العدو، فسلبهم المعنى، وتركهم مع الصورة، وفي الحديث: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأبدانكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) [رواه مسلم عن أبي هريرة]؛ سلبوا معنى لا إله إلا الله، فبقي معهم لقلقة باللسان، وقعقعة بالحروف، وهو ذِكر الحصن لا مع الحصن، فكما أن ذِكر النار لا يحرق، وذِكر الماء لا يغرق، وذِكر الخبز لا يشبع، وذِكر السيف لا يقطع، فكذلك ذِكر الحصن لا يمنع؛ فإن القول قشر، والمعنى لب، والقول صدف، والمعنى در، ماذا يُصنع بالقشر مع فقدان اللب؟ وماذا يُصنع بالصدف مع فقدان الجوهر؟
لا إله إلا الله مع معناها، بمنزلة الروح من الجسد، لا يُنتفع بالجسد دون الروح، فكذلك لا يُنتفع بهذه الكلمة دون معناها؛ فعالم الفضل أخذوا بهذه الكلمة بصورتها ومعناها، فزينوا بصورتها ظواهرهم بالقول، وبواطنهم بالمعنى، وبرزت لهم شهادة القدم بالتصديق، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18].
وعالم العدل [أي الشرك]: أخذوا هذه الكلمة بصورتها دون معناها، فزيّنوا ظواهرهم بالقول، وبواطنهم بالكفر، بالاعتقاد فيمن لا يضر ولا ينفع؛ فقلوبهم مسودة مظلمة، لم يجعل الله لهم فرقانا يُفرّقون به بين الحق والباطل، ويوم القيامة يبقون في ظلمة كفرهم، {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} [البقرة: 17].
فمن قال: لا إله إلا الله، وهو عابد لهواه ودرهمه وديناره ودنياه، ماذا يكون جوابه يوم القيامة لمولاه؟ {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23]، (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أُعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش) [رواه البخاري عن أبي هريرة].
إذا قلت: لا إله إلا الله، فإن كان مسكنها منك اللسان لا ثمرة لها في القلب، فأنت منافق، وإن كان مسكنها منك القلب [مع التزام الجوارح بها]، فأنت مؤمن، وإياك أن تكون مؤمنا بلسانك دون قلبك، فتنادي عليك هذه الكلمة في عرصات القيامة: «إلهي صحبته كذا وكذا سنة، فما اعترف بحقي، ولا رعى لي حرمتي حق رعايتي!» فإن هذه الكلمة تشهد لك، أو عليك.
فعالم الفضل تشهد لهم بالاحترام، حتى تدخلهم الجنة؛ وعالم العدل [أي الشرك] تشهد لهم بالإجرام، حتى تدخلهم النار، {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7].
لا إله إلا الله شجرة السعادة، إن غرستها في منبت التصديق، وسقيتها من ماء الإخلاص، ورعيتها بالعمل الصالح، رسخت عروقها، وثبت ساقها، واخضرت أوراقها، وأينعت ثمارها، وتضاعف أكلها، {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 25].
وإن غُرست هذه الشجرة في منبت التكذيب والشقاق، وأسقيتها بماء الرياء والنفاق، وتعاهدتها بالأعمال السيئة والأقوال القبيحة، وطفح عليها غدير الغدر ولفحها هجير هجر، تناثرت ثمارها، وتساقطت أوراقها، وانقشع ساقها، وتقطعت عروقها، وهبّت عليها عواصف القذر، ومزقتها كل ممزق، {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان: 23].
فإذا تحقق المسلم هذا، فلا بد معه من تمام بقية أركان الإسلام، كما في الحديث الصحيح: (بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام) من استطاع إليه سبيلا [رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر]، {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
انتهى كلامه رحمه الله بتصرف يسير.
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 65
الخميس 27 ربيع الثاني 1438 هـ ...المزيد
قال الشيخ محمد بن عبد الوهّاب، رحمه الله:
اعلم رحمك الله تعالى، أن لا إله إلا الله هي الكلمة العالية، والشريفة الغالية، من استمسك بها فقد سلم، ومن اعتصم بها فقد عُصم، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يعبد من دون الله، حرُم ماله ودمه، وحسابه على الله، عز وجل) [رواه مسلم عن طارق بن أشيم]، والحديث يفصح أن لا إله إلا الله، لها لفظ ومعنى.
ولكن الناس فيها ثلاث فرق: فرقة نطقوا بها وحقّقوها، وعلموا أن لها معنى وعملوا به، ولها نواقض فاجتنبوها. وفرقة: نطقوا بها في الظاهر، فزيّنوا ظواهرهم بالقول، واستبطنوا الكفر والشك. وفرقة: نطقوا بها ولم يعملوا بمعناها، وعملوا بنواقضها، فهؤلاء: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [الكهف: 104]؛ فالفرقة الأولى هي الناجية، وهم المؤمنون حقا، والثانية هم المنافقون، والثالثة هم المشركون.
فلا إله إلا الله حصن، ولكن نصبوا عليه منجنيق التكذيب، ورموه بحجارة التخريب، فدخل عليهم العدو، فسلبهم المعنى، وتركهم مع الصورة، وفي الحديث: (إن الله لا ينظر إلى صوركم وأبدانكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) [رواه مسلم عن أبي هريرة]؛ سلبوا معنى لا إله إلا الله، فبقي معهم لقلقة باللسان، وقعقعة بالحروف، وهو ذِكر الحصن لا مع الحصن، فكما أن ذِكر النار لا يحرق، وذِكر الماء لا يغرق، وذِكر الخبز لا يشبع، وذِكر السيف لا يقطع، فكذلك ذِكر الحصن لا يمنع؛ فإن القول قشر، والمعنى لب، والقول صدف، والمعنى در، ماذا يُصنع بالقشر مع فقدان اللب؟ وماذا يُصنع بالصدف مع فقدان الجوهر؟
لا إله إلا الله مع معناها، بمنزلة الروح من الجسد، لا يُنتفع بالجسد دون الروح، فكذلك لا يُنتفع بهذه الكلمة دون معناها؛ فعالم الفضل أخذوا بهذه الكلمة بصورتها ومعناها، فزينوا بصورتها ظواهرهم بالقول، وبواطنهم بالمعنى، وبرزت لهم شهادة القدم بالتصديق، {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران: 18].
وعالم العدل [أي الشرك]: أخذوا هذه الكلمة بصورتها دون معناها، فزيّنوا ظواهرهم بالقول، وبواطنهم بالكفر، بالاعتقاد فيمن لا يضر ولا ينفع؛ فقلوبهم مسودة مظلمة، لم يجعل الله لهم فرقانا يُفرّقون به بين الحق والباطل، ويوم القيامة يبقون في ظلمة كفرهم، {ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لا يُبْصِرُونَ} [البقرة: 17].
فمن قال: لا إله إلا الله، وهو عابد لهواه ودرهمه وديناره ودنياه، ماذا يكون جوابه يوم القيامة لمولاه؟ {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: 23]، (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة، إن أُعطي رضي، وإن لم يعط سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش) [رواه البخاري عن أبي هريرة].
إذا قلت: لا إله إلا الله، فإن كان مسكنها منك اللسان لا ثمرة لها في القلب، فأنت منافق، وإن كان مسكنها منك القلب [مع التزام الجوارح بها]، فأنت مؤمن، وإياك أن تكون مؤمنا بلسانك دون قلبك، فتنادي عليك هذه الكلمة في عرصات القيامة: «إلهي صحبته كذا وكذا سنة، فما اعترف بحقي، ولا رعى لي حرمتي حق رعايتي!» فإن هذه الكلمة تشهد لك، أو عليك.
فعالم الفضل تشهد لهم بالاحترام، حتى تدخلهم الجنة؛ وعالم العدل [أي الشرك] تشهد لهم بالإجرام، حتى تدخلهم النار، {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ} [الشورى: 7].
لا إله إلا الله شجرة السعادة، إن غرستها في منبت التصديق، وسقيتها من ماء الإخلاص، ورعيتها بالعمل الصالح، رسخت عروقها، وثبت ساقها، واخضرت أوراقها، وأينعت ثمارها، وتضاعف أكلها، {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: 25].
وإن غُرست هذه الشجرة في منبت التكذيب والشقاق، وأسقيتها بماء الرياء والنفاق، وتعاهدتها بالأعمال السيئة والأقوال القبيحة، وطفح عليها غدير الغدر ولفحها هجير هجر، تناثرت ثمارها، وتساقطت أوراقها، وانقشع ساقها، وتقطعت عروقها، وهبّت عليها عواصف القذر، ومزقتها كل ممزق، {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان: 23].
فإذا تحقق المسلم هذا، فلا بد معه من تمام بقية أركان الإسلام، كما في الحديث الصحيح: (بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت الحرام) من استطاع إليه سبيلا [رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر]، {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران: 97]، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
انتهى كلامه رحمه الله بتصرف يسير.
المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 65
الخميس 27 ربيع الثاني 1438 هـ ...المزيد
نهاية صحوات الشام لا تزال الطوائف المرتدة الممتنعة عن تحكيم شرع الله -تعالى- تنحدر أكثر في مهاوي ...
نهاية صحوات الشام
لا تزال الطوائف المرتدة الممتنعة عن تحكيم شرع الله -تعالى- تنحدر أكثر في مهاوي الردة طمعاً في نيل بعض المناصب، أو السيطرة على أرض توشك أن تضيع من أيديهم، وخصوصا إن كانوا من أولئك الذين يتصالحون مع "حكومات ما بعد الثورة"، ويحترمون "شركاء الوطن"، فيسالمون العلمانيين ودعاة الديموقراطية والحكومات "المدنية"، ويسمحون لهم بأن يحكموا بشريعة الطاغوت، ويضعونهم واجهة لهم للبقاء خلف ظهورهم خوفا من بطش الصليبيين.
لقد اعتاد هؤلاء المنتكسون أن يضربوا خباء ذلهم وسط هؤلاء النتنى من العلمانيين والديمقراطيين كما فعلوا من قبل في اليمن وليبيا ومالي، فتركوا الحكم لإدارات "مدنية" تَتَّبع شريعة الطاغوت، فكانوا أنصارا لشريعة الطاغوت لا لشريعة ربهم الذي خلقهم، وهكذا هم قد ارتقوا على دماء المغفلين من أتباعهم المرتدين، ثم ما طار طائرهم حتى وقع تحت أقدام أرباب الإدارات "المدنية" الكفرية التي تحكم بغير ما أنزل الله، قال الله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ{ ]محمد: 25 - 28[.
إن هؤلاء هم أهل النفاق الذين يتظاهرون بالإسلام وإرادة تحكيم الشريعة، في الوقت الذي يقولون فيه للمرتدين المنسلخين عن دينهم بالكلية سنطيعكم في بعض أمركم الذي أنتم عليه، والله -تعالى- يعلم ما هم عليه من معصيته ومعصية رسوله، صلى الله عليه وسلم، وهو ما ظهر علانية، حيث قبل المرتدون من صحوات الردة بحكومة "مدنية"، وأسلموها زمام الأمور، وزعموا أنها مستقله عنهم، في الوقت الذي يعلمون فيه أنه لا بقاء لهذه الواجهة الشكلية من بقاء من دون دعمهم وحمايتهم لها ساعة من نهار، فيكونون بذلك حماة لكل الكفر الذي ستقوم به، ولكل المنكرات التي ستأمر بها وتشيعها في البلاد.
ورغم أن تقديم هذه الحكومة، والتعهد بحمايتها وإنفاذ أحكامها، هدفه الأساس الحصول على المزيد من الرضا من الدول الكافرة، وإقناعهم بأن فصائل الصحوات بكل أطيافها مطيعة للمشركين في الأمر كله، أو في كثير منه على الأقل، وهو ما تبدي الدول الصليبية الكافرة بعض الرضا عنه، في الوقت الذي تطلب فيه المزيد من الإثباتات من المرتدين على ولائهم لأعداء الله، وبرائتهم من دينه، وذلك إلى حين تأمين البدائل الأشد كفرا وعداءً للإسلام وأهله.
وهذا الحال هو الذي صارت إليه صحوات الردة في العراق من قبل، ممن كان يدعي السعي لتحكيم الشريعة، فإذا بهم يعززون شريعة الطاغوت ويذوبون في كيانه، وهذه صحوات الشام قد سارت على نهج من سلفهم من صحوات العراق، ليذوبوا في الكيانات الديموقراطية المرتدة، ويحسبوا أنهم أذكياء يستطيعون المطاولة والبقاء.
وعن هذا تكلم الشيخ المجاهد أبو محمد العدناني -تقبله الله- محذرا إياهم قائلا: "ولئن تظنوا أنكم أدهى من شياطين أمريكا وأذكى من مخابرات الشرق والغرب، فاعتبروا بأشياعكم في العراق، وقد كانوا أدهى منكم وأشد بأساً، لقد جربوا مشروعكم الفاشل، وسلكوا طريقكم المسدود، ولقد دعمهم آل سلول وغيرهم من حكومات الخليج أكثر مما يدعمونكم، وبكل ما أوتوا من مال وإعلام وفتاوى، فأين آل مصيرهم؟ وكيف أضحت جماعاتهم وفصائلهم؟ لقد تشتتت وتبددت".
هذا هو حصاد من سلك سبيل المجرمين، وحاد عن الصراط المستقيم، واتبع خطوات الشياطين، أما حصاد الموحدين في دولة الإسلام فإنه يزداد وينمو كلما هبت رياح الابتلاءات، ويقوى بنيانه بعد ضعف ويشتد بعد لين، لأن أساسه كلمة التوحيد، وهو الأصل الثابت الذي لا يزول ما بُني عليه، ليس كمن بنى بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم، والله لا يهدي القوم الظالمين.
* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 105
الخميس 20 صفر 1439 هـ ...المزيد
لا تزال الطوائف المرتدة الممتنعة عن تحكيم شرع الله -تعالى- تنحدر أكثر في مهاوي الردة طمعاً في نيل بعض المناصب، أو السيطرة على أرض توشك أن تضيع من أيديهم، وخصوصا إن كانوا من أولئك الذين يتصالحون مع "حكومات ما بعد الثورة"، ويحترمون "شركاء الوطن"، فيسالمون العلمانيين ودعاة الديموقراطية والحكومات "المدنية"، ويسمحون لهم بأن يحكموا بشريعة الطاغوت، ويضعونهم واجهة لهم للبقاء خلف ظهورهم خوفا من بطش الصليبيين.
لقد اعتاد هؤلاء المنتكسون أن يضربوا خباء ذلهم وسط هؤلاء النتنى من العلمانيين والديمقراطيين كما فعلوا من قبل في اليمن وليبيا ومالي، فتركوا الحكم لإدارات "مدنية" تَتَّبع شريعة الطاغوت، فكانوا أنصارا لشريعة الطاغوت لا لشريعة ربهم الذي خلقهم، وهكذا هم قد ارتقوا على دماء المغفلين من أتباعهم المرتدين، ثم ما طار طائرهم حتى وقع تحت أقدام أرباب الإدارات "المدنية" الكفرية التي تحكم بغير ما أنزل الله، قال الله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَى لَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لِلَّذِينَ كَرِهُوا مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الْأَمْرِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ * فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ{ ]محمد: 25 - 28[.
إن هؤلاء هم أهل النفاق الذين يتظاهرون بالإسلام وإرادة تحكيم الشريعة، في الوقت الذي يقولون فيه للمرتدين المنسلخين عن دينهم بالكلية سنطيعكم في بعض أمركم الذي أنتم عليه، والله -تعالى- يعلم ما هم عليه من معصيته ومعصية رسوله، صلى الله عليه وسلم، وهو ما ظهر علانية، حيث قبل المرتدون من صحوات الردة بحكومة "مدنية"، وأسلموها زمام الأمور، وزعموا أنها مستقله عنهم، في الوقت الذي يعلمون فيه أنه لا بقاء لهذه الواجهة الشكلية من بقاء من دون دعمهم وحمايتهم لها ساعة من نهار، فيكونون بذلك حماة لكل الكفر الذي ستقوم به، ولكل المنكرات التي ستأمر بها وتشيعها في البلاد.
ورغم أن تقديم هذه الحكومة، والتعهد بحمايتها وإنفاذ أحكامها، هدفه الأساس الحصول على المزيد من الرضا من الدول الكافرة، وإقناعهم بأن فصائل الصحوات بكل أطيافها مطيعة للمشركين في الأمر كله، أو في كثير منه على الأقل، وهو ما تبدي الدول الصليبية الكافرة بعض الرضا عنه، في الوقت الذي تطلب فيه المزيد من الإثباتات من المرتدين على ولائهم لأعداء الله، وبرائتهم من دينه، وذلك إلى حين تأمين البدائل الأشد كفرا وعداءً للإسلام وأهله.
وهذا الحال هو الذي صارت إليه صحوات الردة في العراق من قبل، ممن كان يدعي السعي لتحكيم الشريعة، فإذا بهم يعززون شريعة الطاغوت ويذوبون في كيانه، وهذه صحوات الشام قد سارت على نهج من سلفهم من صحوات العراق، ليذوبوا في الكيانات الديموقراطية المرتدة، ويحسبوا أنهم أذكياء يستطيعون المطاولة والبقاء.
وعن هذا تكلم الشيخ المجاهد أبو محمد العدناني -تقبله الله- محذرا إياهم قائلا: "ولئن تظنوا أنكم أدهى من شياطين أمريكا وأذكى من مخابرات الشرق والغرب، فاعتبروا بأشياعكم في العراق، وقد كانوا أدهى منكم وأشد بأساً، لقد جربوا مشروعكم الفاشل، وسلكوا طريقكم المسدود، ولقد دعمهم آل سلول وغيرهم من حكومات الخليج أكثر مما يدعمونكم، وبكل ما أوتوا من مال وإعلام وفتاوى، فأين آل مصيرهم؟ وكيف أضحت جماعاتهم وفصائلهم؟ لقد تشتتت وتبددت".
هذا هو حصاد من سلك سبيل المجرمين، وحاد عن الصراط المستقيم، واتبع خطوات الشياطين، أما حصاد الموحدين في دولة الإسلام فإنه يزداد وينمو كلما هبت رياح الابتلاءات، ويقوى بنيانه بعد ضعف ويشتد بعد لين، لأن أساسه كلمة التوحيد، وهو الأصل الثابت الذي لا يزول ما بُني عليه، ليس كمن بنى بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم، والله لا يهدي القوم الظالمين.
* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 105
الخميس 20 صفر 1439 هـ ...المزيد
رسوب طالبان في اختبار التوحيد ومن جملة إخفاقات الإمارة في ترقيع حربها على التوحيد، أنها جمعته في ...
رسوب طالبان في اختبار التوحيد
ومن جملة إخفاقات الإمارة في ترقيع حربها على التوحيد، أنها جمعته في سياق واحد مع اعتراضها على إعلان "المحكمة الجنائية" فرض عقوبات بحق بعض قادتها، واستجدائها رفع "القيود السياسية المفروضة على حكومتها"، فهل هذا خطابُ كافرٍ بالمحكمة الدولية أم خاضع لها معتدٍّ بها متأثرٍ بتقييماتها؟! إنّ هذا نموذج واحد فقط لرسوب طالبان في اختبار التوحيد العملي بعيدا عن خدعة "الحواشي والزيادات" فمشكلتها مع "الأصل" لا الحاشية!
• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 482
" في الأصل لا الحاشية!" ...المزيد
ومن جملة إخفاقات الإمارة في ترقيع حربها على التوحيد، أنها جمعته في سياق واحد مع اعتراضها على إعلان "المحكمة الجنائية" فرض عقوبات بحق بعض قادتها، واستجدائها رفع "القيود السياسية المفروضة على حكومتها"، فهل هذا خطابُ كافرٍ بالمحكمة الدولية أم خاضع لها معتدٍّ بها متأثرٍ بتقييماتها؟! إنّ هذا نموذج واحد فقط لرسوب طالبان في اختبار التوحيد العملي بعيدا عن خدعة "الحواشي والزيادات" فمشكلتها مع "الأصل" لا الحاشية!
• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 482
" في الأصل لا الحاشية!" ...المزيد
الجامية؛ أنصار طواغيت الشرق والغرب يظن البعض أن المذهب الجامي والمدخلي محصور في المنسوبين زورا ...
الجامية؛ أنصار طواغيت الشرق والغرب
يظن البعض أن المذهب الجامي والمدخلي محصور في المنسوبين زورا وبهتانا للسلف ونصرتهم لطواغيت العرب.
فهل تعلم أن هنالك جامية "سلفية" في إيران يدعون للسمع والطاعة لخامنئي، وفي العراق يدعون للسمع والطاعة لرؤساء الرافضة المتعاقبين في بغداد، وفي أمريكا يدعون للسمع والطاعة لبوش ومن أتى بعده!!!
وهنالك جامية على المذهب الصوفي والإخواني، ففي روسيا الصوفية يدعون للسمع والطاعة لبوتين، وفي الصين يدعون للسمع والطاعة للرئيس الشيوعي، وفي بريطانيا وعدة دول يدعو الإخوان المرتدون للسمع والطاعة للدول التي هم فيها!!
وهنالك الجامية القواعدجية التي تدعو للسمع والطاعة لحركة طالبان الوطنية التي طردتهم لاحقا!
وهنالك الجامية الهتشية التي تدعو للسمع والطاعة لطاغوت سوريا الجديد! ومن سماتهم؛ ما رآه الطاغوت حسنًا ولو كان كفرًا زيَّنوه، ولو حرَّم الطاغوت شعيرة إسلامية أجازوه. ...المزيد
يظن البعض أن المذهب الجامي والمدخلي محصور في المنسوبين زورا وبهتانا للسلف ونصرتهم لطواغيت العرب.
فهل تعلم أن هنالك جامية "سلفية" في إيران يدعون للسمع والطاعة لخامنئي، وفي العراق يدعون للسمع والطاعة لرؤساء الرافضة المتعاقبين في بغداد، وفي أمريكا يدعون للسمع والطاعة لبوش ومن أتى بعده!!!
وهنالك جامية على المذهب الصوفي والإخواني، ففي روسيا الصوفية يدعون للسمع والطاعة لبوتين، وفي الصين يدعون للسمع والطاعة للرئيس الشيوعي، وفي بريطانيا وعدة دول يدعو الإخوان المرتدون للسمع والطاعة للدول التي هم فيها!!
وهنالك الجامية القواعدجية التي تدعو للسمع والطاعة لحركة طالبان الوطنية التي طردتهم لاحقا!
وهنالك الجامية الهتشية التي تدعو للسمع والطاعة لطاغوت سوريا الجديد! ومن سماتهم؛ ما رآه الطاغوت حسنًا ولو كان كفرًا زيَّنوه، ولو حرَّم الطاغوت شعيرة إسلامية أجازوه. ...المزيد
صحيفة النبأ العدد 129 - مراسلون ولاية دمشق | معركة جنوب دمشق جيش العدو ومحاور هجومه ووعد ...
صحيفة النبأ العدد 129 - مراسلون
ولاية دمشق | معركة جنوب دمشق
جيش العدو ومحاور هجومه ووعد المجاهدين
يخوض جنود الخلافة جنوب دمشق حربا شرسة ضد الجيش النصيري وميليشياته الفلسطينية المرتدة والرافضية الذين يحاولون التقدم على مواقع المجاهدين في المنطقة.
وتأتي هذه الحملة للجيش النصيري بهدف إكمال النفوذ الرافضي على العاصمة دمشق ومحيطها وإبعاد أي خطر يمكن أن يهدد النفوذ الإيراني فيها، لكن جنود الخلافة يتوعَّدون الجيش النصيري وحلفاءه بمعركة حامية الوطيس تستنزف ما بقي لهم من قدرات بإذن الله، ونسأل الله النصر فيها لعباده الموحدين.
ووفقا للمصادر العسكرية فقد شن المرتدون هجومهم من 4 محاور، هي محور الحجر الأسود عبر نقاط أخذها من الصحوات وانطلق منها نحو الحي، والمحور الثاني هو شمال مخيم اليرموك، والثالث هو من حي التضامن، والرابع من حيِّ القدم حيث يحاول الجيش النصيري اقتحام (جورة الشريباتي) ومنطقة (الماذنية) وهي المنطقة التي سيطر عليها جنود الخلافة بعد أن تسلَّمها الجيش النصيري من الصحوات.
وقد تمكن جنود الخلافة -بفضل الله- حتى كتابة هذا الخبر من صدِّ جميع محاولات التقدم، وقتل العشرات من عناصر الجيش النصيري في كافة المحاور، الأمر الذي دعا المرتدين إلى تكثيف عمليات القصف أملا في إضعاف معنويات المجاهدين وإيقاف الاستنزاف الكبير الذي أصابهم على ثغور المنطقة.
وكعادة النظام النصيري في معاركه الأخيرة مع الصحوات في الغوطة والقلمون وجنوب دمشق فقد تأمَّل التوصل إلى اتفاق يقضي بخروج المجاهدين وتسليم مناطقهم، وأشاعوا كذبا وزورا في الإعلام حدوث مثل هذه المفاوضات، لكن مصدرا عسكريا أفاد (النبأ) بأن النظام طلب المفاوضات وجاءه الرد قاسيا من جنود الخلافة، وظهر هذا الرد بصور نشرها المكتب الإعلامي للولاية.
وأشار المصدر العسكري إلى أن جنود الخلافة اغتنموا خلال معاركهم مع الجيش النصيري أسلحة عليها شعار "جيش الإسلام" المرتد، مما يعني أن النظام شرع مباشرة في استخدام الأسلحة التي سلَّموها له، وأنَّه بعد أن كان -أي النظام- يقاتل الدولة الإسلامية بعناصر "جيش الإسلام" في الماضي، يقاتلهم الآن بالسلاح الذي سلَّموه له.
ويشارك في الهجوم على المخيَّم كل من ميليشيات ( لواء القدس وجيش التحرير وفتح الانتفاضة والقيادة العامة) الفلسطينية المرتدة إضافة إلى الحرس الجمهوري والجيش النصيري ومنه الفرقة الرابعة التي تخضع لقيادة النظام النصيري مباشرة، ومليشيات الدفاع الوطني، وذكرت وسائل إعلامية أنَّ ميليشيات رافضية عراقية ستشارك في الهجوم بعد كثرة الاستنزاف في صفوف الجيش النصيري.
ويعتمد النظام على القصف الجوي الذي يشارك فيه الروس، مستخدمين الصواريخ شديدة الانفجار والقنابل العنقودية، فضلا عن استخدام الراجمات والمدفعية الثقيلة، الأمر الذي أدى إلى تدمير كبير في المنطقة، ولا حول ولاقوة إلا بالله.
ومن جهتهم أغلق عناصر الصحوات معبر (العروبة) الفاصل بين المخيم ويلدا، وشدَّدوا على مسائل الدخول والخروج من خلاله، في دعم واضح لحملة الجيش النصيري المرتد.
وحول واقع مناطق الصحوات أفاد مصدر عسكري بأن النظام سيطر على بعض النقاط عندهم وانطلق منها لحرب جنود الخلافة، في ظل اتفاقات المصالحة بين النظام وروسيا من جهة والصحوات المرتدين من جانب آخر.
وفي ظل هذا الواقع تبايع جنود الدولة الإسلامية على الموت وأقسموا أن يروا الله عز وجل من أنفسهم ما يحب، وأن يذيقوا النصيرية من الكأس التي أذاقوها للمسلمين المستضعفين، بإذن الله.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 129
الخميس 10 شعبان 1439 هـ ...المزيد
ولاية دمشق | معركة جنوب دمشق
جيش العدو ومحاور هجومه ووعد المجاهدين
يخوض جنود الخلافة جنوب دمشق حربا شرسة ضد الجيش النصيري وميليشياته الفلسطينية المرتدة والرافضية الذين يحاولون التقدم على مواقع المجاهدين في المنطقة.
وتأتي هذه الحملة للجيش النصيري بهدف إكمال النفوذ الرافضي على العاصمة دمشق ومحيطها وإبعاد أي خطر يمكن أن يهدد النفوذ الإيراني فيها، لكن جنود الخلافة يتوعَّدون الجيش النصيري وحلفاءه بمعركة حامية الوطيس تستنزف ما بقي لهم من قدرات بإذن الله، ونسأل الله النصر فيها لعباده الموحدين.
ووفقا للمصادر العسكرية فقد شن المرتدون هجومهم من 4 محاور، هي محور الحجر الأسود عبر نقاط أخذها من الصحوات وانطلق منها نحو الحي، والمحور الثاني هو شمال مخيم اليرموك، والثالث هو من حي التضامن، والرابع من حيِّ القدم حيث يحاول الجيش النصيري اقتحام (جورة الشريباتي) ومنطقة (الماذنية) وهي المنطقة التي سيطر عليها جنود الخلافة بعد أن تسلَّمها الجيش النصيري من الصحوات.
وقد تمكن جنود الخلافة -بفضل الله- حتى كتابة هذا الخبر من صدِّ جميع محاولات التقدم، وقتل العشرات من عناصر الجيش النصيري في كافة المحاور، الأمر الذي دعا المرتدين إلى تكثيف عمليات القصف أملا في إضعاف معنويات المجاهدين وإيقاف الاستنزاف الكبير الذي أصابهم على ثغور المنطقة.
وكعادة النظام النصيري في معاركه الأخيرة مع الصحوات في الغوطة والقلمون وجنوب دمشق فقد تأمَّل التوصل إلى اتفاق يقضي بخروج المجاهدين وتسليم مناطقهم، وأشاعوا كذبا وزورا في الإعلام حدوث مثل هذه المفاوضات، لكن مصدرا عسكريا أفاد (النبأ) بأن النظام طلب المفاوضات وجاءه الرد قاسيا من جنود الخلافة، وظهر هذا الرد بصور نشرها المكتب الإعلامي للولاية.
وأشار المصدر العسكري إلى أن جنود الخلافة اغتنموا خلال معاركهم مع الجيش النصيري أسلحة عليها شعار "جيش الإسلام" المرتد، مما يعني أن النظام شرع مباشرة في استخدام الأسلحة التي سلَّموها له، وأنَّه بعد أن كان -أي النظام- يقاتل الدولة الإسلامية بعناصر "جيش الإسلام" في الماضي، يقاتلهم الآن بالسلاح الذي سلَّموه له.
ويشارك في الهجوم على المخيَّم كل من ميليشيات ( لواء القدس وجيش التحرير وفتح الانتفاضة والقيادة العامة) الفلسطينية المرتدة إضافة إلى الحرس الجمهوري والجيش النصيري ومنه الفرقة الرابعة التي تخضع لقيادة النظام النصيري مباشرة، ومليشيات الدفاع الوطني، وذكرت وسائل إعلامية أنَّ ميليشيات رافضية عراقية ستشارك في الهجوم بعد كثرة الاستنزاف في صفوف الجيش النصيري.
ويعتمد النظام على القصف الجوي الذي يشارك فيه الروس، مستخدمين الصواريخ شديدة الانفجار والقنابل العنقودية، فضلا عن استخدام الراجمات والمدفعية الثقيلة، الأمر الذي أدى إلى تدمير كبير في المنطقة، ولا حول ولاقوة إلا بالله.
ومن جهتهم أغلق عناصر الصحوات معبر (العروبة) الفاصل بين المخيم ويلدا، وشدَّدوا على مسائل الدخول والخروج من خلاله، في دعم واضح لحملة الجيش النصيري المرتد.
وحول واقع مناطق الصحوات أفاد مصدر عسكري بأن النظام سيطر على بعض النقاط عندهم وانطلق منها لحرب جنود الخلافة، في ظل اتفاقات المصالحة بين النظام وروسيا من جهة والصحوات المرتدين من جانب آخر.
وفي ظل هذا الواقع تبايع جنود الدولة الإسلامية على الموت وأقسموا أن يروا الله عز وجل من أنفسهم ما يحب، وأن يذيقوا النصيرية من الكأس التي أذاقوها للمسلمين المستضعفين، بإذن الله.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 129
الخميس 10 شعبان 1439 هـ ...المزيد
مؤسسة آفاق الإلكترونية - سلسلة نصائح أمنية الحلقة الأولى: الفقرة (٣) فعل خاصية Sensors Off على ...
مؤسسة آفاق الإلكترونية - سلسلة نصائح أمنية
الحلقة الأولى: الفقرة (٣)
فعل خاصية Sensors Off على جهازك لإيقاف عمل الكاميرا والمايك والموقع وغير ذلك من الخدمات التي يمكن تتبعك منها.
يمكنك إيجاد كيفية تفعيل هذه الخاصية حسب جهازك ونظام التشغيل من خلال البحث على الانترنت، سيعينك هذا بإذن الله على زيادة أمن جهازك. ...المزيد
الحلقة الأولى: الفقرة (٣)
فعل خاصية Sensors Off على جهازك لإيقاف عمل الكاميرا والمايك والموقع وغير ذلك من الخدمات التي يمكن تتبعك منها.
يمكنك إيجاد كيفية تفعيل هذه الخاصية حسب جهازك ونظام التشغيل من خلال البحث على الانترنت، سيعينك هذا بإذن الله على زيادة أمن جهازك. ...المزيد
حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ كثيرة هي أسماء التنظيمات والفصائل التي ظهرت في الشام خلال ...
حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ
كثيرة هي أسماء التنظيمات والفصائل التي ظهرت في الشام خلال هذه السنوات، وكثيرة هي التشققات التي حصلت والاندماجات والتحالفات والجبهات التي تشكلت، وفي الغالب لا يختلف حال تلك الفصائل في اجتماعها أو تفككها، فالتغير يجري على الصور والمسميات ولا تخضع له الحقائق والمقتضيات.
وقد رأينا كيف انشقت مجموعة من المرتدين عن جبهة الجولاني بعد أن شاركوه في كل الموبقات التي فعلها طيلة السنوات الماضية، من شق لصف المسلمين، ثم مظاهرة للمشركين على الموحدين، إلى امتناع عن إقامة الدين، ثم إقامة حكومة تحكم بغير شريعة رب العالمين، فشكلوا فصيلاً جديداً، وأطلقوا على أنفسهم مسمّى "حراس الدين" وهم لم يتوبوا بعد من حراستهم للشرك والمشركين، كما أن كثيراً من الأدلة تثبت أنهم تركوا عصبة الجولاني ليظهروا انتماءهم لحركة طالبان المرتدة التي لا زالوا على بيعتهم لأميرها، وعلى الولاء لأفرادها المرتدين.
فكل تلك الموبقات لم تستوجب عند أولئك المنشقين أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر، ولكن أن يفضح المرتد الجولاني سفاهتهم، ويكشف أنه كان يتلاعب بهم وبشيخهم "الظواهري" كما يلعب الطفل الصغير بالكُرة، فهذا ما لم تحتمله عقولهم المريضة بحب الشهرة والفوائد، والحرص على الاتسام بالحكمة والدراية والمحامد.
وظن أولئك المرتدون أنهم بمجرد خروجهم من طائفة من طوائف الردة قد صاروا مسلمين، متناسين -وهم يدّعون العلم- أن اعتزال طائفة الكفر هو قرينة تدل على صدق من ادّعى التوبة، وهو مقدمة للتوبة لا حقيقتها، وأن المرتد لا بد وأن يعلن توبته من كل مكفّر خرج بسببه من دين الإسلام قبل أن يعلن العودة إليه.
ففي حالتهم لا بد أن يقترن بخروجهم من طائفة "هيئة تحرير الشام" المرتدة إعلانٌ منهم بالبراءة منها، ومن أفرادها المرتدين، ومن كل كفر تلبست به، ويمتنعوا عن الدخول في أي من طوائف الردّة الأخرى كأمثال "حركة طالبان الوطنية"، ثم إعلانٌ عن تجديد إسلامهم من بعد كفر كانوا عليه، فيكونوا بذلك من أتباع ملة إبراهيم، الذين قالوا لقومهم المشركين: {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4]، وهذا غير متحقق في هؤلاء المرتدين.
فخروجهم من طائفة الردة التي كانوا من جنودها لا يختلف عن خروج بعضٍ من جنود الجيش النصيري المرتدين فيما يسمونه "انشقاقاً عنه" دون أن يتوبوا من الكفر الذي تلبسوا به، فهم باقون على أصل ردّتهم حتى يظهر خلاف ذلك، وحكمهم حكم أعيان الجيش النصيري، حتى يتوبوا إلى الله من الكفر الذي شاركوهم فيه، ويتبرؤوا منهم ومن شركهم ويعادوهم لكفرهم بالله العظيم.
أما وصفنا لهم بأنهم "حراس الشرك" فهو حقيقة ثابتة فيهم، فزيادة على الشرك الذي تلبسوا به بانتمائهم إلى طائفة كفر يعلمون حالها هي "جبهة الجولاني" المرتدة، فأتباع هذا التنظيم يدعون إلى قتال الدولة الإسلامية إن غزت ديار الكفر التي يحكمها إخوانهم المرتدون، ولو لإزالة الشرك الذي يعلوها وإقامة الدين فيها، فهم قد رضوا أن يكونوا "حراساً للشرك" الذي يحكم تلك الأرض، فلا يقيمون شرع الله فيها، ولا يسمحون لمن يريد ذلك ويقدر عليه أن يتمكن منها، ويسمُّون مقاتلته دون ذلك "دفعاً للصائل" استجابة لأحد المرتدين من علماء السوء، الذي أمرهم بمظاهرة طائفة "جبهة الجولاني" المرتدة على الموحدين، رغم علمه بما وقعت فيه من الكفر المبين.
بل إن من قادة هذا التنظيم وجنوده من قاتلوا الموحدين فعلاً إلى جانب من يحكمون هم بكفرهم، وفتنوا المسلمين في سجونهم، وقتلوهم تعذيباً وصبراً أو غيلة ومكراً، كما فعلوا في مناطق حوران وحماة والقلمون وريف حلب الشمالي، فيما هم الآن يمتنعون عن "دفع صيال" مرتدي "الجيش الحر" على أخيهم الجولاني وجنوده حرصاً منهم على دماء من يسمونهم "مسلمين".
وإننا نحذر المسلمين من موالاتهم بأي شكل حتى يتوبوا من ردّتهم، ويتبرؤوا من الكفر الذي كانوا عليه، والكفر الذي لا زالوا متلبسين به، وممن تلبس به من إخوانهم، ويعادوهم لكفرهم بالله العظيم، ويجاهدوا في سبيل الله رب العالمين، فيكونوا بذلك من الفائزين، قال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [التوبة: 11].
* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 129
الخميس 10 شعبان 1439 هـ ...المزيد
كثيرة هي أسماء التنظيمات والفصائل التي ظهرت في الشام خلال هذه السنوات، وكثيرة هي التشققات التي حصلت والاندماجات والتحالفات والجبهات التي تشكلت، وفي الغالب لا يختلف حال تلك الفصائل في اجتماعها أو تفككها، فالتغير يجري على الصور والمسميات ولا تخضع له الحقائق والمقتضيات.
وقد رأينا كيف انشقت مجموعة من المرتدين عن جبهة الجولاني بعد أن شاركوه في كل الموبقات التي فعلها طيلة السنوات الماضية، من شق لصف المسلمين، ثم مظاهرة للمشركين على الموحدين، إلى امتناع عن إقامة الدين، ثم إقامة حكومة تحكم بغير شريعة رب العالمين، فشكلوا فصيلاً جديداً، وأطلقوا على أنفسهم مسمّى "حراس الدين" وهم لم يتوبوا بعد من حراستهم للشرك والمشركين، كما أن كثيراً من الأدلة تثبت أنهم تركوا عصبة الجولاني ليظهروا انتماءهم لحركة طالبان المرتدة التي لا زالوا على بيعتهم لأميرها، وعلى الولاء لأفرادها المرتدين.
فكل تلك الموبقات لم تستوجب عند أولئك المنشقين أمراً بمعروف ولا نهياً عن منكر، ولكن أن يفضح المرتد الجولاني سفاهتهم، ويكشف أنه كان يتلاعب بهم وبشيخهم "الظواهري" كما يلعب الطفل الصغير بالكُرة، فهذا ما لم تحتمله عقولهم المريضة بحب الشهرة والفوائد، والحرص على الاتسام بالحكمة والدراية والمحامد.
وظن أولئك المرتدون أنهم بمجرد خروجهم من طائفة من طوائف الردة قد صاروا مسلمين، متناسين -وهم يدّعون العلم- أن اعتزال طائفة الكفر هو قرينة تدل على صدق من ادّعى التوبة، وهو مقدمة للتوبة لا حقيقتها، وأن المرتد لا بد وأن يعلن توبته من كل مكفّر خرج بسببه من دين الإسلام قبل أن يعلن العودة إليه.
ففي حالتهم لا بد أن يقترن بخروجهم من طائفة "هيئة تحرير الشام" المرتدة إعلانٌ منهم بالبراءة منها، ومن أفرادها المرتدين، ومن كل كفر تلبست به، ويمتنعوا عن الدخول في أي من طوائف الردّة الأخرى كأمثال "حركة طالبان الوطنية"، ثم إعلانٌ عن تجديد إسلامهم من بعد كفر كانوا عليه، فيكونوا بذلك من أتباع ملة إبراهيم، الذين قالوا لقومهم المشركين: {إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} [الممتحنة: 4]، وهذا غير متحقق في هؤلاء المرتدين.
فخروجهم من طائفة الردة التي كانوا من جنودها لا يختلف عن خروج بعضٍ من جنود الجيش النصيري المرتدين فيما يسمونه "انشقاقاً عنه" دون أن يتوبوا من الكفر الذي تلبسوا به، فهم باقون على أصل ردّتهم حتى يظهر خلاف ذلك، وحكمهم حكم أعيان الجيش النصيري، حتى يتوبوا إلى الله من الكفر الذي شاركوهم فيه، ويتبرؤوا منهم ومن شركهم ويعادوهم لكفرهم بالله العظيم.
أما وصفنا لهم بأنهم "حراس الشرك" فهو حقيقة ثابتة فيهم، فزيادة على الشرك الذي تلبسوا به بانتمائهم إلى طائفة كفر يعلمون حالها هي "جبهة الجولاني" المرتدة، فأتباع هذا التنظيم يدعون إلى قتال الدولة الإسلامية إن غزت ديار الكفر التي يحكمها إخوانهم المرتدون، ولو لإزالة الشرك الذي يعلوها وإقامة الدين فيها، فهم قد رضوا أن يكونوا "حراساً للشرك" الذي يحكم تلك الأرض، فلا يقيمون شرع الله فيها، ولا يسمحون لمن يريد ذلك ويقدر عليه أن يتمكن منها، ويسمُّون مقاتلته دون ذلك "دفعاً للصائل" استجابة لأحد المرتدين من علماء السوء، الذي أمرهم بمظاهرة طائفة "جبهة الجولاني" المرتدة على الموحدين، رغم علمه بما وقعت فيه من الكفر المبين.
بل إن من قادة هذا التنظيم وجنوده من قاتلوا الموحدين فعلاً إلى جانب من يحكمون هم بكفرهم، وفتنوا المسلمين في سجونهم، وقتلوهم تعذيباً وصبراً أو غيلة ومكراً، كما فعلوا في مناطق حوران وحماة والقلمون وريف حلب الشمالي، فيما هم الآن يمتنعون عن "دفع صيال" مرتدي "الجيش الحر" على أخيهم الجولاني وجنوده حرصاً منهم على دماء من يسمونهم "مسلمين".
وإننا نحذر المسلمين من موالاتهم بأي شكل حتى يتوبوا من ردّتهم، ويتبرؤوا من الكفر الذي كانوا عليه، والكفر الذي لا زالوا متلبسين به، وممن تلبس به من إخوانهم، ويعادوهم لكفرهم بالله العظيم، ويجاهدوا في سبيل الله رب العالمين، فيكونوا بذلك من الفائزين، قال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [التوبة: 11].
* المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 129
الخميس 10 شعبان 1439 هـ ...المزيد
تفريغ / مؤسسة الفرقان تقدم: كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية الشيخ المجاهد أبي الحسن ...
تفريغ / مؤسسة الفرقان تقدم:
كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية
الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)
بعنوان
(فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)
الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرِّف الأمور بأمره، ومستدرج الكافرين بمكره، الذي قدَّر الأيام دولا بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه، أما بعد:
ففي حومة الوغى، ورجع صدى آمال أهل الكفر بالقضاء على دولة الإسلام، يستمد حَمَلة الراية وحراس العقيدة قوَّتهم من خالقهم جل وعلا، فاعتمادهم وتوكلهم، عليه لأن الأمر بيديه، ادَّرعوا بالإيمان وصالح الأعمال، فلم يفتَّ في عضدهم انهزام المرجفين والخوَّارين والمبطلين، فكانوا بحق سادةً نجباءً أعزةً كرماءً، قرأوا قول الله: {إِلَّا تَنْفِرُوا} [التوبة: 39] فوثبوا، وأصغت آذانهم لنداء: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ} [التوبة: 40] فضحوا وبذلوا، خفافا وثقالا، كهولا وشبانا، لم يخلدوا إلى الدعة والنعيم، ولم يركنوا إلى حطام الدنيا الزائل، تجرَّدوا للحق فلزموا غرزه فأنبت وأينع طيب الثمر وأنماه، وضرب الجهاد بجِرانه في الأرض فاتسعت رقعته لتلفح بلهيبها أمم الصليب وحكومات الردة والعمالة، في جهاد لأعداء الله عز شأوه، وملاحمِ صدق سطَّرها الصابرون الموقنون بموعود الله لهم، قرأوا قول ربهم: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179]، فأدركوا فداحة الموقف مع تقادم الأيام، وأنَّ التمييز والتمحيص والابتلاء، آتٍ لا محالة، سنة الله الماضية، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 62]، فمع كل حدث ونازلة، يفيئون ويرتوون من معين الهدى الذي لا ينضب، فما خالط بشاشة قلوبهم الريب، وما أثقلت كواهلهم اللأواء ولا كثرة الأعداء.
غطارفةٌ مثل الجبال حُلومُهُم *** تكونُ لهم شم الجبال هضابا
إذا غضبوا للَّه أرضاك فتكهم *** وأَفتكُ ما تلقى الأُسودُ غضابا
وإِن جَزموا الأعمارَ في الحرب صَيّروا *** عوامِلَهُم في الدّارِعينَ حرابا
وتَحسَبُهُم تحت السوابغ والقنا *** ضراغمَ شقّتْ في العَرينِ سَرابا
أذهلوا أمم الكفر وأرعبوها، وسلبوها الراحة والأمان وشتتوها، فأصبحت تتمنى صفو العيش فلا تجده ولا تدري من أي باب ستؤتى، وغدا الموحد المجاهد المستضعف في الأرض، يرى -بفضل الله ومنِّه- العلج الصليبي الأوروبي والأمريكي، يُدهس ويُطعن ويُقتل في طرقات باريس ولندن ومنهاتن، مثلاً بمثلٍ وسواءً بسواءٍ جزاءً وفاقاً، فكما يَقتلون يُقتلون، وكما يَقصفون يُنسفون، وإلى جهنم سيحشرون.
قتلناهُمُ قَتلَ الكلاب فلم نَدَع *** لهم في جميع الناس يا صاحِ من فَخرِ
فلم يتعظ الأغرار دهاقنة الكفر بعد ولم يعتبروا، ولا زال سفهاؤهم يمنُّونهم ويغرونهم فيتمادون في إجرامهم، دون اعتبار بما ستبدي لهم الأيام، جرَّاء حمقهم وعسفهم بالمسلمين دون رحمة أو شفقة، فعلام نعجب؟! فهذا ديدنهم ودأبهم، كما أخبرنا العليم الخبير إذ قال في كتابه العزيز: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217].
فربنا الحكيم العليم قد جلَّى لنا في كتابه حقيقة هؤلاء الكفرة المجرمين، وأمرنا بقتلهم وقتالهم حتى يكون الدين كلُّه لله، فإما أن يسلموا أو يستسلموا لأمر الله وحكمه أذلةً صاغرين، فأوجب علينا أن نطهر الأرض من زهم شرك هؤلاء، من جاهلية هؤلاء، من عبث هؤلاء، من تجبُّرهم وطغيانهم في الأرض، وأمرنا ربنا -تبارك وتعالى- أن نقاتل المشركين كافة كما يقاتلوننا كافة، فلا فرق بين قتالنا الطاغوت المرتد سلمان وابنه السفيه وقتالنا السيسي وجيشه، ولا فرق بين قتالنا الصفوي الرافضي خامنئي وقتالنا عباس العلماني وحماس، لا فرق بين قتالنا لهؤلاء وبين قتالنا أولياءهم الصليبيين الأمريكان والروس والأوروبيين غير أن أولئك من أبناء يعرب أشد على الإسلام وأنكى وفي الدركات أهوى، قال ربنا: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36]، وقال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 193]، وحذَّرنا فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].فقتال الكفرة المشركين دين نتعبد الله به، ونتقرب به إليه -سبحانه- ليرضى عنا، قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، وقال مذكرا ومرغبا عباده في عظيم أجر من جاهد في سبيله لقتال أعدائه: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120]، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]، وإنَّ القتال في سبيل الله لهو التجارة الرابحة التي دلَّ عباده عليها، فقال جلَّ من قائل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الصف: 10 - 11]، فجعل الثواب والجزاء عظيما جليلا بيَّنه في قوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 12 - 13].
قال ابن القيم في مدارجه: "فإن عبودية الجهاد من أحب أنواع العبودية إليه سبحانه، ولو كان الناس كلهم مؤمنين لتعطلت هذه العبودية وتوابعها، من الموالاة فيه سبحانه، والمعاداة فيه، والحب فيه والبغض فيه، وبذل النفس له في محاربة عدوه"، إلى أن قال: "ومنها عبوديةُ مخالفةِ عدوِّه، ومراغمته في الله، وإغاظته فيه، وهي من أحب أنواع العبودية إليه، فإنه -سبحانه- يحب من وليِّه أن يغيظ عدوه ويراغمه ويسوءه، وهذه عبودية لا يتفطَّن لها إلا الأكياس" انتهى كلامه رحمه الله.
وفي الصحيح عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها، وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم، إلا بحقها وحسابهم على الله) ]رواه البخاري[.
قال إمام الدعوة النجدية -رحمه الله- عندما سئل عن معنى "لا إله إلا الله" فأجاب: "اعلم -رحمك الله- أن هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والإسلام، وهي كلمة التقوى، وهي العروة الوثقى، وهي التي جعلها إبراهيم عليه السلام: {كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 28]، وليس المراد قولها باللسان مع الجهل بمعناها، فإن المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار، مع كونهم يُصلُّون، ويصومون، ويتصدقون، ولكن المراد معرفتها بالقلب، ومحبتها ومحبة أهلها، وبغض من خالفها ومعاداته، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله مخلصا) وفي رواية: (صادقا من قلبه) وفي لفظ: (من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يُعبد من دون الله) إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة" انتهى كلامه.
وقال -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120]، "أما قولهُ تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}، لئلا يستوحشَ سالكُ الطريقِ مِنْ قلةِ السالكين، {قَانِتًا لِلَّهِ} لا للملوكِ ولا للتجارِ المترفين، {حَنِيفًا} لا يميلُ يميناً ولا شمالاً كفعلِ العلماءِ المفتونين، {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} خلافا لمن كثَّر سوادهم وزعم أنه من المسلمين".فلا إله إلا الله، ما أكثر الناكصين المتنكبين عن كلمة الإخلاص، العاملين بضدها من المنتسبين لهذه الأمة، الهادمين لركنها، المدَّعين نصرتها، الموالين لأعدائها، المحاربين حَمَلَتها والذائدين عنها، وإن حال أهل الإسلام لا يستقيم ولن يستقيم، إلا بكتاب يهدي وسيف ينصر، وإحياء لسنة الصديق -رضي الله عنه- فيمن ارتد وندَّ عن حكم الله وشرعه، وقفز إلى معسكر أهل الكفر ووالى الطواغيت والمشركين والملحدين، وإن صلى وصام وطاف بالبيت الحرام، ففي موقف تجلت رعاية الله وحفظه لهذا الدين -ولا يقوم بمثله إلا ذوو العزمات المسددون الملهمون الموفَّقون من الرجال- قتالُ الصديق -رضي الله عنه- من ارتد من العرب، إذ قمع الله به كل عدو للدين وألف له الأمة وردهم إليه، بعد أن ارتد أكثرهم عن دينه وانقلب الغالب منهم على أعقابهم كافرين، إذ وقف -رضي الله عنه- كالطود الشامخ أمام ريح عاتية وفتنة مدلهمة حتى قال: "والله لأقتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها"، وذلك يوم أن قال له الصحابة -رضي الله عنهم- كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أُمرت أن أقاتل الناس، حتى يقولوا: لا إله إلا الله) قال عمر -رضي الله عنه- فقلت يا خليفة رسول الله تألَّف الناس وارفق بهم فقال لي: "أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام قد انقطع الوحي وتم الدين أينقص وأنا حي؟".
حتى قال الفاروق عمر رضي الله عنه: "والله لقد رجح إيمان أبي بكر بإيمان هذه الأمة جميعا في قتال أهل الردة".
وقال أبو بكر بن عياش: سمعت أبا حصين يقول: "ما ولد بعد النبيين مولود أفضل من أبي بكر رضي الله عنه، لقد قام مقام نبي من الأنبياء في قتال أهل الردة".
قال ابن تيمية رحمه الله: "وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون، ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين، فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلا للمسلمين".
بل ونقول في وقتنا هذا: فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله، من الطواغيت المبدِّلين لشرع الله وحكمه، خادما ذليلا مواليا مظاهرا للصليبيين والملحدين، وهو مع ذلك، يزفر غيظا وحنقا على جماعة المسلمين، متمنيا وراجيا زوال حكم الله وشرعه، مباهيا بذلك مستعلنا به محتفيا، كما حدث في الموصل وسرت والرقة وغيرها.
وإن من عجائب الزمان سفاهةَ من استمرأ الكذب والبهتان يشمت بدولة الخلافة، وانحسار نفوذها عن أرض حكمتها بشرع الله، في وقت لا يجد المسلم في الأرض دار إسلام يفيء إليها سوى ما تحت سلطان الخلافة، رغم شدة الحملة الصليبية وشراستها، وما زال جنود الخلافة في العراق والشام واليمن وخراسان وسيناء وليبيا وغرب إفريقية وغيرها من الولايات، يقدِّمون أرواحهم رخيصة في سبيل إعلاء كلمة الحق والدين، فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام، وهم من أحرى الناس دخولا في الطائفة المنصورة، التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة)، وقال: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة).
فيا أبناء الإسلام وحملة التوحيد في كل مكان، دونكم طلائع الخلافة كثِّروا سوادها والحقوا بركبها، فإنا مقبلون على فتح قريب ونصر عزيز بإذن الله، فلا يفوتنكم أجر السبق وحسن التمام.
وإن قتالنا لأهل الكفر والردة قدر محتوم وفرض واجب، ولا يسع من آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيا، التخلُّف أو النأي بالنفس عنه، دفعا لصيالهم، وسلبهم بلاد المسلمين، فمنذ عهد ليس بالقليل، والمسلمون كالغنم المطيرة فى الليلة الشاتية؛ لتسلط عدوهم وزوال سلطانهم، ولا ترى من كثير ممن ينتسبون للإسلام، إلا أهواءً متبعةً، وجنوحاً مريعاً عن الملة، في ردة وعمالة صارخة لأحفاد القردة والخنازير، فلم يُصَب أهل الإسلام على مر العصور بمصاب كهذا، من حرب عقدية ومنهجية واقتصادية وعسكرية وإعلامية، ولم تبتلَ الأمة بمن ينتسبون للعلم كهذا الابتلاء، بل وقد غدا هؤلاء الذين ينسبون أنفسهم للعلم، حربة يقاتل بها كل من يسعى لإقامة حكم الله وشرعه في الأرض.
فواعجبا ممن يقرأ كتاب ربه، ثم يعيش في كنف الذلة والمهانة مسلوب الإرادة، يُملى عليه ما يجب اعتقاده، وما يجب عليه اجتنابه من دينه، في فصام نكد يعيشه وبعد حقيقي عن فهم الواقع، الذي لا يعرفه ولا يفقهه إلا من وثب من الدون، وارتقى بسنام الدين ذروة الصُّم الشواهق، فأبصر بمقال الفعال لا بمقال الهذرمة وحشو الكلام، حال المتخلفين المخذولين، وما هو السبيل لخلاص أهل الإسلام من هذا الكرب العظيم والشر المستطير، فإن هداية الله لمن جاهد في سبيله أسبق، ووعده لهم أصدق.قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، قال ابن القيم: "واعلم، أنه لا يستقر للعبد قدم في الإسلام حتى يعقد قلبه على أن الدين كله لله، وأن الهدى هدى الله، وأن الحق دائر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجودا وعدما، وأنه لا مطاع سواه ولا متبوع غيره، وأن كلام غيره يعرض على كلامه فإن وافقه قبلناه، لا لأنه قاله، بل لأنه أخبر به عن الله -تعالى- ورسوله، وإن خالفه رددناه، ولا يعرض كلامه -صلى الله عليه وسلم- على آراء القياسيين، ولا على عقول الفلاسفة والمتكلمين ولا أذواق المتزهدين، بل تعرض هذه كلها على ما جاء به، عرض الدراهم المجهولة على أخبر الناقدين، فما حكم بصحته فهو منه المقبول، وما حكم برده فهو المردود" انتهى كلامه رحمه الله.
فيا أيها المقتفي نهج نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الأخيار، يا من أبيت إلا السير على درب سلف هذه الأمة الأبرار، يا من دهمته طوارق الليل وأهمَّته تباريح النهار، يا من أسلمت وجهك لله، فاستبطأت الفرج وحلَّ الكُرب، بعد أن أيقنت أنه لا حل ولا سبيل ولا وسيلة، لفلاح هذه الأمة ونجاتها من دركات الشقاء، يرضاها ربنا جل في علاه، إلا بالجهاد في سبيله والقتل والقتال، ليعود المسلم حرا كريما لا عبدا تابعا ذليلا، ويسود الإسلام الأرض، وتخضع البرية جمعاء لله رب العالمين، اعلم بأنه لا يُوصل إلى الراحة واللذة إلا على جسر التعب والألم، وهذا يريك -أخي المجاهد- أن المصائب والآلام حشوها نعم ولذات ومسرات، كيف بك وأنت اليوم في موطن جليل مهيب، عز من يقفه في هذا الزمان، تنافح فيه عن ملة إبراهيم وسنة خير المرسلين، عليهم أفضل الصلاة والسلام، طاعة لله رجاء موعوده وإنفاذا لأمره، فإياك من كيد الغرور إياك، فإنه لا يزال بالعبد الصالح يغريه تارة ويمنيه تارة، حتى يقع في شراكه وحبائل كيده ومكره، فإن الخطب جلل، وليهنك وعد ربك لمن آمن به وصدق رسله وهاجر وأوذي في سبيله وقاتل حتى قتل صابرا محتسبا، فإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
فالصحابة -رضوان الله عليهم- خير القرون وأزكاها وأعلم الناس قاطبة بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ما نكلوا عن قتال الكفرة المشركين مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في زمانه، وما نكصوا عن قتال أهل الردة بعد وفاته، وقد ضربوا في ذلك أسمى المواقف وأجلِّها، فأعلوا منار الإسلام بعد أن كاد يُصطلم ويخرم.
ففي صورة من صور البذل والفداء لهذا الدين، وعزمة من عزمات السابقين الأولين، يرويها أنس -رضي الله عنه- حيث قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: "يا رسول الله، غبتُ عن أول قتال قاتلتَ المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع"، فلما كان يوم أُحُد، وانكشف المسلمون قال: "اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين"، ثم تقدَّم فاستقبله سعد بن معاذ فقال: "يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد"، قال سعد: "فما استطعت يا رسول الله ما صنع"، قال أنس: "فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قُتل وقد مثَّل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه"، قال أنس: "كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] إلى آخر الآية" ]رواه البخاري[، وعنه أيضا قال: "انطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقدِّمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه)، فدنا المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض)، قال: - يقول عمير بن الحمام الأنصاري: - يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: (نعم)، قال: بخٍ بخٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ؟) قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاءة أن أكون من أهلها، قال: (فإنك من أهلها)، فأخرج تمرات من قَرَنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قُتل" [رواه مسلم].بل ولقد كان حملة القرآن من الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- هم السبَّاقون المبادرون المتقحِّمون غمار الموت، نعم يا طالب العلم، ففي حروب الردة، خشي الفاروق والصديق رضي الله عنهما ذهاب كثير من القرآن لكثرة القتل فيهم، حتى قال الفاروق عمر -رضي الله عنه- لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ القتل قد استحرَّ [أي: كثر] يوم اليمامة بقرَّاء القرآن، وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء بالمواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن"، فكان ذلك سببا لجمع القرآن وحفظه مكتوبا في المصاحف، فما أجلَّ موقف حامل العلم والقرآن يوم أن تكون ثمرة علمه بادية عليه، شجاعا مقداما غير هياب ولا مرتاب.
وهذا زيد بن الخطاب -رضي الله عنه- يحمل راية المسلمين يوم اليمامة في حروب الردة، وكان يقول وهو يصيح بصوت الموقن بأن ما عند الله خير وأبقى وأن العاقبة للتقوى: "اللهم إنِّي أعتذر إليك من فرار أصحابي، وأبرأ إليك مما جاء به مسيلمة"، فلم يزل يتقدم بالراية في نحر العدو، ثم قاتل حتى قُتل، فأخذها سالم مولى أبي حذيفة، ولما انكشف المسلمون يوم اليمامة قال سالم وهو من حملة القرآن: "ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحفر لنفسه حفرة وقام فيها، ومعه راية المهاجرين يومئذ فقاتل حتى قتل رحمه الله".
وعن جعفر بن عبد الله بن أسلم، قال: "لما كان يوم اليمامة، واصطف الناس، كان أول من جُرح أبو عقيل، رُمي بسهم فوقع بين منكبيه وفؤاده في غير مقتل، فأُخرج السهم، ووهن له شقه الأيسر في أول النهار، وجُرَّ إلى الرحل، فلما حمي القتال وانهزم المسلمون، وجاوزوا رحالهم، وأبو عقيل واهن من جرحه، سمع معن بن عدي يصيح: يا للأنصار! الله الله والكَرَّة على عدوكم! قال عبد الله بن عمر: فنهض أبو عقيل يريد قومه، فقلت: ما تريد؟ ما فيك قتال! قال: قد نوَّه المنادى باسمي، قال ابن عمر: فقلت له: إنما يقول: يا للأنصار، ولا يعني الجرحى، قال أبو عقيل: أنا من الأنصار، وأنا أجيبه ولو حبوا، قال ابن عمر: فتحزَّم أبو عقيل وأخذ السيف بيده اليمنى، ثم جعل ينادي: يا للأنصار! كَرَّة كيوم حنين! فاجتمعوا رحمكم الله جميعا، تقدَّموا فالمسلمون دريئة دون عدوهم، حتى أقحموا عدوهم الحديقة، فاختلطوا، واختلفت السيوف بيننا وبينهم.
قال ابن عمر: فنظرت إلى أبي عقيل وقد قُطعت يده المجروحة من المنكب، فوقعت إلى الأرض، وبه من الجراح أربعة عشر جرحا كلها قد خلصت إلى مقتل، وقُتل عدو الله مسيلمة. قال ابن عمر: فوقفت على أبي عقيل وهو صريع بآخر رمق، فقلت: يا أبا عقيل! قال: لبيك -بلسان ملتاث- لمن الدَّبرة؟ قلت: أبشر قد قتل عدو الله، فرفع إصبعه إلى السماء يحمد الله، ومات يرحمه الله".
أولئك جيل المكرمات فمن يكن *** له أثَرٌ بالعزم يسعى ويخطر
تراهم إلى الهيجاء صاح نذيرهم *** فأرخص روحا في الوغى يتبختر
وماذا عسى الأطراس تجديك عالما *** إذا ضاع منك الفعل والقول أبتر
بسيف وإقدام وصون عقيدة *** بها الدين يزهو والنجائب ضمَّر
وليعلم كل محارب لدولة الخلافة، أنها ماضية في إنفاذ وعيدها بأعدائها، فأسيافنا -بفضل الله- ما نبت، وإن الملاحم لتوها بدأت.
وما خاض أبناء الإسلام غمار هذا البحر اللُّجي المتلاطم، إلا وهم على يقين برسوِّهم ودنوهم من سعة الدنيا والآخرة، وما متقحم لهذه المخاضة بخاسر.
فإنما هي إحدى الحسنيين، إحدى الكرامتين، إما نصر وإما شهادة، حياة عز لا حياة ذل، حياة إباء لا حياة استخذاء واستجداء.
وإن الناظر اليوم ليرى بفضل الله ومنِّه ثم بثبات أبناء الخلافة وأنصارها، ربَّة القطب الأوحد فيما مضى أمريكا، وهي تعيش أحلام اليقظة، تمني نفسها القضاء على دولة الإسلام، ونسيت أو تناست، كيف آل بها الحال مع خصومها ومنافسيها من الأمم، ومن في حقيقة الأمر انتصر وظفر، من فقد الصدارة والريادة، وما عادت رياح السياسة تجري وفق ما يشتهي ويؤمِّل، فها أنت اليوم يا ربة السوء تائهة متخبطة متعثرة الخطوات مشتتة الأهداف، ذلَّت إرادتك فأصبحتِ تناغين خصومك المفترضين وتسايرين رغباتهم، وترضين بأنصاف الحلول ولا تقوين على الصدام المباشر معهم، وما حديثك عن احتواء النفوذ الصفوي في المنطقة عنَّا ببعيد، وهو خير دليل وشاهد، وإن الشقاء الذي حل بك اليوم من جراء عجزك الاقتصادي المدقع قد أفقدك السياسة التي تزعمين والكياسة مع الحلفاء، فما عدت تخجلين أن تظهري ابتزازك لأصدقاء الأمس واليوم أمام العالم، بل وترهنين بقاءك في الشام بدعمهم الغير مشروط أو أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم، أو تظنين أن قصفك للنظام النصيري المجرم القاتلِ لأهل السنة سيخضع الروس أو يغيِّر من المعادلة شيئا أم سينسي جرائمك بحق أهل السنة في العراق والشام، وما الغوطة ودوما إلا حلقة من قصة لم تنتهِ فصولها من الكرب الذي يعانيه أهل السنة، وما إقدامك على فعل ذلك إلا ذرٌ للرماد في العيون واستخفاف بالعقول، واختلاق لنزاع متوهم، لتحفظي شيئا من مصالحك مع طواغيت المنطقة من مرتدي أهل السنة، فأنت من أسلمت مناطق أهل السنة لدولة المجوس إيران، كيف وأساطيلك البحرية والجوية تواكب حشود الرافضة الصفويين في العراق، وتمهِّد لهم سلب ديار أهل السنة، بل وأصبح حزب اللات الرافضي ذراع إيران يحمد على فعله وما اقترفته يداه بحق أهل السنة في الشام، وتلك العصائب والميليشيات الرافضية في العراق تعتلي المناصب ويُشاد بتنكيلها واستباحتها لمناطق أهل السنة، الذين ما اندمل لهم جرح وما رقَّ لهم دمع، مذ أقبلتِ غازيةً تبشرين بتعاستهم واستعبادهم وحرب دينهم ونهب ثرواتهم.
فعن أي نصر يتحدث هؤلاء، عن أي نصر تتحدثين أمريكا، والمجاهدون -بفضل الله- في علو ورفعة وقوة ساعد، وشدة بأس وبعد نظر ووحدة صف، وحالٍ خير من الحال الذي وليت فيه مهزومة ذليلة من العراق منذ سنين؟ وما كانت إلا أعوام قلائل حتى فتح الله على عباده المجاهدين المدن والأرياف، وأغناهم من فضله، فعن أي نصر تتكلمين، وأنت اليوم خرَّاجة ولاجة من بلد لآخر، تخطبين ود دول وتناغين أخرى، بعد أن عاد للصدارة خصمُك الألد وعدوك الأبعد روسيا الصليبية، التي لم تهنأ هي الأخرى بنصرها المزعوم على أرض الملاحم، وحاولت آيسة وبحفاوة كاذبة، أن تظهر ولو إعلاميا بصورة المخلِّص لشركائها النصيرية في الشام، بعد أن استخدمت سياسة الأرض المحروقة في استعراض مفرط للقوة، مع مدن وبلدات أهل السنة، فلم يَرُقْ لك أمريكا ذلك المشهد، والصورة التي أراد أن يوصلها العلج الروسي للعالم، بأن قد عدتُ للصدارة، فأعجزك الدهاء، وما كان من رقيع بيتك الأخرق، إلا أن يوقِّع بقلمه أمام العالم بأن القدس عاصمة لدولة يهود، ليفسد بذلك على خصمه الروسي احتفاءه بالنصر، ويصرف عنه أنظار العالم، فأغضبتِ الغُثاء ممن يعتقدون فيك النفع والضر، وأنت اليوم تتعجلين أمرا لن تبلغيه، فكفي عنه وعودي خلف البحار ما لك وللمجاهدين وديار المسلمين، فاعتبري بما سلف فالعاقل لا يُجرب المجرَّب، وإن وعد الله لعباده المتقين المجاهدين بالتمكين أقرب، ثم هل سيجدي اعترافك هذا من أمر الله شيئا، حتى وإن نزلت وأتيت بكل بارجة وطائرة، وخبير ومستشار على أرض المسرى وأولى القبلتين لتحمي يهود، فإن لأجناد الإسلام معهم موعدا لن يخلفوه، وإنها الوعود ورب محمد صلى الله عليه وسلم، فصبرا يا أهلنا في مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صبرا، فوالله ما نسيناكم، وإنَّ إخوانكم في دولة الخلافة ما قاتلوا أمم الكفر، إلا وهم يتلمَّظون أسى وأسفا عن مجابهة يهود، لانشغالهم بدفع صيال عدوِّهم وإزالة حدود الذل والعار المكبِّلة لأهل الإسلام، وما صمود وثبات أجناد الخلافة في سيناء وصدُّهم الحملات تلو الحملات إلا برهان حق ودليل صدق وإن غدا لناظره لقريب.
فعن أي نصر تتكلمين أمريكا، وما زال أبناء المسلمين من أقطار الأرض يتوافدون على بيعة الخلافة ونصرتها، راجين أن يكونوا لبنة صالحة في تشييد صرحها وإعلاء بنيانها، بل ولا زال جنود الخلافة في العراق والشام واليمن وخراسان وسيناء وليبيا وغرب إفريقية والصومال والفلبين وتونس، ينازلون عملاءك وجنودك ويطاولونهم في جهاد يحبه الله ويرضاه، ولن يتوقف حتى ينزل عيسى ابن مريم -عليه السلام- حكما مقسطا، وإنَّ الكابوس الذي تجرَّعتم فصوله المرعبة لن ينهيَه حلم زائف، أو لحظة من غطاء جوي هائل، فإن القادم -بإذن الله- أدهى وأمر.فمن أنت يا جندي الخلافة، لتجتمع على حربك أكثر من سبعين دولة؟!
من أنت يا جندي الخلافة، لتُعقد من أجلك المؤتمرات والتحالفات؟!
من أنت ليقبل العلج الأمريكي والروسي والأوروبي والغربي والشرقي لحربك وقتالك؟!
من أنت، لتقصف بأم القنابل والفسفور ويُصب من فوق رأسك كل ما جرَّموه وحرَّموه؟!
من أنت لتتنكر عن نصرتك أمة الغثاء بل وتقف مع عدوها لحربك، فمضيت ولم تلفت وجهك عن نصرة دينك؟!
من أنت ليضجَّ إعلامهم الفاجر لتحطيمك أكوام حجارة لا حياة فيها، ويقف شاخصا واجما وبصمت مطبق، وهو يرى بلاد أهل السنة تُباد وتدك على رؤوس ساكنيها، تُزهق فيها الأرواح وتنتهك الحرم بدعوى حربك وقتالك؟!
فمن أنت يا جندي الخلافة، لتوصم بالزندقة تارة، وبالعمالة تارة، وبالخارجية تارة، وبالكفر تارة، وبالإلحاد تارة، فاحتار البلاعمة المرتدون في وصفك ولمزك وغمزك، ثم أنت مع ذلك كله، تُلقي بنفسك في غمرات الموت تذب عن أمتك ودينك؟!
من أنت لله درُّك وعلى الله أجرك؟! فتَذَكَّر من أنت، لتعلم فضل الله عليك فأدِّ شكر هذه النعمة، بالثبات على دينه وجهاد أعدائه، فإنك على الحق. اللهم أمض لجنود الخلافة هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم.
وإن دولة الخلافة منذ إعلانها و نشأتها، قد بشرت الأمة بالجهاد والقتل والقتال في سبيل الله، ولم تعدها وتمنِّيها بشيء من الدنيا، فأقامت الدين وأحيت الولاء والبراء، وانخلعت من ضيق الأحزاب والتنظيمات إلى سعة الخلافة، فأعادت لجماعة المسلمين هيبتها وعزَّها بين الأنام، ولولا ذلك لما اجتمع عليها طواغيت الشرق والغرب ولما حاربتها الأمم، فبايع المجاهدون الصادقون أمير المؤمنين أبا بكر الحسيني القرشي البغدادي -حفظه الله- خليفة للمسلمين، فنحا الصراع بذلك الإعلان مع أهل الكفر شكلا آخر وسِمَة مغايرة عن كل جهاد سلف في زماننا، فكان ذلك من توفيق الله -تعالى- لأهل الجهاد في العراق والشام، فالإمام جُنَّة كما قال صلى الله عليه وسلم: (يُقاتل من ورائه، ويتقى به) [رواه البخاري ومسلم]، فتُحسم بذلك مادة الشر المتمثلة بالاختلاف، الذي يستثمره أهل الغدر والمكر والخيانة، ليبقى أبناء الإسلام فرقا وأحزابا وجماعات أشتاتا، فبإعلان الخلافة، عادت -بفضل الله- أواصر الأخوة الإيمانية، وتحقَّق معنى الجسد الواحد في هذه الأمة بين أبناء الإسلام وفي شتى البقاع، فترى الموحِّد الذي عزَّ عليه النفير والهجرة إلى دار الإسلام، القاطن بين ظهراني المشركين، من يهود وصليبيين ومرتدين، يقاتل على بصيرة من أمره نصرة لدينه، بعد أن وضح أمام ناظريه على أي شيء يقاتل ليُقتل، حتى غدت...
أسيافنا في كل غرب ومشرق *** بها من قراع الدارعين فلول
وأيامنا مشهورة في عدونا *** لها غرر معلومة وحجول
فيا جنود التوحيد في دولة الإسلام، إنها الخلافة فخر المسلمين وغيظ الكافرين، فاحمدوا المولى بأن أكرمكم برفع رايتها والذود والذبِّ عنها، وإنا لنحسب أن من بقي منكم كمن سلف من خياركم، فامضوا إلى فتح جديد إلى نصر مجيد، وإن جيلا تربى على التوحيد، وعاش الولاء والبراء واقعا حيا عمليا، وذاق عزة الجهاد ولذة البذل في سبيل الله، هو الأمة التي يُعقد عليها الآمال، ويعول عليه بعد الله -عز وجل- النهوض بالإسلام في هذا الزمان، وها أنتم اليوم تشهدون الملاحم على أرض العراق والشام وغيرها من البلدان فأروا الله من أنفسكم خيرا.
وما مُنعت دار ولا عزَّ أهلها *** من الناس إلا بالقنا والقنابل
وإن لأبناء الإسلام بحول الله وقوته مع أعداء الله الرافضة الصفويين، وعملائهم المرتدين المحسوبين زورا وبهاتانا على أهل السنة، موعدا وأجلا مضروبا معجَّلا، فما وضعت الحرب أوزارها، وما زال آساد الخلافة -بفضل الله- يسيرون وفق ما أرادوا ورسموا، فهم سائسو الحروب ومروِّضوها، وقاهرو أمم الكفر ومزلزلوها، فلا يظنن وضيع جبان أن يدا له امتدت على المجاهدين وأعراضهم سينعم بها، فقسما بمن أجرى السحاب وبنى السبع الشداد، وشتَّت عند الفتح جموع الكافرين في كل واد، لتقطعنَّ يداه ورجلاه، ولتسلَبنَّ روح حواها جسده ولينبذنَّ جيفة في رمسه، فما ضعفنا وما جَبُنَّا، نحن أحفاد الصديق وابن الوليد، ولنحيِينَّ سنته في كل من ارتد وناصب المسلمين العداء، من الدهماء والغوغاء، فاسمعوها وعوها منا يا رافضة العراق ومجوس إيران، فقسما قسما لتضيقَنَّ الواسعة من نتن موتاكم، وليشوبنَّ دجلة والفرات نجيع قتلاكم، وإن بكل مسلمة عفيفة طاهرة سيقت إلى مشانق الموت، ما سيخلع قلوبكم ويُدمي أيامكم.فيا مسعِّرة الحروب في أرض السواد ومهد الخلافة، يا رجالات الدولة وحماة الدين والملة، لا تدعوا مفصلا أمنيا أو عسكريا أو اقتصاديا أو إعلاميا لحكومة الرافضة، إلا وجعلتموه أثرا بعد عين، ولا تُبقوا رأس عشيرة عفن مرتد إلا وقطفتموه، ولا قرية محاربة إلا وتركتموها آية لمعتبر وعظة لكل مغتر أشر، فهؤلاء هم من وقفوا أنفسهم خداما للرافضة وعبيدا لهم، وعينا ساهرة تحول بين المجاهدين وعدوِّهم، واكتموا أنفاس دعاة الفتنة والضلالة، من تواصوا وتعاهدوا على تبديل عقائد الناس، من الأئمة والخطباء والمعممين والأساتذة والمعلمين، فلا تأخذكم بهم رأفة أو شفقة في دين الله، فهم مرتدون زنادقة مجرمون، يذلِّلون الناس ليكونوا طوع قياد الرافضة، وافلقوا هام كل من آذى عباد الله الموحدين، ممن ارتد وإن كان يوما في ركاب المجاهدين، واقبلوا توبة من تاب قبل القدرة عليه، وأحسنوا إلى من آوى وناصر ورعى العهد ولم يخفُر ذمته مع المسلمين، وكونوا له عونا وسندا، وآتوه من مال الله الذي آتاكم، واخفضوا له الجناح.
ولتعلموا يا أهل السنة في العراق والشام وكل مكان أنه ما عاد لكم بعد الله سوى أجناد الخلافة في دولة الإسلام، فآووهم وانصروهم وكونوا لهم يدا على من سواهم، وننوِّه إلى أن حكومة الحشد الرافضي الإيراني في العراق، مقبلة على ما يسمونه انتخابات، فكلُّ من يسعى في قيامها بالمعونة والمساعدة فهو مُتَولٍ لها ولأهلها، وحكمه كحكم الداعين إليها والمظاهرين لها، والمرشحون للانتخاب هم أدعياء للربوبية والألوهية، والمنتخِبون لهم قد اتخذوهم أربابا وشركاء من دون الله، وحكمهم في دين الله الكفر والخروج عن الإسلام، فإنا نحذركم يا أهل السنة في العراق من تولي هؤلاء القوم الذين ما تركوا باب ردة إلا وولجوه، وإن مراكز الانتخاب ومن فيها هدف لأسيافنا فابتعدوا عنها واجتنبوا السير بقربها، ومن ضنَّ منكم بنفسه وأخلد إلى الأرض عن نصرة دولة المسلمين وموئل أهل السنة فليسعه بيته ولينشغل بخاصة نفسه، ولا يكونن نصيرا وظهيرا للرافضة المشركين وأذنابهم المرتدين المحسوبين على أهل السنة.
ويا جنود الخلافة وأنصارها في كل مكان، اعلموا أننا اليوم نمرُّ بمرحلة جديدة، ومنعطف شدة في طريق جهاد عدو حقود، يرجو السيطرة على بلاد المسلمين، وأن يرث ما خلَّفته أمريكا، بعد أن أنهكها المجاهدون بعملياتهم، ومطاولتهم لها ما يقرب عقدين من الزمان، فبدأت تعود القهقرى لا تلوي على شيء، وهي ترى تنكُّر الحلفاء لها، عاجزة عن كبح جماح الروس ودولة المجوس إيران، فاجعلوا هاتين الضُرَّتين هدفا لمسرح عملياتكم وجهادكم، ليذوق المجوس ومن ورائهم الروس شيئا من جحيم طغيانهم، وحرقهم مناطق أهل السنة في العراق والشام، فخذوا لهذه الحرب أهبتها، وتزوَّدوا لها فإن خير الزاد التقوى، ثم امضوا وأنتم على يقين بوعد الله ونصره، والزموا الطاعة واحفظوا وارعوا الجماعة، وإياكم والاختلاف، فإنه شر ما تُصابون به وهو أحدُّ عليكم من كل لهذم قاطع، واقضوا حوائجكم بالكتمان، واستنفذوا الوسع والطاقة في استطلاع الأهداف وكشف ثغرات العدو، واحذروا الجاسوس اللصيق، أجهزة الاتصال فإنها دليل النصال، واتخذوا كل وسيلة من شأنها النكاية بعدوكم والإثخان فيه، فهاهم الصليبيون الأمريكان قد استمرأوا ما فيه هلاكهم بإذن الله، وتجرأوا بالنزول بين فينة وأخرى، فلا يفوتن أحدَكم نصيبه منهم وقد حلُّوا بساحتكم.
وتذكروا في كل وقت وحين تذكروا دائما، أن قبَّة النصر -كما قال ابن القيم- لا تُبتنى إلا على خمسة أشياء ذكرها ربنا في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45 - 46]، ففي هذه الآية أمر الله المجاهدين بخمسة أشياء، ما اجتمعت في فئة قط إلا نُصرت وإن قلت وكثر أعداؤها؛ أولاها الثبات، وثانيها كثرة ذكره سبحانه وتعالى، وثالثها طاعته وطاعة رسوله، ورابعها اتفاق الكلمة وعدم التنازع، الذي يوجب الفشل والوهن، وهو جند يقوِّي به المتنازعون عدوهم عليهم، فإنهم في اجتماعهم كالحزمة من السهام، لا يستطيع أحدٌ كسرها، فإذا فرقها وصار كل منهم وحده كسرها كلها، وأما خامسها ملاكُ ذلك كله وقوامه وأساسه وهو الصبر، فهذه خمسة أشياء تُبتنى عليها قبة النصر، ومتى زالت أو بعضها زال من النصر بحسب ما نقص منها، وإذا اجتمعت قوَّى بعضها بعضا، وصار لها أثر عظيم في النصر، ولما اجتمعت في الصحابة لم تقم لهم أمة من الأمم، وفتحوا الدنيا ودانت لهم العباد والبلاد، ولما تفرقت فيمن بعدهم وضعفت، آل الأمر إلى ما آل، والله المستعان وعليه التكلان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 129
الخميس 10 شعبان 1439 هـ ...المزيد
كلمة صوتية للمتحدث الرسمي للدولة الإسلامية
الشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)
بعنوان
(فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ)
الحمد لله معز الإسلام بنصره، ومذل الشرك بقهره، ومصرِّف الأمور بأمره، ومستدرج الكافرين بمكره، الذي قدَّر الأيام دولا بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه، أما بعد:
ففي حومة الوغى، ورجع صدى آمال أهل الكفر بالقضاء على دولة الإسلام، يستمد حَمَلة الراية وحراس العقيدة قوَّتهم من خالقهم جل وعلا، فاعتمادهم وتوكلهم، عليه لأن الأمر بيديه، ادَّرعوا بالإيمان وصالح الأعمال، فلم يفتَّ في عضدهم انهزام المرجفين والخوَّارين والمبطلين، فكانوا بحق سادةً نجباءً أعزةً كرماءً، قرأوا قول الله: {إِلَّا تَنْفِرُوا} [التوبة: 39] فوثبوا، وأصغت آذانهم لنداء: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ} [التوبة: 40] فضحوا وبذلوا، خفافا وثقالا، كهولا وشبانا، لم يخلدوا إلى الدعة والنعيم، ولم يركنوا إلى حطام الدنيا الزائل، تجرَّدوا للحق فلزموا غرزه فأنبت وأينع طيب الثمر وأنماه، وضرب الجهاد بجِرانه في الأرض فاتسعت رقعته لتلفح بلهيبها أمم الصليب وحكومات الردة والعمالة، في جهاد لأعداء الله عز شأوه، وملاحمِ صدق سطَّرها الصابرون الموقنون بموعود الله لهم، قرأوا قول ربهم: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ} [آل عمران: 179]، فأدركوا فداحة الموقف مع تقادم الأيام، وأنَّ التمييز والتمحيص والابتلاء، آتٍ لا محالة، سنة الله الماضية، {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 62]، فمع كل حدث ونازلة، يفيئون ويرتوون من معين الهدى الذي لا ينضب، فما خالط بشاشة قلوبهم الريب، وما أثقلت كواهلهم اللأواء ولا كثرة الأعداء.
غطارفةٌ مثل الجبال حُلومُهُم *** تكونُ لهم شم الجبال هضابا
إذا غضبوا للَّه أرضاك فتكهم *** وأَفتكُ ما تلقى الأُسودُ غضابا
وإِن جَزموا الأعمارَ في الحرب صَيّروا *** عوامِلَهُم في الدّارِعينَ حرابا
وتَحسَبُهُم تحت السوابغ والقنا *** ضراغمَ شقّتْ في العَرينِ سَرابا
أذهلوا أمم الكفر وأرعبوها، وسلبوها الراحة والأمان وشتتوها، فأصبحت تتمنى صفو العيش فلا تجده ولا تدري من أي باب ستؤتى، وغدا الموحد المجاهد المستضعف في الأرض، يرى -بفضل الله ومنِّه- العلج الصليبي الأوروبي والأمريكي، يُدهس ويُطعن ويُقتل في طرقات باريس ولندن ومنهاتن، مثلاً بمثلٍ وسواءً بسواءٍ جزاءً وفاقاً، فكما يَقتلون يُقتلون، وكما يَقصفون يُنسفون، وإلى جهنم سيحشرون.
قتلناهُمُ قَتلَ الكلاب فلم نَدَع *** لهم في جميع الناس يا صاحِ من فَخرِ
فلم يتعظ الأغرار دهاقنة الكفر بعد ولم يعتبروا، ولا زال سفهاؤهم يمنُّونهم ويغرونهم فيتمادون في إجرامهم، دون اعتبار بما ستبدي لهم الأيام، جرَّاء حمقهم وعسفهم بالمسلمين دون رحمة أو شفقة، فعلام نعجب؟! فهذا ديدنهم ودأبهم، كما أخبرنا العليم الخبير إذ قال في كتابه العزيز: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 217].
فربنا الحكيم العليم قد جلَّى لنا في كتابه حقيقة هؤلاء الكفرة المجرمين، وأمرنا بقتلهم وقتالهم حتى يكون الدين كلُّه لله، فإما أن يسلموا أو يستسلموا لأمر الله وحكمه أذلةً صاغرين، فأوجب علينا أن نطهر الأرض من زهم شرك هؤلاء، من جاهلية هؤلاء، من عبث هؤلاء، من تجبُّرهم وطغيانهم في الأرض، وأمرنا ربنا -تبارك وتعالى- أن نقاتل المشركين كافة كما يقاتلوننا كافة، فلا فرق بين قتالنا الطاغوت المرتد سلمان وابنه السفيه وقتالنا السيسي وجيشه، ولا فرق بين قتالنا الصفوي الرافضي خامنئي وقتالنا عباس العلماني وحماس، لا فرق بين قتالنا لهؤلاء وبين قتالنا أولياءهم الصليبيين الأمريكان والروس والأوروبيين غير أن أولئك من أبناء يعرب أشد على الإسلام وأنكى وفي الدركات أهوى، قال ربنا: {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 36]، وقال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 193]، وحذَّرنا فقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة: 51].فقتال الكفرة المشركين دين نتعبد الله به، ونتقرب به إليه -سبحانه- ليرضى عنا، قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 216]، وقال مذكرا ومرغبا عباده في عظيم أجر من جاهد في سبيله لقتال أعدائه: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120]، وقال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]، وإنَّ القتال في سبيل الله لهو التجارة الرابحة التي دلَّ عباده عليها، فقال جلَّ من قائل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الصف: 10 - 11]، فجعل الثواب والجزاء عظيما جليلا بيَّنه في قوله: {يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 12 - 13].
قال ابن القيم في مدارجه: "فإن عبودية الجهاد من أحب أنواع العبودية إليه سبحانه، ولو كان الناس كلهم مؤمنين لتعطلت هذه العبودية وتوابعها، من الموالاة فيه سبحانه، والمعاداة فيه، والحب فيه والبغض فيه، وبذل النفس له في محاربة عدوه"، إلى أن قال: "ومنها عبوديةُ مخالفةِ عدوِّه، ومراغمته في الله، وإغاظته فيه، وهي من أحب أنواع العبودية إليه، فإنه -سبحانه- يحب من وليِّه أن يغيظ عدوه ويراغمه ويسوءه، وهذه عبودية لا يتفطَّن لها إلا الأكياس" انتهى كلامه رحمه الله.
وفي الصحيح عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها، وصلوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم، إلا بحقها وحسابهم على الله) ]رواه البخاري[.
قال إمام الدعوة النجدية -رحمه الله- عندما سئل عن معنى "لا إله إلا الله" فأجاب: "اعلم -رحمك الله- أن هذه الكلمة هي الفارقة بين الكفر والإسلام، وهي كلمة التقوى، وهي العروة الوثقى، وهي التي جعلها إبراهيم عليه السلام: {كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف: 28]، وليس المراد قولها باللسان مع الجهل بمعناها، فإن المنافقين يقولونها وهم تحت الكفار في الدرك الأسفل من النار، مع كونهم يُصلُّون، ويصومون، ويتصدقون، ولكن المراد معرفتها بالقلب، ومحبتها ومحبة أهلها، وبغض من خالفها ومعاداته، كما قال صلى الله عليه وسلم: (من قال لا إله إلا الله مخلصا) وفي رواية: (صادقا من قلبه) وفي لفظ: (من قال لا إله إلا الله، وكفر بما يُعبد من دون الله) إلى غير ذلك من الأدلة الدالة على جهالة أكثر الناس بهذه الشهادة" انتهى كلامه.
وقال -رحمه الله- في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [النحل: 120]، "أما قولهُ تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً}، لئلا يستوحشَ سالكُ الطريقِ مِنْ قلةِ السالكين، {قَانِتًا لِلَّهِ} لا للملوكِ ولا للتجارِ المترفين، {حَنِيفًا} لا يميلُ يميناً ولا شمالاً كفعلِ العلماءِ المفتونين، {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} خلافا لمن كثَّر سوادهم وزعم أنه من المسلمين".فلا إله إلا الله، ما أكثر الناكصين المتنكبين عن كلمة الإخلاص، العاملين بضدها من المنتسبين لهذه الأمة، الهادمين لركنها، المدَّعين نصرتها، الموالين لأعدائها، المحاربين حَمَلَتها والذائدين عنها، وإن حال أهل الإسلام لا يستقيم ولن يستقيم، إلا بكتاب يهدي وسيف ينصر، وإحياء لسنة الصديق -رضي الله عنه- فيمن ارتد وندَّ عن حكم الله وشرعه، وقفز إلى معسكر أهل الكفر ووالى الطواغيت والمشركين والملحدين، وإن صلى وصام وطاف بالبيت الحرام، ففي موقف تجلت رعاية الله وحفظه لهذا الدين -ولا يقوم بمثله إلا ذوو العزمات المسددون الملهمون الموفَّقون من الرجال- قتالُ الصديق -رضي الله عنه- من ارتد من العرب، إذ قمع الله به كل عدو للدين وألف له الأمة وردهم إليه، بعد أن ارتد أكثرهم عن دينه وانقلب الغالب منهم على أعقابهم كافرين، إذ وقف -رضي الله عنه- كالطود الشامخ أمام ريح عاتية وفتنة مدلهمة حتى قال: "والله لأقتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم على منعها"، وذلك يوم أن قال له الصحابة -رضي الله عنهم- كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أُمرت أن أقاتل الناس، حتى يقولوا: لا إله إلا الله) قال عمر -رضي الله عنه- فقلت يا خليفة رسول الله تألَّف الناس وارفق بهم فقال لي: "أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام قد انقطع الوحي وتم الدين أينقص وأنا حي؟".
حتى قال الفاروق عمر رضي الله عنه: "والله لقد رجح إيمان أبي بكر بإيمان هذه الأمة جميعا في قتال أهل الردة".
وقال أبو بكر بن عياش: سمعت أبا حصين يقول: "ما ولد بعد النبيين مولود أفضل من أبي بكر رضي الله عنه، لقد قام مقام نبي من الأنبياء في قتال أهل الردة".
قال ابن تيمية رحمه الله: "وإذا كان السلف قد سموا مانعي الزكاة مرتدين مع كونهم يصومون ويصلون، ولم يكونوا يقاتلون جماعة المسلمين، فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله قاتلا للمسلمين".
بل ونقول في وقتنا هذا: فكيف بمن صار مع أعداء الله ورسوله، من الطواغيت المبدِّلين لشرع الله وحكمه، خادما ذليلا مواليا مظاهرا للصليبيين والملحدين، وهو مع ذلك، يزفر غيظا وحنقا على جماعة المسلمين، متمنيا وراجيا زوال حكم الله وشرعه، مباهيا بذلك مستعلنا به محتفيا، كما حدث في الموصل وسرت والرقة وغيرها.
وإن من عجائب الزمان سفاهةَ من استمرأ الكذب والبهتان يشمت بدولة الخلافة، وانحسار نفوذها عن أرض حكمتها بشرع الله، في وقت لا يجد المسلم في الأرض دار إسلام يفيء إليها سوى ما تحت سلطان الخلافة، رغم شدة الحملة الصليبية وشراستها، وما زال جنود الخلافة في العراق والشام واليمن وخراسان وسيناء وليبيا وغرب إفريقية وغيرها من الولايات، يقدِّمون أرواحهم رخيصة في سبيل إعلاء كلمة الحق والدين، فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام، وهم من أحرى الناس دخولا في الطائفة المنصورة، التي ذكرها النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة)، وقال: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة).
فيا أبناء الإسلام وحملة التوحيد في كل مكان، دونكم طلائع الخلافة كثِّروا سوادها والحقوا بركبها، فإنا مقبلون على فتح قريب ونصر عزيز بإذن الله، فلا يفوتنكم أجر السبق وحسن التمام.
وإن قتالنا لأهل الكفر والردة قدر محتوم وفرض واجب، ولا يسع من آمن بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيا، التخلُّف أو النأي بالنفس عنه، دفعا لصيالهم، وسلبهم بلاد المسلمين، فمنذ عهد ليس بالقليل، والمسلمون كالغنم المطيرة فى الليلة الشاتية؛ لتسلط عدوهم وزوال سلطانهم، ولا ترى من كثير ممن ينتسبون للإسلام، إلا أهواءً متبعةً، وجنوحاً مريعاً عن الملة، في ردة وعمالة صارخة لأحفاد القردة والخنازير، فلم يُصَب أهل الإسلام على مر العصور بمصاب كهذا، من حرب عقدية ومنهجية واقتصادية وعسكرية وإعلامية، ولم تبتلَ الأمة بمن ينتسبون للعلم كهذا الابتلاء، بل وقد غدا هؤلاء الذين ينسبون أنفسهم للعلم، حربة يقاتل بها كل من يسعى لإقامة حكم الله وشرعه في الأرض.
فواعجبا ممن يقرأ كتاب ربه، ثم يعيش في كنف الذلة والمهانة مسلوب الإرادة، يُملى عليه ما يجب اعتقاده، وما يجب عليه اجتنابه من دينه، في فصام نكد يعيشه وبعد حقيقي عن فهم الواقع، الذي لا يعرفه ولا يفقهه إلا من وثب من الدون، وارتقى بسنام الدين ذروة الصُّم الشواهق، فأبصر بمقال الفعال لا بمقال الهذرمة وحشو الكلام، حال المتخلفين المخذولين، وما هو السبيل لخلاص أهل الإسلام من هذا الكرب العظيم والشر المستطير، فإن هداية الله لمن جاهد في سبيله أسبق، ووعده لهم أصدق.قال سبحانه: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69]، قال ابن القيم: "واعلم، أنه لا يستقر للعبد قدم في الإسلام حتى يعقد قلبه على أن الدين كله لله، وأن الهدى هدى الله، وأن الحق دائر مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجودا وعدما، وأنه لا مطاع سواه ولا متبوع غيره، وأن كلام غيره يعرض على كلامه فإن وافقه قبلناه، لا لأنه قاله، بل لأنه أخبر به عن الله -تعالى- ورسوله، وإن خالفه رددناه، ولا يعرض كلامه -صلى الله عليه وسلم- على آراء القياسيين، ولا على عقول الفلاسفة والمتكلمين ولا أذواق المتزهدين، بل تعرض هذه كلها على ما جاء به، عرض الدراهم المجهولة على أخبر الناقدين، فما حكم بصحته فهو منه المقبول، وما حكم برده فهو المردود" انتهى كلامه رحمه الله.
فيا أيها المقتفي نهج نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الأخيار، يا من أبيت إلا السير على درب سلف هذه الأمة الأبرار، يا من دهمته طوارق الليل وأهمَّته تباريح النهار، يا من أسلمت وجهك لله، فاستبطأت الفرج وحلَّ الكُرب، بعد أن أيقنت أنه لا حل ولا سبيل ولا وسيلة، لفلاح هذه الأمة ونجاتها من دركات الشقاء، يرضاها ربنا جل في علاه، إلا بالجهاد في سبيله والقتل والقتال، ليعود المسلم حرا كريما لا عبدا تابعا ذليلا، ويسود الإسلام الأرض، وتخضع البرية جمعاء لله رب العالمين، اعلم بأنه لا يُوصل إلى الراحة واللذة إلا على جسر التعب والألم، وهذا يريك -أخي المجاهد- أن المصائب والآلام حشوها نعم ولذات ومسرات، كيف بك وأنت اليوم في موطن جليل مهيب، عز من يقفه في هذا الزمان، تنافح فيه عن ملة إبراهيم وسنة خير المرسلين، عليهم أفضل الصلاة والسلام، طاعة لله رجاء موعوده وإنفاذا لأمره، فإياك من كيد الغرور إياك، فإنه لا يزال بالعبد الصالح يغريه تارة ويمنيه تارة، حتى يقع في شراكه وحبائل كيده ومكره، فإن الخطب جلل، وليهنك وعد ربك لمن آمن به وصدق رسله وهاجر وأوذي في سبيله وقاتل حتى قتل صابرا محتسبا، فإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.
فالصحابة -رضوان الله عليهم- خير القرون وأزكاها وأعلم الناس قاطبة بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، ما نكلوا عن قتال الكفرة المشركين مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في زمانه، وما نكصوا عن قتال أهل الردة بعد وفاته، وقد ضربوا في ذلك أسمى المواقف وأجلِّها، فأعلوا منار الإسلام بعد أن كاد يُصطلم ويخرم.
ففي صورة من صور البذل والفداء لهذا الدين، وعزمة من عزمات السابقين الأولين، يرويها أنس -رضي الله عنه- حيث قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: "يا رسول الله، غبتُ عن أول قتال قاتلتَ المشركين، لئن الله أشهدني قتال المشركين، ليَرينَّ اللهُ ما أصنع"، فلما كان يوم أُحُد، وانكشف المسلمون قال: "اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء، يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء، يعني المشركين"، ثم تقدَّم فاستقبله سعد بن معاذ فقال: "يا سعد بن معاذ، الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد"، قال سعد: "فما استطعت يا رسول الله ما صنع"، قال أنس: "فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قُتل وقد مثَّل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه"، قال أنس: "كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23] إلى آخر الآية" ]رواه البخاري[، وعنه أيضا قال: "انطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر، وجاء المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يقدِّمن أحد منكم إلى شيء حتى أكون أنا دونه)، فدنا المشركون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض)، قال: - يقول عمير بن الحمام الأنصاري: - يا رسول الله، جنة عرضها السماوات والأرض؟ قال: (نعم)، قال: بخٍ بخٍ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما يحملك على قولك بخٍ بخٍ؟) قال: لا والله يا رسول الله، إلا رجاءة أن أكون من أهلها، قال: (فإنك من أهلها)، فأخرج تمرات من قَرَنه، فجعل يأكل منهن، ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، قال: فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتلهم حتى قُتل" [رواه مسلم].بل ولقد كان حملة القرآن من الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- هم السبَّاقون المبادرون المتقحِّمون غمار الموت، نعم يا طالب العلم، ففي حروب الردة، خشي الفاروق والصديق رضي الله عنهما ذهاب كثير من القرآن لكثرة القتل فيهم، حتى قال الفاروق عمر -رضي الله عنه- لخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ القتل قد استحرَّ [أي: كثر] يوم اليمامة بقرَّاء القرآن، وإني أخشى أن يستحرَّ القتل بالقراء بالمواطن، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن"، فكان ذلك سببا لجمع القرآن وحفظه مكتوبا في المصاحف، فما أجلَّ موقف حامل العلم والقرآن يوم أن تكون ثمرة علمه بادية عليه، شجاعا مقداما غير هياب ولا مرتاب.
وهذا زيد بن الخطاب -رضي الله عنه- يحمل راية المسلمين يوم اليمامة في حروب الردة، وكان يقول وهو يصيح بصوت الموقن بأن ما عند الله خير وأبقى وأن العاقبة للتقوى: "اللهم إنِّي أعتذر إليك من فرار أصحابي، وأبرأ إليك مما جاء به مسيلمة"، فلم يزل يتقدم بالراية في نحر العدو، ثم قاتل حتى قُتل، فأخذها سالم مولى أبي حذيفة، ولما انكشف المسلمون يوم اليمامة قال سالم وهو من حملة القرآن: "ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحفر لنفسه حفرة وقام فيها، ومعه راية المهاجرين يومئذ فقاتل حتى قتل رحمه الله".
وعن جعفر بن عبد الله بن أسلم، قال: "لما كان يوم اليمامة، واصطف الناس، كان أول من جُرح أبو عقيل، رُمي بسهم فوقع بين منكبيه وفؤاده في غير مقتل، فأُخرج السهم، ووهن له شقه الأيسر في أول النهار، وجُرَّ إلى الرحل، فلما حمي القتال وانهزم المسلمون، وجاوزوا رحالهم، وأبو عقيل واهن من جرحه، سمع معن بن عدي يصيح: يا للأنصار! الله الله والكَرَّة على عدوكم! قال عبد الله بن عمر: فنهض أبو عقيل يريد قومه، فقلت: ما تريد؟ ما فيك قتال! قال: قد نوَّه المنادى باسمي، قال ابن عمر: فقلت له: إنما يقول: يا للأنصار، ولا يعني الجرحى، قال أبو عقيل: أنا من الأنصار، وأنا أجيبه ولو حبوا، قال ابن عمر: فتحزَّم أبو عقيل وأخذ السيف بيده اليمنى، ثم جعل ينادي: يا للأنصار! كَرَّة كيوم حنين! فاجتمعوا رحمكم الله جميعا، تقدَّموا فالمسلمون دريئة دون عدوهم، حتى أقحموا عدوهم الحديقة، فاختلطوا، واختلفت السيوف بيننا وبينهم.
قال ابن عمر: فنظرت إلى أبي عقيل وقد قُطعت يده المجروحة من المنكب، فوقعت إلى الأرض، وبه من الجراح أربعة عشر جرحا كلها قد خلصت إلى مقتل، وقُتل عدو الله مسيلمة. قال ابن عمر: فوقفت على أبي عقيل وهو صريع بآخر رمق، فقلت: يا أبا عقيل! قال: لبيك -بلسان ملتاث- لمن الدَّبرة؟ قلت: أبشر قد قتل عدو الله، فرفع إصبعه إلى السماء يحمد الله، ومات يرحمه الله".
أولئك جيل المكرمات فمن يكن *** له أثَرٌ بالعزم يسعى ويخطر
تراهم إلى الهيجاء صاح نذيرهم *** فأرخص روحا في الوغى يتبختر
وماذا عسى الأطراس تجديك عالما *** إذا ضاع منك الفعل والقول أبتر
بسيف وإقدام وصون عقيدة *** بها الدين يزهو والنجائب ضمَّر
وليعلم كل محارب لدولة الخلافة، أنها ماضية في إنفاذ وعيدها بأعدائها، فأسيافنا -بفضل الله- ما نبت، وإن الملاحم لتوها بدأت.
وما خاض أبناء الإسلام غمار هذا البحر اللُّجي المتلاطم، إلا وهم على يقين برسوِّهم ودنوهم من سعة الدنيا والآخرة، وما متقحم لهذه المخاضة بخاسر.
فإنما هي إحدى الحسنيين، إحدى الكرامتين، إما نصر وإما شهادة، حياة عز لا حياة ذل، حياة إباء لا حياة استخذاء واستجداء.
وإن الناظر اليوم ليرى بفضل الله ومنِّه ثم بثبات أبناء الخلافة وأنصارها، ربَّة القطب الأوحد فيما مضى أمريكا، وهي تعيش أحلام اليقظة، تمني نفسها القضاء على دولة الإسلام، ونسيت أو تناست، كيف آل بها الحال مع خصومها ومنافسيها من الأمم، ومن في حقيقة الأمر انتصر وظفر، من فقد الصدارة والريادة، وما عادت رياح السياسة تجري وفق ما يشتهي ويؤمِّل، فها أنت اليوم يا ربة السوء تائهة متخبطة متعثرة الخطوات مشتتة الأهداف، ذلَّت إرادتك فأصبحتِ تناغين خصومك المفترضين وتسايرين رغباتهم، وترضين بأنصاف الحلول ولا تقوين على الصدام المباشر معهم، وما حديثك عن احتواء النفوذ الصفوي في المنطقة عنَّا ببعيد، وهو خير دليل وشاهد، وإن الشقاء الذي حل بك اليوم من جراء عجزك الاقتصادي المدقع قد أفقدك السياسة التي تزعمين والكياسة مع الحلفاء، فما عدت تخجلين أن تظهري ابتزازك لأصدقاء الأمس واليوم أمام العالم، بل وترهنين بقاءك في الشام بدعمهم الغير مشروط أو أن يحلوا مشاكلهم بأنفسهم، أو تظنين أن قصفك للنظام النصيري المجرم القاتلِ لأهل السنة سيخضع الروس أو يغيِّر من المعادلة شيئا أم سينسي جرائمك بحق أهل السنة في العراق والشام، وما الغوطة ودوما إلا حلقة من قصة لم تنتهِ فصولها من الكرب الذي يعانيه أهل السنة، وما إقدامك على فعل ذلك إلا ذرٌ للرماد في العيون واستخفاف بالعقول، واختلاق لنزاع متوهم، لتحفظي شيئا من مصالحك مع طواغيت المنطقة من مرتدي أهل السنة، فأنت من أسلمت مناطق أهل السنة لدولة المجوس إيران، كيف وأساطيلك البحرية والجوية تواكب حشود الرافضة الصفويين في العراق، وتمهِّد لهم سلب ديار أهل السنة، بل وأصبح حزب اللات الرافضي ذراع إيران يحمد على فعله وما اقترفته يداه بحق أهل السنة في الشام، وتلك العصائب والميليشيات الرافضية في العراق تعتلي المناصب ويُشاد بتنكيلها واستباحتها لمناطق أهل السنة، الذين ما اندمل لهم جرح وما رقَّ لهم دمع، مذ أقبلتِ غازيةً تبشرين بتعاستهم واستعبادهم وحرب دينهم ونهب ثرواتهم.
فعن أي نصر يتحدث هؤلاء، عن أي نصر تتحدثين أمريكا، والمجاهدون -بفضل الله- في علو ورفعة وقوة ساعد، وشدة بأس وبعد نظر ووحدة صف، وحالٍ خير من الحال الذي وليت فيه مهزومة ذليلة من العراق منذ سنين؟ وما كانت إلا أعوام قلائل حتى فتح الله على عباده المجاهدين المدن والأرياف، وأغناهم من فضله، فعن أي نصر تتكلمين، وأنت اليوم خرَّاجة ولاجة من بلد لآخر، تخطبين ود دول وتناغين أخرى، بعد أن عاد للصدارة خصمُك الألد وعدوك الأبعد روسيا الصليبية، التي لم تهنأ هي الأخرى بنصرها المزعوم على أرض الملاحم، وحاولت آيسة وبحفاوة كاذبة، أن تظهر ولو إعلاميا بصورة المخلِّص لشركائها النصيرية في الشام، بعد أن استخدمت سياسة الأرض المحروقة في استعراض مفرط للقوة، مع مدن وبلدات أهل السنة، فلم يَرُقْ لك أمريكا ذلك المشهد، والصورة التي أراد أن يوصلها العلج الروسي للعالم، بأن قد عدتُ للصدارة، فأعجزك الدهاء، وما كان من رقيع بيتك الأخرق، إلا أن يوقِّع بقلمه أمام العالم بأن القدس عاصمة لدولة يهود، ليفسد بذلك على خصمه الروسي احتفاءه بالنصر، ويصرف عنه أنظار العالم، فأغضبتِ الغُثاء ممن يعتقدون فيك النفع والضر، وأنت اليوم تتعجلين أمرا لن تبلغيه، فكفي عنه وعودي خلف البحار ما لك وللمجاهدين وديار المسلمين، فاعتبري بما سلف فالعاقل لا يُجرب المجرَّب، وإن وعد الله لعباده المتقين المجاهدين بالتمكين أقرب، ثم هل سيجدي اعترافك هذا من أمر الله شيئا، حتى وإن نزلت وأتيت بكل بارجة وطائرة، وخبير ومستشار على أرض المسرى وأولى القبلتين لتحمي يهود، فإن لأجناد الإسلام معهم موعدا لن يخلفوه، وإنها الوعود ورب محمد صلى الله عليه وسلم، فصبرا يا أهلنا في مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صبرا، فوالله ما نسيناكم، وإنَّ إخوانكم في دولة الخلافة ما قاتلوا أمم الكفر، إلا وهم يتلمَّظون أسى وأسفا عن مجابهة يهود، لانشغالهم بدفع صيال عدوِّهم وإزالة حدود الذل والعار المكبِّلة لأهل الإسلام، وما صمود وثبات أجناد الخلافة في سيناء وصدُّهم الحملات تلو الحملات إلا برهان حق ودليل صدق وإن غدا لناظره لقريب.
فعن أي نصر تتكلمين أمريكا، وما زال أبناء المسلمين من أقطار الأرض يتوافدون على بيعة الخلافة ونصرتها، راجين أن يكونوا لبنة صالحة في تشييد صرحها وإعلاء بنيانها، بل ولا زال جنود الخلافة في العراق والشام واليمن وخراسان وسيناء وليبيا وغرب إفريقية والصومال والفلبين وتونس، ينازلون عملاءك وجنودك ويطاولونهم في جهاد يحبه الله ويرضاه، ولن يتوقف حتى ينزل عيسى ابن مريم -عليه السلام- حكما مقسطا، وإنَّ الكابوس الذي تجرَّعتم فصوله المرعبة لن ينهيَه حلم زائف، أو لحظة من غطاء جوي هائل، فإن القادم -بإذن الله- أدهى وأمر.فمن أنت يا جندي الخلافة، لتجتمع على حربك أكثر من سبعين دولة؟!
من أنت يا جندي الخلافة، لتُعقد من أجلك المؤتمرات والتحالفات؟!
من أنت ليقبل العلج الأمريكي والروسي والأوروبي والغربي والشرقي لحربك وقتالك؟!
من أنت، لتقصف بأم القنابل والفسفور ويُصب من فوق رأسك كل ما جرَّموه وحرَّموه؟!
من أنت لتتنكر عن نصرتك أمة الغثاء بل وتقف مع عدوها لحربك، فمضيت ولم تلفت وجهك عن نصرة دينك؟!
من أنت ليضجَّ إعلامهم الفاجر لتحطيمك أكوام حجارة لا حياة فيها، ويقف شاخصا واجما وبصمت مطبق، وهو يرى بلاد أهل السنة تُباد وتدك على رؤوس ساكنيها، تُزهق فيها الأرواح وتنتهك الحرم بدعوى حربك وقتالك؟!
فمن أنت يا جندي الخلافة، لتوصم بالزندقة تارة، وبالعمالة تارة، وبالخارجية تارة، وبالكفر تارة، وبالإلحاد تارة، فاحتار البلاعمة المرتدون في وصفك ولمزك وغمزك، ثم أنت مع ذلك كله، تُلقي بنفسك في غمرات الموت تذب عن أمتك ودينك؟!
من أنت لله درُّك وعلى الله أجرك؟! فتَذَكَّر من أنت، لتعلم فضل الله عليك فأدِّ شكر هذه النعمة، بالثبات على دينه وجهاد أعدائه، فإنك على الحق. اللهم أمض لجنود الخلافة هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم.
وإن دولة الخلافة منذ إعلانها و نشأتها، قد بشرت الأمة بالجهاد والقتل والقتال في سبيل الله، ولم تعدها وتمنِّيها بشيء من الدنيا، فأقامت الدين وأحيت الولاء والبراء، وانخلعت من ضيق الأحزاب والتنظيمات إلى سعة الخلافة، فأعادت لجماعة المسلمين هيبتها وعزَّها بين الأنام، ولولا ذلك لما اجتمع عليها طواغيت الشرق والغرب ولما حاربتها الأمم، فبايع المجاهدون الصادقون أمير المؤمنين أبا بكر الحسيني القرشي البغدادي -حفظه الله- خليفة للمسلمين، فنحا الصراع بذلك الإعلان مع أهل الكفر شكلا آخر وسِمَة مغايرة عن كل جهاد سلف في زماننا، فكان ذلك من توفيق الله -تعالى- لأهل الجهاد في العراق والشام، فالإمام جُنَّة كما قال صلى الله عليه وسلم: (يُقاتل من ورائه، ويتقى به) [رواه البخاري ومسلم]، فتُحسم بذلك مادة الشر المتمثلة بالاختلاف، الذي يستثمره أهل الغدر والمكر والخيانة، ليبقى أبناء الإسلام فرقا وأحزابا وجماعات أشتاتا، فبإعلان الخلافة، عادت -بفضل الله- أواصر الأخوة الإيمانية، وتحقَّق معنى الجسد الواحد في هذه الأمة بين أبناء الإسلام وفي شتى البقاع، فترى الموحِّد الذي عزَّ عليه النفير والهجرة إلى دار الإسلام، القاطن بين ظهراني المشركين، من يهود وصليبيين ومرتدين، يقاتل على بصيرة من أمره نصرة لدينه، بعد أن وضح أمام ناظريه على أي شيء يقاتل ليُقتل، حتى غدت...
أسيافنا في كل غرب ومشرق *** بها من قراع الدارعين فلول
وأيامنا مشهورة في عدونا *** لها غرر معلومة وحجول
فيا جنود التوحيد في دولة الإسلام، إنها الخلافة فخر المسلمين وغيظ الكافرين، فاحمدوا المولى بأن أكرمكم برفع رايتها والذود والذبِّ عنها، وإنا لنحسب أن من بقي منكم كمن سلف من خياركم، فامضوا إلى فتح جديد إلى نصر مجيد، وإن جيلا تربى على التوحيد، وعاش الولاء والبراء واقعا حيا عمليا، وذاق عزة الجهاد ولذة البذل في سبيل الله، هو الأمة التي يُعقد عليها الآمال، ويعول عليه بعد الله -عز وجل- النهوض بالإسلام في هذا الزمان، وها أنتم اليوم تشهدون الملاحم على أرض العراق والشام وغيرها من البلدان فأروا الله من أنفسكم خيرا.
وما مُنعت دار ولا عزَّ أهلها *** من الناس إلا بالقنا والقنابل
وإن لأبناء الإسلام بحول الله وقوته مع أعداء الله الرافضة الصفويين، وعملائهم المرتدين المحسوبين زورا وبهاتانا على أهل السنة، موعدا وأجلا مضروبا معجَّلا، فما وضعت الحرب أوزارها، وما زال آساد الخلافة -بفضل الله- يسيرون وفق ما أرادوا ورسموا، فهم سائسو الحروب ومروِّضوها، وقاهرو أمم الكفر ومزلزلوها، فلا يظنن وضيع جبان أن يدا له امتدت على المجاهدين وأعراضهم سينعم بها، فقسما بمن أجرى السحاب وبنى السبع الشداد، وشتَّت عند الفتح جموع الكافرين في كل واد، لتقطعنَّ يداه ورجلاه، ولتسلَبنَّ روح حواها جسده ولينبذنَّ جيفة في رمسه، فما ضعفنا وما جَبُنَّا، نحن أحفاد الصديق وابن الوليد، ولنحيِينَّ سنته في كل من ارتد وناصب المسلمين العداء، من الدهماء والغوغاء، فاسمعوها وعوها منا يا رافضة العراق ومجوس إيران، فقسما قسما لتضيقَنَّ الواسعة من نتن موتاكم، وليشوبنَّ دجلة والفرات نجيع قتلاكم، وإن بكل مسلمة عفيفة طاهرة سيقت إلى مشانق الموت، ما سيخلع قلوبكم ويُدمي أيامكم.فيا مسعِّرة الحروب في أرض السواد ومهد الخلافة، يا رجالات الدولة وحماة الدين والملة، لا تدعوا مفصلا أمنيا أو عسكريا أو اقتصاديا أو إعلاميا لحكومة الرافضة، إلا وجعلتموه أثرا بعد عين، ولا تُبقوا رأس عشيرة عفن مرتد إلا وقطفتموه، ولا قرية محاربة إلا وتركتموها آية لمعتبر وعظة لكل مغتر أشر، فهؤلاء هم من وقفوا أنفسهم خداما للرافضة وعبيدا لهم، وعينا ساهرة تحول بين المجاهدين وعدوِّهم، واكتموا أنفاس دعاة الفتنة والضلالة، من تواصوا وتعاهدوا على تبديل عقائد الناس، من الأئمة والخطباء والمعممين والأساتذة والمعلمين، فلا تأخذكم بهم رأفة أو شفقة في دين الله، فهم مرتدون زنادقة مجرمون، يذلِّلون الناس ليكونوا طوع قياد الرافضة، وافلقوا هام كل من آذى عباد الله الموحدين، ممن ارتد وإن كان يوما في ركاب المجاهدين، واقبلوا توبة من تاب قبل القدرة عليه، وأحسنوا إلى من آوى وناصر ورعى العهد ولم يخفُر ذمته مع المسلمين، وكونوا له عونا وسندا، وآتوه من مال الله الذي آتاكم، واخفضوا له الجناح.
ولتعلموا يا أهل السنة في العراق والشام وكل مكان أنه ما عاد لكم بعد الله سوى أجناد الخلافة في دولة الإسلام، فآووهم وانصروهم وكونوا لهم يدا على من سواهم، وننوِّه إلى أن حكومة الحشد الرافضي الإيراني في العراق، مقبلة على ما يسمونه انتخابات، فكلُّ من يسعى في قيامها بالمعونة والمساعدة فهو مُتَولٍ لها ولأهلها، وحكمه كحكم الداعين إليها والمظاهرين لها، والمرشحون للانتخاب هم أدعياء للربوبية والألوهية، والمنتخِبون لهم قد اتخذوهم أربابا وشركاء من دون الله، وحكمهم في دين الله الكفر والخروج عن الإسلام، فإنا نحذركم يا أهل السنة في العراق من تولي هؤلاء القوم الذين ما تركوا باب ردة إلا وولجوه، وإن مراكز الانتخاب ومن فيها هدف لأسيافنا فابتعدوا عنها واجتنبوا السير بقربها، ومن ضنَّ منكم بنفسه وأخلد إلى الأرض عن نصرة دولة المسلمين وموئل أهل السنة فليسعه بيته ولينشغل بخاصة نفسه، ولا يكونن نصيرا وظهيرا للرافضة المشركين وأذنابهم المرتدين المحسوبين على أهل السنة.
ويا جنود الخلافة وأنصارها في كل مكان، اعلموا أننا اليوم نمرُّ بمرحلة جديدة، ومنعطف شدة في طريق جهاد عدو حقود، يرجو السيطرة على بلاد المسلمين، وأن يرث ما خلَّفته أمريكا، بعد أن أنهكها المجاهدون بعملياتهم، ومطاولتهم لها ما يقرب عقدين من الزمان، فبدأت تعود القهقرى لا تلوي على شيء، وهي ترى تنكُّر الحلفاء لها، عاجزة عن كبح جماح الروس ودولة المجوس إيران، فاجعلوا هاتين الضُرَّتين هدفا لمسرح عملياتكم وجهادكم، ليذوق المجوس ومن ورائهم الروس شيئا من جحيم طغيانهم، وحرقهم مناطق أهل السنة في العراق والشام، فخذوا لهذه الحرب أهبتها، وتزوَّدوا لها فإن خير الزاد التقوى، ثم امضوا وأنتم على يقين بوعد الله ونصره، والزموا الطاعة واحفظوا وارعوا الجماعة، وإياكم والاختلاف، فإنه شر ما تُصابون به وهو أحدُّ عليكم من كل لهذم قاطع، واقضوا حوائجكم بالكتمان، واستنفذوا الوسع والطاقة في استطلاع الأهداف وكشف ثغرات العدو، واحذروا الجاسوس اللصيق، أجهزة الاتصال فإنها دليل النصال، واتخذوا كل وسيلة من شأنها النكاية بعدوكم والإثخان فيه، فهاهم الصليبيون الأمريكان قد استمرأوا ما فيه هلاكهم بإذن الله، وتجرأوا بالنزول بين فينة وأخرى، فلا يفوتن أحدَكم نصيبه منهم وقد حلُّوا بساحتكم.
وتذكروا في كل وقت وحين تذكروا دائما، أن قبَّة النصر -كما قال ابن القيم- لا تُبتنى إلا على خمسة أشياء ذكرها ربنا في قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 45 - 46]، ففي هذه الآية أمر الله المجاهدين بخمسة أشياء، ما اجتمعت في فئة قط إلا نُصرت وإن قلت وكثر أعداؤها؛ أولاها الثبات، وثانيها كثرة ذكره سبحانه وتعالى، وثالثها طاعته وطاعة رسوله، ورابعها اتفاق الكلمة وعدم التنازع، الذي يوجب الفشل والوهن، وهو جند يقوِّي به المتنازعون عدوهم عليهم، فإنهم في اجتماعهم كالحزمة من السهام، لا يستطيع أحدٌ كسرها، فإذا فرقها وصار كل منهم وحده كسرها كلها، وأما خامسها ملاكُ ذلك كله وقوامه وأساسه وهو الصبر، فهذه خمسة أشياء تُبتنى عليها قبة النصر، ومتى زالت أو بعضها زال من النصر بحسب ما نقص منها، وإذا اجتمعت قوَّى بعضها بعضا، وصار لها أثر عظيم في النصر، ولما اجتمعت في الصحابة لم تقم لهم أمة من الأمم، وفتحوا الدنيا ودانت لهم العباد والبلاد، ولما تفرقت فيمن بعدهم وضعفت، آل الأمر إلى ما آل، والله المستعان وعليه التكلان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 129
الخميس 10 شعبان 1439 هـ ...المزيد
الدولة الإسلامية - مقال: خذوا حذركم (5) (قيود الوهم) تحدثنا عن أحد أهم أساليب أجهزة ...
الدولة الإسلامية - مقال: خذوا حذركم (5)
(قيود الوهم)
تحدثنا عن أحد أهم أساليب أجهزة المخابرات التي تستعملها في الكشف عن العناصر المعادية، أو التي يتوقع تحولها إلى معادية، وهي إغراء المختفين ليظهروا، ودفع من لا زال في مرحلة التفكير لأن ينضج قليلاً تحت سمعهم وبصرهم، وتركهم يتحركون ضمن حدود معينة، ثم الإجهاز عليهم قبل أن يتحولوا إلى تهديد حقيقي على الأنظمة، وذلك بشنِّ حملات حصاد للثمار التي أينعت، وإبطال تهديدها باعتقال من انكشف خطره على النظام، أو قتله، أو دفعه إلى الفرار والخروج من الأرض.
ولعل هذا البيان قد لقي استحساناً عند بعضٍ ممن لم يدرك غايته، وخاصة أولئك الذين لبَّس عليهم الشيطان فصوَّر لهم جبنهم وتخاذلهم حكمة ووعياً، وكل إقدام وعزيمة من غيرهم تهوراً وحماقة، ولذلك تجدهم في كل فرصة يهيئُها الله للمجاهدين ينطلقون ليشنعوا على من يسعى لاستغلالها في إحداث تقدم أو جني مغنم، ويتهمونه بالغباء والعمى واتباع استدراج الأعداء له، فكل الفرص عنده كمائن، وكل مغنم عنده طُعم يجذب الفريسة إلى الفخ الذي نصب لها.
وغاية ما يفعله هؤلاء "النظَّار" أن يراقبوا العاملين ويتصيدوا أخطاءهم ليشهروا بهم بين الخلائق، ويترقبوا أن تحل بهم مصيبة تنزل على قلوبهم كالماء البارد في اليوم الحار، ففيها المنجى من لوم النفس وذمِّ الآخرين، بل هي الفاتحة لذمهم للمجاهدين على تحركهم وأدائهم ما وجب عليهم، بأنه سبب انكشافهم وتعرضهم للاعتقال أو القتل، وأنهم بتحركهم كانوا ينفذون خطط المخابرات لكشف المجاهدين المجهولين لديهم.
يقوم هؤلاء بتخذيل المجاهدين فيحققون الهدف الأكبر للطواغيت وأجهزة مخابراته، الذي يفوق في فائدته اعتقال المجاهدين أو قتلهم، فلا شك أن إقناع المجاهدين بترك الجهاد هو أنفع للمشركين من قتالهم، فالأول وقاية لهم والثاني دفاع، والوقاية أجدى من الدفاع وأقل تكلفة ومشقة.
• فلا تخشوهم:
فنحن نرى الطواغيت وأجهزة مخابراتهم يبذلون كل ما بوسعهم لتخويف المسلمين من قتالهم، وترهيبهم من العمل بما أمرهم ربهم، ويستخدمون في سبيل ذلك مزيجاً من الحقائق والأكاذيب للتأثير على عقولهم، وتنشيط عمل المخذلين فيما بينهم، وذلك لإقناعهم بأن لا جدوى من التحرك ولا فائدة من الإقدام، فالمخابرات تعلم كل شيء، وهي قادرة على كل شيء، والعياذ بالله.
وأكبر مثال على هذا ما نجده من حملات دعائية ضخمة تشرف عليها أجهزة المخابرات ترافق حملات الاعتقالات، أو عملية اعتقال لمجاهد أحياناً، مع الزعم أن هذا المجاهد كان تحت المراقبة، ثم تعرض له صوراً وإثباتات على تحضيراته للعمل، وتكثر من الحديث عن عواقب اعتقاله عليه وعلى المرتبطين به، وأخبار محاكماته والأحكام القاسية التي صدرت بحقه، وكل هذا يهدف إلى تخويف غيره من المصير الذي سيلاقيه إن قرر اتباع طريقه، فإن كان مستعداً ليبذل الثمن سعوا في إقناعه أن لا فائدة من المحاولة، وأنه لن يزيد شيئاً على من سبقه من المجاهدين الذين كانت نهايتهم السجون، ويضعون بذلك في يديه وأرجله قيوداً تقيد حركته، وفي عنقه أغلالاً تمنعه أن يرفع رأسه، وإن كانت قيود السجون وأغلالها حقيقية، فإن قيوده وغله صاغها قلبه الذي أسلمه لدعاية الطواغيت وإرجاف المرجفين، ولا يتطلب كسره أكثر من أن يؤمن بالله حق إيمانه، ويعرف أن المقادير كلها بيده جل جلاله، وأن النصر بيده سبحانه، وأن الله لم يكلفه بأكثر من أداء ما يستطيع من الواجب الذي أوجبه عليه، فإن منعه من بلوغ نهايته مانع، كسجن أو قتل فأجره على الله، وسيلقى الله وقد أعذره.
وقد نجح الطواغيت وأذنابهم في استخدام هذا الأسلوب لتثبيط الشباب عن جهادهم في كثير من البلدان، كما رأينا في جزيرة العرب بعد حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها أجهزة أمن الطاغوت ضد أنصار الدولة الإسلامية بعد فترة تصيد طويلة حتى انكشف لهم المئات من الإخوة الذين قصروا في جانب الاستخفاء عن عيون الطواغيت، ومعهم كثيرون أخذوهم لمجرد الشبهة والإرهاب، ثم رأينا بعد تلك الحملات المتعاقبة جموداً في العمل الجهادي ضد طواغيت الجزيرة، وكان الأولى أن لا تؤثر فيهم حملات الترهيب والتثبيط، وأن يزيدهم اعتقال إخوانهم عزيمة على جهاد المشركين، كما زادهم حذراً من الانكشاف لأجهزة الأمن، وتوقياً من عملائه وجواسيسه.• المخابرات الصليبية وحصاد الوهم:
ومن أوضح الشواهد على أن هذه الحملات قائمة على كمٍّ كبير من الوهم، ما نراه واضحاً جلياً من نجاحات للمجاهدين في الدول الصليبية في تنفيذ العمليات الكثيرة وفي مختلف البلدان التي تنشط فيها أقوى أجهزة المخابرات في العالم، كما حدث في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا وغيرها.
ونجد في أخبار أولئك المجاهدين أن كثيراً منهم كانوا مشتبهاً بهم لدى المخابرات، بل مطلوبين على قوائم الاعتقال أحياناً، وهم موضع تعقب ومراقبة، ومع ذلك مكَّنهم الله من تنفيذ هجماتهم على الصليبيين بنجاح، تحت أعين أجهزة الأمن والشرط وكاميراتهم ومخبريهم، وذلك لأنهم عرفوا أن ما يفاخر به الصليبيون من قوة استخباراتهم وأجهزتهم الأمنية أكثره وهم، والحقيقي منه يمكن دراسته واكتشاف نقاط الضعف فيه، والتغلب عليه بإذن الله، فلم يخضعوا لإرهاب المشركين لهم، وعزموا على دفع الثمن المطلوب لإنجاح العمل الذي ينوون القيام به، وعملوا ما في وسعهم من الإجراءات الأمنية، وتوكلوا على الله -سبحانه- الذي أعانهم على تحقيق مرادهم.
وليست ببعيدة قصة العصبة المجاهدة التي خرجت من ديار الإسلام لتقطع حدود عدَّة دول ثم تدخل إلى فرنسا، رغم أن بعض أفرادها كانوا على قوائم الاعتقال لدى أجهزة أمنها، ثم تمكث أشهراً تستطلع الأهداف، وتضع الخطط، وتُعد العدة، قبل أن تنفذ أكبر الهجمات الجهادية التي شهدتها باريس في تاريخها.
ولم تنفع فرنسا وأخواتها الاستنفارات الأمنية ولا حشد الجيوش في الشوارع لمنع تكرار هجمات باريس الأولى، إذ أعاد المجاهدون الضرب في مختلف العواصم الأوروبية وبمختلف الأساليب موقعين النكاية في أعداء الله حتى في أكثر المناطق حصانة وتأميناً كالمطارات.
ثم وجدنا عشرات المجاهدين المنفردين يتحركون في مختلف البلدان والمناطق ليهاجموا بأساليب بسيطة وأدوات متوفرة في أيدي الجميع أهدافاً كبيرة، ويوقعوا في صفوف المشركين الخسائر الفادحة، ويكرر الواحد منهم خطة أخيه في ظل عجز واضح من أجهزة الأمن الصليبية عن توقع أماكن الهجمات أو مواقيتها، أو تحديد المشتبه بإمكانية تنفيذهم لها، ما أجبرهم على الانتشار في كل مكان وكل وقت في إطار الاستنفارات وخطط الطوارئ المرهقة المكلفة.
• احذروا التثبيط:
إن نجاح أولئك المجاهدين في تحقيق أهدافهم رغم أنف أجهزة الأمن التي تترصدهم هو نموذج ينبغي على كل المسلمين في العالم أن يحتذوه، بأن يعملوا على أداء ما افترضه الله عليهم من جهاد أعدائهم، ويعدوا لذلك أقصى ما يستطيعون من العدة، وفي الوقت نفسه لا يتركون الحذر من عدوهم، ولا يغفلون عن أسلحتهم ودروعهم التي تقيهم -بإذن الله- أذى عدوهم، وهم في ذلك كله متوكلون على ربهم، مؤمنون بأن كل شيء يجري بمقاديره.
فالمجاهد في سبيل الله يأخذ حذره من كل مكائد أعدائه، سواء منها التي تستهدف بدنه بالقتل أو الأسر أو النفي، أو التي تستهدف قلبه بزرع الشبهات، وإثارة الشهوات، وتسعى من ذلك كله إلى تثبيطه عن الجهاد إن عجزت عن تعبيده للطواغيت أسوة بأغلب من يعيش تحت حكمهم، ويقتات من فتات موائدهم.
ولا ينعزل تأمين الاعتقاد والتصور في هذا الجانب عن غيره من الجوانب التي يسعى المجاهد إلى تأمينها ووقايتها من مكائد أعدائه وشرورهم، فإن مكَّنه الله من النجاة من فخ التثبيط، ودرس بعناية خطط أعدائه وأساليبهم، وعمل على إعداد أقصى ما يستطيع من وسائل الوقاية منها، وتوكل في ذلك كله على ربه، فإن النجاح حليفه والظفر طريقه، بإذن الله، وليكن دليل كل فرد من المجاهدين في هذا الشأن حال أسلافه من الموحدين: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173 - 174].
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 128
الخميس 3 شعبان 1439 هـ ...المزيد
(قيود الوهم)
تحدثنا عن أحد أهم أساليب أجهزة المخابرات التي تستعملها في الكشف عن العناصر المعادية، أو التي يتوقع تحولها إلى معادية، وهي إغراء المختفين ليظهروا، ودفع من لا زال في مرحلة التفكير لأن ينضج قليلاً تحت سمعهم وبصرهم، وتركهم يتحركون ضمن حدود معينة، ثم الإجهاز عليهم قبل أن يتحولوا إلى تهديد حقيقي على الأنظمة، وذلك بشنِّ حملات حصاد للثمار التي أينعت، وإبطال تهديدها باعتقال من انكشف خطره على النظام، أو قتله، أو دفعه إلى الفرار والخروج من الأرض.
ولعل هذا البيان قد لقي استحساناً عند بعضٍ ممن لم يدرك غايته، وخاصة أولئك الذين لبَّس عليهم الشيطان فصوَّر لهم جبنهم وتخاذلهم حكمة ووعياً، وكل إقدام وعزيمة من غيرهم تهوراً وحماقة، ولذلك تجدهم في كل فرصة يهيئُها الله للمجاهدين ينطلقون ليشنعوا على من يسعى لاستغلالها في إحداث تقدم أو جني مغنم، ويتهمونه بالغباء والعمى واتباع استدراج الأعداء له، فكل الفرص عنده كمائن، وكل مغنم عنده طُعم يجذب الفريسة إلى الفخ الذي نصب لها.
وغاية ما يفعله هؤلاء "النظَّار" أن يراقبوا العاملين ويتصيدوا أخطاءهم ليشهروا بهم بين الخلائق، ويترقبوا أن تحل بهم مصيبة تنزل على قلوبهم كالماء البارد في اليوم الحار، ففيها المنجى من لوم النفس وذمِّ الآخرين، بل هي الفاتحة لذمهم للمجاهدين على تحركهم وأدائهم ما وجب عليهم، بأنه سبب انكشافهم وتعرضهم للاعتقال أو القتل، وأنهم بتحركهم كانوا ينفذون خطط المخابرات لكشف المجاهدين المجهولين لديهم.
يقوم هؤلاء بتخذيل المجاهدين فيحققون الهدف الأكبر للطواغيت وأجهزة مخابراته، الذي يفوق في فائدته اعتقال المجاهدين أو قتلهم، فلا شك أن إقناع المجاهدين بترك الجهاد هو أنفع للمشركين من قتالهم، فالأول وقاية لهم والثاني دفاع، والوقاية أجدى من الدفاع وأقل تكلفة ومشقة.
• فلا تخشوهم:
فنحن نرى الطواغيت وأجهزة مخابراتهم يبذلون كل ما بوسعهم لتخويف المسلمين من قتالهم، وترهيبهم من العمل بما أمرهم ربهم، ويستخدمون في سبيل ذلك مزيجاً من الحقائق والأكاذيب للتأثير على عقولهم، وتنشيط عمل المخذلين فيما بينهم، وذلك لإقناعهم بأن لا جدوى من التحرك ولا فائدة من الإقدام، فالمخابرات تعلم كل شيء، وهي قادرة على كل شيء، والعياذ بالله.
وأكبر مثال على هذا ما نجده من حملات دعائية ضخمة تشرف عليها أجهزة المخابرات ترافق حملات الاعتقالات، أو عملية اعتقال لمجاهد أحياناً، مع الزعم أن هذا المجاهد كان تحت المراقبة، ثم تعرض له صوراً وإثباتات على تحضيراته للعمل، وتكثر من الحديث عن عواقب اعتقاله عليه وعلى المرتبطين به، وأخبار محاكماته والأحكام القاسية التي صدرت بحقه، وكل هذا يهدف إلى تخويف غيره من المصير الذي سيلاقيه إن قرر اتباع طريقه، فإن كان مستعداً ليبذل الثمن سعوا في إقناعه أن لا فائدة من المحاولة، وأنه لن يزيد شيئاً على من سبقه من المجاهدين الذين كانت نهايتهم السجون، ويضعون بذلك في يديه وأرجله قيوداً تقيد حركته، وفي عنقه أغلالاً تمنعه أن يرفع رأسه، وإن كانت قيود السجون وأغلالها حقيقية، فإن قيوده وغله صاغها قلبه الذي أسلمه لدعاية الطواغيت وإرجاف المرجفين، ولا يتطلب كسره أكثر من أن يؤمن بالله حق إيمانه، ويعرف أن المقادير كلها بيده جل جلاله، وأن النصر بيده سبحانه، وأن الله لم يكلفه بأكثر من أداء ما يستطيع من الواجب الذي أوجبه عليه، فإن منعه من بلوغ نهايته مانع، كسجن أو قتل فأجره على الله، وسيلقى الله وقد أعذره.
وقد نجح الطواغيت وأذنابهم في استخدام هذا الأسلوب لتثبيط الشباب عن جهادهم في كثير من البلدان، كما رأينا في جزيرة العرب بعد حملة الاعتقالات الواسعة التي شنتها أجهزة أمن الطاغوت ضد أنصار الدولة الإسلامية بعد فترة تصيد طويلة حتى انكشف لهم المئات من الإخوة الذين قصروا في جانب الاستخفاء عن عيون الطواغيت، ومعهم كثيرون أخذوهم لمجرد الشبهة والإرهاب، ثم رأينا بعد تلك الحملات المتعاقبة جموداً في العمل الجهادي ضد طواغيت الجزيرة، وكان الأولى أن لا تؤثر فيهم حملات الترهيب والتثبيط، وأن يزيدهم اعتقال إخوانهم عزيمة على جهاد المشركين، كما زادهم حذراً من الانكشاف لأجهزة الأمن، وتوقياً من عملائه وجواسيسه.• المخابرات الصليبية وحصاد الوهم:
ومن أوضح الشواهد على أن هذه الحملات قائمة على كمٍّ كبير من الوهم، ما نراه واضحاً جلياً من نجاحات للمجاهدين في الدول الصليبية في تنفيذ العمليات الكثيرة وفي مختلف البلدان التي تنشط فيها أقوى أجهزة المخابرات في العالم، كما حدث في بريطانيا وفرنسا وألمانيا وأمريكا وغيرها.
ونجد في أخبار أولئك المجاهدين أن كثيراً منهم كانوا مشتبهاً بهم لدى المخابرات، بل مطلوبين على قوائم الاعتقال أحياناً، وهم موضع تعقب ومراقبة، ومع ذلك مكَّنهم الله من تنفيذ هجماتهم على الصليبيين بنجاح، تحت أعين أجهزة الأمن والشرط وكاميراتهم ومخبريهم، وذلك لأنهم عرفوا أن ما يفاخر به الصليبيون من قوة استخباراتهم وأجهزتهم الأمنية أكثره وهم، والحقيقي منه يمكن دراسته واكتشاف نقاط الضعف فيه، والتغلب عليه بإذن الله، فلم يخضعوا لإرهاب المشركين لهم، وعزموا على دفع الثمن المطلوب لإنجاح العمل الذي ينوون القيام به، وعملوا ما في وسعهم من الإجراءات الأمنية، وتوكلوا على الله -سبحانه- الذي أعانهم على تحقيق مرادهم.
وليست ببعيدة قصة العصبة المجاهدة التي خرجت من ديار الإسلام لتقطع حدود عدَّة دول ثم تدخل إلى فرنسا، رغم أن بعض أفرادها كانوا على قوائم الاعتقال لدى أجهزة أمنها، ثم تمكث أشهراً تستطلع الأهداف، وتضع الخطط، وتُعد العدة، قبل أن تنفذ أكبر الهجمات الجهادية التي شهدتها باريس في تاريخها.
ولم تنفع فرنسا وأخواتها الاستنفارات الأمنية ولا حشد الجيوش في الشوارع لمنع تكرار هجمات باريس الأولى، إذ أعاد المجاهدون الضرب في مختلف العواصم الأوروبية وبمختلف الأساليب موقعين النكاية في أعداء الله حتى في أكثر المناطق حصانة وتأميناً كالمطارات.
ثم وجدنا عشرات المجاهدين المنفردين يتحركون في مختلف البلدان والمناطق ليهاجموا بأساليب بسيطة وأدوات متوفرة في أيدي الجميع أهدافاً كبيرة، ويوقعوا في صفوف المشركين الخسائر الفادحة، ويكرر الواحد منهم خطة أخيه في ظل عجز واضح من أجهزة الأمن الصليبية عن توقع أماكن الهجمات أو مواقيتها، أو تحديد المشتبه بإمكانية تنفيذهم لها، ما أجبرهم على الانتشار في كل مكان وكل وقت في إطار الاستنفارات وخطط الطوارئ المرهقة المكلفة.
• احذروا التثبيط:
إن نجاح أولئك المجاهدين في تحقيق أهدافهم رغم أنف أجهزة الأمن التي تترصدهم هو نموذج ينبغي على كل المسلمين في العالم أن يحتذوه، بأن يعملوا على أداء ما افترضه الله عليهم من جهاد أعدائهم، ويعدوا لذلك أقصى ما يستطيعون من العدة، وفي الوقت نفسه لا يتركون الحذر من عدوهم، ولا يغفلون عن أسلحتهم ودروعهم التي تقيهم -بإذن الله- أذى عدوهم، وهم في ذلك كله متوكلون على ربهم، مؤمنون بأن كل شيء يجري بمقاديره.
فالمجاهد في سبيل الله يأخذ حذره من كل مكائد أعدائه، سواء منها التي تستهدف بدنه بالقتل أو الأسر أو النفي، أو التي تستهدف قلبه بزرع الشبهات، وإثارة الشهوات، وتسعى من ذلك كله إلى تثبيطه عن الجهاد إن عجزت عن تعبيده للطواغيت أسوة بأغلب من يعيش تحت حكمهم، ويقتات من فتات موائدهم.
ولا ينعزل تأمين الاعتقاد والتصور في هذا الجانب عن غيره من الجوانب التي يسعى المجاهد إلى تأمينها ووقايتها من مكائد أعدائه وشرورهم، فإن مكَّنه الله من النجاة من فخ التثبيط، ودرس بعناية خطط أعدائه وأساليبهم، وعمل على إعداد أقصى ما يستطيع من وسائل الوقاية منها، وتوكل في ذلك كله على ربه، فإن النجاح حليفه والظفر طريقه، بإذن الله، وليكن دليل كل فرد من المجاهدين في هذا الشأن حال أسلافه من الموحدين: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173 - 174].
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 128
الخميس 3 شعبان 1439 هـ ...المزيد
صحيفة النبأ مقال: الفتن والابتلاءات (3) الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، والصلاة ...
صحيفة النبأ مقال: الفتن والابتلاءات (3)
الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، والصلاة والسلام على رسوله قدوة المؤمنين في طاعة العزيز المجيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد...
فإنه لما كانت حكمة الله مِن خلق عباده أن يبتليهم ليُظهر الصالح من الفاسد، والمصلح من المفسد فإن الله تعالى شاء -وهو الحكيم العليم- أن يأمر عباده بأنواع من العبادات القلبية والبدنية والمالية، وأمرهم -سبحانه- بأن يَأتوا الحلال وينصرفوا عن الحرام، بل وحتى ما يشتبه عليهم، فالرشاد في أن يتركوه حتى يتبين لهم وجهه فيقدموا عليه أو يذروه على بيِّنة من أمرهم.
وأوجب الله على عباده أن يتقوه في معاملتهم لبعضهم البعض، وجعل لمعاملاتهم أحكاماً وحدوداً لتحفظ حقوقهم وتمنع العدوان عليهم.
• الابتلاء بأنواع العبادات:
قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 1 - 2]، أي ليختبركم بالأعمال التي يأمركم بها، والأوامر نوعان: أمر بالفعل وأمر بالترك.
وإذا نظرت إلى أركان الإسلام وجدتها تجمع بين أقوال القلوب وأعمالها وقول اللسان وعمل الجوارح، فالشهادتان لا يقبلهما الله إلا ممن يعلم معناهما ويوقن بهما، ويشهد بلسانه على ما في قلبه من إيمان بهما، مع القبول والإذعان لما دلَّتا عليه والانقياد لأوامر الله بالفعل أو بالترك واجتناب ما ينقض الشهادتين من قول أو عمل أو اعتقاد.
والصلاة هي حق البدن تصححها النية الخالصة لله، ويَعظم أجرُ المصلي باستشعاره عظمة الله، وأن يصلي لربه خائفاً طامعاً محباً مستحيياً من ربه لتقصيره في طاعة الله وجرأته على معصية الله، ويؤدي صلاته متَّبعاً هدي نبيه -صلى الله عليه وسلم- في أركانها وواجباتها ومستحباتها، فيجاهد نفسه في تأديتها على أحسن وجه.
ثم الزكاة وهي حق المال، عبادة قلبية مالية، يؤديها المزكي راجياً ثواب الله خائفاً من أن يقصر فيها متحرياً مَن يستحقونها.
والصوم عبادة قلبية بدنية من نوع مختلف أيضاً، فهي إمساك عن أفعال معينة في وقت النهار شهراً كاملاً.
ثم الحج الجامع لهجر الدار -وربما الأهل أيضاً- مع النية الخالصة، وهو جامع أيضاً للعبادة البدنية والمالية، وتذكر الاقتداء بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء بخليل الله إبراهيم -عليه السلام- مع تعظيم شعائر الله وذبح الهدي ابتغاء رضوان الله.
• مرتبة الإيمان:
أمرنا الله -تعالى- بالإيمان وهو التصديق والإقرار المقترن بالقبول والإذعان لله -تعالى- وأوامره، ومنه ما هو إيمان بالغيب ومنه ما هو إيمان بالشهادة، والإيمان قول وعمل، والقول قول القلب وقول اللسان، والعمل عمل القلب وعمل الجوارح، والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بنقص الطاعات وبفعل المعاصي.
رُوي عن الحسن البصري -رحمه الله- أنه قال: "إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني وإنما الإيمان ما وقر في القلب وصدَّقه العمل".
• مرتبة الإحسان:
ثم إن المؤمن الموفَّق يرتقي إلى درجة الإحسان بأن يجاهد نفسه حتى يعبد الله كأنه يراه، وهي المرتبة العليا من الإحسان، تليها المرتبة الأخرى منه، وهي أن يعبد الله -تعالى- مستحضراً مستشعراً أن الله -تعالى- يراه، فيخشع لربه ويتقن طاعته ويقوى يقينه وإخلاصه، وقد وعد الله -تعالى- عباده الذين يجاهدون فيه أن يهديهم سُبُلَه الموصلة إليه وأن يكون معهم بتوفيقه وتأييده وعونه، فيطهرهم من المعايب ويرقيهم أعلى المراتب في دينهم ثم في آخرتهم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
• تقوى الله في المعاملات:
يحب الله -تعالى- ممن يوحدونه أن يحسنوا إلى عباده، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 89]، فإن لم يحسن إليهم فليعدل معهم، فالله -تعالى- أوجب العدل في معاملة الناس، وحرم البغي. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]، وقال نبينا -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) [رواه مسلم]• بالاحتساب تؤجر على فعل المباحات:
وإذا عمل المسلم المباحات بنية صالحة فإنه يؤجر عليها، كما قال معاذ -رضي الله عنه- لما سأله أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه: كيف تقرأ القرآن؟ فأجابه: "أمَّا أنا: فأنام، ثم أقوم فأقرأ، فأحْتَسِبُ في نومتي ما أحْتَسِبُ في قَومتي" [رواه الشيخان].
ولقد تعجب الصحابة -رضي الله عنهم- كيف يأتي الإنسان شهوته الحلال ويكون له فيها أجر، فأجابهم النبي، صلى الله عليه وسلم: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي الْحَرَامِ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهِ وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) [رواه مسلم].
• ﴿حُفت الجنة بالمكاره﴾
طريق الجنة محفوف بالمكاره، أي الواجبات التي تثقل على النفس ولا تُقبل عليها أول الأمر، كما في التطهر بالغسل والوضوء أيام الشتاء، وكما في الاستيقاظ لصلاة الفجر لأدائها في وقتها جماعة، وكما في إنفاق الأموال رغم حب الإنسان لها، قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]، ومن أعظم المكاره الهجرة والجهاد في سبيل الله وتحمل ما يلقى في طريقهما من فتن وابتلاءات ومحن ومصائب، ولا نغفل عن أن الله -تعالى- يعين المؤمن ويحبب إليه هذه الطاعات حتى إنه لا يجد بعد ذلك راحته ولا أنسه إلا بها، وكم يفتح الله من بركات الدين والدنيا والآخرة بالهجرة والرباط والجهاد.
وربما كانت هذه الأمور العظام فتنة للذين في قلوبهم مرض فيرتدون على أعقابهم، ويشُكُّون في صحة طريقهم إذا طال وقت الجهاد وكثرت الابتلاءات دون حصول النصر المأمول، {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12] ويظن بعضهم بالله ظنَّ الجاهلية وأن الله لن ينصر دينه وأولياءه، قال تعالى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154].
• ﴿وحفت النار بالشهوات﴾
جعل الله -تعالى- في فطر عباده الميل إلى شهوة النساء والأبناء والذهب والفضة والمركوب الفاخر والأنعام التي يأكلون منها والمزارع التي فيها من كل زوج مبهج للنفس، فيحب الله من العبد أن يكون همه الأكبر طلب الآخرة، وأن يقدم رضا الله -تعالى- على شهواته إذا تعارضا، وأن لا يتجاوز الحلال إلى الحرام من هذه الشهوات، قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران: 14]، ثم رغَّبهم -تعالى- في أن يكون أكبر همهم وأكثر سعيهم للحياة الآخرة الباقية: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 15].
ومن ابتلاء الله لعباده أن منعهم من بعض ما يشتهون، فإذا اقتحموا الشهوات المحرمة عرضوا أنفسهم لسخط الله وعقابه، ومن هذه العقوبات ما هو في الدنيا ومنها ما يكون في الآخرة، نسأل الله العافية في ديننا ودنيانا، وجعلنا الله ممن يصبر ويصابر حتى نلقى ربنا وهو راض عنَّا غير غضبان.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 128
الخميس 3 شعبان 1439 هـ ...المزيد
الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، والصلاة والسلام على رسوله قدوة المؤمنين في طاعة العزيز المجيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد...
فإنه لما كانت حكمة الله مِن خلق عباده أن يبتليهم ليُظهر الصالح من الفاسد، والمصلح من المفسد فإن الله تعالى شاء -وهو الحكيم العليم- أن يأمر عباده بأنواع من العبادات القلبية والبدنية والمالية، وأمرهم -سبحانه- بأن يَأتوا الحلال وينصرفوا عن الحرام، بل وحتى ما يشتبه عليهم، فالرشاد في أن يتركوه حتى يتبين لهم وجهه فيقدموا عليه أو يذروه على بيِّنة من أمرهم.
وأوجب الله على عباده أن يتقوه في معاملتهم لبعضهم البعض، وجعل لمعاملاتهم أحكاماً وحدوداً لتحفظ حقوقهم وتمنع العدوان عليهم.
• الابتلاء بأنواع العبادات:
قال تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 1 - 2]، أي ليختبركم بالأعمال التي يأمركم بها، والأوامر نوعان: أمر بالفعل وأمر بالترك.
وإذا نظرت إلى أركان الإسلام وجدتها تجمع بين أقوال القلوب وأعمالها وقول اللسان وعمل الجوارح، فالشهادتان لا يقبلهما الله إلا ممن يعلم معناهما ويوقن بهما، ويشهد بلسانه على ما في قلبه من إيمان بهما، مع القبول والإذعان لما دلَّتا عليه والانقياد لأوامر الله بالفعل أو بالترك واجتناب ما ينقض الشهادتين من قول أو عمل أو اعتقاد.
والصلاة هي حق البدن تصححها النية الخالصة لله، ويَعظم أجرُ المصلي باستشعاره عظمة الله، وأن يصلي لربه خائفاً طامعاً محباً مستحيياً من ربه لتقصيره في طاعة الله وجرأته على معصية الله، ويؤدي صلاته متَّبعاً هدي نبيه -صلى الله عليه وسلم- في أركانها وواجباتها ومستحباتها، فيجاهد نفسه في تأديتها على أحسن وجه.
ثم الزكاة وهي حق المال، عبادة قلبية مالية، يؤديها المزكي راجياً ثواب الله خائفاً من أن يقصر فيها متحرياً مَن يستحقونها.
والصوم عبادة قلبية بدنية من نوع مختلف أيضاً، فهي إمساك عن أفعال معينة في وقت النهار شهراً كاملاً.
ثم الحج الجامع لهجر الدار -وربما الأهل أيضاً- مع النية الخالصة، وهو جامع أيضاً للعبادة البدنية والمالية، وتذكر الاقتداء بنبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- والاقتداء بخليل الله إبراهيم -عليه السلام- مع تعظيم شعائر الله وذبح الهدي ابتغاء رضوان الله.
• مرتبة الإيمان:
أمرنا الله -تعالى- بالإيمان وهو التصديق والإقرار المقترن بالقبول والإذعان لله -تعالى- وأوامره، ومنه ما هو إيمان بالغيب ومنه ما هو إيمان بالشهادة، والإيمان قول وعمل، والقول قول القلب وقول اللسان، والعمل عمل القلب وعمل الجوارح، والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بنقص الطاعات وبفعل المعاصي.
رُوي عن الحسن البصري -رحمه الله- أنه قال: "إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني وإنما الإيمان ما وقر في القلب وصدَّقه العمل".
• مرتبة الإحسان:
ثم إن المؤمن الموفَّق يرتقي إلى درجة الإحسان بأن يجاهد نفسه حتى يعبد الله كأنه يراه، وهي المرتبة العليا من الإحسان، تليها المرتبة الأخرى منه، وهي أن يعبد الله -تعالى- مستحضراً مستشعراً أن الله -تعالى- يراه، فيخشع لربه ويتقن طاعته ويقوى يقينه وإخلاصه، وقد وعد الله -تعالى- عباده الذين يجاهدون فيه أن يهديهم سُبُلَه الموصلة إليه وأن يكون معهم بتوفيقه وتأييده وعونه، فيطهرهم من المعايب ويرقيهم أعلى المراتب في دينهم ثم في آخرتهم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: 69].
• تقوى الله في المعاملات:
يحب الله -تعالى- ممن يوحدونه أن يحسنوا إلى عباده، قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 89]، فإن لم يحسن إليهم فليعدل معهم، فالله -تعالى- أوجب العدل في معاملة الناس، وحرم البغي. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]، وقال نبينا -صلى الله عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى: (يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا) [رواه مسلم]• بالاحتساب تؤجر على فعل المباحات:
وإذا عمل المسلم المباحات بنية صالحة فإنه يؤجر عليها، كما قال معاذ -رضي الله عنه- لما سأله أبو موسى الأشعري، رضي الله عنه: كيف تقرأ القرآن؟ فأجابه: "أمَّا أنا: فأنام، ثم أقوم فأقرأ، فأحْتَسِبُ في نومتي ما أحْتَسِبُ في قَومتي" [رواه الشيخان].
ولقد تعجب الصحابة -رضي الله عنهم- كيف يأتي الإنسان شهوته الحلال ويكون له فيها أجر، فأجابهم النبي، صلى الله عليه وسلم: (أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي الْحَرَامِ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهِ وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ) [رواه مسلم].
• ﴿حُفت الجنة بالمكاره﴾
طريق الجنة محفوف بالمكاره، أي الواجبات التي تثقل على النفس ولا تُقبل عليها أول الأمر، كما في التطهر بالغسل والوضوء أيام الشتاء، وكما في الاستيقاظ لصلاة الفجر لأدائها في وقتها جماعة، وكما في إنفاق الأموال رغم حب الإنسان لها، قال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]، ومن أعظم المكاره الهجرة والجهاد في سبيل الله وتحمل ما يلقى في طريقهما من فتن وابتلاءات ومحن ومصائب، ولا نغفل عن أن الله -تعالى- يعين المؤمن ويحبب إليه هذه الطاعات حتى إنه لا يجد بعد ذلك راحته ولا أنسه إلا بها، وكم يفتح الله من بركات الدين والدنيا والآخرة بالهجرة والرباط والجهاد.
وربما كانت هذه الأمور العظام فتنة للذين في قلوبهم مرض فيرتدون على أعقابهم، ويشُكُّون في صحة طريقهم إذا طال وقت الجهاد وكثرت الابتلاءات دون حصول النصر المأمول، {وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 12] ويظن بعضهم بالله ظنَّ الجاهلية وأن الله لن ينصر دينه وأولياءه، قال تعالى: {وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} [آل عمران: 154].
• ﴿وحفت النار بالشهوات﴾
جعل الله -تعالى- في فطر عباده الميل إلى شهوة النساء والأبناء والذهب والفضة والمركوب الفاخر والأنعام التي يأكلون منها والمزارع التي فيها من كل زوج مبهج للنفس، فيحب الله من العبد أن يكون همه الأكبر طلب الآخرة، وأن يقدم رضا الله -تعالى- على شهواته إذا تعارضا، وأن لا يتجاوز الحلال إلى الحرام من هذه الشهوات، قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران: 14]، ثم رغَّبهم -تعالى- في أن يكون أكبر همهم وأكثر سعيهم للحياة الآخرة الباقية: {قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 15].
ومن ابتلاء الله لعباده أن منعهم من بعض ما يشتهون، فإذا اقتحموا الشهوات المحرمة عرضوا أنفسهم لسخط الله وعقابه، ومن هذه العقوبات ما هو في الدنيا ومنها ما يكون في الآخرة، نسأل الله العافية في ديننا ودنيانا، وجعلنا الله ممن يصبر ويصابر حتى نلقى ربنا وهو راض عنَّا غير غضبان.
• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 128
الخميس 3 شعبان 1439 هـ ...المزيد
معلومات
المواد المحفوظة 480
- رسوب طالبان في اختبار التوحيد ومن جملة إخفاقات الإمارة في ترقيع حربها على التوحيد، أنها جمعته في ...
- نهاية صحوات الشام لا تزال الطوائف المرتدة الممتنعة عن تحكيم شرع الله -تعالى- تنحدر أكثر في مهاوي ...
- لا إله إلا الله قول وعمل قال الشيخ محمد بن عبد الوهّاب، رحمه الله: اعلم رحمك الله تعالى، أن لا ...
- من لم يعمل بعلمه جاهل وفي الكلام المعروف عن الحسن البصري ويروى مرسلاً عن النبي، صلى الله عليه ...
- أحلام الجولاني المفتون بالحكم في الوقت الراهن تتجاذب دوائر صنع القرار اليهودي طريقتين للتعامل مع ...