مقال: أليس فيكم عُمَرٌ جديد؟! "هذا نداءٌ لجميع المهاجرين ممَّن لم يلتحقوا بصفوف الدولة ...

مقال: أليس فيكم عُمَرٌ جديد؟!


"هذا نداءٌ لجميع المهاجرين ممَّن لم يلتحقوا بصفوف الدولة الإسلامية في الشام: خذوا حذركم! فإنَّ الصحوات لايفرِّقون بين مهاجرٍ ومهاجر، وأنْ تلحقوا بصفوف الدولة خيرٌ لكم، ولا تظنوا أنَّ انتمائكم لفصيل يكفّهم عنكم…".

بهذه الكلمات دقَّ الشيخ العدناني -تقبله الله تعالى- ناقوس الخطر قبل نحو ثماني سنوات لدى "المهاجرين" في الشام محذّرا إياهم من الحرب التي ستوجّه إليهم والمؤامرة التي ستستهدفهم من قِبل فصائل الصحوات طال الزمان أو قصر، وأن هذه الفصائل المرتدة وإنْ غضّت الطرف عنهم لبعض الوقت فإنها ستقاتلهم لا محالة.

بل كان خطاب الشيخ العدناني أكثر عمقا وفراسة حين قال لجموع المهاجرين -آنذاك-: "لا تظنوا أنَّ انتمائكم لفصيل يكفّهم عنكم" وهو الخطأ الذي توهّمه كثير من هؤلاء المقاتلين الذين ظنوا أنّ عملهم تحت غطاء هذه الفصائل المرتدة سيوفّر لهم الحماية أو يستثنيهم من الملاحقة! فلم ينفعهم ذلك وتم التضييق عليهم ومحاربتهم داخل هذه الفصائل حتى اضطروا للانشقاق عنها وصاروا ملاحقين محاربين في كل مكان من قبل ميليشيا الجولاني المرتد وأتباعه من الشراذم والطغام الذين يخطبون ودَّه بغضب الله تعالى! تماما كما يفعل هو مع طواغيت المنطقة وأجهزة مخابراتها المرتدة.

وعلى إثر التضييق والملاحقة اضطر كثير من المقاتلين الأجانب إلى تشكيل مجموعات باتت تُعرف ب"المستقلين" تضمُّ الفارين من ظلم وبطش ميليشيا الجولاني والفصائل التابعة له، ظنًا منهم أن هذا "الاستقلال الموهوم" سيحميهم من الاستهداف والملاحقة، ولم يدرك هؤلاء المقاتلون أن سبب ملاحقتهم هو مجرد بقائهم على أرض الشام حتى لو لم يقاتلوا النظام؛ لأنّ كل الحلول السياسية المطروحة تشترط إخراجهم من الشام وإعادتهم لبلادهم طوعا أو كرها!، ولذلك كان مصيرهم في السنوات الأخيرة إما أسرى في سجون الجولاني أو جثثا هامدة في شوارع إدلب، ومَن نجا منهم تلقّفته الطائرات المسيّرة لتكمل الدور الذي عجز عنه الجولاني وجنوده!، ومن ينجُ مِن كل ذلك يصبح مطاردا في الغابات والأحراج ينتظر مصيره في أي حملة "جولانية" أو نصيرية قادمة!

وهو ما حصل مؤخرا في الحملة الأمنية التي شنّتها ميليشيا الجولاني على مجموعات المقاتلين الأجانب في جبال التركمان ومحيطها، والتي جاءت تنفيذا للإملاءات الخارجية بهدف تعبيد الطريق أمام تنفيذ الاتفاقيات التركية الروسية، حيث يرى كل من الروس والأتراك ومعهم الصحوات، أن بقاء هذه المجموعات الخارجة عن "الإجماع التركي" يشكّل عائقا أمام إتمام الاتفاقيات، وبالتالي كان الحل بالنسبة إلى مخابرات هذه الدول؛ انتداب الجولاني مرة أخرى ليتولى كبر حملة عسكرية جديدة تستهدف مناطق المقاتلين الأجانب، وسبق ذلك حملة إعلامية عبر اتهامهم بارتكاب "جرائم خطف وقتل وسرقة"، ووصمهم بالخارجية والتكفير وغيرها من التهم الجاهزة التي اتهموا بها الدولة الإسلامية وصدّقهم كثير من هؤلاء المقاتلين حينها!، واليوم يُتهمون بنفس التهم من نفس الجهة التي أيّدوها وأقرّوها على ظلمها! فإذا بهم اليوم يكتوون بنارها، فتأمل.

ولو تفكّر المقاتلون الأجانب ما يعنيه أن تستخدم ميليشيا الجولاني "تهمة" الانتماء للدولة الإسلامية، في شرعنة قتالهم والتأليب عليهم، لعلموا أنّ الحق مع هذه الدولة الإسلامية، فإن ذلك يعني استجلاب وحشد الدعم الدولي والإقليمي في قتالهم، فقتال الدولة الإسلامية هدف مشترك لكل طواغيت الغرب والشرق! فهلّا تتبَّع المقاتلون الأجانب سهام أهل الباطل ليهتدوا بها إلى أهل الحق، ويميزوا الخبيث من الطيب؟!

وبعد سنوات طويلة من القتال في الشام لم يفقه المقاتلون الأجانب حقيقة الصراع بعد، وما زالوا يصمّون آذانهم وأعينهم عن الحق! ويحاولون الوقوف في منطقة رمادية بين الحق والباطل! وما علموا أن "الرمادية" صورة أخرى من صور الباطل!، كما أنهم يرفضون الاعتراف بصحة طريق الدولة الإسلامية ودقة تحذيراتها وصدق نصائحها التي بذلتها لهم منذ أول يوم لهم في الشام، ولكنهم لا يحبون الناصحين!وما يزال المقاتلون الأجانب يدفعون ثمن تنكّبهم سبيل الرشاد وتأخرهم عن اللحاق بركب الخلافة والاجتماع تحت إمام واحد يأمرهم بالتوحيد وينهاهم عن الشرك، ليعيشوا في ظل الدولة الإسلامية أعزة كرماء يقاتلون الطاغوت وجنده أيًّا كان اسمه ورسمه بدلا مِن سرابية قتال النظام النصيري وحده وهم يرون كيف أصبح كثير من الفصائل المرتدة سدا منيعا أمام قتال النظام المرتد! وقد جرّب هؤلاء المقاتلون كيف منعتهم ميليشيا الجولاني بالقوة من قتال النظام النصيري، بل كيف سلمته كثيرا من المناطق تطبيقا لاتفاقيات الخيانة! فكيف يكون الحلّ إذا في قتال النظام النصيري وترك "هياكل" الأنظمة المرتدة الأخرى التي تسرح وتمرح في إدلب ومحيطها؟!

لقد كانت اللمسة المخابراتية واضحة بتصوير وإخراج "قادة المقاتلين الأجانب" بصورة ذليلة بنفس الصورة التي تُخرج بها الحكوماتُ "قادة العصابات والمجرمين!" وكأن القضية "جنائية"!، لكن ذلك لم يُحرّك في عقول هذه المجموعات شيئا ولم يدركوا بعد أن الحرب التي تشنها عليهم ميليشيا الجولاني المرتدة هي نفس الحرب التي يشنها عليهم النظام النصيري المرتد ومخابرات الردة، وما يزال هؤلاء يفرّقون بين قتال طاغوت وآخر! وبين قتال مرتد وآخر!.

وليعلم المقاتلون الأجانب أن حرب ميليشيا الجولاني وأحزابه عليهم لن تتوقف حتى يتم استئصالهم، لأنهم يرونهم "عقبة" في وجه مشاريع التسوية والحلول التي تطرح في المنطقة، فمن سكتوا عنه بالأمس حاربوه اليوم، ومن سيتركونه اليوم لن يتركوه غدا، والسعيد مَن وعظ بغيره.

فيا أيها المقاتلون الأجانب في أرض الشام نكرر لكم نصح ودعوة قادة الدولة الإسلامية ومشايخها وقد صدقوكم: إنّ نجاتكم في اللحاق بركب الدولة الإسلامية وبيعتها والانضواء تحت رايتها والتوبة والبراءة من الرايات العمية التي فارقتمونا لأجلها بالأمس فإذا بها تقاتلكم اليوم بنفس الذرائع والمبررات التي أطلقوها بالأمس.

يا أيها المقاتلون الأجانب -على اختلاف مسمياتكم ودولكم-، لوذوا بالدولة الإسلامية وجنودها الذين ثبتوا على دينهم وعقيدتهم فلم يغيروا ولم يبدلوا واستمروا في قتال النظام النصيري وقتال من يحول دون قتاله من الميليشيات والفصائل المرتدة التي تقاتلكم الآن إرضاء لطواغيت تركيا وروسيا.

يا أيها المقاتلون الأجانب أليس بينكم عُمَرٌ جديد؟! أليس فيكم رجل رشيد يقتدي بالأخيار منكم الذين سبقوكم إلى بيعة الدولة الإسلامية بعد أن أنار الله بصيرتهم فهداهم إلى الحق بفضله، فدونكم بوادي الإيمان وأرياف الخير والبركة فانفروا إليها ففيها الخير والبركة، وإنّ فيها رجالا نحسبهم صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فتوبوا من تخلّفكم عن البيعة والاجتماع وانفروا إلى بقاع الولاء والبراء والاتّباع، قبل أن تُفنيكم مؤامرات الضباع، ولات حين مندم والرائد لا يكذب أهله.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 310
الخميس 21 ربيع الأول 1443 هـ
...المزيد

صحيفة النبأ العدد 309 - قصة شهيد أبو الزبير المهاجر -تقبله الله تعالى- دعوة.. وإعلام.. ...

صحيفة النبأ العدد 309 - قصة شهيد


أبو الزبير المهاجر -تقبله الله تعالى-
دعوة.. وإعلام.. وجهاد..

عندما يدخل القرآنُ أعماق النفوس ويخالط بشاشة القلوب يصنع رجالا لا يشبههم الرجال، إذْ يقودهم القرآن فينقادون ويأمرهم فيأتمرون، فيكونون منارات هدى وأشرعة رشاد، تلوح أعلامهم ويرتفع شأنهم، يدلون السالكين ويهدون التائهين، ويضعون اللبنات الصلبة لصرح متين، يُرفع المجد على أكتافهم ويُرسم العز بدمائهم، ذكّارين شكّارين، أوّاهين خاشعين، رؤياهم ترفع الهمم وذكراهم تزيل الوَهَن، وقَفْوُ آثارِهم يوصل القمم.

ومن أمثال هؤلاء -نحسبهم والله حسيبهم- الفارس الهزبر أبو الزبير المهاجر تقبله الله الذي سما بخلقه حين تخلّق بأخلاق القرآن، ممتثلا أمره، وقّافا عند نهيه لا يتعدى حده، الصوّام القوّام، القارئ لكتاب الله القانت بآياته، العفيف الحيي، الصابر الحليم ذو القلب السليم والخلق العظيم، المجتهد العابد والبار المجاهد.

عبد صالح أغدق الله سبحانه وتعالى عليه صفاتا قلّ اجتماعها في أحد وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وقد شهد له بهذه الصفات وعهده عليها الثقات من إخوانه وأمرائه حتى غدت فيه طبائعَ وسجايا ملازمة له كالظل لا تفارقه، فهو الصادق في قوله المتقن لعمله الموفي بوعده، نحسبه كذلك ولا نزكيه على الله.


• نشأته وأخلاقه

أبو الزبير محمد بن علي السكتاوي الغدوي أصلا ونسبا، الكدوناوي مولدا وطلبا للعلم وسكنا، وُلد الأخ أبو الزبير في بلدة (كدونا) الواقعة في شمال وسط نيجيريا ذات الأكثرية المسلمة، في بيئة طيبة ذات خلق رفيع وصلاح في الدين، سنة ١٤١٥ هـ في حيّ (تُدُنْ وادا) وترعرع فيه حتى بلغ السابعة من عمره فسجله والداه في أحد "المعاهد الإسلامية" المنحرفة التي كانت تشرف عليها آنذاك ما يسمى بجماعة "إزالة البدعة وإقامة السنة" وهي في الحقيقة إزالة السنة وإخماد الجهاد وإقامة الديمقراطية وعلمنة المسلمين وتلويث عقائدهم، والله المستعان.

وبعد سنوات انتقلت أسرته بما فيها أبو الزبير -تقبله الله- من حيِّ (تُدُنْ وادا) إلى بلدة (رِغاسا) فواصل فيها دراسته حتى تخرّج من الدراسة الابتدائية وانتقل بعدها إلى المتوسطة والثانوية وقد كان الأخ أبو الزبير -تقبله الله- خلال نشأته متميزا بين أقرانه بسجايا حميدة وأخلاق نبيلة، كبِرّه البالغ لوالديه حيث كانت والدته تثني عليه بذلك وتدعو له بالبركة في حياته، إذ كان لا يتعدى حدها ولا يعصي أمرها في منشطه ومكرهه، وكان بشوشا رحب الصدر لمن أحسن إليه أو أساء، كثير التبسم في وجه إخوانه المسلمين لا يفرّق بين أحد منهم متواضعا لهم يوقر كبيرهم ويرحم صغيرهم حتى ألفه القريب والبعيد والكبير والصغير، وكان أبو الزبير مع هذا مترفعا عن سفاسف الأمور فلا تجده إلا في مجالس الذكر وحلق القرآن، لا في الملاهي الساذجة ولا في المراتع السخيفة، وكان مما توج حياته وكللها عفته وأمانته، كما كان كريما سخيّا كثير الصدقة فلا يفوته يوم الاثنين إلا وفطّر فيه مَن حوله من الصائمين بماله، وكان متورعا لا يأكل شيئا يشك في كونه حراما.


• طلبه للعلم

لقد هدى الله تعالى الأخ أبا الزبير إلى الرشد منذ نعومة أظفاره فلم يجعل له هما إلا تعلم أمر دينه ليعيش على بصيرة بعيدا عن دياجير الجهل وظلامه القاتم، حيث درس المرحلة الابتدائية أربع سنوات في مدرستيْ (السعادة الأبدية) و(علوم القرآن والدراسات الإسلامية)، ثم تاقت نفسه إلى حفظ كتاب الله وصار ذلك حلمه الذي لا يفارق جَنانه، فأخبر والده بذلك فنقله إلى معهد (أبي بن كعب) لتحفيظ القرآن فحفظ فيه من القرآن ما شاء الله أن يحفظ وتعلم من التجويد ما تيسر، ثم انتقل إلى معهد (التجديد) للتحفيظ والدراسات الإسلامية مع سائر أشقائه، وانتقل لاحقا إلى مدرسة (الإيمان) التي ينتسب مشايخها إلى دعوة الشيخ محمد بن يوسف البرناوي -مؤسس جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد والتي بايعت الخلافة عام 1436 هـ- فكانت تلك المدرسة خطوة أولى في طريقه إلى نصرة دينه بالنفس والمال، ومن ثَمّ أكمل دراسته ووفّقه الله تعالى لتحقيق حلمه وأسمى مُناه آنذاك في العام الذي أعلنت فيه دولة الخلافة، وهو حفظ كتاب الله، فكان أول مَن جمع القرآن في صدره في تلك المدرسة من بين مئات الطلاب، ولقد كان سديد الرأي حادّ الحافظة قوي الذاكرة قلّما يلحن في القراءة، فأصبح بذلك متفوّقا على أقرانه في هذا الباب، فلا مسابقة تشجيعية تقام في المدرسة إلا كان الفائز فيها، فذاع باعه وعلا صيته حتى سمع به بعض الأساتذة الضُلّال فأرادوا أن يستغلوه لقضاء أوطارهم وبلوغ مآربهم فشرعوا في ترويضه ليكون نجمهم في المسابقات فلم يُوافقهم ولم يخضع لرغبتهم رغم إلحاحهم المتواصل، بل كلما عرضوا له، ردّهم خائبين وردد تلك الكلمة التي كان صادقا في قولها: "لا أشتري بآيات الله ثمنا قليلا، ولا أبيع هذا القرآن بعرضٍ من الدنيا قليل".كما درس في هذه المدرسة أيضا؛ البيقونية وشرحها في مصطلح الحديث، والقواعد الفقهية، وشيئا من التفسير وقواعده، والفقه وأصوله، وقرأ كذلك السيرة النبوية.


• مِن العابدين

لقد جعل الله سبحانه وتعالى هوى هذا الأخ في قراءة كتابه سبحانه، حتى وفقه الله لحفظه رغم العوائق التي كانت حوله، حيث كانت لديه تجارة يشتغل بها، ويدرس في مدرستين في بلدة (كادونا) يُحَفّظ الأشبال كتاب الله حتى أتمه بعضُهم على يديه.

ولم يكن أبو الزبير ممن حفظ القرآن حفظا بغير عمل، بل كان يعطيه حقه ويكثر تلاوته حتى ذُكر عنه أنه كان يختم القرآن في رمضان في يوم وليلة، وكان لا يفارق مصحفه جيبه، محافظا على ورده، كثير السهر قوّاما يناجي ربه في جنح الليالي يتخشّع بين يديه ويبكي، ولا ينام عن ورده في حضر كان أو في سفر، قال عنه أحد إخوانه: "ما رأيت أبا الزبير يوما نام عن وِرده أو تكاسل عن أدائه مهما كان شغله في حِلٍ كان أو ترحال"، لذا كانت الوضاءة ملازمة لوجهه، لحظّه الوافر من المناجاة، كما كان يؤم الناس في أحد مساجد حيِّه ويؤمهم في صلاتي التراويح والتهجد كل رمضان؛ لإتقانه قراءة القرآن وحسن صوته، وكان في غير رمضان يقرأ في قيامه عشرين جزءا في بعض الليالي إذا كان منفردا.

وهو كثير التطوع بالصيام فلا يفوته صوم يومي الاثنين والخميس وكذلك الأيام البيض في بعض الأحيان، وكان كثير الدعاء طويل التضرع به، والذكر لا يفارق لسانه، محب للنصح والمواعظ كثير الصلاة والخشوع فلا يفرغ من صلاة إلا وقد احمرت مقلتاه أو فاضتا بالدمع، ونحسب أن الصلاة كانت قرة عين لهذا العبد الصالح فقد كان يحافظ على السنن والنوافل، وكان شديد الحرص على إخفاء عمله، وقد وهبه الله سبحانه وتعالى الجرأة في الحق فلا يرى منكرا يقدر على تغييره إلا غيّره، ولا معروفا يُستهان به إلا ذكّر الناس به.


• لا يشغله عن ذكر الله شيء

تعلق قلب أبي الزبير بالمساجد منذ صباه فكانت لا تفوته جماعة ولا جمعة إلا من عذر لا محيد عنه، فكان دائما مشتغلا بربه، وحينما فتح له والده "دكّانا" وأعطاه كامل التصرف فيه، لم تلهه التجارة والمال عن عبادته ، حيث كان يغلقه متى ما اقترب وقت الصلاة ليذهب وينتظر الصلاة وهو الإمام، وفي بعض الأيام يشتغل بطلب العلم و يظل "الدكان" مغلقا وليس له نائب ينوب منابه في غيبته، بل وزاد على مقدار ما كان عليه قبل "الدكان" من الطاعات وجعل من ذلك المال ثمنا يشتري به الجنة حيث كان يعين به من أراد الهجرة والنفير إلى دار الإسلام، ويفطّر منه الصائمين ويتصدق على الفقراء والمحتاجين، ولمّا جاء دوره للهجرة ترك ذلك الغنى وبحبوحة العيش التي هي غاية البطَّالين، فخلّفها وراءه مقبلا إلى حياة فيها سعادة الدارين، ولذة وطمأنينة لا يعلمها إلا من كان فيها، والتي هي أرِب كل لبيب عالي الهمة.


• ثمارٌ بعد تربية حسنة

لقد صارت تلك المدرسة التي التحق بها أبو الزبير منهلا صافيا وموردا نقيا له ولرفقائه والتي كانت تعلم الجيل العقيدة الصحيحة ومعاني الولاء والبراء والمراد بالجهاد في سبيل الله، فهنالك شرَع أبو الزبير يزِن الأحداث والوقائع بميزان الشرع، وبدأت تؤسفه مآسي المسلمين هنا وهناك والمجازر التي ترتكب بحقهم في نيجيريا خاصة وفي العالم عامة، وإهانة النصارى للمسلمين -بتواطؤٍ من الحكومات الكافرة- فجعلت تتّقد في صدره روح الثأر والانتقام للمسلمين، فإذا بحادثة مقتل الشيخ محمد بن يوسف البرناوي -رحمه الله- وما حدث من تدمير مسجدهم ومركزهم ومقتل المئات وأسر أضعافهم من طلابه ظلما وعدوانا، وما تلا هذه الحادثة من استقالة مدرسة (الإيمان) التي يدرس فيها أبو الزبير، وأسْر أحد مشايخها الذي تأثر به أبو الزبير -تقبله الله-.

فالتفت يمنة ويسرة فلم يجد لنفسه جوابا وحالته هذه لو مات وسأله ربه: ماذا قدمت لنصرة المستضعفين وإعلاء كلمة الله؟ فهداه الله تعالى إلى سبيل الرشاد وهو النفير والالتحاق بركب المجاهدين، فجعل همّه هما واحدا واشتد نهمه في البحث عن أخبار المجاهدين فلا يسمع بأحد عنده أخبار المجاهدين أو مقاطعهم المرئية أو المسموعة من برامج إذاعة البيان أو كلمات المشايخ إلا لحق به غير آبه بالخطر الكامن في ذلك، إلى أن يسّر الله له الاطلاع على الشبكة العنكبوتية ففتح حسابات عدة يناصر فيها المجاهدين ويدعو الناس من خلالها إلى التوحيد، وكان ذا عزيمة وهمة في ذلك فكلما حذف له الصليبيون حسابا فتح مكانه آخر ينشط مناصرا للدولة الإسلامية حتى لُقب بين إخوانه بـ"الإعلامي" فشرع في البحث عن حسابات الإخوة الموجودين في الساحات متابعا للوضع، فأصبح يحمّل المرئيات والمسموعات الصادرة عن ديوان الإعلام المركزي للدولة الإسلامية وينشرها بين إخوانه، بل كان يُرِي والديه بعض المرئيات دعوة لهم وحرصا على هدايتهم وكانا يحذرانه من خطر إظهارها في تلك الظروف، فكان يرد عليهم أبو الزبير وينصح لهم في أدب بالغ واحترام جم.ولم يزل كذلك إلى أن التقى بأحد الإخوة الإعلاميين لولاية غرب إفريقية فنسّقا وحدّدا موعد اللقاء، وفي صبيحة يوم الثلاثاء الثاني عشر من شهر ربيع الأول سنة 1438 هـ، حمل أبو الزبير حقيبته متخفيا ولم يعلم أحد حتى والدته التي كان أبرّ الناس بها، قاصدا أرض الجهاد ومواطن الرجال ميمما نحو ولاية غرب إفريقية ليبذل أغلى ما يملك ابتغاء رضى مولاه.


• حيثما وقع نفع

الخلق الحسن كالمسك لا يستطيع حامله أن يخفي أثره، فبعد هجرة أبو الزبير إلى أرض الجهاد والتحاقه بالركب المبارك، لفتت إليه أنظار الخواص قبل العوام ونالت إعجابهم تلك الأخلاق الحسنة والخلال الطيبة التي تتجسد في معاملاته، فوضع الله له القَبول بين الجميع وأكسبه محبة وتوقيرا في نفوسهم تجاهه رغم حداثة سنه.

بدأ عمله في ديوان الإعلام وفي نفس الوقت مدرسا في معهدي الأشبال والنساء في الولاية ولم يشغله التدريس عن الإعلام، فقد كان يلحّ على أمرائه إذا علم بتجهيز غزوة أو تحرّك سرية أن يأذنوا له بالمشاركة فيها، فتم له ذلك فشارك في عدة معارك، يغطي ويوثق المشاهد ليفرح المؤمنين ويغيظ الكافرين.


• متنقلا بين دواوين الولاية

وما فتئ أبو الزبير يُظهر محاسن الدولة الإسلامية ومنهجها عبر ثغر الإعلام؛ حتى اتجه إلى ترميم وتطوير بنائها الداخلي، ومن نقل المشاهد وإبلاغ الدعوة خارج الدولة؛ إلى نشرها وتعميمها داخلها بين رعية أمير المؤمنين وجنده، إلى "ديوان الدعوة والمساجد"، حيث صال وجال في ميدان الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم الناس أمور دينهم فأجاد وأفاد فكان يتنقل بين القرى والبلدان والمساجد واعظا وناصحا وداعيا فيمشي راجلا في تنقلاته بين البلدان ولا يبالي بوجود وسيلة النقل من عدمها، وكان كثير التذكير بالآخرة وإخلاص العمل وإقامة الصلوات.

ومن هذا الثغر إلى "ديوان الجند" حيث نُقل إليه فكان جنديا في إحدى السرايا يخوض المعارك ويركب المخاطر، ولا يخوض معركة إلا وقد ظنّ فيها القتل، فكان يتلقى الرصاص بصدر عارٍ غير آبهٍ بالحتوف.
كما كان يدرس الإخوة في مركزه من صلاة الفجر إلى الساعة العاشرة صباحا يوميا تقبله الله.

ثم نقُل بعد ذلك إلى "ديوان الأمن" فعمل كاتبا في الديوان وكان لا يداهن ولا يساوم شديدا على المنافقين والمرجفين غير محاب أحدا، وأثناء عمله في هذه الدواوين كان يتميز بسمع وطاعة كبيرة لأمرائه، لا يبالي أيَّا كان أميره بل يوفيه حقه فلا يعمل في ديوان إلا وقد أُثني عليه بالسمع والطاعة وحسن العشرة.• علت به همته

المحبة والصيت الحسن لدى خاصة القوم هي ما يأمله طالب الدنيا ضعيف الهمة، لكن أبو الزبير لم يغترّ بتلك المكانة التي حظي بها بين إخوانه وأمرائه عن أسمى أمانيه، وهي الشوق إلى لقاء الله وطلب لذة النظر إلى وجهه! فكان كثير الحديث عن الشهادة والعمليات الانغماسية وكان يخاف من طول العمر شوقا إلى ربه وخوفا من فتنة الزيغ والانتكاسة، حتى كان يردد دائما في كلامه: "لا أطال الله عمري، فإني أخاف على نفسي الفتنة فكثير ممن عُمّر انتكس".

هذا الهاجس لم يكن مجرد كلام يتغنى بها ليطيب به أسماع رفاقه، بل هو من أعماقه وسويداء قلبه نحسبه، فلقد دوّن اسمه في عملية انغماسية منذ أن كان في "ديوان الدعوة والمساجد" ولم يخبر بذلك إلا أحد رفقائه وإخوته الذين كانوا معه قبل هجرته ولم يخبره إلا تحريضا له على العملية وحبه لأخيه ما يحب لنفسه حتى ينال أجره وأجر أخيه، فلقد كانوا يتسابقون إلى الخيرات ويحرّض بعضهم بعضا على ذلك.

ومع حرص أبي الزبير على ذلك الطموح، إلا أنه لم يشأ الله له التنفيذ آنذاك لرد الأمراء له وأمره بتأجيل العملية إلى حين، فسمع وأطاع وهو على أحر من الجمر على حلول الموعد وقلبه يتلهف توقا واشتياقا، لم تُنسه أنشطته الدعوية ولا مهامه التعليمية والعسكرية أسمى أمانيه حيث كان يلحّ على مسؤول المتفجرات أن يعطيه حزاما يتحزّمه أينما يحل حذرا من الاستئسار، ولكي ينفذ عمليته متى ما رأى الهدف في غزوة من الغزوات، ولكنه كلما طلب منه ذلك ردّه إخوانه فيرجع صابرا محتسبا ملحّا في الدعاء.


• مسك الختام

القلوب المؤمنة تجد ارتياحها تحت ظلال السيوف وبريق الرصاص وهدير الراجمات ودوي القذائف والطائرات في سبيل الله، عاش أبو الزبير آخذا بعنان فرسه يبتغي القتل مظانه لا يسمع بغزوة إلا طلب المشاركة فيها ولا جبهة مشتعلة إلا رام الانتقال إليها، لذا كان شديد الرغبة في الانتقال إلى منطقة (الفاروق) كونها أشد الجبهات اشتعالا آنذاك، ففي يوم من الأيام سمع بتحرك موكب إلى منطقة (الفاروق) فألح على إخوانه حتى سجلوه في قائمة الإخوة المتحركين إلى هناك، فبعد وصولهم وإكمال مهمتهم، عادوا راجعين فكمِن لهم المرتدون على الطريق الرئيس الرابط بين (ميدوغوري) و(دماتورو)، فهنالك انتهى المطاف بحامل القرآن ليثبت بالفعال ما ردده مرارا في جوف الليل من آيات، وليقول لإخوانه من أهل القرآن: هكذا فلتزينوا القرآن بالفعال، فأصيب بطلقات في رأسه ويده، وبعد سحبه من موقع الكمين ضُمدت جراحه رجاء شفائه، ولكن تلك الجراح كانت مسك الختام، فقد أسلم الروح لباريها ليلقاه شهيدا -كما نحسبه- تاركا خلفه الدنيا وهمومها إلى جوار ملك كريم سبحانه بعد حياة حافلة بالجهاد والدعوة والعبادة، فرحمه الله تعالى رحمة واسعة وألحقنا به غير مبدلين.



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 309
الخميس 14 ربيع الأول 1443 هـ
...المزيد

مقال: من مقاصد الجهاد فيما شرع الله سبحانه من الشرائع والعبادات حكمٌ كثيرة بعضها يعلمها ...

مقال: من مقاصد الجهاد


فيما شرع الله سبحانه من الشرائع والعبادات حكمٌ كثيرة بعضها يعلمها الناس، وبعضها لا يعلمها إلا هو سبحانه، ولو أدركها العباد لأجابوا وما تأخروا عنها، وإن ظهر في بعضها المشقة لكن بمقدور العباد فعلها، وقد كانت عبادة الجهاد في سبيل الله تعالى من تلك العبادات التي لا يعلم كثير من الناس خيرها، وما شرع الله الجهاد لعباده المؤمنين إلا لأنها عبادة لا يقوم غيرها مقامها، ولِمَا في الجهاد من أمور لن تتحقق بدونه.

وقد اختتمت عدد من آيات الجهاد بالإشارة إلى خيرٍ غائب لو علمه الناس، قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَىٰ أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [البقر:216]، قال ابن كثير: "أي: هو أعلم بعواقب الأمور منكم، وأخبر بما فيه صلاحكم في دنياكم وأخراكم؛ فاستجيبوا له، وانقادوا لأمره، لعلكم ترشدون"، وقال تعالى: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [التوبة:41]، وقال أيضا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الصف:10-11]

وقد بيّن لنا سبحانه بعض حِكم الجهاد ليكون ذلك دافعا لنا لإجلال هذه العبادة وتأديتها وجعلها من الأولويات وعدم الحيد عنها أو التقصير فيها.

فأعظم ما يتحقق بالجهاد تميُّز المؤمنين الذين يؤمنون بالغيب مِن مدعي الإيمان ليعلم الله الصادقين من الكاذبين، ويعلم مَن يقول ويفعل ممن يقول وينكص، فإن دعوى الإيمان بالله والتزام حكمه وشريعته لا تَصْدُق حتى يُضحي الإنسان في سبيل تلك الدعوى بأعظم ما عنده من نفس أو مال؛ قال الله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ}، قال ابن كثير: "أي: مَن نيته في حمل السلاح نصرة الله ورسله، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} أي: هو قوي عزيز، ينصر من نصره من غير احتياج منه إلى الناس، وإنما شرع الجهاد ليبلو بعضكم ببعض".

وبالجهاد يظهر الدين الذي أنزله الله حقيقة؛ وذلك لأن أهل الكفر لن يرضوا عن الدين المنزل ولا عن أتباعه أن تكون لهم سيادة على الأرض وخاصة في هذا الزمان الذي صار فيه كل من استولى على الحكم عمِل جاهدا أن يعطل شيئا من شرائع الله ليرضى عنه الشرق والغرب، فإن لم يكن الجهاد فكيف إذًا ستقام الشرائع التي أمرنا الله بها؟ وكيف يظهر دين الله حقيقة؟ ولله الحكمة البالغة.

وبالجهاد يُهدى الناس إلى ما خُلقوا لأجله، فإن أئمة الكفر يحولون بين دين الله وبين العباد طمعا في مصالحهم ودنياهم، فشُرع الجهاد لقلع عروشهم ليصل دين الله إلى العباد، فكم أحيا الجهاد من أممٍ غافلة؟ كان عيشهم عيش البهائم وكأنما خلقوا عبثا، فما أيقظهم شيء كالجهاد في سبيل الله، ولنا في فتوحات المسلمين عبرة فلقد ضرب الإسلام بجرانه نحو الصين شرقا وإلى الأندلس حتى جنوب فرنسا غربا إلى أجزاء كبيرة من روسيا شمالا حتى أطراف "فينّا" إلى إفريقية جنوبا، حيث جلجل التكبير في تلك الأراضي ودُقت رقاب الكافرين حتى دخلت فئام كبيرة من الناس في عبادة الله التي خُلقوا لأجلها، وهذا مصداق قول الله تعالى: {وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَىٰ مَنْ يَشَاءُ} [التوبة:15]، وقد غلط أقوام بعمد أو بغيره فزعموا أن أكثر من دخل في الإسلام عن طريق دعوة التجار!، ومَن تأمل في الفتوحات حتى المئة الأولى من الهجرة وقد تجاوزت خيول الفاتحين الأندلس، ليعجب من ترهات أولئك المنتقصين من شأن الجهاد الذين يعتبرونه صدا عن سبيل الله وتشويها للإسلام الذي وصلنا على جماجم الفاتحين السابقين رضوان الله عليهم.وبالجهاد يُحفظ الدين من الطعن والتحريف والتعطيل، فإن البلاد إن لم تُحكم بشرع الله قام الأفّاكون فقالوا الكذب وحرّفوا شرائع الدين كتحريف الشورى إلى الديمقراطية، وتعطيل الحدود التي أنزلها الله بزعم عدم صلاحيتها لهذا الزمان!، والطعن في أحكام الله تعالى وما حكاه الشرع من أمور الغيب والاستهزاء بها، فإن تلك النفوس لن ترعوي إلا بإزهاقها وكتم أنفاسها، قال الله تعالى محرّضا عباده على قتل هؤلاء: {وَإِنْ نَّكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِّنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ} [التوبة:12]

وبالجهاد يأمن المسلم على نفسه وماله وعرضه؛ ولذلك يكثر القتل في المسلمين وتنتهك حرماتهم متى تُرِك الجهاد في سبيل الله، وهل يخفى على أحد حال المسلمين اليوم وما يسامون به من سوء العذاب؟ وفي المقابل فإن استنزاف الصليبيين وأوليائهم المرتدين بالجهاد هو الذي أوقف كثيرا من دماء المسلمين التي عمت الأرض في العقود الماضية ولنا في غرب ووسط إفريقية خير دليل، وإن في استمرار الجهاد لدفعا لما يعانيه المسلمون اليوم من قتل واضطهاد، قال تعالى: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} [البقرة:251]

وبالجهاد يفتح الله لعباده المؤمنين أبواب الرزق والنعم فتأتيهم الدنيا وهي راغمة، وإنْ تركوا الجهاد لأجل الدنيا والانشغال بالحرث والأنعام والافتتان بالوظائف والحطام؛ أصابهم الذلُّ وأهلكهم الوَهَن، وأخذ عدوُّهم ثرواتهم على أعينهم، فبلاد المسلمين هي أغنى بلاد الأرض كنوزا وسكانها أكثر الناس فقرا؛ لأن خيرات أراضيهم تُنقل إلى بلاد أعدائهم الصليبيين، وما ذاك إلا عقاب من الله جزاء ترك الجهاد، فجوزوا بالنقيض، فلما تركوا الجهاد حبّا في الدنيا أُهْلِكُوا فيها فشَقَوا ولم يحصّلوا إلا أدنى الرزق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد، سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم) [أبو داود]

وبالجهاد إذلال وخزي الكافرين الذين حادّوا الله وآذوا عباده، قال ابن كثير رحمه الله: "وقتل المؤمنين الكافرين أشد إهانة للكافرين، وأشفى لصدور المؤمنين، كما قال تعالى للمؤمنين من هذه الأمة: {قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين}، ولهذا كان قتل صناديد قريش بأيدي أعدائهم الذين ينظرون إليهم بأعين ازدرائهم، أنكى لهم وأشفى لصدور حزب الإيمان، فقتل أبي جهل في معركة القتال وحومة الوغى، أشد إهانة له من أن يموت على فراشه بقارعة أو صاعقة أو نحو ذلك". هذا وغيرها خيرات خُصت في الجهاد حُرمها الكثير وهم لا يشعرون، ويجدها المجاهدون وهم في ظل فيئها يعيشون، ولِنِعم ربهم شاكرون، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 309
الخميس 14 ربيع الأول 1443 هـ
...المزيد

مقال: فإما نُرينَّك أو نتوفينَّك مختلفةٌ هي الموازين عند الله تعالى وعند البشر، فالله تبارك ...

مقال: فإما نُرينَّك أو نتوفينَّك


مختلفةٌ هي الموازين عند الله تعالى وعند البشر، فالله تبارك وتعالى ربُّ السماوات والأرض وما بينهما، وربّ الدنيا والآخرة وهو أعلمُ بهما، أما البشر فهم خلْقٌ مِن خلقه وما أوتوا من العلم إلا قليلا، وعلى هذا فالقصور والجهل جِبِلّةٌ وأصلٌ فيهم.

ومن هذه الموازين المتباينة عند الله تعالى وعند البشر ميزان الفوز، ومع أن الله تعالى بيّن ووضّح هذا الميزان في كتابه الحكيم، لكن أكثر الناس لا يعقلون ولا يؤمنون.

فأكثر الناس اليوم يرون أن الفوز لا يكون إلا بالنصر والظفر، بينما يرون القتل دون ذلك خسارة وإخفاقا، ولذلك نسمع ونرى المنهزمين اليائسين يلمزون المجاهدين بعد مقتلهم على أيدي أعدائهم، ويتساءلون مستنكرين: ماذا استفادوا؟ وماذا حقّقوا؟ وماذا أنجزوا؟ ولأي شيء قُتلوا؟! فبئست الأقاويل أقاويل النفاق حسابات المادة.

ولقد أكّد القرآن الكريم حقيقة الفوز، لما خاطب اللهُ تعالى عباده المؤمنين بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَّوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا} [آل عمران:156]، فقد نهانا الله تعالى عن التشبّه بالمنافقين الذين اعترضوا على قضاء الله وقدره! وقالوا عن إخوانهم ممّن خرجوا للتجارة أو الغزو فقُتلوا: {لَّوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا}؛ ثم بيّن الله لنا الميزان الحقيقي الذي نزن به القتل والموت، وهو المحيي والمميت سبحانه فقال: {وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [آل عمران:157]، فالخيرية والفوز في القتل والموت في سبيل الله، وهو خير من الغنيمة التي يحصّلها الأحياء، بل خير من سائر ما يأمل أن يجمعه الجامعون من حطام الدنيا.

ثم إنّ الآجال موقوتة، فمن قُتل أو مات فهو إلى الله راجعٌ لا محالة، فلا يملك العبد توقيت وفاته، ولكنه يملك أن يختار في أي سبيل يُزهق نفسه ويُسيل دمه، أفي سبيل الله أو سبيل الطاغوت؟، سبيلان لا ثالث لهما.

وقد نزلت هذه الآية في قتلى أحد، التي قُتل فيها سبعون من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم؛ وهي خسارة كبيرة في موازين البشر اليوم، فأراد الله تعالى أن يُرشد عباده المؤمنين إلى تصحيح الموازين والمقاييس التي يقيسون ويفرّقون بها بين الفوز والخسارة، وأن يهديهم إلى كيفية التعامل مع هذه المواقف التي ستتكرر كثيرا في خضم الحرب الدائرة بين معسكري الإيمان والكفر.

كما ذكر القرآن الكريم نماذج للفوز الحقيقي وقعت في الأمم السابقة، فيها ذكرى لمن أراد أن يذكّر، ومنها قصة السحَرة الذين دعاهم فرعون ليغلبوا موسى -عليه الصلاة والسلام- فلما جاؤوا وبدأ التحدي بين الفريقين، لم يلبثوا حتى خرّوا سُجّدا لله مؤمنين، فتوعدهم فرعون بالقتل والصلب، فما رجعوا عن دينهم الحق، بل ثبتوا وقالوا: {إِنَّا إِلَىٰ رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ * وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءَتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ} [الأعراف:125-126] فقُتلوا في يومهم رضي الله عنهم، قال ابن كثير رحمه الله: "فكانوا في أول النهار سحرة، فصاروا في آخره شهداء بررة"، فهؤلاء لم يؤمنوا بالله تعالى أكثر من يوم! فما الذي استفادوه وما النصر والإنجاز الذي حققوه؟ لقد فازوا بالشهادة في سبيل الله وانتصروا حين ثبتوا على إيمانهم حتى قُتلوا جميعا، ولم يقل لهم موسى يومها إنكم أهلكتم أنفسكم باستعجالكم واستفزازكم لفرعون الطاغية، فما هذا بميزان أهل الآخرة، وليست تلك حساباتهم ولن تكون.

ومثال آخر لميزان الفوز، قصة أهل الأخدود الذين ضرب الله بهم مثلا يُتلى إلى يوم القيامة في الفوز والثبات، فهؤلاء الأبرار لم يلبثوا بين قولهم: "آمنا بربّ الغلام" وبين إحراقهم في الأخدود إلا يسيرا، وما رأوا بأعينهم هزيمة للكافرين ولا انتصارا للمؤمنين، ومع ذلك وصف الله نهايتهم بوصف لم يصفه في موضع آخر من كتابه، فقال: {ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ}، فلم يكن موتهم فوزا فحسب، بل كان فوزا كبيرا، فتأمل.

ولقد أحيت الدولة الإسلامية ورعاياها هذه المعاني السامية في هذا العصر، كما وقع في قصة أهل الباغوز والموصل وغيرهم -تقبلهم الله تعالى-، فلقد أبادتهم طائرات الروم والفرس وأحرقت جثثهم ودمرت بيوتهم، وما نقموا منهم إلا أنهم آمنوا بالله وحده وكفروا بكل طواغيت الأرض، أفلا يكون ذلك فوزا كبيرا؟ بفضله تعالى.ولا يعني ذلك أنّ الله لن يُهلك الذين كفروا وطغوا وقتلوا أولياءه، فمعاذ الله وهو الحكم العدل القوي العزيز، فقد قال تعالى بعد ذكر قصة أصحاب الأخدود: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ} [البروج:12]، وعلّق الطبري في تفسيره على هذه الآية بقوله: "هو تحذير من الله لقوم رسوله محمد صلى الله عليه وسلم، أن يُحلّ بهم من عذابه ونقمته، نظير الذي حلّ بأصحاب الأخدود على كفرهم به"، وكذلك كانت نهاية فرعون الذي قتل السحرة -لما آمنوا- وخيمة، وهلاكه آية حتى يومنا هذا.

ولكن ليس كل عباد الله مقدّرا عليهم مشاهدة ومعاينة زوال الكافرين ونهايتهم، فكثيرون يتوفاهم الله قبل ذلك، كما قال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} [غافر:77]، قال الطبري: "أي: فإما نرينك يا محمد -في حياتك- بعض الذي نعد هؤلاء المشركين من العذاب، أو نتوفينّك قبل أن يَحِلَّ ذلك بهم"، ولو كان النصر هو الفوز لما توفّاه الله تعالى حتى أراه نهاية الكافرين وسيادة المسلمين على العالم، ولو كان هو الفوز لاختار النبيُّ أن يشهد انتصار الإسلام على فارس والروم بدلا من الرفيق الأعلى.

فالجنة هي ثواب الجهاد وهي الفوز العظيم الذي ذكرته آيِ القرآن المحرِّضة على الجهاد، وما النصر إلا "خصلة أخرى في العاجل، مع ثواب الآخرة تحبونها"، كما قال الله تعالى بعد قوله: {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}، قال: {وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ}، قال ابن كثير: "أي: وأزيدكم على ذلك زيادة تحبونها نصر من الله"، فهذا ميزان الله تعالى وحكمه العدل، فإلى أي ميزان تحتكمون؟


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 306
الخميس 23 صفر 1443 هـ
...المزيد

أعياد الكفر بين البر والقسط.. والولاء والبراء ويثير هؤلاء شبها متهاوية حول المسألة، فيدرجون ...

أعياد الكفر
بين البر والقسط.. والولاء والبراء


ويثير هؤلاء شبها متهاوية حول المسألة، فيدرجون تهنئة النصارى بأعيادهم الدينية تحت بند البر والقسط في قوله تعالى: {لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ... أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ}، علما أن تهنئة النصارى بأعيادهم الكفرية مسألة مستقلة تماما عن سياق الآية، لأنها محرمة شرعا، وأن الآية محمولة على الكافر غير المحارب، ومع ذلك نقول: هل حقق نصارى زماننا الشروط التي ذكرتها الآية السابقة لينالوا برنا وقسطنا؟!

يدفعنا ذلك للتطرق إلى أحكام أهل الذمة الذين لا يُمنحون "عقد الذمة" من الإمام إلا ببذل الجزية والتزام أحكام الملة، التي جلّتها العهدة العمرية الشهيرة، فهل حقق نصارى زماننا شروطها لينالوا عهدها، أم قد نقضوها من أولها لآخرها؟! بل ولو حققوا شروطها كاملة، لم يجز لنا تهنئتهم في أعيادهم لأنها من شعائر دينهم الباطل، وهو ما لم تفعله القرون المفضلة، فلم يفعله النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا الصحابة ولا التابعون.


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 475
" بين الحانوكاه والكريسماس"
...المزيد

القضية أخطر وأعمق! كل هذه الزوايا المنهجية العقدية يستشفها المسلم من دائرة الجدال السنوية حول ...

القضية أخطر وأعمق!

كل هذه الزوايا المنهجية العقدية يستشفها المسلم من دائرة الجدال السنوية حول حكم تهنئة النصارى المشركين بأعيادهم الشركية، فالقضية أخطر وأعمق بكثير مما يحاول أن يصوّره فقهاء هذا الزمان.

وإن نزول عيسى ابن مريم في آخر الزمان مفعِّلا خيار السيف، معطِّلا خيار الجزية؛ هو رد إلهي عقدي حاسم لهذا الجدل المثار في زمن اختلال موازين الولاء والبراء، وغربة التوحيد في زمن التفلت والتفريط.

ولن ينصلح حال الأمة حتى يستوي عندها حكم اليهود بالنصارى، وحكم الحانوكاه بالكريسماس! وحكم المتولي "المطبّع" مع النصارى بحكم المتولي "المطبّع" مع اليهود، وحتى تحتفي الأمة بالمنغمس في صفوف النصارى كالمنغمس في صفوف اليهود، فالتوحيد لا يتجزأ، ومن لم تغنه الآيات والنذر، سيغنيه سيف عيسى ابن مريم عبد الله ورسوله.


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 475
" بين الحانوكاه والكريسماس"
...المزيد

الوعد الحق وذا وعد حق أقسم به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ...

الوعد الحق


وذا وعد حق أقسم به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال: (والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد) [صحيح البخاري] وفي رواية: (ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام) [أبو داود].

وذي دعوة الدولة الإسلامية التي ما تهاونت فيها ولا داهنت، ولاقى لأجلها قادتها النجباء وجنودها الأوفياء ما لاقوا، وهي دعوة التوحيد التي قامت بها السموات والأرض، وهي سبيل جميع الأنبياء وطريقهم "الصراط المستقيم"، وهو صراط الله مِن لدن آدم -عليه السلام- إلى محمد صلى الله عليه وسلم وحتى يومنا هذا؛ {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} [الفاتحة: 7]، لا يهودية ولا نصرانية، لا قومية ولا وطنية، بل ملة إبراهيمية حنفيّة، {قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [آل عمران: 95].


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 319
"عيسى ابن مريم رسول الله"
...المزيد

شرك أعياد النصارى إن النصارى يحتفلون بما تكاد أن تنفطر له السماوات وتنشق الأرض وتخرّ الجبال ...

شرك أعياد النصارى


إن النصارى يحتفلون بما تكاد أن تنفطر له السماوات وتنشق الأرض وتخرّ الجبال هدّا، إنهم يحتفلون بالشرك ويقررون ألوهية عيسى -عليه السلام- وأنه ابن الله!، وقد أكذبهم الله فقال: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ} [الإخلاص: 3]. وبعد هذا، كيف يجرؤ كثير من السفهاء المنتسبين إلى الإسلام اليوم على مشاركة النصارى وتهنئتهم في أعيادهم الشركية!، وأشد جرما مِن هؤلاء هم دعاة السوء الذين أجازوا لهم ذلك! بل واستحبّه بعضُهم وأوجبه آخرون!، وقد اتفق علماء الإسلام على تحريم ذلك وذهب بعضهم إلى تكفير فاعله [الفتاوى لابن تيمية].

وقال ابن القيم رحمه الله: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به، فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثمًا عند الله، وأشد مقتًا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الفرج الحرام ونحوه" [أحكام أهل الذمة].


• المصدر:
مقتطف من افتتاحية صحيفة النبأ العدد 319
"عيسى ابن مريم رسول الله"
...المزيد

أعياد النصارى أولاً: تحريم مشاركة الكفار في أعيادهم يقول ابن القيم رحمه الله: "وأما التهنئة ...

أعياد النصارى


أولاً: تحريم مشاركة الكفار في أعيادهم

يقول ابن القيم رحمه الله: "وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات". [أحكام أهل الذمة (1245/3)]


ثانيًا: التشبه بهم في أعيادهم

يقول ابن القيم رحمه الله: "الأعياد من جملة الشرع والمناهج والمناسك التي قال الله تعالى فيها: ( لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) ويقول أيضا: "لا يحل للمسلمين التشبه بهم في شيء مما يختص بأعيادهم، لا من طعامٍ ولا لباسٍ ولا غسلٍ ولا إضاءةٍ ولا تعطيل عادة". [اقتضاء الصراط المستقيم (432/1)]


ثالثًا: حكمة النهي

يقول ابن القيم رحمه الله: "إنما نهينا عن أعيادهم لأنها من شعار دينهم الباطل، فالموافقة فيها إقرار لبعض شعائرهم". [اقتضاء الصراط المستقيم (470/1)]


رابعًا: حضورها دون مشاركة

يقول ابن القيم رحمه الله: "ولا يجوز شهود أعيادهم؛ لأنهم يجتمعون على باطل، وشهودها مفسدة للقلب". [أحكام أهل الذمة (1246/3)]
...المزيد

من أخطر نتائج الذنوب ومن بين أخطر نتائج الذنوب في الدنيا أنها تكون سببا في تسلُّط العدو أو ...

من أخطر نتائج الذنوب


ومن بين أخطر نتائج الذنوب في الدنيا أنها تكون سببا في تسلُّط العدو أو تأخُّر النصر وحجبه عمّن ينتظره أو ضياعه بعد نزوله كما حدث -مثلا- يوم أُحد لقوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا}، قال ابن كثير: "أي ببعض ذنوبهم السالفة" وقال البغوي: "بشؤم ذنوبهم". وهم مَن هم في الطاعة والتقوى، فكيف بزماننا وأحوالنا؟ اللهم سلّم سلّم.


• المصدر:
افتتاحية صحيفة النبأ العدد 524
"محاصرة الذنوب"
...المزيد

حرس الحدود بالعودة إلى أجواء الاحتفال بـ "اليوم الوطني السوري" الذي لم يغب اليهود عنه ...

حرس الحدود


بالعودة إلى أجواء الاحتفال بـ "اليوم الوطني السوري" الذي لم يغب اليهود عنه بالمناسبة، فقد كان من مشاهد يوم التحرير انتشار الحواجز العسكرية اليهودية في عمق الأراضي السورية المحررة، حيث يتبادل جنود "جيش التحرير" النظرات مع جنود الجيش اليهودي، ثم يمرون عبر حواجزهم مرور اللئام، ليكملوا مسيرة التحرير، التي كانت كلمة السر فيها: إسقاط المحور الإيراني، والبقية جاءت تحصيل حاصل أو تحصيل أردوغان! جريا على المثل القائل: "مصائب قوم عند قوم فوائد"، فذهب الأسد وجاء الضبع وبقيت البلاد كما هي تحكمها شريعة الغاب.


• المصدر:
افتتاحية صحيفة النبأ العدد (525)
"ثورة حتى القصر!"
...المزيد

مؤسسة آفاق الإلكترونية سلسلة نصائح أمنية الحلقة الرابعة: الفقرة 2 لا تحمّل التطبيقات أو ...

مؤسسة آفاق الإلكترونية


سلسلة نصائح أمنية
الحلقة الرابعة: الفقرة 2


لا تحمّل التطبيقات أو البرامج من الأفراد أو القنوات المسماة تقنية » فحتى لو وثقت بالشخص فالتطبيق الملغم لا يهتم بثقتك به.


اسم أي تطبيق APK » Android
اسم أي تطبيق exe « Windows 11
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً