قال لي سيدي مولانا حضرة الشيخ فائق الهرشمي رضي الله عنه : أحلى ما في الدنيا أنها زائلة .

قال لي سيدي مولانا حضرة الشيخ فائق الهرشمي رضي الله عنه : أحلى ما في الدنيا أنها زائلة .

الرؤيا بشرى من الله سبحانه : لعبد الحكيم البالاني ويكون هذا خاص بالأنبياء وبالمقربين والصالحين ...

الرؤيا بشرى من الله سبحانه : لعبد الحكيم البالاني
ويكون هذا خاص بالأنبياء وبالمقربين والصالحين والمؤمنين الصادقين ، فتكون الرؤيا التي يرونها الأنبياء وحي ولغير الأنبياء من المؤمنين بشرى من الله تعالى بدليل ما تقدم من الأحاديث الشريفة ومنها قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (( لَمْ يَبْقَ مِنْ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ )).( ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم:(( الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ )).( )
قال المهلب في شرح هذا الحديث (( الرؤيا الصالحة وهو تفسير المراد بالحسنة هنا أو المراد غالب رؤيا الصالحين وإلا فالصالح قد يرى الأضغاث ولكنه نادر لقلة تمكن الشيطان منهم ، قال : فالناس على هذا ثلاث درجات : الأنبياء ورؤياهم كلها صدق وقد يقع فيها ما يحتاج إلى تعبير ، والصالحون والأغلب على رؤياهم الصدق وقد يقع فيها ما لا يحتاج إلى تعبير، وما عداهم يقع في رؤياهم الصدق ،والأضغاث وهم ثلاثة أقسام : مستورون فالغالب استواء الحال في حقهم ، وفسقة والغالب على رؤياهم الأضغاث ويقل فيها الصدق، وكفار ويندر في رؤياهم الصدق جداً، ويشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:(( أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً )).( )
فتكون الرؤيا مبشرة حسب حال الرائي وحسب قربه ومنزلته عند الله سبحانه فهي جزء من النبوة من حيث صدق وقوعها ويكرم الله بها المؤمنين ببشارات يبشرهم بها كما ورد في الحديث الذي مر عن أبي الدرداء وكذلك عندما سأل عبادة بن الصامت الرسول صلى الله عليه وسلم عن قول الله تعالى:لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ( )، قال : (( هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ )).( )
وذكر العلماء في معنى كونها جزءاً من أجزاء النبوة من حيث إنها إطلاع على الغيب بواسطة الملك إن كانت صالحة ( ) ، أو أنها من أجزاء علم النبوة من حيث أن فيها أخباراً عن الغيب والنبوة غير باقية ولكن علمها باقٍ ، وقيل معناه تعبير الرؤيا كما أوتي ذلك يوسف عليه السلام ( ) . يؤيد ذلك جواب الإمام مالك عندما سُئل : أيعبر الرؤيا كل أحد ؟ فقال : أبا لنبوة يلعب.( )
أما كم تمثل الرؤيا من أجزاء النبوة فقد أجمل الإمام النووي الروايات الواردة في ذلك بقوله : (( وفي رواية  رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ خمس وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ  ، وفي رواية  رؤيا الرجل الصَّالِحَ جُزْءٌ مِنْ خمسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ  ، وفي رواية الرؤيا الصالحة جُزْءٌ مِنْ سبعين جزءاً من النبوة  ، فحصل ثلاث روايات مشهورة ، المشهور ست وأربعون والثانية خمسة وأربعون والثالثة سبعون جزءاً ، وفي غير مسلم من رواية ابن عباس  من أربعين جزءاً  ، وفي رواية  من تسعة وأربعين  ، وفي رواية العباس  من خمسين  ، ومن رواية أبن عمر  من ستٍ وعشرين  ، وفي رواية عباده  من أربعٍ وأربعين  ، قال القاضي عياض أشار الطبري إلى إن هذا الاختلاف راجع إلى اختلاف حال الرائي ، فالمؤمن الصالح تكون رؤياه جزءاً من ستة وأربعين جزءاً ، والفاسق جزءاً من سبعين جزءاً )).( ) وقال أبن القيم:(( وقد قيل في الجمع بينهما أن ذلك بحسب حال الرائي ، فإن رؤيا الصديقين من ستة وأربعين ، ورؤيا عموم المؤمنين الصادقة من سبعين)).( )
وقال أبن عبد البر : (( في عدد أجزاء الرؤيا من النبوة ليس ذلك عندي اختلاف تضاد وتدافع والله أعلم ، لأنه يحتمل أن تكون الرؤيا الصالحة من بعض من يراها على ستة وأربعين جزءاً أو أربعة وأربعين جزءاً أو خمسين جزءاً أو سبعين جزءاً على حسب ما يكون الذي يراها من صدق الحديث وأداء الأمانة والدين الحنيف وحسن اليقين ، فعلى قدر اختلاف الناس فيما وصفنا تكون الرؤيا منهم على الأجزاء المختلفة العدد والله أعلم ، فمن خلصت نيتهُ في عبادة ربه ويقينه وصدق حديثه كانت رؤياه أصدق وإلى النبوة أقرب ، كما أن الأنبياء يتفاضلون والنبوة كذلك والله اعلم )).( ) وقال الإمام الغزالي :(( إن الاختلاف يرجع إلى اختلاف درجات الرؤية والرائي ولا تظن إن تقدير النبي صلى الله عليه وسلم جرى على لسانه جزافاً واتفاقاً بل لا ينطق إلا بحقيقة الحق فإنه لا ينطق عن الهوى فهو تقدير تحقيق لكن ليس في قوة غيره معرفة علة تلك النسبة إلا بالتخمين إذ يعلم أن النبوة عبارة عما يختص به النبي صلى الله عليه وسلم ويفارق به غيره )).( )
ومن خلال الجمع بين أقوال العلماء ترى أنهم متفقون على إن الرؤيا تكون بحسب حال الرائي ، وإنها من أجزاء النبوة من حيث صدقها مع ترجيحنا بما ذكره أبن القيم في تفسير اختلاف الروايات، وإن هذهِ الرؤيا الصالحة تزداد درجة صدقها ونسبتها من النبوة بازدياد صاحبها صدقاً في حاله ومقاله لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أصدقهم رؤيا أصدقهم حديثاً )).( ) وكلما أزداد المؤمن قرباً من صفات النبوة ازدادت نسبة رؤياه منها ، وقد ذكر أبن القيم : (( أن هذهِ الرؤيا الصحيحة تكون على أقسام منها : إلهام يلقيه الله سبحانه في قلب العبد وهو كلام يكلم به الربُّ عبده في المنام كما قال عبادة بن الصامت وغيره . ومنها : مثل يضربه له ملك الرؤيا الموكل بها .ومنها : التقاء روح النائم بأرواح الموتى من أهله وأقاربه وأصحابه وغيرهم كما ذكرنا . ومنها : عروج روحه إلى الله سبحانه وتعالى وخطابها له . ومنها : دخول روحه إلى الجنة ومشاهدتها وغير ذلك )).( ) وهذه الأقسام التي ذكرها أبن القيم رحمه الله هي على العموم إكرام من الله تعالى لعبده المؤمن وتشريف له إما بتكليمه كما ذكر ويؤيده حديث النبي صلى الله عليه وسلم:(( أن رؤيا المؤمن كلام يكلم به العبد ربه في المنام)). ( ) وهو أمر يستبشر به المؤمن لكونه يناسب غايته وهي رضا ربه وقربه منه . وإما : بإطلاعه على غيب سيقع أما تبشيراً أو إنذاراً وهي في الحالتين رحمة من الله للمؤمن ورفقاً به ليستبشر بالخير ويستعد للبلاء قبل وقوعه ، وهي لكونها من الله يكون تأويلها موافقاً لما في اللوح المحفوظ.( ) وإما : ترويحاً لروحه برؤية الأنبياء والصديقين والصالحين أو مشاهدة نعيم الجنة أو ما ينتظره من ثواب الله ونعيمه جزاء على عمله أو برؤية من أقاربه وأصحابه . ومن فوائدها أنها تكون سبباً من أسباب الهداية أو الثبات في الدين.( )
...المزيد

الرؤيا في السنة النبوية . لعبد الحكيم البالاني وردت مجموعة أحاديث في الرؤيا منها ماجاء في الحديث ...

الرؤيا في السنة النبوية . لعبد الحكيم البالاني
وردت مجموعة أحاديث في الرؤيا منها ماجاء في الحديث الذي أخرجه الامام البخاري بسنده عن أبي الْيَمَانِ قال:(( أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَمْ يَبْقَ مِنْ النُّبُوَّةِ إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ )).( )
وأخرج الترمذي بسنده عن أبي الدرداء قال :(( أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ مَا تَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ قَالَ لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ شَيْءٍ مَا سَمِعْتُ أَحَدًا سَأَلَ عَنْهُ بَعْدَ رَجُلٍ سَأَلَ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بُشْرَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ وَبُشْرَاهُمْ فِي الْآخِرَةِ الْجَنَّةُ)).( )
وأخرج مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(( إِذَا اقْتَرَبَ الزَّمَانُ لَمْ تَكَدْ رُؤْيَا الْمُسْلِمِ تَكْذِبُ وَأَصْدَقُكُمْ رُؤْيَا أَصْدَقُكُمْ حَدِيثًا وَرُؤْيَا الْمُسْلِمِ جُزْءٌ مِنْ خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ وَالرُّؤْيَا ثَلَاثَةٌ فَرُؤْيَا الصَّالِحَةِ بُشْرَى مِنْ اللَّهِ وَرُؤْيَا تَحْزِينٌ مِنْ الشَّيْطَانِ وَرُؤْيَا مِمَّا يُحَدِّثُ الْمَرْءُ نَفْسَهُ فَإِذا رَأَى أَحَدُكُمْ مَا يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ وَلَا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ قَالَ وَأُحِبُّ الْقَيْدَ وَأَكْرَهُ الْغُلَّ وَالْقَيْدُ ثَبَاتٌ فِي الدِّينِ فَلَا أَدْرِي هُوَ فِي الْحَدِيثِ أَمْ قَالَهُ ابْنُ سِيرِينَ )).( )
وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(( ثم إِنَّ رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ )).( )
وأخرج أبن ماجة من حديث عوف أبن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(( الرُّؤْيَا ثَلَاثٌ مِنْهَا أَهَاوِيلُ مِنْ الشَّيْطَانِ لِتحْزُنَ بِهَا ابْنَ آدَمَ وَمِنْهَا مَا يَهُمُّ بِهِ الرَّجُلُ فِي يَقَظَتِهِ فَيَرَاهُ فِي مَنَامِهِ وَمِنْهَا جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ)).( )
فالرؤيا بدلالة الأحاديث الشريفة تكون على ثلاثة أقسام :
القسم الأول : بشرى من الله سبحانه وتعالى .
القسم الثاني : الرؤيا التي هي من حديث النفس .
القسم الثالث : الرؤيا التي تكون من أهاويل الشيطان وتخويفاً منه .
...المزيد

الرؤيا في القرآن الكريم: لعبد الحكيم البالاني جاءت نصوص كثيرة من القرآن الكريم تتحدث عن الرؤى ...

الرؤيا في القرآن الكريم: لعبد الحكيم البالاني
جاءت نصوص كثيرة من القرآن الكريم تتحدث عن الرؤى والأحلام وهذه النصوص من الكثرة مما يدل على أهتمام الاسلام اهتماماً بالغا لايخفى على ذي لب ومن هنا أهتم العلماء عامة والمحدثون خاصة بهذا الموضوع وذلك نظراً لكثرة الأحاديث . من أدلة الرؤيا في القرأن الكريم : قوله تعالى(( إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)). ( ) وقوله تعالى :(( لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا)). ( ) وقوله تعالى:(( فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ)). ( ) وقوله تعالى :(( إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ، قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ)). ( )> ...المزيد

معلومات

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً