د. محمود عبد العزيز أبو المعاطي حجاب 

يقول ابن القيم: "إن الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمته أنه لا بد أن يمتحن النفوس، ويبتليها، فيظهر ...

يقول ابن القيم: "إن الله سبحانه وتعالى اقتضت حكمته أنه لا بد أن يمتحن النفوس، ويبتليها، فيظهر بالامتحان طيبها من خبيثها، ومن يصلح لموالاته وكرامته ومن لا يصلح، وليمحص النفوس التي تصلح له ويخلصها بكير الامتحان". ...المزيد

إن التَّرَف مُفسِدٌ للفرد؛ لأنَّه يشغله بشهواتِ بطنه وفَرْجِه، ويلهيه عن معالي الأمور ومكارم ...

إن التَّرَف مُفسِدٌ للفرد؛ لأنَّه يشغله بشهواتِ بطنه وفَرْجِه، ويلهيه عن معالي الأمور ومكارم الأخلاق، لأنَّه يقتل فيه روحَ الجهاد والجد والخشونة، ويجعله عبدًا لحياة الدَّعة والرفاهية، وفي هذا يقول الرسول صلَّى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدِّرهم، تعس عبد القطيفة، تعس عبد الخميصة). ...المزيد

إن محاسبة النفس طريقة المؤمنين، وسمة الموحدين، وعنوان الخاشعين، فالمؤمنُ مُتَّقٍ لربه، مُحاسِبٌ ...

إن محاسبة النفس طريقة المؤمنين، وسمة الموحدين، وعنوان الخاشعين، فالمؤمنُ مُتَّقٍ لربه، مُحاسِبٌ لنفسه مُستغفِرٌ لذنبه، يعلم أن النفس خطرها عظيم، وداؤها وخيم، ومكرها كبير، وشرها مستطير ...
ولذا ينبغي على العبد أن يزِنَ نفسَه قبل أن يُوزَن، ويُحاسِبها قبل أن يُحاسَب، ويتزيَّن ويتهيَّأ للعرض على الله. ...المزيد

قال بعض السلف: "وَدِدْتُ أنه لو كان من الفقهاء مَن ليس له شُغل إلاَّ أن يعلِّم الناس مقاصدهم في ...

قال بعض السلف: "وَدِدْتُ أنه لو كان من الفقهاء مَن ليس له شُغل إلاَّ أن يعلِّم الناس مقاصدهم في أعمالهم، ويَقعد للتدريس في أعمال النيَّات ليس إلاَّ؛ فإنه ما أتى على كثيرٍ من الناس إلاَّ من تضييع ذلك".

ويقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - متحدِّثًا عن الأعمال القلبيَّة: "وهي من أصول الإيمان ...

ويقول شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - متحدِّثًا عن الأعمال القلبيَّة: "وهي من أصول الإيمان وقواعد الدين، مثل: محبَّة الله ورسوله، والتوكُّل على الله، وإخلاص الدين لله، والشكر له، والصبر على حُكمه، والخوف منه، والرجاء له، وهذه الأعمال جميعها واجبة على جميع الخَلق باتِّفاق أئمَّة الدين"؛ ا.هـ. ...المزيد

قال الإمام ابن القيِّم رحمه الله : "أعمال القلوب هي الأصل، وأعمال الجوارح تبَعٌ ومُكمِّلة، فمعرفة ...

قال الإمام ابن القيِّم رحمه الله : "أعمال القلوب هي الأصل، وأعمال الجوارح تبَعٌ ومُكمِّلة، فمعرفة أحكام القلوب أهمُّ من معرفة أحكام الجوارح".

مَن تأمَّل الشريعة في مصادرها ومواردها، عَلِم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب، وأنها لا تنفع ...

مَن تأمَّل الشريعة في مصادرها ومواردها، عَلِم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب، وأنها لا تنفع بدونها، وأنَّ أعمال القلوب أفرضُ على العبد من أعمال الجوارح، وهل يُميَّز المؤمن عن المنافق إلاَّ بما في قلب كلِّ واحد من الأعمال التي ميَّزت بينهما؟ وعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح، وأكثر وأدوم، فهي واجبة في كلِّ وقتٍ. ...المزيد

لما كان في صلاح القلب صلاح البدن كله، وفي فساده فساد البدن كله، لازم الشيطان قلب ابن آدم، فشغله ...

لما كان في صلاح القلب صلاح البدن كله، وفي فساده فساد البدن كله، لازم الشيطان قلب ابن آدم، فشغله بالدنيا ومفاتنها عن ذكر الله وعبادته وخشيته ومراقبته، فألهاه بالتكاثر، وغره بالأماني الكواذب، وأغفله بالفتن إلا من عصمه الله برحمته، وتداركه بفضله، فأنجاه من كيده ومكره، وبصّره بفخوخه ومصاليه. ...المزيد

إن التلاعب بالنص الشرعي تحريفاً وتأويلاً معركة قديمة جديدة بدأت بذورها في صدر الإسلام الأول واستمرت ...

إن التلاعب بالنص الشرعي تحريفاً وتأويلاً معركة قديمة جديدة بدأت بذورها في صدر الإسلام الأول واستمرت عبر العصور حتى وصلت إلينا بلباس جديد متحضر يتقمصه فئام من الكتاب والمفكرين تحت شعارات مختلفة ودعوات متباينة يجمعهم هدف واحد هو التطاول على شرع الله عز وجل، وتأويل النصوص الشرعية إلى غير ما شرعت له بحجة تجديد الفكر الإسلامي والخطاب الديني .. فجاء هذا الكتاب ( بدعة إعادة فهم النص) ليبين أن النصوص التي فهمها الصحابة ومن سار على نهجهم لابد أن يفهمها كل مسلم في كل زمان ومكان؛ فيسلّم للنصوص الشرعية تسليما تامًّا، ولا يُعمل عقله أو فكره في صرفها عن ما جاءت به وله. ...المزيد

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "وأما ليلة النصف فقد روى في فضلها أحاديث وآثار ونقل عن ...

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: "وأما ليلة النصف فقد روى في فضلها أحاديث وآثار ونقل عن طائفة من السلف أنهم كانوا يصلون فيها فصلاة الرجل فيها وحده قد تقدمه فيه سلف وله فيه حجة فلا ينكر مثل هذا وأما الصلاة فيها جماعة فهذا مبنى على قاعدة عامة في الاجتماع على الطاعات والعبادات".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: مسالة في صلاة نصف شعبان
الجواب: "إذا صلى الإنسان ليلة النصف وحده، أو في جماعة خاصة كما كان يفعل طوائف من السلف، فهو أحسن".
وأما الاجتماع في المساجد على صلاة مقدرة. كالاجتماع على مائة ركعة، بقراءة ألف: قل هو الله أحد دائما. فهذا بدعة، لم يستحبها أحد من الأئمة. والله أعلم".
...المزيد

رفع أعمال العباد إلى الله دلَّت نصوصُ السنة الصحيحة أن هنالك رفع يومي للأعمال، ورفع أسبوعي، ورفع ...

رفع أعمال العباد إلى الله
دلَّت نصوصُ السنة الصحيحة أن هنالك رفع يومي للأعمال، ورفع أسبوعي، ورفع سنوي، ثم الرفع الختامي، تُرفَع عن كل عبدٍ من عباد الله إلى ربه تبارك وتعالى.
و في الحديث القدسي: يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم، ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرًا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه [رواه مسلم: 6737].
وقد وكل الله بنا ملائكة يكتبون أعمالنا، فقال لنا: “وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ “الانفطار: 10 – 12.
وقال تعالى: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ اليمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيد مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق: 17-18] رقيب عتيد هو وصف لكل ملك وليس اسم لهما، ومعنى رَقِيبٌ لا يفوته شيء من كتابة أعمال العباد! وعَتِيدٌ يعني حاضر لا يغيب ولا لحظة،
كيفية إحصاء الملائكة للأعمال
وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فضل الله وكرمه: أن العبد إذا هم بحسنة فعملها تكتب له عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بها ولم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة، وبالعكس السيئة: فإن العبد إذا هم بها فعملها كتبت عليه سيئة واحدة، وإن هم بها ولم يعملها كتب له حسنة كاملة.
ومصداق هذا ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل قال: (قال الله: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله سيئة واحدة) رواه البخاري ومسلم.
أولاً: الرفع اليومي:
أما دليله فما جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: “قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس كلمات، فقال: (إن الله عز وجل لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يَخفِض القسط ويَرْفَعه، يُرفَع إليه عملُ الليل قبل النهار، وعملُ النهار قبل الليل…) [رواه مسلم].
قال النووي رحمه الله: الْمَلائِكَة الْحَفَظَة يَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ اللَّيْل بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل النَّهَار، وَيَصْعَدُونَ بِأَعْمَالِ النَّهَار بَعْد اِنْقِضَائِهِ فِي أَوَّل اللَّيْل.
ومعنى (يَخفِض القسط ويَرْفَعه) القسط الميزان، وسمى قسطا لأن القسط العدل، وبالميزان يقع العدل. قال: والمراد أن الله تعالى يخفض الميزان ويرفعه بما يوزن من أعمال العباد المرتفعة ويوزن من أرزاقهم النازلة. وهذا تمثيل لما يقدر تنزيله، فشبه بوزن الميزان. وقيل: المراد بالقسط الرزق الذى هو قسط كل مخلوق، يخفضه فيقتره، ويرفعه فيوسعه.
وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ وَمَلائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيَجْتَمِعُونَ فِي صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ فَيَسْأَلُهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمْ: كَيْفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فَيَقُولُونَ: تَرَكْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ وَأَتَيْنَاهُمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ). فالملائكة تصعد إلى الله بأعمال العباد مرة في الليل، ومرة في النهار، فيا حظه من كان عمله الصاعد صالحًا! ويا بؤسه من كان عمله الصاعد سيئًا!
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:” فيه: أَنَّ الأَعْمَال تُرْفَع آخِرَ النَّهَار، فَمَنْ كَانَ حِينَئِذٍ فِي طَاعَة بُورِكَ فِي رِزْقه وَفِي عَمَله، وَاَللَّه أَعْلَم، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهِ حِكْمَة الأَمْر بِالْمُحَافَظَةِ عَلَيْهِمَا وَالاهْتِمَام بِهِمَا يعني صلاتي الصبح والعصر).
ففي هذين الوقتين تُرفَع التقارير اليومية آخرَ كل يوم وليلة، فعملُ النهار يُرفَع في آخره، وعملُ الليل يُرفَع في آخره… وهكذا، وهذا الرفع يُطلَق عليه الرفع الخاص؛ أي: خاص بعمل الأيام والليالي.
ثانياً: الرفع الأسبوعي:
كل اثنين وخميس؛ كما جاء في حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “تعرض أعمال الناس في كل جمعة يعني في كل أسبوع قال: مرتين، يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر لكل عبد مؤمن، إلا عبدًا بينه وبين أخيه شحناء، فيقول: اتركوا هذين حتى يفيئا “رواه مسلم ، ويفيئا يعني يتراجعا ويتصالحا وفي سنن الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( تُعْرَضُ الأَعْمَالُ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ ؛ فَأُحِبُّ أَنْ يُعْرَضَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) صححه الألباني .
ثالثاً: الرفع السنوي في شعبان:
كما جاء في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه وفيه: (ذلك شهرٌ يَغفُل الناس عنه بين رجبٍ ورمضانَ، وهو شهرٌ تُرفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحِبُّ أن يُرفَع عملي وأنا صائم) رواه النسائي، وحسَّنه الألباني.
وهذا الرفع يشمل رفع جميع أعمال السنة.
قال ابن القيم رحمه الله:” عمل العام يرفع في شعبان؛ كما أخبر به الصادق المصدوق ويعرض عمل الأسبوع يوم الاثنين والخميس، وعمل اليوم يرفع في آخره قبل الليل، وعمل الليل في آخره قبل النهار، فهذا الرفع في اليوم والليلة أخص من الرفع في العام، وإذا انقضى الأجل رفع عمل العمر كله وطويت صحيفة العمل”
حاشية سنن أبي داود.
وفائدة التقسيم السابق لرفع الأعمال أن نجتهد أكثر في هذه الأوقات ونملأها بالطاعات كي يرفع عملنا ونحن في صيام أو ذكر أو استغفار.
وقد سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب صومه يومي الإثنين والخميس فقال: ذانِكَ يومانِ تُعرَضُ فيهما الأَعمالُ على ربِّ العالمينَ، فأحبُّ أن يُعرَضَ عمَلي وأَنا صائمٌ. [صحيح النسائي].
فاجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتصر على صوم شعبان وحسب؛ بل كان يصوم الإثنين والخميس.
وكذلك كان يرغّب بأذكار الصباح والمساء ويحث على صلاتي العصر والفجر حيث تجتمع الملائكة قبل الصعود بأعمال العباد.
والآن بعد معرفة أوقات رفع الأعمال فأوصيك أخي وأوصي نفسي بهذه الكلمات:
• احرص أن تقدم العمل الطيب فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا
• اقرن عملك بالإخلاص فأعمالك بدونه تكون هباء منثورًا و لن تجني منها سوى التعب.
• ليكن لك خبيئة لا تراها الأعين ولا تسمعها الآذان ولا تلتقطها العدسات.
• احذر الشحناء فإنها تمنع قبول الأعمال ففي الحديث:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تُفْتَحُ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا إِلا رَجُلا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا). [صحيح مسلم]
• داوم على الأعمال الصالحة ولو كانت قليلة ليُكتب لك أجرها ولعل الله يختم لك عليها.
• أكثر من الدعاء أن يتقبل الله منك وأكثر من الاستغفار.
قال بكر المزني رحمه الله: «إنَّ أعمال بني آدم ترفع، فإذا رفعت صحيفة فيها استغفار رُفعت بيضاء، وإذا رفعت صحيفة ليس فيها استغفار رفعت سوداء. اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتقبل طاعاتنا.
رابعاً: الرفع الختامي:
ويكون عند انقضاء الأَجَل، وانتقال الروح إلى باريها، فحينئذٍ تطوى صحيفة عمله، ويُختَم عليها، ثم ترفع إلى ملك الملوك تبارك وتعالى نسأل الله أن يحسن خاتمتنا.
وهذه التقارير ليستْ كتقاريرِ البشر، بل هي تقارير تختلف عنها في أمور عدة، منها:
1- أن كتَّاب هذه التقارير مهرة في الكتابة والإحصاء، فيكتبون القول والفعل والزمان والمكان؛ قال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق: 18].
وقال: ﴿وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: 49].
وقال: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: 47].
2- أن كَتبَة هذه التقارير أُمناء، فلا يحابون ولا يجاملون؛ ﴿كِرَامًا كَاتِبِينَ *يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [الانفطار: 11- 12]، ﴿مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [التحريم: 6].
3- أن هذه التقارير تكتب في سجلات كبيرة، ثم تنشر يوم البعث والنشور: ﴿وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ﴾ [التكوير: 10]، ﴿وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا * اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء: 13- 14].
وقد جاء في حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله سيخلص رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاًّ، كل سجل مثل مد البصر، …..) رواه الترمذي، وحسَّنه الألباني
4- أن الذي يطلع على هذه التقارير ليس رئيس مؤسسة، ولا وزيرًا، ولا رئيسًا، ولا ملِكًا؛ إنما هو مَلِك الملوك جل في علاه: ﴿وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا﴾ [الكهف: 48].
وقد جاء في حديث ابن عمر قال: سمعتُ النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يُدنَى المؤمن من ربه وقال هشام: يَدنُو المؤمن حتى يضع عليه كَنَفه، فيقرره بذنوبه، تَعرِف ذنب كذا؟ يقول: أعرف، يقول: ربِّ أعرف مرتين، فيقول: سترتُها في الدنيا، وأغفرها لكَ اليوم، ثم تُطوَى صحيفةُ حسناتِه، وأما الآخرون أو الكفار فينادى على رؤوس الأشهاد: ﴿هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ [هود: 18]) رواه البخاري ومسلم
حسين عامر موقع الراشدون
ويتوب الله على من تاب
ومع أن هذه التقارير تُكتَب وتُرفع إلى رب العباد، إلا أنه تبارك وتعالى توَّاب يحب التوَّابين؛ ولذلك فقد جعل للتوبة بابًا مفتوحًا إلى أن تطلع الشمس من مغربِها؛ كما جاء في حديثٍ عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل يَبسُط يده بالليل؛ ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)؛ رواه مسلم، وهذا من كرمه عز وجل أنه يقبل التوبة حتى وإن تأخَّرت، فإذا أذنب الإنسان ذنبًا في النهار، فإن الله تعالى يقبل توبته ولو تاب في الليل، وإذا أذنب وتاب في النهار، فإن الله تعالى يقبل توبته، بل إنه تعالى يبسط يده حتى يتلقى هذه التوبة التي تصدر من عبده المؤمن.
فإذا تاب العباد توبة صادقة، تاب الله عليهم، وبدَّل السيئات حسنات، كما أخبر بذلك في قوله: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [الفرقان: 70].
فاللهم اجعلنا من التائبين الذين بُدِّلت سيئاتهم حسنات، يا رب العالمين!
الحكمة من توالي عرض الأعمال على الله: يوميا فأسبوعيا فسنويا.
عرض الأعمال على ثلاثة أنواع:
1- عرض يومي. 2-عرض أسبوعي. 3-عرض سنوي (الذي هو بشعبان).
رفع الأعمال وعرضها على الله تعالى يوميا وأسبوعيا وسنويا دلت عليه السنة الصحيحة وكلام أهل العلم.
والحكمة من عرض الأعمال على الله تعالى، كل يوم، ثم كل أسبوع، ثم كل سنة ، على ما ثبت في السنة : هذا يقال فيه : الله أعلم بحكمته في ذلك ، فهو لم يبينها لنا ، ولم يبينها لنا رسوله صلى الله عليه وسلم.
جاء في "العقيدة الطحاوية، وشرحها" (1/231): " قَوْلُهُ: ( وَلَا تَثْبُتُ قَدَمُ الْإِسْلَامِ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ التَّسْلِيمِ وَالْاسْتِسْلَامِ ) ش: هَذَا مِنْ بَابِ الْاسْتِعَارَةِ ، إِذِ الْقَدَمُ الْحِسِّيُّ لَا تَثْبُتُ إِلَّا عَلَى ظَهْرِ شَيْءٍ ، أَيْ لَا يَثْبُتُ إِسْلَامُ مَنْ لَمْ يُسَلِّمْ لِنُصُوصِ الْوَحْيَيْنِ ، وَيَنْقَادُ إِلَيْهَا ، وَلَا يَعْتَرِضُ عَلَيْهَا وَلَا يُعَارِضُهَا بِرَأْيِهِ وَمَعْقُولِهِ وَقِيَاسِهِ ، رَوَى الْبُخَارِيُّ عَنِ الْإِمَامِ مُحَمَّدِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: مِنَ اللَّهِ الرِّسَالَةُ، وَمِنَ الرَّسُولِ الْبَلَاغُ، وَعَلَيْنَا التَّسْلِيمُ. وَهَذَا كَلَامٌ جَامِعٌ نَافِعٌ".
ويقول الإمام أبو المظفر السمعاني رحمه الله: " واعلم أن الخطة الفاصلة بيننا وبين كل مخالف : أننا نجعل أصل مذهبنا الكتاب والسنة ، ونستخرج ما نستخرج منهما ، ونبنى ما سواهما عليهما ، ولا نرى لأنفسنا التسلط على أصول الشرع حتى نقيمها على ما يوافق رأينا وخواطرنا وهواجسنا ؛ بل نطلب المعاني : فإن وجدناها على موافقة الأصول من الكتاب والسنة ، أخذنا بذلك ، وحمدنا الله تعالى على ذلك ، وإن زاغ بنا زائغُ ضعْفِنا عن سواء صراط السنة ، ورأينا أنفسنا قد ركبت البُنَيّات وتركت الجُدُد ، اتهمنا آراءنا ، فرجعنا باللائمة على نفوسنا ، واعترفنا بالعجز ، وأمسكنا عنان العقل ، لئلا يتورط بنا في المهالك والمهاوي ، ولا يعرضنا للمعاطب والمتالف ، وسلمنا للكتاب والسنة ، وأعطينا المقادة ، وطلبنا السلامة ، وعرفنا أن قول سلفنا حق : أن الإسلام قنطرة لا تعبر إلا بالتسليم" .
" قواطع الأدلة في أصول الفقه " (2/411).
...المزيد

بيّن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنّ الإصلاح بين الناس وإزالة البغضاء والكراهية والحقد بينهم أفضل ...

بيّن الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنّ الإصلاح بين الناس وإزالة البغضاء والكراهية والحقد بينهم أفضل من صلاة التطوع وصيام التطوع وصدقة التطوع.
عن أبي الدرداء رضي الله عنه، حيث قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "ألا أُخبِرُكم بأفضلَ من درجةِ الصيامِ والصلاةِ والصدقةِ؟ قالوا: بلى. قال: صلاحُ ذاتِ البَيْنِ، فإنَّ فسادَ ذاتِ البَيْنِ هي الحالقةُ" ...المزيد

معلومات

أ.د. محمود عبد العزيز يوسف أبو المعاطي حجاب أستاذ الفقه المقارن. مصري مقيم في الخليج العربي أستاذ التشريع الجنائي بمعهد الدراسات الجنائية. خبير شرعي بالقضاء مستشار أسري. أستاذ الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا الأمريكية. أستاذ الفقه وأصوله بالمعهد العالي للائمة والخطباء بأمريكا سابقا أستاذ الفقه وأصوله بجامعة أم القرى فرع محافظة القنفذة بالسعودية سابقاً. أستاذ الفقه وأصوله المشارك بمعهد الدعوة والعلوم الاسلامية بقطر سابقاً. عضو مكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر سابقاً.

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً