د. محمود عبد العزيز أبو المعاطي حجاب 

أعراض الحسد أعراض الحسد تظهر على المال، والبدن، والعيال بحسب مكوناتها فإذا وقع الحسد على النفس ...

أعراض الحسد
أعراض الحسد تظهر على المال، والبدن، والعيال بحسب مكوناتها
فإذا وقع الحسد على النفس يصاب صاحبها بشيء من أمراض النفس، كأن يصاب بالصدود عن الذهاب للكلية، أو المدرسة، أو العمل، أو يصد عن تلقي العلم ومدارسته واستذكاره وتحصيله واستيعابه، وتقل درجة ذكائه وحفظه، وقد يصاب بميل للانطواء والانعزال والابتعاد عن مشاركة الأهل في المعيشة، بل قد يشعر بعدم حب ووفاء وإخلاص أقرب الناس وأحبهم له..
إلى آخر ما ذكر من أعراض.

عبد الخالق العطار
...المزيد

سلبيات القاء الخطب المكتوبة إن من الأمور التي تناقض الذوق والحس والواقع فرض ورقة على أكثر من خمسين ...

سلبيات القاء الخطب المكتوبة
إن من الأمور التي تناقض الذوق والحس والواقع فرض ورقة على أكثر من خمسين ألف خطيب ليقولوها بنص دون زيادة أو نقصان مع اختلاف بلدانهم وعلى اختلاف مقاماتهم و بيئاتهم.
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان الحمد لله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى.


إن من الأمور التي تناقض الذوق والحس والواقع فرض ورقة على أكثر من خمسين ألف خطيب ليقولوها بنص دون زيادة أو نقصان مع اختلاف بلدانهم وعلى اختلاف مقاماتهم و بيئاتهم. ففي هذا وأد للكلمة و قتل للفهم و تجفيف لمنابع العلم لدى الأئمة و الدعاة

لذا كانت هذه اللاءات العشر:

1- لا للخطبة المكتوبة: لأنها ستكون وسيلة للاستهزاء وسخرية من الجمهور بالداعية الذي أصبح في نظرهم أداة في أيدي غيره.

2- لا للخطبة المكتوبة لأنها تقتل حرارة التفاعل مع القضية التي هي أصل الموضوع ولا تستوي النائحة الثكلى بالنائحة المستأجرة.

3- لا للخطبة المكتوبة لأنها تقتل القبول من السامعين لأنها خارجة من اللسان وليست من الوجدان.

4- لا للخطبة المكتوبة لأنها تقتل النتيجة التي هي ثمرة الخطبة فهي في واد والواقع في واد.

5- لا للخطبة المكتوبة لأنها تقتل الحرية التي هي سمت العلماء والدعاة والمصلحين.

6- لا للخطبة المكتوبة لأنها كالدب الذي قتل صاحبه فواضع الخطبة المكتوبة يريد مصلحة البلاد وهو يقتلها من حيث لا يدري فأثر الخطبة المكتوبة سلبي لدى الخطيب والمستمع.

7- لا للخطبة المكتوبة لأنها تجعل الخطيب في واد، والجمهور في واد أخر؛ فالخطيب ما هو إلا طبيب يعالج الأمراض التي يراها في البيئة التي يعيش فيها، وهذا ما اتفق عليه أرباب البلاغة حيث قالوا: لكل مقام مقال، و لكل حادثة حديث وهو ما اتفق عليه أرباب القلوب والعارفين: المؤمن ابن وقته وما اتفق عليه أرباب الفقه فقالوا: لكل وقت أذان.

8- لا للخطبة المكتوبة لأنها تدعو إلى الخمول والذوبان في شخصية كاتبها فيظهر الخطيب على المنبر كأنه أداء يحركها الغير كما نرى في عالم المسرح كالعرس التي يحركها صاحبة من وراء ستار.
9- لا للخطبة المكتوبة لأنها: تجميد للخطاب الديني لا تجديد و تحكير ولا تنوير وفرض للرؤية الواحدة و النظرة القاصرة.

10- لا للخطبة المكتوبة لأنها وأد للحياة العلمية لدى الخطباء والدعاة فهي دعوة صريحة لقتل البحث العلمي والقراءة و الاطلاع بل هي دعوة لهجر حفظ الآيات والأحاديث و الأثار و أخيرا يقول الله تعالى: “فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ”. [غافر: 44]
السيد مراد سلامة - إمام وخطيب ومدرس بالأوقاف المصرية
...المزيد

هل يشرع عند المداعبة أو الجماع ، مخاطبة بعضهما بكل أعمال الجماع بالعامية أو باللهجة المحلية السؤال ...

هل يشرع عند المداعبة أو الجماع ، مخاطبة بعضهما بكل أعمال الجماع بالعامية أو باللهجة المحلية
السؤال :
سئل الشيخ أبي عبد المعز علي فركوس حفظه الله :
هل يشرع عند المداعبة أو الجماع ، مخاطبة بعضهما بكل أعمال الجماع بالعامية أو باللهجة المحلية ، ممّا يعتبر سفاهةً وسبّاً وعيباً وفحشاً من الكلام عند عامّة الناس.
الجواب :
لا ينبغي التخاطب بالعبارات الصريحة عن الأمور المستقبحة بألفاظ الوقاع ، وما ينطق به سواء لإثارة الشهوة حال المداعبة والجماع ، أو لتهوين المخاطب والتقليل من شأنه أو غير ذلك ، لما فيه من التشبه بأهل الفساد من استعمال لعبارات فاحشة لا يرضاها الله تعالى ، فقد جاء في عموم النهي في قوله صلى الله عليه وسلم (إن الله لا يحب الفاحش المتفحش) والمراد بالفحش: هو كل ما خرج عن مقداره حتى يستقبح ، ويدخل في القول والفعل والصفة ، بمعنى: هو الزيادة على الحدّ في الكلام والفعل السيء ، وأمّا المتفحّش هو الذي يتكلف الفحش ويتعمّده لفساد حاله ، وقد وصفت عائشة رضي الله عنها خُلق النبي صلى الله عليه وسلم فقالت (لم يكن فاحشاً ولا تفحّشاً ولا صخاباً في الأسواق..) وفي رواية (لم يكن فاحشاً ولا متفحشاً وكان يقول : إن ّخياركم أحسنكم أخلاقاً ) وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن العنف والفحش، وخير الهدي هدي النبي صلى الله عليه وسلم. وأهل الصلاح يتحاشون التعرض للأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة وإنما يكنّون عنها ويدلّون عنها بالرموز.

العادات الجارية في الأعراس الجزائرية (57-58) .
...المزيد

غلاء الأسعار في ميزان الفقه الاسلامي 1. الآثار السيئة لغلاء الأسعار 2. وباء الغلاء تاريخ له قدم ...

غلاء الأسعار في ميزان الفقه الاسلامي
1. الآثار السيئة لغلاء الأسعار
2. وباء الغلاء تاريخ له قدم
3. دور التاجر المسلم في معالجة الظاهرة
4. توجيهات للمستهلكين حال الغلاء
5. أثر التوبة والاستغفار في الفكاك من الأزمة
6. تدابير اتخذها عمر في أزمة عام الرمادة
7. علاج الظاهرة والموقف الشرعي من تحديد الأسعار
الآثار السيئة لغلاء الأسعار

إن غلاء الأسعار مما عم به البلاء، وما يقع في الناس أولاً بسبب ذنوبهم، وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ سورة النساء:79، ولكن هذا الداء لا بد من النظر إليه من منظار الشريعة؛ لأن مثل هذه الظواهر الخطيرة، إذا لم تُعالج أدت إلى كوارث ونتائج سيئة:
انتشار الفقر في المجتمعات، وظهور الأمراض الخطيرة الاجتماعية من البطالة والسرقة والإجرام، وكثرة المتضرّرين، واتساع الطبقة الفقيرة، وإلحاق كثير من أفراد الطبقة المتوسطة بالفقراء، أن يشيع العنت، و يحدث التأثر المباشر لتمس الظاهرة دخول الأسر، وهذا الدخل المسكين، الذي ينتف من هنا ويؤخذ من هنا إذا حصل لحوق الضرر به، عم الغم والهم والحزن. والغني ربما لا يشعر، فيقول لمن يرسله لشراء شيء له: اشتره بأي ثمن كان!
فقير في المجاعة لا ينام ومسكين ببؤس مستهام
ومبخوس المعيشة فهو صبٌّ على علاته أبداً يلام
ويفترش الثرى والناس ناموا على ريش الأسرة قد أقاموا

وهنا موجة من الغلاء تجتاح أسواق العديد من البلاد العربية والإسلامية، ارتفعت فيها أسعار المواد الغذائية حتى الأساسية ارتفاعاً فاحشاً، مما أدى إلى إنهاك جيوب الشرائح الاجتماعية من ذات الدخل المحدود.
ولا شك أن مثل هذا يؤدي بتسلسله إلى نتائج ذات آثار أخرى كعزوف الأفراد عن الشراء، وانخفاض حركة البيع والشراء، مما يؤدي إلى الركود الاقتصادي، وهذا سيعم ضرره الكثير.
تضاعفت أسعار الخضروات في بعض الحالات إلى 200% أو 300%، وهكذا مسّ هذا الارتفاع حليب الأطفال، ومواد البناء، وأسلاك الكهرباء، والحديد، والإسمنت، ثم الأراضي والعقارات وارتفاع الإيجارات وفواتير الخدمات والنواحي الصحية وتكاليف التعليم والنقل ونحوها، وهكذا من الأمور التي تضرب القوة الشرائية للفرد.
والله قد أخبرنا أنه لا تصيبنا مصيبة إلا بما كسبت أيدينا، ولكن هذا يُدفع بالتوبة، ويدفع كذلك بمعرفة الأسباب وعلاجها.
فإذا وُجد الجشع والطمع من بعض التجار فلا بد من علاجه
وإذا ضعفت المراقبة فلا بد من تعزيزها
وإذا تقلّص دعم المواد الأساسية فلا بد من زيادته
وإذا كانت الخصخصة في بعض القطاعات هي السبب فلا بد من مراجعة وإعادة النظر فيها.
وهذه العولمة التي أكلت الأخضر واليابس لها آثارٌ بشعة في غلاء الأسعار
وتدخل الشركات الأجنبية الغنية التي تقوم بشراء المنشآت المحلية باسم تحرير التجارة وإلغاء القيود، كلها في الحقيقة خسائر الاقتصاد المحلي؛ لأن هؤلاء سيقومون بتحويل أرباحهم أولاً بأول إلى الخارج.
وفي بعض البلدان العربية بيعت شركات الإسمنت، وهي الصناعة الحاكمة في قطاعات البناء والإنشاءات إلى شركات أجنبية، وخلال 15 شهراً فقط ارتفعت الأسعار 3 أضعاف.
وكذلك تحولت صناعات أساسية في البلد كالنسيج، إلى صناعات خاسرة بعد أن كانت رابحة، وإلى استيراد بعد أن كانت تصديراً، وطرد للعمالة الكثيفة المدربة والخبيرة، وإخراج نحو من 150 ألف فني وخبير في هذه الصناعة العريقة إلى سوق البطالة.
ولما بيعت بعض مصانع الأدوية المحلية إلى شركات أجنبية تضاعفت الأسعار، واشترط المشترون الأجانب ألا يقوم المحليون الذين باعوهم ببناء مصانع أخرى. عجباً لهذا!
وهكذا تمضي العجلة في هذه العولمة التجارية التي تأكل الأخضر واليابس.
وباء الغلاء تاريخ له قدم
وقد كان غلاء الأسعار في تاريخ هذه الأمة حاصلاً في بعض مراحلها، فقد حكى صاحب "النجوم الزاهرة" في أواخر عهد بني العباس عظم الغلاء ببغداد في شعبان، حتى أكلوا الجيف والروث، وماتوا على الطرق، وأكلت الكلاب، وبيع العقار بالرغفان -أرغفة الخبز-، وهرب الناس إلى بلدان أخرى، فماتوا في الطريق.
وضرب الغلاء أيضاً في القرن الخامس بعض بلدان المسلمين كمصر، وحصل بذلك هلاك كثير، وأُكلت الدواب التي لا تؤكل، وكانت الأقوات في غاية القِلة والغلاء، ومات كثير من الناس حتى مات في شهر صفر وحده مئة وثلاثون ألفاً.
وهكذا من المصائب التي تبتلى بها هذه الأمة، وهي أمة مرحومة، جعلت عافيتها في أولها، وسيصيب آخرها بلاء وفتنة كما أخبر النبي ﷺ.


دور التاجر المسلم في معالجة الظاهرة

ونظرة إلى الواقع الإسلامي لحال التجار في عهد السلف، تُبيّن لنا كيف ينبغي أن يكون موقف التاجر المسلم في مثل هذه الأحوال.
- إن محبّة الخير للمسلمين أمرٌ أساس، وقد كان الواحد يحذر أن يزداد ربحه على حساب معاناة الآخرين.
- والتاجر المسلم يتحلّى بحسن النية، والرفق بالمسلمين، وتوفير الجيد لهم بالثمن المناسب لهم، وأن يكون أميناً.
وقد خرج النبي ﷺ إلى المصلى فرأى الناس يتبايعون، فقال: ( يا معشر التجار. فاستجابوا لرسول الله ﷺ، ورفعوا أعناقهم وأبصارهم إليه. فقال: ( إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً، إلا من اتقى الله وبر وصدق ).
وللحديث شاهد يرتقي به إلى درجة الحسن إن شاء الله، ولفظه: ( إن التجار هم الفجار ). قالوا: يا رسول الله، أليس قد أحل الله البيع؟ قال: بلى، ( ولكنهم يحلفون فيأثمون ويحدثون فيكذبون ).
- إنهم يجتنبون أكل أموال الناس بالباطل، ( ولا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ).
- ولا يغشون، وقد مرّ النبي ﷺ على صبرة طعام فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء يا رسول الله، قال: أفلا جعلته فوق الطعام؛ كي يراه الناس؟، ( من غش فليس مني ).
- التاجر المسلم لا يكذب ولا يحتال، وهذا اللحن في الكلام، وأنواع المخادعة في الدعايات والإعلانات والمسابقات التجارية، فيها كثير من الخداع للناس، وأكل أموالهم بالزور، ودفعهم إلى شراء ما لا يحتاجون.
ويكون هذا المشتري المسكين في النهاية هو الخاسر.
- ولا بد من التفقه قبل البيع والشراء كما قال عمر: "لا يبع في سوقنا إلا من قد تفقّه في الدين".
- وينبغي أن يكون سمحاً في المعاملة، سمحاً في القضاء والاقتضاء، سمحاً في البيع والشراء. وقد قال ﷺ: رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى .
- وأن يكون سخياً بالصدقات.

قحط الناس في زمن أبي بكر فقدمت لعثمان بن عفان رضي الله عنه قافلة من ألف راحلة من البُر والطعام. فغدا التجار عليه، فخرج إليهم فقال: ماذا تريدون؟ قالوا: بلغنا أنه قدم لك ألف راحلة بُراً وطعاماً، بعنا حتى نوسع على فقراء المدينة. فقال لهم: ادخلوا فدخلوا. فقال: كم تربحوني على شرائي؟ قالوا: العشرة اثنا عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشرة أربعة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: العشر خمسة عشر. قال: قد زادوني. قالوا: من زادك ونحن تجار المدينة؟ قال: زادني بكل درهم عَشرة ، عندكم زيادة؟ قالوا: لا. قال: فأشهدكم معشر التجار أنها صدقة على فقراء المدينة.
هكذا كان عثمان وابن عوف، وغيرهم من أغنياء التجار، يجودون على فقراء المسلمين، ولا يستغلّون مثل هذه الفرص؛ لكي يرفعوا الأسعار، ويحتكروا الأطعمة؛ ليبيعوا على الناس بالغلاء.
إن الرفق بالمسلمين أمرٌ جدّ طيب، وإن الحرص على مصلحتهم أمرٌ جد حسن.

أين أخلاق الأمانة؟


1- جاء عن محمد بن المنكدر رحمه الله أنه كان له سِلعٌ تباع بخمس وأخرى بعشرة، فباع غلامه في غيبته شيئاً من الخمسيات بعشرة، فلما عرف لم يزل يطلب ذلك المشتري طول النهار حتى وجده، فقال له: إن الغلام قد غلط فباعك ما يساوي خمسة بعشرة. فقال: يا هذا قد رضيت. قال: وإن رضيت فإنا لا نرضى لك إلا ما نرضاه لأنفسنا، فاختر إحدى ثلاث: إما أن تستعيد مالك وتعيد السلعة، وإما أن نرد إليك خمسة، وإما أن تأخذ بدلاً من سلعة الخمس سلعة العشر. فقال: أعطني خمسة. فرد عليه خمسة، وانصرف الأعرابي المشتري يسأل ويقول: من هذا الشيخ؟ فقيل له: هذا محمد بن المنكدر. فقال: لا إله إلا الله، هذا الذي نستسقي به في البوادي إذا قحطنا.
يا ليتني أبيع الشيء يكسب فيـ ـه المشتري الربح ديناراً بعشرينا
أحب شيء إلى نفسي معاملةٌ كسب العميل فنأتيه ويأتينا

2- وكان أبو حنيفة رحمه الله بزازاً يبيع القماش

وكان عنده ثوبٌ فيه عيب، فجعله جانباً، فجاء خادمه في غيبته فباع الثوب المعيب بقيمته كما لو كان سليماً، فلما جاء الإمام إلى محله وسأل عن ذلك الثوب قال الغلام: بعته. قال: بكم؟ قال: بكذا، أي: بسعر السليم. قال: هل أطلعت المشتري على العيب الذي فيه؟ قال: لا. فتصدق بقيمة الثوب كله.
توجيهات للمستهلكين حال الغلاء

في حالات ارتفاع أسعار الغلاء لا بد للمستهلكين والمشترين من توجيهات:
- فمن ذلك عدم التوسع في الشراء، وجعله هوايةً كما هو عند الغرب؛ بعض الغربيين يجعلون من هواياتهم التسوّق، النزول إلى الأسواق، الطواف بالأسواق.
الشراء صار لذة وشهوة نفس، ليست بحسب الحاجة، لكن شهوة ولذة وهواية.
فنقول: هذا المال محاسب عليه الإنسان، فيم اكتسبه، وفيم أنفقه؟، فلا تجعلنّ الأمر الذي عليه مناط حسابك يوم الدين شهوة نفس، والمهم أن تشتري بغض النظر عما تنفق.
وليس المسلم الحكيم بالذي يرهق نفسه بكثرة الشراء، ويهدر الأوقات والأموال والأعمار، وفي كثير من الأحيان يكون مصير شراء ما لا حاجة له من الأطعمة براميل القمامة.
وقد قال تعالى: ( وكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا ) سورة الأعراف: 31. وقال: ( إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) سورة الأنعام:141.


قال شيخ الإسلام رحمه الله : " فالذين يقتصدون في المآكل نعيمهم بها أكثر من المسرفين فيها، فإن أولئك إذا أدمنوها وألفوها لا يبقى لها عندهم كبير لذة، مع أنهم قد لا يصبرون عنها، وتكثر أمراضهم بسببها ".


- مرّ جابر بن عبد الله ومعه لحم على عمر رضي الله عنهما فقال: ما هذا يا جابر؟ قال: هذا لحمٌ اشتهيته فاشتريته. قال: أو كلما اشتهيت شيئاً اشتريته، أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية: ( أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا ) سورة الأحقاف:20 .
ولا بد من تربية الأولاد على هذا المبدأ لتكون الأسرة متحدة في هذه السياسة في الشراء.
- ثم مراعاة الأولوية في الإنفاق، وقد جاءت الشريعة بالحكمة، والحكمة وضع الأشياء في مواضعها، ونهت عن الظلم، وفي عدم وضع الشيء في موضعه في الشراء ظلم للنفس.
وقد وجد في بعض الدراسات أن الكماليات هي ثلثا المشتريات، ووجد أن العربة التي تملؤها ربة البيت في البقالات والمحلات الكبيرة غالبها من هذا الجنس الذي يمكن الاستغناء عنه.
يقول أحد المستهلكين: هذه المعلبات في الأسواق الكبيرة خربت بيتي، كلما أذهب إليها لأشتري أدفع حوالي 500، وأحس أني لم أشتر شيئاً مفيداً.
- ثالثاً: لا بد من ترشيد الاستهلاك، والحرص على أن يصرف المال في محله، وإذا صارت القضية إنفاقاً في سبيل الله جادت النفس.
وأما بالنسبة لما يشتريه الإنسان في العادة فالسياسة فيه قوله تعالى: ( وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَّحْسُورًا ) سورة الإسراء: 29.
- رابعاً: التحلي بخلق القناعة، والغنى في الحقيقة غنى النفس، والنبي ﷺ أوصانا في أمور الدنيا أن ننظر إلى من هو دوننا، وليس إلى من هو فوقنا؛ فقال: انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله.. وقال ﷺ: ( قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً، وقنعه الله بما آتاه ).
إذا نظرت إلى من هو دونك في المعيشة، حمدت الله على النعمة، أما إذا كنت ترمق من هو فوقك دائماً لا تستريح.

هي القناعة فالزمها تعش ملكاً لو لم يكن منك إلا راحة البدن
وانظر إلى مالك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير القطن والكفن

- وخامساً: الفطنة وعدم الاغترار بالعروض والإعلانات والدعايات، نحن في عصر الإعلام والإعلان؛ وهذه الإعلانات تحوي كثيراً من المبالغات والكذب، وعلى العاقل ألا ينساق وراءها، وحتى لا يتزايد الشعور بالحرمان أيضاً إذا لم يستطع فيبقى في ألم وحسرة، أو يلجأ إلى الاستدانة.

وهذه البطاقات الائتمانية التي كان في ترويجها خداع من أكبر الخداع للمسلمين، وغش من أعظم الغش للمسلمين، وإيقاع في الربا الذي هو من أكبر الآثام في حياة المسلمين، ولذلك لا بد من الحذر الشديد في قضية الشراء المسبق، ولا يشعر الإنسان ماذا يدفع؛ لأنه من مال الغير، ثم بعد ذلك سيشعر به آلاماً منغصةً أضعافاً مضاعفة.

- وسادساً: الحذر من إنفاق المال في المحرمات، والنبي ﷺ قد أخبرنا أن السؤال من أين اكتسبه وفيم أنفقه، والإنفاق في الحرام تبذير. وقد قال الله: ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ ) سورة الإسراء:27.
أثر التوبة والاستغفار في الفكاك من الأزمة
والعلاج العام للقضية التوبة والرجوع إلى الله. قال تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) سورة الروم:41.
فإذا ظهرت المنكرات في المجتمع، وعم الفساد والخنا والفجور والربا والزنا أتاهم الله بأنواع البلاء: يحبس الغيث، يغلي السعر، وهكذا ما من مصيبةٍ إلا وسببها الذنوب والمعاصي
قال تعالى ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ) سورة الشورى:30.
( ما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة )


والاستغفار من أسباب الازدهار


قال تعالى ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً ۝ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً ۝ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً ) سورة نوح:12.
- ثم عدم نسيان الفقراء، تقوم الجمعيات والمؤسسات الخيرية والأفراد بإيجاد الحلول على جميع المستويات لهؤلاء المساكين. ( وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ ) سورة البقرة: 272.
وفي الحديث القدسي ( يا ابن آدم أَنفق أُنفق عليك ).

تدابير اتخذها عمر في أزمة عام الرمادة

لقد كان في تاريخنا المشرق من أنواع إدارة الأزمات قبل أن يعرفه أهل الإدارة في العصر الحديث، ولما قامت الأزمة في عهد عمر في عام الرمادة، وحصل قحطٌ شديد وقل الطعام، ودام 9 أشهر. وسمي عام الرمادة؛ لأن الريح كانت تسفي تراباً كالرماد، وقيل: لأن الأرض كانت سوداء مثل الرماد.
فما هي التدابير التي اتخذها عمر في هذه الأزمة؟

أولاً: حث الناس على كثرة الصلاة، والدعاء ، واللجوء إلى الله تعالى.
فكان يصلي بالناس العشاء، ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب – أطراف المدينة – فيطوف عليها ويقول في السحر: ( اللهم لا تجعل هلاك أمة محمد على يدي ).
ويقول: ( اللهم لا تهلكنا بالسنين يعني القحط وارفع عنا البلاء) يردد هذه الكلمة.

ثانياً: مواساة المسلمين لبعضهم كتب إلى عماله على الأمصار طالباً الإغاثة.

وفي رسالته إلى عمرو بن العاص - والي مصر-، بعث إليه: "يا غوثاه! يا غوثاه! أنت ومن معك ومن قبلك فيما أنت فيه، ونحن فيما نحن فيه". فأرسل إليه عمرو بألف بعير تحمل الدقيق، وبعث في البحر بعشرين سفينة تحمل الدقيق والدهن، وبعث إليه بخمسة آلاف كساء.
وهكذا أرسل إلى سعد بن أبي وقاص، فأرسل له بثلاثة آلاف بعير تحمل الدقيق، وبعث إليه بثلاثة آلاف عباءة.
وإلى والي الشام، فأرسل إليه بألفي بعير تحمل الدقيق.
ونحو ذلك مما حصل من مواساة المسلمين لبعضهم.
لأن هذه الأمة واحدة. فإذا مسّ بعضها شدّة، تداعى الباقي لها، جسدٌ واحد.

ثالثاً: مشاركة عمر معاناة الناس.

قال أنس: كان بطن عمر يقرقر عام الرمادة، وكان يأكل الزيت، ولا يأكل السمن. فقرقر بطنه فنقرها بأصبعيه، وقال: تقرقر، إنه ليس لكِ عندنا غيره حتى يُحيا الناس -أي: يأتي الله بالحياة والمطر الذي يغيث به الأرض.
وقال أسلم: كنا نقول: لو لم يرفع الله المَحْلَ عام الرمادة؛ لظننّا أن عمر يموت هماً بأمر المسلمين. ثم يقوم بوعظ الناس وينادي: أيها الناس، استغفروا ربكم ثم توبوا إليه، وسلوه من فضله، واستسقوا سقيا رحمة.
وطلب الناس من العباس عم النبي ﷺ الرجل الصالح، وأقرب الحاضرين إلى النبي ﷺ أن يخرج؛ ليستسقي لهم؛ استشفاعاً بدعاء الرجل الصالح من آل البيت، وكان العباس حياً، فلم يطلبوا من ميت ولم يطلبوا شيئاً لا يقدر عليه الحي، وخرج العباس يدعو الله، فدعا ودعا، وبكى، فاستجاب الله ونزل الغيث.
علاج الظاهرة والموقف الشرعي من تحديد الأسعار

هذه عدة إجراءات لمن ولاه الله أمر المسلمين أن يقوم بها :

1. العمل على زيادة الإنتاج .
2. توفير السلع بأنسب الأثمان .
3. دعم السلع للمواد الأساسية .
4. انتشار المؤسسات الخيرية .
5. القضاء على الرِبا الذي هو السبب الرئيس للتضخم المؤدي إلى غلاء الأسعار.
6. منع الاحتكار.
7. يجوز لولي الأمر أن يسعّر للناس إذا دعت الحاجة كما بين الفقهاء.

والنبي ﷺ لما قالوا له: سَعّر لنا. غلا السِعر في عهده ﷺ. فقال: ( إن الله هو المسَعّر، القابض، الباسط، الرازق، وإني لأرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال ).
هذا الترك للتسعير؛ لأن المسألة لم تصل إلى حد الضرورة، والنبي ﷺ كان يرجو التفريج ، وهذا ما حصل.
إذا كان الغلاء ناتجاً عن مؤامرةٍ واتفاقٍ وحبسٍ


2- وأما إذا وصلت القضية إلى تواطؤٍ من التجار، وتلاعب بالأسعار، وحبس للمواد حتى يرتفع سعرها، ويكثر الطلب، والعرض قليل عن مؤامرة، فلا بد من فك هذا الظلم كما قال العلماء.
ويكون في هذه الحالة التسعير جائزاً.
وإن طبيعة الاستغلال والجشع التي تدفع إلى رفع أسعار الأدوية التي يحتاجها المرضى من غير اهتمام ولا نظر في حالهم. والأصل أنه لا يحدد سعرٌ للبيع، والسوق يحدد السعر بنفسه.
ولكن إذا كان الغلاء ناتجاً عن مؤامرةٍ واتفاقٍ وحبسٍ؛ فإن التدخل بالتسعير صحيحٌ تماماً من الجهة الشرعية.


3- وأما إذا ارتفعت الأسعار؛ نتيجةً لقلة العرض، وكثرة الطلب، دون أن يكون للتجار دخل في ذلك فلا يجوز التسعير حينئذ.

4- وكذلك إذا كانت السلعة ليست من ضرورات الناس فلا يجوز التسعير.
5- وإذا كان للسلعة بدائل يمكن اللجوء إليها بدون ضرر، فلا يُتَحكَّم بالسعر ويفرض أيضاً.


ولكن إذا صارت السلع مما يحتاجه الناس حاجةً ماسة، وحصل الاتفاق والاستغلال من التجار
فقال شيخ الإسلام رحمه الله: "ما احتاج إلى بيعه وشرائه عموم الناس، فإنه يجب ألا يباع إلا بثمن المثل، إذا كانت الحاجة إلى بيعه وشرائه عامة، وإن ما احتاج إليه الناس حاجة عامة فالحق فيه لله تعالى".
والاحتكار ليس خاصاً بالأقوات، بل كل ما يحتاج إليه الناس، ويقعون بسبب غلائه أو فقده في حرج وضيق: كالطعام، واللباس، والدواء، والعقار للسكن، ووسائل النقل الآن والمكيفات في البلاد الحارة والثلاجات، بل بعض البرامج في الأجهزة.
والنبي ﷺ قال: ( لا يحتكر إلا خاطئ ) ، الخاطئ: هنا العاصي الآثم. وهذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار، والاحتكار فيما يحتاجه الناس كالأقوات محرم ولا يجوز، وإذا صار هناك من يحتكر الأقوات، وهناك من يحتكر العقار، وهناك من يحتكر الدواء، لا شك أن الناس يقعون في حرج عظيم.
قال العلماء: فإذا صار التسعير لا بد منه، جمع الإمام التجار، واستشار أهل الرأي والبصيرة، وكان في المجلس من يمثل المستهلكين والمشترين، ويحدّد السِعر المناسب للجميع.
وليس للربح في الشريعة أصلاً حدٌ معين، ولكن إذا كان للسلعة سعر معروف في السوق، فلا يجوز للبائع أن يخدع مشترياً جاهلاً أو مغفلاً ونحو ذلك، فيرفع السعر ليظنها أصلية، أو لأنه لا يعرف سعر السوق أصلاً إذا رفع عليه رفعاً فاحشاً؛ فهذا خيار الغبن الذي يجوز بموجبه للمشتري رد السلعة رغماً عن البائع وأخذ الثمن.
ولو كانت السلعة سعرها في السوق بمئة فباعها بمئة وواحد، أو اثنين، أو ثلاثة، أو خمسة مثلاً، فهذه زيادةٌ يسيرة يتغابن فيها الناس عادةً، وأما إذا باعها بمئة وخمسين مثلاً فإن هذا غبن واضح.
ولماذا نُهي عن تلقي الجلب، وبيع الحاضر للبادي، ونحو ذلك من الحالات؟ لأجل ألاّ يحدث مثل هذا الغبن أو الخداع.
وفي هذا النهي من الشريعة تقديم للمصلحة العامة على المصلحة الفردية، ومصلحة الفرد تحترم إلا إذا تعارضت مع مصلحة الأمة فعندئذ تقدم مصلحة الأمة على المصلحة الفردية، والضرر العام يُدفع بالضرر الخاص، وهذا الحديث نصٌّ في هذا.

الشيخ محمد بن صال المنجد
...المزيد

التاريخ الهجري وقصة تعينه وتحديده التأريخ الهجري لم يكن في بداية الإسلام معمولاً به حتى كانت خلافة ...

التاريخ الهجري وقصة تعينه وتحديده
التأريخ الهجري لم يكن في بداية الإسلام معمولاً به حتى كانت خلافة عمر بن الخطاب، في السنة الثالثة أو الرابعة من خلافته صارت مناسبة، أن أبا موسى من ولاة عمر وأمرائه، كتب إلى عمر: أنه يأتينا منك كتب ليس لها تاريخ، فجمع عمر الصحابة فاستشارهم، فقال بعض الناس: أرّخوا كما تؤرّخ الفرس بمن يملك أمرهم، فكره الصحابة ذلك. فقال بعضهم: أرّخوا بتاريخ الروم، فكره الصحابة ذلك. ثم قال بعضهم: أرّخوا بمبعث النبي ﷺ.
وقال آخرون: أرخوا بهجرة النبي ﷺ.
فقال عمر: "الهجرة؛ فرقت بين الحق والباطل، فأرّخوا بها".
وفعلاً كانت الهجرة هي الفيصل، وهي الفارق، وهي النقلة العظيمة التي نقلت الإسلام من الحال الذي كان فيه محاصراً بمكة إلى الحال الذي انتشر فيه في العالم.
وشاور عمر الصحابة من أي شهر يكون ابتداء السنة، إذا حدّدنا الهجرة هي السنة الأولى. لكن من أي شهرٍ تبدأ السنة؟
فقال بعضهم: من رمضان الذي أنزل فيه القرآن. وقال بعض: من ربيع الأول الذي قدم فيه النبي ﷺ المدينة مهاجراً، واختار عمر وعثمان وعلي أن يكون من المحرم؛ لأنه شهر حرام يلي عودة الناس من الحج.
فهذا الموسم الذي ينفض عنه الناس، وسيرجعون لبدء أعمالهم.
فرأى عمر أن تبدأ السنة فيه، فجعل أول التأريخ عام الهجرة، وأول السنة محرم، وهكذا صار للمسلمين تاريخٌ يؤرخون به.
ولذلك كره العلماء استعمال واعتماد التواريخ الأخرى التي تؤرخ بها أمم أهل الأرض من غير المسلمين؛ لأن لنا تاريخاً معتمداً قد أجمع عليه الصحابة واستعملوه، فلا بد أن تستعمله الأمة.
وبعض الناس اليوم من المسلمين لا يعرف التاريخ الهجري، ولا الأشهر القمرية إلا في رمضان أو في ذي الحجة أحياناً. وهذا من هجر المعالم الإسلامية لهذه الأمة؛ لأن هذه الأمة لها ميزات ومميزات، لها شعارات، لها أمور تحدد هويتها، ومن ذلك التأريخ الهجري الذي ينبغي نشره بين الناس، واعتماده، واستعماله، والبدء به.

الشيخ محمد صالح المنجد
...المزيد

الحجة والبرهان في قول النبي صلى الله عليه وسلم فقوله صلى الله عليه وسلم وحده هو الحجة بنفسه لما ...

الحجة والبرهان في قول النبي صلى الله عليه وسلم
فقوله صلى الله عليه وسلم وحده هو الحجة بنفسه لما ضمن الله سبحانه له العصمة من الخطأ والزلل ، أما غيره مهما بلغت منزلته وعلا قدره فهو عرضة للخطأ والغلط ، ولذا فإن الأئمة الأربعة على علو منزلتهم وغزارة علمهم وعمق فهمهم كانوا ينهون الناس عن اتباع أقوالهم هكذا مجردة دون حجة أو دليل

قال ابن القيم رحمه الله تعالى في "إعلام الموقعين عن رب العالمين" (2 / 139):

" وقد نهى الأئمة الأربعة عن تقليدهم ، وذموا من أخذ أقوالهم بغير حجة؛ فقال الشافعي: مثل الذي يطلب العلم بلا حجة كمثل حاطب ليل، يحمل حزمة حطب وفيه أفعى تلدغه وهو لا يدري " .

وقد كان الأئمة رضوان الله عليهم يتبرؤون من أقوالهم واجتهاداتهم إذا خالفت قول الرسول صلى الله عليه وسلم ويصرحون أن مذهبهم هو اتباع حديث رسول الله إذا ثبتت صحته ، وهذه جملة من أقوالهم:
قال ابن عابدين في حاشيته (1 / 67):
": صَحَّ عَنْ الْإِمَامِ (أبي حنيفة ) أَنَّهُ قَالَ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي " .
وقال الإمام مالك رحمه الله تعالى :
" إنما أنا بشر، أخطئ وأصيب فانظروا في رأيي فكلما وافق الكتاب والسنة فخذوا به ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه "
" جامع بيان العلم وفضله " (1 / 775) .

وقال النووي رحمه الله :
" وصَحَّ عَنْ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: " إذَا وَجَدْتُمْ فِي كِتَابِي خِلَافَ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُولُوا بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعُوا قَوْلِي. وَرُوِيَ عَنْهُ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ خِلَافَ قَوْلِي فَاعْمَلُوا بِالْحَدِيثِ وَاتْرُكُوا قَوْلِي ، أَوْ قَالَ: فَهُوَ مَذْهَبِي وَرُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ ، وَقَدْ عَمِلَ بِهَذَا أَصْحَابُنَا (الشافعية ) فِي مَسْأَلَةِ التَّثْوِيبِ وَاشْتِرَاطِ التَّحَلُّلِ مِنْ الْإِحْرَامِ بِعُذْرِ الْمَرَضِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِ الْمَذْهَب "

" المجموع شرح المهذب " (1 / 63).

وقال الإمام أحمد رحمه الله تعالى " لا تقلدني ولا تقلد مالكا ولا الثوري ولا الأوزاعي، وخذ من حيث أخذوا "
" إعلام الموقعين عن رب العالمين " (2 / 139).
مما سبق يُعلم أن كل قول أو رأي أو مذهب ثبت مخالفته لقول النبي صلى الله عليه وسلم : فلا يجوز اتباعه ، والأئمة الأعلام متبرئون منه وراجعون عنه ،

قَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله
" أجمع الْمُسلمُونَ على أَن من استبان لَهُ سنة من رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يحل لَهُ أَن يَدعهَا لقَوْل أحد " انتهى من إيقاظ همم أولي الأبصار للاقتداء بسيد المهاجرين والأنصار "

وقال أيضا " كل مَا قلت ، وَكَانَ قَول رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خلاف قولي ، مِمَّا يَصح : فَحَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أولى ؛ فَلَا تقلدوني"

" مختصر المؤمل في الرد إلى الأمر الأول " (1 / 58).

وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله

" فالواجب على كل من بلغه أمر الرسول وعرفه : أن يبينه للأمة وينصح لهم، ويأمرهم باتباع أمره ، وإن خالف ذلك رأي عظيم من الأمة، فإن أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظَّم ويقتدى به من رأي معظَّم قد خالف أمره في بعض الأشياء خطأ.

ومن هنا رد الصحابة ومن بعدهم من العلماء على كل من خالف سنة صحيحة، وربما أغلظوا في الرد - لا بغضاً له ، بل هو محبوب عندهم، معظَّم في نفوسهم - لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليهم، وأمره فوق كل أمر مخلوق. فإذا تعارض أمر الرسول وأمر غيره : فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم أولى أن يقدَّم ويتَّبع، ولا يمنع من ذلك تعظيم من خالف أمره وإن كان مغفوراً له، بل ذلك المخالف المغفور له لا يكره أن يخالَف أمرُه إذا ظهر أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بخلافه، بل يرضى بمخالفة أمره ومتابعة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم إذا ظهر أمره بخلافه. كما أوصى الشافعي: إذا صح الحديث في خلاف قوله؛ أن يتبع الحديث ويترك قوله "

" الحكم الجديرة بالإذاعة " (1 / 34).
...المزيد

عشرون تغريده عن الإسلام يحثنا الإسلام على التحلي بالنوايا الحسنة، والمواقف الإيجابية، والمشاعر ...

عشرون تغريده عن الإسلام

يحثنا الإسلام على التحلي بالنوايا الحسنة، والمواقف الإيجابية، والمشاعر الطيبة تجاه الآخرين.

يعلمنا الإسلام أن نسامح الآخرين ونحب لهم ما نحب لأنفسنا.

يحثنا الإسلام على بشاشة الوجه والتبسم بصدق وإخلاص عند مقابلة الآخرين.

يوجهنا الإسلام بأن نتعامل مع الآخرين بلطف ولباقة واحترام.

يأمرنا الإسلام بالأخلاق الطيبة والسلوك الحسن مع الناس.

يخبرنا الإسلام أن نتعامل برحمة وحرص مع البشر والحيوانات والطيور والبيئة من حولنا.

يرشدنا الإسلام إلى احترام آبائنا والمسنين ورعايتهم، والإحسان إلى الأهل والزوجة والأبناء والأقارب.

يشجعنا الإسلام على إطعام الضعفاء والفقراء ومساعدة المحتاجين والمعاقين ومساندتهم.

يحثنا الإسلام على التفكير والتأمل وإعمال العقل وأن نبني أحكامنا على الأدلة والبراهين.


يخبرنا الإسلام بأن جميع الناس سواسية بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الجنسية.


أمرنا بأن لا نؤذي أو نعتدي على الآخرين، وألا نحتقرهم أو نضع من قدرهم؛ إنه الإسلام!


يخبرنا بوضوح لماذا أتينا إلى هذه الدنيا ومن أوجدنا بها وإلى أين المصير والمثوى الأخير؛ إنه الإسلام!

يرشدنا الإسلام إلى الأدب مع الله، ومع النفس، والخلق؛ إنه الإسلام!


يجيب بوضوح عن أسئلتنا المهمة والحاسمة؛ إنه الإسلام!

إنه يدلنا إلى الحق المطلق والنجاح والطمأنينة والسعادة الحقيقية والخلاص والحياة الأبدي؛ إنه الإسلام!

عندما تكون عقولنا أسيرة للتصورات أو الأحكام المسبقة؛ فإننا لن نرى أبدًا جمال أو حقيقة أي شيء!


اتباع الإسلام وتطبيقه بشكل صحيح كما أمر الله ورسوله هو الطريق إلى الجنة!


يقرر الإسلام بأن الله الواحد الحق قد خلق كل الخلق، وهو المعبود لا سواه.


جاء النبي محمد ﷺ بتوحيد الله وليتمم مكارم الأخلاق وتعزيز القيم الفاضلة.


أكد القرآن الكريم عظمة أخلاق الرسول محمد ﷺ: (وإنك لعلى خلق عظيم).
...المزيد

من صور الإحسان التي غفل عنها البعض من الناس الدعاء وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ولآحاد ...

من صور الإحسان التي غفل عنها البعض من الناس الدعاء
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لأمته ولآحاد أمته نفعًا لهم ورحمة وشفعة بهم قال صلى الله عليه وسلم: «اللهم اهد دوسًا وائت بهم» [رواه البخاري].
قال علي بن الحرارة: كانت أمي مقعدة نحو عشرين سنة، فقالت لي يومًا: اذهب إلى أحمد بن حنبل، فسله أن يدعو لي، فصرت إليه فدفعت الباب، قال: من هذا؟ فقلت: أنا رجل من أهل ذاك الجانب، سألتني أمي وهي زمنة مقعدة، أن أسألك أن تدعو لها. فسمعته يقول، وهو كالغضب: نحن أحوج إلى أن تدعو لنا، فوليت منصرفًا، فخرجت امرأة عجوز من داره، فقالت: أنت الذي كلمت أبا عبد الله، قلت: نعم، قالت: قد تركته يدعو لها، قال: فجئت من فوري إلى البيت، فدفعت الباب؛ فقامت أمي على رجليها تمشي حتى فتحت الباب، وقالت: قد وهب الله لي العافية). ...المزيد

من علامات محبة الله للعبد إشاعةِ حبِّه بين الناس روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن ...

من علامات محبة الله للعبد إشاعةِ حبِّه بين الناس
روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا أحبَّ اللهُ العبدَ نادى جبريلُ: إن اللهَ يُحبُّ فلانًا فأَحِبُّوه، فيحبه أهلُ السماءِ، ثم يوضعُ له القبولُ في الأرض".
ورواه مسلم وزاد:
"وإذا أبغضَ اللهُ عبدًا دعا جبريلَ فيقولُ: إني أبغضُ فلانًا فأبغِضْهُ، فيبغِضُه جبريلُ، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانًا فأبغضوه، قال: فيبغضونه، ثم توضع له البغضاءُ في الأرض".

وفي صحيح مسلم ذكر هذه الصورة العملية للحب

فعن سهيل بن أبي صالح قال: كنا بعرفة، فمرَّ عمرُ بنُ عبد العزيز وهو على الموسم، فقام الناسُ ينظرون إليها، فقلتُ لأبي: يا أبتِ: إني أرى الله يحبُّ عمر بن عبد العزيز، قال: وما ذاك؟! قلتُ: لِمَا له من الحبِّ في قلوب الناس، قال: فأُنَبِّئُك؟! إني سمعتُ أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم... ثم ذكر الحديث السابق.

وأخرجه الترمذيُّ بمثل حديث مسلم وزاد:
فذاك قول الله: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً) [مريم: 96].
...المزيد

من حقوق الأخوة ما ذكره الإمام "ابن جزي" في "القوانين الفقهية" (291) : " حقوق المسلم على المسلم عشرة ...

من حقوق الأخوة ما ذكره الإمام "ابن جزي" في "القوانين الفقهية" (291) : " حقوق المسلم على المسلم عشرة : أن يسلم عليه إذا لقيه ، ويعوده إذا مرض ، ويجيبه إذا دعاه ، ويشمته إذا عطس ، ويشهد جنازته إذا مات ، ويبر قسمه إذا أقسم ، وينصح له إذا استنصحه ، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ، ويكف عنه شره ما استطاع ، فالمسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه ، ويبذل له من خيره ما استطاع في دينه ودنياه ، فإن لم يقدر على شيء فكلمة طيبة .

فإن كان من القرابة ، فيزيد على ذلك : حق صلة الرحم بالإحسان ، والزيارة ، وحسن الكلام ، واحتمال الجفاء" انتهى .
...المزيد

القول بعدم جريان الربا في الأوراق النقدية جهل واضح بحقيقة النقود الصحيح من أقوال أهل العلم، أنّ ...

القول بعدم جريان الربا في الأوراق النقدية جهل واضح بحقيقة النقود
الصحيح من أقوال أهل العلم، أنّ عِلة جريان الرِبا في الذهب والفضة؛ كونهما أثمانًا.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
وَالْأَظْهَرُ: أَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ هُوَ الثمنية؛ كَمَا قَالَهُ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، لَا الْوَزْنُ ...
وَالتَّعْلِيلُ بالثمنية تَعْلِيلٌ بِوَصْفٍ مُنَاسِبٍ؛ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَثْمَانِ أَنْ تَكُونَ مِعْيَارًا لِلْأَمْوَالِ، يَتَوَسَّلُ بِهَا إلَى مَعْرِفَةِ مَقَادِيرِ الْأَمْوَالِ، وَلَا يَقْصِدُ الِانْتِفَاعَ بِعَيْنِهَا. فَمَتَى بِيعَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ إلَى أَجَلٍ، قُصِدَ بِهَا التِّجَارَةُ الَّتِي تُنَاقِضُ مَقْصُودَ الثمنية.
انتهى من مجموع الفتاوى.

وقال ابن القيم رحمه الله:
وأما الدراهم والدنانير، فقالت طائفة: العلة فيهما كونهما موزونين، وهذا مذهب أحمد في إحدى الروايتين عنه، ومذهب أبي حنيفة.
وطائفة قالت: العِلة فيهما الثمنية، وهذا قول الشافعي، ومالك، وأحمد في الرواية الأخرى، وهذا هو الصحيح، بل الصواب.
انتهى من إعلام الموقعين.

وتنزيل خلاف الفقهاء المتقدمين في حكم الفلوس التي كانت في عصورهم على حكم الأوراق النقدية في العصر الحاضر؛ مجانب للصواب؛ ففي عصرنا الحاضر لم تعد النقود ذهبًا وفضة على مستوى الدول والأفراد، كما كان في السابق، وحلّت مكانهما الأوراق النقدية تمامًا؛ وهذا لم يحصل في عصر من عصور هؤلاء الفقهاء المتقدمين؛ فغاية ما كان يحصل في عصورهم؛ وجود بعض العملات الأخرى التي تسمى فلوسًا، مع بقاء أصل النقد ذهبًا، وفضة.

قال الدكتور وهبة الزحيلي في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته:
إن من مظاهر انحطاط الفكر، ودواهي العلم أن يقال: (إن الأوراق النقدية لا توزن؛ فلا تعتبر من الربويات، بل تأخذ حكم العروض التجارية)، أو يقال: إن الأوراق النقدية -كالفلوس- لا يجري فيها الربا، وهذا جهل واضح بحقيقة النقود؛ فإنها ثمن اصطلاحي للأشياء، سواء أكانت معادن، أم أي شيء آخر. انتهى.

وعليه؛ فالقول بعدم جريان الربا في الأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس اليوم؛ قول غير صحيح؛ وتلزم منه لوازم خطيرة، كعدم وجوب الزكاة في هذه العملات الورقية.

والصواب أنّ النقود الورقية؛ لها حكم الذهب والفضة في جريان الربا بنوعيه فيها، وكذا في وجوب الزكاة، وفي صحة كونها ثمنًا في السلم، وغيره من المعاملات؛ وبهذا صدرت فتاوى المجامع الفقهية، وفتاوى العلماء المعاصرين، فقد جاء في قرار "مجلس المجمع الفقهي" برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة الدورة الخامسة قرار رقم (6):

أولًا: إنه بناء على أن الأصل في النقد هو الذهب والفضة، وبناء على أن علة الربا فيهما هي مطلق الثمنية، في أصح الأقوال عند فقهاء الشريعة.
وبما أن الثمنية لا تقتصر عند الفقهاء على الذهب والفضة، وإن كان معدنهما هو الأصل.

وبما أن العملة الورقية قد أصبحت ثمنًا، وقامت مقام الذهب والفضة في التعامل بها، وبها تقوّم الأشياء في هذا العصر؛ لاختفاء التعامل بالذهب والفضة، وتطمئن النفوس بتموّلها، وادّخارها، ويحصل الوفاء، والإبراء العام بها، رغم أن قيمتها ليست في ذاتها، وإنما في أمر خارج عنها، وهو حصول الثقة بها كوسيط في التداول والتبادل، وذلك هو سر مناطها بالثمنية.

وحيث إن التحقيق في علة جريان الربا في الذهب والفضة هو مطلق الثمنية، وهي متحققة في العملة الورقية.

لذلك كله؛ فإن مجلس المجمع الفقهي يقرر: أن العملة الورقية نقد قائم بذاته، له حكم النقدين من الذهب والفضة؛ فتجب الزكاة فيها، ويجري الربا عليها بنوعيه -فضلًا، ونسيئة-، كما يجرى ذلك في النقدين من الذهب والفضة تمامًا، باعتبار الثمنية في العملة الورقية قياسًا عليهما؛ وبذلك تأخذ العملة الورقية أحكام النقود في كل الالتزامات التي تفرضها الشريعة فيها.

ثانيًا: يعتبر الورق النقدي نقدًا قائمًا بذاته، كقيام النقدية في الذهب والفضة، وغيرهما من الأثمان، كما يعتبر الورق النقدي أجناسًا مختلفة، تتعدد بتعدد جهات الإصدار في البلدان المختلفة، بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته؛ وبذلك يجري فيها الربا بنوعيه -فضلًا، ونسيئة-، كما يجري الربا بنوعية في النقدين -الذهب، والفضة-، وفي غيرهما من الأثمان. انتهى.

وكذلك مجمع الفقه الإِسلامي بجدة، بقراره: 21 (9/ 3)، وتبعهم في ذلك مجمع الفقه الإِسلامي بالهند، بقراره الصادر في 11/ 1989 م.
...المزيد

هل للدعاء يوم عرفة فضل لغير الحاج عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...

هل للدعاء يوم عرفة فضل لغير الحاج
عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( ما مِن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء ) رواه مسلم

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة ، وخير ما قلت أنا والنبيّون من قبلي : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك ، وله الحمد ، وهو على كل شيء قدير ) رواه الترمذي وحسَّنه الألباني في " صحيح الترغيب " .
وعن طلحة بن عبيد بن كريز مرسلا : ( أفضل الدعاء دعاء يوم عرفة ) رواه مالك في " الموطأ “ وحسَّنه الألباني في " صحيح الجامع " .
وقد اختلف العلماء هل هذا الفضل للدعاء يوم عرفة خاص بمن كان في عرفة أم يشمل باقي البقاع ، والأرجح أنه عام ، وأن الفضل لليوم ، ولا شك أن من كان على عرفة فقد جمع بين فضل المكان وفضل الزمان .
قال الباجي رحمه الله : قوله : " أفضل الدعاء يوم عرفة " يعني : أكثر الذكر بركة وأعظمه ثوابا وأقربه إجابة ، ويحتمل أن يريد به الحاج خاصة ؛ لأن معنى دعاء يوم عرفة في حقه يصح ، وبه يختص ، وإن وصف اليوم في الجملة بيوم عرفة فإنه يوصف بفعل الحاج فيه ، والله أعلم ".
المنتقى شرح الموطأ ( 1 / 358 ) .
وقد ثبت عن بعض السلف أنهم أجازوا " التعريف " وهو الاجتماع في المساجد للدعاء وذكر الله يوم عرفة ، وممن فعله ابن عباس رضي الله عنهما ، وأجازه الإمام أحمد وإن لم يكن يفعله هو .
قال ابن قدامة رحمه الله : قال القاضي : ولا بأس بـ " التعريف " عشية عرفة بالأمصار ( أي ِ: بغير عرفة ) ، وقال الأثرم : سألت أبا عبد الله أي : الإمام أحمد عن التعريف في الأمصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة ، قال : " أرجو أن لا يكون به بأس قد فعله غير واحد " ، وروى الأثرم عن الحسن قال : أول من عرف بالبصرة ابن عباس رحمه الله وقال أحمد : " أول من فعله ابن عباس وعمرو بن حُرَيث " .
وقال الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع : كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة ، قال أحمد : لا بأس به ؛ إنما هو دعاء وذكر لله . فقيل له : تفعله أنت ؟ قال : أما أنا فلا ، وروي عن يحيى بن معين أنه حضر مع الناس عشية عرفة ".
المغني ( 2 / 129 ) .
وهذا يدل على أنهم رأوا أن فضل يوم عرفة ليس خاصاً بالحجاج فقط ، وإن كان الاجتماع للذكر والدعاء في المساجد يوم عرفة ، لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك كان الإمام أحمد لا يفعله ، وكان يرخص فيه ولا ينهى عنه لوروده عن بعض الصحابة ، كابن عباس وعمرو بن حريث رضي الله عنهم .

منقول من فتاوى موقع الاسلام سؤال وجواب

وقد شرع الله سبحانه لعباده الدعاء بتضرع وخفية وخشوع لله رغبة ورهبة، وهذا الموطن من أفضل مواطن الدعاء.
قال الله تعالى: ( ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) [الأعراف:55]
وقال تعالى: وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ [الأعراف:205].
وفي الصحيحين: قال أبو موسى الأشعري: رفع الناس أصواتهم بالدعاء. فقال رسول الله ﷺ: أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنما تدعون سميعًا بصيرًا، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته.
وقد أثنى الله جل وعلا على زكريا في ذلك، قال تعالى: ( ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ۝ إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا) [مريم:2-3]
وقال: ( وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر:60].
والآيات والأحاديث في الحث على الذكر والدعاء كثيرة.
ويشرع في هذا الموطن بوجه خاص الإكثار من الذكر والدعاء بإخلاص وحضور قلب ورغبة ورهبة، وقد روي عنه ﷺ أنه قال في هذا اليوم: ( خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير).

قال النووي في المجموع:
ويكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وينبغي أن يأتي بهذه الأذكار كلها فتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يسبح وتارة يقرأ القرآن وتارة يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم وتارة يدعو وتارة يستغفر ويدعو مفرداً، وفي جماعة، وليدع لنفسه ولوالديه ومشايخه، وأقاربه وأصحابه وأصدقائه وأحبائه وسائر من أحسن إليه وسائر المسلمين، وليحذر كل الحذر من التقصير في شيء من هذا، فإن هذا اليوم لا يمكن تداركه بخلاف غيره.

وينبغي أن يكرر الاستغفار والتلفظ بالتوبة من جميع المخالفات مع الندم بالقلب، وأن يكثر البكاء مع الذكر والدعاء، فهناك تسكب العبرات وتستقال العثرات وترتجى الطلبات، وإنه لمجمع عظيم وموقف جسيم يجتمع فيه خيار عباد الله الصالحين وأوليائه المخلصين والخواص من المقربين، وهو أعظم مجامع الدنيا، وقد قيل إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غفر لكل أهل الموقف.

إلى أن قال: ومن الأدعية المختارة: اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً كبيراً، وإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني رحمة أسعد بها في الدارين وتب علي توبة نصوحاً لا أنكثها أبداً وألزمني سبيل الاستقامة لا أزيغ عنها أبداً، أللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة، واكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك، ونور قلبي وقبري، واغفر لي من الشر كله، واجمع لي الخير، اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى، اللهم يسرني لليسرى وجنبني العسرى، وارزقني طاعتك ما أبقيتني، أستودعك مني ومن أحبابي والمسلمين أدياننا وأماناتنا وخواتيم أعمالنا، وأقوالنا وأبداننا وجميع ما أنعمت به علينا. انتهى.
...المزيد

معلومات

أ.د. محمود عبد العزيز يوسف أبو المعاطي آل حجاب أستاذ الفقه المقارن. مصري مقيم في بلاد الخليج العربي عضو هيئة التدريس بكلية القانون جامعة لوسيل بدولة قطر مستشار أسري في منصة وتد للاصلاح الأسري سابقاً أستاذ التشريع الجنائي بمعهد الدراسات الجنائية. خبير شرعي بالقضاء مستشار أسري. أستاذ الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية بولاية مينيسوتا الأمريكية. أستاذ الفقه وأصوله بالمعهد العالي للائمة والخطباء بأمريكا سابقا أستاذ الفقه وأصوله بجامعة أم القرى فرع محافظة القنفذة بالسعودية سابقاً. أستاذ الفقه وأصوله المشارك بمعهد الدعوة والعلوم الاسلامية بقطر سابقاً. عضو مكتب الإفتاء بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بقطر سابقاً.

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً