الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم - أما بعد : فإن ...

الحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه و على آله و صحبه و سلم - أما بعد :

فإن قضاء حوائج المسلمين و تنفيس الكرب عنهم من أعظم العبادات و أجلّها ، حث عليها الشرع الحنيف و رغّب فيها ، ففيها من جميل المعاني و طِيب الخُلُق ما فيها ، و قد وردت نصوص كثيرة في الحث على ذلك و الترغيب فيه و التحريض عليه فمن ذلك على سبيل المثال لا الحصر :
قوله تعالى " وتعاونوا على البِرِّ و التقوى "
قال العلّامة السعدي -رحمه الله - " أي لِيُعِن بعضكم بعضاً على البر"
-قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " خير الناس أنفعُهم للناس "
و أي نفعٍ أعظم من تفريج كربات المسلمين؟! و قضاء حوائجهم ، في هذا الزمن الذي ضاعت فيه القيم ، و تلوثت فيه الفطرة ، و بِيع الدين بعَرَضٍ من الدنيا قليل!


-إن قضاء حوائج المسلمين فيه من إدخال السرور عليهم ما الله به عليم ، قال رسول الله - صلوات الله عليه و سلامه - " إن من أحبّ الأعمالِ إلى الله : إدخال السرور على قلب المؤمن، وأن يفرج عنه غماً ، أو يقضي عنه دَيْناً ، أو يطعمه من جوع "
و قد سئل الإمام مالك رحمه الله : أي الأعمال تحب ؟ فقال " إدخال السرور على المسلمين ، و أنا نذرت نفسي أفرج كربات المسلمين "!
فسبحان الله ! هذا الإمام العالِم الذي وهب نفسه للعلم حتى صار إمام أهل المدينة ، يهتم بإدخال السرور على المسلمين و قضاء حوائجهم ، وإن دل ذلك فإنما يدل على عظيم فقهه لدين الله تبارك و تعالى
و لله در الشافعي حيث يقول :
و أفضل الناس ما بين الورى رجلٌ
تُقضى على يده للناس حاجاتُ
لا تمنعنّ بيدَ المعروفِ عن أحدٍ
ما دمت مقتدراً فالسعدُ تاراتُ
-اقضوا حوائج المسلمين ، و فرجوا عنهم كرباتهم ما استطعتم ، فإن ثكالى المسلمين و ضعفائهم كُثُر ، والواقع خير شاهد!
فيا لله كم في أمة الإسلام اليوم من ثكلى! ، و كم فيها من مكروبٍ و مُستضعَف!
قال أبو العتاهية :
اقـضِ الحـوائجَ مـا اسـتطعت
و كُـنْ لهـمّ أخيـك فـارجْ
فَـلَخيـرُ أيـام الفـتى
يـومٌ قضـى فيـه الـحوائجْ
-إن الناظرَ لحالِ أمة الإسلام اليوم ، يرى كم حصل فيها من تغريب ، و كم تشوهت في منهجها و دينها من معانٍ يُفترض أنها أصول و ثوابت! ، لقد طُمستْ معالمُ الولاء و البراء، فحريٌّ بعباد الله الصادقين ، أن يعيدوا تلك االمعالمَ ما استطاعوا!
و في الحديث " المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا "
وكم في قضاء حوائج المسلمين من شعورٍ بالترابط و الألفة!
و ما أجمل هذا الحديث الذي يُعدّ قاعدة في حياة المسلمين
فعن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " صنائعُ المعروف تقي مصارع السوء "
فكم من بليّةٍ قد دُفعتْ بسبب تفريج كرب عن مكروب!
و كم من مصيبة كانت ستقع ، فدفعها الله عن صاحبه جزاءَ قضاء حاجةٍ لمسلمٍ قد فعلها سابقاً و ربما قد نسيها! لكن الله لا ينسى!!


- يقول سيد قطب - رحمه الله - " فالناس في حاجةٍ إلى كنفٍ رحيم ، و إلى رعاية فائقة ، و إلى بشاشةٍ سمحة، وإلى ود يسعهم ، و حلم لا يضيق بجهلهم و ضعفهم و نقصهم ، في حاجة إلى قلب كبير يعطيهم ولا يحتاج منهم إلى عطاء ، ويحمل همومهم ولا يعينهم بهمه ، و هكذا كان قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه و الصالحين "
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "من نفّس عن مؤمن كربة نفّس الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ، ومن يسر عن معسرٍ يسر الله عليه في الدنيا والآخرة "

قال الشافعي :
و ليس فتى الفتيان من راح و اغتدى
لشُربِ صبوحٍ أو لشُربِ غبوق
و لكن فتى الفتيان من راح و اغتدى
لضرّ عدوٍّ أو لنفعِ صديق
جعلنا الله و إياكم من عباده الصالحين الذين يفرجون هموم المسلمين و يقضون حوائجهم لا يبتغون من ذلك إلا وجه الله و مرضاته
"إنما نُطعمُكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شُكوراً" و الحمد لله أولاً و آخراً.
كتبه : قتيبة الغريب
...المزيد

معلومات

-طالب بكلية الطب البشري جامعة الأزهر -طويلب علم شرعي -كاتب

أكمل القراءة

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً