عيدُ الفِطر ❖ عن أنس -رضي الله عنه- قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان ...

عيدُ الفِطر

❖ عن أنس -رضي الله عنه- قال: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: (ما هذان اليومان؟)، قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية. فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر). [رواه أبو داود]

◾ من سنن يوم العيد

- 1 التكبير ابتداء من دخول ليلة العيد، وانتهاءً بصلاة العيد.
- 2 الاغتسال لصلاة العيد ولبس أحسن الثياب والتطيُّب.
- 3 أن يأكل قبل الخروج لصلاة عيد الفطر تمرات وتراً.
- 4 أن يخرج إلى المصلى وهو يُكبّر.
- 5 الذهاب إلى المصلى من طريق، والرجوع من طريق آخر.
- 6 اصطحاب النساء والأطفال والصبيان إلى المصلّى.

◾ واجبات المسلمين في العيد

1- صلاة العيد
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يواظب عليها، ويأمر بها حتى النساء، فعن أم عطية -رضي الله عنها- قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق والحُيَّض وذوات الخدور، فأما الحُيَّض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير، ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب، قال: (لتُلبسها أختها من جلبابها).

[متفق عليه]

2- زكاة الفطر
عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: (فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر طُهرة للصائم من اللغو والرفث، وطُعمة للمساكين، من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات).

[رواه أبو داود]

◾ بدع ومنكرات يفعلها الناس في العيد

- الزيادة في التكبير على الصيغ الواردة عن الصحابة.
- التكبير بالصيغ الجماعية، والمطلوب أن يُكبر كلُّ واحد بانفراد، ولو حصل اتفاق فلا ضير.
- تخصيص اليوم بزيارة القبور، وتقديم الحلوى والورود ونحوها على المقابر.
- الاختلاط بين الرجال والنساء، ومصافحة الأجنبية.
- اللهو واللعب المحرم، ولا بأس باللهو واللعب المباح.
- الإسراف في الطعام والشراب واللباس.


المصدر:
صحيفة النبأ – العدد 488
السنة السادسة عشرة - الخميس 27 رمضان 1446 هـ
إنفوغرافيك العدد
...المزيد

"أدومها وإن قل" ها قد مضت بنا أيام شهر رمضان سريعا كما أخبر ربنا سبحانه في كتابه: {أَيَّامًا ...

"أدومها وإن قل"

ها قد مضت بنا أيام شهر رمضان سريعا كما أخبر ربنا سبحانه في كتابه: {أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ}، وعما قريب تنقضي آخر ساعاته وينفض سوقه وينادي المنادي: ربح فيه من ربح، وخسر فيه من خسر، نسأل الله أن يجعلنا فيه من الرابحين.

فنود في هذه المناسبة أن نذكّر عموم المسلمين بأن الغاية من الصيام كما هو معلوم تحقيق التقوى لله تعالى، يعني طاعة أمره واجتناب نهيه وتحصيل خشيته في السر والعلن، ولا شك أن هذا مقصد جميع العبادات في سائر العام، وليس فقط في رمضان.

وإن العباد يشتركون في الإمساك عن الحلال من الطعام والشراب في رمضان، لكنهم يتفاوتون في الإمساك عن الحرام؛ فهذا ممسك، وذاك مفرط وهنا يحصل التفاوت بين صائم وآخر.

وإن من لطائف رمضان أن الله تعالى أوجب الإمساك عن المفطرات في أيام رمضان، بينما أوجب الإمساك عن المحرمات طوال العمر، وهذا هو الذي عليه التعويل وهو مقياس الإيمان وبه تفاضل وامتاز المؤمنون.

ولا شك أن المؤمن يجتهد في رمضان في الطاعات والقربات ما لا يجتهد في غيره من الشهور اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وهذا أمر طبيعي وهو المطلوب، ولكن يعاني البعض من انتكاسة وفتور بعد انقضاء رمضان بسبب بعد المسافة بين حد الطاعة في رمضان وحد الطاعة بعده، أي أن ورده من الصلاة والقيام والذكر وتلاوة القرآن في رمضان يفوق بأضعاف ورده بعد رمضان، والذي يقل عند الكثيرين حتى يضمحل أو يكاد.

وللتغلب على هذه الآفة التي تعتري العباد في زمن ضعف الإيمان وطغيان الملهيات والشهوات، عليك أيها المؤمن بالتوجيه النبوي العميق الذي نقلته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: سئل النبي -صلى الله عليه وسلم-: أي الأعمال أحب إلى الله؟ قال: (أدومها وإن قل)، وقال: (اكلفوا من الأعمال ما تطيقون) [رواه البخاري]

وليتأمل المسلم أن هذه الوصية النبوية صدرت عمّن كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه -صلى الله عليه وسلم-، وكان خير من جدّ واجتهد في عبادة مولاه، ومع ذلك فهو يبين لأتباعه أن أحب الأعمال أدومها وإن قل، لأن العبرة بالمواظبة على الطاعة فقليل دائم خير من كثير منقطع.

ولا يعني هذا بحال عدم الاجتهاد في الطاعة والمسارعة والمسابقة إليها والتنافس فيها كما نصت عليه نصوص القرآن والسنة المطهرة، وإنما مقصد التوجيه النبوي السابق بيّنه شطر الحديث في قوله: (اكلفوا من الأعمال ما تطيقون) أي ليكن اجتهادك أيها العبد في الطاعة على النحو الذي تقدر عليه وتحتمله، دون أن يؤدي بك إلى تفويت واجب أو يفضي بك إلى ملل ينقلك من الجد إلى التقصير في الطاعات وهو ما بيّنه الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في شرحه للحديث السابق فقال: "(ما تطيقون): أي قدر طاقتكم، والحاصل أنه أمر بالجد في العبادة والإبلاغ بها إلى حد النهاية، لكن بقيد؛ ما لا تقع معه المشقة المفضية إلى السآمة والملال". [فتح الباري]

ولذلك ينبغي للمسلم أن يضبط مساره التعبدي بعد رمضان بما يناسب قدراته وطاقته وكل أدرى بنفسه، على أن تكون النتيجة هي مواصلة الطاعة لا هجرها، فمن كان يقيم معظم الليل فليحرص على المواظبة على أقله ولو ركعتين، ومن كان يعدد الختمات كل ثلاثة أو أقل أو أكثر، فليحافظ على ختم القرآن كل سبعة أو عشرة، ومن كان ورد تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله وحوقلته... بالآلاف أو المئات فليداوم على ورده ولو بالعشرات، وهكذا فليحرص المسلم على طاعته بالحد الذي يحقق له الدوام عليها وانشراح الصدر لها ولا شك أن هذا لن يخلو من مجاهدة النفس وإرغامها وإلزامها فإما تقودها إلى نجاتك، أو تقودك إلى حتفك، فانتبه.

وختاما نسأله تعالى أن يتقبل منا طاعاتنا وأن يرزقنا حسن الاتباع لهدي نبينا صلى الله عليه وسلم، وأن يتوفانا على الإيمان ويختم لنا بالحسنى، والحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 488
السنة السادسة عشرة - الخميس 27 رمضان 1446 هـ

مقال:
"أدومها وإن قل"
...المزيد

بينما يقف اليوم جيش النظام السوري الجديد موقف سلفه النصيري على طول الحد الجنوبي مع يهود وهو لا يفكر ...

بينما يقف اليوم جيش النظام السوري الجديد موقف سلفه النصيري على طول الحد الجنوبي مع يهود وهو لا يفكر مجرد تفكير أن يمارس "حقه" في رد أي اعتداء عسكري على أراضيه التي باتت مستقرا للقوات اليهودية الغازية تدخل وتخرج على مرأى جنود الجولاني، بينما يكتفي النظام الثوري ببيانات "الإدانة" تماما كما كان يفعل نظام "ما قبل الثورة".

وإنّ عدم استطاعة القيام بالشيء مع استفراغ الوسع في ذلك، والسعي في دفع التقصير، يعفي المرء، فلا يكلف الله نفسها إلا وسعها، لكن التفريط وعدم العزم على القيام به، بل وشرعنة تركه، لا يعفي صاحبه، وهذا هو الفرق بين من يتلمظ لقتال اليهود ويحرض ويحرص بكل وسيلة على الوصول إليهم لجهادهم، وبين من صار يشرعن وينظّر للحكمة في عدم مواجهتهم حفاظا على "البيت السوري" فهلَّا تعذّروا وتوسّعوا في ذلك للدولة الإسلامية التي حرصت كل الأطراف طوال الثورة على إبعادها عن الحدود الجنوبية حفاظا على "البيت اليهودي؟!".

ختاما، إن مستقبل العلاقة مع اليهود في الشام لن يبقى خاضعًا لسياسات الثورات الجاهلية ولا أنظمتها الدستورية، بل إن كل الأحداث تدفع باتجاه المواجهة الحتمية مع دويلة اليهود التي بدأت تتوغل أكثر وأكثر في عقر دار المؤمنين، وهو ما يحتّم على المسلمين الاستعداد لهذه المواجهة التي طال انتظارها ولكن هذه المرة ستكون في ظلال الإسلام وشريعته لا ظلال الطاغوت ودساتيره، وإن غدا لناظره لقريب.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 488
السنة السادسة عشرة - الخميس 27 رمضان 1446 هـ

المقال الافتتاحي:
الجولاني بين جدارين!

الجولاني بين جدارين!
...المزيد

الجولاني بين جدارين! جاءت الرياح الدولية بما تشتهي سفن النظام السوري الجديد الذي استقرت به في ...

الجولاني بين جدارين!

جاءت الرياح الدولية بما تشتهي سفن النظام السوري الجديد الذي استقرت به في العاصمة دمشق، وسمحت له بمسك دفة الحكم مؤقتا بوصاية تركية مباشرة، والقصة باتت معروفة للجميع.

لكن سرعان ما اصطدمت الإدارة الجديدة بأزمة الجوار اليهودي الذي لا يمكنه النظر للجهاديين الناكصين من نفس زاوية الأمريكيين والأوروبيين الذين يتوسعون في هذا الباب احتواءً وتدجينًا وتجنيدًا، خلافا لليهود الذين تحكمهم عقدة أمنية خاصة لا يقبلون معها أي مجازفات من هذا النوع مهما كان هذا الطرف محاربا للتوحيد والجهاد وقصة الطاغوت "مرسي" لا تخفى.

في الوقت الراهن تتجاذب دوائر صنع القرار اليهودي طريقتين للتعامل مع المشهد السوري الجديد، الطريقة الأولى تتمثل في حسم الملف أمنيا وعسكريا، وعدم الوثوق بالنظام الجديد مهما قدّم من قرابين وعرابين، ومهما التزم بآداب حسن الجوار أسوة بنظيره الأردني والمصري وهلم جرا.

بينما الطريقة الثانية وتؤيدها مراكز أبحاث "الأمن القومي اليهودي" تتمثل في التعامل مع النظام السوري الجديد كحليف محتمل مستقبلا، أسوة بسلفه "الأسد" الذي كان يرفع شعار "المقاومة" في الهواء وعلى الأرض يلتزم التزاما حديديا بحماية الحدود اليهودية! مع فارق أن الطاغوت الجديد لا يرفع أي شعارات سوى "السلام".

لكن تبقى النزعة الأمنية اليهودية حتى الآن متغلبة على غيرها في التعامل مع المشهد السوري، وهو ما يصطدم بالأحلام الجولانية الواعدة لمد جسور السلام والوئام مع العدو التقليدي للمسلمين تشبُّثا بالحكم وليس ثمة شيء آخر.

فالسلوك الرسمي للنظام السوري الجديد بدا واضحا منذ الأيام الأولى لتسلُّمه الحكم، وكان حاسما لا يقبل المواربة بأن "سوريا الجديدة" لن تشكل خطرا على اليهود! ولن تسمح لأحد بذلك! وهذا شيء متوقع ليس في الفترة الانتقالية فحسب، بل حتى لو حكم الجولاني مئة عام فلن يسعى لإغضاب الجار اليهودي!، فالرجل المفتون بالحكم طلّق دينه ثلاثا من أجل هذه "اللحظة التاريخية!" أتراه يغامر باللعب في الملف الأخطر على الإطلاق وهو الأمن اليهودي؟!

الشيء الوحيد الذي يأمله الطاغوت الخداج أن تسمح له دويلة يهود بأن يشكل جدارا جديدا من جدر الحماية لليهود كبقية دول الطوق الشقيقة، لكن المشكلة في أن الطرف اليهودي ما يزال رافضا لكل هذه الحلول تماشيا مع العقدة اليهودية التي لا تثق بالعرب فضلا عن الجهاديين الناكصين حتى لو كانوا على منهاج إبليس!

ولعل البعض قد يشكل عليه فهم هذه القضية الشائكة، فالعلاقة بين اليهود والمرتدين ليست بنفس المسافة، فاليهود يطوّعون طواغيت العرب وجيوشهم لحمايتهم ويتحالفون معهم في الحرب على الإسلام، لكنهم لا يثقون بهم ثقة مطلقة، وهذا ما يفسر قيام الطيران اليهودي بتدمير بقايا الأسطول البحري والجوي للنظام السابق، استجابة للعقلية اليهودية الأمنية الصارمة في التعامل مع المحيط العربي المعادي، وهو نفس ما يجري على الحدود المصرية والأردنية من المراقبة الدقيقة للوجود العسكري لهذه الجيوش المرتدة رغم مرابطتها بالأساس لحراسة حدود اليهود!، وهو ما ينتظر ترسانة هذه الجيوش لو أصابتها "الفوضى السورية"، وهذه مسألة يجب فهمها جيدا وعدم الخلط فيها بين ردة وعمالة هذه الأنظمة لليهود وبين الثقة النسبية التي قد تتبدل في أي لحظة تصطدم فيها بالمصالح الأمنية اليهودية.

وتبعا لهذه العقلية الأمنية، عمد اليهود مؤخرا إلى اللعب بالورقة الدرزية التي يعدونها الأقرب إليهم من أي حليف آخر، سعيًا في إقامة جدار جديد يبعد الأخطار عن حدودهم في الجنوب السوري، على غرار "جيش لحد" في لبنان، مصداقا لقوله تعالى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ}، وهو ما يضع النظام السوري الجديد أمام معضلة حقيقية بين الاصطدام بجدار الطائفة الدرزية التي تستقوي بالتدخل اليهودي، وبين منافسة الدروز على لعب دور الجدار!

في هذا الصدد، نستذكر التصريحات والشعارات الخلبية التي كان يطلقها قادة النظام السوري الجديد في مرحلة "اللاوعي الثوري"، والتهديدات الجوفاء بقتال اليهود ونصرة فلسطين وغيرها من الشعارات التي يتقاسمها كل الطواغيت العرب، في حين لما وصل هؤلاء إلى سدة الحكم تنكّروا لشعاراتهم وأصبحوا يبررون ذلك بعقد مقارنات بين "عقلية الثورة" و "عقلية الدولة" وكأنهما خصمان! فإن كان هؤلاء قد خلعوا لباس الثورة عند أول عتبة قصر رئاسي ولجوه تحت أجنحة الطائرات الصليبية، أتراهم يتمسكون بالشريعة وهم يرونها عائقا ومانعا دون هذه القصور؟!

وفورا يتبادر إلى ذهن القارئ موقف هؤلاء وغيرهم المزاود على الدولة الإسلامية فيما يتعلق بقتال اليهود، مع أنها لم تكن على تماس مع الحدود اليهودية إلا في ساحة واحدة وعن بعد، بذلت فيها وسعها، فتحالفت ضدها كل الأطراف بمن فيهم "المقاومة" التي تعاونت لحماية "الأمن القومي المصري!" الذي يخنقها اليوم حماية لـ "الأمن القومي اليهودي!".
...المزيد

الجولاني بين جدارين! جاءت الرياح الدولية بما تشتهي سفن النظام السوري الجديد الذي استقرت به في ...

الجولاني بين جدارين!

جاءت الرياح الدولية بما تشتهي سفن النظام السوري الجديد الذي استقرت به في العاصمة دمشق، وسمحت له بمسك دفة الحكم مؤقتا بوصاية تركية مباشرة، والقصة باتت معروفة للجميع.

لكن سرعان ما اصطدمت الإدارة الجديدة بأزمة الجوار اليهودي الذي لا يمكنه النظر للجهاديين الناكصين من نفس زاوية الأمريكيين والأوروبيين الذين يتوسعون في هذا الباب احتواءً وتدجينًا وتجنيدًا، خلافا لليهود الذين تحكمهم عقدة أمنية خاصة لا يقبلون معها أي مجازفات من هذا النوع مهما كان هذا الطرف محاربا للتوحيد والجهاد وقصة الطاغوت "مرسي" لا تخفى.

في الوقت الراهن تتجاذب دوائر صنع القرار اليهودي طريقتين للتعامل مع المشهد السوري الجديد، الطريقة الأولى تتمثل في حسم الملف أمنيا وعسكريا، وعدم الوثوق بالنظام الجديد مهما قدّم من قرابين وعرابين، ومهما التزم بآداب حسن الجوار أسوة بنظيره الأردني والمصري وهلم جرا.

بينما الطريقة الثانية وتؤيدها مراكز أبحاث "الأمن القومي اليهودي" تتمثل في التعامل مع النظام السوري الجديد كحليف محتمل مستقبلا، أسوة بسلفه "الأسد" الذي كان يرفع شعار "المقاومة" في الهواء وعلى الأرض يلتزم التزاما حديديا بحماية الحدود اليهودية! مع فارق أن الطاغوت الجديد لا يرفع أي شعارات سوى "السلام".

لكن تبقى النزعة الأمنية اليهودية حتى الآن متغلبة على غيرها في التعامل مع المشهد السوري، وهو ما يصطدم بالأحلام الجولانية الواعدة لمد جسور السلام والوئام مع العدو التقليدي للمسلمين تشبُّثا بالحكم وليس ثمة شيء آخر.

فالسلوك الرسمي للنظام السوري الجديد بدا واضحا منذ الأيام الأولى لتسلُّمه الحكم، وكان حاسما لا يقبل المواربة بأن "سوريا الجديدة" لن تشكل خطرا على اليهود! ولن تسمح لأحد بذلك! وهذا شيء متوقع ليس في الفترة الانتقالية فحسب، بل حتى لو حكم الجولاني مئة عام فلن يسعى لإغضاب الجار اليهودي!، فالرجل المفتون بالحكم طلّق دينه ثلاثا من أجل هذه "اللحظة التاريخية!" أتراه يغامر باللعب في الملف الأخطر على الإطلاق وهو الأمن اليهودي؟!

الشيء الوحيد الذي يأمله الطاغوت الخداج أن تسمح له دويلة يهود بأن يشكل جدارا جديدا من جدر الحماية لليهود كبقية دول الطوق الشقيقة، لكن المشكلة في أن الطرف اليهودي ما يزال رافضا لكل هذه الحلول تماشيا مع العقدة اليهودية التي لا تثق بالعرب فضلا عن الجهاديين الناكصين حتى لو كانوا على منهاج إبليس!

ولعل البعض قد يشكل عليه فهم هذه القضية الشائكة، فالعلاقة بين اليهود والمرتدين ليست بنفس المسافة، فاليهود يطوّعون طواغيت العرب وجيوشهم لحمايتهم ويتحالفون معهم في الحرب على الإسلام، لكنهم لا يثقون بهم ثقة مطلقة، وهذا ما يفسر قيام الطيران اليهودي بتدمير بقايا الأسطول البحري والجوي للنظام السابق، استجابة للعقلية اليهودية الأمنية الصارمة في التعامل مع المحيط العربي المعادي، وهو نفس ما يجري على الحدود المصرية والأردنية من المراقبة الدقيقة للوجود العسكري لهذه الجيوش المرتدة رغم مرابطتها بالأساس لحراسة حدود اليهود!، وهو ما ينتظر ترسانة هذه الجيوش لو أصابتها "الفوضى السورية"، وهذه مسألة يجب فهمها جيدا وعدم الخلط فيها بين ردة وعمالة هذه الأنظمة لليهود وبين الثقة النسبية التي قد تتبدل في أي لحظة تصطدم فيها بالمصالح الأمنية اليهودية.

وتبعا لهذه العقلية الأمنية، عمد اليهود مؤخرا إلى اللعب بالورقة الدرزية التي يعدونها الأقرب إليهم من أي حليف آخر، سعيًا في إقامة جدار جديد يبعد الأخطار عن حدودهم في الجنوب السوري، على غرار "جيش لحد" في لبنان، مصداقا لقوله تعالى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ}، وهو ما يضع النظام السوري الجديد أمام معضلة حقيقية بين الاصطدام بجدار الطائفة الدرزية التي تستقوي بالتدخل اليهودي، وبين منافسة الدروز على لعب دور الجدار!

في هذا الصدد، نستذكر التصريحات والشعارات الخلبية التي كان يطلقها قادة النظام السوري الجديد في مرحلة "اللاوعي الثوري"، والتهديدات الجوفاء بقتال اليهود ونصرة فلسطين وغيرها من الشعارات التي يتقاسمها كل الطواغيت العرب، في حين لما وصل هؤلاء إلى سدة الحكم تنكّروا لشعاراتهم وأصبحوا يبررون ذلك بعقد مقارنات بين "عقلية الثورة" و "عقلية الدولة" وكأنهما خصمان! فإن كان هؤلاء قد خلعوا لباس الثورة عند أول عتبة قصر رئاسي ولجوه تحت أجنحة الطائرات الصليبية، أتراهم يتمسكون بالشريعة وهم يرونها عائقا ومانعا دون هذه القصور؟!

وفورا يتبادر إلى ذهن القارئ موقف هؤلاء وغيرهم المزاود على الدولة الإسلامية فيما يتعلق بقتال اليهود، مع أنها لم تكن على تماس مع الحدود اليهودية إلا في ساحة واحدة وعن بعد، بذلت فيها وسعها، فتحالفت ضدها كل الأطراف بمن فيهم "المقاومة" التي تعاونت لحماية "الأمن القومي المصري!" الذي يخنقها اليوم حماية لـ "الأمن القومي اليهودي!".
...المزيد

تحسين التمويه بالبدلات العازلة للحرارة: ومن الأخطاء الشائعة في عالم التمويه أن يتم عزل حرارة ...

تحسين التمويه بالبدلات العازلة للحرارة:

ومن الأخطاء الشائعة في عالم التمويه أن يتم عزل حرارة الجسم البشري عن المحيط فقط، وذلك بمادة عازلة أو عاكسة للحرارة، وعندها يظهر اللون أسودا، وهذا ليس تمويهاً في الواقع، فما حصلنا عليه في التصوير الحراري هو جسم أسود لأنه لا يشع الحرارة، فهو مختلف عن الأرض التي تحيط به، وبما أن الأرض ليست ذات برودة سوداء فلا يصعب تمييز هذا الجسم الأسود، ولكن عند وضع العشب والتراب فوق بدلة العزل الحراري التي تمنع حرارة جسم الإنسان من الإشعاع إلى كاميرات العدو الحرارية يتشكل ما يمكن وصفه بالتمويه الجيد، لأننا نخفي بدلة العزل بمواد المحيط الذي يتحرك فيه ليلاً، وهكذا يصبح تمييز الجسم المموَّہ عن محيطه أصعب فعلاً، بإذن الله.

وتبقى مشكلتان، إحداهما أن بدلة التمويه سوف تسخن بسبب جسم الإنسان الحار الذي تحتها، ما يوجب ترك فراغٍ للهواء كي يمر بين الجسم والبدلة، مع عدم إهمال الاهتمام بتمويه الرأس، وحجب حرارة القدمين، والمشكلة الثانية هي التعامل مع الحركة، فإن الجلوس على الأرض لدقائق يجعل الأرض التي جلس عليها الجسم الحار تسخن وتعطي أثراً في التصوير الحراري، وأما الحركة أمام الكاميرا الحرارية فهي تجعل الجسم المموَّہ عرضة للتمييز أكثر، تماماً كما يمكن تمييز القناص وهو في بدلة التمويه عندما يتحرك، فلا مقارنة بين سهولة تمويه الساكن وصعوبة تمويه المتحرك.

وأما البنادق أمام التصوير الحراري فإن ظهورها من كبائر الأخطاء في مقاييس التمويه العسكري، ولا شك أن تمويهها أولى من أي شيء آخر.

ومن طرائف التمويه وضعُ أنبوب مائل على شكل مدفع وتسخين أسفله بنارٍ في داخله لا تظهر من خارجه. ورغم أن هذه الحيلة قديمة، فإنه لا يوجد حل عند العدو للتمويه الجيد حتى الآن، والله أعلم، ولذا سيضيع العدو الكثير من الصواريخ على هذا الأنبوب الخردة، إن شاء الله.

وكذلك فإن السيارات القتالية الخشبية المغطاة بطبقة من المعدن قد استهلكت من الصليبيين وممن أمامهم من بهائمهم الروافض جهداً عسكرياً ضخماً قبل أن يكتشفوها، وأما بعد أن اكتشفوها فإن الخيارات العسكرية أمامهم لم تتسع أبداً، ولن يستفيدوا من اكتشافهم بإذن الله، طالما أن الحرارة التي تشعها المركبات الوهمية هي نفسها التي تشعها الحقيقية، وسيظلون يضربون الخشب بالنار، ثم يفرحون بما أتوا، والحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

للمزيد من المقالات وتبيين الحقائق حول دولة الإسلام.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

التمويه الحراري في الحرب كان التمويه في الحروب القديمة من أهم مهارات الحرب، وباستخدام أغصان ...

التمويه الحراري في الحرب

كان التمويه في الحروب القديمة من أهم مهارات الحرب، وباستخدام أغصان الشجر والطين على أجسام المقاتلين تمكنت الجيوش المهاجمة من الوصول إلى أهدافها قبل أن يتمكن المدافعون من تجهيز دفاعاتهم، وبالتمويه الجيد أيضاً تمكنوا من نصب الكمائن المحكمة، التي يقع فيها العدو المتحرك دون أن يشعر أنه قد أصبح بين فكي الكماشة.

ولم يفقد التمويه أهميته مع تطور أساليب الحروب الحديثة، بل تطورت فنون التمويه وازدادت طُرُقه تعقيداً لتسابق أساليب التصوير والمراقبة الحديثة.

وفي حين اعتمدت أساليب المراقبة القديمة على البصر والتمييز اللوني للأجسام، فإن الأساليب الجديدة في المراقبة تعتمد على أساليب متعددة منها التصوير الضوئي الذي يعطي تكبيراً لحجم الصورة أكثر من العين المجردة، وكذلك التصوير الحراري الذي يصور الحرارة المنبعثة من الأجسام فيتمكن من التصوير في الليل، ويتمكن من تمييز الجسم البشري المتخفي بصرياً ولونياً بين الأشجار بسبب حرارته، وهناك التصوير الطيفي أيضاً الذي يميز بين أنواع المواد المختلفة بمعزلٍ عن حرارة الجسم أو لونه، فمثلاً يظهر فيه لون قماش بدلة القناص مختلفاً عن لون الأعشاب والأشجار المحيطة رغم أن لونها متماثل بالعين المجردة، وكذلك التصوير الضوئي الليزري، وهناك أيضاً التصوير الليلي المعتمد على تضخيم الضوء، فيضخِّم ضوء القمر الضعيف أو الضوء المنبعث من قبضة الاتصال اللاسلكي مثلا ليُرى ما يحيط بها بوضوح، وجميع هذه الأساليب مستخدمة في الحروب حتى اليوم، ولكننا سنركز هنا على الأنواع التي يستفيد منها العدو أكثر، وأما القديمة التي قل استخدامها أو الحديثة التي لا تُرَكَّبُ إلا في أسلحة خاصة يندر استخدامها فلن نتطرق إليها في هذا المقام.

ومن أشهر أساليب التمويه المُشاهدة في مخلوقات الله –عز وجل- أن تُغيِّر الحرباءُ لونَها لتشبه محيطها، وهذا سلاحها الدفاعي الذي خُلِق معها فهي تعيش به، وأما في الحروب الحديثة فمن أشهر أساليب التمويه تصميم البدلات المموهة العسكرية للجنود، وأيضاً ما يقوم به القناص من لبس بدلة تحتوي ألوان محيطه الذي يختبئ فيه ليقتنص عدوَّہ، دون أن يدرك عدوُّہ أين يكمن القناص، وكذلك تمويه السيارات والمدافع بالأشجار في النهار.

فالتمويه هو فن الاختفاء عن مراقبة العدو بتقليل الفرق بين الجسم المراد إخفاؤه وبين محيطه، اعتماداً على طريقة مراقبة العدو للأجسام في ساحة المعركة.

التمويه ضد التصوير الحراري:

ونريد هنا أن نركز على أهم أساليب المراقبة الحديثة، وطريقة التعامل معها، وهو التصوير الحراري الذي يصوّر الحرارة المنبعثة من الأجسام بحيث تظهر الصورة بالأبيض والأسود، أحدهما للحرارة والثاني للبرودة، وفيه يكون الأبيض حاراً، فترى جسمَ الإنسان الحار الأبيضَ في الأشجار الباردة السوداء، واضحاً ناصعاً، رغم أنه يلبس بدلة القناص المموهة باللونين الأخضر والترابي، ورغم أن عينك لا تراه في النهار إلا بعد إرجاع البصر مرات ومرات. وكذلك تكون السيارات المتحركة واضحةً بالتصوير الحراري لأن محركها يعمل، فيعطي اللون الأبيض لأنه حار، بينما السيارة الواقفة منذ زمن ترى الغطاء المعدني فوق محركها أسود لأنه بارد.

فالإنسان في عيون الكاميرات الحرارية أبيض، وكذلك الحيوان طالما كان الدم الذي يجري فيه حاراً، وأما المعادن فهي تَبردُ وتسوَدُّ بسرعة بعد وقت قليل من ابتعاد أسباب الحرارة عنها، فترى الرشاش الذي يرمي الرصاص أبيض، وترى الرشاش الذي لا يرمي أسودا، وستجد أن أكثر ما في الرشاش بياضا أسفلُ السبطانة حيث بيتُ النار، وهذا هو أيضا حال المدفع وحال مصادر النيران المتعددة.

ونستنتج مما سبق أن تمويه جسم القناص عن التصوير البصري، وكذلك عن عيون الإنسان يكون بوضع ألوان مشابهة للمحيط بطريقة مناسبة ومدروسة حتى لا يتمكن المراقب من تمييز القناص عن محيطه، ولكن التمويه الحراري للقناص أو للمتسلل الانغماسي عن الأرض أصعب بكثير، وذلك لأنه متحرك أولاً، ثم لأنه يمر على أكثر من محيط حراري مختلف أثناء حركته.

وقد تطور التصوير الحراري في السنوات الأخيرة من حيث الدقة، فأصبحت الكاميرات تعطي صوراً مكونةً من أعداد أكبر من النقاط، وأصبح التباين بين الحرارات المختلفة أعلى في الصور، ولكن الصليبيين لم يحدِّثوا أسلحتهم بعد، وسيأخذ هذا منهم وقتاً ومالاً كثيراً، وإذا تمكنَّا من التعامل الصحيح مع هذه الإمكانيات، وفهمنا كيف يعمل هذا التصوير فإن هذه الأموال لن تجديهم نفعا، ولن تكون عليهم سوى حسرة وندامة، بإذن الله تعالى.
...المزيد

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم [4/4] الولاء ...

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم
[4/4]

الولاء والبراء أصل عظيم جاءت به جميع شرائع الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وهو كذلك أصل من أصول شريعة خاتمهم، صلى الله عليه وسلّم، وقد تجلَّى واضحا في سيرته وسير أصحابه، الذين جَهَروا بِالعداوة لأهل الشرك في مكة ثم جالدوهم بالسيوف وجاهدوهم بعد الهجرة إلى المدينة، حتى كان الرجل منهم يقتل أباه المشرك أو أخاه قبل غيره من المشركين، ما دام محاربا لله ولرسوله.

صحابي يفضل مقاطعة المسلمين على حفاوة ملوك المشركين

ولم يكن الصحابة -رضي الله عنهم- ليبرروا لأنفسهم تحت أي ظرف أن يركنوا لكافر أو يلجؤوا إليه بعد أن أقام الله -عز وجل- لهم دولة الإسلام التي يقودها النبي، صلى الله عليه وسلم، فهذا كعب بن مالك -رضي الله عنه- بعد أن تخلف عن غزوة تبوك، فعوقب بمنع المسلمين من الحديث معه، ثم أُمر باعتزال زوجه، ثم جاء بلاء من نوع آخر، وكأنه اختبار لصدق إيمانه، روى البخاري أنه قال: «فبينا أنا أمشي بسوق المدينة إذا نبطيّ من أنباط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؛ فطفق الناس يشيرون له، حتى إذا جاءني دفع إليّ كتابا من ملك غسان، فإذا فيه: أما بعد، فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسِك؛ فقلت لما قرأتها: وهذا أيضا من البلاء! فتيممت بها التنور، فسجرته بها»، فرغم الضيق الذي عاشه، ومقاطعة جميع المسلمين له بسبب ذنبه، إلا أنه لم يختر على دار الإسلام دارا أخرى، وإن كان فيها الدنيا الفانية قرب ملك من ملوك الروم.

ولو أردنا سرد سير الصحابة -رضي الله عنهم- في هذا الأمر، لطال بنا المقام، ولكن حسبنا ذكر وصف الله -تعالى- لهم بقوله: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [المجادلة: 22]، جعلنا الله ممن يسير على نهجهم ويتبع خطاهم.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم [3/4] الولاء ...

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم
[3/4]

الولاء والبراء أصل عظيم جاءت به جميع شرائع الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وهو كذلك أصل من أصول شريعة خاتمهم، صلى الله عليه وسلّم، وقد تجلَّى واضحا في سيرته وسير أصحابه، الذين جَهَروا بِالعداوة لأهل الشرك في مكة ثم جالدوهم بالسيوف وجاهدوهم بعد الهجرة إلى المدينة، حتى كان الرجل منهم يقتل أباه المشرك أو أخاه قبل غيره من المشركين، ما دام محاربا لله ولرسوله.

صحابي يعاهد الله ألَّا يمسَّ مشركا:

وقد بلغ الأمر عند بعض الصحابة إلى أن ينذروا لله نذرا ألا يمسوا مشركا مجرد مساس، استشعارا منهم بنجاسة الشرك.

روى البخاري في قصة سرية عاصم بن ثابت الأنصاري عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: «بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عشرة رهط سرية عينا، وأمَّر عليهم عاصم بن ثابت الأنصاري جد عاصم بن عمر، فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهداة وهو بين عسفان ومكة، ذُكِروا لحيٍّ من هذيل يقال لهم بنو لحيان، فنفروا لهم قريبا من مائتي رجل كلهم رامٍ، فاقتصوا آثارهم... فلما رآهم عاصم وأصحابه لجؤوا إلى فدفد [موضع مرتفع أو مكان مشرف]، وأحاط بهم القوم فقالوا لهم: انزلوا وأعطونا بأيديكم، ولكم العهد والميثاق، ولا نقتل منكم أحدا، قال عاصم بن ثابت أمير السرية: أما أنا فوالله لا أنزل اليوم في ذمة كافر، اللهم أخبر عنا نبيك، فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة، فنزل إليهم ثلاثة رهط بالعهد والميثاق منهم خبيب الأنصاري وابن دثنة ورجل آخر، فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فأوثقوهم، فقال الرجل الثالث: هذا أول الغدر، والله لا أصحبكم، إن في هؤلاء لأسوة -يريد القتلى- فجرروه وعالجوه على أن يصحبهم، فأبى فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وابن دثنة حتى باعوهما بمكة».

وفي رواية: «بعث ناسٌ من كفار قريش إلى عاصم حين حُدِّثوا أنه قُتل ليؤتوا بشيء منه يُعرف، وكان قد قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر، فبعث على عاصم مثل الظلة من الدبر، فحمته من رسولهم فلم يقدروا على أن يقطعوا من لحمه شيئا».

وفي سيرة ابن هشام: «فلما قُتل عاصم، أرادت هذيل أخذ رأسه، ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن شهيد، وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد، لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن في قحفه الخمر، فمنعته الدبر، فلما حالت بينه وبينهم، قالوا: دعوه يمسي فتذهب عنه، فنأخذه؛ فبعث الله الوادي، فاحتمل عاصما، فذهب به، وقد كان عاصم قد أعطى الله عهدا أن لا يمسَّه مشرك، ولا يمسَّ مشركا أبدا، تنجسا».

وهكذا، أبى عاصم بن ثابت النزول في ذمة كافر، وكذلك حماه الله من أن يمسه مشرك بعد استشهاده، كما حافظ على ذلك في حياته.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم [2/4] الولاء ...

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم
[2/4]

الولاء والبراء أصل عظيم جاءت به جميع شرائع الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وهو كذلك أصل من أصول شريعة خاتمهم، صلى الله عليه وسلّم، وقد تجلَّى واضحا في سيرته وسير أصحابه، الذين جَهَروا بِالعداوة لأهل الشرك في مكة ثم جالدوهم بالسيوف وجاهدوهم بعد الهجرة إلى المدينة، حتى كان الرجل منهم يقتل أباه المشرك أو أخاه قبل غيره من المشركين، ما دام محاربا لله ولرسوله.

المسلمون يقاتلون المشركين من أقربائهم:

ولما يسَّر الله -عز وجل- لنبيه الهجرة إلى المدينة وإقامة دولة الإسلام فيها، لم يعد يقتصر البراء من المشركين على إعلان العداوة لهم وذمّهم، بل ازداد بجهادهم وقتالهم حتى يخضعوا لأمر الله، عز وجل.

ففي بدر (2 هـ) كان الالتقاء بالسيوف بين الموحدين مع أبناء عمومتهم من المشركين المحاربين لدين الله، عز وجل، فما وهن المسلمون عن قتالهم والإثخان فيهم، بل رأى بعض الصحابة مصارع آبائهم وإخوانهم في النسب أمام أعينهم، وبعضهم قتل قريبه بيديه.

ولما منَّ الله على المسلمين بالنصر، وأسر المسلمون عددا كبيرا من المشركين كان الرأي الذي أدلى به عمر الفاروق -رضي الله عنه- والذي جاء الوحي الإلهي بتأييده، هو قتل أولئك الأسرى؛ كلٌّ يُقتل على يد قريبه في النسب.

روى مسلم عن ابن عباس، رضي الله عنه: «فلما أسروا الأسارى، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر وعمر: (ما ترون في هؤلاء الأسارى؟) فقال أبو بكر: يا نبي الله، هم بنو العم والعشيرة، أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار، فعسى الله أن يهديهم للإسلام؛ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (ما ترى يا ابن الخطاب؟) قلت: لا والله يا رسول الله، ما أرى الذي رأى أبو بكر، ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم، فتمكِّن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكني من فلان -نسيبا لعمر- فأضرب عنقه، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها؛ فهوى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قال أبو بكر، ولم يهو ما قلت، فلما كان من الغد جئت، فإذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر قاعدين يبكيان، قلت: يا رسول الله، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما؛ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (أبكي للذي عَرَض على أصحابك من أخذهم الفداء، لقد عُرِض عليَّ عذابهم أدنى من هذه الشجرة)، شجرة قريبة من نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وأنزل الله، عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} إلى قوله {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} [الأنفال: 67-69]، فأحل الله الغنيمة لهم».


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم [1/4] الولاء ...

البراءة مِن المشركين في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابِه رضي الله عنهم
[1/4]

الولاء والبراء أصل عظيم جاءت به جميع شرائع الأنبياء، عليهم الصلاة والسلام، وهو كذلك أصل من أصول شريعة خاتمهم، صلى الله عليه وسلّم، وقد تجلَّى واضحا في سيرته وسير أصحابه، الذين جَهَروا بِالعداوة لأهل الشرك في مكة ثم جالدوهم بالسيوف وجاهدوهم بعد الهجرة إلى المدينة، حتى كان الرجل منهم يقتل أباه المشرك أو أخاه قبل غيره من المشركين، ما دام محاربا لله ولرسوله.

النبي -صلى الله عليه وسلم- يبدأ دعوته بالبراءة من الطواغيت:

فمنذ جهر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة، أعلن العداوة الواضحة للمشركين، وعاب آلهتهم المزعومة، وأنذرهم بأنهم إن أصرّوا على كفرهم، فهم من أهل النار، قال ابن هشام: «قال ابن إسحاق: فلما بادى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قومه بالإسلام وصدع به كما أمره الله، لم يَبعُد منه قومُه، ولم يردّوا عليه -فيما بلغني- حتى ذكر آلهتهم وعابها، فلما فعل ذلك، أعظموه وناكروه، وأجمعوا خلافه وعداوته، إلا من عصم الله تعالى منهم بالإسلام، وهم قليل مستخفون»، هذا مع ضعف المسلمين وقلة حيلتهم، إلا أن الصدع بالتوحيد تطلّب أن يعلنوا البراءة من الطواغيت وأن يظهروا العداوة لعابديها.

ولما جاءت قريش إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- تدعوه إلى أن يتشاركوا في العبادة، فيعبد طواغيتهم ولو قليلا مقابل أن يعبدوا إلهه زمنا، نزلت الآيات التي تنهى عن ذلك وتبيِّن أنه لا تقارب بين التوحيد والشرك، قال ابن هشام: «واعترض رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يطوف بالكعبة -فيما بلغني- الأسودُ بن المطلب بن أسد بن عبد العزى، والوليد بن المغيرة، وأمية بن خلف، والعاص بن وائل السهمي، وكانوا ذوي أسنان في قومهم، فقالوا: يا محمد، هلمَّ فلنَعبد ما تَعبد، وتعبد ما نعبد، فنشترك نحن وأنت في الأمر، فإن كان الذي تعبُدُ خيرا ممَّا نعبد، كنا قد أخذنا بحظِّنا منه، وإن كان ما نعبد خيرا مما تعبد، كنت قد أخذت بحظك منه؛ فأنزل الله -تعالى- فيهم: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}».


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

إيّاكم والكِبر [2/2] وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بحسب امرئ من الشر أن ...

إيّاكم والكِبر
[2/2]

وعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم) [رواه مسلم]، ولسائل أن يسأل: ما الدافع لاحتقار الآخرين؟ وهل يحتقر المرء أحدا مثله؟ لا، وإنما هو الكبر -والعياذ بالله- الذي يجعل المرء يعجب بنفسه وبما آتاه الله من فضله، فيرى نفسه أكبر وأفضل من غيره.

ونسي هذا أن من تواضع لله رفعه، فالمال زائل، والبدن آخره دود وتراب إن لم يكن أشلاء تتناثر هنا وهناك، والعلم إن لم يُرد به وجه الله -تعالى- فوبال ونكال، والمناصب والأنساب في الآخرة لا تنفع، ولا تحط ولا ترفع، إنما هي صالح الأعمال ومن أتى الله بقلب سليم.

وكما أن الكبر من صفات الله -ولا يجوز لمخلوق أن يشاركه فيه ولا ينبغي لأحد غيره- ففي المقابل نجد أن التواضع من صفات المخلوقين، بل من أكرم أخلاقهم وأحسنها.

عن أنس، قال: «كانت ناقة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- تُسمّى العضباء، وكانت لا تُسبق، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها، فاشتد ذلك على المسلمين، وقالوا: سُبِقت العضباء! فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه)» [رواه البخاري].

قال ابن بطال: «في حديث أنس بيان مكان الدنيا عند الله من الهوان والضعة، ألا ترى قوله، صلى الله عليه وسلم: (إن حقاً على الله ألّا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه)، فنبّه بذلك أمته -صلى الله عليه وسلم- على ترك المباهاة والفخر بمتاع الدنيا، وأن ما كان عند الله في منزلة الضعة، فحق على كل ذي عقل الزهد فيه وقلة المنافسة في طلبه، وترك الترفع والغبطة بنيله، لأن المتاع به قليل والحساب عليه طويل» [شرح صحيح البخاري].

ويُروى عن أم المؤمنين عائشة الهاشمية القرشية، الصديقة بنت الصديق، العالمة المحدثة الفقيهة، زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- في الدنيا والآخرة، المبرأة من فوق سبع سماوات، التي إن ذهبنا نعد خصالها ومناقبها لطال بنا المقال، وحق لمثلها أن تفتخر، يُروى عنها أنها كانت تقول: «إنكم تَغْفُلُونَ أفضل العبادة: التواضع» [رواه أحمد في الزهد].

ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يخيّره الله -عز وجل- بين أن يكون ملِكا نبيّا أو عبدا رسولا فيختار الثانية، ويفتح عليه فتحا مبينا، فيدخل مكة مطأطأ رأسه، حتى لتكاد تمس مقدمة رحله، تواضعًا منه لله -عز وجل- وتذللا.

وعن أنس، قال: «إن كانت الأَمَة من إماء أهل المدينة، لتأخذ بيد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتنطلق به حيث شاءت» [رواه البخاري]؛ والمراد من الأخذ باليد طلب المساعدة، فينقاد لها النبي -صلى الله عليه وسلم- ويمضي بها إلى أي موضع من المدينة فيه حاجتها فيقضيها لها بقلب راض ونفس متواضعة، هذا وهي جارية لا حرة!
بل لقد كان مع الإجماع على أنه خير البشر كلهم إلا أنه يقدّم غيره من الأنبياء عليه تواضعا لله -تعالى- فعن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال: {رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260] ويرحم الله لوطا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف، لأجبت الداعي) [رواه الخباري ومسلم].

فليحذرِ المؤمن كل الحذر من ذرة كبر تدخل قلبه، وإن من الرجال والنساء من يتكبّر حتى لو أخطأ بحق الآخرين، ويرى في الاعتذار وطلب الصفح مذلة لهم، بل ويتكبر أيضا على أقرب الناس له، كالوالدين أو الزوج أو الأبناء، ومثل هذا واقع في كبيرة توجب سخط الربّ، والله المستعان.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين.


المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 64
الخميس 20 ربيع الثاني 1438 ه‍ـ

لقراءة المقال كاملاً.. تواصل معنا تيليغرام:
@WMC111ART
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً