واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا [2/2] • الإمامة الجامعة قال الله تعالى: {وَإِذْ ...

واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا

[2/2]

• الإمامة الجامعة

قال الله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة: 30]، وقال تَعَالَى: {يَا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ} [ص: 26]، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها. فإن بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع لحاجة بعضهم إلى بعض ولا بد لهم عند الاجتماع من رأس حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم) [رواه أبو داود من حديث أبي سعيد وأبي هريرة]، وروى الإمام أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لا يحل لثلاثة يكونون بفلاة من الأرض إلا أمَّروا عليهم أحدهم). فأوجب -صلى الله عليه وسلم- تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع، ولأن الله -تعالى- أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم، وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة، ولهذا روي: (أن السلطان ظل الله في الأرض)" [مجموع الفتاوى].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني، وإنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به، فإن أمر بتقوى الله وعدل، فإن له بذلك أجرا، وإن قال بغيره فإن عليه منه) [رواه البخاري ومسلم].

• الاجتماع عصمة من الفتن

ومع وجوب إقامة خليفة يحكم بشريعة الله، وفرض السمع والطاعة له في المعروف، فإن الالتفاف حوله ولزوم جماعته عصمة من الفتن، فعن حذيفة -رضي الله عنه- قال: (كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر، مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله، إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: (نعم)، قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: (نعم، وفيه دخن)، قلت: وما دخنه؟ قال: (قوم يهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر)، قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: (نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها)، قلت: يا رسول الله، صفهم لنا، قال: (هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا)، قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: (تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)، قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: (فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك) [متفق عليه]، فأفاد هذا الحديث تأكيد وجوب لزوم جماعة المسلمين وإمامهم، وأنها عصمة من الفتن، وأن من ينأى عن جماعة المسلمين فلا عصمة له من أن يقذفه الدعاة إلى أبواب جهنم فيها.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "وهذا الأصل العظيم: وهو الاعتصام بحبل الله جميعا وأن لا يتفرق، هو من أعظم أصول الإسلام، ومما عظمت وصية الله –تعالى- به في كتابه. ومما عظم ذمه لمن تركه من أهل الكتاب وغيرهم، ومما عظمت به وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في مواطن عامة وخاصة مثل قوله: (عليكم بالجماعة فإن يد الله على الجماعة)، وقوله: (فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد)، وقوله: (من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر عليه، فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه)، وقوله: (ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قالوا: بلى يا رسول الله قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين)، وقوله: (من جاءكم وأمركم على رجل واحد منكم يريد أن يفرق جماعتكم فاضربوا عنقه بالسيف كائنا من كان) وقوله: (يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم)، وقوله: (ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة منها واحدة ناجية واثنتان وسبعون في النار، قيل: ومن الفرقة الناجية؟ قال: هي الجماعة، يد الله على الجماعة)، وباب الفساد الذي وقع في هذه الأمة، بل وفي غيرها: هو التفرق والاختلاف فإنه وقع بين أمرائها وعلمائها من ملوكها ومشايخها وغيرهم من ذلك ما الله به عليم. وإن كان بعض ذلك مغفورا لصاحبه لاجتهاده الذي يُغفر فيه خطؤه أو لحسناته الماحية أو توبته أو لغير ذلك، لكن يعلم أن رعايته من أعظم أصول الإسلام ولهذا كان امتياز أهل النجاة عن أهل العذاب من هذه الأمة بالسنة والجماعة ويذكرون في كثير من السنن والآثار في ذلك ما يطول ذكره" [مجموع الفتاوى].

نسأل الله تعالى السداد في القول والعمل والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا [1/2] أمر الله -عز وجل- عباده المتقين بأن يجتمعوا على ...

واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرّقوا

[1/2]

أمر الله -عز وجل- عباده المتقين بأن يجتمعوا على طاعته ولا يتفرقوا، فلا شيء يجمعهم كالطاعة، ولا يفرقهم شيء كالمعصية، وقد حكم –تعالى- بأن المؤمنين إخوة، فحيثما وجد مؤمن فهو أخ للمؤمنين، له عليهم حق الأُخوَّة، وعليه لهم مثلها، من المحبة والنصرة والنصح، والإصلاح بينه وبين إخوانه إذا حصل بينهم تنازع، والتواصي معه على الحق وعلى الصبر، وغيرها من الحقوق والواجبات...

• اجتماع المؤمنين على الاعتصام بحبل الله

وقد حذر الله -تعالى- عباده المؤمنين من طاعة أهل الكتاب، وبيَّن لهم أن ذلك طريق الكفر والعياذ بالله، وأمرهم بأن يتقوه حق التقوى، وأن يحافظوا على إسلامهم حتى يلقوا ربهم -سبحانه- فيرضى عنهم، وينالوا ثوابه الجزيل، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 100 - 102].

ثم أمرهم الله -تعالى- بما يعينهم على تقواه، وهو أن يجتمعوا على طاعته ولا يتفرقوا، قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، وحبل الله القرآن، وقيل: عهد الله وذمته، والقولان متقاربان، فمهمة المؤمنين الصادقين أن يحملوا الهدى ودين الحق للناس، ويحملوا من يأبى منهم على ذلك بالسيف والسنان، حتى يظهر دين الإسلام ويعلو على الأديان الأخرى الباطلة كلها، ولذلك يجب على المؤمنين الأخذ بجميع الأسباب الشرعية لدوام الاجتماع وعدم الافتراق، فباجتماعهم يتمكنون من الدعوة إلى توحيد الله والتوجه إليه بما يحب من العبادات والمعاملات والأخلاق الحسنة، وإقامة شرعه بتطبيق الحدود، والجهاد في سبيله، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، فيحصل للمؤمنين الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 104].

• بركة الجماعة وشؤم الفرقة

بعد أن أمر الله -تعالى- بالاعتصام بحبله وعدم التفرق، أمر المؤمنين بأن يتذكروا نعمة الله عليهم بأن جعلهم إخوة في الله متحابين متآلفين بعد أن كانوا مع كفرهم أعداءً متناحرين، وأنهم كانوا قريبين من عذاب جهنم ليس بينهم وبينها إلا الموت، فأنقذهم الله بفضله ومنِّه بأن هداهم إلى دين الإسلام، وجمعهم على اتباع ونصرة نبيه صلى الله عليه وسلم، {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران: 103]، أَي بمثل هذا البيان الواضح، يبين الله لكم سائر آياته، لكي تثبتوا على الهدى، وتزدادوا به اعتصاماً وتمسكاً.

{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105]، فحذر الله -تعالى- المؤمنين من مشابهة أهل الكتاب في تفرقهم واختلافهم، من بعد ما جاءتهم الآيات البينات، ولو أن أهل الكتاب اتبعوها وعملوا بها لما تفرقوا ولا اختلفوا، فالعمل بآيات الله موجب للاجتماع والثبات على دين الله وعدم الاختلاف فيه.

وقد توعد الله الذين تفرقوا واختلفوا بالعذاب العظيم، وأخبرنا أن التفرق والاختلاف يؤديان بصاحبهما إلى ترك الحق بعد معرفته، وإلى الكفر بعد الإيمان، قال تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ} [آل عمران: 106]، " يعني: يوم القيامة، حين تبيضّ وجوه أهل السنة والجماعة، وتسودّ وجوه أهل البدعة والفرقة، قاله ابن عباس، رضي الله عنهما" [تفسير ابن كثير].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

عبادات العشر الأواخر من رمضان وإحياء ليلة القدر [2/2] • ليلة القدر من ليالي العشر ...

عبادات العشر الأواخر من رمضان وإحياء ليلة القدر

[2/2]

• ليلة القدر من ليالي العشر الآخيرة:
وسُميت ليلة القدر لأنَّ الملائكة تكتبُ فيها الأقدار، قال تعالى: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4]، عن مجاهد، قال: "في ليلة القدر كل أمر يكون في السنة إلى السنة: الحياة والموت، يقدر فيها المعايش والمصائب كلها" وعن منصور، قال: "سألت مجاهدا فقلت: أرأيت دعاء أحدنا يقول: اللهمّ إن كان اسمي في السعداء، فأثبته فيهم، وإن كان في الأشقياء فامحه منهم، واجعله بالسعداء، فقال: حسن، ثم لقيته بعد ذلك بحول أو أكثر من ذلك، فسألته عن هذا الدعاء، قال: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3 – 4]، قال: يقضى في ليلة القدر ما يكون في السنة من رزق أو مصيبة، ثم يقدّم ما يشاء، ويؤخر ما يشاء فأما كتاب السعادة والشقاء فهو ثابت لا يغير" [جامع البيان في تأويل القرآن].

• فضل ليلة القدر:
لليلة القدر فضيلة عظيمة فهي {خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} من سواها، وفيها {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ}، وهذا مما يدل على عظم شأنها وأهميتها لأنَّ نزول الملائكة ومعهم جبريل -عليه السلام- لا يكون إلا لأمر عظيم، {سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}، أي أنها سالمة من الشرّ كله من أوّلها إلى طلوع الفجر من ليلتها، وهذا يدل على ما فيها من خير عميم وبركة عظيمة، وفضل ليس له مثيل.

• فضل العبادة في ليلة القدر:
قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غُفر له ما تقدم من ذنبه) [متفق عليه]، وقال صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: (قد جاءكم رمضان، شهر مبارك، فرض الله عليكم صيامه، يُفتح فيه أبواب الجنة، ويُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم) [رواه أحمد وغيرُه]، أي أنَّ ثواب العمل في هذه الليلة أعظم من ثواب العمل في ألف شهر من غيرها، وألفُ شهر يساوي: (83) عاماً وزيادة!

• تحديد ليلة القدر:
وردت عدة أحاديث في تحديد ليلة القدر، وقد اختلف العلماء في تحديدها اختلافاً كبيراً، إلا أنَّ المتفق عليه بينهم هو: أنَّها في شهر رمضان، وأنَّها في العشر الأواخر من رمضان، لذا فالأحوط والأقرب لإدراكها هو إحياء جميع العشر الأخيرة من ليالي رمضان، لأنَّ ليلة القدر ليست ثابتة بل هي متنقلة بين الليالي، فقد تأتي في الليالي الفردية أو الزوجية على السواء، فينبغي لمن أراد أن يُرزق خيرها ولا يُحرم أجرَها أن يجتهد في طلبها طيلة الليالي العشر دون أن تفوته ليلة منها، فإن ضَعُفَ على العشر تحرَّاها في السبع الأواخر، ففي صحيح مسلم أنَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- قال: (التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي).

• كيفية قيام ليلة القدر:
قال ابنُ رجب الحنبلي: قيام ليلة القدر يكون بإحيائها بالتهجُّد فيها والصلاة والدعاء، قال سفيان الثوري: "الدعاء في تلك الليلة أحبُّ إليَّ من الصلاة"، ومراده أنَّ كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، فإنْ قرأَ ودعا كان حَسَناً، فقد كان النبي -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- يتهجَّد في ليالي رمضان ويقرأ قراءةً مرتَّلة لا يمرُّ بآية فيها رحمة إلا سأل ولا بآية فيها عذاب إلا تعوَّذ، فيجمع -صلوات اللَّه وسلامه عليه- بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكُّر، وهذه أفضل الأعمال وأكملها في ليلة القدر والعشر الأواخر [لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف].

وأفضل الدعاء في ليلة القدر ما جاء عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: قلت: يا رسول الله أرأيتَ إن علمتُ أي ليلةٍ ليلةُ القدر ما أقول فيها؟ قال: (قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني) [رواه الترمذي].

• علامات ليلة القدر:
قال رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم: (إن أمارة ليلة القدر أنها صافيةٌ بَلْجةٌ كأنَّ فيها قمرا ساطعا، ساكنة ساجية، لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب أن يرمى به فيها حتى تصبح، وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ) [رواه أحمد].

نسأل الله تعالى- أن يبلغنا ليلة القدر، وأن لا يحرمنا قيامها، وأن ينصر دولة الخلافة، ويفتح على عباده الموحدين المجاهدين في مشارق الأرض ومغاربها، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

عبادات العشر الأواخر من رمضان وإحياء ليلة القدر [1/2] الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول ...

عبادات العشر الأواخر من رمضان وإحياء ليلة القدر

[1/2]
الحمد للَّه، والصلاة والسلام على رسول اللَّه، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
روى الإمام البخاري في باب (العمل في العشر الأواخر من رمضان)، وكذلك عند الإمام مسلم عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: "كـــان النبـي -صلى الله عليه وسلم- إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله"، وفي رواية لمسلم عنها -رضي الله عنها- أنها قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره".

إذاً فقد كان النبي -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- يخصُّ لياليَ العشر الأواخر من رمضان بأعمال ويحرص على عبادات ويحرِّض عليها، كما جاء من كلام أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أنه كان -صلى الله عليه وسلم- يحيي ليله ويوقظ أهله ويشد مئزره، ومعنى إحياء الليل أي استغراقه بالسهر في الصلاة والقرآن والذكر وغيرها، فيحيي ليله كله أو أغلبه بذلك، و معنى إيقاظ الأهل أي: أيقظ أزواجه للقيام، فعن علي -رضي اللَّه عنه- أنَّ النبي -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- كان يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان [رواه أحمد والترمذي].

وأما شدُّ المِئزر، فالمئزر هو ما يلبس من الثياب أسفل البدن، وهو تعبير في غاية الأدب عن اعتزال النبي -صلى الله عليه وسلم- للنساء والجماع، وقيل كذلك الاجتهاد في العبادة، يقال: شددتُ لهذا الأمر مئْزري، أَيْ: تشمَّرتُ له، وكلا المعنيين صحيح فالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجتهد في العبادة في العشر الأواخر وكذلك كان يعتزل النساء في العشر الأواخر حيث كان يعتكف، والمعتكِف مأمور باعتزال النساء.

والاعتكاف: هو اللبث في المسجد والتفرُّغ للعبادة وقطع العلائق الدنيوية التي تُشغل عن الآخرة، وفي الصحيحين عن عائشة -رضي اللَّه عنها- " أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده"، وإنما كان يعتكف في هذه العشر لإشغال وقته كله بعبادة ربِّه ومناجاته وذكره ودعائه.

ومن العبادات التي كان يداوم عليها النبي -صلى الله عليه وسلم- هي تلاوة القرآن ومدارسته: فلكتاب اللَّه في هذا الشهر شأنٌ كبير، قال تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185]، لذا فقد كان جبريل -عليه السلام- يلقى رسول اللَّه -صلَّى اللَّه عليه وسلَّم- كل ليلة فيدارسه القرآن، والمدارسة هي المعاهدة على تلاوة القرآن فكان جبريل -عليه السلام- يدارسه القرآن في شهر رمضان، وخص شهر رمضان بهذه المدارسة لأنه شهر أنزل فيه القرآن، ولذلك تأسى السلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، فكانوا أشد الناس حرصا على تلاوة القرآن في هذا الشهر لما علموه من فضل التلاوة فيه، ويزداد حرصهم في ليالي العشر.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

رموز أم أوثان؟! 6 إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من الأشخاص فحسب، ...

رموز أم أوثان؟! 6

إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من الأشخاص فحسب، ولكنها قضية مناهج وعقائد يتم إلباسها على هؤلاء الأشخاص، ليكونوا "رموزا" لهذه المناهج والأديان، فمن تعلق بهذه "الرموز" يراد منه ضمنا أن يتعلق بالمناهج التي التصقت بهم، ومن رفض تلك المناهج، اتهم فورا من قبل أصحابها بالطعن في "الرموز" الذين يعظمهم، لأنهم يحملون المنهج الذي رفضه.
[3/3]

• لا نعلق عقائد الناس بالرجال

فهذان جانبان خطيران من جوانب قضية تعظيم "الرموز" البدعية، التي هي باب جلي إلى الضلال والانحراف، وقطع حبال المودة بين المسلمين، التي يجب أن نحذرها، ونحذر منها الناس.
فنحذر من ربط جماعة المسلمين بعقيدة شخص من الأشخاص أو سنته، مهما ظهر من صلاحه وتقواه، واتباعه للسنة، وبراءته من الشرك وأهله، ومهما كان له من فضل وجهاد وإمامة في الدين، فكيف إن كان مجهول الحال، خافية علينا عقيدته، وأفعاله، وطباعه.

ويستوي في ذلك الأحياء والأموات، فالحي لا تؤمن عليه الفتنة، وليس بمعصوم من الخطأ، والميت وإن ظهرت منه خاتمة الخير، فإنه ليس بمبرَّأ أن يظهر ما هو مؤكد من أخبار حياته بعد موته ما ينقض تزكية شخصه، فضلا عن جعله إماما للمسلمين، ولعل في قصص بعض المنافقين في المدينة، الذين خص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- بمعرفتهم، خير مثال، إذ كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يعامل جميع الناس على ما يظهر منهم، فإذا مات منهم أحد نظر إلى حذيفة، فإن صلى عليه وافقه في ذلك، وإن أبى الصلاة عليه عرف عمر أنه من المنافقين.

ومن جانب آخر، نحذر من قضية تصنيف الناس أو موالاتهم أو معاداتهم بناء على مجرد مواقفهم من شخص من الأشخاص، وليست كل المحبة أو العداوة مبدأها ديني أو عقدي، فباب الهوى والمنفعة، والتحاسد والتباغض بين الأنداد واسع عريض، دخله الكثيرون، وباب الاختلاف في المسائل العلمية بين أهل الفضل وبناء الخصومات عليها باب مثله، إن لم يكن أوسع منه، وقد يكون التنافس على الدنيا، مثلما يكون لأجل الدين، وقد يكون على حق أو على باطل، ولكل امرئ حال ينظر فيها.

ولنا في مواقف الناس من علي -رضي الله عنه- خير مثال، فليس كل من أحبّه من أهل السنة والجماعة، بل قد يكون من الشيعة الروافض، أو ممن شابههم، أو كان أكفر منهم، وليس كل من قاتله في حياته من الخوارج المارقين أو النواصب المغالين، إذ قد وقع العداء والقتال بينه وبين أقوام هم من خيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يصح بحال نسبة أحد منهم إلى خروج أو نصب، فكلهم عندنا سادة عدول، نجلهم جميعا، ونكف عما شجر بينهم.

• اعرفوا الحق تعرفوا أهله

ونسعى إلى حصر تمسك الناس بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعريفهم بالحق لا بالرجال، فمن عرف الحق عرف أهله، ومن عرف الباطل عرف أهله، والرجال يستدل لهم، ولا يستدل بهم.

وإن على كل من يريد نصب "الرموز" للناس أن يتذكر مبدأ عبادة الصور والأصنام بين الناس، وهو اتخاذ بعض الصالحين "رموزا" يتذكر قومهم العبادة برؤية صورهم، فلم يطل عليهم الزمن حتى جعلوهم وسائط بينهم وبين الله تعالى، وأشركوا بعبادتهم مع الله تعالى، وكذلك فإن من يدعو إلى تعظيم "الرموز" ليستدل الناس بهم على الخير، عليه أن يتذكر أنه لن يطول الزمن ببعض هؤلاء الناس، أو من بعدهم، حتى يأخذوا دين هؤلاء "الرموز" كله، بصوابه وخطئه، ويجعلوه دينا لهم، فيكون ضلالهم من ذات الباب الذي دخلوه، والله لا يهدي القوم الظالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

رموز أم أوثان؟! 6 إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من الأشخاص فحسب، ...

رموز أم أوثان؟! 6

إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من الأشخاص فحسب، ولكنها قضية مناهج وعقائد يتم إلباسها على هؤلاء الأشخاص، ليكونوا "رموزا" لهذه المناهج والأديان، فمن تعلق بهذه "الرموز" يراد منه ضمنا أن يتعلق بالمناهج التي التصقت بهم، ومن رفض تلك المناهج، اتهم فورا من قبل أصحابها بالطعن في "الرموز" الذين يعظمهم، لأنهم يحملون المنهج الذي رفضه.

[2/3]

• امتحان عقائد الناس بمواقفهم من "الرموز"

وعلى الجانب الآخر، تجد عُبَّاد "الرموز" يمتحنون عقائد الناس، لا بأقوالهم وأفعالهم، ولكن بمدى تعظيمهم لهؤلاء "الرموز"، وذلك بعد سلسلة طويلة من الخطوات، كأن يسعوا أولا إلى صناعة "الرمز"، وتعليق قلوب الناس به، ثم يخرجوا على الناس بعقيدتهم التي يلصقونها بهذا "الرمز"، أو التي يحملها حقيقة، وما عظموه إلا لأنها وافقت أهواءهم، ويطلبون من كل من يعظمه أن يعتقدها، ويتبعها، ليعدوه من الفرقة الناجية، ويبشروه بالحور والقصور.

أو أن يعلنوا أن هذا "الرمز" كان عدوا لإحدى طوائف الضلال، كالمرجئة أو الخوارج أو الروافض أو القدرية أو ما شابههم، ويؤصّلوا لقضية أنه لا يعادي هذا "الرمز" أو حتى يرفض غلوهم فيه، إلا من كان منتميا لتلك الطائفة الضالة التي أعلنوا سلفا أن "رمزهم" عدو لها.

وهكذا تكون نتيجة امتحان الناس بهذه الطريقة البدعية، أن يصبح الولاء والمودة والتزكية لمن يعظم "الرمز"، ولو كان من أضل الضالين، وتكون العداوة والبراء والنبز بالألقاب من نصيب كل من يشير إلى أي خطأ وقع فيه "الرمز"، أو يعاديه لخصومة من خصومات الدنيا، والمنازعات على حظوظها، أو حتى لمن يرى نفسه ندا له، لا يرى له عليه فضلا.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "لا يجوز لأحد أن يجعل الأصل في الدين لشخص إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا لقول إلا لكتاب الله عز وجل، ومن نصب شخصا كائنا من كان، فوالى وعادى على موافقته في القول والفعل فهو {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} الآية، وإذا تفقه الرجل وتأدب بطريقة قوم من المؤمنين، مثل اتباع الأئمة والمشايخ، فليس له أن يجعل قدوته وأصحابه هم العيار، فيوالي من وافقهم، ويعادي من خالفهم، وليس لأحد أن يدعو إلى مقالة أو يعتقدها لكونها قول أصحابه، ولا يناجز عليها بل لأجل أنها مما أمر الله به ورسوله، أو أخبر الله به ورسوله، لكون ذلك طاعة لله ورسوله" [مجموع الفتاوى].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

رموز أم أوثان؟! 6 [1/3] إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من ...

رموز أم أوثان؟! 6


[1/3]

إن فتنة عبادة "الرموز" ليست قضية تعلق أناس متفرقين بشخص من الأشخاص فحسب، ولكنها قضية مناهج وعقائد يتم إلباسها على هؤلاء الأشخاص، ليكونوا "رموزا" لهذه المناهج والأديان، فمن تعلق بهذه "الرموز" يراد منه ضمنا أن يتعلق بالمناهج التي التصقت بهم، ومن رفض تلك المناهج، اتهم فورا من قبل أصحابها بالطعن في "الرموز" الذين يعظمهم، لأنهم يحملون المنهج الذي رفضه.

وقد وقع في هذا بعض من أهل الصلاح وطالبي الخير، بأن يعلن مدح شخص ما، على ما ظهر منه من صلاح وإحسان، وهو لا يعلم ما خفي من حال هذا الممدوح، الذي قد يكون "رمزا" لبعض الضالين، يستدلون بأقواله وأفعاله على صحة منهجهم، وسلامة عقيدتهم، حتى إذا ما طعن المادح أو من يتبعه بعقيدة هؤلاء الضالين، جادلوه بأنهم على عقيدة ومنهج "الرمز" الذي سبق له أن مدحه وأثنى عليه، ويسعون لإلزامه بقبول ضلالهم، لكي لا ينسحب طعنه في عقيدتهم إلى الطعن في "الرمز" الذي مدحه، أو يتهموه بالتناقض، بين مدحه لذلك "الرمز" وطعنه في العقيدة التي يحملها.

ولا يمكن حصر الأمثلة على "الرموز" التي امتدحها البعض، على ما علموا عنهم من خير، وجهلوا عنهم من باطل وضلال، كحال "رموز" الإخوان المرتدين كحسن البنا، و"رموز" القاعدة كعطية الله الليبي وأبي مصعب السوري، وغيرهم كثير من أئمة الضلال، ورؤوس الفتنة.

• ادعوهم إلى كتاب الله.. لا إلى "الرموز"

والمصيبة كل المصيبة أنك لا تزال تجد بعض المنتسبين إلى أهل السنة والجماعة، يحرصون على منهج تعظيم "الرموز"، ويرون فيه منفعة يزعمونها، هي دفع الناس إلى تقليدهم واتباعهم في ما يعرفون عنهم من خير، وطاعتهم في ما يأمرون به من معروف.

ولا ينتبه هؤلاء إلى أن هذا "الرمز" الذي يعلمون الناس تعظيمه واتباعه مطلقا، قد يكون وقع في أخطاء كثيرة في ما قاله أو فعله أو قرره أو سكت عنه، أو زكّاه أو ذمّه، وأن أكثر الناس لا يفقهون قاعدة أهل السنة، بالأخذ من الرجال، والردّ عليهم، التي قررها أئمتهم وهي: "كلٌّ يؤخذ منه ويردّ عليه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم"، وأن كثيرا من الناس يتخذون الرجال الذين يعظمونهم أربابا من دون الله، بطاعتهم مطلقا، واتباعهم مطلقا، وبالتالي يجعلون كل ما صدر منهم، أو روي عنهم، دينا يتعبدون الله به، فيكونون من الأخسرين أعمالا، الذين وصفهم الله -تعالى- بالضلال فقال: {الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 104].

فما بالك إن كانت أخطاء هؤلاء "الرموز" تصل بهم إلى الكفر بالله والإشراك به، وأتباعهم يروجون لهذا الكفر والشرك على أنه التوحيد الخالص، والعقيدة الصحيحة، ويستدلون على ذلك، بأنها عقيدة "الرمز" التي لا يسع من يعظمه الخروج عليها، أو الطعن فيها، وإلا لزمه أن يطعن في "الرمز" أيضا، فيكون عندهم من المقبوحين، أخزاهم الله، وجمعهم بمن يتبعون على شركهم في نار جهنم، فيكون حالهم كمن وصفهم ربنا العظيم جل وعلا: {وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ} [البقرة: 166].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم 2/2 اعلم أيها الموحد أنك إن ضاقت بك فتن الكفار وضاق عليك الحصار، ...

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم

2/2
اعلم أيها الموحد أنك إن ضاقت بك فتن الكفار وضاق عليك الحصار، وأنت لم تعرف حالك عند أعداء الملة والدين ولم تكن على قدر المسؤولية فإنك على وشك السقوط وتحقيق هدفهم الأول في النيل من دينك وتوحيدك لله رب العالمين، فاستعن بالله ولا تعجز، وتزود من التقوى فهي سلاحك الذي لا ينفد، وسيفك الذي لا ينبو.

فحافظ على أذكار الصباح والمساء والحروز التي تتقي بها الأعداء فمن لاذ بحمى الله وقوته فلا غالب له، واستثمر وقتك في كل ما يغيظ الكفار، وينال منهم، ويضعفهم، ويوهن عزيمتهم، ويوقع بهم أعظم النكايات، ولا تغفل عن تجديد إيمانك وتوحيدك وقتال الطواغيت وجنودهم دائما، واجعل هذا ديدنك في نفسك وأهلك، تذاكر مع إخوانك وتعلم، وتواص معهم بالحق والصبر على لأواء الطريق حتى بلوغ الراحة في اجتماعٍ خالدٍ ونعمة لا تزول، فموضع سوط المجاهد في الجنة خير من الدنيا وما عليها فما بالك بجنة عرضها السماوات والأرض، واعلم أنك مقبل على فتن وابتلاءات لا يثبت فيها إلا من رسخ إيمانه وثبت يقينه وصبره وحسن توكله، قال الإمام ابن تيمية -رحمه الله- عن الجهاد: "فيه سنام التوكل وسنام الصبر، فإن المجاهد أحوج الناس إلى الصبر والتوكل، ولهذا قال تعالى: {وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ * الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [النحل: 41 - 42] وَقَالَ: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]" [مجموع الفتاوى].

وتذكر يا معادي الأمم الأمر العظيم الذي خرجت من أجله، فما خرجت إلا لتحقيق العبودية لله -سبحانه- واستنقاذ الناس من عبودية الطواغيت، وإخراجهم من الظلمات إلى النور بإذن الله سبحانه، فإن قتلت فميتة كريمة ومنزلة رفيعة، ومنزلتك في الجنة التي أعدها الله لك ما هي إلا لأنك عاديت أمم الكفر وكفرت بطواغيتهم وآمنت بالله ربا وإلها وأقمت شرعه رغم أنوفهم، فأتيت بالجهاد وطلب الاستشهاد بينةً واضحةً على صدق دعواك بتوحيد الله -تعالى- والكفر بالأنداد الباطلة، فأغلى ما يقدم العبد لربه -سبحانه- هو نفسه وماله.

قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: "وأعظم مراتب الإخلاص: تسليم النفس والمال للمعبود كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ} [التوبة: 111]، والجنة اسم للدار التي حوت كل نعيم، أعلاه النظر إلى الله إلى ما دون ذلك مما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين مما قد نعرفه وقد لا نعرفه كما قال الله -تعالى- فيما رواه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم: (أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر)" [مجموع الفتاوى].



• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم 1/2 أيها المجاهد الصابر المحتسب، كُتبت لك هذه الكلمات لتعرف قدرك ...

اعرف قدر نفسك يا معادي الأمم

1/2
أيها المجاهد الصابر المحتسب، كُتبت لك هذه الكلمات لتعرف قدرك وقيمتك عند عدو الله وعدوك، فقد اجتمعت عليك الأمم من كل الأجناس والأعراق من العرب والعجم.

فمن أنت أيها الجبل الأشم، من أنت لترسو لأجلك بارجات الصليبيين في البحار، وتجوب سماءك طائرات الكفار، وتصول على أرضك حشود الفجار.

من أنت أيها المعتز بدينه وتوحيده لتجتمع عليك كل هذه الحشود وتحاصرك في عزيز ملكته، أرض تحكم بشرع الله تذود عن حماها. لقد سموت بعزة الله وقوته وشرعه العظيم، وساء ذلك الكفار حسدا من عند أنفسهم لما أنت عليه من التوحيد.

فلو ملكت الأرض ولم يكن لدولتك حكم بشرع الله لما ألقوا لك بالا ولكنَّ توحيدك هو ما يغيظهم، قال الله سبحانه: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109]، فسعوا بدافع هذا الحسد المقيت لقتالك، فكان قتالهم لأجل دينك الذي حملته في قلبك وجوارحك، قال الله تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة: 217].

لو ملكت أسلحة الدمار الشامل ولم تملك هذا الدين العظيم لتركوك كما تركوا دولا امتلكته أو تسعى لامتلاكه، ولكنهم علموا أن دينك الذي ينتشر تحت شديد قتالك لطواغيتهم وأجنادهم هو أعظم من كل سلاح عندهم، فلم ولن يمهلوك لحظة واحدة ولن ينفك عنك قتالهم وعداوتهم، فإما سلطانهم في الأرض وفتنة الشرك التي يسعون لنشرها، وإما سلطان الله وهيمنة دينه على الأرض.
فاصدق مع الله في جهادك يا معادي الأمم، واخشه ولا تخش أحدا غيره، فيأس الكفار من دينك متحقق لا محالة، قال الله سبحانه: {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 3].

أيها الموحد الغريب، إنك هدف مهما كانت منزلتك، سواء كنت جنديا أو أميرا، فقيرا أو غنيا، لأن علة استهدافك هو دينك الذي علم الكفار أنك أخذته كله، ولم تؤمن ببعض وتكفر ببعض، لتلتقي معهم في منتصف الطريق.

وكذلك هو حالك أيتها الموحدة الصابرة، لأنك عفيفة تكثِّرين نسل المجاهدين وتربِّين أبناءك على التوحيد وجهاد الكفار، فيزيد غيظهم دينك وطهارتك، فلا عجب أن تكوني بذاتك هدفا للكفار.
فنحن في صراع طويل مع الكفار، والفوز والنصر للمتقين لا محالة فقد قال الله تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف: 128]، وقال سبحانه: {وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [الصافات: 173]، فأنت غالب في الدنيا بالظهور والغلبة على الكفار، أو منصور بقتلة في سبيل الله تنال بها النعيم المقيم عند الرب الكريم، وأعداؤك في حسرة دائمة، ودافع الغيظ يجعلهم يستنفدون طاقاتهم ليصدوا عن سبيل الله بإنفاق الأموال وبالقتال أو بغيره من عروض الدنيا الفانية وزخرفها الزائل.

فيا أيها العزيز الأبي في زمن الملاحم، امض ولا تلتفت وراءك فأنت ما خُلقت من أجل عرض فانٍ، بل خُلقت لتعبد الله وحده وتفوز بالجنان والروض الحسان، فحقق معنى العبودية لله بتحيكم شرعه والكفر بأنظمة طواغيت العالم وأديانهم وحشودهم، واصدع بكل عزة وافتخار بدين الله الذي كتب الله له الهيمنة على كل الأديان، فأنت من أجل ذلك هدفهم الوحيد وغايتهم الأولى.
فهل عرفت قدرك عند أعدائك؟ هل علمت مقدار تقصيرك في أداء واجبك حين تضيع وقتك والكفار يستثمرون أوقاتهم لحربك؟

هل علمت مقدار تقصيرك في حق نفسك حين تهمل سلاح التزود بالتقوى وأمم الكفر تطور أسلحتها كل يوم لتنال منك؟

هل علمت مقدار تقصيرك عندما تركت الأذكار والأدعية التي تتقي بها كيد شياطين الإنس والجن وهم قد سخروا لك الجواسيس والمنافقين، والسحرة والشياطين؟

هل علمت مقدار تقصيرك إن صرفت أكثر وقتك للدنيا التي يفترض أنك تركتها لأهلها ومضيت إلى ربك تبتغي إحدى الحسنيين؟

هل علمت مقدار تقصيرك وذنبك إن فرَّقت صف المجاهدين وقلوبهم ولم تسمع وتطع لأميرك بالمعروف ولم تطع الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ فإنَّ من أطاع الأمير فقد أطاع الله ورسوله، صلى الله عليه وسلم. فانظر إلى أمم الكفر قد أطاعوا معبودهم أمريكا ورموك عن قوس واحدة، واجتمعوا على ذلك.

هل علمت مقدار تقصيرك إن لم تسع للاستزادة بالعلم الذي يوصلك إلى الله -تعالى- وتنقذ به نفسك وأهلك من النار؟

واعلم حقيقة الخسارة، فإنها ليست فوات دار واسعة أو مركبة فارهة أو مال وحليلة، أو زواج حسناء جميلة، بل هي ما قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ } [الزمر: 15].


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة المقال كاملاً
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

6/6

وإلى إخوة العقيدة والإيمان، في أوروبا وأمريكا وروسيا وأستراليا وغيرها
وإلى الأشاوس مجندلة العدا، أبناء أهل السنة من جنود الخلافة في أرض فارس، بارك الله صنيعكم بأعداء الملة والدين، لقد شفيتم الصدور وأدخلتم على المسلمين السرور، وأوقعتم بالمشركين ما كانوا يحذرون، فواصلوا الضربات فإن بيت دولة المجوس أوهن من بيت العنكبوت.

وإلى إخوة العقيدة والإيمان، في أوروبا وأمريكا وروسيا وأستراليا وغيرها، لقد أعذر إخوانكم في أرضكم، فثبوا على إثرهم واقتدوا بصنيعهم واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف.

ويا إخواننا الأسرى في كل مكان، والله ما نسيناكم يوما ولن ننساكم ولكم حق علينا، فاصبروا واثبتوا ولا تقولوا إلا خيرا، فـ (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله -تعالى- إذا أحب قوما ابتلاهم، فمن رضي فله الرضى ومن سخط فله السخط) [رواه الترمذي]، وأكثروا من الدعاء في هذا الشهر المبارك بأن يجعل لكم اللطيف الخبير فرجا ومخرجا، واسألوه أن يمن على إخوانكم المجاهدين بالنصر والثبات والتمكين، ولن ندخر -بإذن الله- جهدا لاستنقاذكم.

ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا، وانصرنا على القوم الكافرين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

5/6

عسى أن تلقى مولاك وهو راض عنك
يا جندي الخلافة، تأمل واعتبر بما يجري حولك من أحداث وتفكر، ثم انظر، فما هي -والله- إلا ميتة واحدة وقتلة واحدة، فكن عزيزا بدينك مستمسكا بإيمانك، عسى أن تلقى مولاك وهو راض عنك وأنت مقبل غير مدبر، واحذر يا جندي الخلافة، احذر مجالس الفتن واجتنبها، والزم وصية نبيك -صلى الله عليه وسلم- حين قال: (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني، ومن يعص الأمير فقد عصاني) [متفق عليه].

اغتنموا ما بقي من هذا الشهر الفضيل
ولا يفوتنا في هذا المقام، أن نذكِّر إخواننا المجاهدين وأهل الإسلام عامة، باغتنام ما تبقى من هذا الشهر الفضيل، الذي قال الله فيه، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة: 185]، فإن من نعم الله -تبارك وتعالى- على عباده المؤمنين أن بلغهم موسم الخير هذا، لتزكو نفوسهم وتطهر مما علق بها من الأدران، فتكون خالصة نقية، فيبادروا بالأعمال الصالحات، ويغتنموا أيامه المعدودات.
قال صلى الله عليه وسلم: (إذا جاء رمضان فُتِّحت أبواب الجنة، وغُلِّقت أبواب النار، وصُفِّدت الشياطين) [متفق عليه]، فهنيئا لمن حل عليه وقد أسلم وجهه لله وهو محسن، متبع ملة إبراهيم حنيفا، هنيئا لمن عمل بشرائع الإسلام كلها، هنيئا لمن ثبت على الحق وأخذ الكتاب بقوة، هنيئا لمن أجاب داعي الله وآمن برسله وجاهد أعداءه وصدق بموعوده.

يا ليوث الموصل والرقة وتلعفر
فيا جنود الخلافة القابضين على الجمر الصابرين الثابتين على العهد، الذين علموا أن هذه الدار ما هي إلا دار ابتلاء وامتحان، كما قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31].

اعلموا -يرحمكم الله- أنكم اليوم كتيبة الإسلام وطليعته في وجه أحلاف الكفر، فبثباتكم وتجلدكم وتصبركم، عز للإسلام ونصر للمسلمين ودولتهم، فأروا الله من أنفسكم خيرا.

ويا ليوث الموصل والرقة وتلعفر، يا شامة العز والفخار وغيظ الفجار، بارك الله تلك السواعد المتوضئة والوجوه النيرة، فاحملوا على الروافض والمرتدين وشدوا عليهم شدة رجل واحد، فما ذل من التجأ إلى خالقه ومولاه، وما عز من استجار بسواه، فأنتم تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، وتبذلون الأنفس قربة لله، نحسبكم والله حسيبكم، فجددوا النوايا وأصلحوا الطوايا، واصبروا على ألم الجراح والطعان، وصابروا وراغموا أولياء الشيطان، واتقوا الله فإنها خير العدة في الحرب وأفضل المكيدة لعلكم تفلحون، وإنما النصر صبر ساعة، ثم تكون لكم العاقبة، بإذن الله.

ويا جنود الخلافة في ولايات دجلة والبادية وصلاح الدين وديالى وكركوك، وبغداد شمالها والجنوب، ويا جنود الإسلام في الفلوجة والأنبار والفرات، إياكم أن تمضينَّ عليكم ليالي هذا الشهر الفضيل، إلا وقد أذقتم قطعان الرفض والمرتدين صنوف القتل والدمار، وها هم اليوم قد حلوا بساحتكم، فلا خير في عيش يجوس فيه أحفاد المجوس خلال ديار حكمتموها بشرع الله، فأحكموا الكمائن والعبوات، وافلقوا الهام ضربا بالقناصات، وأبيدوا جموعهم عصفا بالمفخخات.
ويا جنود الخلافة في ولايات حلب والخير والبركة وحمص وحماة ودمشق، يا أحفاد خالد وأبي عبيدة، يا أبطال الإسلام وليوث الإقدام، دونكم النصيرية وملاحدة الأكراد وصحوات الردة في الشام، ثبوا عليهم وثبة الأسد الغضاب، وادخلوا عليهم من كل باب، ولا يفوتنكم حظكم من هذا الشهر فأقبلوا على ربكم مخبتين له طائعين منيبين، وتعرضوا للشهادة واطلبوها، {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133].

ويا جنود الإسلام في ولايات سيناء ومصر وخراسان واليمن وغرب إفريقية والصومال وليبيا وتونس والجزائر وكل مكان، واصلوا جهادكم والزموا ثغوركم ورباطكم، ولا تمهلوا أعداء الله ساعة من نهار، واسعوا جاهدين لإقامة شرع الله وحكمه في الأرض، فغاية جهادنا أن يكون الدين كله لله وأن تحكم الأرض كل الأرض بشرع الله.

ويا أبناء الخلافة في شرق آسيا، نبارك لكم فتح مدينة ماراوي، فالله الله بالثبات وشكر النعمة التي امتن الله بها عليكم، فاستعينوا بالله على عدوكم، فهو كافيكم، وهو حسبكم نعم المولى ونعم النصير.


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

تفريغ كلمة صوتية وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر ...

تفريغ كلمة صوتية
وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ
للشيخ المجاهد أبي الحسن المهاجر (تقبله الله)

4/6

إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ..

ثم ذكر -تعالى- قول طائفة ممن كانوا في عسكر المسلمين من المنافقين في معركة الأحزاب: {وَإِذْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ يَا أَهْلَ يَثْرِبَ لَا مُقَامَ لَكُمْ فَارْجِعُوا} [الأحزاب: 13]، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد عسكر بالمسلمين عند جبل سَلْعٍ وجعل الخندق بينه وبين العدو، فقالت طائفة منهم، لا مقام لكم هنا لكثرة العدو فارجعوا إلى المدينة، وقيل لا مقام لكم على دين محمد فارجعوا إلى دين الشرك، وقيل لا مقام لكم على القتال فارجعوا إلى الاستئمان والاستجارة بهم.

ثم ذكر -سبحانه- حال المنافقين في تلك الغزاة ومقالهم في أكثر من موطن، فتارة يقولون :أنتم الذين أشرتم علينا بالمقام هنا والثبات بهذا الثغر إلى هذا الوقت، وإلا فلو كنا سافرنا قبل هذا لما أصابنا هذا. وتارة يقولون: أنتم مع قلتكم وضعفكم، تريدون أن تكسروا العدو وقد غركم دينكم، كما قال الله تعالى: {إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [الأنفال: 49]، وتارة يقولون: أنتم مجانين لا عقل لكم، تريدون أن تهلكوا أنفسكم والناس معكم. وتارة يقولون أنواعا من الكلام المؤذي الشديد، وبعد أن ذكر –سبحانه- حال المنافقين والثابتين من المؤمنين في سورة الأحزاب، حَثَّ عباده المؤمنين على التأسي والاقتداء برسوله -صلى الله عليه وسلم- في مثل هذه الأحداث، فقال سبحانه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، فأخبر -سبحانه- أن الذين يبتلون بالعدو كما ابتلي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلهم فيه أسوة حسنة حيث أصابهم مثل ما أصابه، فليتأسوا به في التوكل والصبر، ولا يظنوا أن هذه نقم لصاحبها وإهانة له، فإنه لو كان كذلك ما ابتلي بها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير الخلائق، بل بها تنال الدرجات العالية، وبها يكفِّر الله الخطايا لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا، قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تأويل هذه الآية: "هذه الآية الكريمة أصل كبير في التأسي برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأفعاله وأحواله، ولهذا أمر الناس بالتأسي بالنبي -صلى الله عليه وسلم- يوم الأحزاب، في صبره ومصابرته ومرابطته ومجاهدته وانتظاره الفرج من ربه عز وجل، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين، ولهذا قال –تعالى- للذين تضجروا وتزلزلوا واضطربوا في أمرهم يوم الأحزاب، لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة، أي: هلَّا اقتديتم به وتأسيتم بشمائله؟ ولهذا قال: {لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}"، انتهى كلامه رحمه الله.

ولقد صرف الله الأحزاب عام الخندق بما أرسل عليهم من ريح الصبا، وبما فرَّق به بين قلوبهم حتى شتت شملهم ولم ينالوا خيرا، كما في قوله سبحانه: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25].

فنسأله -سبحانه- أن يصرف الأحزاب عن دولة الخلافة، كما صرفها عن نبيه -صلى الله عليه وسلم- وصحابته الكرام، رضوان الله عليهم.

أربَّ البيت عفوك والمتابا
وألهمنا بعزتك الصوابا
وألبسنا بفضلك تاج نصر
وألبس جمع كفرهم العذابا
فقد خشعت جوانح كل فرد
وأحنينا لعزتك الرقابا


• المصدر:
صحيفة النبأ - العدد 85
الخميس 20 رمضان 1438 ه‍ـ

أخي المسلم.. لقراءة التفريغ كاملاً أو للإستماع للكلمة الصوتية
تواصل معنا تيليجرام:
@WMC11AR
...المزيد

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً