الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد

منذ 2014-10-25

جاء في تحفة الأحوذي: "«اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ» أي: الدوام على الدين ولزوم الاستقامة عليه «وَأَسْأَلُكَ عَزِيمَةَ الرُّشْدِ» هي الجد في الأمر بحيث ينجز كل ما هو رشد من أموره، والرشد بضم الراء المهمَلة وإسكان الشين المعجمة هو الصلاح والفلاح والصواب".

من دعاء المصطفى صلى الله عليه و سلم سؤال الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد؛ فما هما؟

أولًا الحديث:

عن شَدَّاد بْن أَوْسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُنَا أَنْ نَقُولَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَأَسْأَلُكَ عَزِيمَةَ الرُّشْدِ، وَأَسْأَلُكَ شُكْرَ نِعْمَتِكَ، وَحُسْنَ عِبَادَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ لِسَانًا صَادِقًا، وَقَلْبًا سَلِيمًا، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا تَعْلَمُ، وَأَسْتَغْفِرُكَ مِمَّا تَعْلَمُ، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ» والحديث (صحَّحه الألباني في السلسة الصحيحة، رقم: [3228]، وحسَّنه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند).

جاء في تحفة الأحوذي:

اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ» أي: الدوام على الدين ولزوم الاستقامة عليه «وَأَسْأَلُكَ عَزِيمَةَ الرُّشْدِ» هي الجد في الأمر بحيث ينجز كل ما هو رشد من أموره، والرشد بضم الراء المهمَلة وإسكان الشين المعجمة هو الصلاح والفلاح والصواب".

قال العلامة عبد الرزاق بن عبد المحسن العباد:

"وقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدعاء: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الأَمْرِ» أي: أن أثبت على دين الله وأن أستقيم على طاعة الله وأن لا أنحرف ذات اليمين وذات الشمال، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، وقد جاء في حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: «يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ»، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَإِنَّ الْقُلُوبَ لَتَتَقَلَّبُ؟ قَالَ: «نَعَمْ، مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بني آدَمَ مِنْ بَشَرٍ إِلا وَقَلْبُهُ بَيْنَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ اللَّهِ إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ»" (رواه الطبراني).

فما أحوجنا -عباد الله- إلى الإكثار من هذا الدعاء أن يُثبتنا الله على الأمر، والمراد بالأمر: أي دين الله جل وعلا الذي شرعه لعباده وأمَرهم به.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ»؛ هذا مطلب عظيم ما أحوجنا إليه، والرشد -عباد الله- هو كل خير وفلاح في الدنيا والآخرة، وكثيرًا ما نسمع بالأحاديث والمواعظ النافعة إلا أن عزائمنا فاترة وهِمَمنا ضعيفة، فما أحوج كل واحدٍ مِنَّا أن يسأل الله جل وعلا العزيمة على الرشد، أي أنك إذا بلغك الخير وعلِمتَ به أن تعزم عليه وأن تحرص على فعله وأن تفعله لتكون من أهله.

قال ابن القيم:

"فإن كمال العبد بالعزيمة والثبات، فمن لم يكن له عزيمة فهو ناقص ،ومن كانت له عزيمة ولكن لا ثبات له عليها فهو ناقص، فإذا انضمَّ الثبات إلى العزيمة أثمر كلَّ مقام شريف وحال كامل، ولهذا في دعاء النبي الذي رواه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الثَّبَاتَ فِي الْأَمْرِ، وَالْعَزِيمَةَ عَلَى الرُّشْدِ» ومعلوم أن شجرة الثبات والعزيمة لا تقوم إلا على ساق الصبر" (طريق الهجرتين: [1/401]).

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.