الرضا بالدون

منذ 2014-12-05

مِنْ أسباب تراجع الأمة؛ وتخلفها الحضاري؛ مرض نهش في لحمها؛ ونخر في عظامها هو التغلغل الصوفي؛ الداعي إلى إهمال الأعمال، والتواكل.

قال الدينوري: "من الناس من جُبِلَ على علو الهمة، فلا يرضى بالدون، ولا يقنع بالقليل، ولا يلتفت إلى الصغائر، ولهذا قيل: ذو الهمة إن حَطَّ فنفسه تأبى إلا علوًّا، كالشعلة في النار يصوبها صاحبها وتأبى إلا ارتفاعًا" (عيون الأخبار، لابن قتيبة الدينوري: 1/233).

مِنْ أسباب تراجع الأمة؛ وتخلفها الحضاري؛ مرض نهش في لحمها؛ ونخر في عظامها هو التغلغل الصوفي؛ الداعي إلى إهمال الأعمال، والتواكل.، فهم يعتقدون أن إيمان آحاد الأمة كإيمان أبي بكر رضي الله عنه، ولا قيمة للعمل، فركنوا إلى التواكل، زعمًا أنه تَوَكُّلٌ، بجانب الإرجاء؛ الذي أتاح لسلاطين الجور والاستعمار أن يفعلوا في الأمة ما يشاؤون،  دون نكير، ولا ناصح أمين.

الاستعمار استعمل أداة الصوفية، والحكام الجائرين، استعملوا أداة الإرجاء، فكان الناتج هزيمة الأمة، وتأخرها.

دخلت الصوفية إلى الناس بألفاظ ظاهرها فيها الرحمة، وباطنها من قِبلها العذاب، فكانت النتيجة تفريغ عقائد الأمة عن حقيقتها، من أمثلة هذه الألفاظ والمفاهيم:
- تفريغ العقيدة عن العمل بدعوى "ربك رب قلوب".
- والرضا بالفقر، وعدم محاولة تغييره، بل والدعوة إلى التلذذ به، مثال "ألحس مسني وأبات مهني".
- ومنها عدم مواجهة البطش، أو أي جائر بدعوى "الباب اللي يجيلك منه الريح؛ سده، واستريح".

بينما الإسلام يدعو إلى الهمة العالية، وتغيير الواقع.

أخرج أبو داود؛ وابن ماجة: ((أن رجلًا من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم؛ يسأله، فقال: «أما في بيتك شيء؟» قال: بلى؛ حلس نلبس بعضه، ونبسط بعضه، وقعب نشرب فيه من الماء. قال: «ائتني بهما»، قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وقال: «من يشتري هذين»، قال رجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: «من يَزِيِدُ على درهم مرتين أو ثلاثًا»، قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين، فأعطاهما إياه، وأخذ الدرهمين، وأعطاهما الأنصاري، وقال: «اشتر بأحدهما طعامًا؛ فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قَدُومًا؛ فأتني به»، فأتاه به، فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودًا بيده، ثم قال له: «اذهب فاحتطب، وبِعْ، ولا أرينك خمسة عشر يومًا»، فذهب الرجل يحتطب ويبيع، فجاء وقد أصاب عشرة دراهم، فاشترى ببعضها ثوبًا، وببعضها طعامًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هذا خير لك من أن تجيء، المسألة نَكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة؛ لذي فقر مُدقع، أو لذي غرم مفظع، أو لذي دم موجع».

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.