تأملات تاريخية - (4) سنّة ماضية

منذ 2015-01-17

إنه مهما تعددت صورة الباطل فإنها يومًا ستتوحد ضد الحق، فهم وإن اختلفت مناهجهم وتفرقت مناهجهم وتباعدت بلدانهم، فقد توحدت قلوبهم واجتمعت كلمتهم ضد الحق وأهله، فهذه سنة ماضية إلى يوم القيامة.

 

إنه مهما تعددت صورة الباطل فإنها يومًا ستتوحد ضد الحق، فهم وإن اختلفت مناهجهم وتفرقت مناهجهم وتباعدت بلدانهم، فقد توحدت قلوبهم واجتمعت كلمتهم ضد الحق وأهله، فهذه سنة ماضية إلى يوم القيامة.

وهو واضح بارز في السيرة النبوية والفتوحات الإسلامية وقصة الحروب الصليبية والتتار والأندلس والهند وإفريقيا وإلى يومنا هذا!! قال تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} [البقرة:217].

فقد مر بنا في التاريخ كيف تعاون اليهود والنصارى والمشركون ومعهم المنافقون ضد النبي صلى الله عليه وسلم؟! حتى قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا بحيرا الراهب يحذر أبا طالب من اليهود، خوفًا علي ابن أخيه محمد صلى الله عليه وسلم وهو ما زال طفلاً، ثم تتابعت فصول المؤامرات وأحداثها مع البعثة وإلى الآن!

ومرَّ بنا كيف تعاون الفرس والروم -مع ما بينهما من ثارات قديمة وحروب طاحنة- ضد المسلمين كما في معركة الفراض 12هـ؟ وكيف تعاون الصليبون فيما بينهم -على اختلاف مذاهبهم- في حملاتهم ضد العالم الإسلامي؟! وكيف تعاون العبيديون الرافضة مع الصليبيين؟! وكيف تعاون الأرمن النصارى -وقد كانوا يعيشون مع المسلمين في وطن واحد- ومهَّدوا الطريق للحملات الصليبية؟! وكيف تعاون الصليبيون مع التتار -مع ما كان بينهم من حروب ودماء فضلًا عن اختلاف الدين والجنس واللون- ضد الخلافة العباسية؟! وكيف تعاون نصارى الأندلس حتى أسقطوا دولة الإسلام هناك؟! وكيف تعاون الهندوس والسيخ مع الإنجليز مع ما بينهم من دماء واختلاف في الدين والجنس ضد مسلمي الهند؟! وكيف تعاون اليهود والإنجليز والروس حتى أسقطوا الخلافة العثمانية؟!

وانظر اليوم كيف يتعاون الأوروبيون والأمريكان مع الروس والرافضة وعبدة الأوثان –مع ما بينهم من عداوة- ضد المسلمين؟!

وصدق القائل:

وليسَ غريباً مَا تَرىَ مِن صارعٍ *** هُو البغيُ، لَكنَّ الأسَامِي تَجَدَّدُ

وَأصبحَ أَحزَابًا تَناحَروا بَينَها *** وَتبدُوا فِي وَجْه الدِّينِ صَفًّا مُوَحَّدُ

 

وما يحدث في كل بلاد المسلمين الآن، هو امتداد لهذا العداء التاريخي الحاقد، وهدفه هو القضاء على الإسلام والمسلمين. يقول تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة:109]، وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [المائدة:51].

فهذا التعاون مخلَّد بخلود الصراع بين الحق والباطل، وإن كنَّا نعيشه الآن بصورة أشد، غير أن مصيره كمصيرهم جميعا الهزيمة والبوار.

 

أحمد عبد الحافظ

 

المقال السابق
(3) من قبل صلاح، كان هناك ألف صلاح!
المقال التالي
(5) نصر من حيث لا تحتسب