مع القرآن - لا إسلام بلا تحكيم للشريعة
لا إسلام بلا تحكيم لشريعة الملك سبحانه؛ فهو الذي خلق وهو صاحب الصنعة وهو أعلم بعباده وما يصلحهم وما يفسدهم.
أنزل شريعته منهجاً كاملاً لتسيير الحياة على الأرض على أفضل وأكرم وجه ولا علاقة حقيقية بين العبد وربه حتى يسير كما أراد الله على مراد الله متبعاً متحاكماً لمنهج الله منتفياً من قلبه أي حرج مسلما لله في كل ما أمر وكل ما نهى تسليماً كاملاً فهو عبد لله أنزله إلى الأرض لمهمة مؤقتة ووضع له منهجاً للسير عليه أثناء المهمة ثم هو راجع إلى ربه فكيف لا يحكم منهجه أو يجد في قلبه حرج أو لا يذعن ويسلم وهو في النهاية من الله وإلى الله؟
أما من ادعى لم يتحاكم لمنهجه وشريعته فهو كاذب منافق.
قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء:65].
قال السعدي في تفسيره: أقسم تعالى بنفسه الكريمة أنهم لا يؤمنون حتى يحكموا رسوله فيما شجر بينهم، أي: في كل شيء يحصل فيه اختلاف، بخلاف مسائل الإجماع، فإنها لا تكون إلا مستندة للكتاب والسنة، ثم لا يكفي هذا التحكيم حتى ينتفي الحرج من قلوبهم والضيق، وكونهم يحكمونه على وجه الإغماض، ثم لا يكفي ذلك حتى يسلموا لحكمه تسليمًا بانشراح صدر، وطمأنينة نفس، وانقياد بالظاهر والباطن.
فالتحكيم في مقام الإسلام، وانتفاء الحرج في مقام الإيمان، والتسليم في مقام الإحسان. فمَن استكمل هذه المراتب وكملها، فقد استكمل مراتب الدين كلها. فمَن ترك هذا التحكيم المذكور غير ملتزم له فهو كافر، ومَن تركه، مع التزامه فله حكم أمثاله من العاصين.
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: