مقومات طالب العلم - دُرَّة علميّة.. لكلّ من أفتَى، وعلَّم، وبلَّغ، عن اللهِ ورسولِه!

منذ 2016-04-03

ها هنا يَبين فضل علم السَّلف على الخلَف..! وكيف أن علومهم كانت أثبَت وأجلَى، والحُجة بها أحكم وأقوى.. وما ذاك إلا لتمسُّكهم ولزومهم نصوص الوحيين، لفظًا وفهمًا ومعنًى.

قال ابن القيّم رحمه الله:

"يَنبغي للمُفتي، أن يُفتي بلفظ النصّ مهما أمكنه، فإنه يتضمن الحُكمَ والدليلَ، مع البيان التام، فهو حُكمٌ مضمونٌ له الصواب، مُتضمنٌ للدليل عليه، في أحسن بيان..!
وقد كان الصحابة، والتابعون، والأئمة الذين سلكوا على منهاجهم؛ يتحرّون ذلك غاية التحرّي..!
حتى خَلفت من بعدهم خُلوفٌ، رَغبوا عن النصوص، واشتقّوا لهم ألفاظًا غير ألفاظ النصوص، فأوجب ذلك هجرَ النصوص..!
فتولّد من هُجران ألفاظ النصوص، والإقبال على الحادثة، وتعليق الأحكام بها؛ على الأمة من الفساد، ما لا يعلمه إلا الله!
فألفاظ النصوص؛عصمةٌ وحُجّة بريئة، من الخطأ والتناقض والتعقيد والاضطراب.
ولمَّا كانت هي عصمةُ عهدة الصحابة وأصولهم، التي إليها يرجعون؛ كانت علومُهم أصحّ من علوم مَن بعدهم، وخطؤهم فيما اختلفوا فيه أقلّ من خطأ مَن بعدهم..!
ثم التابعون بالنسبة إلى مَن بعدهم؛ كذلك، وهلُمّ جرّا..
ولما استحكم هُجران النصوص، عند أكثر أهل الأهواء والبدع؛ كانت علومهم في مسائلهم وأدلتهم؛ في غاية الفساد والاضطراب والتناقض" (انظر: إعلام المُوقعين).

قلتُ:
وها هنا يَبين فضل علم السَّلف على الخلَف..!
وكيف أن علومهم كانت أثبَت وأجلَى، والحُجة بها أحكم وأقوى..!
وما ذاك إلا لتمسُّكهم ولزومهم نصوص الوحيين، لفظًا وفهمًا ومعنًى.

وما أكثر ما كان يُسأل أحدُهم في المسألة، فيقول: أقول ما قال الله.. كذا وكذا.
ويُجيب بعضهم: القول ما قال رسول الله.. كذا وكذا.

وعلى هذا نالَت الخيريَّةَ والريادةَ؛ القرونُ الثلاثة المُفضَّلة؛ الصحابة والتابعون وأتباعهم.

ثم تعاقبَت أجيالٌ وقرون، حامَت حول ذلك وطلبَتْه، فقريبٌ وبعيد، ومُقِلٌّ ومُستكثِر، ومُفرِّطٌ ومُتمسِّك، حتى فشَا المذمومُ من الرأي والنظر، والهَوى والجدَل، وقِيل وقُلتُ، وأرى وأظنُّ، وطفح الكَيل بـ(أنا)، وزاد الطِّين (لِي)، وعلا طاغوتُ (عندي)..!

يقولون هذا عندنا غيرُ جائزٍ *** ومَن أنتمُ حتَّى يكونَ لكمْ عندُ

فتهَاوت صروح النصوص عند كثيرين، وغابوا عنها وقد غيَّبوها، وقدَّموا المُتشابه والمعقول، وأهملوا المُحكَم والمَنقول، واستبدلوا القياس، بالأصل والأساس..!

فكثُرت فروعُهم، وتناثرَت شُبهُهم، وطغَت تقريراتُهم..
فتناقضوا واضطربوا، وأغربوا واختلفوا، وخلَّطوا وأفسدوا..

وكلامنا في أهل الأهواء والبِدع والاختلاف، لا أهل الحقّ والسُّنة والائتلاف..!

فيا طالبَ العلم..!

النصوصَ النصوصَ فالْزَم، فتقرير الحقّ بها أحكم، ما لم تُحوَج إلى الأقوال..!

والْزم كلّ من عُرف عنه التمسُّك بالوَحيين حقًّا لا ادعاءً؛ تَغنَم وتَسلم.

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو فهر المسلم

باحث شرعي و أحد طلاب الشيخ سليمان العلوان حفظه الله

المقال السابق
من حق العلم.. أن تطلبه مُخلِصًا مُتجرِّدًا، لا مُفتِنًا مُتصيِّدا .. !
المقال التالي
لعْنةُ الله على الذَّكاء بِلا إيمان.. ورَضِي اللهُ عن البَلادَة مع التقوَى..!