عقيدتنا الإسلامية فرائد وخصائص

منذ 2016-10-27

للعقيدة الإسلامية، عقيدة أهل السنة والجماعة، خصائص عديدة، لا توجد في أي عقيدة أخرى، ولا غرور في ذلك؛ إذ إن تلك العقيدة تُستمَد من الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

للعقيدة الإسلامية، عقيدة أهل السنة والجماعة، خصائص عديدة، لا توجد في أي عقيدة أخرى، ولا غرور في ذلك؛ إذ إن تلك العقيدة تُستمَد من الوحي الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

ومن تلك الخصائص ما يلي
:
1.
سلامة مصدر التلقي: وذلك باعتمادها على الكتاب والسنة، وإجماع السلف الصالح، فهي مستقاة من ذلك النبع الصافي، بعيداً عن كدر الأهواء والشبهات، وهذه الخصيصة لا توجد في شتى المذاهب والملل والنحل غير العقيدة الإسلامية، عقيدة أهل السنة والجماعة.

2. أنها تقوم على التسليم لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك لأنها غيب، والغيب يقوم على التسليم، فالتسليم بالغيب من أعظم صفات المؤمنين التي مدحهم الله بها، كما في قوله تعالى:
{ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة من الآيتين:2-3].

ذلك أن العقول لا تدرك الغيب، ولا تستقل بمعرفة الشرائع؛ لعجزها وقصورها، فكما أن سمع الإنسان قاصر، وبصره كليل، وقوَّته محدودة فكذلك عقله؛ فتعيَّن الإيمان بالغيب والتسليم لله عز وجل.

3.
موافقتها للفطرة القويمة، والعقل السليم: فعقيدة أهل السنة والجماعة ملائمة للفطرة السليمة، موافقة للعقل الصريح، الخالي من الشهوات والشبهات.

4.
اتصال سندها بالرسول، والسلف الصالح قولاً، وعملاً، واعتقاداً: وهذه الخصيصة قد اعترف بها كثير من خصومها؛ فلا يوجد، بحمد الله، أصل من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ليس له أصل أو مستند من الكتاب والسنة، أو عن السلف الصالح، بخلاف العقائد الأخرى المبتدعة.

5.
الوضوح والسهولة والبيان: فهي عقيدة سهلة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فلا لبس فيها، ولا غموض، ولا تعقيد؛ فألفاظها واضحة، ومعانيها بينة، يفهمها العالم والعامي، والصغير والكبير، فهي تستمد من الكتاب والسنة، وأدلة الكتاب والسنة كالغذاء ينتفع به كل إنسان، بل كالماء الذي ينتفع به الرضيع، والصبي، والقوي، والضعيف.

6. السلامة من الاضطراب والتناقض واللبس: فلا مكان فيها لشيء من ذلك مطلقاً، كيف لا وهي وحي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؟ فالحق لا يضطرب ولا يتناقض، ولا يلتبس، بل يشبه بعضُه بعضاً، ويصدِّق بعضُه بعضاً
{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [النساء من الآية:82].

7.
أنها قد تأتي بالمحار، ولكن لا تأتي بالمحال: ففي العقيدة الإسلامية ما يبهر العقول، وما قد تحار فيه الأفهام، كسائر أمور الغيب من عذاب القبر ونعيمه، والصراط، والحوض، والجنة والنار، وكيفية صفات الله عز وجل.

فالعقول تحار في فهم حقيقة هذه الأمور، بل تعجز عن إدراك كيفياتها، ولكنها لا تحيلها، بل تسلّلم لذلك، وتنقاد وتذعن؛ لأن ذلك صدر عن الوحي المنزل، الذي لا ينطق عن الهوى.

8.
العموم والشمول والصلاح: فهي عامة، شاملة، صالحة لكل زمان ومكان، وحال، وأمة، بل إن الحياة لا تستقيم إلا بها.

9.
الثبات والاستقرار والخلود: فهي عقيدة ثابتة، مستقرة خالدة، فلقد ثبتت أمام الضربات المتوالية التي يقوم بها أعداء الإسلام: من اليهود، والنصارى، والمجوس، وغيرهم.

فما أن يعتقد هؤلاء أن عظمها قَد وهن، وأن جذوتها قد خبت، ونارها قد انطفأت حتى تعود جذعة ناصعة نقية؛ فهي ثابتة إلى قيام الساعة، محفوظة بحفظ الله تعالى تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل؛ ورعيلاً بعد رعيل، لم يتطرق إليها التحريف، أو الزيادة، أو النقصان، أو التبديل، كيف لا، والله عز وجل هو الذي تكفل بحفظها، وبقائها، ولم يكل ذلك إلى أحد من خلقه، قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9].

10. أنها سبب للنصر والظهور والتمكين: فذلك لا يكون إلا لأهل العقيدة الصحيحة، فهم الظاهرون وهم الناجون، وهم المنصورون كما قال صلى الله عليه وسلم:
«لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم ذلك» (صحيح مسلم [1920]). فمن أخذ بتلك العقيدة أعانه الله، ومن تركها خذله الله. وقد عَلِم ذلك كلُّ من قرأ التاريخ، فمتى حاد المسلمون عن دينهم، حاق بهم ما حاق، كما حدث لهم في الأندلس وغيرها.

11.
أنها ترفع قدر أهلها: فمن اعتقدها، وزاد علماً بها، وعملاً بمقتضاها، ودعوة للناس إليها أعلى الله قدره، ورفع له ذكره، ونشر بين الناس فضله، فرداً كان أو جماعة، ذلك أن العقيدة الصحيحة أفضل ما اكتسبته القلوب، وخير ما أدركته العقول، فهي تثمر المعارف النافعة، والأخلاق العالية، والبركات المتنوعة.

12.
السلامة والنجاة: فالسنة سفينة النجاة، فمن تمسك بها سلم ونجا، ومن تركها غرق وهلك، وكان السلف يسمون السنة سفينة نوح -عليه السلام-.

13.
أنها عقيدة الألفة والاجتماع: فما اتحد المسلمون، وما اجتمعت كلمتهم في مختلف الأعصار والأمصار إلا بتمسكهم بعقيدتهم، وأخذهم بها، وما تفرقوا واختلفوا إلا لبعدهم عنها.

14.
التميز: فهي عقيدة متميزة لا تشتبه بها العقائد الأخرى، ولا الأهواء المتفرقة.

15.
أنها تحمي معتنقيها من التخبط والفوضى والضياع: فالمنهج واحد، والمبدأ واضح ثابت لا يتغير، فيسلم معتنقها من اتباع الهوى، ويسلم من التخبط في توزيع الولاء والبراء، والمحبة والبغضاء، بل تعطيه معياراً دقيقاً لا يخطئ أبداً، فيسلم من التشتت والتشرد والضياع، فيعرف من يوالي، ويعرف من يعادي، ويعرف ما له وما عليه.

16.
أنها تمنح معتنقيها الراحة النفسية والفكرية: فلا قلق في النفس، ولا اضطراب في الفكر؛ لأن هذه العقيدة تصل المؤمن بخالقه -عز وجل- فيرضى به رباَ مدبراً، وحاكماً مشرعاً، فيطمئن قلبه بقدره، وينشرح صدره لحكمه، ويستنير فكره بمعرفته.

17.
سلامة القصد والعمل: بحيث يَسْلَم معتنقها من الانحراف في عبادة الله -عز وجل- فلا يعبد غير الله، ولا يرجو سواه.

18.
تؤثر في السلوك والأخلاق والمعاملة: فهي تأمر أهلها بكل خير، وتنهاهم عن كل شر، فتأمرهم بالعدل والاعتدال، وتنهاهم عن الظلم والانحراف.

19.
تدفع معتنقيها إلى الحزم والجد في الأمور.

20.
تبعث في نفس المؤمن تعظيم الكتاب والسنة: لأنه يعلم أن الكتاب حق وصواب، وهدى ورحمة؛ فينبعث بذلك إلى تعظيمهما، والأخذ بهما.

21.
تَكْفُل لمعتنقيها الحياة الكريمة: ففي ظل العقيدة الإسلامية يتحقق الأمن والحياة الكريمة؛ ذلك أنها تقوم على الإيمان بالله، ووجوب إفراده بالعبادة دون من سواه، وذلك -بلا شك- سبب الأمن والخير والسعادة في الدارين؛ فالأمن قرين الإيمان، وإذا فقد الإيمان فقد الأمن، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} [الأنعام:82]، فأهل التقوى والإيمان لهم الأمن التام، والاهتداء التام في العاجل والآجل، وأهل الشرك والمعصية هم أهل الخوف وأولى الناس به، فهم مهددون بالعقوبات والنقمات في سائر الأوقات.

22.
تعترف بالعقل وتحدد مجاله: فالعقيدة الإسلامية تحترم العقل السوي، وترفع من شأنه، ولا تحجر عليه، ولا تنكر نشاطه، والإسلام لا يرضى من المسلم أن يطفئ نور عقله، ويركن إلى التقليد الأعمى في مسائل الاعتقاد وغيرها.

23.
تعترف بالعواطف الإنسانية، وتوجهها الوجهة الصحيحة: فالعواطف أمر غريزي، ولا يتجرد منه أي إنسان سوي، والعقيدة الإسلامية ليست عقيدة هامدة جامدة، بل هي عقيدة حيّة، تعترف بالعواطف الإنسانية، وتقدرها حق قدرها، وفي الوقت نفسه لا تطلق العنان لها، بل تُقوِّمها، وتسمو بها، وتوجهها الوجهة الصحيحة، التي تجعل منها أداة خير وتعمير بدلاً من أن تكون معول هدمٍ وتدمير.

24.
العقيدة الإسلامية كفيلة بحل جميع المشكلات: سواء مشكلات الفرقة والشتات، أو مشكلات السياسة والاقتصاد، أو مشكلات الجهل والمرض والفقر، أو غير ذلك؛ فلقد جمع الله بها القلوب المشتتة، والأهواء المتفرقة، وأغنى بها المسلمين بعد العَيْلَة، وعلّمهم بها بعد الجهل، وبصّرهم بعد العمى، وأطعمهم من جوع، وآمنهم من خوف.

محمد بن إبراهيم الحمد

دكتور مشارك في قسم العقيدة - جامعة القصيم