مع القرآن - تمتع ساعات ثم ألم الدهر
اصرف حبك و طاعتك و عبادتك لغير الله و اقسم له من قلبك ما شئت , ثم الله الموعد ..فماذا أنت قائل و إلى أين المهرب و المفر ؟
تمتع و افرح ساعات... أيام ...شهور... بل سنوات , هي في مقابل الدهر و الأبد لا شيء , ثم ستقابل من عاندته و استكبرت عن طاعة أمره و الانقياد لمراده .
اصرف حبك و طاعتك و عبادتك لغير الله و اقسم له من قلبك ما شئت , ثم الله الموعد ..فماذا أنت قائل و إلى أين المهرب و المفر ؟
اكذب على الله و ادعي له البنات أو حتى البنين , و ستعلم يوم القيامة أنه أحد صمد لم يلد و لم يولد و ساعتها سيحل العقاب الأبدي فانظر ماذا أنت فاعل .
اسخط على قدر الله و عطائه فقد أتاح لك المشيئة ليختبرك فإذا رزقك من الذرية ما صادف هواك فرحت و إن كانت الأنثى كرهت و اشمأز فؤادك تمنيت أن تدسها في التراب أو تتقبلها على هون أي إهانة و مذلة لها كونها أنثى , و كل هذا لأنك جاهل لا تدري أين الخير فو الله قد تكون تلك الأنثى الطاهرة سبب دخولك الجنة و قد تكون هي قائدك إلى الهدى في يوم من الأيام .. فلم السخط ؟؟؟ عموما ستلقى الله بسخطك و عدم رضاك فانظر ماذا أنت قائل .
تلك الأمثال السيئة كلها للمعاندين المستكبرين عن الانقياد لله و لله المثل الأعلى و كمال الذات و الصفات , له مطلق الجلال و العظمة سبحانه .
فهل وعينا ؟؟؟
{ لِيَكْفُرُوا بِمَا آَتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِمَا لا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ * وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ * وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ * لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأعْلَى وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [النحل 56 – 60] .
قال السعدي في تفسيره : { ِليَكْفُرُوا بِمَا آتَيْنَاهُمْ } أي: أعطيناهم حيث نجيناهم من الشدة، وخلصناهم من المشقة، { فَتَمَتَّعُوا } في دنياكم قليلا { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبة كفركم.
ثم يخبر تعالى عن جهل المشركين وظلمهم وافترائهم على الله الكذب، وأنهم يجعلون لأصنامهم التي لا تعلم ولا تنفع ولا تضر -نصيبا مما رزقهم الله وأنعم به عليهم، فاستعانوا برزقه على الشرك به، وتقربوا به إلى أصنام منحوتة، كما قال تعالى: { وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ } الآية، { لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ } ويقال: { ءَاللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ } }فيعاقبهم على ذلك أشد العقوبة
{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ } حيث قالوا عن الملائكة العباد المقربين إنهم بنات الله { وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ } أي لأنفسهم الذكور حتى إنهم يكرهون البنات كراهة شديدة فكان { إِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا } من الغم الذي أصابه { وَهُوَ كَظِيمٌ } أي كاظم على الحزن والأسف إذا بشِّر بأنثى وحتى إنه يفتضح عند أبناء جنسه ويتوارى منهم من سوء ما بشر به
ثم يعمل فكره ورأيه الفاسد فيما يصنع بتلك البنت التي بشّر بها {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ } أي يتركها من غير قتل على إهانة وذل { أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ } أي يدفنها وهي حية وهو الوأد الذي ذم الله به المشركين { أَلا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ } إذ وصفوا الله بما لا يليق بجلاله من نسبة الولد إليه
ثم لم يكفهم هذا حتى نسبوا له أردأ القسمين وهو الإناث اللاتي يأنفون بأنفسهم عنها ويكرهونها فكيف ينسبونها لله تعالى؟ فبئس الحكم حكمهم
ولما كان هذا من أمثال السوء التي نسبها إليه أعداؤه المشركون قال تعالى { لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ } أي المثل الناقص والعيب التام { وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الأعْلَى } وهو كل صفة كمال وكل كمال في الوجود فالله أحق به من غير أن يستلزم ذلك نقصا بوجه وله المثل الأعلى في قلوب أوليائه وهو التعظيم والإجلال والمحبة والإنابة والمعرفة { وَهُوَ الْعَزِيزُ } الذي قهر جميع الأشياء وانقادت له المخلوقات بأسرها { الْحَكِيمُ } الذي يضع الأشياء مواضعها فلا يأمر ولا يفعل إلا ما يحمد عليه ويثنى على كماله فيه
أبو الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: