مع القرآن - لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ْ } [النور 63و64]
الرسول صلى الله عليه و سلم له مقامه في الأمة و الذي لا يدانيه فيه أحد و لأمر الرسول صلى الله عليه و سلم و طاعته في شريعة الإسلام مكانتها العظيمة و كذلك هي في قلوب المؤمنين , و قد حذر الله تعالى من مخالفة أوامره صلى الله عليه و سلم و عدم الانقياد لها و توعد المخالف بفتنة في الدنيا و عذاب في الآخرة .
و عند لقاء الله تعالى سيعلم كل امريء ما قدمت يداه و سيرى كل ظالم أثر عمله كما سيرى كل صالح جزاء تقواه .
{لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ْ } [النور 63و64]
قال السعدي في تفسيره :
{ { لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا } } أي: لا تجعلوا دعاء الرسول إياكم ودعائكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فإذا دعاكم فأجيبوه وجوبا، حتى إنه تجب إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم في حال الصلاة، وليس أحد إذا قال قولا يجب على الأمة قبول قوله والعمل به، إلا الرسول، لعصمته، وكوننا مخاطبين باتباعه، قال تعالى: { {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} وكذلك لا تجعلوا دعاءكم للرسول كدعاء بعضكم بعضا، فلا تقولوا: " يا محمد " عند ندائكم، أو " يا محمد بن عبد الله " كما يقول ذلك بعضكم لبعض، بل من شرفه وفضله وتميزه صلى الله عليه وسلم عن غيره، أن يقال: يا رسول الله، يا نبي الله.
{قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} لما مدح المؤمنين بالله ورسوله، الذين إذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه، توعد من لم يفعل ذلك وذهب من غير استئذان، فهو وإن خفي عليكم بذهابه على وجه خفي، وهو المراد بقوله: {يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} أي: يلوذون وقت تسللهم وانطلاقهم بشيء يحجبهم عن العيون، فالله يعلمهم، وسيجازيهم على ذلك أتم الجزاء، ولهذا توعدهم بقوله: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} أي: يذهبون إلى بعض شئونهم عن أمر الله ورسوله، فكيف بمن لم يذهب إلى شأن من شئونه؟" وإنما ترك أمر الله من دون شغل له. { أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ ْ} أي: شرك وشر {أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}
{أَلَا إِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} ملكا وعبيدا، يتصرف فيهم بحكمه القدري، وحكمه الشرعي. {قَدْ يَعْلَمُ مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ} أي: قد أحاط علمه بما أنتم عليه، من خير وشر، وعلم جميع أعمالكم، أحصاها علمه، وجرى بها قلمه، وكتبتها عليكم الحفظة الكرام الكاتبون.
{وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ} في يوم القيامة {فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا} يخبرهم بجميع أعمالهم، دقيقها وجليلها، إخبارا مطابقا لما وقع منهم، ويستشهد عليهم أعضاءهم، فلا يعدمون منه فضلا أو عدلا. ولما قيد علمه بأعمالهم، ذكر العموم بعد الخصوص، فقال: { {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: