مع القرآن - وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ

منذ 2017-11-03

{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ * يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}   [العنكبوت 53 - 55]

كثير ممن اتخذ إلهه هواه و أضله الله يتحدي الله و يتحدى الناصحين بحجة أن الله أمهله و لم تقع عليه المصائب و العذاب بعد .

لم يتفكر صاحب العقل الناقص و القلب الفاسد بأن رحمة الله عز وجل به أمهلته و أن الله أجل عقوبتهم حتى يعطيه الفرصة كاملة .

و لم يتفكر هؤلاء المستعجلين للعقوبة في انتهاء آجال كل من سبقوهم و أنهم بين يدي الله , و لم يتعظوا من أخبار الرسالات السماوية عن جحيم المعرضين المستكبرين بعد موتهم و مدى ما يلاقوه من ألوان العذاب و الامتهان .

 {وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ * يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ * يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}   [العنكبوت 53 - 55]

قال السعدي في تفسيره :

يخبر تعالى عن جهل المكذبين للرسول وما جاء به، وأنهم يقولون -استعجالا للعذاب، وزيادة تكذيب- { {مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ } } ؟

يقول تعالى: { {وَلَوْلَا أَجَلٌ مُسَمًّى} } مضروب لنزوله، ولم يأت بعد، { { لَجَاءَهُمُ الْعَذَابُ} } بسبب تعجيزهم لنا وتكذيبهم الحق، فلو آخذناهم بجهلهم، لكان كلامهم أسرع لبلائهم وعقوبتهم، ولكن -مع ذلك- فلا يستبطئون نزوله، فإنه سيأتيهم { { بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ } }

فوقع كما أخبر اللّه تعالى، لما قدموا لـ "بدر" بطرين مفاخرين، ظانين

أنهم قادرون على مقصودهم، فأهانهم اللّه، وقتل كبارهم، واستوعب جملة أشرارهم، ولم يبق فيهم بيت إلا أصابته تلك المصيبة، فأتاهم العذاب من حيث لم يحتسبوا، ونزل بهم وهم لا يشعرون.

هذا، وإن لم ينزل عليهم العذاب الدنيوي، فإن أمامهم العذاب الأخروي، الذي لا يخلص منهم أحد منه، سواء عوجل بعذاب الدنيا أو أمهل. { {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ } } ليس لهم عنها معدل ولا متصرف، قد أحاطت بهم من كل جانب، كما أحاطت بهم ذنوبهم وسيئاتهم وكفرهم، وذلك العذاب، هو العذاب الشديد.

{ { يَوْمَ يَغْشَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} } فإن أعمالكم انقلبت عليكم عذابا، وشملكم العذاب كما شملكم الكفر والذنوب.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ
المقال التالي
إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ