لنَحيا الشريعة

منذ 2018-04-07

إذا كانت أبواب التغيير الحقيقية لا يمكن الولوج إليها والوصول إلى غاياتها دون أخذ أهل الإيمان بالمستطاع من شعب الإيمان، فليُعلَم أن تلك الشعب تمثل الدين بأقسامه الثلاثة: العقيدة والشريعة والسلوك..

(النظام الدولي) القائم على الظلم والفساد والإلحاد، هو بلا شك منظومة متكاملة من وحي الشياطين لأوليائهم، ولهذا كانت عداوة قادته وسدنته للوحي الإلهي المنزل ظاهرة في مكوناته وتوجهاته ومخططاته وخطواته، وكان الخطر الأكبر في ذلك على عالمنا الإسلامي؛ أن جرى إخضاع المسلمين لحكم الجاهلية وقوانينها جبرًا وقهرًا، بعد أن نعم المسلمون بالحياة في ظلال الشريعة دهرًا، ولهذا كانت المرحلة الجبرية من أعقد المراحل التي مرت بها الأمة، وزادها تعقيدًا؛ استغراقها ما يقرب من قرن من الزمان؛ والظاهر أنها قد تستغرق وقتًا إضافيًا قبل الزوال المأمول قريبًا، خاصة بعد وصول تجارب السياسيين الإسلاميين الساعين إلى النهوض إلى طريق مسدود، وتعثر جهود الجهاديين في تحقيق النصر المنشود.

 

● ومن بداهة الأمور ألا يظل المسلمون الصادقون غارقين في تيه الترقب والتحسب انتظارًا لفَرَجٍ قَدَري مكتوب في الغيوب، دون أخذ بالأسباب على الوجه المطلوب؛ بل الواجب شرعًا وعقلًا.. ألا يتحول انتظار الغيب من عقيدة إيمانية رافعةٍ دافعة.. إلى عُقَد وبكائيات دامعة، فالمشهد الحالي يتطلب دوْرًا لكل فرد...وأفرادًا لكل دوْر.. وسعيًا للخروج من أسر الاستضعاف، لا تأصيلًا لما يسمى بفقه الاستضعاف..

وفي تحقيق المستطاع من شُعَب الإيمان القلبية والقولية والعملية؛ متسع لملء كل فراغ.. وسَد كل ثغرة، فلو فرضنا أن إقامة الدين ونصره ونشره يتطلب القيام بعدد من المهام، فعلينا أولًا أن نستحضر أن ذلك الدين المطلوب نصره؛ يتكون من شُعَب تتوزع عليها تلك المهام، وبقدر تعدد هذه الشُعَب البالغة بضعًا وستين، أو بضعًا وسبعين؛ تتعدد الأدوار التي تتغير بها الأقدار، كما قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الرعد من الآية: 11].

 

● وإذا كانت أبواب التغيير الحقيقية لا يمكن الولوج إليها والوصول إلى غاياتها دون أخذ أهل الإيمان بالمستطاع من شعب الإيمان، فلْيُعْلَم أن تلك الشعب تمثل الدين بأقسامه الثلاثة: (العقيدة والشريعة والسلوك).. وتجسد مراتبه الثلاث: (الإسلام والإيمان والإحسان) كما في حديث جبريل، فيجتمع بها البناء المتين الركين، الحاوي والجامع والحافظ لكمال وجمال وجلال الدين، الذي أُمِرنا أن نأخذه بقوة، وأن نبتغيه بعزة، محققين بذلك الالتزام اتباع الشريعة بمعناها العام، خلافًا لمن خانوا أمانة الوحي، وتنكبوا طريق النجاة، ممن حذرنا الله تعالى من مصيرهم في قوله عز وجل: {وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ . وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ . ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ . إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: 16-19].

 

● إقامة الشريعة على النفس قبل الناس؛ أمر نجاة وسعادة في الآخرة، قبل أن يكون أمر عزة وتمكين في الدنيا، فمن أراد نوال الولاية الإلهية مع المؤمنين المقبولين.. فلتتصدر الشريعة بهذا المعنى مشاعره ومشاريعه وشعاراته، ولتكن في صدر أولوياته واهتماماته ومحورًا لحياته.. دون انتظار لقرارات سيادية.. أو فرمانات برلمانية.. أو مبادرات شخصية أو حزبية..

 

وللكلام بإذن الله بقية..