مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون

منذ 2018-09-06

وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَاكِثُونَْ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ

{إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ} :

يصف لنا سبحانه عذاب المجرمين الذين ألهتهم حياتهم الدنيا فانشغلوا في ساعاتها القليلة عن أمر الله وأعطوا لكلماته ظهورهم وغرتهم شهواتهم وغرهم الشيطان فأبعدهم عن سبيل الرحمن, فاستحقوا العذاب الذي لا يخفف عنهم ولا ينقطع في دار خلود لا فناء فيها جزاء بما قدمت أيديهم من مظالم ,حيث لا مجيب لاستغاثاتهم يومئذ , لا خازن النار ولا أي ملك مقرب , حيث فوتوا على أنفسهم فرص النجاة يوم جاءهم الحق فرفضوه وكرهوه وأصروا على كرهه.

قال تعالى:

  {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ * لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ * وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَاكِثُونَْ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} .  [الزخرف 74-78]

قال السعدي في تفسيره:

{ {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ} } الذين أجرموا بكفرهم وتكذيبهم { {فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ} } أي: منغمرون فيه، محيط بهم العذاب من كل جانب، { {خَالِدُونَ} } فيه، لا يخرجون منه أبدا

و { {لَا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ } } العذاب ساعة، بإزالته، ولا بتهوين عذابه، { {وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} } أي: آيسون من كل خير، غير راجين للفرج، وذلك أنهم ينادون ربهم فيقولون: { {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} } وهذا العذاب العظيم، بما قدمت أيديهم، وبما ظلموا به أنفسهم.واللّه لم يظلمهم ولم يعاقبهم بلا ذنب ولا جرم.

{ {وَنَادَوْا} } وهم في النار، لعلهم يحصل لهم استراحة، { {يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ} } أي: ليمتنا فنستريح، فإننا في غم شديد، وعذاب غليظ، لا صبر لنا عليه ولا جلد. فـ { {قَالَ} } لهم مالك خازن النار -حين طلبوا منه أن يدعو اللّه لهم أن يقضي عليهم-: { { إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ } } أي: مقيمون فيها، لا تخرجون عنها أبدا، فلم يحصل لهم ما قصدوه، بل أجابهم بنقيض قصدهم، وزادهم غما إلى غمهم.

ثم وبخهم بما فعلوا فقال: { {لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ} } الذي يوجب عليكم أن تتبعوه فلو تبعتموه، لفزتم وسعدتم، { { وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ } } فلذلك شقيتم شقاوة لا سعادة بعدها.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة
المقال التالي
أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون