مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات
أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ
{أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} :
لا يستوي الصالح والطالح في ميزان الله ولا ميزان الناس ولا تقبل الفطر السليمة بمثل هذا أبداً, فلا يظن أهل العناد والكبر والغرور بالدنيا والاغترار بأنفسهم وبإمهال الله لهم أنهم سيتساووا مع المؤمنين الصالحين, فموازين العطاء في الدنيا تتفاوت بتفاوت اختبار الله للعباد بالشكر عند العطاء والصبر عند المنع , أما الدرجات والعطاء في الآخرة فيتفاوت بتفاوت الصلاح والقرب من الله ورسالاته وكلماته والعمل بها والدفاع عنها و العيش في سبيلها.
قال تعالى :
{ { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} } الجاثية 21
قال السعدي في تفسيره:
أي: أم حسب المسيئون المكثرون من الذنوب المقصرون في حقوق ربهم.
{ {أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} } بأن قاموا بحقوق ربهم، واجتنبوا مساخطه ولم يزالوا مؤثرين رضاه على هوى أنفسهم؟ أي: أحسبوا أن يكونوا { {سَوَاءً} } في الدنيا والآخرة؟ ساء ما ظنوا وحسبوا وساء ما حكموا به، فإنه حكم يخالف حكمة أحكم الحاكمين وخير العادلين ويناقض العقول السليمة والفطر المستقيمة، ويضاد ما نزلت به الكتب وأخبرت به الرسل، بل الحكم الواقع القطعي أن المؤمنين العاملين الصالحات لهم النصر والفلاح والسعادة والثواب في العاجل والآجل كل على قدر إحسانه، وأن المسيئين لهم الغضب والإهانة والعذاب والشقاء في الدنيا والآخرة.
#أبو_الهيثم
#مع_القرآن
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: