مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - أفرأيتم النار التي تورون

منذ 2019-02-20

أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73)فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)

{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} :

تأملوا النار وتلك الجمرات التي توقدونها بأيديكم وتقدحون شرارتها, خلقها ربكم سبحانه من شجر أخضر . يبس الشجر ومع الوقت تحول من حال إلى حال مغاير لينتفع الناس بهذا التغير واحتفاظ الجمر بمادة الدفيء والحرارة لتكتمل للناس معايشهم , جعلها الله تذكرة للإنسان خاصة بعدما تتحول في طورها الأخير إلى رماد بعدما كان ضوؤها مليء السمع والبصر.

جعلها الله تعالى متاعا للناس وخاصة من كان منهم على طريق سفر لحاجته الماسة للدفيء والطعام والشراب الساخن , وخاصة في فصل الشتاء وأيضاً في معظم ليالي العام.

فسبحان من خلق للناس تلك المعايش وبسط لهم الأرزاق والأقوات والمتاع , ثم يبارز معظمهم  ربه بنعمه ويستكبر عن عبادته.

 سبحانك ما عبدناك حق عبادتك.

قال تعالى :

{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (71) أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ (72) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ (73)فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (74)} [الواقعة]

قال السعدي في تفسيره:

وهذه نعمة تدخل في الضروريات التي لا غنى للخلق عنها، فإن الناس محتاجون إليها في كثير من أمورهم وحوائجهم، فقررهم تعالى بالنار التي أوجدها في الأشجار، وأن الخلق لا يقدرون أن ينشئوا شجرها، وإنما الله تعالى الذي أنشأها من الشجر الأخضر، فإذا هي نار توقد بقدر حاجة العباد، فإذا فرغوا من حاجتهم، أطفأوها وأخمدوها.

{ {نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً} } للعباد بنعمة ربهم، وتذكرة بنار جهنم التي أعدها الله للعاصين، وجعلها سوطا يسوق به عباده إلى دار النعيم، { {وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ } } أي: [المنتفعين أو] المسافرين وخص الله المسافرين لأن نفع المسافر بذلك أعظم من غيره، ولعل السبب في ذلك، لأن الدنيا كلها دار سفر، والعبد من حين ولد فهو مسافر إلى ربه، فهذه النار، جعلها الله متاعا للمسافرين في هذه الدار، وتذكرة لهم بدار القرار، فلما بين من نعمه ما يوجب الثناء عليه من عباده وشكره وعبادته،

أمر بتسبيحه وتحميده فقال: { {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} } أي: نزه ربك العظيم، كامل الأسماء والصفات، كثير الإحسان والخيرات، واحمده بقلبك ولسانك، وجوارحك، لأنه أهل لذلك، وهو المستحق لأن يشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى، ويطاع فلا يعصى.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

==========

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
أفرأيتم الماء الذي تشربون
المقال التالي
فلا أقسم بمواقع النجوم