مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - ويتناجون بالإثم والعدوان

منذ 2019-03-19

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ۚ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) } [المجادلة]

{وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ} :

تحذير من الله إلى مجالس السوء وإلى كل من يبطن السوء إلى المسلمين ويتناجي في مجالسه بالمعاصي والاستهزاء والعدوان والفحشاء والغيبة والنميمة والوقيعة ويتفكه بالأعراض والفواحش.

نهى ربنا سبحانه عن التناجي بالمعاصي والإسرار في المجالس بما يغضب الله تعالى من الفواحش والكيد للمسلمين , وأمر عز وجل بالتناجي بالطيبات من الكلمات وتعاطي الطاعات وأعمال البر.

وحذر سبحانه من مصير المستعجلين بالعقوبة الذين يظنون أن إمهال الله لهم يعني عدم علمه وسمعه أو يعني نفي العقوبة عنهم بينما هو استدراج وأي استدراج إنه إمهال واستدراج إلى جهنم عياذاً بالله وعذابها الذي لا يطاق , فليبادر كل امريء بالمصالحة الفورية والتوبة العاجلة قبل فوات الأوان , فإن كلمة واحدة قد تهوي بك في جهنم سبعين خريفاً.

قال تعالى:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَىٰ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ ۚ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا ۖ فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (8) } [المجادلة]

قال السعدي في تفسيره:

النجوى هي: التناجي بين اثنين فأكثر، وقد تكون في الخير، وتكون في الشر.

فأمر الله تعالى المؤمنين أن يتناجوا بالبر، وهو اسم جامع لكل خير وطاعة، وقيام بحق لله ولعباده والتقوى، وهي هنا: اسم جامع لترك جميع المحارم والمآثم، فالمؤمن يمتثل هذا الأمر الإلهي، فلا تجده مناجيا ومتحدثا إلا بما يقربه من الله، ويباعده من سخطه، والفاجر يتهاون بأمر الله، ويناجي بالإثم والعدوان ومعصية الرسول، كالمنافقين الذين هذا دأبهم وحالهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى { {وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ} } أي: يسيئون الأدب معك في تحيتهم لك، { { وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ } } أي: يسرون في أنفسهم ما ذكره عالم الغيب والشهادة عنهم، وهو قولهم: { { لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ} } ومعنى ذلك أنهم يتهاونون بذلك، ويستدلون بعدم تعجيل العقوبة عليهم، أن ما يقولون غير محذور، قال تعالى في بيان أنه يمهل ولا يهمل: { حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ } أي: تكفيهم جهنم التي جمعت كل شقاء وعذاب عليهم، تحيط بهم، ويعذبون بها { {فَبِئْسَ الْمَصِيرُ } } وهؤلاء المذكورون إما أناس من المنافقين يظهرون الإيمان، ويخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم بهذا الخطاب الذي يوهمون أنهم أرادوا به خيرا وهم كذبة في ذلك، وإما أناس من أهل الكتاب، الذين إذا سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم، قالوا: "السام عليك يا محمد" يعنون بذلك الموت.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم
المقال التالي
إنما النجوى من الشيطان ليحزن الذين آمنوا