مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - وإنك لعلى خلق عظيم

منذ 2019-07-16

{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم]

{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ} :

جمع النبي صلى الله عليه وسلم الكمال الإنساني في الصفات, وكما وصفته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : كان خلقه القرآن.

لو تأملت في كل خلق حسن من مكارم الأخلاق لوجدته وقد حاز منها السبق صلى الله عليه وسلم.

قال تعالى:

{وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [القلم]

قال السعدي في تفسيره:

{ {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ } } أي: عاليًا به، مستعليًا بخلقك الذي من الله عليك به، وحاصل خلقه العظيم، ما فسرته به أم المؤمنين، عائشة -رضي الله عنها- لمن سألها عنه، فقالت: "كان خلقه القرآن"، وذلك نحو قوله تعالى له: { {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ } } { {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} } [الآية]، { {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيُصُ عَلَيْكُم بِالمْؤُمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ } } وما أشبه ذلك من الآيات الدالات على اتصافه صلى الله عليه وسلم بمكارم الأخلاق، والآيات الحاثات على الخلق العظيم فكان له منها أكملها وأجلها، وهو في كل خصلة منها، في الذروة العليا، فكان صلى الله عليه وسلم سهلًا لينا، قريبًا من الناس، مجيبًا لدعوة من دعاه، قاضيًا لحاجة من استقضاه، جابرًا لقلب من سأله، لا يحرمه، ولا يرده خائبًا، وإذا أراد أصحابه منه أمرًا وافقهم عليه، وتابعهم فيه إذا لم يكن فيه محذور، وإن عزم على أمر لم يستبد به دونهم، بل يشاورهم ويؤامرهم، وكان يقبل من محسنهم، ويعفو عن مسيئهم، ولم يكن يعاشر جليسًا له إلا أتم عشرة وأحسنها، فكان لا يعبس في وجهه، ولا يغلظ عليه في مقاله، ولا يطوي عنه بشره، ولا يمسك عليه فلتات لسانه، ولا يؤاخذه بما يصدر منه من جفوة، بل يحسن إلي عشيره غاية الإحسان، ويحتمله غاية الاحتمال صلى الله عليه وسلم.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
ن والقلم وما يسطرون
المقال التالي
فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ