مع القرآن (من الأحقاف إلى الناس) - كلا والقمر

منذ 2019-10-10

{ كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ (36) لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) } [المدثر]

{كَلَّا وَالْقَمَرِ} :

أقسم تعالى ببعض مخلوقاته العظيمة الدالة على قدرته كالقمر والليل في حال إدباره والنهار في حال إسفاره, أن النار هي إحدى كبريات المخلوقات وإحدى الأهوال العظام التي ينبغي أن يعمل العاملون للفرار منها ومن أهوالها, وهذا نذير واضح لذرية آدم , لمن شاء أن يفر إلى الله من النار وذلك بتقوى الله والتزام أوامره واجتناب محرماته والمسارعة بالتوبة والعودة إليه, أما من أعرض وابتعد عن الله وأمره وقارف محرماته وأصر ولم يتب فهو وشأنه مع ما قدمت يداه.

قال تعالى:

{ كَلَّا وَالْقَمَرِ (32) وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَالصُّبْحِ إِذَا أَسْفَرَ (34) إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ (36) لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) } [المدثر]

قال السعدي في تفسيره:

{ { كَلَّا } } هنا بمعنى: حقا، أو بمعنى { { ألا } } الاستفتاحية، فأقسم تعالى بالقمر, وبالليل وقت إدباره,والنهار وقت إسفاره، لاشتمال المذكورات على آيات الله العظيمة، الدالة على كمال قدرة الله وحكمته، وسعة سلطانه، وعموم رحمته، وإحاطة علمه.

والمقسم عليه قوله: { {إِنَّهَا } } أي النار { {لَإِحْدَى الْكُبَرِ} } أي: لإحدى العظائم الطامة والأمور الهامة، فإذا أعلمناكم بها، وكنتم على بصيرة من أمرها.

فمن شاء منكم أن يتقدم، فيعمل بما يقربه من ربه، ويدنيه من رضاه، ويزلفه من دار كرامته، أو يتأخر [عما خلق له و] عما يحبه الله [ويرضاه]، فيعمل بالمعاصي، ويتقرب إلى نار جهنم، كما قال تعالى: { { وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} } الآية.

#أبو_الهيثم

#مع_القرآن

 

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

المقال السابق
وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً
المقال التالي
كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ