كيف يتصرف مع والدته التي يعلم أن لها علاقات محرمة مع أجانب؟

منذ 2014-12-18
السؤال:

لي أم، منذ صغري وأنا أراها تخون والدي، ونجد أعمالاً سحرية في غرفة نومهم، الخيانة مع أشخاص متعددين، والله إني أخاف عقاب الله وأنا أكتب، ولكن طفح الكيل؛ لأنه تبقى واحد من الأنجاس لا يزال على علاقة ببيتنا، وأبي قد توفي، الله يرحمه، الآن أصغر إخواني يذهب يتنزه مع هذا الرجل وأولاده، ربما يحاول يكفر عن خطيئته، ولكني لا أحتمل وجوده، ورؤيته، ولا أستطيع أن أواجه أمي بحقيقته. المهم: نشب نزاع بيني وبين أمي حول أخي الصغير، وخروجه معهم، والآن أنا مقاطع بيت أهلي؛ من أمي، وتصرفاتها المخزية، وتعلقها بالدنيا، فهي شخصية متسلطة جدّاً، والكذب، والخداع، والمراوغة لا تكلفها أي مجهود، أو تفكير، أنا تعبت من التفكير، كما أن لدي أختا سألت أحد المشايخ، فأجابها: بأنه ليس لها ما لباقي الأمهات، ومخالفتها لا يعد عقوقاً.

الإجابة:

الحمد لله
أولاً:
إن صحَّ ما تقول عن والدتك من إقامتها علاقات غير شرعية مع رجال أجانب: فإنها تكون قد عرَّضت نفسها لسخط الله، وعذابه، فإن كانت وقعت في الزنا: فإن وعيدها أعظم، وخاصة وأنها محصنة، وحدُّ الزانية المحصنة: الرجم بالحجارة حتى الموت، والإحصان يحصل بالدخول الشرعي على متزوجة، ولو مرة واحدة، ولذا فإن هذا حكمها سواء كان والدك على قيد الحياة، أم فعلت ذلك بعد وفاته.
وانظر "زنت وهي صغيرة فهل يُقام عليها الحد؟"

والسحر الذي رأيتَه في غرفة نومها: إن كان بفعلها، أو عن طريقها: فهي على خطر عظيم؛ لما للسحر من شر في ذاته، ومن شدةٍ في حكمه، سواء فعله الساحر بنفسه، أم قصد مسلمٌ ساحراً ليسحر له أحداً من الناس.
وانظر "سحر الزوجة للزوج"

لذا يجب على أمك أن تتوب توبة صادقة، وعليك أن تعينها على هذه التوبة، وتحثها عليه، وترغِّبها إن هي تابت، وترهِّبها إن هي أصرت على فعلها، ومنكراتها.
ثانياً:
فد أخطأتَ بخروجك من البيت خطأً كبيراً، بل كان الواجب عليك: البقاء في البيت لتحمي أمك، وأخاك الصغير، وأختك، من ذلك الذئب الجائع، ونعجب منك كيف فهمت أن علاقة ذلك الرجل بأخيك إنما هي لتكفير خطيئته بعلاقته المحرمة مع والدتك! فمثل هذا لا يُحسَّن به الظن، بل ينبغي أن يحترس منه بسوء الظن، ولعل الأقرب أنه يتخذه قنطرة لقضاء مأربه، وتسهيل دخوله إلى المنزل.
فنرى أنك أخطأتَ خطأً عظيماً بهجرك للبيت، وأن الواجب عليك الآن الرجوع إليه، وأن تكون حامياً له، ولأفراد أسرتك، من طمع الطامعين، وكيد الكائدين، وبقاؤك مع تحملك لتصرفات أمك خير بكثير من هجرك للبيت لتنفس عن نفسك، فاتق الله تعالى ربك، وأنت الآن صاحب مسئولية، فلا تقدِّم هوى نفسك بتخليك عن تلك المسئوليات، وكن خير حامٍ لأسرتك، فهم أحوج ما يكونون لك.
فإن أمكنك الانتقال بأسرتك عن البلد التي يعيش فيها هذا الخبيث، ويتيسر اتصاله ببيتكم فيها، فافعل، حتى وإن كان فيه قدر من التعب، أو نوع من الخسارة المادية، فهو أيسر مما أنتم فيه، وأبعد لكم عن السوء والعار، عافانا الله وإياكم.
وبخصوص ذلك الخبيث: فليس لك إلا مواجهته، وطرده من بيتكم، والطلب منه عدم زيارتكم، والقدوم إليكم، وليكن منك إقناع بذلك لأخيك، حتى يعلم أنه غير مرغوب فيه، فتُقطع رجله عن القدوم إليكم، ولا ينبغي لك التهاون في هذا، وبحسب ما جاء في بياناتك أن عمرك (31) وهو عمر رجل يستطيع فرض سيطرته على بيته، فافعل ذلك ولا تتردد.
ثالثاً:
مع ما تقوله من تصرفات والدتك: فإن حقها يبقى عليك في البرِّ، والتلطف في الكلام، وهذا هو الطريق المناسب لقلبها، وهدايتها، دون القسوة، والغلظة، ونرى أن من قال لك بسقوط حقها في البر والصلة أنه أخطأ، نعم، لا تعان على معصية، لكن يبقى برُّها على أولادها.
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن امرأة مزوَّجة، ولها أولاد فتعلقت بشخصٍ أقامت معه على الفجور، فلما ظهر أمرها: سعَت في مفارقة الزوج، فهل بقيَ لها حق على أولادها بعد هذا الفعل؟ وهل عليهم إثم في قطعها؟ وهل يجوز لمن تحقق ذلك منها قتلها سرّاً؟ وإن فعل ذلك غيره يأثم؟
فأجاب:
الواجب على أولادها وعصبتها: أن يمنعوها من المحرمات، فإن لم تمتنع إلا بالحبس: حبسوها، وإن احتاجت إلى القيد: قيَّدوها، وما ينبغي للولد أن يضرب أمََّه، وأمَّا برُّها: فليس لهم أن يمنعوها برَّها، ولا يجوز لهم مقاطعتها بحيث تتمكن بذلك من السوء، بل يمنعوها بحسب قدرتهم، وإن احتاجت إلى رزق وكسوة رزقوها وكسوها، ولا يجوز لهم إقامة الحد عليها بقتلٍ ولا غيره، وعليهم الإثم في ذلك. "مجموع الفتاوى" (34/ 177،178).
فالمطلوب منك أخي السائل:
1. الرجوع دون تردد إلى بيت أهلك.
2. القيام على أمك وأختك وأخيك بالعناية، والرعاية، والدعوة بالحسنى.
3. طرد ذلك الرجل الخبيث من بيتكم، ومن حياتكم.
4. منع أمك من لقاء أحد من الأجانب، أو استضافتهم في بيتها، ولو أدى ذلك إلى تقييدها، وحبسها في البيت، على أن تدرس عواقب ذلك، واحتمال وقوع ضرر عليك جراء فعله.
5. لا تمتنع من برها، ويحرم عليك عقوقها، فأحسن إليها، وتلطف معها، وأخرجها من بيئتها التي تعيش بها، وعرِّفها على أهل الفضل والعفاف، واذهب بها للعمرة، لعلها تغسل ذنبها، وتستغفر ربها، وتغيِّر حياتها للأفضل.
6. داوم على دعاء الله تعالى لأسرتك بالهداية، ولك بالتوفيق والإعانة.
والله أعلم.

الإسلام سؤال وجواب

موقع الإسلام سؤال وجواب