موقعة الجمل الثانية !
منذ 2012-05-05
كنت شاهد عيان على ما حدث في موقعة الجمل التي يحاكَم فيها عدد من رموز النظام السابق، وما رأيته منذ فجر اليوم وحتى ساعة كتابة هذه السطور مما يحدث في العباسية يجعلني أمام مشاهد موقعة الجمل الجديدة بكل حذافيرها..
كنت شاهد عيان على ما حدث في موقعة الجمل التي يُحاكَم فيها عدد من رموز النظام السابق، وما رأيته منذ فجر اليوم وحتى ساعة كتابة هذه السطور مما يحدث في العباسية يجعلني أمام مشاهد موقعة الجمل الجديدة بكل حذافيرها، فقط لا يوجد جمل وحِصان هذه المرة؛ لأن المتآمرين أخذوا الدرس والعبرة، الهجوم بالحجارة ثم المولوتوف ثم العِصِي ثم السنج والمطاوي والسيوف ثم الرَّصاص الحي! نفس الخطوات التي حدثت من قبل تتكرر، الاتصالات المشبوهة بوسائل إعلام محلية ودولية لمجهولين يصرخون: "أنقذونا من المعتصمين والملتحين!، إنهم يقتلوننا ويدخلون علينا بالرشاشات في البيوت"، ثم كِيل اللعن والسب للثوار ورموزهم المعروفين في تلك اللحظة، وطبعًا الآن حازم أبو إسماعيل هو الذي في الصورة، فتمَّ التلقين على أساس شتْمه وسبِّه أمام الميكروفونات وتحميله مسؤولية ما يحدث، نفس السيناريو، مَن ينفق على المعتصمين والأموال الضخمة والوجبات الفاخرة التي توزَّع عليهم!، نفس الدِّعاية الكئيبة والخائبة التي كانت أيام موقعة الجمل الأولى عن "الكنتاكي" الذي يُوزَّع على الثوار في ميدان التحرير!، القناصة الذين يطلقون الرصاص من مسافات ومن فوق الكباري، ومن غرف الفنادق المحيطة بالمنطقة على الرؤوس والعيون هو نفسه ما تكرر في العباسية أمس، الشيء الوحيد المختلف أن مبارك وابنه وعصابته المباشرة هم الذين كانوا يديرون المعركة ضد الثوار، ولكن أمس سنحتاج إلى البحث عن "العصابة" التي تدير تلك المعركة ضد الثوار المعتصمين، فلا يوجد مبارك ولا يوجد عصابته المباشرة، ولكن المؤكد أن "عصابة" أخرى ربما كانت امتدادًا لمبارك، وعصابته هي التي حرّضت ودفعت ووجهت ونسَّقت الهجوم الوحشي على الشباب المُسالِم المعتصم منذ أيام لتسجيل احتجاجه سلميًا على سياسات المجلس العسكري .
من حق المجلس العسكري أن يعترض على الاعتصام وعلى مكانه، ومن حق أي جهة أخرى أن تخالف المعتصمين في رأيهم أو في اختيارهم، ولكن أن يتم "تركهم" نهبًا لتلك الوحشية التي تكررت أربع ليالي متواصلة بوتيرة متصاعدة وفي ظل حماية واضحة من القوات المسلحة وقوات الشرطة للمهاجمين وفي ظل "طرقعة" الرصاص الحي بالقرب من جنود القوات المسلحة، وفي منطقة حساسة مثل العباسية والخليفة المأمون ونفق الزعفران، فيُقتل حتى الآن أحد عشر مواطنًا، بعضهم ذبحًا، كل ذلك والجيش غير موجود أو "مش واخد باله"، شيء لا يمكن لعاقل أن يصدقه، وسوف يتم تفسيره على أسوأ ما يكون، فإذا كان المجلس العسكري عاجزًا عن حماية قطاع من المواطنين يمارس حقه الدستوري والقانوني في الاحتجاج السلمي، رغم أن هذا هو أحد مبررات وجود المجلس في السلطة، فعليه أن يرحل فورًا ويترك السلطة للقوى الوطنية تدير شؤون الوطن وتحمي المواطنين، ولا داعي لانتظار شهرين؛ لأنه من الواضح أن الشهرين المقبلين يتم التخطيط لهما على أعلى مستوى من أجل خلط الأوراق ومزج المشهد بالدم والنار والفوضى غير الخلّاقة، وإذا كان المجلس العسكري يعتبر أن الشرطة غير موجودة أو غير معنية بحماية المواطنين أو متواطئة مع البلطجية، فعليه أيضًا أن يقدم استقالته؛ لأنه غير قادر على إدارة شؤون البلاد وأظهر عجزًا فاضحًا يعرّض البلاد للخطر الداهم.
وعلى الجهات الحقوقية والنشطاء والمنظمات المشاركة في اعتصام وزارة الدفاع أن تحرص الآن بسرعة ودقة على جمع كل الأدلة والشواهد، وتسجيل شهادات الشهود وأسماء الضحايا والمصابين؛ لأن كل مَن تورطوا في إدارة "موقعة الجمل الثانية" لابد أن يُحاكَموا على تلك الجريمة الوحشية، كما حاكم الشعب مجرمي الموقعة الأولى.
المصدر: موقع جريدة المصريون
- التصنيف: