إنهم يحرقون الوطن !!
إن أخطر رسالة تقدمها هذه القرارات وتلك التصرفات لشعب مصر الثائر وشبابه المتحمس أن اضربوا رءوسكم فى الحائط؛ فلا يوجد شىء فى مصر اسمه إرادة الشعب ولا الصندوق الشفاف، فابحثوا عن غير ذلك، ولا معنى لهذا إلا إحراق الوطن !!
لا يملك أى عاقل ينظر إلى تسارع الأحداث فى مصر، وما رافق ذلك من حجم هائل من التشريعات المحبطة، إلا أنها تمثل انقلابًا صريحًا من العسكرى ضد الثورة والدولة المدنية- بغض النظر عن محاولة بعض المنتفعين تبرير ذلك الانقلاب بأنه يأتى لمواجهة تخوفات على مستقبل مصر- إلا أن الجميع متفق على أن هذا انقلاب حقيقى بكل معانى الكلمة!!
وفى الحقيقة أنا لا أنظر إلى الذى يحدث باعتباره انقلابًا؛ لأن الانقلاب يعبر به عن تغيير الموقف أو قلب الأوضاع ونحو ذلك من المعانى!! أما ماحدث فهو إظهار للأمور على حقيقتها؛ فلم يكن يومًا المجلس العسكرى ورجال النظام السابق مع الثورة، وإنما فقط كانت انحناءة يسيرة للعاصفة حتى تهدأ أو يتم تشتيت قوتها وكسر حدتها!!
وكل من كان يغض الطرف عن هذه الحقيقة، إنما كان يضع رأسه فى الرمال ويمنى نفسه بأمانى الغرور لتهدأ وتقنع وترتخي!!
وإذا كانت حقيقة هؤلاء العسكر، وذلك المجلس كانت واضحة لفريق، وقد اتضحت وظهرت لكثيرين أخيرًا؛ فإن قطاعاً كبيرا من لابسى لبوس الوطنية والثورية والحرية والكرامة والدولة المدنية ونحو ذلك من العبارات البراقة- هؤلاء جميعًا قد انكشفت حقيقتهم وظهرت بطولاتهم الزائفة وسقطت مبادئهم، التى صدعوا بها الجماهير، هم قد سقطوا معها سقوطًا مريعًا فى أعين أنفسهم قبل أن يسقطوا فى أعين المخدوعين بهم!!
وهؤلاء رغم قلتهم إلا أنهم يحدثون شغبًا وتشويهًا وتشويشًا بما يملكونه ويُقدم لهم من مساحات إعلامية واسعة وإبراز متعمد من أنصار الانقلاب العسكرى!!
ولا يدرى هؤلاء وأولئك أنهم بذلك يمهدون لإحراق الوطن وإسقاطه سقوطًا قد لايقوم منه قبل أحقاب طويلة ويدخلون الوطن فى اضطرابات وصراعات مريرة لا يعلم مداها وخطرها إلا الله عز وجل!!
إنهم يرسلون رسائل إحباط واضحة الدلالة لكل شعب مصر بجميع أطيافه أنه ليس هناك شيء اسمه إرادة شعبية أو اختيار شعب، وأن هذا الشعب ليس إلا قطيعًا من القطعان لا كرامة له ولا قيمة له ولا أثر لرغبته!!
فالاستهانة بهذا الشعب ومقدراته وكرامته وإرادته لا تعدل عند هؤلاء كلمة أو قرارًا يصدر من أرباب هذا الانقلاب وعلى هذا القطيع أن ينفذ على الفور وإلا كان خارجًا عن الشرعية!!
بجرة قلم يجد الشعب نفسه أسيرًا لقانون أشد وطأة من الطوارئ التى اكتوى بنارها ثلاثين عامًا قبل أن ينهيها بشق الأنفس مجلسه المنتخب!!
وبجرة قلم يجد الشعب مجلسه، الذى ناضل وكافح لأجل انتخابه وبذل فى ذلك غاية جهده وسعيه، وكان مصدر فخره ومبعث أمله؛ إذا بجرة قلم من غير ذى صفة يذهب هذا المجلس أدراج الرياح!!
ومع إصرار الشعب على الصبر وإكمال مسيرة الإصلاح والثورة تأتى نتائج الانتخابات وأرقامها الموثقة لتؤكد هذا الإصرار بنجاح الدكتور مرسى، رغم التخويف والتشويه واحتشاد قوى الشر فى الداخل والخارج ضد مرشح الثورة، تأتى إرهاصات استمرار مسلسل استغفال الشعب والضرب بإرادته عرض الحائط فى مسلسل هزلى هابط بالغ الإسفاف يقوم بدور البطولة فيه أعراس متحركة لم يحسن القائمون بتحريكها إخفاء الخيوط التى تتولى التحريك والتوجيه!!
وتبدأ حملات الاستخفاف والاستهبال لهذا الشعب، بدءًا بقصة التسويد المزعوم، ورغم أن المستشار حاتم بجاتو قال فى حوار صريح مع مذيعة لها قصة مشهورة وقضية معلومة فى تشويه سمعة نساء مصر- قال إن التسويد كان لكلا المرشحين – رغم ذلك إلا أن التشويه والترهيب المتعمد هو لمرشح الثورة وحده!!
ثم تأتى ثالثة الأثافى لتجعل الشطارة وسرعة الرصد والتفوق فى ذلك استباقًا للنتائج وسطوًا عليها؛ وفى نفس اللقاء السابق عندما سألته المذيعة سالفة الذكر عن الموعد قال بالنص: إن الموعد الرسمى لن يكون قبل الأربعاء لكن النتائج تعلن باللجان الفرعية وإنتم وشطارتكم!! فإذا كان جماعة الشاطر هم الشطار والآخرون هم الكسالى والفشلة يقولون استباقًا وسطوًا!!
وفى سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخ هذه اللجنة يأتى قرارها بالتأجيل لنظر الطعون!! مع العلم أن جريدة الجمهورية الرسمية ذات الصلات العميقة والوثيقة بأصحاب القرار نشر فى صفحتها الرسمية هذا العنوان: (بجاتو: فحصنا 400 طعن بكل دقة ولا نعتد بنتائج الحملات)... وجاء فى الخبر نفسه: (أكد المستشار حاتم بجاتو الأمين العام للجنة أن اللجنة فحصت جميع الطعون المقدمة بكل دقة واستمعت لمحامى المرشحين حول الدفوع فى هذه الطعون التى تقدم بها المرشحان وتم دراستها بتأن ودقة)!!
إذن فهناك تأكيد وهناك انتهاء فعلام التأجيل وما أسبابه؟!!
وقد احتفظت بصورة له تحسبًا للظروف!!
مع ملاحظة أن اللجنة لم تقبل تظلم أحد المتظلمين من الاستبعاد قبل ذلك إلا الفريق شفيق!! كما لم تقبل أى تظلم من المتظلمين من قبل؛ فهل تسير على سنتها وطريقتها معه وحده؟!!
فأخشى أن تأتى جرة القلم هذه المرة بإسقاط مرشح الثورة وتزييف إرادة الشعب التى ظهرت للقاسى والدانى لتكون هذه الجرة هذه المرة القشة التى قصمت ظهر البعير، والبعير هنا هو الوطن، أو مستصغر الشرر الذى يشعل الوطن!!
إن أخطر رسالة تقدمها هذه القرارات وتلك التصرفات لشعب مصر الثائر وشبابه المتحمس أن اضربوا رءوسكم فى الحائط؛ فلا يوجد شىء فى مصر اسمه إرادة الشعب ولا الصندوق الشفاف، فابحثوا عن غير ذلك، ولا معنى لهذا إلا إحراق الوطن!!
د. هشام برغش
عضو الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح
- التصنيف: