صفحة مشرقة من حياة الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله تعالى

منذ 2005-03-11
بلدة العيينة، الوقت ليلًا، يظهر الشيخ محمد داخل حجرته المتواضعة، يقرأ بنهم ويدون في بعض الكتب أمامه، يدخل عليه ابن غنَّام -أحد طلابه-.

ابن غنَّام: السلام عليك أيها الشيخ الجليل.

الإمام: وعليكم السلام أيها الطالب النبيل. هل أوصلت جميع رسائلي؟!

ابن غنَّام: لقد تحركت قافلة اليمن قبل قليل.

الإمام: وبلاد الحجاز والشام؟!

ابن غنَّام: ستصلها رسائلك إن شاء الله.

الإمام: أرجو ذلك.

ابن غنَّام: ولكن ما كل هذه الرسائل يا سيدي؟

الإمام: إنها مكاتبات للعلماء هناك.

ابن غنَّام: ولم؟!

الإمام: رجاء أن يقوموا معنا بنصرة دين الله ومجاهدة هذه الخرافات.

ابن غنَّام: وهل يستجيبون يا ترى؟

الإمام: إننا نأخذ بالأسباب.. يا ابن غنَّام.

ابن غنَّام: أنت ترهق نفسك كثيرًا يا إمام.

الإمام: (في امتعاض) يبدو أننا وجدنا ضالتنا في هذه البلدة المباركة.

ابن غنَّام: نعم.. فقد أحسن إلينا أميرها بعد أن كاد السفهاء في حريملاء يفتكوا بنا.

الإمام: الحمد لله الذي نجّانا من شرهم.

ابن غنَّام: لقد تسوروا علينا الجدار لولا ستر الله.

الإمام: إن طريقنا طويلة وشاقة يا بني.

ابن غنَّام: هل سنجد مصاعب أخرى.. يا إمام؟

الإمام: ربما.. كن مستعدًا.

ابن غنَّام: أما في العيينة فلا.. فالأمير عثمان بن محمد رجل صالح.

الإمام: نحسبه كذلك.

ابن غنَّام: لقد خرج برجاله معنا فهدم قبة زيد بن الخطاب وأقام معالم التوحيد.

الإمام: جزاه الله خيرًا.. وثبّته على ذلك.

الأمير عثمان: (من الخارج) يا شيخ محمد.. يا شيخ محمد.. أأنت هنا؟

ابن غنَّام: هذا صوت الأمير عثمان.

الإمام: قم إليه نستقبله.

ابن غنَّام: ترى ما الذي جاء به الساعة؟

(يدخل الأمير عثمان فيسرع ابن غنَّام بالخروج)

الأمير عثمان: السلام عليك.. أيها الشيخ..

الإمام: وعليكم السلام.. أهلًا ومرحبًا بالأمير عثمان..

الأمير عثمان: أعتذر إليك فقد جئت في ساعة متأخرة.

الإمام: لا تثريب عليك فأنت صاحب الفضل والدار.

الأمير: وكم كنت -والله- أتمنى أن تطول إقامتك بيننا !!

الإمام: تتمنى !! ماذا هناك أيها الأمير؟!

الأمير عثمان: قاتل الله الشيطان وأعوان الشيطان.

الإمام: هل جاءكم مني ما تكرهون؟

الأمير عثمان: معاذ الله.. بل رأينا الخير كل الخير على يديك.

الإمام: قل بربك ما الذي حدث؟

الأمير عثمان: أمير الأحساء أرسل بطردك من البلدة.

الإمام: طردي أنا !!

الأمير عثمان: أو قتلك.

الإمام: هذا الرجل تعظم عليه إقامة الحدود.

الأمير عثمان: ونحن لا يحسن أن نقتلك ونخاف من هذا الأمير.. فانظر ماذا ترى؟

الإمام: إن الذي أدعو إليه هو دين الله؛ فإن صبرت واستقمت فسوف ينصرك الله عليه.

الأمير عثمان: ولكن لا طاقة لنا به.

الإمام: ثق بالله يا رجل.

الأمير عثمان: (محتدًا) أيها الشيخ.. ارحل من أرضنا قبل طلوع الشمس.

الإمام: نعم.. ولكن..

الأمير عثمان: (مقاطعًا) لقد قضي الأمر (يخرج).

الإمام: حسبنا الله ونعم الوكيل.. حسبنا الله ونعم الوكيل (يخرج).


( 2 )
(داخل منزل محمد بن سويلم العريني في بلدة الدرعية، يظهر ابن سويلم قلقًا جالسًا بين يدي الشيخ)

ابن سويلم: أهلًا.. ومرحبًا بك أيها الشيخ.

الإمام: أحسن الله إليك يا ابن سويلم.

ابن سويلم: أهلًا.. أهلًا بك في دارنا يا إمام.

الإمام: أكرمك الله الذي أكرمتنا من أجله.. ولكنك تبدو قلقًا يا ابن سويلم.

ابن سويلم: أبدًا.. أبدًا إنما خوفًا من عدم القيام بواجبك علينا.

الإمام: أم تخشى من نقمة ابن سعود.. إذ استقبلتني دون علمه؟!

ابن سويلم: بل والله أخشى عليك أنت أيها الإمام.

الإمام: لا تخشَ شيئًا إن الله معنا.

ابن سويلم: يقال إن زوجته امرأة صالحة وسوف تحرضه على قبول دعوتك.

الإمام: يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.

(يدخل ابن غنَّام عليهما مسرعًا فزعًا)

ابن غنَّام: ابن سعود.. ابن سعود قادم إليكم في وفد من رجاله.

ابن سويلم: لعله جاء مبايعًا.

ابن غنَّام: أو لعله جاء منتقمًا.

ابن سويلم: منتقمًا !! أرى أن تختبئ أيها الإمام.

الإمام: إنما ندعو إليه هو الحق فلماذا الاختباء؟!

(يدخل ابن سعود وسط كوكبة من رجاله وهم شاكوا السلاح)

ابن سعود: (مشيرًا للإمام) هذا هو ضيفك يا ابن سويلم؟

ابن سويلم: هو ضيف الدرعية كلها أيها الأمير.

ابن سعود: (للإمام) أأنت الشيخ محمد بن عبد الوهاب؟!

الإمام: أنا الفقير إلى الله تعالى محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي.

ابن سعود: وما الذي تدعو إليه يا ابن عبد الوهاب؟

الإمام: إن الذي أدعو إليه هو دين الله وتحقيق كلمة لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله.

ابن سعود: سأبايعك على دين الله ورسوله ولكن أخشى..

الإمام: ومم يخشى الأمير؟!

ابن سعود: أخشى إذا أيدناك وأظهرك الله على أعدائه أن تبتغي أرضًا غير أرضنا.

الإمام: أبايعك على أن الدم بالدم والهدم الهدم ولا أخرج من بلادك.

ابن سعود: إذًا أبشر.. أبشر يا إمام بالنصرة والمساعدة.

الإمام: وأنت أبشر بالعزة والتمكين والعاقبة الحميدة.

(يبسط الإمام يده ويبايعه الأمير ورجاله وترتفع الأصوات بالتهليل والتكبير)

إظلام تدريجي - ستارة
المصدر: موقع الإسلام اليوم
  • 3
  • 0
  • 15,845

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً