بيان للأمة والعالم بمناسبة التهديدات الجديدة على المسجد الأقصى ومدينة القدس

منذ 2005-04-09
أمتنا العربية والإسلامية..

أنصار الحق والعدل في هذا العالم..

تخطط الجماعات الاستيطانية الصهيونية المتطرفة لتنظيم أول اقتحام جماعي للمسجد الأقصى ساعية لحشد عشرة آلاف مستوطن في أول أيام شهر نيسان العبري، الموافق 10-4-2005م في تصعيد خطير وجديد للتهديد الاستراتيجي للمسجد الأقصى.

إن هذه الخطوة ليست طفرة معزولة في الأحداث، فهي تأتي بعد أربع سنوات من انتفاضة أشعلها اعتداء مماثل لمن هو اليوم في قمة هرم السلطة التنفيذية في دولة الاحتلال، وبعد سماح "المحكمة العليا" الإسرائيلية، التي تمثل أعلى سلطة قضائية فيها، بصلاة اليهود في المسجد الأقصى بتاريخ 23-6-2003، الإجراء الذي سمح لـ70,000 من المستوطنين بدخول المسجد وتدنيسه فرادى منذ ذلك الحين، وسمح لبعض حاخامات أولئك المتطرفين بعقد حفل زواج يهودي وشرب الخمر في باحات المسجد الأقصى في 9-9-2004، والآن تأتي هذه الخطة لـ"تتويج" هذه الجهود وتثبيت "حق" مزعوم لإقامة صلوات جماعية لليهود في باحات المسجد الأقصى، أملاً في الاستيلاء عليه وإحلال هيكلهم الأسطورة مكانه.

إن جهود أولئك المتطرفين ليست معزولة عن الإطار الرسمي العنصري لسياسة دولة الاحتلال، فهي إن أضيفت لمشروع عزل المدينة من خلال جدار الفصل العنصري، وضم حزام المستوطنات الكبرى لتصبح داخل حدودها، وفي طليعة هذه المستوطنات مستوطنة "معاليه أدوميم" التي تسعى المشروعات الأخيرة للاحتلال إلى تسمينها بإضافة 3500 وحدة سكنية، وإلى تسريب أراضٍ من الأوقاف التاريخية للكنيسة الأرثوذكسية إلى اليهود من تحت الطاولة وبأيدٍ أجنبية، كانت ضلعاً مكملاً لحلقة جهنمية تبشر المدينة وهويتها بمستقبل قاتم يقتلع المدينة من هويتها العربية الإسلامية، ومن أصحاب الحق الشرعي التاريخي فيها.

إن وصول الوضع إلى هذا الدرك من التهديد والتردي هو الثمرة المنطقية لغياب التخطيط الاستراتيجي الفعال لحماية القدس وتثبيت سكانها، وثمرة طبيعية للعمل الانفعالي الذي لا ينتبه لأهمية المؤسسات والأذرع الفاعلة إلا في غمرة الفعل الاحتلالي لإحداث حقائق جديدة على الأرض، فلا يجدها ولا يملك أمام هذا الفعل إلا الصراخ والتنبيه.

ونذكر الأمة بأن مثول البناء أمام أعيننا اليوم لا يعني بتاتاً بأن "الأمور على ما يرام"، فالكارثة الأكبر على المسجد قد وقعت بالفعل، الكارثة الكبرى كانت سقوط المسجد بيد المحتل الذي يتحكم بمقدراته منذ 38 عاماً، وما نقف أمامه اليوم هو نتيجة هذه السيطرة التي سمحت لحكومة الاحتلال والمستوطنين بالعبث بأساسات المسجد ومبانيه والأحياء المحيطة به، وباضطهاد سكانها واقتلاعهم، وقد مر على المسجد المبارك زمن سقط فيه بيد المحتل فتحول قسم منه إلى اصطبل للخيل ومنعت الصلاة فيه، وما دام المحتل يسيطر على المدينة ومسجدها، فلا يحميه من هذا المصير غير استعادته، فتحرير القدس من الاحتلال يجب أن يكون الأولوية الأولى للحكومات والشعوب العربية الإسلامية ولكل طلاب الحق في العالم.

وإزاء هذا فإن الشبكة الدولية للمؤسسات العاملة من أجل القدس التي تضم في عضويتها زهاء 100 هيئة ومؤسسة تعمل من أجل القدس في مختلف المجالات، تتوجه للأمة وأنصار الحق والعدل في العالم بأن:

1. يساندوا بكل قوتهم وإمكاناتهم جهود الهيئات المقدسية وأهل الداخل الفلسطيني للتصدي لهذا الاقتحام، ولإفشال صفقة تسريب الأوقاف التاريخية للكنيسة الأرثوذكسية.

2. يلتفوا حول برنامج مستمر طويل الأمد يمُدّ المدينة وأهلها بالنفس الطويل الذي يحتاجونه أمام الإجراءات الاحتلالية المتراكمة، فيشحذ الوعي والمعرفة بقضية القدس وحاجاتها والخطر الذي يهددها، ويوفر المعلومات والبيانات الدقيقة حول ما يدور فيها، ويواجه الإجراءات القانونية للاحتلال ويوثق كل اعتداءاته، ويؤصل الملكيات الفلسطينية والأوقاف، وينفذ مشاريع عملية لحراسة المقدسات وإعمارها بالمصلين وتعميرها بالمشاريع الإنشائية، ويرفع مستوى المشاريع التعليمية والصحية ويزيد فرص التشغيل، ويستثمر في شراء الأراضي والأملاك، وتعمير المنازل والمؤسسات، وتطوير الزراعة وحماية البيئة التي تهددها النتوءات الاستيطانية المتكاثرة، وتدريب طاقات بشرية فاعلة تكون أقوى في مواجهة وإفشال مشروع الاحتلال. فنحن هنا ندعو الأمة ومؤسساتها للالتفاف حول برنامج يسد ما تحدثه سياسات الاحتلال من فراغ ونقص وضعف تنفذ منها إلى تنفيذ مخططها لاقتلاع القدس، ويكون بحجم التحدي المطروح على هذه الأمة.

وهذا الالتفاف يبدأ من تقديم الدعم المالي الكافي لهذه المشاريع وللمؤسسات المنفذة لها، ويمر بتأمين الدعم المعنوي الذي يوفر لها الحماية من التضييق والملاحقة التي تُجرِّم كل من يقاوم وجود المحتل ومشروعه، ويتسع ليشمل تشكيل الروابط الشعبية والمهنية من أجل نصرة القدس كل من مكانها وفي مجالها، وليشمل مؤاخاة المؤسسات التعليمية والصحية والاقتصادية والثقافية والشبابية والرياضية في القدس مع مثيلاتها من المؤسسات في المحيط العربي والإسلامي وفي العالم، وليشمل حتى المؤاخاة بين العائلات المقدسية وعائلات أنصار قضيتهم وثباتهم، حتى ينكسر الطوق الذي يحاول عزل سكان المدينة عن أي عمق عربي أو مسلم وعن أي عمق مؤازر لهم.

3. وأن يبقوا تحرير القدس المطلب الأول وموقع الاتفاق لهذه الأمة، بغض النظر عما يخلقه الاحتلال من وقائع مؤقتة على الأرض، وعن واقع ميزان القوى المختل في زمن التراجع الذي نعيش.

{ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ } [الحج:40]
المصدر: مؤسسة القدس شبكة المؤسسات العاملة من أجل القدس
  • 0
  • 0
  • 13,738

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً