بشار: كيف يغتصب الطبيب الأبرياء؟!

منذ 2012-11-14

تدوس سورية موتاها وكف العالم عن أن يُزعزَع، ولا يعلم أحد أيضا كيف ومتى سينتهي الكابوس؟! سيتبين في يوم من الأيام أنه كان من الخطأ الكبير أنهم لم يتدخلوا بالقوة ليُطيروا بشار مع جميع الرياح.


لم تستطع فاطمة سعد حتى التأثر بنتائج الامتحانات النهائية، التي نالت فيها التميز الأقصى في مدرسة الممرضات في المدينة الساحلية اللاذقية في سوريا، فقد وجدوا جثتها في الأسبوع الماضي عند مدخل مركز اعتقال المخابرات في دمشق، كانت في الثانية والعشرين فقط، لها عينان لوزيتان كبيرتان تحت النقاب، وماتت تحت تعذيب قاسي في موقع التحقيقات، واهتمت يد النظام الطويلة بتوثيق جثتها المجرحة، ونشر الصور المزعزعة كي يعرف الجميع ويرتجفوا خوفا.

اعتقلها ثمانية من شبيحة النظام وأباها وأخاها الصغير قبل أربعة أشهر، وأُفرج عن أولئك الاثنين منذ زمن، وأبقوا فاطمة في غرفة مغلقة وضربوها كما يعرفون هم فقط، واغتصبوها إلى أن اضطروا إلى علاجها في مستشفى، وحينما شفيت جروحها أخذوها لجولة ثانية من التعذيب المخيف، وقد قدم بلطجية النظام سبب القتل الفظيع، بعد أن وجدوا في هاتفها المحمول فيلما قصيرا لفتيات يتضاحكن، وكانت فاطمة في المركز وكن يعالجن الجرحى ويعلمنهم كيف ينشدون نشيد الثوار: "يا أسد ارحل نحن نكرهك".

اهتموا قبل أن يدفنوها، بأن يُسربوا كيف كُسرت إرادة فاطمة، وأنبأت عن رفيقاتها من (فريق الخائنات). وقد حظيت خمس نساء شابات واحدة بعد أخرى بحسب الدور بزيارة ليلية من الشبيحة واختفت آثارهن، وتم في قوائم منظمات المعارضة توثيق أسماء 1125 من المواطنين السوريين، فيهم أولاد ونساء وشابات وشيوخ ماتوا في التحقيق.

قوموا بحساب بارد: في أشهر الهبة الشعبية الـ 17 قتل أكثر من 36 ألف شخص، واختفى 12 ألفا. أن 85 شخصا يموتون كل شهر في أعمال التعذيب الفظيعة في مراكز الاعتقال.

حينما يكون الرئيس طبيبا أقسم -في لندن- أن يفعل كل ما يستطيع لإنقاذ حياة البشر، فإنه علم نفسه (في دمشق) أن يقرأ تقارير أعمال التعذيب من غير أن يطرف له جفن، ولا أحد تجوز عليه الأكذوبة الفظة، وهي أن الحديث عن عصابات مسلحة دخلت إلى سورية، ومن كبشار يعلم ما الذي يفعلونه بالضبط بالبؤساء.

لكن العالم اعتاد، وبدأ العالم يُظهر علامات تعب، ضاق ذرعا كل من حاول أن يوقف ذبح الشعب، وضقنا ذرعا باستماعنا لأربعة وسطاء دوليين أعلنوا أمام عدسات التصوير أنهم فشلوا إن القارىء يقلب صفحة تقارير عن عائلات كاملة حُصدت، والصور المحمرة بدماء الضحايا والصفوف الطويلة من جثث الأولاد، هل أقل من أربعين قتيلا؟ أنه لا يستدعي العد.

قالوا عن الأسد كل شيء من قبل، لكنه لا يمضي إلى أي مكان، ويبدو أنه قد تضاءلت احتمالات التغيير الكبير لتصبح صفرا، فبعد قليل ستأتي أمطار الشتاء، وسيبحث الـ 100 ألف من الهاربين من سورية عن ملاذ دافئ، وسيعود اليائسون.

وقد حذرت تركيا والأردن ولبنان من قبل، بأنه: لا يوجد مكان خال، وأنه لا توجد خطط لإنشاء معسكرات جديدة لللاجئين، والأنباء السيئة هي أنهم افتتحوا في المطار العسكري في حماة موقع تعذيب في داخل ملجأ أرضي بعيد عن الناظر، وقد جاء ثلاثة نجحوا في رشوة السجانين، بقصص تمزق القلب عما يحدث في القاعة المليئة بالجثث، بل إن شبيحة النظام لا يتجرؤون على دخول ساحة الموت.

تظهر المعارضة أيضا علامات تعب، ففي سورية يقصفون مخابزهم وصيدلياتهم، وفي الخارج ضاقوا ذرعا بالخصومة بينهم في تقاسم السلطة التي لا تبدو في الأفق، المال موجود ويحصلون على السلاح أو يأخذونه بالقوة، ولا يوجد زعيم ولا خطط مطوية، يا لها من ثورة فظيعة لا تؤدي إلى أي مكان، بل إن موجة أعمال الإنشقاق اليومية عن الجيش لا تنجح في التأثير في أحد.

تدوس سورية موتاها وكف العالم عن أن يُزعزَع، ولا يعلم أحد أيضا كيف ومتى سينتهي الكابوس؟!
سيتبين في يوم من الأيام أنه كان من الخطأ الكبير أنهم لم يتدخلوا بالقوة ليُطيروا بشار مع جميع الرياح.


أحمد أبو دقة
ترجمة لمقال بقلم: سمدار بيري
 
المصدر: مجلة البيان
  • 1
  • 0
  • 2,514

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً