علماء ومشايخ لبنان يستنكرون تدنيس المصاحف

منذ 2005-06-05

{ <span style="color: #800000">وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ</span> }

الشيخ ماهر الجارودي:

في لقائنا مع الشيخ الجارودي (رئيس دائرة المساجد في لبنان، و خطيب و إمام مسجد الأمير عسّاف في وسط بيروت)، أجاب على سؤال لنا حول تدنيس الأمريكيين للقرآن الكريم، فقال: "بداية لا بدّ لنا من مقدّمة قبل الإجابة على سؤالكم، نحن نرى كل يوم ونشاهد بأمّ أعيننا تلك الانتهاكات التي تقوم بها الحضارة الأمريكية المزعومة التي تدّعي حرية المعتقد وحرّية الرأي وحقوق الإنسان، والتي تعرضها على مرأى ومسمع من العالم، متجاوزة كل الحدود والقيم الإنسانية، متعدّية منطق الغابة والوحشية في التعامل مع الآخرين إلى منطق أدنى بكثير، وهوت به إلى منطقة لم تتعرف عليها البشرية في التاريخ.

شاهدنا ما يدور على ساحات البلاد العربية و الإسلامية خاصّة في العراق و أفغانستان وباقي البقع التي تدعم فيها أمريكا كل من يقاتل مسلماً على هذه الأرض، والمشكلة أنّ الذي فسح المجال لهذه الدولة الإرهابيّة "أمريكا"، وسمح لها أن تتجرّأ على فعل ما قامت به و تقوم به بحق المسلمين وبحق عقيدتنا وديننا هي الأنظمة، ولا أستثني أحداً.

كما أنه من المؤكد أن كثيراً من الجنود يتصرفون على طبيعتهم وليس غريباً على طبيعة الأمريكي العادي أن ينتهك مقدسات غيره بسبب شعوره بالكبر. ونفس الأمر نقوله في موضوع فضائح أبي غريب فالقادة العرب و المسلمين "دمى" صنيعة أمريكا وحلفائها الغربيين المتحالفين معها خلف أي عدوان على المسلمين؛ لأنّ تلك الأنظمة هي التي كانت تقمع أبناءها وبني جلدتها دوماً، وتفتح وتشرّع أبوابها أمام أي عدوان خارجي، مستسلمة خائفة وخاضعة، ولذلك فنحن نحمّل المسؤولية على حكّام العرب والمسلمين لما يحصل لنا اليوم، وخاصّة ما يتعلق بقضيّة تدنيس القرآن الكريم على أيدي هؤلاء السفلة.

وأضاف الشيخ الجارودي إنّ ما ستقوم به الدول العربية من استنكار ومطالبة بالتحقيق (هذا إن فعلت) غير كاف، وهو فقط لاحتواء حقن الشعوب و لتنفيس غضبهم ولتهدئة ثورتهم، وحتى لو قامت الولايات المتحدة بالتحقيق فيما حصل من تدنيس للقرآن الكريم فنحن لا نثق بلجانها المهزلة، والدليل التحقيق السخيف الذي جرى بحق مرتكبي فظائع أبي غريب والتي برّء على أساسها المنتهك، والبريء ما زال خلف القضبان.

الشيخ محمد الأنصاري:

وفي حوارنا مع الشيخ محمد الأنصاري (خطيب وإمام مسجد "كيخيا" في صيدا)، قال: " لا يمكن اعتبار أنّ هذا العمل الدنيء الجبان هو عمل فردي انفعالي استثنائي، فهو سياسة أمريكية موجّهة ومدروسة؛ لأنّ الأوامر تنفّذ بتسلسلية قيادية تراتبية. هذا وتعبّر هذه الجريمة بحقّ قرآننا عن سلوك وعقلية الإدارة الأمريكية التي تريد استعادة حقبة الحروب الصليبية، و ذلك من أجل الاصطدام بالإسلام، ممّا من شأنه أن يؤدي إلى حرب عقائدية دينية جديدة، خاصة أنّ تدنيس القرآن يشير إلى أنّ مشكلة الأمريكيين ليست مع ما يدّعون أنّه "إرهاب" بل مع العقيدة الإسلامية، وإلاّ لما لجؤوا إلى تدنيس القرآن".

وأضاف الشيخ الأنصاري "أنّ هذا العمل يدخل في إطار الحرب النفسية على الكل المسلمين لعلمهم أنّ المسلمين الذين يتوقون إلى دولة إسلامية تحكّم الشرع غير قادرين على الرد كون الحكومات الفاسدة المتسلّطة توالي أعداء الإسلام". واختتم الشيخ الأنصاري بأنّه لا بدّ من استنهاض الوعي الشرعي لدى عامّة المسلمين لمواجهة هذا العمل كما أنّه لا بد من استنفار الأمّة كلّها لاسترجاع مكانة دينها، فمقاصد الشريعة تكمن في حفظ الدين، وحفظ النفس، وحفظ المال، وحفظ العرض، وحفظ العقل، وفي هذا الإطار فإنّ حفظ الدين أولوية، و يجب على الأمّة كلّها حماية الدين حتى ولو أدّى ذلك إلى هلاك النفس، بمعنى أنّه عندما تحتاج حماية الدين إلى تضحية الإنسان بنفسه فإنّ ذلك يجب أن يكون أولوية.

الشيخ محمد عسّاف:

في تعليقه على سؤالنا أجاب قاضي بيروت الشرعي الشيخ محمد عسّاف "إنّ حصر الموضوع بتحقيق أو جندي من أجل التقليل من أهميّته لهو عين التضليل، فهذا العمل هو استراتيجية أمريكية متّبعة من قبل السلطات الأمريكية في واشنطن في مجال حربها على الإسلام، الذي تسميه حسب معتقداتها إرهاباً، والدليل على ذلك أنّ العملية تتضمن تكراراً، فقد حصلت في أبي غريب وفي السجون في أفغانستان، وبالتأكيد فإنّ إهانة عقيدة المسلمين ودينهم قد تمّت في أماكن أخرى سيأتينا المستقبل بأخبارها. إنّ ما تريده أمريكا من وراء هذا العمل هو إذلال المسلمين بعد أن فشلت في السيطرة على الأراضي التي احتلتها باسم تحرير شعوبها من حكّامها الديكتاتوريين.

وأضاف "المطلوب إزاء التصرفات الأمريكية أن يتّحد جميع المسلمين لمحاربتها ومن يقف معها، وإظهار الزيف الأمريكي الذي يدّعي محاربة الديكتاتورية والاستبداد ومساندة حرية الشعوب...الخ، وما ذلك إلاّ بالضحك على بسطاء العقول ضعاف النفوس، وأبسط مثال في هذا هو ما حصل في غوانتانامو وأفغانستان والعراق من تدنيس لكتاب الله وبيوت الله/ والتعرض للمساجد ومقدسات المسلمين، واغتصاب نسائهم وقتل شيوخهم وأطفالهم وإذلالهم كما ظهر في الصور التي نشرت عن فظائع أبي غريب.

هذا وإلى جانب مطالبة المسلمين بالاتحاد من أجل مواجهة أمريكا نطالب أمريكا بمعاقبة جميع المسؤولين عن هذا العمل الشنيع، ومحاسبة من فعل ذلك حساباً عسيراً أمام الرأي العام الإسلامي، وليس من وراء جدر وخلف ظهورهم، كما حصل سابقاً من لجان التحقيق، هذا ونطالب أمريكا أيضاً بتقديم اعتذار رسمي من البيت الأبيض والتعهد بعدم العودة إلى ذلك أبداً وإطلاق سراح جميع المعتقلين المسلمين في سجون الإذلال الأمريكية، فهم لم يثبت عليهم شيء مما يدّعون، ولم تتم إدانتهم بشيء، كما بات العالم يعرف أنّهم أبرياء، فنحن كذلك نرى أنّهم أبرياء، ويجب إطلاق سراحهم فوراً لإظهار حسن النيّة إذا كانت أمريكا جادّة فيما تقول، وتريد تصحيح ما حصل".

الشيخ محمد دليبلطة:

بدأ (قاضي صيدا الشرعي) الشيخ محمد دليبلطة الحديث معنا حول تدنيس الأمريكيين للمصحف الشريف، فقال: "إنّ الولايات المتّحدة الأمريكية تشنّ هجمة شرسة على العالم الإسلامي، وهي بذلك لا توفّر شيئاً ممّا يخص المسلمين سواء في عقائدهم أو في أصولهم التشريعية، وحتى فيما يخص القرآن الكريم، وبطبيعة الحال فهذه الأفعال تعبّ رعن الهمجية الأمريكية، وتكشف زيف الحضارة التي يدّعونها، وتفضح السياسة الأمريكية التي تدّعي أيضاً الديمقراطية وتحرير الإنسان، وهي في حقيقة الأمر تكشف عنصرية استكبارية في التعامل مع الآخر، مع الإشارة إلى أنّ هذا الفعل الشنيع لا يؤثّر على القرآن الكريم؛ فهو محفوظ في قلوب المسلمين وعقولهم وأرواحهم وسيذلون دائماً كل ما يملكون للتمسك به وبتعاليمه.

وهذا حال المسلمين في كافّة العصور، وعلى أمريكا أن تفهم ذلك جيّداً، وطبيعة المسلمين و عزّتهم التي قال الله فيها: { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ }, وأنّ ما يجري اليوم في فلسطين والعراق وأفغانستان من بذل للأرواح لهو خير دليل على التمسّك بالعزّة وبالقرآن.

ونحن إذ نقول: إنّ الهجمة الأمريكية الشرسة تدّل على سياسة مدروسة، قوامها إهانة المعتقدات الإسلامية، وإلاّ فما الذي يدفعنا للتفكير بعكس ذلك، ونحن نرى ونسمع كل يوم بأمّ العين والآذن ما تفعله أمريكا، وكيف تتحالف مع الصهيونية المغتصبة لفلسطين فهل هذا ضمن خطة منظّمة أم ماذا؟

فالمطلوب أن يكون هناك موقف إسلامي على مستوى التحدّي، فلا كتاب إلى مجلس الأمن للشكوى ينفع، ولا لجنة تحقيق أمريكية بما تمّ بحق قرآننا سينفع، فكل ذلك يدار بأيدي أمريكية، والمطلوب هو موقف إسلامي على مستوى التحدي، والأسلوب الذي تدار به الأمور الآن لن يجدي نفعاً ولن يحرر شبراً من الأرض، ولن يخرج جندياً من أرض المسلمين، لن يخرجوا إلاّ بمجابهة على مستوى التحدي، وأعني بذلك الوقوف بقوة بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى لمقارعة العدو واستعادة الكرامة والعزّة الإسلامية، فالضعيف لا يحترم، وإنما يتم احترام القوي بقوة عدله وحقّه، هذه القوّة التي ما تمسّك بها أحد إلاّ وكفّ الناس عنه أذاهم ومخطّطاتهم.

الشيخ ماهر حمّود:

هذا، وقد عبّر الشيخ ماهر حمّود (إمام و خطيب مسجد القدس، وهو شخصية معروفة في الأوساط الإسلاميةّ والعمل الإسلامي) عن رأيه لنا في الموضوع من وجهة نظر مختلفة قليلاً عمّا ذكره الآخرون مسلّطاً الضوء جوانب أخرى من الموضوع، وبدأ بقوله: "سأبدأ جوابي بالتطمين، إذا جاز التعبير؛ فأنا لا أخاف ممّا حصل طالما أن هناك ردة فعل بحجم الذي رأيناه في أفغانستان وباكستان وفلسطين وغيرها، وطالما أن هناك أمثالكم شباب وعاملون ومهتمون يخافون ويغضبون ويثورون لإهانة القرآن الكريم، ولعل ردة الفعل الضعيفة نسبياً في البلاد العربية سببها أن الخبر لم يكن مؤكداً في أول الأمر، ولعل وسيلة إعلامية واحدة انفردت بها ولأسباب أخرى ليس الآن وقت تفصيلها..

ومن جهة أخرى لا أعتقد أن الذي حصل هو سياسة أميركية منهجية؛ لأن الأميركيين ليسوا بهذا الغباء، أرى أن العكس هو الصحيح بمعنى أن أميركا حريصة على أن تظهر احترامها للإسلام، بل هي معنية (بإيجاد) إسلام أميركي تكون هي القائمة عليه، وهذا الإسلام يتضمن صلاة وصياماً وحجاً ومساجد جميلة ومناسك محترمة، ولعله أيضاً مصاحف مزينة.. إلخ، ولكنه إسلام (مسالم) يعترف بحق إسرائيل في الوجود، ويرفض (العنف) لاسترجاع المقدسات، ولا يسعى للحكم وإن سعى فسيكون أول مهماته تثبيت مبادئ السلام والتعايش.. إلخ، وإسلام لا يسعى لتنمية اقتصادية في بلاد المسلمين.. إلخ، ولا أظنني بحاجة لضرب أمثال تفصيلية ولكن أميركا تدرك تماماً أن مواجهة الإسلام بشكل مباشر سيثير المسلمين وسيجمعهم في ردة فعل عارمة يشارك فيها المتدين والعاصي والسكّير وحتى العلماني.. وهذا آخر ما تريده أميركا.

هذا الكلام نقوله للنخبة أما أمام الجمهور فليس بالضرورة أن نبرّئ الإدارة الأميركية من مثل هذه الأفعال، بل يجب تعبئة الجمهور بكل ما نستطيع ضد الاحتلال الأميركي الفاجر من العراق إلى فلسطين ولبنان وأفغانستان إلى العالم الإسلامي كله.

فأميركا عدو لا شك، وهي عدو ذكي، علينا أن نواجهها بحكمة وحنكة وتخطيط، ولا يجوز الاعتماد على ردات الفعل فقط، إنما ردات الفعل دليل على وجود معطيات كافية للتحرك، وأن هناك عدداً كافياً من الجنود للدفاع عن الإسلام، هؤلاء الجنود الذين يحتاجون إلى تدريب وتوعية وتنظيم وقيادة.. وغير ذلك.
المصدر: موقع المسلم - علي باكير - لبنان
  • 1
  • 0
  • 16,385
  • مصطفى النعيمى

      منذ
    [[أعجبني:]] هذه مقالة جيدة وقد اعجبتنى وارجو ان لا تسالوا راى اهل البدع
  • مصطفى النعيمى

      منذ
    [[أعجبني:]] هذه مقالة جيدة وقد اعجبتنى وارجو ان لا تسالوا راى اهل البدع
  • عبدالله أبودنيا

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبني ردود بعض العلماء وخطباء المساجد حفظهم الله , وجعلهم لنا ذخراً وعلماً منيراً ,. وحقاً أن العلماء ورثة الأنبياء ... بارك الله فيهم ونفعنا بعلمهم .. [[لم يعجبني:]] مالم يعجبني هو نفسه مالم يعجب العالمين العربي والإسلامي , وهو تدنيس كتاب الله عز وجل ... فوالله لأني أتمنى أن أحرق جميع الأمريكان والإسرائيليين حرقاً ... فهؤلاء القردة والخنازير يشنون علينا حرباً منذ بداية شمس الإسلام فوالله لو لدينا الهمة لأحرقناهم فهم في بلادنا في أفغانستان المسلمة ... ولكن لا أدري لما الوجل والخوف .. لما لا نخرج هؤلاء القذرين من أرضنا .. من جوانتاناموا .. او من أبو غريب .. يدنسون كرامتنا في أرضنا .. إهانة ما بعدها من إهانة .. والسلام عليكم ورحمة الله

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً