شبهات حول الدستور وأجوبتها (2)

منذ 2012-12-22

فهذا الجزء الثاني من الرد على شبهات وتهكمات ما يُسمّى بـ"اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة"، والتي قامت بتوزيع منشور يدعو إلى رفض الدستور الجديد وعدم الموافقة عليه اعتمدت فيه على المغالطات والتهكمات لا النهج العلمي الموضوعي الذي غرضه النصح والنقد البنَّاء.


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

فهذا الجزء الثاني من الرد على شبهات وتهكمات ما يُسمّى بـ"اللجان الشعبية للدفاع عن الثورة"، والتي قامت بتوزيع منشور يدعو إلى رفض الدستور الجديد وعدم الموافقة عليه اعتمدت فيه على المغالطات والتهكمات لا النهج العلمي الموضوعي الذي غرضه النصح والنقد البنَّاء.

قال هؤلاء على سبيل التهكم من مواد الدستور:

- المادة [11] تقول: "إن الدولة ستراعي المستوى الرفيع للحقائق العلمية" يعني إيه؟ سيأخذوا بالهم أن الأرض تفضل كروية مثلاً!

والجواب:

نص المادة [11] هو: "ترعى الدولة الأخلاق والآداب والنظام العام" والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية "والحقائق العلمية والثقافة العربية والتراث التاريخي والحضاري للشعب؛ وذلك وفقًا لما ينظمه القانون".

ولا ندري ما هو وجه التندر والسخرية من هذه المادة؟! لعله لسوء الفهم لألفاظ هذه المادة كما هو واضح من تلفيق كلماتها لتكون -كما ذكروها-: "إن الدولة ستراعي المستوى الرفيع للحقائق العلمية"، وإلا فالمادة معناها: أن الدولة عليها أن ترعى "الحقائق العلمية" في التعليم والثقافة ووسائل الإعلام ونحو ذلك... مما يحقق الارتقاء في جميع المجالات، فهي تفيد التزام الدولة بمراعاة الحقائق العلمية والثقافة العربية كما أنها تلتزم بمراعاة الأخلاق والآداب والنظام العام "والمستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية".

وهذه المادة تمت الموافقة عليها بالإجماع.

وقد نص عليها دستور 71 حيث جاء في المادة [12] منه ما نصه: "يلتزم المجتمع برعاية الأخلاق وحمايتها والتمكين للتقاليد المصرية الأصيلة‏، وعليه مراعاة المستوى الرفيع للتربية الدينية والقيم الخلقية والوطنية والتراث التاريخي للشعب،‏ والحقائق العلمية‏ والآداب العامة وذلك في حدود القانون‏، وتلتزم الدولة باتباع هذه المبادئ والتمكين لها".

- وقالوا: المادة [12] فيها تعريب العلوم والمعارف وهذا ليس فيه مشكلة، لكن لما زاد نص تعريب التعليم أصبحت هناك مشكلة، وهي أنه من الناحية الدستورية لابد التعليم كله يكون بالعربي، وأغلب العلوم اليوم أصلها بالإنجليزية مما سيتسبب في عزلة علمية عن العالم.

والجواب:

تنص المادة [12] على: "تحمي الدولة المقومات الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع، وتعمل على تعريب التعليم والعلوم والمعارف".

إن الغرب لا يزال يقر ويعترف بأن الحضارة العربية هي ينبوع المعرفة ومنها نهل الغرب وانطلق في الطب والهندسة والفلك وسائر العلوم والمعارف... فإذا أمكننا ذلك فما المانع؟ وهل يُفهم أن تعريب التعليم والعلوم والمعارف يعني ألا نتعلم الإنجليزية أو غيرها من اللغات؟! ولكن لابد أن نعمل على أن تكون لنا هويتنا وبصمتنا في كل شيء كما كنا؛ حتى لا نظل تابعين لغيرنا وقد أعزنا الله بالإسلام.

وحتى المتخصصون يطالبون بذلك كما طالب نقيب الأطباء عندنا بوجوب تعريب الطب والعلوم -وهو ليس بسلفي أو إخواني-.

ومن عجب أن كثيرًا من بلدان العالم -كاليابان والصين وألمانيا- يعتمدون لغة بلادهم وأوطانهم في دراسة وتعليم هذه العلوم، فهل نكون نحن أقل اعتزازًا بلغتنا ولغة بلادنا منهم؟ ثم كيف وهي العربية لغة القرآن الكريم؟! بل في كثير من بلاد العالم المتقدمة يُمنع الطفل أصلاً من تعلم أي لغة أخرى غير لغته الأصلية قبل سن معين.

وقد تمت الموافقة على هذه المادة باعتراض واحد فقط من الأعضاء.

- وقالوا: المادة [14]: مش كفاية ربط الأجر بالإنتاج وخلاص، كمان لازم بالأسعار في السوق.

والجواب:

نص المادة [14] هي: "يهدف الاقتصاد الوطني إلى تحقيق التنمية المطردة الشاملة، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاه، والقضاء على الفقر والبطالة وزيادة فرص العمل وزيادة الإنتاج والدخل القومي. وتعمل خطة التنمية على إقامة العدالة الاجتماعية والتكافل وضمان عدالة التوزيع وحماية حقوق المستهلك والمحافظة على حقوق العاملين، والمشاركة بين رأس المال والعمل في تحمل تكاليف التنمية، والاقتسام العادل لعوائدها. ويجب ربط الأجر بالإنتاج وتقريب الفوارق بين الدخول، وضمان حد أدنى للأجور والمعاشات يكفل حياة كريمة لكل مواطن، وحد أقصى في أجهزة الدولة لا يستثنى منه إلا بناءً على قانون".

فالدستور -كما نرى- في صياغته لهذه المادة قد ضمن للمواطنين الحد الأدنى من الأجور الذي يكفل لهم حياة كريمة مع العمل على تقريب الفوارق بين الدخول.

وأما ربط الأجر بالإنتاج؛ فهذا لمن أراد تحسين دخله، ولن يحصل على المكافآت والحوافز إلا من يعمل فعلاً -وليس أن يأخذ مَن لم يعمل مثل مِن عمل- مما يشجع على العمل وزيادة الإنتاج.

- وقالوا: المادة [16] ذكرت تنمية الريف والبادية... وأين المناطق العشوائية؟ لا ينبغي تخصيص التنمية بفئات أو مناطق بعينها، فهذا إخلال بمبدأ المساواة!

والجواب:

نص المادة [16]: "تلتزم الدولة بتنمية الريف والبادية، وتعمل على رفع مستوى معيشة الفلاحين وأهل البادية".

وهذه المادة مما أضافه الدستور الجديد وتميز به عن الدساتير السابقة وقد تمت الموافقة على هذه المادة بالإجماع.

إن الدستور الجديد عني بخطة عامة للتنمية على كل المستويات وليس الريف أو البادية فقط -وإنما ذكر الريف والبادية لما لهما من أثر في النهضة بالاقتصاد الوطني-، حيث تنص المادة [17] على: "الصناعة مقوم أساسي للاقتصاد الوطني، وتحمي الدولة الصناعات الإستراتيجية، وتَدْعُم التطور الصناعي، وتضمن توطين التقنيات الحديثة وتطبيقاتها. وترعى الدولة الصناعات الحرفية والصغيرة".

والمادة [14] تنص على: "يهدف الاقتصاد الوطني إلى تحقيق التنمية المطردة الشاملة، ورفع مستوى المعيشة وتحقيق الرفاه، والقضاء على الفقر والبطالة وزيادة فرص العمل وزيادة الإنتاج والدخل القومي... ".

ونصت المادة [115] على: "يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية؛ وذلك كله على النحو المبين في الدستور، ويحدد القانون طريقة إعداد الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وعرضها على مجلس النواب"، ونصت المادة [189] على: "يختص المجلس المحلي بكل ما يهم الوحدة التي يمثلها، وينشئ ويدير المرافق المحلية والأعمال الاقتصادية والاجتماعية والصحية وغيرها؛ وذلك على النحو الذي ينظمه القانون" وانظر الفصل الثالث من الدستور: (المقومات الاقتصادية).

- وقالوا: المادة [18]: كل مال لا مالك له ملك الشعب ليس ملك للدولة كما تقول المادة، بمعنى أن التصرف فيها لا يجوز إلا بأخذ رأي البرلمان والخبيئة يطبق عليها الحكم الشرعي في تخصيص خمسه للنفع العام.

والجواب:

تنص المادة [18] على: "الثروات الطبيعية للدولة ملك الشعب وعوائدها حق له، تلتزم الدولة بالحفاظ عليها وحسن استغلالها، ومراعاة حقوق الأجيال فيها. ولا يجوز التصرف في أملاك الدولة أو منح امتياز باستغلالها أو التزام مرفق عام إلا بناء على قانون. وكل مال لا مالك له فهو ملك الدولة".

ولا نرى وجهًا من وجوه الاعتراض الحقيقي على هذه المادة فإنها تعني أنه لا يحق لأحد التصرف في ثروات البلاد الطبيعية ببيع أو هبة من وزير أو رئيس دون أن يعود إلى الشعب في ذلك الذي يمثِّله البرلمان فهو نائب عن الشعب في المطالبة بحقوقه واستيفائها.

وهذه المادة تمت الموافقة عليها بالإجماع.

وليس فيها زيادة: "والخبيئة يطبق عليها الحكم الشرعي في تخصيص خمسه للنفع العام"، والركاز أو دفن الجاهلية فيه الخمس، ومصرفه عند أكثر أهل العلم مصرف الفيء؛ ومع ذلك فما وجه لمزهم له وهو حكم شرعي يجب قبوله والتسليم له؟!

- وقالوا: المادة [24]: لو نزعوا ملكية أرض مثلاً منك للمنفعة العامة ستأخذ تعويضًا عادلاً، ما معنى عادل؟ المفروض أن يكون وفقًا لأسعار السوق؟

والجواب:

تنص المادة [24] على: "الملكية الخاصة مصونة، تؤدي وظيفتها الاجتماعية في خدمة الاقتصاد الوطني دون انحراف أو احتكار، وحق الإرث فيها مكفول. ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا في الأحوال المبينة في القانون وبحكم قضائي؛ ولا تنزع إلا للمنفعة العامة، ومقابل تعويض عادل يُدفع مقدمًا. وذلك كله وفقًا لما ينظمه القانون".

إذن فقولهم هذا لا شك أنه محض تعسف منهم، وإلا فهل يفهم من تعويض عادل الذي جاء في المادة أنه سيكون مثلاً بثمن بخس أو دون سعر المثل؟! وهي التي نصت على أن التعويض يدفع مقدمًا.

- وقالوا: المادة [35]: هذه ممكن تخليك يتقبض عليك ولا تعرف ليه ولا رايح فين، ولا تبلغ أحد من أهلك أو أصحابك ولا يبقى معك محامي... لمدة 12 ساعة كاملة، ممكن يتعمل معاك الواجب في القسم وكمان لا دية لك، وممكن كمان الضابط يقبض عليك ثم يفرج عنك بعد 11 ساعة و59 دقيقة ثم يقبض عليك ليوم آخر بنفس الأمر المسبب.. وكله بالدستور إلى أن يظهر لك صاحب أو تصنع لك صفحة على الفيس بوك!

والجواب:

واضح جدًّا ما في هذا الكلام من تدليس وتزوير، وقراءة نص المادة كافٍ في إبطال هذه المزاعم حيث نصت المادة [35] على: "فيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد ولا تفتيشه ولا حبسه ولا منعه من التنقل ولا تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق.

ويجب أن يبلغ كل مَن تقيد حريته بأسباب ذلك كتابة خلال اثنتي عشرة ساعة، وأن يقدم إلى سلطة التحقيق خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تقييد حريته؛ ولا يجرى التحقيق معه إلا في حضور محاميه؛ فإن لم يكن ندب له محام. ولكل من تقيد حريته، ولغيره، حق التظلم أمام القضاء من ذلك الإجراء والفصل فيه خلال أسبوع، وإلا وجب الإفراج حتمًا.

وينظم القانون أحكام الحبس الاحتياطي ومدته وأسبابه، وحالات استحقاق التعويض وأدائه عن الحبس الاحتياطي أو عن تنفيذ عقوبة صدر حكم بات بإلغاء الحكم المنفذة بموجبه".

ونصت المادة [36] على: "كل من يقبض عليه أو يحبس، أو تقيد حريته بأي قيد تجب معاملته بما يحفظ كرامته، ولا يجوز تعذيبه ولا ترهيبه ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيًّا أو معنويًّا ولا يكون حجزه ولا حبسه إلا في أماكن لائقة إنسانيًّا وصحيًّا، وخاضعة للإشراف القضائي، ومخالفة شيء من ذلك جريمة يُعاقب مرتكبها وفقًا للقانون. وكل قول صدر تحت وطأة أي مما تقدم أو التهديد بشيء منه يهدر ولا يعول عليه".

فيا سبحان الله... ! أين في الدستور ما قاله هؤلاء وزعموه بالكذب والزور؟!

فإن الدستور ينص أصلاً على أنه في غير حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد ولا تفتيشه ولا... إلا بأمر قضائي مسبب، ومدة الـ 12 ساعة إنما هي في التبليغ بأسباب القبض عليه، وأوجبت المادة أن يقدم إلى سلطة التحقيق في خلال 24 ساعة من وقت تقييد حريته، ولا يجري معه التحقيق إلا ومعه محاميه وإلا ندب له محام، ولابد من معاملته معاملة كريمة وإن قبض عليه متلبسًا.

بل وأجازت لغيره حق التظلم أمام القضاء، وطلب التعويض عن الحبس الاحتياطي. فأين ما يدعونه من أنها تعرض الناس لسلب الحرية والضرب في القسم وتجديد حبسه و... ؟!

- وقالوا: المادة: [42]: تكفل حرية الإقامة والتنقل والهجرة، وتقول: إن إبعاد المواطن عن الدولة... طيب ليه لا يوجد تجريم للتهجير القسري داخل الدولة كما حصل مع الأقباط في أكثر من مكان.

والجواب:

بصرف النظر عن دعوى التهجير القسري للأقباط المزعوم... فقد نصت المادة [42] على: "حرية التنقل والإقامة والهجرة مكفولة، ولا يجوز بحال إبعاد أي مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه. ولا يكون منعه من مغادرة الدولة ولا فرض الإقامة الجبرية عليه إلا بأمر قضائي مسبب، ولمدة محددة".

وواضح من سياق المادة إلا لم تستثنِ الأقباط من ذلك... فأين تذهبون...؟!

- وقالوا: المادة [44]: لابد أن تنص على منع الإساءة ليس فقط للرسل والأنبياء، ولكن لكل الناس، وكذلك كان لابد أن تنص على منع ازدراء الأديان.

والجواب:

تنص المادة [44] على: "تُحظر الإساءة أو التعريض بالرسل والأنبياء كافة".

فلا يلزم أن تنص على غير ذلك من ذكر الذات الإلهية مثلاً؛ لأن المادة الثانية القاضية بأن دين الدولة الرسمي الإسلام ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع إضافة إلى المواد الأخرى... كافية لمنع هذه الأفعال وتجريمها.

ومع ذلك فيمكن أن تصدر قوانين بعد ذلك تجرم هذه الأفعال بالتفصيل وتضع لها عقوبات.

وقد يقال أيضًا: إن هناك تخوفًا أن يساء تفسير الذات الإلهية لتشمل الرب عند الأديان الأخرى كالنصارى، فيكون بيان فساد عقيدتهم ممنوعًا بهذه المادة.

وقد نصت المادة [43] على: "حرية الاعتقاد مصونة، وتكفل الدولة حرية ممارسة الشعائر الدينية وإقامة دور العبادة للأديان السماوية؛ وذلك على النحو الذي ينظمه القانون".

- وقالوا: المادة: [52- 53]: لازم إنشاء النقابات يكون بالإخطار مثل أي دولة محترمة، والمادة 53 ستجعلنا نشطب من منظمة العمل الدولة؛ لمخالفة مبدأ التعددية النقابية وفقًا للمعايير الدولية والاتفاقيات التي وقعنا عليها من الأربعينات.

والجواب:

نص المادة [52]: "حرية إنشاء النقابات والاتحادات والتعاونيات مكفولة وتكون لها الشخصية الاعتبارية وتقوم على أساس ديمقراطي، وتمارس نشاطها بحرية وتشارك في خدمة المجتمع وفي رفع مستوى الكفاية بين أعضائها والدفاع عن حقوقهم، ولا يجوز للسلطات حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائي".

والمادة [53]: "ينظم القانون النقابات المهنية وإدارتها على أساس ديمقراطي وطريقة مساءلة أعضائها عن سلوكهم في ممارسة نشاطهم المهني وفق مواثيق شرف أخلاقية، ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة مهنية واحدة. ولا يجوز للسلطات حل مجلس إدارتها إلا بحكم قضائي، ولا تفرض عليها الحراسة".

- وقالوا: لمادة [128]: ليه عاملين مجلس شورى يعمل نفس الدور التشريعي الذي يقوم به مجلس النواب، ولا هو كتر فلوس وخلاص؟!

والجواب:

أغلب الدول الديمقراطية تنص على ذلك كأمريكا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا وبلجيكا والنمسا وغيرهم... أما مجلس النواب فقد نصت المادة [115] على أنه: "يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية؛ وذلك كله على النحو المبين في الدستور. ويحدد القانون طريقة إعداد الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وعرضها على مجلس النواب".

في حين أن مجلس الشورى لا يقوم بنفس الدور التشريعي لمجلس النواب في وجوده، حيث نصت المادة [131] على: "عند حل مجلس النواب ينفرد مجلس الشورى باختصاصاتهما التشريعية المشتركة؛ وتعرض القوانين التي يقرها مجلس الشورى خلال مدة الحل على مجلس النواب، فور انعقاده، لتقرير ما يراه بشأنها. وعند غياب المجلسين إذا طرأ ما يستوجب الإسراع باتخاذ تدابير لا تحتمل التأخير يجوز لرئيس الجمهورية أن يصدر قرارات لها قوة القانون، تعرض على مجلس النواب ومجلس الشورى -بحسب الأحوال- خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ انعقادهما، فإذا لم تعرض أو عرضت ولم تقر؛ زال بأثر رجعي ما كان لها من قوة القانون إلا إذا رأى المجلس اعتماد نفاذها عن الفترة السابقة أو تسوية ما ترتب عليها من آثار بوجه آخر".

- وقالوا: المادة [149]: هذه المادة تعطي الحق لرئيس الجمهورية إنه يخرج أي أحد من السجن، يعني لا فائدة في المحاكم والقضاء والعدالة!

والجواب:

نص المادة [149]: "لرئيس الجمهورية العفو عن العقوبة أو تخفيفها، ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون".

وهذه المادة وردت بلفظها ورقمها في دستور 71.

وهي قاعدة مستقرة في جميع الدول لا خلاف عليها على اختلاف الأنظمة في كل دول العالم، ولا جرم فرئيس الجمهورية قد يرى في تخفيف العقوبة أو العفو مصلحة راجحة تستدعيها ضرورة أو حاجة، أو تدارك خطأ في أحكام أو تبيُّن براءة متهم بعد إدانته بحكم نهائي أو غير ذلك... ومع ذلك فقد نصت المادة على أن العفو الشامل لا يكون إلا بقانون.

- وقالوا: المادة [166]: يعني أي مواطن غلبان لو وقع في مشكلة مع وزير مثلاً في الشارع، لازم يكلم رئيس الجمهورية أو النائب العام أو ثلث المجلس لكي يتهمه فقط بأي حاجة!

والجواب:

نص المادة [166] -وهي تمت الموافقة عليها بالإجماع-: "لرئيس الجمهورية وللنائب العام ولمجلس النواب بناءً على طلب موقَّع من ثلث أعضائه على الأقل اتهام رئيس مجلس الوزراء أو أي من أعضاء الحكومة بما قد يقع منهم من جرائم خلال تأدية أعمال مناصبهم أو بسببها، وفي جميع الأحوال لا يصدر قرار الاتهام إلا بموافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، ويوقف من يتقرر اتهامه عن عمله إلى أن يقُضى في أمره، ولا يحول انتهاء خدمته دون إقامة الدعوى عليه أو الاستمرار فيها".

وهي -كما نرى- لا تشير إلى ذلك من قريب أو بعيد، فمن أين بأنه لابد أن يكلم رئيس الجمهورية أو النائب العام أو ثلث البرلمان؟! بل كفل الدستور الكرامة وكافة الحقوق والحريات لكل المواطنين كما هو مفصل في باب الحقوق والحريات، فلأي مواطن أن يتقدم بشكواه إلى الجهات المسؤولة كما في المادة [54]: "لكل شخص حق مخاطبة السلطات العامة كتابة وبتوقيعه... ".

- وقالوا: المادة [193- 197]: عاملين مجلسين: واحد اسمه الأمن القومي والثاني الدفاع الوطني والاثنين شبه بعض جدًّا، وكان من الأجدى دمجهما في مجلس واحد توفيرًا للنفقات.

والجواب:

نص المادة [193]: "ينشأ مجلس للأمن القومي يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويضم في عضويته رئيس مجلس الوزراء، ورئيسي مجلسي النواب والشورى، ووزراء الدفاع، والداخلية، والخارجية والمالية والعدل، والصحة، ورئيس المخابرات العامة، ورئيسي لجنتي الدفاع والأمن القومي بمجلسي الشورى والنواب، وللمجلس أن يدعو من يرى من ذوي الخبرة والاختصاص لحضور اجتماعاته دون أن يكون لهم صوت معدود.

ويختص بإقرار استراتيجيات تحقيق الأمن في البلاد، ومواجهة حالات الكوارث والأزمات بشتى أنواعها، واتخاذ ما يلزم نحو احتوائها، وتحديد مصادر الأخطار على الأمن القومي المصري سواء في الداخل أو الخارج والإجراءات اللازمة للتصدي لها على المستوى الرسمي والشعبي، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى وقواعد أداء عمله".

وتنص المادة [197] على: "ينشأ مجلس للدفاع الوطني يتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويضم في عضويته رئيسي مجلسي النواب والشورى ورئيس مجلس الوزراء، ووزراء الدفاع والخارجية والمالية والداخلية ورئيس المخابرات العامة ورئيس أركان القوات المسلحة وقادة القوات البحرية والجوية والدفاع الجوى ورئيس هيئة عمليات القوات المسلحة ومدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع. ولرئيس الجمهورية أن يدعو من يشاء من المختصين والخبراء لحضور اجتماعات المجلس دون أن يكون لهم صوت معدود، ويختص بالنظر في الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ومناقشة موازنة القوات المسلحة، ويجب أخذ رأيه في مشروعات القوانين المتعلقة بالقوات المسلحة؛ ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى".

وبقراءة كل من نص المادتين يتبين ضرورة كل منهما، فالأمن القومي يختص بتحقيق أمن البلاد الداخلي ومواجهة الكوارث والأزمات واتخاذ ما يلزم لاحتوائها... ومجلس الدفاع الوطني يختص بالنظر في الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ومناقشة موازنة القوات المسلحة.

- وقالوا: المادة [202]: ما معنى أن دور الأجهزة الرقابية مراقبة مصادر صرف المال العام، ومنها: مجلس الشيوخ ومؤسسة الرئاسة وفي نفس الوقت هما من يعين رؤساء هذه الأجهزة؟ يبقى إزاي اللي هيتراقب يختار اللي هيراقبه؟!

والجواب:

نص المادة [202]: "يعين رئيس الجمهورية رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة مجلس الشورى، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يعزلون إلا بموافقة أغلبية أعضاء المجلس، ويُحظر عليهم ما يحظر على الوزراء".

وتنص المادة (203) على: "يصدر قانون بتشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابي، يحدد الاختصاصات الأخرى غير المنصوص عليها في الدستور ونظام عملها؛ ويمنح أعضاءها الضمانات اللازمة لأداء عملهم. ويبين القانون طريقة تعيينهم وترقيتهم ومساءلتهم وعزلهم، وغير ذلك من أوضاعهم الوظيفية بما يكفل لهم الحياد والاستقلال".

إذن المادة [202] تقرر أن رئيس الجمهورية "وليس مجلس النواب" يعين رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة مجلس الشورى، وذلك لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يعزلون إلا بموافقة أغلبية أعضاء المجلس، ويُحظر عليهم ما يحظر على الوزراء، وتنص المادة [201] على: "تُقدم تقارير الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية إلى كل من رئيس الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الشورى خلال ثلاثين يومًا من تاريخ صدورها.

وعلى مجلس النواب أن ينظرها ويتخذ الإجراء المناسب حيالها في مدة لا تجاوز ستة أشهر من تاريخ ورودها إليه، وتنشر هذه التقارير على الرأي العام. وتبلغ الأجهزة الرقابية سلطات التحقيق المختصة بما تكتشفه من دلائل على ارتكاب مخالفات أو جرائم، وكل ذلك على النحو الذي ينظمه القانون".

فأين ما يدعونه رغم كل هذه الاحتياطات والاحترازات؟!

- وقالوا: المادة [231]: النظام الفردي معمول أصلاً للمستقلين الذين ليس لهم انتماء حزبي في الانتخابات، فما معنى أن الأحزاب تأخذ حصة من النظام الفردي؟

والجواب:

أما أن النظام الفردي معمول أصلاً للمستقلين فهذا غير صحيح، فالنظام الفردي معمول به للمستقلين وغير المستقلين، ونفس المادة المذكورة سمحت للأحزاب والمستقلين الترشح في كل من النظام الفردي ونظام القائمة فكل يختار ما يريده، ونص المادة [231] هو: "تكون الانتخابات التشريعية التالية لإقرار الدستور بواقع ثلثي المقاعد لنظام القائمة، والثلث للنظام الفردي، ويحق للأحزاب والمستقلين الترشح في كل منهما".

- وقالوا: يجب النص على تجريم الرشوة واستخدام دور العبادة والشعارات الدينية.

الجواب:

إن النص على تفصيل الجرائم وأنواعها محله القانون "والذي سيقوم بوضعه ممثلون عن الشعب" وليس الدستور.

- وقالوا: يجب إلزام الدولة بتطوير نظم الانتخابات لتماثل الدول المتقدمة "من ناحية التصويت الإلكتروني وإمكانية الذهاب لأي مقر للتصويت.. نكون كالدول المتقدمة يعني".

والجواب:

إن الدستور قد نص على تكليف مفوضية وطنية للانتخابات تقوم بهذه الوظائف فقد نصت المادة [208] على: "تختص المفوضية الوطنية للانتخابات وحدها بإدارة الاستفتاءات والانتخابات الرئاسية والنيابية والمحلية، بدءًا من إعداد قاعدة بيانات الناخبين وإبداء الرأي في تقسيم الدوائر، وتحديد ضوابط التمويل والإنفاق الانتخابي والإعلان عنه، وغير ذلك من إجراءات حتى إعلان النتيجة، ويجوز أن يُعهد إليها بالإشراف على انتخابات التنظيمات النقابية وغيرها، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون".

- وقالوا: لا يوجد أي ذكر للإشراف القضائي على كل صندوق، في مادة [210] مذكور فقط: "تسند المفوضية الوطنية للانتخابات الإشراف على الاقتراع والفرز لأعضاء من السلطة القضائية لمدة عشر سنوات على الأقل من تاريخ العمل بالدستور، وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون"، يعني ممكن يكون قاض على كل الدائرة الانتخابية مثلاً.

والجواب:

تنص المادة [210] على: "يتولى إدارة الاقتراع والفرز في الاستفتاءات والانتخابات التي تديرها المفوضية أعضاء تابعون لها تحت الإشراف العام لمجلس المفوضية ويمنحون الضمانات اللازمة لأداء عملهم بما يكفل لهم الحياد والاستقلال. واستثناءً من ذلك تسند المفوضية الإشراف على الاقتراع والفرز لأعضاء من السلطة القضائية لمدة عشر سنوات على الأقل من تاريخ العمل بالدستور؛ وذلك كله على النحو الذي ينظمه القانون".

وقد نصت المادة [228] على: "تتولى اللجنة العليا للانتخابات القائمة في تاريخ العمل بالدستور الإشراف الكامل على أول انتخابات برلمانية تالية وتؤول أموال هذه اللجنة واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية إلى المفوضية الوطنية للانتخابات فور تشكيلها". فأين أنه يمكن يكون قاض واحد على كل الدائرة الانتخابية؟!

هذا والله هو الموفق والهادي إلى سواء السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


محمود عبد الحفيظ
 

  • 0
  • 1
  • 4,571

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً