صرخة طفل سوري

منذ 2013-01-11

إن هذا الطفل ولدته الثورة، ولن يَقبل العيش إلا بحرية، ثم سمعتُ صوتَ الهتافات تُنادي بالحرية لتأتي، فعلمتُ أن هذه الصرخة من هذا الطفل لن تضيع، بل هي أصلِ كسب الحرية..


أصواتُ القصف تقترب من هنا، أجمع أولادي وأخبئهم في سُترتي، وادعو الله أن يُنجينا، ثم أختبئ أنا وأولادي في زاويةٍ داخل كهف، وفجأةً ودون سابقِ إنذار تُقصف القرية، وتقع صخرة لتسدَّ فتحة الكهف، وأطفالي يصرخون بشدّة ويبكون وآثار الذعر والخوف ظاهرة على وجوههم، وعندما انتهى القصف وأنا ما زلتُ داخل الكهف سمعتُ صوتَ أشخاصٍ يبكون على من فَقدوا، وأشخاصٌ مُصابين ينحبون من شدّة الألم، وآخرون يُخرجِون جثمان أهلهم وأصدقائهم من تحت الاتقاض، وأنا أنظر إلى أولادي في شدّة الظلام سمعتُ صوت أمُّ تنحبُ بصوتٍ عالٍ وتصرخ وتستغيث.


وعندها لم أتفاجأ؛ لأن هذا الحدث غالباً ما يحدُث، لكن حزنتُ عليها وتخيلتُ نفسي مكانها فحمدتُ الله على حِفظ أولادي وعلى وجودهم معي الآن، ولكن ما أثر فيّ حتى سالت دموعي على جبيني أنني سمعتُ طفل يتراوح عمره أربع إلى خمسة أعوام يقول لها: "اصبري فأنتِ أمّ الشهيد، والله لن يُضيّع أجركِ وصبركِ على هذه المصيبة، ولكن لو قدّرِ لي أن أفعل شيء لفعلت".


ثم سمعتُ صوتَ أحجارٍ تتساقط فكان الطفل يصعد على قِمةِ صخورٍ مُتراكمة قد شُكّلت من القصف، ويصرخُ بصوتٍ عالٍ: "اصبروا فلن يُضيعَ الله أجركم، فهذه الحرية سنكسبها بأنفسنا ولسنا بحاجة لدولة أخرى لتساعدنا، فالحرية ليست بالمجان بل إنها مُقابل الأرواح التي استشهدت، فعلينا ألا نبقى صامتين، وعلينا أن نُعِدَّ عتادنا ونذهب ونُحارب من سبّب لنا هذا، فلن ينجوا بفعلته، وأنا شخصياً أُريد أن أقتله بيدي كما قتلَ عائلتي فقط لأنهم طالبوا بالحرية، فلن تتوقف نداءاتنا بها، بل إننا سنُكمل مسيرنا إلى الأفق وننتصر بإذن الله".


فعندما انتهى من كلامه قلتُ لنفسي:

إن هذا الطفل ولدته الثورة، ولن يَقبل العيش إلا بحرية، ثم سمعتُ صوتَ الهتافات تُنادي بالحرية لتأتي، فعلمتُ أن هذه الصرخة من هذا الطفل لن تضيع، بل هي أصلِ كسب الحرية.

حدث كل هذا وأنا خلف صخرة تسدُّ طريقي، وبين يدي أطفالي المذعورين وأنا ساكنة في مكاني أُفكِّر فيما يحدُث وأن هذه الصرخة ستلدُ الحرية.


بيان كايد
(ثائرة سورية)
 

  • 2
  • 3
  • 2,421

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً