تجمعهم الطبلة

منذ 2006-01-27
 

بسم الله نبدأ وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير.

كلمة قديمة، قالها عمرو بن العاص رضي الله عنه واصفاً أهل مصر لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه.

تمرّ الأعوام والقرون, وتنتشر العدوى إلى سائر الأمة العربية بل والإسلامية، إلا من رحم ربي، لم يعد يجمع المسلمين سوى طبل أو كرة قدم أو لهو أو عبث..

أما أن تتفق الكلمة, وتتوحد الصفوف, وتتكاتف الجهود, فهذا هو الصعب الذي يقترب من درجة المستحيل، إلا أن يشاء الله شيئاً, والله على كل شيء قدير.

المادة طغت وعمّت وطمّت, والفضائيات والآلة الإعلامية الغربية الغبية، التي تجرّ ورائها قطعان المسلمين في المشارق والمغارب, تسقيهم الوهن، وتربّيهم على الذل والاستكانة, فإذا أوعَزَتْ لهم بأنهم ضعاف صدّقوها، وأذعنوا لكلمتها، وآمنوا بحكمتها.. وإذا قالت أعداؤكم أقوياء ولا قبل لكم بهم, هانوا واستكانوا، وردّدوا مذعورين "لاقبل لنا بهم... لا قبل لنا بهم".

تبثّ لهم الخراب وتسقيهم الدعارة, وتهدي لهم كل بطّال ليس له فائدة؛ حتى أنها تقدّم لأمة محمد صلى الله عليه وسلم عقائد وتصورات كَفَرَ بها أبناء هذه الآلة الغبية الإعلامية أنفسهم؛ فهم يقدمون لنا عقائد كالنشوء والارتقاء بعدما كفر بها الغرب وتأكد من سخافتها, ويقدمون لنا الشيوعية والعلمانية بعدما بدأوا هم يعودوا لكنائسهم ويسمعوا لكهّانهم.

والعجب كل العجب أن معظم ما تهديه (طبلة) الغرب حذّر منه نبي هذه الأمة أيّما تحذير, ووعظ وأرشد أيّما إرشاد, فجاء لنا بالتوحيد الخالص, والطهارة والنقاء؛ بغضّ البصر عن الحرمات, وكفّ السمع عن أصوات الشياطين والحيّات, وصقل العقل بالنافع من العقائد والتصورات.

ولو فطنوا لساحر هذا العصر, هذا الساحر الإعلامي الضخم، الذي يسحر أعين الناس فيريهم الحق باطلاً، ويريهم الباطل حقاً, فيضخّم لهم من قوى أعدائهم ويوهن من قواهم، ويبثّ فيهم كل فاسد من عقائد وتصورات.

لو فطنوا لهذا الساحر لانجلت الغشاوة من الأعين, واستبدلته بالذي هو خير.. استبدلته بمن يقول { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ } [آل عمران:139]، بمن يقول { كَتَبَ اللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي } [المجادلة:21]، بمن يقول { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ } [المنافقون:8].

هذا السحر الآن استطاع بعض الحذاق من المسلمين أن يروضوه, ولكن احذر من الخطر الكامن, فالساحر لازال ساحراً, ولو نمت عنه لحظة لكشر عن أنيابه, لذا لو أردت أن تستخدمه وأنت سيده فعليك بالإعلام الإسلامي المتميز الذي خرج إلينا بعد اشتياق, ليكون حجة على كل من يقول نحن بحاجة للبديل الإسلامي, فالقنوات الإسلامية المتميزة فيها الكفاية في البيت المسلم, وإياك إياك أن تزيد, أو أن تعطي للساحر الأمان, قم بإغلاق الباقي أو حذفه, وأفيقي يا أمة من غمة الغزو الفكري فقد لاح الفجر وانبلج الصبح واقترب الضياء, فقط عليك يا أمة أن تعرفي من العدو من الحبيب, وأن تتجرعي دواء الحق مع بلسم الصدق من يد الأمين, الذي جعله ربه طريقاً للنصر والتمكين والخير في الدارين.

هذا أول الطريق أن نطرد الساحر ونجلي الغشاوة, وعلينا أن ندرك أن الساحر له أطناب فكرية تنتشر في صحافة, وكتابات, فعليك يا أمة بالحذر.

ثم يا أمة الإسلام يا حبيبة الرحمن جاءك محمد صلى الله عليه وسلم بالتوحيد , أنت نصيبه من الأمم وهو نصيبك من الأنبياء , وهو خير نصيب وأنت خير أمة , ولكن إذا تحققت فيك الشروط { كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ } [آل عمران:110]، توحيد خالص وأمر بخير ونهي عن شر, هذا طريق محمد, ولو سلكنا كل طريق, وطرقنا كل باب, لن ندخل الجنة إلا من طريقه ولن نلج بابها إلا خلفه, بترك الشرك بأنواعه, ونبذ الكفر بأشكاله, فلا توسل بغير الله من ولي ولا حجر ولا شجر, ولا ذبح ولا نذر ولا طواف إلا لله, طواف ببيته الحرام ملبين محرمين وليس بقبر فلان أو ضريح علان, طريق محمد تطبيق لشرعه الذي جاء به من ربه تعالى, كتاب وسنة, بيان وحكمة.

طريق محمد عمل وكدح وبناء اقتصاد, حتى لا نمد أيدينا طلباً للطعام والكسوة من أبناء اللئام, الذين دائما ما يمدون أيديهم بالطعام, والأخرى بالسم الزعاف السام.

أيها التاريخ لا تعتب علينا *** مجدنا الموؤود مبحوح الحناجر
كيف أشكو والمساجد مغلقات *** والرجال اليوم همهم المتاجر
ثلة منهم تبيع الدين جهراً *** ترسم الحسناء والكأس تعاقر
ثلة أخرى تبيت على كنوز *** لا تبالي كان بؤساً أم بشائر
لا تراعي فالحقائق مترعات *** بالأسى يا أمتي والدمع ساتر
إنها حواء تمضي لا تبالي *** أنها تجني من اللهو الخسائر
إنما العيش الذي نحياه ذل *** نرتضي حتى وإن دنت الكواسر
هل ترى يا أمتي ألقاك يوما *** تكتبين لنا من النصر المفاخر
ذلك الحلم الذي أرجوه يوماً *** أن أراك عزيزة والله قادر

طريق محمد صدق ودعوة, بلا تكاسل ولا توان, والدعوة قوامها العلم فلا دعوة بلا علم, قال تعالى { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي } [يوسف:108], والبصيرة هي العلم؛ فدعوة بلا علم إنما هي دعوة للجهل.

طريق محمد صلى الله عليه وسلم: أصلح نفسك واضبط مسلكك, وكن خير شاهد على الإسلام بأفعالك..
كن دعوة تمشي على الأرض بأخلاقك وتفوقك وتقدمك وعبادتك..
{ قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } [الأنعام:162].

طريق محمد صلى الله عليه وسلم، طريق إعمار الدارين، الدنيا والآخرة..
منهج للحياة, لإعلاء كلمة الله في هذه الدار حتى تلقاه بوجه مستنير وبعمل طيب مقبول, وقد سدَدْتَ في الإسلام ثغرة, وقد بنيت في الإسلام بناء؛ فإياك إياك أن يؤتى الإسلام من قبلك..

ابدأ وبادر، فباب التوبة مفتوح, وطريق العودة غير موصد, والنهاية مضمونة إن جاهدت للحصول عليها؛ { وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [العنكبوت:62], { إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً } [الكهف:30].


اللهم أكشف الغُمّة، وانصر الأمة، وأزل الغشاوة من على الأبصار برحمتك يا عزيز يا غفار..
اللهم فرّج كرب المكروبين، وفك أسر المأسورين, وحكِّم شرعك في الأرض يارب العالمين.

محمد أبو الهيثم
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.

  • 1
  • 0
  • 11,994
  • سالم عبد اللطيف

      منذ
    [[أعجبني:]] ما أجمل أن يكون من الأمة من يكون شاغلة الشاغل هو تبصير الناس وتذكيرهم على الدوام بعيوبهم وإرشادهم الى الطريق القويم وما أجمل أن يكون علماءنافى طليعة من يقومون بهذا الدور العظيم لأن الحرب على الإسلام الأن ليست بأسلحة مادية قديمة أو حديثة ولكنها حرب العقول والعلم والتي لا يستطيع السواد الأعظم من أمة المسلمين هذه الأيام صدها والجميع يعرف الأسباب وأولها الجهل الذي أصبح يتصف به الكثيرين رغم حصولهم على أعلى الشهادات العلمية ولذلك فأن علماء الإسلام الأن عليهم بمد يد العون إلى البسطاء لكي يستطيعوا مقاومة فتنة العقل هذه وعليهم ألا يكلوا ولا يملوا فإن هذه هي رسالتهم في الحياة وهذا العصر الذى نعيشه يحملهم مسئوليات وتبعات أكبر وأثقل إذ أن هذا الوقت هوما قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتهاقيل : يارسول !فمن قلة يومئذ؟ قال : لأ ولكنكم غثاء كغثاء السيل يجعل الوهن في قلوبكم وينزع الرعب من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت ) فبارك الله في كاتب المقال وبارك في كل من يبصر هذه الأمة الى عيوبها ويرشدها إلى طريق الرشاد والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً