بيان مكة في الذب عن سيد البشرية صلى الله عليه وسلم

منذ 2006-01-31

25/12/1426هـ

الحمد لله رب العالمين، ناصر عباده المؤمنين ولو بعد حين، ونشهد أن لا إله إلا الله الملك الحق المبين، ونصلي ونسلم على رسول رب العالمين، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:

فقد امتن الله سبحانه وتعالى على الثقلين ببعثة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رحمةً منه عز وجل لخلقه، مصداقاً لقوله تعالى: { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } [الأنبياء:107]، فأخرج الله بهذا النبي الأمي عليه أفضل الصلاة والتسليم الناسَ من الظلمات إلى النور، ومن الضلال إلى الهدى، ومن العذاب إلى الرحمة، بعدما اجتالتهم الشياطين عن صراط الله المستقيم، فأشرقت الأرض بنور الرسالة المحمدية، ورغمت أنوف المبطلين وانخنس الكفر وأهله، مصداقاً لقوله تعالى: { هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } [التوبة:33]، وقد كان في مقدمة ركب الشيطان ممن شَرِقَ بالبعثة المحمدية -على رسولها أفضل الصلاة والسلام-، بعضُ أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فقد امتلأت قلوبهم غيظاً وحقداً وحسداً للإسلام وأهله مصداقاً لقول الله تعالى: { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ } [البقرة:109]، وقال تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِياً وَنَصِيراً } [الفرقان:31]، وقال تعالى: { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } [البقرة:120]، وهؤلاء الظالمون المعادون لدين الإسلام وللبشير النذير، عليه أفضل الصلاة والسلام، هم في حقيقة الأمر يقومون بأكبر جريمة في تاريخ البشرية، إذ إنهم يحولون بين الناس وبين أكبر نعمة امتن الله بها على الإنسانية، ألا وهي نعمة الإسلام، كما أنهم في ذات الوقت يعرضون من سار في ركابهم واتبع ضلالهم لسخط الجبار عز وجل، ومقته في الدنيا والآخرة، وإن المتأمل في الوقائع والحوادث في ماضي الزمان وحاضره ليظهر له بجلاء عداوة وكيد فئامٍ من أهل الكتاب من اليهود والنصارى للأمة المحمدية، على صاحبها أفضل الصلاة والسلام.

وتزداد عداوة بعض المغضوب عليهم والضالين للمسلمين ويزداد جنونهم وجنوحهم عن قواعد العدل والعقل والحق كلما ازداد انتشار الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجاً، فعند ذلك يزداد حقدهم وحسدهم، وتطيش أحلامهم وأفهامهم، فتتوالى من قِبَلهم الحملات الجنونية الظالمة على كل ما هو مقدَّس ومعظَّم في دين الإسلام، وكان من آخر ما حدث في هذا المجال: الحملة الظالمة الآثمة التي تولّى كِبرَها، وحَمَلَ لواءَها بعضُ وسائل الإعلام المقروءة في دولتي (الدنمارك والنرويج) عندما أظهرت سيد البشرية -فديناه بالآباء والأمهات- صلى الله عليه وسلم، في بعض الرسومات الكاريكاتيرية الساخرة المسيئة، متجاوزةً حدود المنطق والعقل، ومنفلتة من كل القيم والمبادئ والأعراف في استهتارٍ واضح بدين الإسلام الذي يدين به ما يزيد على المليار نَسَمة من البشر على ظهر المعمورة.

وإن أهل العلم والدعوة في قبلة المسلمين ومهوى أفئدة المؤمنين مكة المكرمة - شرَّفها الله تعالى - لَيستنكرون هذه الحملة الظالمة الآثمة، ويتوجهون للعالم بأسره بهذا البيان؛ إحقاقاً للحق، وذباً عن عِرض سيد الخلق - صلى الله عليه وسلم -، وذوداً عن حياض الدين، ودفعاً لصيال المبطلين من اليهود والنصارى: المغضوب عليهم والضالين، مناشدين أهل الإسلام من الحكام والعلماء والدعاة ورجال الأعمال والإعلام وعموم المسلمين بأن يضطلعوا بواجبهم الشرعي في هذا الصدد، إذ إن مدافعة المبطلين ومراغمة الكافرين منزلةٌ عظيمة من منازل الدين. قال العلامة ابن القيم -رحمه الله -: "مغايظة الكفار غاية محبوبة للرب مطلوبة، فموافقته فيها من كمال العبودية، فمن تعبد الله بمراغمة عدوه، فقد أخذ من الصديقية بسهم وافر، وعلى قدر محبة العبد لربه وموالاته ومعاداته يكون نصيبه من هذه المراغمة" ا.هـ.

فيا حكامَ المسلمين: إن الواجب الشرعي يُحَتِّم عليكم الغضبَ لرسولكم صلى الله عليه وسلم، وإن أضعف الإيمان مما يجب القيام به حيال هذه الحملة الآثمة، هو سحب البعثات الدبلوماسية احتجاجاً على هذه الممارسات الظالمة، وليتذكر كل واحد منكم أن هذا العدوان الآثم على رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لو كان موجهاً لواحد منكم لأقام الدنيا ولم يُقعِدها غضباً وانتقاماً، فليكن غضبكم وحَميَّتكم لرسولكم صلى الله عليه وسلم أكبر من غضبكم لأنفسكم ودنياكم، وتذكروا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: « لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين »، وفي رواية: « من أهله وماله والناس أجمعين »، أخرجه البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه.

ويا علماءَ الإسلام ودعاةَ الملة: إن الواجب الشرعي يحتم علينا جميعاً، أن نقوم بتوظيف هذا الحدث توظيفاً إيجابياً بتكثيف الجهود في دعوة الناس لدين الإسلام والتركيز على ثوابت الدين ومحكماته، وفي مقدمة ذلك بيان عقيدة الولاء للمؤمنين والعداء للكافرين، وتجلية سيرة سيد الخلق، عليه أفضل الصلاة والتسليم، إذ إن هذا هو الرد الناجع والمؤلم لأعداء الإسلام.



ويا أهل الإسلام وعسكر الإيمان من رجال الأعمال والإعلام وعموم المسلمين: انتصروا لدينكم ولرسولكم صلى الله عليه وسلم بمقاطعة بضائع هاتين الدولتين (الدنمارك والنرويج) والدعوة لذلك، وأروا الله من أنفسكم خيراً، حتى يرتدعوا عن ظلمهم، وينزعوا عن غَيّهم ويأخذوا على أيدي سفهائهم، فإنكم إن فعلتم ذلك جعلتموهم عبرة لغيرهم، وتأملوا - يا رعاكم الله - هل يجرؤ أحد في التشكيك في محارق اليهود -المزعومة- على يد النازيين؟!
فهل المغضوب عليهم أقدر على نصر باطلهم منكم على نُصرة نبيكم صلى الله عليه وسلم؟!

وأخيراً... فإن هذه الممارسات الظالمة من قِبَل سفهاء أهل الكتاب لن تزيد المسلمين إلا تمسكاً بدينهم وحمية له - بإذن الله تعالى-: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ . وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ . ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ . أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا . ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ } [محمد:7-11]. { وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ } [يوسف:21].

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

الموقّعون على البيان:

د. سليمان بن وائل التويجري (عضو هيئة التدريس بكلية الشريعة - جامعة أم القرى).
الشيخ/ أحمد بن عبد الرحمن البعادي (قاضي التمييز بمكة).
د. عبد الله بن عمر الدميجي (عميد كلية الدعوة وأصول الدين - جامعة أم القرى).
د. خالد بن عبد الله الشمراني (رئيس قسم القضاء بجامعة أم القرى).
د. محمد بن سعيد القحطاني (أستاذ العقيدة المشارك بجامعة أم القرى سابقاً).
د. محمد بن صامل السلمي (وكيل كلية الشريعة للدراسات العليا - جامعة أم القرى).
د. ناصر بن محمد الغامدي (وكيل كلية الشريعة - جامعة أم القرى).
د. عبد الله بن محمد الرميان (وكيل كلية الدعوة وأصول الدين للدراسات العليا - جامعة أم القرى).
د. عبد الله بن عبد الكريم الحنايا (مدير مركز الدراسات الإسلامية المسائية - جامعة أم القرى).
د. ستر بن ثواب الجعيد (رئيس قسم القضاء سابقاً - جامعة أم القرى).
د. عبد الرحمن بن أحمد الخريصي (عضو هيئة التدريس بكلية الدعوة - جامعة أم القرى).
الشيخ/ حمود بن عبد العزيز التويجري (من الدعاة).
الشيخ/ عبد الله بن عبد الرحمن العثيم (رئيس المحكمة الجزئية بجدة).
الشيخ/ محمد أمين بن عبد المعطي مرداد (القاضي بالمحكمة الجزئية بجدة).
الشيخ/ مانع بن علي المقاطي (القاضي بالمحكمة الجزئية بجدة).
الشيخ/ علي بن عبد الله المعدي (عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بجدة).
الشيخ/ محمد بن عبيد القرني (عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بجدة).
الشيخ/ رياض بن علي الغامدي (عضو هيئة التحقيق والادعاء العام بجدة).
الشيخ/ فهد بن عيظة المالكي (مدير إدارة المحكمة الجزئية بجدة).

المصدر: موقع المسلم
  • 3
  • 1
  • 16,547
  • أبو زياد

      منذ
    [[أعجبني:]] أعجبنى حرص مشـايخ المملكةعلي نصرة رسولنا الكريم صلىاالله عليه وسلم في اعلان هذا البيان ومطالبتهم رؤساء وملوك الدول الإسلامية والعربية مقاطعةدولتى النرويج والدينمراك خزاهم الله دبلوماسياواقتصاديافلو أن شخصاً منهم أهين لأقام الدنيا وأقعدهافما بالكم برسولنا المصطفي خير ولد أدم ولافخر والله الموفق
  • محمد

      منذ
    لم يعجبني: ان اللدين تطلبون منهم ان بتخدوا هده الاجراءات من الحكام العرب منهم من لم يقدر على رد السب والاستهزاء بالمقدسات حتى في بلاده ،فكيف يقدر على اتخاد اجراءات مع دولة اخرى فمن هده البلدان من قال ان المساجد هي صواريخ لا تنطلق ومنهم من قال الحجاب هو لباس اهل الفضاء ومنهم من قال ان السجود اهانة للانسان ومنهم من قال شعرا يقول فيه على المرأة ...ملعون من قال انك خلقت من ضلع اعوج.....ومنهم ومنهم .....والقائمة مفتوحة. فهل نطلب من هؤلاء ان يتخدوا اجراءات؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
  • دلال كارة

      منذ
    [[أعجبني:]] هوكلمة المسلمين والحمد لله مزال هناك غيرة على ديننا واسلامنا و استعدادنا لحماية رسوالله ونصرته في كل لحظة وكل شيء فداء الحبيب المصطفى معا لنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم [[لم يعجبني:]] لم يعجبني ان هناك بعض الدول للاسف لم تتخذ موقف حيال هذا الموقف ولم ارى اي ردود افعال لذلك علينا ان نتحد في هذا الموقف بالذات لانه مس خير البشرية ولا سكون محصور فقط على دولة واخرى لا علينا ان تجتمع كل الدول العربية وان يكون هناك قرار جماعي حاسم
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] اعجبنى انها مقالة تدعو للدفاع عن النبى ومقاطعة الذين اساؤا اليه وتوحيد المسلمين
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] الرد صحيح من جانب العلماء المسلمين [[لم يعجبني:]] الرد بموضوعية وبحكمة تفسيرالامور المشتبه بها نشر الاسلام بطريقة صحيحة من جانب العلماء العارفين بالدين وليس مدعي العلم
  • فريد

      منذ
    [[أعجبني:]] تحرك الشعوب و حبهم الكبير لرسول الله. المزيد يا علماء الاسلام في تحريض المسلمين على المقاطعة وكل أساليب الاحتجاج حتي يدل أعداء الدين. [[لم يعجبني:]] هوان ودل الحكام الاسلام.
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] يوما بعد يوم تظهر عظمة الاسلام والمدافعين عنه وسيبقى الاسلام عاليا رغم انف الكافرين . اللهم انصر الاسلام الى يوم الدين واعلىالحق وانصرناعلى الكفرة الفجرة الضالين,انك انت المجيب.اللهم امين
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] اعجبني غيرتكم علي الاسلام وسيد الانام فداه ابي وامي ونفسي وا لناس اجمعين صلي الله عليه وسلم جزاكم الله خير
  • رحاب

      منذ
    [[أعجبني:]] اجتماع المسلمين وتوحدهم في الرد علي اعداء الاسلام واظهار قيم الاسلام للجهلة به
  • هاني الوزيرى

      منذ
    [[أعجبني:]] حقيقة : وددت لو ان هذه المقاله يراها كل المسلمين ليعلموا ان الله يحفظ دينه بامثال هؤلاء العلماء الاجلاء زجعلهم الله لنا ذخرا وللدين عزة وكرامه

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً