التدخل الأمريكي في دارفور.. أو خطة الكنيسة المضطهدة !

منذ 2006-03-20

14/2/1427هـ - 14/03/2006م

رغم أنه من المعروف أن أهل دارفور كلهم مسلمون تقريباً، إلا أن التحركات الكنسية الأمريكية والأوروبية للتدخل في دارفور تحمل اسم "الكنيسة المضطهدة".

ومن أنشط الداعين إلى التدخل الأمريكي في دارفور هو الحاخام اليهودي ديفيد سالبرستين والقس تشارلز كولسن، وهو من الإنجيليين المتشدّدين، وهو ما يكشف عن وجود مخطط إنجيلي صهيوني لتفكيك السودان لأسباب معروفة: منها أن السودان يمثل أكبر عمق إسلامي في إفريقية، ويمتلك قدرة إنتاجية عالية يمكن أن تحقق الاكتفاء الذاتي في الغذاء للعرب، وربما للعرب والمسلمين، والسودان بالنسبة لمصر هو عمقها الحيوي، ومن يسيطر على السودان يمسك مصر من خصرها الحيوي.

والسودان -كما هو معروف- يتصل بحدوده الجنوبية مع أوغندا وزائير، وغربا مع تشاد وإفريقية الوسطى، وشمالاً مع مصر وليبيا. ومن ثم فإن تفكيك السودان واحتلاله أو السيطرة عليه أمريكياً، ومن ثم صهيونياً يؤدي إلى أهداف إستراتيجية خطيرة؛ فهو يفتح الباب واسعاً أمام عمليات السيطرة والتنصير في إفريقية، ويحقق حاجزاً بين الشمال العربي الإفريقي المسلم وباقي إفريقية، وهذا هدف أمريكي صهيوني معروف. كما أنه يحقق لأمريكا نفوذاً في القرن الإفريقي، مما يضمن لها وجوداً بحرياً وعسكرياً في محيطات وبحار يمكن أن تكون بديلاً للإخفاق الأمريكي في السودان.

المخطط الأمريكي للسيطرة والتدخل في دافور ليس جديداً؛ فالكونجرس الأمريكي استصدر قرار "سلام السودان" لدفع الإدارة الأمريكية نحو التدخل في دارفور، اعتمادا على مزاعم كاذبة، كما تم وضع (51) مسؤولاً سودانياً على قوائم المطلوبين للمحاكمة بسبب مزاعم التطهير العرقي في دارفو.

والملاحظ أن التشدد والتعنت الذي يبديه زعماء حركات التمرد في دارفور كان بتوجيه أمريكي مباشر، زيادة على أن القوى الكنسية والصهيونية في الولايات المتحدة أنفقت على استقدام عدد من زعماء التمرد للتجول في الولايات المتحدة وإقناع الرأي العام الأمريكي بوجود تطهير عرقي هناك؛ ليتم الضغط على الإدارة الأمريكية في هذا الاتجاه، وتسهيل حصولها على التأييد الشعبي عند تنفيذ هذا التدخل.

وكانت قوات من الاتحاد الإفريقي -بدأت بـ (458) جندي عام 2004، وانتهت إلى حوالي (7731) جندي الآن- قد نجحت في تحقيق قدر معقول من النجاحات في مهمتها في دافور، على الرغم من أن حركات التمرد مارست ضدها كل أنواع المضايقات بالإغارة على مواقعها وإثارة المشاكل في مناطق تواجدها، إلا أن ذلك لم يؤد إلى إخفاق تلك القوات، مما دفع الولايات المتحدة إلى منع التمويل الدولي لها ـ تحتاج إلى ميزانية قدرها (466) مليون دولار سنوياً ـ وضغطت الولايات المتحدة على الدول الإفريقية لمنع تمويل الاتحاد الإفريقي لتلك القوات، الأمر الذي يعني انسحابها في النهاية، ثم صدور قرار من مجلس الأمن بإحلال قوات دولية ـ تحت رعاية أمريكية ـ بدلاً منها.
وبديهي أن الولايات المتحدة قد تفكر في الطلب من العرب تمويل القوات الدولية، أي احتلال السودان أمريكياً على نفقة العرب.

والمسألة هنا تحتاج إلى تحرك عربي إسلامي لدفع أموال للقوات الإفريقية لتستمر في مواقفها، ولكن حتى هذا ربما لا يكون كافياً، ما لم يكن هناك موقف سياسي عربي إسلامي داعم للسودان، ليس من أجل السودان فقط ـ وهو يستحق ذلك ـ ولكن أيضاً من أجل مصالح العرب والمسلمين. ولأن الولايات المتحدة كانت تدرك إمكانية التحرك المصري ـ دفاعاً عن النفس ـ لإفشال مخطط التدخل الأمريكي؛ فإن الإدارة الأمريكية تحركت في أكثر من اتجاه، منها دفْع بعض أقباط المهجر إلى تقديم شكوى إلى الأمم المتحدة، وقبول هذه الشكوى بدعوى اضطهاد الأقباط في مصر، للتلويح لمصر بإمكانية تدويل المشكلة القبطية إذا لم تسكت في الموضوع السوداني، كما أن الولايات المتحدة كانت قد نجحت في دفع الدول الإفريقية إلى حرمان السودان من رئاسة الاتحاد الإفريقي في دورته التي انعقدت بالخرطوم يومي 23-24 يناير 2006م، وسعت أيضاً إلى الضغط على الدول العربية لنقل القمة العربية المزمع عقدها في نهاية مارس 2006 من الخرطوم إلى عاصمة عربية أخرى.

من ناحية أخرى فإن الإدارة الأمريكية بذلت جهداً كبيراً في تحقيق اختراق داخل القوى السياسية السودانية، بل وقطاع من الجنوبيين لقبول ذلك، إلا أن الموقف السوداني لا يزال يرفض ذلك بحزم، بل إن الرئيس السوداني عمر البشير هدد بتحويل دارفور إلى مقبرة للأمريكيين.

وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك المال والسلاح والقوة والنفوذ السياسي لتحقيق التدخل في دارفور عن طريق قوات دولية؛ إلا أن المسألة ليست نزهة بالتأكيد، فهناك جمعيات ومنظمات إسلامية جهادية سودانية أعلنت أنها سوف تقاوم، والحكومة السودانية يمكن أن تحشد الشعب السوداني في هذا الصدد؛ بل ويمكن لحركات أخرى خارج السودان أن تستفيد من دخول الأمريكان إلى دارفور للتواجد فيها وفي المنطقة، وزيادة رقعة نفوذها في أمريكا.

وهكذا فإن المسألة ليست ذات اتجاه واحد، ولن تكون مهمة القوات الأمريكية في دارفور مجرد نزهة؛ بل يمكن للسيناريو العراقي أن يتكرر على ساحة دارفور بكل تفاصيله، لو تجرأت واشنطن وغامرت بالتدخل المباشر هناك!

  • 8
  • 1
  • 15,042
  • حامل سيف السنة الجزائري

      منذ
    [[أعجبني:]] ما أعجبني أن كثير من السلمين لم يعجبهم ما يحدث في فلسطين و العراق و السودان وهناك من سينتفظ عن قريب بادن الله [[لم يعجبني:]] مالم يعجبني هو سكوت حكام العرب على ما يفعله الغربيون في بلاد المسلمين والى متى هد السكوت أن لم يستطيعو لهم فما عليهم ألى أن يقابلونناأو يتركوننا لنجاهد هاد العدو في سبيل الله وأنا أول المجاهدين بلا خوف
  • اوراد

      منذ
    [[أعجبني:]] شكرا على هذا المقال ولقد كتيت عن دارفور فى احد المتديات ولم الق اهتماما ولكن هاهى البشائر والتنازلات لامريكا الى ان يلحق السودان بالعراق افيييقو يا عرب
  • نادية

      منذ
    [[أعجبني:]] كل ما كتب في هدا المقال هو معقول. حسبنا الله ونعم الوكيل في كل أعداء الاسلام.
  • ابو العباس

      منذ
    [[أعجبني:]] الفهم لهذه المشكله برغم التعتيم الاعلامي
  • nada

      منذ
    [[أعجبني:]] انى تعرفت على ابعادمايحدث فى دار فور واتا كنت اجهله فجزا الله خيرا من كتب هذا المقال [[لم يعجبني:]] هوالتدخل الامريكى السافر
  • حسان

      منذ
    [[أعجبني:]] واقعية التقرير ويعكس الصورة برمتها كما هي علي الواقع و اشدد بحث المشكلة مع اهل دارفور العقلاء وتعرية وسحب البساط من تحت الماجورين المامركين حتي يظهروا امام جمهورهم وعزلهم عن جمهورهم وبيان اثر التدخل الصهيوني الامريكي علي جميع الساحات الاسلاميةوالعربية و الافريقية وتوحيد الجهود في ذلك و نسال الله التةفيق لما يحبه و يرضاه
  • حفيد عمر

      منذ
    لم يعجبني: ارى ان الامة تتجة نحو جرح اخر وهوسودانهاالحبيب وكالعادة نتفرج وندعو اللة ان يزيل الغمة عن الامة ولكن انى يستجاب لنا؟على كل مسلم ان يفعل شيئا تجاة سوداننا الغالية حتى لا نبتلى فية .واللة اسال ان لا يمكن اعداء الامة من اهدافهم الخبيثة
  • عبد الله

      منذ
    لم يعجبني: الى متى سوف نقبل الدل و المهانة و الرضوخ للغرب الجاهل الكافر...متى سينهض العرب و المسلمون لاعلاء كلمة الحق و انهاء تطاولهم علينا..اين هي اخوة الدين التي امرنا بها رسولنا صلى الله عليه وسلم...اين هي قيمنا الاسلامية..ام ادهبتها غفلتنا و بعدنا عن ديننا..
  • المصطفى لغفيري

      منذ
    [[أعجبني:]] بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه وأيقن أنا لاحقون بقيصرا فقلت لاتبك عينك إنما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا.فلتعل الهمم على التصدي للمكائد، ولو بالقلم.ألم يرفع للعرب العلم بالقلم؟ نبي أمي يتيم أبي طالب يوماخرق السماوات العلى وهتكت له الحجب بالتقوى.إن سر قوتنامعنا،فلنتق الله لنر العجائب فينا وفيهم. وبالله التوفيق.
  • أحمد فوزي

      منذ
    [[أعجبني:]] مقالة جيد وتنبيه خطير للمسلمين فحسب [[لم يعجبني:]] التفكك الذي يعيشه العرب

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً