فتح الحميد في بيان ضرورة تعلم التوحيد
إن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو إعلام عامة المسلمين بوجوب تعلم التوحيد، الذي هو إفراد الله بما يختص به، وتفرده بصفات الكمال والعظمة، والأسماء الحسنى، وتفرده سبحانه بالعبادة، وقد انتشر الجهل بالتوحيد بين كثير من الناس في هذا الزمان، وبسبب الجهل بالتوحيد يقع بعض الناس في الشرك الأكبر من دعاء الأموات والاستغاثة بهم، والذبح لهم وغير ذلك، وإن القلب ليتحسر كيف يجهل الناس التوحيد مع أنه أول واجب عليهم؟!
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الباعث على كتابة هذه الكلمة هو إعلام عامة المسلمين بوجوب تعلم التوحيد، الذي هو إفراد الله بما يختص به، وتفرده بصفات الكمال والعظمة، والأسماء الحسنى، وتفرده سبحانه بالعبادة، وقد انتشر الجهل بالتوحيد بين كثير من الناس في هذا الزمان، وبسبب الجهل بالتوحيد يقع بعض الناس في الشرك الأكبر من دعاء الأموات والاستغاثة بهم، والذبح لهم وغير ذلك، وإن القلب ليتحسر كيف يجهل الناس التوحيد مع أنه أول واجب عليهم؟!
التوحيد أول واجب على المكلفين فيلزمهم معرفته، وعندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً إلى نحو أهل اليمن قال له: «فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحدوا الله تعالى فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات» (صحيح البخاري:7372، والترمذي في سننه:2901)، والقاعدة الأمر يفيد الوجوب ما لم يأت دليل يصرف الوجوب إلى شيء آخر، إذاً التوحيد فرض، ولكي يوحد الإنسان ربه لا بد من معرفة التوحيد، ولكي يعرف التوحيد لا بد من تعلمه، والقاعدة ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب؛ لذلك تعلم التوحيد واجب، ويدل الحديث على أن التوحيد أول واجب على المكلف، والتوحيد لازم لقبول الأعمال الصالحة، فقبول الأعمال الصالحة يتوقف على خلو العمل من الشرك، فالشرك محبط للأعمال الصالحة قال تعالى: {لئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:65]، وقال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام:88]، وقال تعالى عن أعمال الكفار: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً} [الفرقان:23].
وبين تعالى على أن الموت على الردة محبط لجميع الأعمال فقال عز وجل: {ومَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة:217]، والواجب على المسلم عدم فعل ما يؤدي إلى عدم قبول عمله الصالح، وهذا لا يتأتى إلا بتعلم التوحيد؛ لذلك تعلم التوحيد واجب، وخلو التوحيد من الشرك هو الفيصل الحاسم بين خلود الإنسان في نار جهنم والنجاة منها، فقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء:48]، والواجب على المسلم عدم الوقوع في الشرك، وعدم الوقوع في الشرك لا يتحقق إلا بتعلم التوحيد، لذلك تعلم التوحيد واجب، والمشركون كانوا مقرين بأن الله هو الرب المتفرد بالخلق والرزق والتدبير أي يقرون بتوحيد الربوبية، ومع ذلك هم كفار لماذا؟
والجواب: أن الإقرار بتوحيد الربوبية لا يكفي وحده، بل لا بد من توحيد الإلوهية، وهو إفراد الله وحده بالعبادة كلها، وجميع الكتب السماوية وجميع الرسل دعوا إلى توحيد الإلوهية، ونهوا عن ضده من الشرك والتنديد، فتوحيد الربوبية مركوز في الفطر كلها، فلو كان هو الغاية لما كان هناك حاجة من إرسال الرسل وإنزال الكتب، وليس معنى هذا إهمال توحيد الربوبية، فلا يصح إيمان العبد إذا لم يؤمن بأن الله هو الرب المتفرد بالخلق والرزق والتدبير، ومن انتكاس الفطر أن يعلم المرء أن الله هو الخالق الرازق المدبر ثم يعبد غيره، وكل اعتقاد أو قول أو عمل ثبت أنه مأمور به من الشرع فصرفه لله وحده توحيد وعبادة، وصرفه لغيره شرك وكفر، فالله أمر الناس أن يدعوه وحده فإذا دعوا غيره فقد أشركوا، وأمر الله بالتوسل إليه..
لذلك التوسل لغيره شرك، والنذر لله عبادة، والنذر لغيره شرك، وأمر الله بالاستغاثة به في كل شدة ومشقة فالاستغاثة بغيره شرك، ولا فرق في هذا بين أن يعتقد الشخص أنهم مستقلون في تحصيل مطالبه أو متوسطون إلى الله، فإن المشركين كانوا يعلمون أن الله هو الخالق الرازق المدبر لكنهم كانوا يعبدون الأصنام، ويقولون كما أخبر الله ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله فيجب علينا تعلم التوحيد، ومن أفضل الكتب في ذلك كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، وكتاب 200 سؤال وجواب في العقيدة للشيخ حافظ الحكمي.
هذا وبالله التوفيق
ربيع أحمد
- التصنيف:
- المصدر: