عابد صنم يُدرِك قدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

منذ 2013-09-22

أتعجب من أناسٍ قرأوا القرآن والسنة ودرسوا السيرة وعاشوا بين المسلمين ولا زالوا في غيبوبة عميقة وعميت عن قلوبهم حقيقة هذا الترتيب القيادي للأمة المحمدية، فجحدوا هذا الترتيب، وطعنوا في صحته!

 


في العام الثالث من الهجرة حدثت غزوة أحد، وحدث ما كان من مُصابٌ أليم نزل بالمسلمين. وحدثت بعد الغزوة منازلة كلامية طرفها الأول أبو سفيان وهو قائد المشركين يومئذ والطرف الآخر المسلمون في عمومهم.

يروي لنا البراء بن عازب رضي الله عنه أحداث هذه القصة فيقول: "وأشرف أبو سفيان فقال: أفي القوم محمد؟ فقال: «لا تجيبوه».
فقال: أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال: «لا تجيبوه».
فقال: أفي القوم ابن الخطاب؟
فقال: إن هؤلاء قُتِلوا، فلو كانوا أحياء لأجابوا.

فلم يملك عمر رضي الله عنه نفسه، فقال: كذبتَ يا عدو الله، أبقى الله عليك ما يُخزيك.

قال أبو سفيان: اعل هبل.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أجيبوه» قالوا: ما نقول؟ قال: قولوا: «الله أعلى وأجلّ».

قال أبو سفيان: لنا العُزى ولا عُزى لكم.

قال النبي صلى الله عليه وسلم : «أجيبوه». قالوا: ما نقول؟ قال: «قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم».

قال أبو سفيان: يومٌ بيومِ بدر، والحرب سجال".

وتفاصيل القصة مروية في صحيح البخاري وغيره.

نستطيع أن نقتبس من نور هذا الحديث عشرات الدروس التي تدور في أفلاك العقيدة والسياسة الشرعية وفن الحروب والأدب العام، ولي معكم هنا وقفة واحدة.

تدبروا معي:
أبو سفيان رضي الله عنه في ذلك اليوم، كافر، مشرك، بعيد عن الله، عدو لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
لم ينهل من نور الوحي شيئاً، ولم يثنِ ركبتيه في حلقة واحدة من جلسات العلم الشرعي.

وفوق هذا كله، فهو لم يعش بين ظهراني المسلمين، ولم يطّلع عن قرب على حقيقة درجات المسلمين وتفاوت أقدارهم عند الله وعند رسوله صلى الله عليه وسلم.

إلا أنه استطاع باستعمال جزء بسيط من مُخّه البشري فقط أن يُدرِك أن الترتيب القيادي للمسلمين هو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ثم أبو بكر ثم عمر رضي الله عنهما.

وأتعجب من أناسٍ قرأوا القرآن والسنة ودرسوا السيرة وعاشوا بين المسلمين ولا زالوا في غيبوبة عميقة وعميت عن قلوبهم حقيقة هذا الترتيب القيادي للأمة المحمدية، فجحدوا هذا الترتيب، وطعنوا في صحته!

ثم لنفرض أن أولئك قد ضلوا، ألا تعجبون ممن ينتسب لأهل السنة وهو يوالي ويداري ويُحابي من طعن في ديانة من أسس الدين بعد نبي الأمة صلى الله عليه وسلم.

ويتناسى هؤلاء المساكين جهود أولئك النفر التي لولاها -بعد رحمة الله- لكنا عُبّاد صنم، أو عُبّاد قبر، أو عُبّاد صليب، أو عُبّاد بقر، أو عُبّاد نار، أو عُبّاد بشر.
 

 

هيثم طيب
 

  • 11
  • 0
  • 2,201

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً