الفحش طريق العداوة والبغض

منذ 2013-10-06

دعا الإسلام إلى الأخذ بمحاسن الأخلاق ونبذ مساوئها، وذلك من خلال نصوص الكتاب والسنة وما كان عليه أهل القرون الثلاثة الأولى، إذ إن الخلق الحسن صفة من صفات الأنبياء والصديقين، وأن الأخلاق السيئة سموم قاتلة، تنخرط بصاحبها في سلك الشيطان، فقد أثنى الله عز وجل على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم بأن قال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4].

 

دعا الإسلام إلى الأخذ بمحاسن الأخلاق ونبذ مساوئها، وذلك من خلال نصوص الكتاب والسنة وما كان عليه أهل القرون الثلاثة الأولى، إذ إن الخلق الحسن صفة من صفات الأنبياء والصديقين، وأن الأخلاق السيئة سموم قاتلة، تنخرط بصاحبها في سلك الشيطان، فقد أثنى الله عز وجل على نبيّه محمد صلى الله عليه وسلم بأن قال: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]، ورغّب النبي صلى الله عليه وسلم في حسن الخلق فقال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» (السلسلة الصحيحة:45).

وبين صلى الله عليه وسلم فضل محاسن الأخلاق فقال: «ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق» (رواه البخاري). وقال: «أكمل المؤمنين إيماناً أحاسنهم أخلاقا» (رواه أحمد، وأبو داود). وسئل صلى الله عليه وسلم عن أي الأعمال أفضل فقال: «حسن الخلق»، ولما سُئِل عن أكثر ما يُدخل الجنة قال: «تقوى الله وحسن الخلق» (رواه الترمذي وصححه). فدل منطوق هذه الآثار على فضيلة حسن الخلق، كما إن الابتعاد عن مساوئ الأخلاق هو أحد دلالات مفهوم المخالفة.

معنى الفحش:
ومن الأخلاق السيئة التي ابتلي بها الناس، خلق الفحش الذي يعني في اللغة: (كل ما دل على قبحٍ في الشيء وشناعةٍ)، وهي القبيح من القول والفعل، وتستعمل بشكل أكثر في القول، ومن تكلّف سب الناس والتعمّد في ذلك سُمِّي متفحِّشاً، ولا يكاد المعنى الاصطلاحي يبتعد عن الأصل اللغوي، فللفحش تعريفات عدّة تتقارب فيما بينها وتشترك مع غيرها في موافقة الأصل اللغوي، فمن هذه التعريفات: "أن الفحش ما ينفر منه الطبع السليم ويستقبحه العقل المستقيم"، ومنها: "ما يكرهه الطبع من رذائل الأعمال الظاهرة كما ينكره العقل ويستخبثه الشرع"، وأيضاً: "هو ما عظم قبحه من الأقوال والأفعال"، وهو أيضاً: "كل أمرٍ تجاوز قدره وكل أمرٍ لا يوافق الحق"، والفحش عدوان الجواب؛ أي في التجاوز في الرد على الآخرين.

يقول ابن حجر: "إن ملازمة الشرّ والفحش من الكبائر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري: «إن شر الناس من تركه الناس أو ودعه الناس اتقاء فحشه»، والفحش والتفحّش ليس من الإسلام في شيء"، "وإن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم أخلاقا"ً كما قال بذلك الإمام أحمد بن حنبل.

آيات وردت في الفحش:
لقد وردت كلمة الفحش في القرآن الكريم في مواضع عدّة، فتارة أتت بصيغة المفرد، وتارة أتت بصيغة الجمع، فقد أورد القرآن حرمة الفواحش ما خفي منها وما ظهر للعلن، بل حذّر من الاقتراب منها، ومع ذلك فإن مغفرة الله واسعة إذا اجتنبت الفواحش، قال الله تعالى: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: 28]، وقال تعالى: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [الأنعام:151]، وقال عز من قائل: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ والإثم وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33]، ويقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثم وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ} [الشورى:37]، وقال تعالى: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإثم وَالْفَوَاحِشَ إِلا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: 32].

ذم الفحش في السنّة النبوية:
عن عروة بن الزبير، أن عائشة أخبرته: "استأذن رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «ائذنوا له بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام، فقلت: يا رسول الله، قلت الذي قلت ثم ألنت الكلام؟ قال: أي عائشة، إن شر الناس من تركه الناس -أو ودعه الناس- اتقاء فحشه». (البخاري). وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إياكم والفحش؛ فإن الله لا يحب الفاحش المتفحش...» (رواه أبو داود، وأحمد، وإسناده صحيح).

عن عائشة رضي الله عنها: «أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك. قال: وعليكم، فقالت عائشة: السام عليكم ولعنكم الله وغضب عليكم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلا يا عائشة، عليك بالرفق وإياك والعنف أو الفحش. قالت: أو لم تسمع ما قالوا؟ قال: أو لم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في» (رواه البخاري).

وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه، ولا الحياء في شيء قط إلا زانه» (رواه الترمذي وقال: حديث حسن). عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» (رواه أحمد، وإسناده صحيح).

من مضار الفحش:
1- البعد من الله وعن الناس، وذلك نتيجة للعداوة والبغضاء وتولّد المنازعات والمشاحنات.
2- يوجب غضب الله وسخطه.
3- استحقاق الوعيد في الآخرة.
4- أحد معاول الهدم في المجتمع؛ فالفحش سبب لتفكك المجتمعات وقطع روابط المودّة والألفة وبالتالي سوء الأحوال واضطراب معايش الناس.
5- دليل على سوء الخاتمة.
 

 

راشد الفهيد الهاجري
 

  • 0
  • 0
  • 6,803

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً