الإسلام واليهودية؛ رؤية يهودية

منذ 2013-10-09

ريح السموم التي عصفت بالصليبيين في فلسطين هل ستعصف باليهود اليوم؟


ريح السموم التي عصفت بالصليبيين في فلسطين هل ستعصف باليهود اليوم؟

في قراءةٍ لكتاب "الإسلام والصليبيات" لمؤلفه اليهودي عمانويل سيفان.

الإسلام والصليبيات... عنوان لكتاب صدر باللغة الفرنسية، بلغ عدد صفحاته حدود المائتين، ومؤلف الكتاب يهودي اسمه "عمانويل سيفان"، وهو أشبه بتقرير علمي خلص فيه مؤلفه إلى العديد من النتائج حول مستقبل إسرائيل، من خلال استقراء واستنطاق التاريخ؛ بين ماضٍ مضى وانقضى، ومستقبل يحمل في طياته مخاوف ذلك الماضي الذي جسده شبح حطين الذي نزل بالفرنجة على يد صلاح الدين، وتحرير القدس سنة (583هـ-1187م)، بعد احتلال لها طالت سنواته تسعة عقود.

فبعد 15 سنة من ولادة دولة إسرائيل، دفع واقع الاحتلال الصليبي لفلسطين وخروجه منها العلماء والمؤرخين الصهاينة إلى بناء ورشة عمل كاملة في الجامعة العبرية، لدراسة عوامل السقوط لدولة الفرنجة في القدس، وقد ترأس لجنة العمل هذه "جوزيف براور"، صاحب كتاب "المملكة اللاتينية في القدس".

وقد جاء في مجلدين، وتم نشره سنة 1963م، وقد مدت اللجنة العلمية جسور التواصل العلمي خارج إسرائيل، فتواصلت مع العديد من المراكز العلمية العالمية، وكان ممن اتصلوا بهم اليهودي "كلود كاهن"، من جامعة باريس، ومن الجامعات الأمريكية: "آشتور شتراوس"، و"بروفشفيك"، و"كيستر"، و"آيالون"، المتخصص بالعصر المملوكي، و"غويتاين" صاحب العديد من الدراسات والأبحاث المعنية بقدسية القدس والأقصى عند المسلمين؛ وقد قاموا في العديد من الدراسات العلمية بأن تكون قاعدة عمل فيما يضمن لإسرائيل مستقبلاً آمناً وديمومة وجود لها في فلسطين.

مضت هذه اللجنة العلمية التي تم تكليفها بدراسة تراثنا الإسلامي في موروثه التاريخي والتشريعي الإسلامي، ودراسته دراسةً محكمة؛ فهو الحاضن لتلك الذاكرة التاريخية المبيِّنة لواقع الحال الذي يتم فيه تحرير القدس وفلسطين؛ فاستنطقوا ذلك التراث العظيم لسلفنا الكريم، والذي هو بالنسبة إلينا أشبه بجسد بلا روح أودعناه في خزائن المكتبات، بينما هو عند غيرنا حيٌّ يرزق يستنطقونه عندما يشاؤون، ليصلوا فيه إلى العديد من الفرضيات والنتائج، وقد احتضن هذه النتائج التي توصلت إليها اللجنة الصهيونية، كتاب "الإسلام والصليبيات"، والتي تمثلت فيما يلي:

1- صورة العصر الذي زامن الاحتلال الصليبي، وكانت فيه البلاد مجزأة وضعيفة على شكل إمارات، ويغلب على الكثير منها التشيع، كالحمدانيين في حلب ومن بعدهم بنو مرداس، أما دمشق فقد كانت هي والقاهرة تحت الحكم العبيدي -الفاطمي-، وأبناء هذه العقيدة هم من ساعد الصليبيين على احتلال فلسطين.

2- سمو مكانة القدس والأقصى وفلسطين عند المسلمين على أنها أرض مباركة، مما ترتب على هذه المكانة في نفوسهم وقلوبهم إحياء مصطلح عقيدة الجهاد لتحرير القدس والأقصى، في الوقت الذي غابت فيه هذه العقيدة الجهادية عند المسلمين في بلاد الشام طيلة العقد الرابع والنصف الأول من الخامس الهجري.

3- الواقع العام في الأندلس لا يبشر بخير لسيادة دولة الطوائف فيها، حيث كانت مدن الأندلس تسقط الواحدة تلو الأخرى أمام زحف نصارى قشتاله والأرغون.

4- التشابه والتماثل بين الغزوين، وقد تم فيهما توظيف الدين، لكن واقع الغزوين يكذب ذلك، فالأول الصليبي الذي باركه البابا أوربان الثاني في كلير مونت سنة "487هـ-1094م"، وفيه احتلوا القدس والساحل السوري، وكان شعارهم "تحرير القبر المقدس"، واليهود قبل أن يحتلوا فلسطين لووا عنق التاريخ عندما وظفوا الدين لاحتلال فلسطين، على أن أرض فلسطين هي أرض الميعاد بوعد توراتي مزيف، فقد كيفوا التاريخ على قاعدة اللاهوت الكاذب في دينهم، فالصليبيون سَمَُّوا أنفسهم فرسان المسيح يومها، واليوم اليهود يُسمُّون أنفسهم شعب الله المختار على أرض فلسطين التي خرج منها سلفهم صاغرين، وها هم اليوم يعيشون فيها على رمال متحركة.

5- ولادة مصطلح الجهاد يوم الغزو الفرنجي على يد علماء الشام من أهل السنة، ما كان سبباً مباشراً لإيقاظ فكرة الجهاد من أجل تحرير فلسطين، وها هي اليوم قد ولدت الفكرة في قلوب أهل الشام، ويعيش أهلها واقع تحرير سورية، كما تم تطهيرها من رافضة ذلك العصر، وعاد مصطلح الجهاد من جديد بعد أن تم تغييبه من قلوب المسلمين، وهذا ما يقلق إسرائيل اليوم في حال سقوط حاكمها -الأسد- الذي ضمنت إسرائيل حياة آمنة طيلة خمسين سنة من حكم الطوائف لسورية، مكن فيها الأسد الأب إسرائيل من توسيع جغرافيتها بعد تسليمه الجولان لها في الخامس من حزيران لسنة 1967م.

6- ظهور الدولة الزنكية السنية ومن بعدها الأيوبية، وكلتا الدولتين تم لهما القضاء على الوجود الباطني في الشام ومصر، والذي كان سبباً في كل ما نزل ببلاد الشام من نوازل الاحتلال الصليبي لها، بحيث كان الباطنيون هم من سهل لهم احتلال ساحل بلاد الشام وفلسطين.

7- وراثة صلاح الدين حكم مصر وبلاد الشام الزنكية، والذي جاء على يديه تحرير وطرد الصليبيين من القدس بعد موقعة حطين سنة "583هـ-1187م"، وقبل أن يحرر القدس عمد إلى ما يلي:

1- القضاء على الحكم العبيدي في مصر وحكمه لها.

2- توحيده لمصر ببلاد الشام بعد تصفية حكم ورثة البيت الزنكي؛ بقصد توحيد القوى تجاه هدف التحرير.

3- القضاء على الحركات الباطنية في بلاد الشام، المتعاونين مع الصليبيين.

4- بعد أن تم لصلاح الدين تسوية ما سبق، بقصد مواجهته للصليبيين، انطلق في مسيرة المواجهة معهم بقصد تحرير القدس، وقد تم له ذلك.

تلك هي الأصول والنتائج التي استنطق فيها الباحثون اليهود تراثنا الإسلامي، وتوصلوا في دراساتهم إلى العلة السببية التي استطاع بها المسلمون تحرير القدس وفلسطين، وذلك من خلال دور علماء المسلمين المباشر في إيقاظ شعلة الجهاد في قلوب المسلمين حكاماً ومحكومين، ما كان سبباً في هذا التحرير وجلاء الفرنجة، لا سيما أن فلسطين هي الأرض التي وطأتها أقدام الغزاة الفرنجة سلفاً واليهود خلفاً.

على الرغم مما خطط له بناة دولة إسرائيل في جعل دول الطوق لإسرائيل دولاً علمانية لا دينيةً، وقد تحقق لهم ذلك، لكن اليهود الذين استطاعوا تفريق الأمة بشكل وقتي وزمني، أسقط سياستهم هذه استيقاظ النائم، كما أشار لذلك أرنولد توينبي، من كبار فلاسفة التاريخ العالمي، الذي نبه إلى عدم شرعية الوجود اليهودي في فلسطين، وناهض بناء دولة إسرائيل، بقوله: "إذا ظننتم أن المسلمين سيغطون في سباتهم، فهذا خطأ جسيم، فالمسلمون نيام، ولا بد للنائم من أن يستيقظ".

فهل ما تعيشه سورية اليوم شكل من أشكال اليقظة كما أشار توينبي؟ وعلى هذا الواقع السوري فهل سيعيد التاريخ نفسه بتحرير فلسطين كما تم تحريرها من الفرنجة؟

-مصطلح الجهاد في فترة الحروب الصليبية وكيف ولد؟

لم يترك اليهود من المؤرخين والباحثين شاردة ولا واردة في تراثنا الإسلامي إلا وتناولوها دراسة، خاصة منها أمر الجهاد وكيف عاد من جديد بين المسلمين، فكان السبب المباشر في تحرير فلسطين والقدس، حيث كان هذا المصطلح غائباً عند المسلمين طيلة قرنين من الزمن حتى احتلال الصليبيين لفلسطين، وقد توصلوا إلى ما يلي:

1- كان العالم علي بن طاهر السلمي النحوي المحدِّث، "المتوفى سنة 498-499هـ"، أول من كتب وتناول موضوع الجهاد في الإسلام، فقد عاش هذا العالم حياته مدرِّساً في الجامع الأموي بدمشق، وكان من أهل الفضل والعلم، ومن كبار علماء الحديث النبوي، فعلى واقع الاحتلال الصليبي للقدس كان قد ألَّف كتاباً في الجهاد في 12 جزءاً، وما زال الكتاب موجوداً في المكتبة الظاهرية بدمشق، لكنه فُقد منه خمسة أجزاء وبقي منه سبعة أجزاء، وقد تمكن اليهود من اقتناء صورة عنه، من خلال عمل اللجنة العلمية اليهودية التي سبق ذكرها، واحتل الشيخ وكتابه صدارة الاهتمام لدى اللجنة، وكان الشيخ قد قضى عمره في التدريس في الجامع الأموي، وكان يتناول في دروسه موضوع الجهاد وضرورته في الأمة الإسلامية لتحرير القدس والأقصى، فكان هو أول من طرق إحياء موضوع الجهاد في المجتمعات الإسلامية يومها، وإليه أشار كتاب "الإسلام والصليبيات"، كما أشار إلى الإمام النووي رحمه الله ودوره المباشر في رفقة الظاهر بيبرس في تحرير وتطهير بقية مناطق فلسطين.

والشيخ السلمي هذا كان يشير في دروسه إلى أن الحرب ليست ضد أهل الشام فقط، فكان يردد بأن الحرب الصليبية بدأت ضد المسلمين من أقصى الغرب في الأندلس مروراً بصقلية حتى المشرق الشامي، وقد رأت اللجنة اليهودية أن غياب مصطلح "الجهاد" في المجتمع الإسلامي كان بمثابة ضعف للأمة، حتى تم للصليبيين احتلال فلسطين، ولهذا العالم الفاضل تعود مسألة إحياء فكرة الجهاد في أمة الإسلام.

2- ومما أشار إليه كتاب "الإسلام والصليبيات" كتاب "أحكام الجهاد وفضائله" لعز الدين السلمي، وهو مخطوط من مقتنيات مكتبة برلين برقم "orspr793"، وكتاب "الجهاد" لكاتب مجهول يعود لذلك التاريخ، وهو مخطوط في برلين، وكتاب "الجهاد" الذي وضعه القاضي بهاء الدين بن شداد لصلاح الدين الأيوبي ضمن كتابه "دلائل الأحكام"، فكان هذا الكتاب عند صلاح الدين بمثابة وسادةٍ لا تفارقه أينما ذهب.

3- ولم يقف اليهود في دراساتهم عند كتب الجهاد فقط، فقد واصلوا دراسة أكثر من ثلاثين كتاباً تحدثت عن فضائل الشام عند المسلمين، وسمو مكانة القدس والأقصى، بحيث هي عندهم لا تقل شأناً عن مكة وحرمها المكي وكذلك المدينة المنورة، ومن هذه الكتب كتاب ابن الجوزي "فضائل القدس الشريف" مخطوط برنستون غاريت عربي "586"، وما كتبه ابن تيمية رحمه الله "قاعدة في زيارة القدس" طبع ماتيوس في المجلة الآسيوية سنة (1936م)، وكتاب الكنجي الصوفي "فضائل بيت المقدس وفضل الصلاة فيها" مخطوط توبنغن "عربي 26" من ورقة 63-97، وكتاب عز الدين السلمي "ترغيب أهل الإسلام في سكنى الشام -طبع الخالدي- القدس 1940م"، وهناك العديد من المخطوطات التي تعود لذلك العصر قامت اللجنة العلمية اليهودية بدراستها وأشار الكتاب إليها.

ولعل الاحتلال الصليبي لفلسطين كان عصر يقظة عند علماء المسلمين، فثمة العديد من الدراسات الإسلامية على غرار الكتب والمخطوطات التي أوردها كتاب "الإسلام والصليبيات"، فمنها المخطوط الذي لم يتم نشره، ومنها ما تم نشره، وكلها تتناول مكانة فلسطين وأقصاها عند المسلمين.

- فلسطين واليهود ودورة التاريخ:

لم يدرك المرابون اليهود منذ مطلع القرن التاسع عشر للميلاد أنهم غدوا مكروهين في المجتمعات الأوروبية، وخاصة رعايا الجوييم منهم، خاصة بعد اغتيال قيصر روسيا ألكسندر الثاني سنة 1881م على يد اليهود الروس، وترتبت على هذا الاغتيال المذابح الكبيرة التي نزلت عليهم، ما دفعهم للهجرة إلى أوروبا.

فأثقلوا كاهلها، وهنا ذهب الأوروبيون للبحث عن حلول للخلاص من الوجود اليهودي على الساحة الأوروبية؛ إدراكاً منهم لخطرهم على المجتمعات التي ينزلون فيها، وكانوا لهم كارهين، فهم -أي الأوروبيين- لا ينسون ما أثقل الربويون من اليهود دولهم من مديونيات ربوية، تم لهم فيها تمويل الحروب الأوروبية، حيث زادت النقمة عليهم، إضافة لعقيدة الثأر التاريخي النصراني القديم الذي يتهم فيه النصارى اليهود بقتل السيد المسيح عليه السلام، فقصدوا حل مشكلتهم الأوروبية مع اليهود على حساب غيرهم، فضربوا اليهود بالعرب والمسلمين. وها هم الغربيون وأمريكا على واقع القضية السورية اليوم، ففي يوم الإثنين 1/8/1434هـ صرح وزير الخارجية الألماني بأن السوريين يحاربون الأسد وعيونهم ليست على دمشق، وإنما على القدس.

فهل يدرك اليهود أن الأوروبيين قد دفعوهم إلى المصير الذي نزل فيهم على أرض الشام منذ ثمانية قرون في معركة حطين التي جاء معها تحرير القدس، وذلك سنة (583هـ -1187م)، وشبح حطين كما يلاحق اليهود اليوم يلاحق الأوروبيين من خوفهم من عودة اليهود ثانية لأوروبا، وليس ذلك على الله بعزيز.

ارتبطت فكرة بناء الدولة الموسوية على أرض فلسطين، مع مولد الثورة الفرنسية سنة (1789م)، وقد حمل هذا المشروع نابليون في حملته على مصر والشام، وهو الذي مشهود له بشخصيته الآسرة في خطاباته الثورية، فيقول قبل حملته على الشرق الإسلامي أمام حشود من الفرنسيين: "على أنقاض العالم سوف نبني بلاد العرب، لا بد من ديانة جديدة، لا بد من نصال جديدة من رب جديد للكون الضرير.

أجيء بعد ألف عام لتبديل هذه الشرائع الضالة.

أحمل إلى أمم بأكملها عبودية أَنبل، أذيل الأرباب الزائفين، وديانتي الطاهرة أول درجات عظمتي الوليدة.

لا تتهموني أبداً بأني أغش وطني.

فأنا أدمر ضعفه ووثنيته.

أجيء لتوحيده في ظل ملك، في ظل إله، ولا مفر من إخضاعه حتى يكتب له المجد".

ووصلت الحملة بقيادة خلف لويس التاسع تلبية لدعوته إلى غزو الشرق، وليس عن طريق الحملات العسكرية، وإنما بالاختراق الفكري والديني لمجتمعات الشرق الإسلامي، وقد سار نابليون بالرسالتين، الفكرية التغريبية والعسكرية الاستعمارية، على قاعدة الثأر لمليكهم لويس التاسع، الذي خسر معركة المنصورة وفشلت حملته السابقة، وغدت دار ابن لقمان في مدينة المنصورة مزاراً للضباط الفرنسيين من أبناء الحملة؛ بقصد الاطلاع على المكان الذي اعتقل وسجن فيه ملكهم، إنها عقيدة الثأر ولا غيرها من الشرق الإسلامي، وعندما قصد نابليون فلسطين فتحت يافا أبوابها له سلماً، ولكن هذا الفاجر لم يُراعِ هذا الأمر.

فقد ذهب بقتل خمسة آلاف فلسطيني من أهل المدينة المسالمين، وعندما قصد عكا وعجز عن فتحها توجه إلى يهود فلسطين طالباً منهم مساعدته مقابل وعده لهم ببناء دولة موسوية لهم على أرض فلسطين، ومنذ ذلك التاريخ بدأت عند الأوروبيين فكرة تهويد فلسطين بقصد دفع اليهود لمغادرة أوروبا وضربهم بالعرب المسلمين، وبذلك يكونون قد انتهوا من مشكلتهم في أوروبا، ومن هنا جاءت الفكرة بصوت فاه به نابليون، وتبنَّتها السياسة الأوروبية، وقد عاش اليهود مع الحلم هذا طيلة القرن التاسع عشر للميلاد، والتقفها الإنكليز لإخراجها من الفكرة إلى حيز الواقع، والذي يتابع تاريخ تدرج المشروع الصهيوني في فلسطين، يجد أن زمنه طال قرابة القرن والنصف حتى ولدت إسرائيل كدولة في 15/5/1948م.

وقد قامت إسرائيل والخوف اليهودي من عقدة حطين والصليبيات والمصير الذي نزل بالغزاة الأوائل يلاحقهم، بمثل هذه الدراسة التي ذهب فيها اليهود متخوفين من المصير الذي ينتظرهم في حال عودة الناس لدينهم وإسلامهم، فهذا الواقع الذي يعيشه عالمنا العربي، منذ مطلع القرن العشرين، في دفع الإنكليز العرب للثورة على العثمانيين بقصد الاستقلال والتحرر منهم، فكانت هذه الثورة هي بوابة النكبة الكبرى التي نزلت في الأمة، وكانت سبباً في نجاح مشروع الدولة اليهودية على أرض فلسطين، بموجب اتفاقية سايكس بيكو لسنة 1916م، ووعد بلفور في 2/11/1917م، واتفاقية فيصل وأيزمان على حق اليهود في بناء دولة لهم على أرض فلسطين، وقد باركت عصبة الأمم الاتفاقية سنة 1919م، فكانت فكرة حملتها عصبة الأمم في رحمها حتى كانت ولادتها في كنف منظمة الأمم المتحدة 15/5/1948م.

إنه مصطلح القوة الداعم لقيام دولة إسرائيل أمام واقع الضعف العربي الذي يُشابه في حاله زمن ملوك الطوائف الذي ذهب بالأندلس، وواقع المشرق العربي الذي كان تحت سيادة إمارات ودول طائفية باطنية فتحت للفرنجة الصليبيين أبواب الشام لاحتلالها، فمع الثورة السورية التي تعيشها سورية اليوم، سيعيد التاريخ نفسه بيقظة الأمة وتحرير فلسطين، كما أجمع العالم اليوم على أن الثورة السورية ستكون ثورة تعمل على تغيير خريطة منطقة المشرق العربي من جديد بعد سقوط مصطلح القوة الذي أوجد هذه الدولة اللقيطة، والتي ما كان لها أن تكون لولا الغزو الفكري الذي كان سابقاً على غزو الأرض لعالمنا العربي والإسلامي.



عبد الكريم إبراهيم السمك
 

المصدر: مجلة البيان العدد: [315]؛ ذو القعدة 1434هـ، سبتمبر – أكتوبر 2013م.
  • 2
  • 0
  • 9,608

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً