طفلي والأعياد.. معان تربوية
يمكن استغلال موسم الحج والأيام المباركة التي تسبقه (أيام العشر) في تطوير الوعي الإيماني لأطفالنا والخروج معهم من نطاق المألوف والمعروف إلى نطاق جديد، وهنا ندعو الآباء والأمهات للابتكار نحو توصيل تلك المفاهيم الإيمانية التي تذخر بها تلك الأيام المباركة بشتى الوسائل مع الإعداد المناسب لها.
يمكن استغلال موسم الحج والأيام المباركة التي تسبقه (أيام العشر) في تطوير الوعي الإيماني لأطفالنا والخروج معهم من نطاق المألوف والمعروف إلى نطاق جديد، وهنا ندعو الآباء والأمهات للابتكار نحو توصيل تلك المفاهيم الإيمانية التي تذخر بها تلك الأيام المباركة بشتى الوسائل مع الإعداد المناسب لها.
وهنا يمكن لنا التركيز على بعض المعاني والمفاهيم الإيمانية التي ترتبط بالحج ومنها:
- مفهوم التجرد لله وتمام العبودية له سبحانه، وهنا يمكن لنا زرع ذلك المفهوم بشكل عملي في نفوس أطفالنا من خلال الاشتراك مع الجيران والأصدقاء في عمل رحلة إيمانية للأطفال بأحد الأماكن الصحراوية القريبة، نحاول تعليم الأطفال مناسك الحج عمليًا، وهنا سيشعر الطفل بطعم المشقة التي يتحملها الحاج في ترحاله وتجواله ووقوفه بعرفة، وحينها سنجد سيلًا من الأسئلة تلقى على الكبار المحيطين ويجب أن يتقبلوها بصدر رحب ويكونون جاهزين بالإجابات المستفيضة عليها.
- من المفاهيم المهمة الأخرى الخاصة بتلك الأيام المباركة والتي يزرعها الحج في نفوس العباد، هو أن الصلة بين الله عز وجل وعبادة صلة مباشرة لا وسيط فيها ولا قرب إلا بالعمل، وهنا يكون الدعاء هو الوسيلة العملية لربط ذلك المفهوم في نفوس أطفالنا، فنبدأ في سرد بعض القصص التي وردت في فضل الدعاء وأنه نجاة لصاحبه، وأن الله قريب منا يسمع ويرى ويلبي نداء المستغيث والمضطر إذا دعاه، وليتعود أطفالنا منا منذ صغرهم، أن يروا أيادينا ممدودة ومرفوعة إلى السماء حتى يشبوا على الدعاء ويكونوا من أهله.
- الصوم جُنة فلا ننسى أفضل أيام السنة وهو يوم عرفات، فنحث أطفالنا على صيامه ونعد لذلك اليوم برنامجا إيمانيا، ونعمل على تنفيذه، ولا ننس الأوقات الفاضلة للدعاء (قبل الإفطار)، فنجمع أطفالنا عليه كلهم ويدعو الوالد ويؤمن الأم والأطفال معًا لترسيخ ودعم مفهوم الصلة المباشرة بالله سبحانه وتعالى.
- أما بالنسبة للأضحية فلنا هنا وقفة، فهناك من البلاد الإسلامية ما هو بطبيعة عيشته الحضارية البعيدة عن الصحراء والأنعام لم يعتادوا الذبح، فموقف أطفالنا من منظر ذبح الأضحية نحن الآباء نحدده، فرد فعلنا وطريقة تعاملنا معه تعطي انطباع للطفل بأن ما نفعله هو تقرب لله عز وجل وتحقيق لمعنى تمام العبودية والانصياع لأوامر الله.
فالصورة المثلى التي يأمل كل والدين أن يرى أطفالهم عليها، هو صورة الطفل المقدام الفرح الفخور لأنه يطبق شرع ربه وسنة نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم، ويشارك في إطعام الفقراء والمساكين... ولكن كيف نصل بأطفالنا إلى تلك الصورة المثلى :
- علينا اختيار الوقت الصحيح لمشاركة أبنائنا في عملية الذبح بألا يكون صغيرا جدا لا يفهم، فيرى بعض العلماء أنه من الخطأ تعريض الطفل لموقف التضحية قبل أن يميز ويفهم المعنى المراد، فإذا فهم فلا بأس بأن يقال له الحكمة والمغزى ويفهم قبل الحضور.
- التدرج مع الصغير، ففي عام نجعله يوزع معنا الأضحية على الأقارب والفقراء دون ذبحها، والعام الذي يليه نجعله يشارك في تقطيعها وتوزيعها أيضًا، ثم العام الأخير يشارك معنا في عملية الذبح من الألف إلى الياء.
- كذلك يجدر بنا هنا أن نهتم بما يمكن أن يحدث من ارتباط الطفل بالأضحية عاطفيًا فيفجع عند ذبحها، وعلاج ذلك تفهيمه ذلك بوضوح وتكرار ذلك وعدم تركه ليلعب معها كثيرًا وهكذا.
- أما بالنسبة لملابس العيد فيمكن ربطها بأننا بذلك نحيي سنة نبوية، فالثابت من السنة النبوية أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يلبس أحسن الثياب ويتطيب ويخرج لصلاة العيد .
- وكذلك الحال مع العيدية، فهي تقليد قد أوجدناه لإدخال السرور على قلوب أطفالنا، لذا فنذكرهم بالتبرع للأطفال المحتاجين بجزء ولو بسيط من العيدية لكي يدخلوا الفرح والسرور على الأطفال المحتاجين.
- وفي أيام العيد تلك؛ يمكن لنا أن نجعل تلك الأيام أيام بر وصلة أرحام، فنضع جدول للزيارات العائلية، ولنحاول إشراك أطفالنا في تلك الزيارات والتفاعل معها، كما يمكن عمل رحلات أو لقاءات عائلية في أماكن مفتوحة كالحدائق والنوادي، حتى لا يمل الأطفال من جو البيوت المغلق، ويجدوا متسعًا للعب والترفيه.
- كما يمكننا السيطرة على جهاز التلفاز من خلال أبنائنا مع تدريبهم على التحكم في الغث والسمين، فيمكن لنا أن ننشئ وزارة للإعلام داخل بيتنا، ويكون وزير الإعلام فيها كل شهر واحد من أبنائنا، يتابع جدول برامج القنوات ويحدد لنا (كلنا) المسموح لنا بمتابعته، ويقرر كم الساعات المطلوبة، وبالطبع يكون ذلك تحت إشراف الوالدين، وبذلك يكون رد فعل الأطفال على تحجيم وقت المشاهدة مقبول، لأنه خارج منهم .
- كما يمكننا التركيز على الجلسات العائلية، التي يغلب عليها طابع المودة والدفء الأسري، فالطفل إذا وجد أبًا يحكي لها حكاية بنفسه، سيغلق التلفاز ويأتي لسماع أبيه، فأولادنا في حاجة إلى الاستماع منا أكثر من رؤية التلفاز، فهم لجأوا إليه عندما وجدونا غائبين عنهم.
وختامًا لنجعل أيام العيد، درسًا عمليًا لأطفالنا للتواصل وصلة الأرحام، لا المكث في البيت والتسمر أمام التلفاز حتى تنتهي أيام العيد، فيخرج أطفالنا منه كما دخلوا بلا أي فائدة تربوية تذكر.
معتز شاهين
- التصنيف:
- المصدر: