فاعلية وهيمنة السنن الربانية: الدروس المستفادة من بعض السنن التي حاقت ببني إسرائيل

منذ 2013-10-22

ذكر ابن كثير أثرًا عن أهل الكتاب عن وهب بن منبه، وفيه مواعظ رائعة، وفيه أيضًا توضيح لآلية السنن الربانية، وأنه كما أن لها قواعد وقوانين، فإنها كذلك مرتبطة بخط زمني، ونسبة عددية لفئات المجتمع من العصاة أو الصالحين؛ فكل عمل صالح، أو خطيئة بشرية فردية أو اجتماعية، يترتب عليهما الجزاءُ المناسب وفقًا لهذه المقاييس الربانية الدقيقة،

 

قال الله عز وجل: {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا . فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا . ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا . إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا} [الإسراء: 4- 7].

ذكر ابن كثير أثرًا عن أهل الكتاب عن وهب بن منبه، وفيه مواعظ رائعة، وفيه أيضًا توضيح لآلية السنن الربانية، وأنه كما أن لها قواعد وقوانين، فإنها كذلك مرتبطة بخط زمني، ونسبة عددية لفئات المجتمع من العصاة أو الصالحين؛ فكل عمل صالح، أو خطيئة بشرية فردية أو اجتماعية، يترتب عليهما الجزاءُ المناسب وفقًا لهذه المقاييس الربانية الدقيقة، وهي في مجملها تكادُ تكون ترجمة عملية لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أورده ابن ماجه في سننه: (4155) عن عبد الله بن عُمر قال: أقبل علينا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فقال: «يا معشرَ المُهاجرين، خمسٌ إذا ابتُليتم بهن، وأعوذُ بالله أن تدركوهنَّ، لم تظهر الفاحشةُ في قومٍ قط حتى يُعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعونُ والأوجاعُ التي لم تكُن مضت في أسلافهم الذين مضوا، ولم ينقُصُوا المكيال والميزان إلا أُخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجَور السلطان عليهم، ولم يمنعُوا زكاة أموالهم إلا مُنعُوا القَطْرَ من السماء، ولولا البهائمُ لم يُمطَرُوا، ولم ينقُضُوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلَّط اللهُ عليهم عدُوًّا من غيرهم، فأخَذُوا بعض ما في أيديهم، وما لم تحكُمْ أئمتُهُم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل اللهُ إلا جعَل اللهُ بأسَهم بينهُم».

قال ابن كثير في البداية والنهاية: "عن وهب بن منبه، قال: إن الله تعالى لما بعث أرميا إلى بني إسرائيل، وذلك حين عظُمت الأحداث فيهم، فعملوا بالمعاصي، وقتلوا الأنبياء، طمع بُختنصّر فيهم، وقذف اللهُ في قلبه، وحدَّث نفسه بالمسير إليهم، لما أراد الله أن ينتقم به منهم".

الدرس الأول: سنة النجاة من العقوبة بسبب التوبة من الذنب:
"فأوحى الله إلى أرميا: أني مهلك بني إسرائيل، ومنتقم منهم، فقُمْ على صخرة بيت المقدس يأتيك أمري ووحيي، فقام أرميا فشقَّ ثيابه، وجعَل الرماد على رأسه، وخر ساجدًا وقال: يا رب، وددتُ أن أمي لم تلدني حين جعلتني آخرَ أنبياء بني إسرائيل، فيكون خراب بيت المقدس وبوار بني إسرائيل من أجلي. فقال له: ارفع رأسك، فرفَع رأسه فبكى، قال: يا رب، مَن تسلط عليهم؟ فقال: عبدةُ النيران، لا يخافون عقابي، ولا يرجون ثوابي، قُمْ يا أرميا فاستمع وحيي أخبرك خبرك وخبر بني إسرائيل: مِن قبلِ أن أخلقَك اخترتك، ومن قبل أن أصورَك في رحم أمك قدَّسْتُك، ومن قبل أن أخرجك من بطن أمك طهَّرتك، ومن قبل أن تبلُغَ نبأتك، ومن قبل أن تبلُغَ الأشدَّ اخترتك، ولأمر عظيمٍ اجتبيتك، فقم مع الملك تسدده وترشده، فكان مع الملك يسدده، ويأتيه الوحي من الله".

الدرس الثاني: سنة التذكير والإنذار على يد الأنبياء والصالحين تلي نسيان البشر وجحودهم، وتسبق العقوبات القدرية كالتسليط:
"حتى عظمت الأحداث، ونسوا ما نجَّاهم الله به من عدوهم سنحاريب وجنوده، فأوحى الله إلى أرميا: قُمْ فاقصص عليهم ما آمرك به، وذكِّرهم نعمتي عليهم، وعرِّفهم أحداثهم، فقال أرميا: يا رب، إني ضعيفٌ إن لم تُقوِّني، عاجز إن لم تبلغني، مخطئ إن لم تسددني، مخذول إن لم تنصُرْني، ذليل إن لم تعزَّني، فقال الله تعالى: أولم تعلم أن الأمور كلها تصدُر عن مشيئتي، وأن الخلق والأمرَ كله لي، وأن القلوب والألسنة كلها بيدي، فأقلِّبها كيف شئت فتطيعني، فأنا الله الذي ليس شيء مثلي، قامت السموات والأرض وما فيهن بكلمتي، وإنه لا يخلص التوحيد ولم تتمَّ القدرة إلا لي، ولا يعلم ما عندي غيري، وإني معك، ولن يصل إليك شيء معي، وإني بعثتك إلى خلق عظيم من خلقي، لتبلغهم رسالاتي، فتستوجب لذلك أجر من اتبعك، ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا".

الدرس الثالث: من أسباب سنة الابتلاء (الفتنة):
أسباب وقوع الفتن التي يحتار منها الحليم، ويضل فيها ذو الرأي والحكمة:
1- المعاصي: "انطلق إلى قومِك فقُم فيهم وقل لهم: إن الله قد ذكَّركم بصلاح آبائكم؛ فلذلك استبقاكم، يا معشر أبناء الأنبياء، وكيف وجد آباؤكم مغبة طاعتي، وكيف وجدتم مغبة معصيتي، وهل وجدوا أحدًا عصاني فسعِد بمعصيتي، وهل علموا أحدًا أطاعني فشقِيَ بطاعتي؟ إن الدوابَّ إذا ذكرت أوطانها الصالحةَ نزَعت إليها".

2- التخلي عن مقومات الالتزام بعهود الدين وترك القيام بالرعاية: "وإن هؤلاء القوم رتَعوا في مروج الهلكة، وتركوا الأمر الذي أكرمت به آباءهم، وابتغوا الكرامة من غير وجهها".

3- اتخاذ بعض العلماء والمشايخ أربابًا من دون الله: "فأما أحبارهم ورهبانهم، فاتخذوا عبادي خولًا يتعبَّدونهم، ويعملون فيهم بغير كتابي حتى أجهلوهم أمري، وأنسَوهم ذكري وسنتي، وغرُّوهم عني، فدان لهم عبادي بالطاعة التي لا تنبغي إلا لي، فهم يطيعونهم في معصيتي".

4- طاعة المخلوقين (الملوك والأمراء) في معصية الخالق: "وأما ملوكهم وأمراؤهم، فبطِروا نعمتي، وأمِنوا مَكْري، وغرَّتهم الدنيا، حتى نبذوا كتابي، ونسُوا عهدي، فهم يحرِّفون كتابي، ويفتَرون على رسلي، جرأةً منهم علي، وغرَّةً بي، فسبحان جلالي، وعلو مكاني، وعظمة شأني، هل ينبغي أن يكون لي شريك في ملكي؟ وهل ينبغي لبشر أن يطاع في معصيتي؟ وهل ينبغي لي أن أخلُقَ عبادًا أجعلهم أربابًا من دوني، أو آذن لأحد بالطاعة لأحد وهي لا تنبغي إلا لي؟!".

5- إعمال الوعاظ والمفكرين آليات العقل والاختيار والانتقاء فيما يتعلق بعهدهم مع الله عز وجل رغم التزامهم بعهود الملوك وشرائعهم:
وأما قراؤهم وفقهاؤُهم، فيدرسون ما يتخيرون، فينقادون للملوك فيتابعونهم على البدع التي يبتدعون في ديني، ويطيعونهم في معصيتي، ويوفون لهم بالعهود الناقضة لعهدي، فهم جَهَلة بما يعلمون، لا ينتفعون بشيء مما علِموا من كتابي".

6- التعامل مع الشريعة باعتبارها إرثًا، واعتماد مبادئ المحاصصة والمشاركة بدلًا من المبادرة والقيام بالرعاية والاكتساب:
"وأما أولاد النبيين، فمقهورون ومفتونون، يخوضون مع الخائضين، يتمنَّون مثل نصري آباءَهم، والكرامة التي أكرمتُهم بها، ويزعمون أنه لا أحدَ أولى بذلك منهم، بغير صدق منهم ولا تفكُّر، ولا يذكرون كيف كان صبرُ آبائهم، وكيف كان جهدهم في أمري، حين اغتر المغترون، وكيف بذلوا أنفسهم ودماءهم فصبروا وصدقوا، حتى عز أمري، وظهر ديني".

الدرس الرابع: تحول سنة الحِلم إلى سنَّة الانتظار، ثم إلى سنَّة الإمهال والإملاء، وما في ذلك من خطورة الخط الزمني وضرورة التنبه له:
"فتأنيت هؤلاء القوم لعلهم يستحيون مني ويرجعون، فتطوَّلت عليهم، وصفَحْت عنهم فأكثرت، ومددت لهم في العمر، وأعذرت لهم لعلهم يتذكرون، وكل ذلك أُمطِرُ عليهم السماءَ، وأُنبِتُ لهم الأرض، وألبسهم العافية، وأُظهِرُهم على العدو، ولا يزدادون إلا طغيانًا وبُعدًا مني، فحتى متى هذا؟ أبي يسخَرون، أم بي يتحرَّشون، أم إياي يُخادِعون، أم عليَّ يجترئون؟!".

الدرس الخامس: أسباب التسليط وترتيبها الزمني بعد الفتن والانتظار والإمهال:
"فإني أقسم بعزتي، لأتيحنَّ عليهم فتنة يتحير فيها الحكيم، ويضلُّ فيها رأيُ ذَوِي الرأي، وحكمة الحليم، ثم لأسلطن عليهم جبارًا قاسيًا عاتيًا ألبسه الهيبةَ، وأنزع من قلبِه الرأفة والرحمة، وآليت أن يتبعه عدد وسواد مثل الليل المظلم، له فيه عساكر مثل قِطَع السحاب، يُعيدون العمران خرابًا، والقرى وحشًا، ويَعيثون في الأرض فسادًا، ويتبِّرون ما علوا تتبيرًا، قاسية قلوبهم، لا يكترثون، ولا يرقبون، ولا يرحمون، ولا يبصرون، ولا يسمعون، يجُولون في الأسواق بأصوات مرتفعة مثل زئير الأسد، تقشعرُّ مِن هيبتها الجلود، وتطيش من سمعها الأحلام، بألسنة لا يفقهونها، ووجوه ظاهر عليها المنكَرُ لا يعرفونها".

الدرس السادس: سنة الإبدال لمن أبدل وأعرض:
"فوعزَّتي لأعطلنَّ بيوتهم من كتبي وقدسي، ولأُخْلِينَّ مجالسهم من حديثها ودروسها، ولأوحشنَّ مساجدهم من عمَّارها وزوَّارها الذين كانوا يتزينون بعمارتها لغيري، ويتهجدون فيها ويتعبدون لكَسْبِ الدنيا بالدِّين، ويتفقهون فيها لغير الدِّين، ويتعلمون فيها لغير العمل، لأبدلنَّ ملوكها بالعز الذل، وبالأمن الخوف، وبالغنى الفقر، وبالنعمة الجوع، وبطول العافية والرخاء ألوان البلاء، وبلباس الديباج والحرير مدارع الوَبَر والعباء، وبالأرواح الطيبة والأدهان جيفَ القتلى، وبلباس التيجان أطواق الحديد والسلاسل والأغلال، ثم لأعيدنَّ فيهم بعد القصور الواسعة والحصون الحصينة الخراب، وبعد ضوء السراج دخان الحريق، وبعد الأُنس الوحشةَ والقفار، ثم لأبدلنَّ نساءها بالأسورة الأغلالَ، وبقلائد الدرِّ والياقوت سلاسلَ الحديد، إني إنما أكرم مَن أكَرمني، وأُهين من هان عليه أمري، ثم لآمرنَّ السماء خلال ذلك فلتكوننَّ عليهم طبقًا من حديد، ولآمرنَّ الأرض فلتكونن سبيكةً من نحاس، فلا سماء تمطر، ولا أرض تُنبِت، فإن أمطرت خلال ذلك شيئًا سلطت عليهم الآفة، فإن خلَص منه شيء، نزَعْتُ منه البركةَ، وإن دعَوْني لم أُجِبْهم، وإن سألوني لم أعطِهم، وإن بكَوا لم أرحَمْهم، وإن تضرَّعوا إليَّ صرَفْتُ وجهي عنهم، وإن قالوا: اللهم أنت الذي ابتدأتنا وآباءنا من قبلِنا برحمتك وكرامتك، وذلك بأنك اخترتنا لنفسك، وجعلت فينا نبوتك وكتابك ومساجدك، ثم مكَّنْتَ لنا في البلاد، واستخلفتَنا فيها، وربيتَنا وآباءَنا مِن قَبلِنا بنعمتك صغارًا، وحفظتنا وإياهم برحمتك كبارًا، فأنت أوفى المنعمين وإن غيَّرْنا، ولا تبدل وإن بدلنا، وأن تتم فضلك ومنَّك وطَولَك وإحسانك، فإن قالوا ذلك، قلت لهم: إني أبتدئ عبادي برحمتي ونعمتي، فإن قبلوا أتممت، وإن استزادوا زِدْتُ، وإن شكَروا ضاعفت، وإن غيَّروا غيَّرتُ، وإذا غيَّروا غضبت، وإذا غضبت عذبت، وليس يقوم شيءٌ بغضبي" [1].

الدرس السابع: القاعدة الأساسية في ترتيب السنة والقانون الرباني على العمل البشري هي:
(الجزاء من جنس العمل): روى البخاري في صحيحه (6502): عن أبي هُريرة قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله قال: مَن عادى لى وليًّا، فقد آذَنْتُهُ بالحرب». إذا أراد الله أن يوقع العذاب بأمَّة، ويسلِّط عليهم عدوهم، سلطهم على خيارهم فآذَوْهم، فكان ذلك إعلانًا للحرب:

قال: "فلما بلَّغهم أرميا رسالة ربهم، وسمعوا ما فيها من الوعيد والعذاب، عصَوه وكذَّبوه واتهموه، وقالوا: كذَبْتَ وأعظَمْتَ على الله الفِريةَ، فتزعم أن الله معطلٌ أرضَه ومساجده من كتابه وعبادته وتوحيده؟ فمن يعبده حين لا يبقى له في الأرض عابد ولا مسجد ولا كتاب؟! لقد أعظمتَ الفريةَ على الله، واعتراك الجنون، فأخذوه وقيَّدوه وسجنوه، فعند ذلك بعث الله عليهم بُختنصر فأقبل يسير بجنوده حتى نزل بساحتِهم، ثم حاصرهم، فكان كما قال تعالى: {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ} [الإسراء: 5] قال: فلما طال بهم الحصرُ، نزلوا على حكمه، ففتحوا الأبواب، وتخلَّلوا الأزقة، وذلك قوله: {فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ} [الإسراء: 5]، وحكم فيهم حكم الجاهلية، وبطش الجبارين، فقتل منهم الثُّلث، وسبى الثلث، وترَك الزمنى والشيوخ والعجائز، ثم وطِئهم بالخيل، وهدَم بيت المقدس، وساق الصبيان، وأوقف النساءَ في الأسواق حاسراتٍ، وقتَل المقاتِلة، وخرَّب الحصون، وهدم المساجد، وحرق التوراة، ودخل بختنصر بجنودِه بيت المقدس، ووطِئ الشام كلها، وقتَل بني إسرائيل حتى أفناهم، فلما فرغ منها، انصرف راجعًا وحمل الأموال التي كانت بها، وساق السبايا، فبلغ معه عدة صبيانهم من أبناء الأحبار والملوك تسعين ألف غلام، وقذف الكناسات في بيت المقدس، وذبح فيه الخنازير.

"قال إسحاق بن بشر: قال وهب بن منبه: فلما فعل ما فعل، قيل له: كان لهم صاحب يحذِّرُهم ما أصابهم، ويصِفُك وخبرك لهم، ويخبرهم أنك تقتل مقاتلتهم، وتَسبي ذراريَّهم، وتهدم مساجدهم، وتحرق كنائسهم، فكذَّبوه، واتهموه، وضربوه، وقيَّدوه، وحبسوه، فأمر بختنصر فأخرج أرميا من السجن، فقال له: أكنت تحذِّرُ هؤلاء القومَ ما أصابهم؟ قال: نعم، قال: فإني علمتُ ذلك، قال: أرسلني اللهُ إليهم فكذَّبوني، قال: كذبوك وضربوك وسجنوك؟ قال: نعم، قال: بئس القومُ قومٌ كذَّبوا نبيهم، وكذبوا رسالة ربهم، فهل لك أن تلحق بي فأكرمك وأواسيك، وإن أحببت أن تقيم في بلادك فقد أمَّنْتُك، قال له أرميا: إني لم أزل في أمان الله منذ كنت لم أخرج منه ساعة قط، ولو أن بني إسرائيل لم يخرجوا منه لم يخافوك ولا غيرَك، ولم يكن لك عليهم سلطان، فلما سمع بختنصر هذا القول منه تركه، فأقام أرميا مكانه بأرض إيليا" [2].
ـــــــــــــ
[1] البداية والنهاية لابن كثير، الجزء الأول.
[2] البداية والنهاية لابن كثير، الجزء الأول.
 

 

خلود حسان
 

  • 3
  • 0
  • 4,241

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً